إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
خواطر حول التاريخ و الاسطورة في تجريدة حبيب
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
خواطر حول التاريخ و الاسطورة في تجريدة حبيب
مقالات مختارة
لم يبق أمام حبيب بعد هذه الهزيمة الساحقة التي لحقت بأعدائه إلا أمنية واحدة هي العثور على ” النعيعيس ” حياً أو ميتاً و ذهب هو و قومه يبحثون عنه فعثروا في طريقهم على أمرأةِ عجوز من العلايا سقطت من على ناقتها و قد انكفأ عليها الكرمود “الهودج” فأستصرختهم لمساعدتها فتم لها ذلك بعد ان اصلحوا لها شأن هودجها و تثبيته على الناقة و هم بالانصراف الى مبتغاه فنادته متسائلة عن كنيته..من انت؟ ..و ذلك لترد له الجميل عندما تصل قومها معتقدة انه احد فرسان العلايا فقال لها حبيب :
ن
عبدالناصر الباح : خواطر حول التاريخ و الاسطورة في تجريدة حبيب
التجريدة و الجردة في اللغة الدارجة تعني النجدة والحملة او المدد، أما التجريدة في الفصحى فهي من التجريد وهو القشر والنزع والتعرية ، و الجردة بمعنى البرذعة الخلقة والخرقة البالية والصواب أن يقال ” جريدة ” لأن الجريدة تأتي بمعنى الجماعة من الخيل التي ليس بين فرسانها ماش على رجليه .
ويرجح بعض المؤرخون وقوع التجريدة حسب المقارنة و الاستدلال والاستنتاج بأنها حدثت في الربع الأول من القرن الثاني عشر للهجرة .. أوائل القرن الثامن عشر للميلاد أي في أواخر العهد العثماني الأول وقبل بداية العهد القرمانللي الذي لم يتوطد في برقة إلا في سنة 1133هـ ، 1720 م ،و بالتحديد فجر يوم 29 أغسطس 1656م حسب رواية ” شارل فيرو” في “الحوليات الليبية”.. أما في رواية الرحالة ” أبو سالم العياشي ” و ما أثبته في كتابه المعروف بـ” رحلة العياشي ” فإنه يذكر أنها كانت سنة 1066هـ التي توافق 1655 م بفارق عام.
أما رواة تجريدة حبيب و الكتب التي استنسخت هذه الرواية كالكاتب “صلاح الدين جبريل ” في كتابه ” التجريدة ” فتقول أن التجريدة حدثت سنة 1133هـ في زمن الباي مصطفى باشا القرمانللي الذي قاد الحملة بنفسه !!..أي بعد التاريخ الذي ذكرناه سابقا بكثير.
أما طرفاها في اغلب الروايات الشعبية شيوعا “الشفهية اساسا” فهما “العبيدات” ،و العلايا “ أولاد علي ” .. حيث ينتسب كل من العبيدات وأولاد علي إلى السعادى ، نسبة إلى سعدة التي تزوجها ” الذئب أبو الليل ” ، فولدت له أبناؤه ” برغوث وعقَّار وسلام “– وتم الاختلاف في سعده هذه فالغالبية يقول أنها سعدة الزناتية بنت الزناتي خليفة وقيل أخته ،وقال آخرون انها سعدة الهلالية ( لاحظ الاختلاف الزمني الشاسع بين زمن التجريدة الهلالية و تجريدة حبيب يصل لمئات السنين!!! مما يُستغرب معه كيف يكون برغوث وعقَّار وسلام أبناء سعدة هذه ).. و قبائل السعادى تتفرع إلى كثير من البطون والعشائر ” فالعبيدات” ينتسبون إلى “حرب أو محارب ” ،و” أولاد علي” ينتسبون إلى “علي ” وهما أولاد “عقَّار” بن الذئب أبي الليل زعيم من رؤوس بني سليم الذين استوطنوا ما بين سرت غرباً وحدود الإسكندرية شرقاً واستوطن إخوانهم بني هلال ناحية الغرب من النواحي طرابلس وتونس وهذا ما أثبتته السير وانساب القبائل ، وهو يدل على ان قبائل ” السعادى ” في برقة تنتمي ، إلى بني سليم دون سواهم والواقع أن كثيراً منها ينتمي إلى ” الهلاليين ” أي من قبائل ” هلال بن عامر بن صعصعة ( وهذا له ما يبرره من عدة وجوه .. الأول : أن القصص والأشعار التي بتناقلها أفراد هذه القبائل تدور كلها حول ” أبي زيد الهلالي ” وأبناء أخته “ شيحة ” مثل ” مرعي و ذياب ويحيى ويونس وغانم ” وغيرهم من أبطال القصص الهلالية المعروفة .. والثاني هو أن جماعات من بني هلال قد استوطنت إقليم برقة أيام العبيديين ولها وقائع وحروب مع بعض القبائل المقيمة ببرقة من ” لواته و زناته و مزاته “ . حيث بقي ذكر أن فروع هاتين القبيلتين بصفة عامة ليست كلها من سلالة بني هلال وبني سليم بل تضم سلالات بربرية مثل لواته و مزاته و زناته ، التي سماها ابن خلدون والتي كانت تعمر هذه البقاع) .
و الحروب بين العبيدات وأولاد علي في تلك الفترة ترجع كما يذكر بعض الباحثين إلى ثارات او خلافات نشأت بين الفريقين حول المراعي و استيطان الأرض الخصبة وإذا ما دققنا نجد أن اشخاص هذه الواقعة من قبيلة العبيدات هم حبيب وغيث وابويمامة ورفاد وهم ابناء عبدالمولى بن الواعر بن أعبيد وكذالك امزين بن الواعر بن أعبيد وكذلك عوكل وشاهين وكلاهما أبناء واقفين لعبيد ولكل منهما بضع ابناء، فإذا كانوا هؤلاء هم العبيدات في ذلك الوقت، غيث هو غيث الفرد واب عيت غيث وكذالك حبيب أب أولاد مريم وكذلك امزين و رفاد و ابويمامة ، فهؤلاء جميعهم هم رؤوس ولم يصبحوا قبائل بل ولم يصبحوا أسرا بعد فهم لم يتزوجوا بعد إلا كبيرهم غيث الذي تزوج بالخادم ولم ينجب منها بعد؟
وهكذا نجد أن قبيلة العبيدات في ذلك الوقت قد لا تتجاوز أصابع الكفين، فهل يطلق على هؤلاء الثلة آنذاك اسم قبيلة أم عائلة أم أسرة؟ وإذا دخل هذا العدد في نزاع مسلح مع نظرائهم فهل يسمى هذا النزاع معركة أم شجار بين عائلتين؟ تقول تلك الروايات انه بعد أن توحدت جُل قبائل الحرابي تحت قيادة “الكليب ” شيخ عائلة ” مسعود ” ( و الرواية لا توضح العلاقة الأسرية لهذا الرجل بالحرابي بشكل عام و بالعبيدات على وجه التحديد و لقد حاولت من خلال العديد من كتب الأنساب عامةَ و بعض مشجرات الحرابي بشكل خاص و أولاد عقار بشكل اشمل أن أستجلي هذا الأمر دون نتيجة خصوصا و إن الرواية تتحدث عن أسماء أفراد لم تصبح قبائل أو عائلات بعد بمعنى آخر أسماء يمكن حصرها بشكل أو بآخر ) و تقول الرواية إن هذا الرجل استطاع أن يتقابل مع قبيلة “أولاد علي” في “تمسكت” و هو عبارة عن مرتفع يقع في الجنوب الغربي لمدينة درنة حيث جرت معركة دامية بين الطرفين أدت إلى طرد أولاد علي من الجبل الأخضر حيث أجلوهم الحرابي إلى بقاع مقفرة ومناطق مجدبة في أكثر السنين للحرب ، حيث أخذ “أولاد علي” يعدون العدة ويرتقبون الفرصة التي تمكنهم من استرجاع البقاع التي طردوا منها ، والتي تجود بالخصب والنماء فلما تمت لهم الغلبة توغلوا حتى ” رأس التراب ” الواقع غربي ” شحات ” بنحو عشرة كيلومترات أي أنهم بسطوا نفوذهم على ما يقرب من نصف مساحة الجبل الأخضر زيادة على المناطق الشرقية الشاسعة .
وما فتئ “العبيدات الحرابى ” يقاومون سيطرة ” أولاد علي “ ويتربصون بهم الدوائر ، وتقوم بين الفريقين مناوشات ومعارك ،و بعد أن تدخل “بن خزيمة الفرجاني” شيخ الفرجان بين الطرفين المتنازعين لإحلال السلام و يضطر “العبيدات الحرابى ” إلى الرضوخ والاستسلام بسبب تفرقهم ووقوف بعض أبناء عمومتهم موقف الحياد حسب ما تخبرنا الرواية إلى أن ظهر رجل اجتمعت له صفات الزعامة بين قومه وعشيرته ، ذلك هو الشيخ ” عبد المولى الأبح ” الذي تبوأ مكان الصدارة وأصبح صاحب الكلمة المسموعة والرأي المتبع عند أكثر عائلات “العبيدات الحرابى ” ومن أبناء ” الشيخ عبد المولى ” كان حبيب بطل التجريدة .
هذا وتجئ البوادر الأولى ” لتجريدة حبيب ” حسب ما تقول الرواية انه نتيجة كثرة تردد على “بن خزيمة الفرجاني” شيخ الفرجان من قبل الطرفين المتنازعين عمد العبيدات إلى تدبير خطة يعرفوا من خلالها نوايا “أولاد علي” و يطلعون على اخبارهم من خلال الشيخ ” بن خزيمة الفرجاني” حيث قرروا إهداء جارية كانت للشيخ ” كليب ” للشيخ “بن خزيمة الفرجاني” على أن تصطنع هذه الجارية الصمم و البكم ليتسنى لها استراق السمع دون ان يحذر منها احد و تبلغ قومها بكل ما يدور من أخبار في خيمة “بن خزيمة الفرجاني” شيخ الفرجان عند ترددهم عليه ،و هذا ما كان حيث استطاعوا و كما تقول الرواية من خلال هذه الجارية معرفة مدى استعدادات “أولاد علي” و استغلوا الفرصة و قاموا بمهاجمة “أولاد علي” فجأة عند الفجر في منتجعهم بالجبل الأخضر ” و قتلوا كل من سدت في وجهة المنافذ للهرب من الرجال ولم يبقى بالمنتجع غير عدد من الأطفال حيث و نتيجة لإعمال القتل فيهم فر من فر من رجال “أولاد علي” تاركا أطفاله خلفه لذا اطلق على هذا المكان و ليومنا هذا اسم “مربط العويلة”،و انتصر “العبيدات الحرابى ” على “أولاد علي” وتم الاستيلاء على جميع ممتلكاتهم و حيواناتهم و خيامهم .. و تقول الرواية انه قد تبنى الشيخ ” عبد المولى الأبح ” طفلا من بين هؤلاء الاطفال الذين تُركوا بعد المعركة واسمه ” النعيعيس ” في روايات الحرابي و “النعيسي ” في روايات أولاد علي وجعله كواحد من أبنائه .
نشأ النعيعيس أو النعيسي هذا ، وشب في بيت ” الشيخ عبد المولى ” لكنه لم ينسى و بمرور الايام ما حل بقومه وأهله من تشريد ، إذ انه كان في سن المراهقة عند غارة “العبيدات الحرابى ” على منتجع قبيلته وذكرى تلك الأحداث لم تُمحى من مخيلته و ضلت ماثلة أمامه، فأضمر فـي نفسه الانتقام وانتهز فرصة في يوم خلا فيه بأحد أبناء ” الشيخ عبد المولى عند ذهابهما للرعي ” فقتلـه ، ووارى جثته في التراب وأخفى لباسه الملطخ بالدماء داخل برذعة حمار ( لاحظ التشابه بين هذه الرواية بشكل أو آخر مع قصة يعقوب و ابنه يوسف و اخوته غير الأشقاء) ، و تستمر الرواية في سرد احداثها قائلة انه لم يدُر ببال الشيخ عبد المولى ولا احد من عشيرته أن النعيعيس أو النعيسي يقتل أخاه ، وفُقد الأمل في العثور على ابن الشيـخ عبد المولى فقد يكون ضل طريق عودته إلى المنتجع وتاه وسط الشعاب والوديان فافترســه ذئب غير أن الجريمة المدبرة ما لبثت أن ظهرت معالمها واضحة للعيان فقد بـرز قميص القتيل من خرق في البرذعة صدفة من غير قصد ( و لا تقدم الرواية تفسيرا واحدا لماذا احتفظ القاتل بملابس القتيل؟ في الوقت الذي كان لزاما عليه ان يتخلص منها ،و يواريها كما تخلص من الجثة و واراها .. ثم لماذا نزعها من على جثمان المغدور؟ ) ، وعرف الشيخ عبد المولــى أن النعيعيس هو قاتل ابنه ولكنه لم يقتص منه وأبت له شهامته أن يسفك له دماً فقد تبناه وعـاش في حمايته ، وإنما طلب منه أن يرحل بعيداً عن بيته ودياره ، حتى لا يتعرض للقتل من قبـل أحد أخوة القتيل أو من أبناء عمومته في القبيلة .
