شهادات و حقائق عن فاجعة الأفريقية ( رحلة رقم U8- 771 ) (2)

هادات و حقائق عن فاجعة الأفريقية ( رحلة رقم U8- 771 ) (2)

شهادات و حقائق عن فاجعة الأفريقية



( رحلة رقم U8- 771 )

(2)

طيار - صلاح عبد العزيز

المنارة





أضع بين أيديكم شهادتين مهمتين لرحلتين قبيل الكارثة .. الأولى رحلة الخطوط الجوية الايطالية المتوجهة إلى مطار روما و التي كانت على أرض مطار طرابلس قبيل وقوع حادث الطائرة الأفريقية .. أما الثانية فهي رحلة الخطوط الجوية الأفريقية القادمة من ( أنجامينا - تشاد ) و التي كانت على اتصال بقائد الطائرة ( يوسف الساعدي ) و واجهت صعوبات قبل هبوطها على المدرج الشرقي بمطار طرابلس.



الشهادة الأولى : رحلة الخطوط الإيطالية رقم - AZ 87 -.



{ الرحلة رقم ( AZ 87 ) هي رحلة يومية منتظمة بين مطار طرابلس و روما ، في صبيحة يوم الأربعاء 12 – 05 – 2010 .و عند الساعة الرابعة و الأربعين دقيقة (04.40 صباحاً) غادر طاقم الطائرة الفندق في المدينة .. وسرعان ما لاحظت أن قمم المباني العالية غير مرئية بسبب السحب المنخفضة.

عند وصولنا المطار و استلامنا المعلومات اللازمة .. لاحظنا أن تقرير الأرصاد الجوية الأخير كان عند الساعة ( 21:30 ) من مساء اليوم السابق للرحلة. بعد إجراءات التجهيز و المغادرة .. أخذنا الإذن من برج مراقبة مطار طرابلس بالتحرك (taxi) للإقلاع من المدرج الشرقي ( 09) .

للمرة الثانية يلاحظ الطاقم الفني أن حالة الجو تختلف عما ورد في تقرير الرصد الجوي ، سقف السحب كان أقل مما ورد ، و الرؤية بين( 2 – 3 ) كيلوا متراً.

أثناء التحرك على الأرض ، سمعنا طائرة الخطوط الأفريقية الرحلة رقم (771U8 -) تعلن عن اقترابها من منارة جهاز الملاحة (TW) في اتجاه الهبوط للمدرج )09 ( ، عند ذاك استخدمنا جهاز ' نظام تجنب الإصطدام ' (TCAS) و ذلك لغرض تحديد موقع الطائرة الأفريقية.

أثناء تحركنا على الأرض ..كنا نتجه للمدرج( 09) و كان اتجاهنا غربياً (270 درجة) حيث أظهر لنا جهاز ' نظام تجنب الإصطدام ' ارتفاع الطائرة الأفريقية ' 300 ' قدماً فوق مستوى أرض المطار.



عند تلك اللحظة.. أعلن طاقم رحلة الأفريقية (771U8 -) لبرج المراقبة أنه غير قادر على رؤية المدرج الشرقي - 09- و طلب الطاقم إذناً بـمناورة ( إلغاء الهبوط والدوران من جديد (

“Go around” و ذلك لإعادة محاولة الهبوط في اتجاه المدرج - 270- و الإستعانة بجهاز الهبوط الآلي ((ILS.

شاهدنا طائرة الإيرباص الأفريقية تظهر من تحت السحاب ، الأجنحة مستوية.. أما مقدمة الطائرة فكانت منخفضة (low-nose attitude and almost wings level ) بعد عدة ثواني .. ارتطمت الإيرباص (A330 ) بالأرض جنوب المدرج قليلاً و اندلعت فيها النيران . انفصل مقطع من ذيل الطائرة على الفور تقريبا وارتد على الأرض عدة مرات.

أبلغنا برج مراقبة المطار بالحادث ، لاحظنا وصول أول شاحنة للإنقاذ و الإطفاء تصل بعد ثماني دقائق من وقوع الحادث.

بعد بضع دقائق .. سمح لنا برج المراقبة بالإقلاع إلى روما. }.



الشهادة الثانية - رحلة الخطوط الأفريقية رقم – U8 721 - القادمة من أنجامينا .



{عند إقترابي من منطقة تحكم مطار طرابلس، قمت بالإتصال بمركز التحكم ذي التردد (MH 120.9 (حيث استلمت تعليمات الإقتراب و الهبوط للمدرج الشرقي ( 09 ) ، و بعد التقاطي على شاشاتهم الرادارية كذلك ..استلمت آخر رصدة جوية من قبل المراقب الجوي و كانت على النحو التالي : المدرج : 09 – الرياح هادئة – الحرارة : 19 درجة مئوية – الضغط الجوي : 1008 – الرؤية : 6 كيلو متراً.