غادر ” النعيعيس او النعيسي ” بيت ” الشيخ عبد المولى الأبح ” ونفسه لا تزال تحتدم غيظاً وحنقاً على الشيخ عبد المولى وعشيرته ، لم يُهدئ من ثائرتها قتله لابن الشيخ عبد المولى ولا شهامة أب القتيل في الصفح عنه وصمم في هذه المرة على الانتقام من الشيخ عبد المولى نفسه ، إذ هو أكبر رؤوس ” الحرابى ” وصاحب الرأي والتدبير ,و بدأ في تنفيذ خطته بالاتفاق مع جماعة من شيوخ ” أولاد علي ” فأنضم لعسكر الحاكم حتى صار من ابرز الضباط .. الامر الذي مكنه من استقدام ابناء عمومته ليدخلهم ضمن عسكر الحاكم و تقلدوا مناصب مرموقة و بسطوا هيمنتهم على المنطقة .. و تستمر الرواية في سردها بأن النعيعيس و ابناء عمومته من العلايا صب الوان العذاب و الاذلال على العبيدات و انتهز الفرصة و دبر مكيدة للشيخ عبد المولى و وشى به عند حاكم درنة في ذلك الوقت ( الذي لم يذكر رواة التجريدة اسمه غير انه تركياً ) وهو بدوره استدعى الشيخ عبد المولى وقبض عليه و أمر بسجنه مكبلاً بالحديد بجوار سور المدينة (ولا ندري أي سور هو المعني فلا يمكن أن يكون السور المعني هو السور الغربي حيث انه قد بني في العهد الايطالي غير أن التخمين يجعلنا نذهب ال سور بني في العهد البيزنطي و قيل ان العائلات الأندلسية الأولى أعادت ترميمه بشارع إبراهيم الأسطى عمر حاليا “شارع السور ” سابقا بالقرب من سوق الظلام ولا يعرف هنالك سجنا يذكر غير سجن بني في العهد الايطالي أيضا ) ،و تقول الرواية أن ولدين من أبناء الشيخ عبد المولى تمكنا من إنقاذ والدهما إذ حفرا نفقاً سرياً نفذا منه إلى السجن و وجدا أباهما في ثقل من الحديد لم يستطيعا نزعه ، فاحضرا ثلاثة من الخيل وحملا أباهما على احدهم ،ووضعا أحد ثقلي الحديد على حصان عن يمينه والثقل الأخر على حصان عن يساره وتسلل الجميع لائذين بالفرار ( و لم تذكر الرواية من هما ولديه الذين سعيا في انقاذ والدهما ،و هل حدث هذا كله في عدم وجود حراس للسجن أو في غفلة منهم أو بتواطؤ غير آبهين بما سيجر عليهم ذلك من عقوبة قد تكون الشنق أو الإعدام بالخازوق). و تستمر الرواية في سرد أحداثها قائلة أن نبأ فرارهم قد انكشف لاحقا، فخرج القوم وفي مقدمتهم ” النعيعيس ” يقتفون أثرهم ، وما لبثوا أن لاحت لهم ثلاثة من الخيل ، تجد في سيرها غربي بلدة درنة فلحقوا بهم مسرعين .
ولما علم الشيخ عبد المولى أن القوم سيدركونه لا محالة و ان ثقل القيود ستعيق فراره، طلب من ولديه أن ينزلاه ويخفياه بين أحراش و أشجار الغابة ، ويفرا من وجوه اللاحقين ، ولاحظ النعيعيس او النعيسي سرعة انطلاق الخيل المفاجئة ، فأخبر الجماعة بأن الخيل قد ألقت الحمل الذي كانت تحمله ، وأن الحمل الملقى هو الشيخ عبد المولى نفسه بثقل قيوده ، وانطلقت الجماعة تبحث عن الشيخ عبد المولى ، وعندما رأي الشيخ عبد المولى النعيعيس أطمأن إليه وناداه معتقداً أنه سيرعى الجميل ، ويجزي الإحسان بالإحسان ، ولكن النعيعيس حين سمع نداء الشيخ عبد المولى ورآه مكبلاً بالحديد صاح في الجماعة أن يأخذوه أسيراً إلى قصر الحاكم بدرنه ، وما أن أُحضر الشيخ عبد المولى أمام الحاكم حتى أمر بقتله في الحال ، فقطعت رأسه ونصبت جثته أمام القصر عدة أيام حيث صلبوه علي شجرة صفصاف (ولا ندري اين موقع هذا القصر في درنة على وجه التحديد فإذا كان المقصود به قلعة الحصار المقامة في الجنوب الغربي من مرتفعات محلة المغار فمن المعروف انها بُنيت في وقت متأخر من العهد القرمنللي تحديدا إبان الحملة الأمريكية على درنة عام 1805 م و كذلك القلعة التي كانت بمحلة البلاد داخل السور سالف الذكر و المبنية أيضا في ذات العهد القرمنللي لتكون قصرا للحاكم و المفترض أن تكون هذه التجريدة سابقة لهذا العهد) ،و تستمر الرواية بأنه قد أعيدت إلى أبنائه الجثة التي دفنت بجانب سور المدينة كما تذكر الرواية .
وقد كان لمقتل ” الشيخ عبد المولى ” أثره البالغ في نفوس ” الحرابى ” إذ فقدوا بموته أعظم شيوخهم نفوذاً ورأياً وشهامة .
وتمضي الرواية قائلة : وكان من بين أبناء ” الشيخ عبد المولى ” ابن اسمه ” حبيب ” نشأ لصاً فاتكاً قاطعاً للطريق ، يسطو على المواشي و الاغنام ويعترض طريق المارة ليسلبهم ممتلاكاتهم ،و تقول الرواية انه في اليوم الذي قتل فيه والده ” الشيخ عبد المولى ” كان مختفيا في احراش بمنطقة يقال لها ” الزردة ” بين درنة و القبة متربصا بقطيع من الاغنام يحرسه راعيه ليسرق منها ما يستطيع إليه سبيل الا ان هذا الراعي تفطن لوجوده فما كان من حبيب الا ان بادر الراعي متسائلا عن احوال درنة لأنه له مدة غائب عنها فأجابه ذلك الراعي بنبأ مقتل ” الشيخ عبد المولى ” و قطع رأسه و تعليقها أمام قصر الحاكم وتمضي الرواية قائلة أن حبيبا حين سمع نعي أبيه بكى مقتل ابيه و ترك الراعي و شأنه ليفكر في مصيره و ليعرف ما هو فاعل ، وأيقن أن الأعداء سيقتلونه لا محالة ، ومن هنا أقلع عن مسلكه الخاطئ ، ليسلك طريق الجد ، ويتأهب للثأر لأبيه ولكرامة قومه وعشيرته ( و لا يفوتني هنا ان انوه إلى التشابه الوارد هنا و ما ورد من حكاية الزير سالم “المهلهل” المعروفة و كذلك حكاية الملك الضليل ” امرؤ القيس” ) .
وسمع عنه شيوخ ” أولاد علي ” فبعثوا جماعة من الفرسان يتعقبونه ، ليقتلوه ويأتمنوا جانبه ( و لا تعلل الرواية سبب ترصد “أولاد علي” له و محاولة قتله هو بالذات دون باقي أخوته )، و تقول الرواية انه لما علم ” حبيب ” بقدومهم ، وإنهم جادون في البحث عنه ، اتخذ لنفسه مكاناً قذراً و تبرز فيه و اخذ يعبث في برازه ثم وقف مواجها الرياح و تبول و أسال لعابه على لحيته متظاهراً بالجنون والبله ، وحين عثروا عليه عرفوه ولكنهم استقذروا منه ، ولما سلموا عليه لم يرد السلام ولم يأبه بهم ، بل بقي في مكانه ، يأكل العشب بين الأقذار ، فقال بعضهم لبعض ، إن هذا أبله و عيب أن يقال عنا إنّا قتلنا شخصاً معتوهاً وتركوه جالساً في مكانه ، وقفلوا راجعين ( و هنا أيضا لا تقدم الرواية لنا أي تبرير لجهل القوم لحالة قواه العقلية طالما أن القوم يعرفونه بالشكل و بالتأكيد كانوا يعرفون انه كان قاطع طريق فاتكا و له بأسه و لا يفوتني هنا أن انوه إلى التشابه الوارد هنا و ما ورد من اخبار “الملك داوود” بسفر “الملوك” بالعهد القديم ” التوراة ” آية 21 – 12 – 14 عندما قام بنفس هذه الأفعال تقريبا عندما تعرف عليه الملك الفلسطيني ” أخيش ” حاكم ” جت ” و جنوده فضنوا انه مجنونا و تركوه في حال سبيله .. ولا ننسى انه كان هنالك يهود بالمنطقة و لا يستغرب ان تتسرب قصتهم هذه للموروث الشعبي بحكم التجاور و التعامل التجاري و خلافه و لا ننسى انه كان من بينهم شعراء كبار في الشعر الشعبي المحلي دلالة على وجود هذا التلاقح الثقافي ) .
وبدأ حبيب يفكر في تدبير وسيلة للأخذ بثأر أبيه ، ورفع الظلم عن قومه فالتجأ إلى أحد أصدقاء والده ، الذي يدعى الشيخ ” يونس القرّي ” شيخ قبيلة”العوامّة ” في ذلك الوقت ، يستشيره ويسترشد برأيه لأتصافه بالحكمة و سداد الرأي ، فما كان من “الشيخ يونس القري” الا أن قابله بعبوس ظانا منه ان حبيب قد جبن عن أخذ ثأر ابيه و انه قد جن كما يشاع بين الناس فقال له اذهب عني ايها الابله فرد عليه مجيبا :
التجريدة و الجردة في اللغة الدارجة تعني النجدة والحملة او المدد، أما التجريدة في الفصحى فهي من التجريد وهو القشر والنزع والتعرية ، و الجردة بمعنى البرذعة الخلقة والخرقة البالية والصواب أن يقال ” جريدة ” لأن الجريدة تأتي بمعنى الجماعة من الخيل التي ليس بين فرسانها ماش على رجليه .
ويرجح بعض المؤرخون وقوع التجريدة حسب المقارنة و الاستدلال والاستنتاج بأنها حدثت في الربع الأول من القرن الثاني عشر للهجرة .. أوائل القرن الثامن عشر للميلاد أي في أواخر العهد العثماني الأول وقبل بداية العهد القرمانللي الذي لم يتوطد في برقة إلا في سنة 1133هـ ، 1720 م ،و بالتحديد فجر يوم 29 أغسطس 1656م حسب رواية ” شارل فيرو” في “الحوليات الليبية”.. أما في رواية الرحالة ” أبو سالم العياشي ” و ما أثبته في كتابه المعروف بـ” رحلة العياشي ” فإنه يذكر أنها كانت سنة 1066هـ التي توافق 1655 م بفارق عام.
أما رواة تجريدة حبيب و الكتب التي استنسخت هذه الرواية كالكاتب “صلاح الدين جبريل ” في كتابه ” التجريدة ” فتقول أن التجريدة حدثت سنة 1133هـ في زمن الباي مصطفى باشا القرمانللي الذي قاد الحملة بنفسه !!..أي بعد التاريخ الذي ذكرناه سابقا بكثير.
أما طرفاها في اغلب الروايات الشعبية شيوعا “الشفهية اساسا” فهما “العبيدات” ،و العلايا “ أولاد علي ” .. حيث ينتسب كل من العبيدات وأولاد علي إلى السعادى ، نسبة إلى سعدة التي تزوجها ” الذئب أبو الليل ” ، فولدت له أبناؤه ” برغوث وعقَّار وسلام “– وتم الاختلاف في سعده هذه فالغالبية يقول أنها سعدة الزناتية بنت الزناتي خليفة وقيل أخته ،وقال آخرون انها سعدة الهلالية ( لاحظ الاختلاف الزمني الشاسع بين زمن التجريدة الهلالية و تجريدة حبيب يصل لمئات السنين!!! مما يُستغرب معه كيف يكون برغوث وعقَّار وسلام أبناء سعدة هذه ).. و قبائل السعادى تتفرع إلى كثير من البطون والعشائر ” فالعبيدات” ينتسبون إلى “حرب أو محارب ” ،و” أولاد علي” ينتسبون إلى “علي ” وهما أولاد “عقَّار” بن الذئب أبي الليل زعيم من رؤوس بني سليم الذين استوطنوا ما بين سرت غرباً وحدود الإسكندرية شرقاً واستوطن إخوانهم بني هلال ناحية الغرب من النواحي طرابلس وتونس وهذا ما أثبتته السير وانساب القبائل ، وهو يدل على ان قبائل ” السعادى ” في برقة تنتمي ، إلى بني سليم دون سواهم والواقع أن كثيراً منها ينتمي إلى ” الهلاليين ” أي من قبائل ” هلال بن عامر بن صعصعة ( وهذا له ما يبرره من عدة وجوه .. الأول : أن القصص والأشعار التي بتناقلها أفراد هذه القبائل تدور كلها حول ” أبي زيد الهلالي ” وأبناء أخته “ شيحة ” مثل ” مرعي و ذياب ويحيى ويونس وغانم ” وغيرهم من أبطال القصص الهلالية المعروفة .. والثاني هو أن جماعات من بني هلال قد استوطنت إقليم برقة أيام العبيديين ولها وقائع وحروب مع بعض القبائل المقيمة ببرقة من ” لواته و زناته و مزاته “ . حيث بقي ذكر أن فروع هاتين القبيلتين بصفة عامة ليست كلها من سلالة بني هلال وبني سليم بل تضم سلالات بربرية مثل لواته و مزاته و زناته ، التي سماها ابن خلدون والتي كانت تعمر هذه البقاع) .
و الحروب بين العبيدات وأولاد علي في تلك الفترة ترجع كما يذكر بعض الباحثين إلى ثارات او خلافات نشأت بين الفريقين حول المراعي و استيطان الأرض الخصبة وإذا ما دققنا نجد أن اشخاص هذه الواقعة من قبيلة العبيدات هم حبيب وغيث وابويمامة ورفاد وهم ابناء عبدالمولى بن الواعر بن أعبيد وكذالك امزين بن الواعر بن أعبيد وكذلك عوكل وشاهين وكلاهما أبناء واقفين لعبيد ولكل منهما بضع ابناء، فإذا كانوا هؤلاء هم العبيدات في ذلك الوقت، غيث هو غيث الفرد واب عيت غيث وكذالك حبيب أب أولاد مريم وكذلك امزين و رفاد و ابويمامة ، فهؤلاء جميعهم هم رؤوس ولم يصبحوا قبائل بل ولم يصبحوا أسرا بعد فهم لم يتزوجوا بعد إلا كبيرهم غيث الذي تزوج بالخادم ولم ينجب منها بعد؟
وهكذا نجد أن قبيلة العبيدات في ذلك الوقت قد لا تتجاوز أصابع الكفين، فهل يطلق على هؤلاء الثلة آنذاك اسم قبيلة أم عائلة أم أسرة؟ وإذا دخل هذا العدد في نزاع مسلح مع نظرائهم فهل يسمى هذا النزاع معركة أم شجار بين عائلتين؟ تقول تلك الروايات انه بعد أن توحدت جُل قبائل الحرابي تحت قيادة “الكليب ” شيخ عائلة ” مسعود ” ( و الرواية لا توضح العلاقة الأسرية لهذا الرجل بالحرابي بشكل عام و بالعبيدات على وجه التحديد و لقد حاولت من خلال العديد من كتب الأنساب عامةَ و بعض مشجرات الحرابي بشكل خاص و أولاد عقار بشكل اشمل أن أستجلي هذا الأمر دون نتيجة خصوصا و إن الرواية تتحدث عن أسماء أفراد لم تصبح قبائل أو عائلات بعد بمعنى آخر أسماء يمكن حصرها بشكل أو بآخر ) و تقول الرواية إن هذا الرجل استطاع أن يتقابل مع قبيلة “أولاد علي” في “تمسكت” و هو عبارة عن مرتفع يقع في الجنوب الغربي لمدينة درنة حيث جرت معركة دامية بين الطرفين أدت إلى طرد أولاد علي من الجبل الأخضر حيث أجلوهم الحرابي إلى بقاع مقفرة ومناطق مجدبة في أكثر السنين للحرب ، حيث أخذ “أولاد علي” يعدون العدة ويرتقبون الفرصة التي تمكنهم من استرجاع البقاع التي طردوا منها ، والتي تجود بالخصب والنماء فلما تمت لهم الغلبة توغلوا حتى ” رأس التراب ” الواقع غربي ” شحات ” بنحو عشرة كيلومترات أي أنهم بسطوا نفوذهم على ما يقرب من نصف مساحة الجبل الأخضر زيادة على المناطق الشرقية الشاسعة .
وما فتئ “العبيدات الحرابى ” يقاومون سيطرة ” أولاد علي “ ويتربصون بهم الدوائر ، وتقوم بين الفريقين مناوشات ومعارك ،و بعد أن تدخل “بن خزيمة الفرجاني” شيخ الفرجان بين الطرفين المتنازعين لإحلال السلام و يضطر “العبيدات الحرابى ” إلى الرضوخ والاستسلام بسبب تفرقهم ووقوف بعض أبناء عمومتهم موقف الحياد حسب ما تخبرنا الرواية إلى أن ظهر رجل اجتمعت له صفات الزعامة بين قومه وعشيرته ، ذلك هو الشيخ ” عبد المولى الأبح ” الذي تبوأ مكان الصدارة وأصبح صاحب الكلمة المسموعة والرأي المتبع عند أكثر عائلات “العبيدات الحرابى ” ومن أبناء ” الشيخ عبد المولى ” كان حبيب بطل التجريدة .
هذا وتجئ البوادر الأولى ” لتجريدة حبيب ” حسب ما تقول الرواية انه نتيجة كثرة تردد على “بن خزيمة الفرجاني” شيخ الفرجان من قبل الطرفين المتنازعين عمد العبيدات إلى تدبير خطة يعرفوا من خلالها نوايا “أولاد علي” و يطلعون على اخبارهم من خلال الشيخ ” بن خزيمة الفرجاني” حيث قرروا إهداء جارية كانت للشيخ ” كليب ” للشيخ “بن خزيمة الفرجاني” على أن تصطنع هذه الجارية الصمم و البكم ليتسنى لها استراق السمع دون ان يحذر منها احد و تبلغ قومها بكل ما يدور من أخبار في خيمة “بن خزيمة الفرجاني” شيخ الفرجان عند ترددهم عليه ،و هذا ما كان حيث استطاعوا و كما تقول الرواية من خلال هذه الجارية معرفة مدى استعدادات “أولاد علي” و استغلوا الفرصة و قاموا بمهاجمة “أولاد علي” فجأة عند الفجر في منتجعهم بالجبل الأخضر ” و قتلوا كل من سدت في وجهة المنافذ للهرب من الرجال ولم يبقى بالمنتجع غير عدد من الأطفال حيث و نتيجة لإعمال القتل فيهم فر من فر من رجال “أولاد علي” تاركا أطفاله خلفه لذا اطلق على هذا المكان و ليومنا هذا اسم “مربط العويلة”،و انتصر “العبيدات الحرابى ” على “أولاد علي” وتم الاستيلاء على جميع ممتلكاتهم و حيواناتهم و خيامهم .. و تقول الرواية انه قد تبنى الشيخ ” عبد المولى الأبح ” طفلا من بين هؤلاء الاطفال الذين تُركوا بعد المعركة واسمه ” النعيعيس ” في روايات الحرابي و “النعيسي ” في روايات أولاد علي وجعله كواحد من أبنائه .
نشأ النعيعيس أو النعيسي هذا ، وشب في بيت ” الشيخ عبد المولى ” لكنه لم ينسى و بمرور الايام ما حل بقومه وأهله من تشريد ، إذ انه كان في سن المراهقة عند غارة “العبيدات الحرابى ” على منتجع قبيلته وذكرى تلك الأحداث لم تُمحى من مخيلته و ضلت ماثلة أمامه، فأضمر فـي نفسه الانتقام وانتهز فرصة في يوم خلا فيه بأحد أبناء ” الشيخ عبد المولى عند ذهابهما للرعي ” فقتلـه ، ووارى جثته في التراب وأخفى لباسه الملطخ بالدماء داخل برذعة حمار ( لاحظ التشابه بين هذه الرواية بشكل أو آخر مع قصة يعقوب و ابنه يوسف و اخوته غير الأشقاء) ، و تستمر الرواية في سرد احداثها قائلة انه لم يدُر ببال الشيخ عبد المولى ولا احد من عشيرته أن النعيعيس أو النعيسي يقتل أخاه ، وفُقد الأمل في العثور على ابن الشيـخ عبد المولى فقد يكون ضل طريق عودته إلى المنتجع وتاه وسط الشعاب والوديان فافترســه ذئب غير أن الجريمة المدبرة ما لبثت أن ظهرت معالمها واضحة للعيان فقد بـرز قميص القتيل من خرق في البرذعة صدفة من غير قصد ( و لا تقدم الرواية تفسيرا واحدا لماذا احتفظ القاتل بملابس القتيل؟ في الوقت الذي كان لزاما عليه ان يتخلص منها ،و يواريها كما تخلص من الجثة و واراها .. ثم لماذا نزعها من على جثمان المغدور؟ ) ، وعرف الشيخ عبد المولــى أن النعيعيس هو قاتل ابنه ولكنه لم يقتص منه وأبت له شهامته أن يسفك له دماً فقد تبناه وعـاش في حمايته ، وإنما طلب منه أن يرحل بعيداً عن بيته ودياره ، حتى لا يتعرض للقتل من قبـل أحد أخوة القتيل أو من أبناء عمومته في القبيلة .
غادر ” النعيعيس او النعيسي ” بيت ” الشيخ عبد المولى الأبح ” ونفسه لا تزال تحتدم غيظاً وحنقاً على الشيخ عبد المولى وعشيرته ، لم يُهدئ من ثائرتها قتله لابن الشيخ عبد المولى ولا شهامة أب القتيل في الصفح عنه وصمم في هذه المرة على الانتقام من الشيخ عبد المولى نفسه ، إذ هو أكبر رؤوس ” الحرابى ” وصاحب الرأي والتدبير ,و بدأ في تنفيذ خطته بالاتفاق مع جماعة من شيوخ ” أولاد علي ” فأنضم لعسكر الحاكم حتى صار من ابرز الضباط .. الامر الذي مكنه من استقدام ابناء عمومته ليدخلهم ضمن عسكر الحاكم و تقلدوا مناصب مرموقة و بسطوا هيمنتهم على المنطقة .. و تستمر الرواية في سردها بأن النعيعيس و ابناء عمومته من العلايا صب الوان العذاب و الاذلال على العبيدات و انتهز الفرصة و دبر مكيدة للشيخ عبد المولى و وشى به عند حاكم درنة في ذلك الوقت ( الذي لم يذكر رواة التجريدة اسمه غير انه تركياً ) وهو بدوره استدعى الشيخ عبد المولى وقبض عليه و أمر بسجنه مكبلاً بالحديد بجوار سور المدينة (ولا ندري أي سور هو المعني فلا يمكن أن يكون السور المعني هو السور الغربي حيث انه قد بني في العهد الايطالي غير أن التخمين يجعلنا نذهب ال سور بني في العهد البيزنطي و قيل ان العائلات الأندلسية الأولى أعادت ترميمه بشارع إبراهيم الأسطى عمر حاليا “شارع السور ” سابقا بالقرب من سوق الظلام ولا يعرف هنالك سجنا يذكر غير سجن بني في العهد الايطالي أيضا ) ،و تقول الرواية أن ولدين من أبناء الشيخ عبد المولى تمكنا من إنقاذ والدهما إذ حفرا نفقاً سرياً نفذا منه إلى السجن و وجدا أباهما في ثقل من الحديد لم يستطيعا نزعه ، فاحضرا ثلاثة من الخيل وحملا أباهما على احدهم ،ووضعا أحد ثقلي الحديد على حصان عن يمينه والثقل الأخر على حصان عن يساره وتسلل الجميع لائذين بالفرار ( و لم تذكر الرواية من هما ولديه الذين سعيا في انقاذ والدهما ،و هل حدث هذا كله في عدم وجود حراس للسجن أو في غفلة منهم أو بتواطؤ غير آبهين بما سيجر عليهم ذلك من عقوبة قد تكون الشنق أو الإعدام بالخازوق). و تستمر الرواية في سرد أحداثها قائلة أن نبأ فرارهم قد انكشف لاحقا، فخرج القوم وفي مقدمتهم ” النعيعيس ” يقتفون أثرهم ، وما لبثوا أن لاحت لهم ثلاثة من الخيل ، تجد في سيرها غربي بلدة درنة فلحقوا بهم مسرعين .
ولما علم الشيخ عبد المولى أن القوم سيدركونه لا محالة و ان ثقل القيود ستعيق فراره، طلب من ولديه أن ينزلاه ويخفياه بين أحراش و أشجار الغابة ، ويفرا من وجوه اللاحقين ، ولاحظ النعيعيس او النعيسي سرعة انطلاق الخيل المفاجئة ، فأخبر الجماعة بأن الخيل قد ألقت الحمل الذي كانت تحمله ، وأن الحمل الملقى هو الشيخ عبد المولى نفسه بثقل قيوده ، وانطلقت الجماعة تبحث عن الشيخ عبد المولى ، وعندما رأي الشيخ عبد المولى النعيعيس أطمأن إليه وناداه معتقداً أنه سيرعى الجميل ، ويجزي الإحسان بالإحسان ، ولكن النعيعيس حين سمع نداء الشيخ عبد المولى ورآه مكبلاً بالحديد صاح في الجماعة أن يأخذوه أسيراً إلى قصر الحاكم بدرنه ، وما أن أُحضر الشيخ عبد المولى أمام الحاكم حتى أمر بقتله في الحال ، فقطعت رأسه ونصبت جثته أمام القصر عدة أيام حيث صلبوه علي شجرة صفصاف (ولا ندري اين موقع هذا القصر في درنة على وجه التحديد فإذا كان المقصود به قلعة الحصار المقامة في الجنوب الغربي من مرتفعات محلة المغار فمن المعروف انها بُنيت في وقت متأخر من العهد القرمنللي تحديدا إبان الحملة الأمريكية على درنة عام 1805 م و كذلك القلعة التي كانت بمحلة البلاد داخل السور سالف الذكر و المبنية أيضا في ذات العهد القرمنللي لتكون قصرا للحاكم و المفترض أن تكون هذه التجريدة سابقة لهذا العهد) ،و تستمر الرواية بأنه قد أعيدت إلى أبنائه الجثة التي دفنت بجانب سور المدينة كما تذكر الرواية .
وقد كان لمقتل ” الشيخ عبد المولى ” أثره البالغ في نفوس ” الحرابى ” إذ فقدوا بموته أعظم شيوخهم نفوذاً ورأياً وشهامة .
وتمضي الرواية قائلة : وكان من بين أبناء ” الشيخ عبد المولى ” ابن اسمه ” حبيب ” نشأ لصاً فاتكاً قاطعاً للطريق ، يسطو على المواشي و الاغنام ويعترض طريق المارة ليسلبهم ممتلاكاتهم ،و تقول الرواية انه في اليوم الذي قتل فيه والده ” الشيخ عبد المولى ” كان مختفيا في احراش بمنطقة يقال لها ” الزردة ” بين درنة و القبة متربصا بقطيع من الاغنام يحرسه راعيه ليسرق منها ما يستطيع إليه سبيل الا ان هذا الراعي تفطن لوجوده فما كان من حبيب الا ان بادر الراعي متسائلا عن احوال درنة لأنه له مدة غائب عنها فأجابه ذلك الراعي بنبأ مقتل ” الشيخ عبد المولى ” و قطع رأسه و تعليقها أمام قصر الحاكم وتمضي الرواية قائلة أن حبيبا حين سمع نعي أبيه بكى مقتل ابيه و ترك الراعي و شأنه ليفكر في مصيره و ليعرف ما هو فاعل ، وأيقن أن الأعداء سيقتلونه لا محالة ، ومن هنا أقلع عن مسلكه الخاطئ ، ليسلك طريق الجد ، ويتأهب للثأر لأبيه ولكرامة قومه وعشيرته ( و لا يفوتني هنا ان انوه إلى التشابه الوارد هنا و ما ورد من حكاية الزير سالم “المهلهل” المعروفة و كذلك حكاية الملك الضليل ” امرؤ القيس” ) .