طلب مني المراقب الجوي التوجه مباشرة إلى النقطة الملاحية (TE) الموجودة على امتداد المدرج الشرقي (09. (

باشرنا إجراءات الهبوط الإعتيادية ، مع الإشارة إلى أن الأحوال الجوية لم تكن جيدة كالتي استلمناها من المراقبة الجوية على موجة التردد ( 120.9 ) أو النشرة الجوية الروتينية على التردد ( 127.0 ) حيث فوجئت بوجود سحب ضبابية متفرقة على امتداد المدرج الشرقي ..أثرت بشكل متقطع على مجال الرؤية ..حتى تمكنت من رؤية المدرج على ارتفاع (700) قدماً على سطح البحر.

بعد هبوطنا مباشرة ..قمت بالإتصال بالرحلة (771U8 -) القادمة من جوهانسبرج ، و أبلغت الطاقم تفاصيل الأحوال الجوية عند هبوطنا وضرورة أخذ الحيطة و الحذر .. ثم اتصلت بالمراقب الجوي على التردد (118.1) و أبلغته تفاصيل الحالة الجوية على المدرج الشرقي .. و اقترحت استعمال المدرج الغربي و ذلك لعدم وجود رياح في ذلك الوقت.

سمعت قائد الرحلة الأفريقية (771U8 -) يبلغ بقيامه بمناورة ' إلغاء الهبوط '... ثم فجأة حدث ما لم يكن في الحسبان}.



استنتاجات



أول من لاحظ تدني سقف السحاب ( cloud ceiling ) هو الطيار الإيطالي .. وذلك عند مغادرته الفندق في الصباح الباكر عند الساعة (04.40) أي قبل الحادث بساعة و عشرين دقيقة .



آخر رصدة جوية كانت عند الساعة (21:30) أي قبل الحادثة بثماني ساعات و نصف.. وهذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن منظومة تحديث المعلومات الجوية لا تعمل طبقاً لمتطلبات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)' World Meteorological Organization '.



اختيار برج المراقبة للمدرج الشرقي (09) للهبوط كان مبنياً على الرصدة الجوية لليوم السابق للفاجعة .. و مع إسداء نصيحة الطيار الليبي – قائد الرحلة (U8 721) لبرج المراقبة بإستخدام المدرج الغربي (27) ... إلا أن برج المراقبة لم يأخذ بعين الإعتبار هذه الملاحظة الهامة !! خاصة أن مثل هذا الإقتراح لا يصدر من طيار عادة إلا إذا كانت طبيعة الهبوط حرجة للغاية ..



يتضح من شهادة الطيار الإيطالي .. أن الطائرة الأفريقية (771U8 -) وصلت بسلام حتى آخر منارة ملاحة للمدرج الشرقي (09) و كان ارتفاعها فوق سطح البحر (300) قدماً ..و هذا هو الإرتفاع الصحيح حسب إجراءات الهبوط المعتمدة .. ثم تأتي شهادة الطيار الإيطالي واضحة جلية أنه شاهد طائرة الإيرباص الأفريقية تظهر من تحت السحاب ، الأجنحة مستوية.. أما مقدمة الطائرة فكانت منخفضة .

شهادة الطيار الليبي .. أنه سمع قائد الرحلة الأفريقية (771U8 -) يبلغ بقيامه بمناورة ' إلغاء الهبوط ' ..دليل يؤكد أن طاقم الطائرة المنكوبة كان أداؤه صحيحاً منضبطاً مع إجراءات الهبوط ..



هناك شهادة ثالثة - قد نعرض لهذه الشهادة بالتفصيل في حلقة قادمة

الطائرة الأفريقية رحلة رقم ) U8 703 - (و القادمة من مطار( - LFWالتوجو TOGO -)- كان طاقمها هو الثاني في الهبوط بعد وقوع الحادث .. أي الساعة ( 6:47 ) صباحاً . يؤكد قائد الطائرة أنه بإستخدام جهاز الهبوط الآلي للمدرج الغربي ..لم يتمكن الطاقم من رؤية المدرج إلا عند ارتفاع ( 200 ) قدماً و هو ما يعرف بــ (الحد الأدنى المقرر للإقتراب) ' MDA ' .

فإذا كان هذا الطاقم لم يتمكن من الهبوط بعد سبعة و أربعين دقيقة من الحادث إلا بإستخدام نظام الإقتراب الدقيق .. و على ارتفاع مئتي قدمٍ فوق سطح الأرض .. فكيف يتمكن طاقم الطائرة المنكوبة من الهبوط بإستخدام نظام الإقتراب غير الدقيق و من على ارتفاع 300 قدماً!!



ماذا حدث ؟! –



هذا السؤال أطرحه على مدير مصلحة الطيران المدني و مدير شركة الخطوط الأفريقية .. و أضعهما أمام المسئولية القانونية..لأنهما يعلمان ماذا حدث بالضبط .. لماذا هوت الطائرة و ارتطمت بالأرض بدلاً من صعودها و هبوطها بسلام على المدرج الغربي؟!؟ و تبقى هذه هي الحلقة المفقودة في الملف كله.

و يقف المرء حائراً لا يجد جواباً ..لماذا التزم أغلب الطيارين و المهندسين الصمت أمام هذا الموقف السلبي و غير المسئول من قبل إدارة الطيران المدني و شركة الخطوط الأفريقية ؟!



طيار - صلاح عبد العزيز - سويسرا - 28 - ذو الحجة - 1431 - هجري - 04 - 12 - 2010 - ميلادي