وسمع عنه شيوخ ” أولاد علي ” فبعثوا جماعة من الفرسان يتعقبونه ، ليقتلوه ويأتمنوا جانبه ( و لا تعلل الرواية سبب ترصد “أولاد علي” له و محاولة قتله هو بالذات دون باقي أخوته )، و تقول الرواية انه لما علم ” حبيب ” بقدومهم ، وإنهم جادون في البحث عنه ، اتخذ لنفسه مكاناً قذراً و تبرز فيه و اخذ يعبث في برازه ثم وقف مواجها الرياح و تبول و أسال لعابه على لحيته متظاهراً بالجنون والبله ، وحين عثروا عليه عرفوه ولكنهم استقذروا منه ، ولما سلموا عليه لم يرد السلام ولم يأبه بهم ، بل بقي في مكانه ، يأكل العشب بين الأقذار ، فقال بعضهم لبعض ، إن هذا أبله و عيب أن يقال عنا إنّا قتلنا شخصاً معتوهاً وتركوه جالساً في مكانه ، وقفلوا راجعين ( و هنا أيضا لا تقدم الرواية لنا أي تبرير لجهل القوم لحالة قواه العقلية طالما أن القوم يعرفونه بالشكل و بالتأكيد كانوا يعرفون انه كان قاطع طريق فاتكا و له بأسه و لا يفوتني هنا أن انوه إلى التشابه الوارد هنا و ما ورد من اخبار “الملك داوود” بسفر “الملوك” بالعهد القديم ” التوراة ” آية 21 – 12 – 14 عندما قام بنفس هذه الأفعال تقريبا عندما تعرف عليه الملك الفلسطيني ” أخيش ” حاكم ” جت ” و جنوده فضنوا انه مجنونا و تركوه في حال سبيله .. ولا ننسى انه كان هنالك يهود بالمنطقة و لا يستغرب ان تتسرب قصتهم هذه للموروث الشعبي بحكم التجاور و التعامل التجاري و خلافه و لا ننسى انه كان من بينهم شعراء كبار في الشعر الشعبي المحلي دلالة على وجود هذا التلاقح الثقافي ) .
وبدأ حبيب يفكر في تدبير وسيلة للأخذ بثأر أبيه ، ورفع الظلم عن قومه فالتجأ إلى أحد أصدقاء والده ، الذي يدعى الشيخ ” يونس القرّي ” شيخ قبيلة”العوامّة ” في ذلك الوقت ، يستشيره ويسترشد برأيه لأتصافه بالحكمة و سداد الرأي ، فما كان من “الشيخ يونس القري” الا أن قابله بعبوس ظانا منه ان حبيب قد جبن عن أخذ ثأر ابيه و انه قد جن كما يشاع بين الناس فقال له اذهب عني ايها الابله فرد عليه مجيبا :
اول الهبــال من صـادر الريح وبـال
و ثـاني الهبال من خش السوق بلا مـال
و ثالث الهبـال من خش العركة بلا رجال
فأيقن “الشيخ يونس القري” بأن حبيبا ليس بالجبان او الابله ، فأستمر الشيخ القري يسأل حبيب :و ثـاني الهبال من خش السوق بلا مـال
و ثالث الهبـال من خش العركة بلا رجال
سلامات واستخـبرنّه سلامات ويش أللغـاوي
علي فارس غاب عنا زعم طير بوم ولا نداوي
ويرد حبيب علي الشيخ القري :علي فارس غاب عنا زعم طير بوم ولا نداوي
عطي بوخليل وخلك منّه وخليك راجل بجــاوي
الفارس اللي تنشـد عنّه وَهُو جا وعليه المهاوي
يوم غبـــكم يوم دنه كحز و صاح م الـبلاوي
الفارس اللي تنشـد عنّه وَهُو جا وعليه المهاوي
يوم غبـــكم يوم دنه كحز و صاح م الـبلاوي
فأشار عليه الشيخ ” يونس القري ” أن يسافر إلى حاكم طرابلس ، ويشكو إليه ما حل بقومه من ضيم واضطهاد ، وأن يلتمس منه مساندته في دفع الظلم عن أهله وعشيرته ، وأعطاه رقبة نعامة بها قدراً كبيراً من الذهب ، يستعين به على تحقيق هذا الغرض (السؤال من أين لحبيب أو القري العثور علي تلك النعامة أو جلدها ؟ و خصوصا أن هذا الطائر لا يعيش في منطقتهما و لم يسبق عبر التاريخ أن ذكر ذاك. ثم متى كان جلد طائر النعام يدبغ ليُجـعل منه جرابا قادرا على احتواء كل هذه الكميات من ليرات الذهب و التي بمقدورها أن تغري لعاب باشا طرابلس بالسيلان حتى يقوم بتحريك تلك التجريدة ).
و تستمر الرواية في سرد أحداثها قائلة انه قد اخذ حبيب بالمشورة ، و سافر قاصدا طرابلس (ولكن لا تذكر لنا الرواية كيف لحبيب أن يسلك تلك القفار الشاسعة وحده ، وهي رحلة طويلة وشاقة محفوفة بالمخاطر وكيف له أن يطوي تلك الصحراء التي يظل فيها القطا بلا زاد ولا دليل و لم تذكر لنا الرواية بأنه على سابق معرفة و خبرة بمسالكها ، أو أنه قد سافر في رفقة أحدى القوافل ، التي كانت تسلك الصحراء الغربية للتجارة)، ويفهم من الرواية أن ” حبيب ” سافر في رحلته إلى طرابلس ممتطياً فرسه وحيدا ( ومن المعروف انه في قطع المسافات الطويلة يتم استبدال الفرس في محطات معينة لماَ يعتري الفرس أو الحصان من جهد و تعب يستحيل معه متابعة الطريق و لم تذكر لنا الرواية أيضا انه كان يريح الفرس أثناء رحلته من عناء الطريق.لتداهمنا على حين غرة بحادثة مرّور حبيب في طريق سفره بكوية الملح ” بنغازي ” ) ، وتقول الرواية : أنه لما وصل لكوية الملح “بنغازي” احتاج إلى نعل لفرسه ، ومكث يومين يتردد على أحد الحدادين هناك ، يجيء في الصباح ويظل واقفاً حتى الظهيرة ، وحين سأله الحداد عن حاجته أجابه : بأن فرسه حافية وليس لديه نقود يدفعها ثمناً لتنعيلها ( في الوقت الذي كان يملك فيه .. حسب الرواية مالا برقبة النعامة يمكنه من تنعيلها لأنها وسيلته للوصول الى المرام كما لم تذكر لنا انه بفعله هذا حاول ادخار الليرات لتحقيق الهدف المنشود ألا و هو جلب التجريدة .. ولم تذكر لنا في هذه الحالة انه قام بإخفاء رقبة النعام المملؤة بالليرات الذهبية حتى لا يلحظها الحداد فيطمع في طلب اجره) و تقول الرواية انه قد سخر منه الحداد وقال متهكماً : أتريد تنعيلاً كاملاً أم نصف تنعيل ؟ ولكن حبيب رد عليه ببيتين من الشعر الشعبي شاكراً حسن صنيعه مادحاً سعة جوده وكرمه فقال :
و تستمر الرواية في سرد أحداثها قائلة انه قد اخذ حبيب بالمشورة ، و سافر قاصدا طرابلس (ولكن لا تذكر لنا الرواية كيف لحبيب أن يسلك تلك القفار الشاسعة وحده ، وهي رحلة طويلة وشاقة محفوفة بالمخاطر وكيف له أن يطوي تلك الصحراء التي يظل فيها القطا بلا زاد ولا دليل و لم تذكر لنا الرواية بأنه على سابق معرفة و خبرة بمسالكها ، أو أنه قد سافر في رفقة أحدى القوافل ، التي كانت تسلك الصحراء الغربية للتجارة)، ويفهم من الرواية أن ” حبيب ” سافر في رحلته إلى طرابلس ممتطياً فرسه وحيدا ( ومن المعروف انه في قطع المسافات الطويلة يتم استبدال الفرس في محطات معينة لماَ يعتري الفرس أو الحصان من جهد و تعب يستحيل معه متابعة الطريق و لم تذكر لنا الرواية أيضا انه كان يريح الفرس أثناء رحلته من عناء الطريق.لتداهمنا على حين غرة بحادثة مرّور حبيب في طريق سفره بكوية الملح ” بنغازي ” ) ، وتقول الرواية : أنه لما وصل لكوية الملح “بنغازي” احتاج إلى نعل لفرسه ، ومكث يومين يتردد على أحد الحدادين هناك ، يجيء في الصباح ويظل واقفاً حتى الظهيرة ، وحين سأله الحداد عن حاجته أجابه : بأن فرسه حافية وليس لديه نقود يدفعها ثمناً لتنعيلها ( في الوقت الذي كان يملك فيه .. حسب الرواية مالا برقبة النعامة يمكنه من تنعيلها لأنها وسيلته للوصول الى المرام كما لم تذكر لنا انه بفعله هذا حاول ادخار الليرات لتحقيق الهدف المنشود ألا و هو جلب التجريدة .. ولم تذكر لنا في هذه الحالة انه قام بإخفاء رقبة النعام المملؤة بالليرات الذهبية حتى لا يلحظها الحداد فيطمع في طلب اجره) و تقول الرواية انه قد سخر منه الحداد وقال متهكماً : أتريد تنعيلاً كاملاً أم نصف تنعيل ؟ ولكن حبيب رد عليه ببيتين من الشعر الشعبي شاكراً حسن صنيعه مادحاً سعة جوده وكرمه فقال :
بالصــدر مـا نقرضــوك أو بالقفل نمشوا رضـايـا
وانـت كـيف معطـن العـد اللي يجوك يمشوا روايـا
وانـت كـيف معطـن العـد اللي يجوك يمشوا روايـا
( الصدر هو مقدم النعل وفي اصطلاح الليبيين هو نعل الرجلين الأماميتين للخيل ، والقفل هو نعل أرجلها الأربعة .. ومعطن العد هو البئر الذي له مادة جارية .. فيقول حبيب : لا نذمك بصنع الصدر وبالقفل نرجع راضيين ، وأنت مثل بئر غزيرة الماء يرتوي منها كل وارد .. فقد شبهه بالبئر الغزيرة الماء في الجود و العطاء .)
فأثار المدح النخوة في نفس الحداد ، ونعل له فرسه بدون ثمن ، واستأنف حبيب سفره حتى بلغ مدينة طرابلس ( و لا تذكر لنا الرواية أي حدث آخر أثناء هذه الرحلة الطويلة و المفازات الموحشة ) وهناك وكما تقول الرواية وصل الى قصر الحاكم ( السرايا الحمراء ) إلا انه لم يطلب أذنا بالمثول بين يديه بل لجأ إلى تناول قوت يومه من فضلات زبالة الحاكم التي كان يتم رميها كما تقول الرواية بالقرب من قصر الحاكم ( السرايا الحمراء ) لإثارة انتباه الحرس وصادف في تلك الأثناء خروج ابن الحاكم للعب فأثار هذا المنظر فضوله فأقترب من حبيب الذي بادر بأعطاء ابن حاكم البلاد ليرة ذهب عصملية ليدخل هذا الولد لامه و يريها الليرة وتقول الرواية ان هذه الحادثة قد تكررت عدة مرات لدرجة ابتهجت فيها ام ابن حاكم البلاد فأسترقت النظر من أحدى شرفات السرايا لتستطلع أمر هذا الغريب فوجدت عليه ثياب فاخرة فأدركت ان وراء هذا الغريب امر ما فأخبرت زوجها بالحادثة فما كان من أمر هذا الحاكم إلا أن اصدر أوامره بمثول هذا الشخص بين يديه ليعرف منه ما هي قصته و حضر حبيب أمام حاكمها و كان اسمه ” محمود ” كما تقول الرواية ، وشرح له ما جرى له ولقومه وانشده بيتين من الشعر هما
فأثار المدح النخوة في نفس الحداد ، ونعل له فرسه بدون ثمن ، واستأنف حبيب سفره حتى بلغ مدينة طرابلس ( و لا تذكر لنا الرواية أي حدث آخر أثناء هذه الرحلة الطويلة و المفازات الموحشة ) وهناك وكما تقول الرواية وصل الى قصر الحاكم ( السرايا الحمراء ) إلا انه لم يطلب أذنا بالمثول بين يديه بل لجأ إلى تناول قوت يومه من فضلات زبالة الحاكم التي كان يتم رميها كما تقول الرواية بالقرب من قصر الحاكم ( السرايا الحمراء ) لإثارة انتباه الحرس وصادف في تلك الأثناء خروج ابن الحاكم للعب فأثار هذا المنظر فضوله فأقترب من حبيب الذي بادر بأعطاء ابن حاكم البلاد ليرة ذهب عصملية ليدخل هذا الولد لامه و يريها الليرة وتقول الرواية ان هذه الحادثة قد تكررت عدة مرات لدرجة ابتهجت فيها ام ابن حاكم البلاد فأسترقت النظر من أحدى شرفات السرايا لتستطلع أمر هذا الغريب فوجدت عليه ثياب فاخرة فأدركت ان وراء هذا الغريب امر ما فأخبرت زوجها بالحادثة فما كان من أمر هذا الحاكم إلا أن اصدر أوامره بمثول هذا الشخص بين يديه ليعرف منه ما هي قصته و حضر حبيب أمام حاكمها و كان اسمه ” محمود ” كما تقول الرواية ، وشرح له ما جرى له ولقومه وانشده بيتين من الشعر هما
نـا بـوي يـا بي “محمود” مقتول ظلم ما له جنايـة
ميــر وطن لكم محسـود دلــوه نـاساً رعــايا
ميــر وطن لكم محسـود دلــوه نـاساً رعــايا
( يقول أن أبي يا “محمود بي” قتل ظلما من غير ذنب جناه ، أنه أمير في وطنه وبين قومه ولكنه كان محسوداً تواطأ على قتله أناس رعاع . و من الثابت تاريخيا ان طرابلس عبر كل تاريخها في العهد العثماني الأول و العهد القرمنللي و العهد العثماني الثاني بأنها بشوية و ليست بكوية أي أن حاكمها باشا و ليس بيك والفرق في الرتب تماما كالفرق بين الملازم و العميد هذا مثلا كما أن الطامة الكبرى إن طرابلس عبر تاريخ حكامها في العهد العثماني الأول و المفترض ان هذه الأحداث قد وقعت فيه لم يحكمها شخص باسم ” البي محمود أو احد بمرادفات هذا الاسم”فيما عدا بعض الدايات في نهاية العهد العثماني الأول جلّهم لم يعمروا في الحكم طويلا فيا ترى من محمود هذا ؟ الذي ناشده واستعطفه حبيب؟ و من اين جاء ؟ إلا إذا كان المقصود هو محمود باي الكيخيا بن خلف الكرملي آمر السجن آنذاك و هو لا يملك قصرا و لا يملك اخراج التجاريد ثم سيجرنا هذا للسؤال كيف وصل إليه في السجن و لماذا لم تذكر الرواية ذلك ؟؟!!)
و تستمر الرواية في سرد أحداثها قائلة أن حاكم طرابلس قد رق له ووعده بنصرته وأهدى له ” خاتم المشيخة ” وهي من التقاليد التي كان يتبعها الحكام والولاة في تعيين شيخ لقبيلة أو رئيس أو زعيم استماله لجانبه ومصانعة لقومه وعشيرته أو يمنحوه برنساً من الجوخ “كاط الملف ” يسمى ” برنوس الشوخة ” أو يعطونه ختماً يسمى ” طابع الشوخة ” ، ومن الأهازيج الشعبية التي كان يرددها ويتغنى بها الناس في تمجيد قبائلهم و عشائرهم :
والشوخة والطابع لنا .. ساس عقرّ نحنا مازلنا
( ومعناه السيادة لنا واطبعها ونحن لا زلنا ركناً متيناً ).
وخيّر ( محمود بي حسب الرواية) حبيباً أن تكون النجدة بحرية أو برية فاختار حبيب الثانية و خيره في تعداد فرسان التجريدة فأختار الاكتفاء بانقسام جذع النخلة نتيجة مرور سنابك الخيل الحاملة للفرسان عليها وهذا ما كان ( لاحظ لما تحتاجه للوصول إلى هذه النتيجة من عدد مهول من مرور لسنابك الخيل ) وتستمر الروايا بأنه قد جهز له حاكم طرابلس جيشاً كبيراً معظم رجاله من أبناء تاجوراء و مصراته و زليتن (دون ذكر للعدد الذي بلغه أفراد هذه التجريدة والغريب في الأمر إن الرواية كانت قد قالت إن عبدالمولى الابح قتلوه الأتراك بوشاية النعيعيس، فكيف يساعدوا الأتراك ” حبيبا ” وجميعهم خاضع لسلطة “الآساتانا” وهم من أرادوا القتل وتشتيت آل عبدالمولى؟ ثم انظروا الى قصة خروج ابن حاكم البلاد دون إية حماية متجاوزا أسوار السرايا الحمراء بحراسها و جنودها ليصل إلى خارج البوابة حيث الثورات و الاغتيالات و الرعاع ليمنحه حبيب ليرة ذهب عصملية ليدخل بها هذا الطفل مهرولا لامه الـ” لـله” زوجة حاكم البلاد و جابي خيراتها وقابض مكوسها و أعشارها و أخماسها لتزغرد فرحا بليرة الذهب ليسمعها الباشا في سدة الحكم فيحضر مستبشرا تاركا الوزراء والقناصل ليبتهج هو الآخر بتلك الليرات المعدودات فتثير اهتمامه أو طمعه ليبعث من فوره حجابه ليدخلوا ذالك الغريب صاحب تلك الليرات و بعد سماعه للقصة و قبضه لما تبقى من تلك الليرات المعدودات برقبة النعامة المزعومة يرسل جيشا عرمرما يسير براً وبحراً و يردفه بما يتبعه من أهالي على شكل حملة “تجريدة” متجها من غرب البلاد إلى شرقها بما يكلف خزائن الدولة ألاف آلاف الليرات أضعاف ما تحصل عليه من طالب التجريدة لا لشيء ألا من أجل النجدة و الأخذ بثأر رجل واحد ليس من رعاياه فيُدخل الدولة في صراع مع قبيلة كبيرة لها ثقلها في المنطقة و هي قضية ليس لها أي علاقة بكيان الدولة والتي ليس لها أي سيطرة و لو أسمية على المنطقة (درنة) آنذاك والبعيدة عن قوة قرار الباشوية أو البكوية كما تقول الرواية في قلعة طرابلس أو السراية الحمراء لهو أمرٌ مستغرب إن لم يكن مستبعدا جملةً و تفصيلا ).
تستمر الرواية في سرد أحداثها بأنه قد نهض الجيش وفي مقدمته ” حبيب ” متجهاً نحو الشق الشرقي يطوي المسافات ويجتاز الصحراء ،و لما أصبح على مسافة غير بعيدة من المكان المقصود بادر ” حبيب ” وسبق الجيش إلى مضارب ” أولاد علي ” بالجبل الأخضر وتسلل متنكراً في زي سائل مغربي يستجدي الإحسان ويطوف البيوت حتى وصل إلى بيت الشيخ ” يونس القرّي ” صديق والده وتعارف الاثنان الا انهما تظاهرا بعدم معرفتهم لبعضيهما ، وبالغ حبيب في إخفاء شخصه خوفاً على الشيخ يونس القرّي أن يلحقه أذى فطلب من الشيخ القري ان يلاعبه ” السيزا” و كان فرسان العلايا ينظرون ودار بين الاثنين حوار في أبيات من الشعر فيقول حبيب :
و تستمر الرواية في سرد أحداثها قائلة أن حاكم طرابلس قد رق له ووعده بنصرته وأهدى له ” خاتم المشيخة ” وهي من التقاليد التي كان يتبعها الحكام والولاة في تعيين شيخ لقبيلة أو رئيس أو زعيم استماله لجانبه ومصانعة لقومه وعشيرته أو يمنحوه برنساً من الجوخ “كاط الملف ” يسمى ” برنوس الشوخة ” أو يعطونه ختماً يسمى ” طابع الشوخة ” ، ومن الأهازيج الشعبية التي كان يرددها ويتغنى بها الناس في تمجيد قبائلهم و عشائرهم :
والشوخة والطابع لنا .. ساس عقرّ نحنا مازلنا
( ومعناه السيادة لنا واطبعها ونحن لا زلنا ركناً متيناً ).
وخيّر ( محمود بي حسب الرواية) حبيباً أن تكون النجدة بحرية أو برية فاختار حبيب الثانية و خيره في تعداد فرسان التجريدة فأختار الاكتفاء بانقسام جذع النخلة نتيجة مرور سنابك الخيل الحاملة للفرسان عليها وهذا ما كان ( لاحظ لما تحتاجه للوصول إلى هذه النتيجة من عدد مهول من مرور لسنابك الخيل ) وتستمر الروايا بأنه قد جهز له حاكم طرابلس جيشاً كبيراً معظم رجاله من أبناء تاجوراء و مصراته و زليتن (دون ذكر للعدد الذي بلغه أفراد هذه التجريدة والغريب في الأمر إن الرواية كانت قد قالت إن عبدالمولى الابح قتلوه الأتراك بوشاية النعيعيس، فكيف يساعدوا الأتراك ” حبيبا ” وجميعهم خاضع لسلطة “الآساتانا” وهم من أرادوا القتل وتشتيت آل عبدالمولى؟ ثم انظروا الى قصة خروج ابن حاكم البلاد دون إية حماية متجاوزا أسوار السرايا الحمراء بحراسها و جنودها ليصل إلى خارج البوابة حيث الثورات و الاغتيالات و الرعاع ليمنحه حبيب ليرة ذهب عصملية ليدخل بها هذا الطفل مهرولا لامه الـ” لـله” زوجة حاكم البلاد و جابي خيراتها وقابض مكوسها و أعشارها و أخماسها لتزغرد فرحا بليرة الذهب ليسمعها الباشا في سدة الحكم فيحضر مستبشرا تاركا الوزراء والقناصل ليبتهج هو الآخر بتلك الليرات المعدودات فتثير اهتمامه أو طمعه ليبعث من فوره حجابه ليدخلوا ذالك الغريب صاحب تلك الليرات و بعد سماعه للقصة و قبضه لما تبقى من تلك الليرات المعدودات برقبة النعامة المزعومة يرسل جيشا عرمرما يسير براً وبحراً و يردفه بما يتبعه من أهالي على شكل حملة “تجريدة” متجها من غرب البلاد إلى شرقها بما يكلف خزائن الدولة ألاف آلاف الليرات أضعاف ما تحصل عليه من طالب التجريدة لا لشيء ألا من أجل النجدة و الأخذ بثأر رجل واحد ليس من رعاياه فيُدخل الدولة في صراع مع قبيلة كبيرة لها ثقلها في المنطقة و هي قضية ليس لها أي علاقة بكيان الدولة والتي ليس لها أي سيطرة و لو أسمية على المنطقة (درنة) آنذاك والبعيدة عن قوة قرار الباشوية أو البكوية كما تقول الرواية في قلعة طرابلس أو السراية الحمراء لهو أمرٌ مستغرب إن لم يكن مستبعدا جملةً و تفصيلا ).
تستمر الرواية في سرد أحداثها بأنه قد نهض الجيش وفي مقدمته ” حبيب ” متجهاً نحو الشق الشرقي يطوي المسافات ويجتاز الصحراء ،و لما أصبح على مسافة غير بعيدة من المكان المقصود بادر ” حبيب ” وسبق الجيش إلى مضارب ” أولاد علي ” بالجبل الأخضر وتسلل متنكراً في زي سائل مغربي يستجدي الإحسان ويطوف البيوت حتى وصل إلى بيت الشيخ ” يونس القرّي ” صديق والده وتعارف الاثنان الا انهما تظاهرا بعدم معرفتهم لبعضيهما ، وبالغ حبيب في إخفاء شخصه خوفاً على الشيخ يونس القرّي أن يلحقه أذى فطلب من الشيخ القري ان يلاعبه ” السيزا” و كان فرسان العلايا ينظرون ودار بين الاثنين حوار في أبيات من الشعر فيقول حبيب :
ظنك إن جت جــورميّة غيـر بالمتع و الشـرابي
و هي سلافاتها عشرميّة من غير طارشات النقابي
إن جـت للشبيـكة عشية ظنك إتضاوي الغــرابي
وهذا الحديث مذكور في ” السبك الحديث في تاريخ برقة القديم ” تأليف الشيخ السنوسي محمد الغزالي وقد دارت بينهما هذه المحاورة الشعرية بالالغاز فيما يتطلبه من الاحتياط ورسم الخطة السليمة لتنفيذ الهجوم..حيث قال انه قد جاء و معه” جورمية” تجريده بالتركي محملة بالعتاد و الامتعة تعدادها “عشرمية” أي الف فارس و يستشيره لو لو أبقاها في عشية ذلك اليوم بمنطقة “الشبيكة” قبل الهجوم على اولاد علي بمنطقة “الغرابي”) الا ان القري لم يستحسن هذا الرأي و اشار قائلا :و هي سلافاتها عشرميّة من غير طارشات النقابي
إن جـت للشبيـكة عشية ظنك إتضاوي الغــرابي
ريت الثلم ويـن ما هَدم هو مقحزه ، هو امباته
و جا للمخيـلي و رسم و جن يلعبن رايـداته
في الليل وقت الفجر علم في نوم العدو هاجماته
في هذه الابيات حدد الشيخ القري الوقت والمكان المناسبين لهجوم الجيش القادم بحيث اشار بأن يترك الفرسان طريق “الشبيكة” الوعرة و يتجهوا نحو منطقة “الثلم” فيبيتوا ليلتهم فيها ثم يسلكوا طريق منطقة “المخيلي” السهلة ليغيروا فجراً على نواجع العلايا ) فأستصوب حبيب رأي الشيخ القري و قال له:و جا للمخيـلي و رسم و جن يلعبن رايـداته
في الليل وقت الفجر علم في نوم العدو هاجماته
يــا شيخ ما كنت ذهّاب و لا فيك شي من اللياشة
خذهـا على زينة الـداب و خلّلي النسا ع الدباشة
را إيـقابلك ديـر و اركاب و حـلابة في هشـاشة
خَلّلي حشوها فيه إذهـاب بعيد من كشيش الحناشة
وهنا نصح حبيب الشيخ القري بالرحيل هو واهل داره و ممتلاكاته بعيدا عن انياب الحرب القادمة بعدما وضعت خطتها.. ،و كأن هذا الجيش العرمرم قد تحرك بلا إستراتيجية أو قيادة عسكرية ) وغادر ” الشيخ يونس القرّي ” مضارب ” أولاد علي ” بأهله وإبله و ذهبه قبل حلول موعد الهجوم وما أن حلت الليلة الموعودة ( دون أن تفسر لنا الرواية كيف تسني لرجل في مثل ثراء ،و وجاهة الشيخ يونس القري و ما يملكه من ابل و خيل ان يغادر دون اية ضجة و دون أن يسترعي الانتباه ) حتى كان جيش النجدة ” التجريدة ” على أهبة الغارة والهجوم ” فتذكر الرواية هنا ان شيوخ و رؤساء رجال النجدة من أبناء ” تاجوراء و مصراته و زليتن سألوا ” حبيب ” بعد ان يتم الهزيمة التامة لـ” أولاد علي ” وإجلائهم لهم عن هذه البقاع ماذا سيكون الجزاء فقال لهم حبيب :خذهـا على زينة الـداب و خلّلي النسا ع الدباشة
را إيـقابلك ديـر و اركاب و حـلابة في هشـاشة
خَلّلي حشوها فيه إذهـاب بعيد من كشيش الحناشة
إللي إيعيش معانا انهنّوه و يبات في حدود الغوايا
و اللي يموت مال انفادوه و الله غفّــار السوايـا
و تمضي الرواية بأنه قد فتحت لفرسان التجريدة بوابة السور فلم يشعر القوم إلا بسنابك الخيل تقتحم منتجعاتهم قبل طلوع الفجر وعجزوا عن المقاومة ولم يجدوا وسيلة إلا الفرار ( و هذا خلط واضح فدرنة آنذاك بلدة ببيوتها و مساكنها من الحجارة ،و الطوب و ليست بيوت من الخيام ) وتوسطت خيول الجيش المهاجم جموع ” أولاد علي ” تقتل وتأسر من انسد في وجوههم طريق الخلاص وتلاحق الفارين وبذلك تم إجلاء قبائل ” أولاد علي ” عن جميع ما استولوا عليه من ارض وديار وتقهقروا إلى ما وراء العقبة الكبرى ” حجاج السلوم ” غير شراذم قليلة اعتصمت ببعض الجهات القصية .و اللي يموت مال انفادوه و الله غفّــار السوايـا
لم يبق أمام حبيب بعد هذه الهزيمة الساحقة التي لحقت بأعدائه إلا أمنية واحدة هي العثور على ” النعيعيس ” حياً أو ميتاً و ذهب هو و قومه يبحثون عنه فعثروا في طريقهم على أمرأةِ عجوز من العلايا سقطت من على ناقتها و قد انكفأ عليها الكرمود “الهودج” فأستصرختهم لمساعدتها فتم لها ذلك بعد ان اصلحوا لها شأن هودجها و تثبيته على الناقة و هم بالانصراف الى مبتغاه فنادته متسائلة عن كنيته..من انت؟ ..و ذلك لترد له الجميل عندما تصل قومها معتقدة انه احد فرسان العلايا فقال لها حبيب :
ن
ا اللي إنجيب التجـاريد و نا اللي اندل الصفافي
و نا اللي انخللي الكراميد فوق م الـعجايز مكافي
و نا اللي انخللي الكراميد فوق م الـعجايز مكافي
فعرفت من فورها انه حبيب فأهدته ركابا من الذهب جزاء معروفه بها و رحلت في حال سبيلها.. و تستمر الرواية قائلة انّه ولما لم يعثر حبيب على النعيعيس وعد من يأتيه به بأن يصبح شيخ قبائل ” العبيدات ” فكان الحائز على هذا الشرف هو ” غيث ” أخو ” حبيب ” الذي تمكن من قتل ” النعيعيس ” وحز رأسه وحمله في مخلاة فرسه وحين رمى به أمام أخيه ” حبيب ” قام هذا وعانقه وقدم إليه ” ختم المشيخة ” الذي جاء به من ” طرابلس ” وبذلك انحصرت المشيخة في ” غيث ” وذريته من بعده ، كما يقول رواة التجريدة .
أما رجال النجدة من أبناء ” تاجوراء و مصراته و زليتن ” فتذكر الرواية أن ” حبيب ” بعد هزيمة ” أولاد علي ” وإجلائهم لهم عن هذه البقاع منحهم مدينة “ درنة ” ثمنا لما قدموه من دم و أرواح لتكون لهم سكناً ومستقراً ، و اوفى ( حبيب ) بوعده وزاد الفرسان أراض مجاورة لموقع المدينة عيّنها لهم وعقد مجلساً ضم زعماء الجانبين وحرروا وثيقة على رق ” جلد الغزال ” وعينوا فيها الحدود والجهات التي تنتمي إليها ملكيتهم لهذه النواحي ( و لا ادري كيف يمنح حبيب الأرض و بأي سلطة فالرواية نفسها جعلت من هذه الأراضي ملكا للعلايا ( أولاد علي ) لا لسواهم و تنكرت لغيرهم لمن سكنوا ببلدة درنة قبل التجريدة ـ بالإضافة لم تعطي أي مكافأة أو دور أو حتى أي بعد سياسي للباشا المرسل لهذه التجريدة اللهم تلك الليرات المعدودات ـ ليخرج من هذا المولد بلا حمص … كما يقول المثل !!! ـ و أيضا لم توضح من قريب أو من بعيد بالتصريح أو بالتلميح ما هو مصير حاكم درنة الذي أمر بقطع رأس الشيخ عبدالمولى) .
و يمضي من هم معتقدين بحقيقة هذه الرواية في القول بأنه قد استوطن أبناء ” تاجوراء و مصراته و زليتن ” مدينة “ درنة ” واستقدموا إليها أسرهم وعائلاتهم واستقروا بجانب إخوانهم من ” العائلات الأندلسية ” وغيرهم ممن سبقهم على الاستقرار بهذه المدينة وبذلك ازداد عدد سكان مدينة درنة وازداد عمرانها كما كثرت حدائق فواكهها واتسعت مساحات حقولها حتى إن بعض القادمين الجدد قد اتخذوا ” السواني ” المسماة عندا ” بئر الجبّاد ” لري الأراضي التي استصلحوها وهي وسائل إلي المعروفة عندهم والتي لا تزال باقية نراها في كثير من حقول الزراعة في الشق الغربي .
أما الروايات الأقل شيوعا وهي واردة في وثيقة لآل الطير سترد فيما بعد نسخة منها فتقول إن طرفاها “أولاد الطير وأولاد القري و أولاد بخاطره وأولاد حداد وأولاد الخليل” مجتمعين كطرف و “اولاد علي و الجوازي” مجتمعين كطرف ثانٍ ،و تاريخ وقوعها 1197 هـ ،
و تقول هذه الرواية حرفيا (انه قد خاب “حبيب الله” في تجريدة مع “أحمد باشا “مع “أولاد علي” و “الجوازي” ضد “حبيب الطير” مع عصبته من “أولاد القري و أولاد بخاطره وأولاد حداد وأولاد الخليل” . مما جعل من “يوسف باشا” يمد “الطيور” وعصبتهم بالمؤن والخيل علي خوفة “حبيب الله” علي برقة , وسيدي” يونس القري” عزم علي دفع ربع ماله ذهب و رقبة نعامة إلي عمه” حبيب الطيري” والرجال الذي جمعها “حبيب” من “شرق تاجوراء” إلي “وادي الضم” , يوم مشهود في “برقة” تجريدة “حبيب” وفزعت “فزان” من “أولاد جبر وأولاد عمران الفطيمي وأولاد عبدا لرحمن أبوهيمة” جلايب جلايب من “فزان” و”غرب برقة” فزعوا مع “حبيب” ضد “أحمد باشا” و”أولاد علي” و “الجوازي” فروا إلي “مصر” . بعد يوم مقتل “حبيب الله النعيسي” علي يد سيدي” صالح القري” في “الوادي” .و”أحمد باشا” أنظم إلي ناس العجم من البحر وناس “حرم الصحابة” أنفجعوا من عجم البحر والناس ازدادت طمع في نيل الشهادة , والخيانة ازدادت بين العربان ناس مع “أحمد باشا” ومن مولهم و ناس “غرب الصحابة” مع “القري ” و “حبيب الطيري” , والبارود يزد تاو “صفران الشمس” وتاو” الفجر” ويعلم الله العليم أزداد “حبيب” رجال من “المراغنة” يوم مقتل “حبيب الله” و”النعيسي” خافة جماعة “أولاد علي” و “الجوازي” وفروا وضعف “أحمد باشا” ويومها لا عاد فرق بين شيخ هرم ومرآة حامل وصبي صغير وصبية . وشاع خبر بين الأوطان “أحمد باشا” لابد من قتله. وناس “فزان” مدوا الماله والرجال وجمعوا العبيد من جلاوي تجر هي والقطرون لزيادة المقاتلين مع القري و حبيب الطيري . والحاج بوهيمة وجبر جمعوا الموالي والأتباع ورحلوا إلي برقة , لنكاح النسوة الحرائر بعقد نكاح علي سنة الله ورسوله خوف من فكرة أحمد باشا وكرغام التركي من الفاحشة المبينة العجم مع حرائر الطيور وعصبتهم
مما أثار غضبة “يوسف باشا” يوم سمع بحصره “أحمد باشا” في وسط “الوادي” , جهز حملة من “طرابلس” إلي “فزان” بقيادة “أحمد المكني” لذبح “أولاد أمحمد” وقطع نسلهم وتوجهت الحملة إلي “فزان” وسمع الخبر “جبر” و “أبوهيمة” ضرورة رد الحملة عن فزان في “وادي الرحف البحري” . بتاريخ شهر الله محرم عام سبعة وتسعون وماية والألف . ونال الشهادة ,, سيدي : عبدالقادر بن الواعر الطيري وإبراهيم بن محمد الفزاني و عمر بن عبدالرحمن الطير ويونس القري وأحمد بن فوار الدم الطيري وسلمان بخاطرة الطيري وعمر بن الخليل وحمد المرغني وعبدالجواد بن عطية وسعد بن عمر الطير وعلي بن إبراهيم بن الخليل وحمد بن مياس وعمر الفطيمي ومحمد بن حداد بن محيقن الطيري وحمد الشهير بوجازية اليعقوبي الطيري ويعقوب بن يونس الطيري .
وفر أحمد باشا ومن تبعه من أولاد علي و الجوازي إلي مصر ومن بقي من أولاد الطيور وعصبتهم رجعوا إلي فزان.
و أما الرواية الثالثة و الواردة في العديد من المراجع و الوثائق التاريخية ،و منها ما أوردهُ المؤرخ/ محمد مصطفى بازامة في كتابه “بنغازي متصرفيلك ” ان جل ما قد ذكروه تجريدة باسم مغاير تماما أنها تجريده الفضل بللو الأندلسي ومعيته (و تجريدة “الفضل بللو الأندلسي” ضد إخوته الأندلسيين والتي استعان فيها بباشا اطرابلس عثمان باشا الساقزلي و الذي امتدت ولايته لمدة 25 سنة (1649-1672) وخلفه عثمان رايس داي … وهي أطول فترة لوالي عثماني في العهد العثماني الأول والتي تمتد من 1551 وحتى 1711 ” وقد قام بها عثمان باشا الساقزلي بعد ما وجد فيها الفرصة السانحة لضم اقليم برقة الذي كان يعد تابعا لمصر آنذاك “العامل الخامس لمصر كما ذكر ذلك المؤرخ/ محمد دروزة في كتابه “عروبة مصر”الى باشوية طرابلس وكانت اول معارك هذه التجريدة في بنغازي ثم اتجهت لاوجلة عاصمة برقة آنذاك ،و هذا سبب توزع الآواجلة في كل المدن البرقاوية الساحلية ان صح القول بعد ذلك اتجهت التجريدة الى درنة ) أما “شارل فيرو” في كتابه (الحوليات الليبية) ترجمة “عبد الكريم الوافي” فيوردها بشكل مطابق لما سبق مع اختلاف في بعض التفاصيل فيحدثنا: (عن صراع داخلي على السلطة بين فريقين أندلسيين يمثلان مجتمعها الأندلسي وهما (تغرين أو تغارين) و (بلو أو بللو) الفريق الأول (تغارين) يتزعم قيادته ” موسى التغراني” الغرناطي الاندلسي و الذي سبق و كان قائد لتلك الجماعة الغرناطية الأصل القادمة من تونس التي استقرت في البداية قرب شحات (قرنادة – غرناطة) ثم تحولت إلى درنة بعد سنوات قليلة … وقد خلف موسى هذا في تزعم الجماعة ابنه ”حسن التغراني” حيث نظمت هذه الجماعة الاندلسية نفسها وكونت ما يشبه الدولة المصغرة وجهزت جيشاً صغيراً استطاع “حسن التغراني” أن يجتاح من خلاله المنطقة ويسيطر على الجبل الأخضر حتى مشارف مدينة بنغازي . فتألق نجمه وارتفعت قيمته وتقديره.
أما الفريق الثاني ( و الذي نعتقد انه مجريطي الاصل و يستدل على ان اصوله “المجريطية” من الرواية الشعبية التي تقول انه حالما تم الانتهاء من بناء منازل بلدة درنة احتفلت امرأة “مجريطية” موسرة بذالك اليوم بأن اقامت يوما للذكر و الحضاري شكرا لله .. واصبح هذا الاحتفال سنة مُتبعة الى يومنا هذا يعرف بيوم “المقريطة” .. مما يُستدل على ان أول مجموعة اندلسية قطنت درنة كانت مجريطية دون ريب) فيتزعمه “أبو الفضل أو الفاضل الأندلسي” و الذي يقود الجماعة المجريطية ” مدريد ” الأصل والتي سبقت غيرها وكانت أول من استوطن الموقع في حدود سنة (1040 هـ – 1630 م) فيما رواه العياشي .. الذي أثاره الحسد ضد منافسه حيث كان يرى في نفسه و في جماعته أحقية الحكم في البلاد “درنة” بسلطة أولوية التواجد ” و ربما بقايا الحزازات الاندلسية آبان عصر الدويلات و الصراعات الاندلسية اندلسية كان محرك خفي وراء ذلك الخلاف و الاختلاف تجسد بعد العديد من السنوات و مسرحه مكان آخر بعيد عن الاندلس هو بلدة درنة – ويشير فيرو إلى أن الرئاسة كانت في المدينة للتغارين أو التاغرين في تلك الآونة من التاريخ و يستمر يحدثنا المؤرخ الفرنسي في حولياته عن زعيم الفريق الثاني الأندلسي “ابن الفاضل” وعما أدى به إلى طرابلس ومساعيه بها حتى تمكن من مقابلة عثمان باشا الساقزلي وابن الفاضل صديقاً حميماً “لمحمود خلف كيخيا” آمر السجون في دولة عثمان باشا الساقزلي باشا طرابلس. الذي قدم ابن الفاضل إلى الباشا فبسط شكواه وكان عثمان داي قد طفح به الكيل و الحنق ضد أهالي درنة الكثيرة الشغب، فعزم على تصفية حسابه معهم . فتم تعيين ابن الفاضل الأندلسي هو وصديقه محمود “باي” خلف الكرملي “كيخيا” على رأس خمسمائة فارس وأعطى أوامره لـ “سيد روحه” كبير مشائخ سرت بمساندتهم بقواته حيث بدأت باستعادة منطقة (الحشه) ومنطقة سرت فبرقة البيضاء ثم بنغازي. و استعادتها في آخر إبريل سنة 1656م. ومنها واصل مسيرته إلى درنة (لاحظ دخول الحملة إلى درنة في 29 أغسطس 1656). وهذا يعني أنها حملة عامة بدأت من سرت وحتى درنة وقد قاد (سيد روحه) مع الحملة جماعته (السوالم) الذين عرفوا (بالطواهر) حيث سار هذا الجيش براً ترافقه عدة مراكب عن طريق البحر تحمل المؤن والذخيرة والعتاد والضباط الكراغلة و نزل بميناء الحمامة شمال (سيدي رافع) “البيضاء حاليا” ويرشدها أحد الأدلاء من المنطقة حتى أعال الجبل غرب درنة والتحمت بالحملة البرية بتنظيم الصفوف قبل النزول إلى درنة. ،و يستمر في السرد “شارل فيرو” في حولياته واصفا استيلاء الأتراك العثمانيون على درنة فيقول: ( ….. واصل (و يعني) “محمود خلف كيخيا” مسيرته نحو درنة وساند الأهالي البدو القاطنين في ضواحي درنة (قوة الأتراك) أما أنهم رغبوا في تحالفهم أو ربما الأتراك أنفسهم قد دفعوهم في الخفاء إلى الخيانة والغدر وأوحوا إليهم بالانخراط في صفوف التغرانين ثم هجموا عليهم بغتة وقتلوا منهم أكثر من خمسمائة رجل قبل أن يتمكن هؤلاء في الدفاع عن أنفسهم وهكذا فإن محمود خلف لم يلق أية مقاومة وتمكن ومن معه من دخول درنة يوم 14 أغسطس 1656م… ،و تواصل (الرواية التاريخية لـ”شارل فيرو”) إلى أن محمود بك ما أن تمكن من درنة حتى بادر بإلقاء القبض على “حسن بك التغراني” حاكمها الأندلسي السابق وأعدمه شنقاً وسلم الحكم في المدينة إلى “ابن فاضل بللو” – زعيم الفريق الآخر من الأندلسيين بحكمها باسم طرابلس والعثمانيين.
و هذا و مما لا شك فيه إن تجريدة حبيب من أبرز القصص والحوادث التي يحفل بها تراثنا الشعبي فلقد تواترت أخبارها وتناقلت وقائعها السنة الرواة خلفاً عن سلف إذ هي تسجل وقائع صراع مرير استمر سنين طوال بين طرفين كبيرين أسفرت عن هزيمة احدهما وجلائه إلى أقصى حدود ليبيا الشرقية ، بعد أن بسطت نفوذها على جزء كبير من إقليم برقة الشرقي ، وسيطرت عليه فترة غير قصيرة من الزمن .
و الدارس في لتراثنا الشعبي لرواية التجريدة الشعبية يجد فيها مادة خصبة تسترعي نظره وتغريه بمواصلة البحث والاستقصاء ، وسيلاحظ أن تجريدة حبيب في موضوعها وعناصرها تستمد أكثر حوادثها بشكل واقعي بشكل أو آخر حيث لا يوجود إغراق في الخيالات المجنحة ،كما حلق بها القصاصون في قصص ( أبي زيد الهلالي و الزناتي خليفة ) وان كان قد اعتراها الكثير من عناصر المبالغة وشيء من الخلط والتشويش واستدعاء أحداثها لكثير من القصص التاريخية و حتى الاسطورية المتداولة في المنطقة. ويبدو أن التجريدة لها خلفياتها الواقعية وتاريخها ومواقعها إلا أن تلك الخلفيات اختلف معها و عنها و فيها الكثير من المؤرخين هل تجريدة حبيب وقائع تحكي جهاد الليبيين ضد جحافل الترك العثمانيون أو القرمنلليون موثقة بأبيات شعر طويلة تروي أحداث تلك القصة ، أو هي أسطورة ليبية شعبية ليس إلا ( حيث لا توجد وثيقة واحدة الى الآن رغم وجود كم هائل من الوثائق سابق و آنف لتاريخها تؤكد حدوث تجريدة حبيب عبدالمولى .. على العكس من تجريدة الحبيب الطيري ) ، كما اختلف الرواية الشعبية حول بطلها حيث قد أضيفت ” التجريدة ” إلى ” حبيب ” كإسم بطل لهذه القصة والذي كان المنقذ لقومه وعشيرته من حياة القهر والهوان وعيش المذلة والصغار.. ففي الوقت الذي يعتقد فيه البعض ان بطلها هو “حبيب عبدالمولى” يقول البعض الآخر ان بطلها هو “حبيب الطيري” و كلا الروايتين تجعل من “يونس القري” هو من مد يد العون و ساعد بالذهب برقبة نعامة حسب الرواية الشعبية الأولى و بربع ماله ذهب برقبة نعامة حسب الرواية الثانية على تجهيز هذه التجريدة رغم الفارق الزمني الواضح بين التجريدتين فالاولى بتاريخ سنة 1133هـ و الثانية بتاريخ 1197 هـ و ايضا تجعل من “النعيعيس” أو “النعيسي” هو قائد الطرف المقابل .
و بالرجوع إلى وقائعها في روايتها الشعبية الغالبة نجد المتناقضات! كل هذه المعطيات تجرنا لمراجعة هذه الواقعة دون أن نثبتها كحقيقة تاريخية غير قابلة للنقاش أو النقد ،و في نفس الوقت لا تقودنا كل هذه المغالطات و المبالغات و التشويش الذي يعتريها إلى رفض وجودها بالمطلق ونقول مجرد خرافة، فلا ينبغي لنا أن نقلل من شأنها و استبعاد أهميتها و إزاحتها من سرد الأحداث أو إغفالها لأنها في نهاية المطاف هي مصدر من مصادر التاريخ وتراث المجتمع . غير أن الاعتماد عليها كليةً أمر لا يتقبله المنهج العلمي و المنطق التاريخي الذي يستوجب التمحيص في الأحداث و مراجعتها حسب الاشتراطات البحثية. خصوصا في عدم وجود ما يدعم أحداث الرواية الشعبية وثائقياً و اثنوجرافياً. لكن المنطق التاريخي يقول ويقبل بحدوث ما يعرف بالهجرة الجماعية أو الحراك الاجتماعي لهذه الجماعات لأنه في المقابل هنالك تواجد قبائل الغرب الليبي في درنة فما سبب وجود تلك القبائل؟ ولكن أيضا توجد هذه القبائل عينها في بنغازي، مما يدل هذا انه هناك ثمة حلقة مفقودة؟ و أيضا لا ننسى تشابه بعض إحداثها مع أحداث حدثت في أماكن أخرى على سب
أما رجال النجدة من أبناء ” تاجوراء و مصراته و زليتن ” فتذكر الرواية أن ” حبيب ” بعد هزيمة ” أولاد علي ” وإجلائهم لهم عن هذه البقاع منحهم مدينة “ درنة ” ثمنا لما قدموه من دم و أرواح لتكون لهم سكناً ومستقراً ، و اوفى ( حبيب ) بوعده وزاد الفرسان أراض مجاورة لموقع المدينة عيّنها لهم وعقد مجلساً ضم زعماء الجانبين وحرروا وثيقة على رق ” جلد الغزال ” وعينوا فيها الحدود والجهات التي تنتمي إليها ملكيتهم لهذه النواحي ( و لا ادري كيف يمنح حبيب الأرض و بأي سلطة فالرواية نفسها جعلت من هذه الأراضي ملكا للعلايا ( أولاد علي ) لا لسواهم و تنكرت لغيرهم لمن سكنوا ببلدة درنة قبل التجريدة ـ بالإضافة لم تعطي أي مكافأة أو دور أو حتى أي بعد سياسي للباشا المرسل لهذه التجريدة اللهم تلك الليرات المعدودات ـ ليخرج من هذا المولد بلا حمص … كما يقول المثل !!! ـ و أيضا لم توضح من قريب أو من بعيد بالتصريح أو بالتلميح ما هو مصير حاكم درنة الذي أمر بقطع رأس الشيخ عبدالمولى) .
و يمضي من هم معتقدين بحقيقة هذه الرواية في القول بأنه قد استوطن أبناء ” تاجوراء و مصراته و زليتن ” مدينة “ درنة ” واستقدموا إليها أسرهم وعائلاتهم واستقروا بجانب إخوانهم من ” العائلات الأندلسية ” وغيرهم ممن سبقهم على الاستقرار بهذه المدينة وبذلك ازداد عدد سكان مدينة درنة وازداد عمرانها كما كثرت حدائق فواكهها واتسعت مساحات حقولها حتى إن بعض القادمين الجدد قد اتخذوا ” السواني ” المسماة عندا ” بئر الجبّاد ” لري الأراضي التي استصلحوها وهي وسائل إلي المعروفة عندهم والتي لا تزال باقية نراها في كثير من حقول الزراعة في الشق الغربي .
أما الروايات الأقل شيوعا وهي واردة في وثيقة لآل الطير سترد فيما بعد نسخة منها فتقول إن طرفاها “أولاد الطير وأولاد القري و أولاد بخاطره وأولاد حداد وأولاد الخليل” مجتمعين كطرف و “اولاد علي و الجوازي” مجتمعين كطرف ثانٍ ،و تاريخ وقوعها 1197 هـ ،
و تقول هذه الرواية حرفيا (انه قد خاب “حبيب الله” في تجريدة مع “أحمد باشا “مع “أولاد علي” و “الجوازي” ضد “حبيب الطير” مع عصبته من “أولاد القري و أولاد بخاطره وأولاد حداد وأولاد الخليل” . مما جعل من “يوسف باشا” يمد “الطيور” وعصبتهم بالمؤن والخيل علي خوفة “حبيب الله” علي برقة , وسيدي” يونس القري” عزم علي دفع ربع ماله ذهب و رقبة نعامة إلي عمه” حبيب الطيري” والرجال الذي جمعها “حبيب” من “شرق تاجوراء” إلي “وادي الضم” , يوم مشهود في “برقة” تجريدة “حبيب” وفزعت “فزان” من “أولاد جبر وأولاد عمران الفطيمي وأولاد عبدا لرحمن أبوهيمة” جلايب جلايب من “فزان” و”غرب برقة” فزعوا مع “حبيب” ضد “أحمد باشا” و”أولاد علي” و “الجوازي” فروا إلي “مصر” . بعد يوم مقتل “حبيب الله النعيسي” علي يد سيدي” صالح القري” في “الوادي” .و”أحمد باشا” أنظم إلي ناس العجم من البحر وناس “حرم الصحابة” أنفجعوا من عجم البحر والناس ازدادت طمع في نيل الشهادة , والخيانة ازدادت بين العربان ناس مع “أحمد باشا” ومن مولهم و ناس “غرب الصحابة” مع “القري ” و “حبيب الطيري” , والبارود يزد تاو “صفران الشمس” وتاو” الفجر” ويعلم الله العليم أزداد “حبيب” رجال من “المراغنة” يوم مقتل “حبيب الله” و”النعيسي” خافة جماعة “أولاد علي” و “الجوازي” وفروا وضعف “أحمد باشا” ويومها لا عاد فرق بين شيخ هرم ومرآة حامل وصبي صغير وصبية . وشاع خبر بين الأوطان “أحمد باشا” لابد من قتله. وناس “فزان” مدوا الماله والرجال وجمعوا العبيد من جلاوي تجر هي والقطرون لزيادة المقاتلين مع القري و حبيب الطيري . والحاج بوهيمة وجبر جمعوا الموالي والأتباع ورحلوا إلي برقة , لنكاح النسوة الحرائر بعقد نكاح علي سنة الله ورسوله خوف من فكرة أحمد باشا وكرغام التركي من الفاحشة المبينة العجم مع حرائر الطيور وعصبتهم
مما أثار غضبة “يوسف باشا” يوم سمع بحصره “أحمد باشا” في وسط “الوادي” , جهز حملة من “طرابلس” إلي “فزان” بقيادة “أحمد المكني” لذبح “أولاد أمحمد” وقطع نسلهم وتوجهت الحملة إلي “فزان” وسمع الخبر “جبر” و “أبوهيمة” ضرورة رد الحملة عن فزان في “وادي الرحف البحري” . بتاريخ شهر الله محرم عام سبعة وتسعون وماية والألف . ونال الشهادة ,, سيدي : عبدالقادر بن الواعر الطيري وإبراهيم بن محمد الفزاني و عمر بن عبدالرحمن الطير ويونس القري وأحمد بن فوار الدم الطيري وسلمان بخاطرة الطيري وعمر بن الخليل وحمد المرغني وعبدالجواد بن عطية وسعد بن عمر الطير وعلي بن إبراهيم بن الخليل وحمد بن مياس وعمر الفطيمي ومحمد بن حداد بن محيقن الطيري وحمد الشهير بوجازية اليعقوبي الطيري ويعقوب بن يونس الطيري .
وفر أحمد باشا ومن تبعه من أولاد علي و الجوازي إلي مصر ومن بقي من أولاد الطيور وعصبتهم رجعوا إلي فزان.
و أما الرواية الثالثة و الواردة في العديد من المراجع و الوثائق التاريخية ،و منها ما أوردهُ المؤرخ/ محمد مصطفى بازامة في كتابه “بنغازي متصرفيلك ” ان جل ما قد ذكروه تجريدة باسم مغاير تماما أنها تجريده الفضل بللو الأندلسي ومعيته (و تجريدة “الفضل بللو الأندلسي” ضد إخوته الأندلسيين والتي استعان فيها بباشا اطرابلس عثمان باشا الساقزلي و الذي امتدت ولايته لمدة 25 سنة (1649-1672) وخلفه عثمان رايس داي … وهي أطول فترة لوالي عثماني في العهد العثماني الأول والتي تمتد من 1551 وحتى 1711 ” وقد قام بها عثمان باشا الساقزلي بعد ما وجد فيها الفرصة السانحة لضم اقليم برقة الذي كان يعد تابعا لمصر آنذاك “العامل الخامس لمصر كما ذكر ذلك المؤرخ/ محمد دروزة في كتابه “عروبة مصر”الى باشوية طرابلس وكانت اول معارك هذه التجريدة في بنغازي ثم اتجهت لاوجلة عاصمة برقة آنذاك ،و هذا سبب توزع الآواجلة في كل المدن البرقاوية الساحلية ان صح القول بعد ذلك اتجهت التجريدة الى درنة ) أما “شارل فيرو” في كتابه (الحوليات الليبية) ترجمة “عبد الكريم الوافي” فيوردها بشكل مطابق لما سبق مع اختلاف في بعض التفاصيل فيحدثنا: (عن صراع داخلي على السلطة بين فريقين أندلسيين يمثلان مجتمعها الأندلسي وهما (تغرين أو تغارين) و (بلو أو بللو) الفريق الأول (تغارين) يتزعم قيادته ” موسى التغراني” الغرناطي الاندلسي و الذي سبق و كان قائد لتلك الجماعة الغرناطية الأصل القادمة من تونس التي استقرت في البداية قرب شحات (قرنادة – غرناطة) ثم تحولت إلى درنة بعد سنوات قليلة … وقد خلف موسى هذا في تزعم الجماعة ابنه ”حسن التغراني” حيث نظمت هذه الجماعة الاندلسية نفسها وكونت ما يشبه الدولة المصغرة وجهزت جيشاً صغيراً استطاع “حسن التغراني” أن يجتاح من خلاله المنطقة ويسيطر على الجبل الأخضر حتى مشارف مدينة بنغازي . فتألق نجمه وارتفعت قيمته وتقديره.
أما الفريق الثاني ( و الذي نعتقد انه مجريطي الاصل و يستدل على ان اصوله “المجريطية” من الرواية الشعبية التي تقول انه حالما تم الانتهاء من بناء منازل بلدة درنة احتفلت امرأة “مجريطية” موسرة بذالك اليوم بأن اقامت يوما للذكر و الحضاري شكرا لله .. واصبح هذا الاحتفال سنة مُتبعة الى يومنا هذا يعرف بيوم “المقريطة” .. مما يُستدل على ان أول مجموعة اندلسية قطنت درنة كانت مجريطية دون ريب) فيتزعمه “أبو الفضل أو الفاضل الأندلسي” و الذي يقود الجماعة المجريطية ” مدريد ” الأصل والتي سبقت غيرها وكانت أول من استوطن الموقع في حدود سنة (1040 هـ – 1630 م) فيما رواه العياشي .. الذي أثاره الحسد ضد منافسه حيث كان يرى في نفسه و في جماعته أحقية الحكم في البلاد “درنة” بسلطة أولوية التواجد ” و ربما بقايا الحزازات الاندلسية آبان عصر الدويلات و الصراعات الاندلسية اندلسية كان محرك خفي وراء ذلك الخلاف و الاختلاف تجسد بعد العديد من السنوات و مسرحه مكان آخر بعيد عن الاندلس هو بلدة درنة – ويشير فيرو إلى أن الرئاسة كانت في المدينة للتغارين أو التاغرين في تلك الآونة من التاريخ و يستمر يحدثنا المؤرخ الفرنسي في حولياته عن زعيم الفريق الثاني الأندلسي “ابن الفاضل” وعما أدى به إلى طرابلس ومساعيه بها حتى تمكن من مقابلة عثمان باشا الساقزلي وابن الفاضل صديقاً حميماً “لمحمود خلف كيخيا” آمر السجون في دولة عثمان باشا الساقزلي باشا طرابلس. الذي قدم ابن الفاضل إلى الباشا فبسط شكواه وكان عثمان داي قد طفح به الكيل و الحنق ضد أهالي درنة الكثيرة الشغب، فعزم على تصفية حسابه معهم . فتم تعيين ابن الفاضل الأندلسي هو وصديقه محمود “باي” خلف الكرملي “كيخيا” على رأس خمسمائة فارس وأعطى أوامره لـ “سيد روحه” كبير مشائخ سرت بمساندتهم بقواته حيث بدأت باستعادة منطقة (الحشه) ومنطقة سرت فبرقة البيضاء ثم بنغازي. و استعادتها في آخر إبريل سنة 1656م. ومنها واصل مسيرته إلى درنة (لاحظ دخول الحملة إلى درنة في 29 أغسطس 1656). وهذا يعني أنها حملة عامة بدأت من سرت وحتى درنة وقد قاد (سيد روحه) مع الحملة جماعته (السوالم) الذين عرفوا (بالطواهر) حيث سار هذا الجيش براً ترافقه عدة مراكب عن طريق البحر تحمل المؤن والذخيرة والعتاد والضباط الكراغلة و نزل بميناء الحمامة شمال (سيدي رافع) “البيضاء حاليا” ويرشدها أحد الأدلاء من المنطقة حتى أعال الجبل غرب درنة والتحمت بالحملة البرية بتنظيم الصفوف قبل النزول إلى درنة. ،و يستمر في السرد “شارل فيرو” في حولياته واصفا استيلاء الأتراك العثمانيون على درنة فيقول: ( ….. واصل (و يعني) “محمود خلف كيخيا” مسيرته نحو درنة وساند الأهالي البدو القاطنين في ضواحي درنة (قوة الأتراك) أما أنهم رغبوا في تحالفهم أو ربما الأتراك أنفسهم قد دفعوهم في الخفاء إلى الخيانة والغدر وأوحوا إليهم بالانخراط في صفوف التغرانين ثم هجموا عليهم بغتة وقتلوا منهم أكثر من خمسمائة رجل قبل أن يتمكن هؤلاء في الدفاع عن أنفسهم وهكذا فإن محمود خلف لم يلق أية مقاومة وتمكن ومن معه من دخول درنة يوم 14 أغسطس 1656م… ،و تواصل (الرواية التاريخية لـ”شارل فيرو”) إلى أن محمود بك ما أن تمكن من درنة حتى بادر بإلقاء القبض على “حسن بك التغراني” حاكمها الأندلسي السابق وأعدمه شنقاً وسلم الحكم في المدينة إلى “ابن فاضل بللو” – زعيم الفريق الآخر من الأندلسيين بحكمها باسم طرابلس والعثمانيين.
و هذا و مما لا شك فيه إن تجريدة حبيب من أبرز القصص والحوادث التي يحفل بها تراثنا الشعبي فلقد تواترت أخبارها وتناقلت وقائعها السنة الرواة خلفاً عن سلف إذ هي تسجل وقائع صراع مرير استمر سنين طوال بين طرفين كبيرين أسفرت عن هزيمة احدهما وجلائه إلى أقصى حدود ليبيا الشرقية ، بعد أن بسطت نفوذها على جزء كبير من إقليم برقة الشرقي ، وسيطرت عليه فترة غير قصيرة من الزمن .
و الدارس في لتراثنا الشعبي لرواية التجريدة الشعبية يجد فيها مادة خصبة تسترعي نظره وتغريه بمواصلة البحث والاستقصاء ، وسيلاحظ أن تجريدة حبيب في موضوعها وعناصرها تستمد أكثر حوادثها بشكل واقعي بشكل أو آخر حيث لا يوجود إغراق في الخيالات المجنحة ،كما حلق بها القصاصون في قصص ( أبي زيد الهلالي و الزناتي خليفة ) وان كان قد اعتراها الكثير من عناصر المبالغة وشيء من الخلط والتشويش واستدعاء أحداثها لكثير من القصص التاريخية و حتى الاسطورية المتداولة في المنطقة. ويبدو أن التجريدة لها خلفياتها الواقعية وتاريخها ومواقعها إلا أن تلك الخلفيات اختلف معها و عنها و فيها الكثير من المؤرخين هل تجريدة حبيب وقائع تحكي جهاد الليبيين ضد جحافل الترك العثمانيون أو القرمنلليون موثقة بأبيات شعر طويلة تروي أحداث تلك القصة ، أو هي أسطورة ليبية شعبية ليس إلا ( حيث لا توجد وثيقة واحدة الى الآن رغم وجود كم هائل من الوثائق سابق و آنف لتاريخها تؤكد حدوث تجريدة حبيب عبدالمولى .. على العكس من تجريدة الحبيب الطيري ) ، كما اختلف الرواية الشعبية حول بطلها حيث قد أضيفت ” التجريدة ” إلى ” حبيب ” كإسم بطل لهذه القصة والذي كان المنقذ لقومه وعشيرته من حياة القهر والهوان وعيش المذلة والصغار.. ففي الوقت الذي يعتقد فيه البعض ان بطلها هو “حبيب عبدالمولى” يقول البعض الآخر ان بطلها هو “حبيب الطيري” و كلا الروايتين تجعل من “يونس القري” هو من مد يد العون و ساعد بالذهب برقبة نعامة حسب الرواية الشعبية الأولى و بربع ماله ذهب برقبة نعامة حسب الرواية الثانية على تجهيز هذه التجريدة رغم الفارق الزمني الواضح بين التجريدتين فالاولى بتاريخ سنة 1133هـ و الثانية بتاريخ 1197 هـ و ايضا تجعل من “النعيعيس” أو “النعيسي” هو قائد الطرف المقابل .
و بالرجوع إلى وقائعها في روايتها الشعبية الغالبة نجد المتناقضات! كل هذه المعطيات تجرنا لمراجعة هذه الواقعة دون أن نثبتها كحقيقة تاريخية غير قابلة للنقاش أو النقد ،و في نفس الوقت لا تقودنا كل هذه المغالطات و المبالغات و التشويش الذي يعتريها إلى رفض وجودها بالمطلق ونقول مجرد خرافة، فلا ينبغي لنا أن نقلل من شأنها و استبعاد أهميتها و إزاحتها من سرد الأحداث أو إغفالها لأنها في نهاية المطاف هي مصدر من مصادر التاريخ وتراث المجتمع . غير أن الاعتماد عليها كليةً أمر لا يتقبله المنهج العلمي و المنطق التاريخي الذي يستوجب التمحيص في الأحداث و مراجعتها حسب الاشتراطات البحثية. خصوصا في عدم وجود ما يدعم أحداث الرواية الشعبية وثائقياً و اثنوجرافياً. لكن المنطق التاريخي يقول ويقبل بحدوث ما يعرف بالهجرة الجماعية أو الحراك الاجتماعي لهذه الجماعات لأنه في المقابل هنالك تواجد قبائل الغرب الليبي في درنة فما سبب وجود تلك القبائل؟ ولكن أيضا توجد هذه القبائل عينها في بنغازي، مما يدل هذا انه هناك ثمة حلقة مفقودة؟ و أيضا لا ننسى تشابه بعض إحداثها مع أحداث حدثت في أماكن أخرى على سب
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
dude333- مشرف المنتدى السياسي
-
عدد المشاركات : 5593
العمر : 55
رقم العضوية : 9508
قوة التقييم : 36
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
رد: خواطر حول التاريخ و الاسطورة في تجريدة حبيب
اضاءة قيمة
شكرا لك على هذا الجهد
شكرا لك على هذا الجهد
labraq- عريف
-
عدد المشاركات : 88
العمر : 57
قوة التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
مواضيع مماثلة
» خواطر حول التاريخ و الاسطورة في تجريدة حبيب
» عبدالناصر الباح ...خواطر حول التاريخ و الاسطورة في تجريدة حبيب
» تجريدة حبيب
» عيد ميلاد سعيد..يا حبيب عبدالله حبيب بالقاسم
» حبيب ليس يعدله حبيب
» عبدالناصر الباح ...خواطر حول التاريخ و الاسطورة في تجريدة حبيب
» تجريدة حبيب
» عيد ميلاد سعيد..يا حبيب عبدالله حبيب بالقاسم
» حبيب ليس يعدله حبيب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» الإكوادور وجهة مثالية لقضاء العطلات وسط المناظر الطبيعية
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» سر ارتفاع دواسة الفرامل عن دواسة البنزين في السيارة
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» ما ميزات شبكات "Wi-Fi 8" المنتظرة؟
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» رد فعل صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
اليوم في 8:04 am من طرف STAR
» هل تعاني من الأرق؟ طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الكبة المشوية على الطريقة الأصلية
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:00 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR