إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
كهف الشهداء .. وملحمة خالدة من البطولة والفداء
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
كهف الشهداء .. وملحمة خالدة من البطولة والفداء
كهف الشهداء .. وملحمة خالدة من البطولة والفداء
لخيانة والعمالة لا يُستثنى منها شعب على وجه الأرض أو عشيرة أو قبيلة أو أسرة أو أفراد فكم من قبيلة أو أفراد التصقت بهم هذه الصفة وفى النهاية برّأهم التاريخ منها
وثبت أنهم كانوا يعملون من أجل أوطانهم وشعوبهم ..وكم من أبطال ذكروا في التاريخ قديماً وحديثاً ثم أشرقت الشمس على تاريخهم المشين فظهرت حقيقتهم بأنهم عملاء وخونة ومأجورون ولنا في عبارة سيدي شيخ الشهداء / عمر المختار المنفي عبرة عندما كان يجادله بعض رجاله الأفذاذ في أن فلانًا خائنًا ، وأن هذا عميل وذاك مشبوه كان يقول لهم بلهجتنا المحلية السلسة ( يا أولادي يا من اللِّي معانا وهو امعاهم ويا من اللِّي مْعاهم وهو مْعانا)وبهذا يعطي رفاقه فرصة التفكير والتأكد والمتابعة حتى لا يقعوا في الخطأ ، والحكم المسبق لكي لا يظلم أحد بمجرَّد الإحساس أو الأخذ بالشبهات ، لقد كان هذا الشيخ مؤمناً بالله ، ومحبًّا لرسوله وصاحب قلب كبير امتلأ بالإيمان ، وليس فيه ذرة حقد ولا كراهية لأحد من أبناء وطنه سوى كُرهه للعدو الغاصب لأرضه ...
كهف الشهداء
بسم الله الرحمن الرحيم
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً )
صدق الله العظيم
الساحة التي أعدم فيها شهداء وادي بالضحاك
هذه الملحمة التي أسردها عليكم ليست من صنع الخيال ، بل هي حقيقة وقعت أحداثها في سنة 1927 م وكنت قد كتبت عنها مقالة تحت عنوان (مذبحة وادي بالضحَّاك وشهداء الوطن هنا وهناك) هذه المذبحة تعرَّض لها (نجح الحمر) في وادي بالضحَّاك جنوب شرق مدينة درنة ، الأمر الذي جعلني أكتب عنها مرة أخرى ، هي الوثيقة التي كتبها الأخ امساعد إبريك الحمري ، أحد أبناء قبيلة (الحمري) بالمنطقة الشرقية حيث جاء فيها:
بتاريخ اليوم 17/3/2000 م وعلى تمام الساعة التاسعة مساءً بينما كنت بمنزلي الكائن بحي الناظورة بمدينة طبرق حضر إليّ كل من :
الزبير محمد محمود خالد ويرافقه محمود السنوسى خالد وعبدالله محمد عبدالغني وكنا على موعد سابق لاستكمال المعلومات عن عائلة الحمر وعن الجهاد والمجاهدين وعن قصة المجاهد الكبير المتطوِّع في سبيل الله للجهاد ضد الغازي الإيطالي في مطلع العام 1911 م وهو المجاهد (حسن السيد أبوعجوة ) ذلك المجاهد العربي القومي الذي لقب بالطبجي إشارة إلى عمله المدفعي أثناء الجهاد واستكمال قصيدة شهداء وادي بالضحاك وما سمعته من شهود عيان عن تلك القصيدة وعن قصة ما دار من حوار حول مفاوضات الصلح بين المجاهدين الليبيين والضباط الإيطاليين وما تم تسميته (بصلح الدقيق) وغيرها من المعلومات التي سمعتها عن كبار السن حيث سألني الأخ / الزبير محمد محمود قائلاً :ماذا تعرف عن قصة استشهاد حمزة حمد الحمري ورفاقه بوادي بالضحاك .
أجبته بالآتي : هذه القصيدة سمعتها من شهود عيان مرتين :المرة الأولى عندما كنت أبحث عن عمل في عام 1962م بمدينة البيضاء وكنت مقيمًا بها وأسكن بمنزل ابن عمي أحمد باسل الحمري حيث تقدَّمت بطلب الحصول على عمل في وزارة العدل آنذاك ، وقد استلم الطلب مني موظف وقدَّمه إلى وكيل الوزارة أو مساعد وكيل الوزارة على ما أعتقد كان يسمَّى / عبدالجوَّاد الفريطيس من عائلة الفريطيس بدرنة .
وعندما وجد اسم مقدِّم الطلب مكتوب بلقب الحمري طلبني مباشرة وسألني بأنني حمري الأصل أو اللقب فقط ، فأجبته إني من قبيلة الحمر فقال لي : ماذا تعرف عن حمزة الحمري ؟ وما هي ذرَّيته ؟ فقلت له الشيخ حمزة شهيد ضمن 16 شهيدا بوادي بالضحَّاك جنوب درنة وخلفته أبناؤه موسى وسليمان متوفى وترك ولدين (عبدالحميد وإبراهيم) وباقي خلفته بنات .. فردَّ على عبدالجوَّاد الفريطيس بقوله: صدقت يا حمري ، الشهادة من الدين بأني ساعة إعدام الشهداء بوادي بالضحَّاك كنت حاضراً وقتها شاباً صغيراً وأتكلم الإيطالية بطلاقة فأحضرونى مترجماً لمشكلة نجع الحمر والعلالقة الذين تتهمهم الحكومة الإيطالية بتزويد المجاهدين بالمؤونة والملابس والأسلحة والذخائر.
فقلت له كيف ذلك ؟؟
فقال : في ذلك الوقت صدر أمر من الحكومة الإيطالية لتجميع الأهالي بأماكن معروفة ، لتسهيل مهمة مراقبتهم وتحضيرهم أو تجهيزهم تقريباً لتجميع كافة الأهالي (بالبريقة والعقيلة) فيما بعد .. (وهي معتقلات الإبادة الجماعية .. الكاتب ) وبالفعل صدر أمر لنجع الحمر والعلالقة بالانتقال من المقر والطنجي (وادي بالضحَّاك) إلى بقية النواجع (المريتيبة) التى تقع جنوب درنة ولكن نجع الحمر والعلالقة لم ينتقلوا لعدم حضور رعاة الإبل ، فقد كان الإيطاليون والجواسيس وأتباعهم ومخبروهم يقومون بجولات مراقبة على النواجع فأبلغوا عن وجود مجاهدين بنجع الحمر والعلالقة ، فخرجت من درنة دورية بعدد 10 سيارات محملة بالجنود والعتاد لتباغت النواجع فى منتصف النهار وكنت أنا بتلك القافلة مترجماً ، وحوصرت مخيمات نجع الحمر والعلالقة ما عدا نجع الشيخ حمزة حمد الحمري الذي كان يبعد مسافة من النجع وأخرج الرجال أمام النجعين أما النساء والأطفال إلى عقر سيدي غريب وقام الجنود بحرق النجعين بالنيران بما فيها من فرش ومؤن وحيوانات .. في تلك الأثناء حضر الشيخ حمزة مدافعاً عن النجعين لعل الحاكم الإيطالي يتركهم فقال لي الإيطالي : قل له أنت لست مقصوداً فاذهب إلى نجعك ، فردَّ عليه قائلاً : لن أذهب إلا بهؤلاء أو أموت معهم ، فقال له الإيطالي: هؤلاء محكومون بالإعدام لتعاونهم مع المجاهدين الذين قاموا هذا الصباح في وادي بالضحَّاك وقتلوا منا جندياً إيطالياً ووجدنا أحدهم بنجع العلالقة والموجود أمامك وهو جاب الله بوكليزة هذا ، وأشار بيده على جاب الله بوكليزة ، فجادله الشيخ حمزة مجادلة حادة وأقسم أن لا يخرج من وسط الحلقة إما بهم جميعاً أو يموت معهم ، وهنا أشار الإيطالي قائلاً لجنوده استعدوا وبالفعل تجهز الجنود وضع الاستعداد لإطلاق النار على الجميع وفى لحظة هرب من بينهم الشهيد ( عبد العالي التاعب ) وآخر كذلك.. فأطلق الجنود النار فأردوا التاعب قتيلاً والعوكلي أصيب في رجله ونزل الوادي.. وفي هذه الأثناء أمر الإيطالي باستمرار إطلاق النار على الجميع فسقطوا جميعاً جثثًا هامدةً ومن بينهم الشيخ حمزة ، وعند ذلك انسحب الجنود وذهبنا إلى درنة وعلمنا أن الذين استشهدوا عددهم (16) شهيداً وهذا يا ابني ما حدث أمامي في تلك الحين وهذا ما حدثني به المدعو ( عبد الجوَّاد الفريطيس ) بالتفصيل ويعتبر أول رواية عن شهداء بالضحَّاك من شاهد عيان.
أما الرواية الثانية سمعتها من الحاج عبدالله جاب الله بوكليزه فى حياته قبل مماته عام 1972 م بمنزل عبدالقادر سميع الكيلاني أثناء مأدبة غداء قد أعدها صاحب المنزل وتقابلت مع الحاج عبدالله جاب الله وحدثني عن قصة شهداء وادي بالضحاك كالآتي :
قال عبدالله جاب الله بوكليزه العليقى ، عندما كنت صغير السن يتراوح عمري بين 12 أو 13 سنة تقريباً ووالدي المرحوم جاب الله بوكليزه مجاهداً مع المجاهدين حضر لنا والدي عندما كنا نقيم بنواجعنا بوادي بالضحاك ومعه المجاهد حمد بوربيدة الحمرى والمجاهد مفتاح بوشاح البرعصي ومجيد بوكسوله الحاسي وآخرون لا أذكر أسماءهم وقمنا بالواجب تحت خوفنا من مخبري السلطة الإيطالية وبعد العشاء ذهب المجاهدون إلى الوادي وبقى منهم والدي بالبيت وحصانه مربوط داخل البيت وكان ذلك عام 1927م تقريباً وإذا بمخبري السلطة يقومون بإبلاغ الإيطاليين بأن نجع الحمر والعلالقة لم يمتثلوا للأوامر بالرحيل إلى غوط المريتيبة جنوب مرتوبه كغيرهم من النواجع وأنهم يقومون بمساعدتهم وتعاونهم مع المجاهدين بتوفير المؤن والسلاح والذخيرة والملابس مما أدَّى بالحكومة الإيطالية بشن حملة عسكرية مجهزة على نجع الحمر والعلالقة في ذلك اليوم وحاصروا النجعين بالسيارات والجنود المسلحين وفتشوا عن البطاقات أي (البرميسو) في ذلك الوقت فلم يجدوا لوالدي جاب الله (برميسو) لأنه مجاهد وبالفعل تعرفوا عليه من خلال مخبريهم وعرفوا أن النجعين متعاونان مع المجاهدين فأمر القائد الإيطالي بإخراج النساء والأطفال إلى عقر سيدي غريب جوار النجعين بالوادي ووضع حراسة عليهم وأخرج الرجال أمام النجعين وأمر بإحراق النجعين بالكامل بالنار بما فيهن من مواد وأغطية ومواشي مربوطة داخل البيوت وأطلق النار على جملين كانا أمام النجع ولم يطلق النار على الجمل الثالث وفي هذه الأثناء والنقاش مستمر مع الإيطاليين حضر الشيخ حمزة حمد الحمري مدافعاً عن الرجال متهجماً على فعل الإيطاليين وهو معروف بإقدامه وفطنته وشجاعته فقال له الإيطالي عن طريق المترجم أنت لست مقصوداً ونجعك لم نحاصره وليس لك دخل فى هذا الأمر فقال الشيخ حمزة هؤلاء أهلي وأسرتي لن أتخلى عنهم إما تتركوهم معي أو أموت معهم ،.
قبر المرحوم / عبدالله جاب ألله بوكليزه الذي أوصى بدفنه مع كوكبة الشهداء
وفى هذه الأثناء كان هناك شابان من عمري يستعدان للفرار من بين السيارات فجهزت نفسي للفرار معهم ولكن فطن لي والدي وقال ماذا أنت فاعل فقلت له أريد أن أهرب مع هؤلاء فمسكني بيده اليمنى وقال إذا كان عمرك طويلا فلا يحدث لك شيء إلا ما يريد الله ، وما هي إلا لحظات هرب المدعو / عبدالعالى التاعب وآخر من قبيلة العواكله فأطلق عليهم الإيطاليون النار فقتل التاعب وأصيب العوكلى فى رجله وهرب داخل الوادي ، حين ذلك أمر القائد الإيطالي باستمرار إطلاق النار على الجميع فأخفاني والدي وشدني إليه وغطاني بطرف الجرد فلم أر شيئاً سوى سماع إطلاق النار وبدأ الإيطالي يتفقد من ما زال حياً ويطلق عليه النار فلم أتحرك إطلاقاً وبعد ذلك سمعت حركة انسحاب السيارات حتى أني انسحبت من تحت جثة والدي وأخي الذي كنت واقفاُ بينهما فوجدتهم جثثا هامدة وارتبكت في أول الأمر لحظة فلمحت أحد الناس في الجهة الشرقية يتحرك فأسرعت إليه وأمسكت بيده فقام واقفاُ وإذا به سليم عدا جرح بسيط في كتفه يدعى / محمد بوحميد العدلى وكان يرتجف من هول الواقعة والتفت خلفي فوجدت الشيخ حمزة يتألم مما أصيب به من رشاش الإيطاليين فوقفت عليه فقال لي من أنت وكانت الإصابة فيه من الجهة اليمنى فقلت له أنا عبدالله ولد جاب الله بوكليزه فقال (هالكلاب ) أثناء كلامي أتى فارسان من المجاهدين وكان واحد منهم المجاهد / حمد بوربيده الحمرى والآخر / المجاهد مفتاح بوشاح البرعصى ونزل بوربيده وسألني من هذا فقلت له سيدي حمزة فذكر عليه الشهادة وقال له الشيخ حمزة من أنت ؟ فقال أنا حمد بوربيده فقال له يا ابن عمى قبلني واسقني فأحضر مطارة ماء من على حصانه وسقاه فتوفي على الحال وغطاه وركب حصانه مع رفيقه وذهبا دون أن يخاطبوني بشيء ، وفى هذه الأثناء حضرت النسوة والأطفال من الوادي وكان النواح والبكاء وكانت هناك امرأة كبيرة السن لا أذكر من هي من نساء الحمر فهزتني بشده حتى فطنت وقالت اركب على هذا الجمل واذهب إلى نواجع المريتيبة لإغاثتنا مما نحن فيه وهناك ركبت الجمل ورأيت بعض النسوة والأطفال قد رحلوا مشياً على الأقدام نحو المريتيبة وذهبت راكباً الجمل إلى المريتيبة ووصلت هناك عند غروب الشمس وكانت أول من استقبلني أختي زوجة حمد بوربيده وسألتني ماذا حدث ؟ فأخبرتها بكل شيء وكانت ليلة مُظلمة وقد تجمّع أعيان النواجع بالمريتيبة من عدة قبائل وقالوا (من اللي مات فى تلك الواقعة) فقلت لهم والدي جاب ألله بوكليزه وأخي عبد ربه جاب الله (طالب فى الجغبوب) وإبن عبدالله راف الله العليقى وإبن عمي الحسين راف الله كذلك مات من الحمر كل من الشيخ حمزة الحمرى وعطيه قطيش الحمرى والمبروك على الحمرى وإبراهيم بالعيد الحمرى وعبدالقادر علي الحمرى وكذلك من القبائل الأخرى ، محمد العبس المريمى وعلي عبدالعزيز الغمارى البرعصى وامبارك غريب السنينى وعبدالعزيز الغمارى البرعصى والكاسح العدلى .
يكون بذلك عدد الشهداء (16) شهيداً .. وهنا اتفق أعيان النواجع بأن يقوموا بدفنهم ليلة قدومي للنجع ولكن أثناء النقاش اعترض على هذا الإجراء ابن عمنا إزقيم العليقى وقال لا تقوموا بأي إجراء قبل أن نلتقوا غداً صباحاً بمدير منطقة مرتوبة المدعو بن سعود الذي كان مديراً تحت السلطة الإيطالية وبالفعل أمست الناس والنساء تنوح وتبكي حتى الصباح وعند طلوع النهار ذهب إزقيم ومعه بعض الرجال وطلبوا من مدير مرتوبة أن يأذن لهم بدفن الشهداء فرفض على الفور وقال من يقترب منهم يكون مخربا وخارجا عن القانون الإيطالي فرجع الحاج إزقيم بخفي حنين واتفق الجميع على أن يقوموا في الليلة القادمة بدفنهم على أن يذهب لهم من كل قبيلة رجلان لكل شهيد مجهزين بأدوات الحفر والجمال وفعلاً ذهبنا ليلاً وبدأنا الحفر بمكان الواقعة فوجدنا الأرض صخرية فأشار على الجميع المجاهد / عبدالله بو عبدالرازق الحمرى الملقب بالبسطة بأنه يعرف كهف قريب من المكان يمكن دفن الشهداء به وفعلاً اتفق الجميع على الدفن بالكهف وقمنا بفرش أرضية الكهف ببقية الحصران والأغطية ووضع الشهداء داخل الكهف وتم غطاؤهم بالأغطية وقفل الكهف بالشجر التي قطعت منه وأسقطت الحجارة والتراب حتى أنه أقفل الكهف تماماً وأصبح إلى يومنا هذا يسمى بكهف الشهداء بأرض عائلة منصور العبيدات وهذه الرواية كما جاءت من قبل المرحوم / عبدالله جاب ألله الذي وافاه الأجل فى النسما وتم دفنه مع شهداء الكهف المذكورين يوم 2/12/1985 م.
هذه الشجرة هى الشاهد الوحيد حالياً على تلك المذبحة البشعة
من المعروف أن السيد/ امساعد إبريك الحمرى من الذين هبوا لنداء الواجب القومي في حرب فلسطين سنة 1948م ، كيف لا وهو ينتمي إلى عائلة من الأشراف المجاهدين في سبيل الله ، وهنا أود القول إن الشهداء لا شك أنهم في عليين وأن العملاء والخونة في مزبلة التاريخ يلعنهم الأحياء في الدنيا وفى الآخرة لهم عذاب شديد .
رحم الله شهداء الكهف الذي وقفت أنا شخصياً أمام كهفهم وقرأت عليهم الفاتحة وتجولت في تلك الساحة التي استشهد فيها أولئك الأبطال وقمت بترديد تلك الأبيات الشعرية التي نظمها الشاعر الحمرى عن تلك المذبحة البشعة وكم من مذابح قام بها الإيطاليون في حق أهلنا في كل مدينة وقرية ونجع من نجوعنا الطاهرة الحبيبة في ربوع الوطن الغالي .
يقول الشاعر/ جاب الله حمد الحمرى الملقب بوالعقورية إشارة إلى أم أبيه فاطمة العقورية وهى المرأة التي قامت بالزغاريد أثناء إعدام شيخ الشهداء عمر المختار وكان ذلك واضحاً في (فيلم عمر المختار) ويقول الشاعر في مطلع قصيدته الشهيرة قصيدة وادي بالضحاك التي اخترت منها هذه الأبيات الخالدة :
إحكى يا وادى بالضحاك .. إحنا سلنّاك .. علينا حاجه تجحد راك
إحكيلى يا وادى بالحق على حمزه وأبطال إمعاه
نهاراً فيه الداوى نقّ نهاراً مقلول المنجاه
نهاراً فيه النجع إحرقّ نهاراً ما ننسوا ذكراه
إحكيلى حمزه ويش نطقّ بعد مصباه دون إقرباه
الله دايم راعى لزرقّ إللى عالجار طويل عناه
إللى لا خان ولا فارقّ على ما ليطالى مناه
إستشهد والموت إنها حقّ
غير نشدناك .. بعد جيناك .. على ماضى ساير يالاك .
وحفاظاً على الأمانة التاريخية في نقل المعلومات وسردها كما جاءت ومن خلال ما تم ذكره ونشره في منشورات مركز دراسات جهاد الليبيين (القيادة والإمداد في حركة الجهاد الليبي) صفحة 324 /325/326/327/328 رأيت من واجبي الولوج على ما جاء حول هذه المذبحة في تلك المنشورات كالآتي ::
كانت منطقة بالضحاك وما جاورها في سنة 27 19م عامرة بخيام الأهالي حيث توجد نجوع قبائل العلالقة والحمر والمنيف والعواكلة ومريم وغيرهم وكان دورهم كشأن بقية الأهالي في العديد من المناطق الليبية هو مساعدة المجاهدين وإمدادهم بالذخيرة والمؤن ولما كانت منطقة بالضحاك مشهورة بوفرة المياه مثل عين الطنجى وغيرها فقد كان وجود المجاهدين أمراً حتمته الحاجة إلى المياه إلى جانب تنفيذ المهام الجهادية والقيام بالعمليات الخاطفة ضد العدو الإيطالي عبر منطقة مأمونة يساهم أهلها في كل معركة حال وقوعها ثم ينسحبون إلى نجوعهم بعد انتهائها وقد حرص المجاهدون من جهتهم حرصاً شديداً على الحفاظ على سرية العلاقة بينهم وبين الأهالي وجعلوا اتصالاتهم محددة بواسطة رجال تميزوا بالحذر والدهاء والشجاعة تم اختيارهم من الطرفين ولكن السلطات الإيطالية الاستعمارية بواسطة شبكة من جواسيسها وأعوانها وبما تملكه من آلة متطورة كانت تعلم بالدور الرئيسي الفعال الذي يلعبه الأهالي في مساعدة المجاهدين وتحكم الرقابة المشددة عليهم وذات يوم رصدت عيون إيطاليا مجموعة من المجاهدين هم ::
1 ــ المجاهد / حويل بوفراج
2 ــ المجاهد / مجيد أبوكسوله الحاسى
3 ــ المجاهد / محمد برقيه الفاخرى
وكان المجاهدون يملكون القدرة في ذلك اليوم من حيث الموقع والاستعداد لإلحاق الهزيمة بالأعداء القادمين ولكنهم يحرصون على سلامة الأهالي فأثروا الانسحاب السريع والفوري حتى لا تنكل إيطاليا كعادتها بالمسالمين في النجوع التي تحدث المعارك قربها ، كانت الفرقة الإيطالية تصحب معها بعض الموظفين والأعيان مخفورين بجنود مرتزقة مصوع هؤلاء الموظفون المشائخ هم :
1 ــ المدعو البنانى وهو يشغل منصب مدير
2 ــ الشيخ / أبوعزاق
3 ــ الشيخ / أبوجازية
وكان يقود الفرقة الضابط (روبيلا) الذي قام بجمع الرجال وطلب من المدير البنانى قراءة رسالة المتصرف (دوداشى) عليهم وكانت موجهة إلى الشيخ المجاهد / جاب الله العليقى ونصها كالآتى :
إن العمل الذي تقوم به تحت راية إيطاليا ليس عملاً مرضياً نرجوا منكم الانضمام إلى مشائخ العبيدات في درنة أو تتجه إلى عمر المختار الذي تُعد أنت من أبرز أعوانه وتكلم الضابط (روبيلا) وكان ملماً باللغة العربية وقال (الكلمات التي قيلت لكم محددة وواضحة وواجبة التنفيذ فوراً والمطلوب منذ هذه اللحظة هو الرحيل إلى المكان الذي حدد لكم فهذه المنطقة أصبحت أرضاً حراماً يقتل فوراً كل من يوجد بها بعد اليوم .
نفذت بعض العائلات الأمر عند سماعه فرحلت تتجه إلى منطقة المريتيبة قرب مرتوبة وهى المنطقة التي أمرت بالرحيل إليها (راجع المصدر الشهيد العدد العاشر 1989 ص 232 ) وبقي في المنطقة متخلفاً عن القوافل المُرحلة بعض الأفراد منهم الحاج / الشيخ جاب الله جادالله بوكليزه الذى كان لا يقابل الإيطاليين لأنه رفض حمل بطاقتهم المسماة البرميسو .
وكذلك بقى الحاج الشيخ محمد العبس المريمى الذي بقى ليركب فرس الأول عند رحيلهم المقرر في اليوم الثاني .
كما بقيت بعض العائلات والأفراد المجاورون للنجع الذي تم ترحيله وكان الأمر الصادر هو إخلاء المنطقة بكاملها ، وقد أرادت السلطات الإيطالية الفاشستية إثبات سياستها في التنكيل والبطش والإرهاب عملياً في عين المكان فانتهزت فرصة خروج المجاهدين من بيت الحاج الشيخ جاب الله بوكليزه وكذلك واقعة سماع الفرقة لإطلاق رصاصة واحدة ناحية نجع الشيخ بالعيد الحمرى ونظراً لصدور الأوامر بتحريم المنطقة الواقعة في وادي بالضحاك وضواحيها فقد نفذت السلطة الإيطالية حكم الإعدام في الشهداء الذين ذكروا سابقاً (والقائمة مطابقة بين ما جاء على لسان إمساعد إبريك الحمرة وما جاء في منشورات مركز دراسات المجاهدين الليبيين).
عند وصول الخبر إلى أقارب الشهداء بمعتقل المريتيبة الجماعي عم الحزن وأشتد الكرب على الجميع وخاصة عندما وصلهم مجندان إيطاليان يحملان أمراً صارماً من الضابط الفاشستى (روبيلا) بعدم دفن الشهداء أو الاقتراب من منطقتهم ليكونوا عبرة لغيرهم على حد قوله ورغم ذلك غامر المشائخ ::
1 ــ على حميد الجازوى بوشنزق
2 ــ إزقيم جادالله العليقى
3 ــ الشيخ / رافع بوغيطاس
غامروا بالتوجه إلى المدير المكلف بدرنة المدعو بن سعود مطالبين بالإذن بدفن الشهداء فأكد لهم وهو في أشد حالات التأثر من حصول الواقعة أن الأمر صريح وشديد من قبل الحاكم الإيطالي غير أن الشيخ / على حميد قال إن حصلت عملية دفنهم من غيرنا فلستا مسؤولين عن ذلك ففهم المدير ماذا يعني ورد : لقد أمرتكم بعدم دفنهم ولن أحاسبكم إن دفنوا من قبل آخرين ولما رجعوا أرسلوا المدعو ميكائيل مازق الفاسى ليستطلع فركب جملاً هجيناً في وقت قصير وأخبرهم بوجود سيارة مصفحة قرب الشهداء وفى اليوم الثاني قررت مجموعة من أقارب الشهداء التوجه لدفنهم وكان منهم ::
1 ــ السكورى عبدالقادر
2 ــ حميد عبدالقادر
3 ــ موسى النعاس
4 ــ على التواتى أبوفضيل
5 ــ مجاور مرعى
6 ــ حويل بوفراج
7 ــ سليمان النعاس
8 ــ شعيب عزاق الغيثى
9 ــ عبدالله جاب الله وغيرهم من أقارب الشهداء .
خرجت هذه المجموعة ليلاً في اليوم السابع عشر من شهر عاشوراء وكانت الأرض التي وقع بها الشهداء صخرية فاقترح الشيخ شعيب دفنهم قرب النجع واقترح آخر بدفنهم في مقبرة الهيشة ولكن الشيخ إدريس جادالله الفاسى اقترح دفنهم في كهف بمنطقة استشهادهم حيث دفن كل من الشهداء جاب الله بوكليزه وحمزه الحمرى وعبدالعزيز الغمارى وعلي عبدالعزيز فوق الطبقة الوسطى من الكهف بينما دفن بقية الشهداء في الطبقة الأرضية بجانبهم وقد أوصى رفيقهم عبدالله جاب الله بأن يدفن معهم فدفنه أولاده بجانبهم عندما توفي رحمهم الله جميعاً ورحم شهداء الوطن .
وهكذا كان المجاهدون أكرمهم الله بالجهاد فأكرموا موتاهم بالدفن. .
وأخيراً أود التنويه أنه لا يمكن إخفاء الأسماء سواءَ للمجاهدين الأبطال أو المشايخ والأعيان الذين عملوا مع إيطاليا أو أي تابع آنذاك ولا نقصد من ذلك الإساءة لأحد ولكن التاريخ أمانة يحاسب عليها الإنسان أمام خالقه ولا ننسى العبارة التي ذكرتها لسيدي عمر المختار فربما هذه العبارة تشفع للعديد من الذين نعنيهم ، المهم أن الشهداء أكرمهم الله تعالى بالشهادة وبالصيت الطيب والذكرى العطرة بينما حُرم منها أولئك الذين عملوا مع إيطاليا أو جاملوها من الثواب في الدنيا والله أعلم بحالهم لأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور.
وفى الختام أتوجه وبشدة إلى كل من درنة والقبة وإلى الرابطة العامة للمجاهدين وإلى أمانة مدينة درنة وإلى كل الضمائر الحية في المجتمع المدني أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه هؤلاء الشهداء الأبطال .. فهل يجوز أيها المسؤولون أن يتحول كهف الشهداء إلى مقر (لتربية ومبيت الأغنام وتخزين السماد الحيواني) أمام سمع وبصر الجهات المسؤولة ، فإذا لم تكونوا ممن ضحى أجدادكم من أجل الوطن وجاءت بكم الأقدار لتركبوا الكراسي بدلاً من الخيل التي ركبها أولئك الأجداد ، فلا نطلب منكم سوى احترام من استشهدوا في سبيل حماية الأرض ولا أكثر من ذلك ، وانهبوا كما شئتم فتاريخكم حافل بنهب خيرات الوطن أنتم وأجدادكم ومن نتحدث عنهم تاريخهم حافل بالأمجاد ولا تقدير ولا احترام لدولة لا تحترم شهداءها..
الشباب الليبي
كهف الشهداء .. وملحمة خالدة من البطولة والفداء
لخيانة والعمالة لا يُستثنى منها شعب على وجه الأرض أو عشيرة أو قبيلة أو أسرة أو أفراد فكم من قبيلة أو أفراد التصقت بهم هذه الصفة وفى النهاية برّأهم التاريخ منها
وثبت أنهم كانوا يعملون من أجل أوطانهم وشعوبهم ..وكم من أبطال ذكروا في التاريخ قديماً وحديثاً ثم أشرقت الشمس على تاريخهم المشين فظهرت حقيقتهم بأنهم عملاء وخونة ومأجورون ولنا في عبارة سيدي شيخ الشهداء / عمر المختار المنفي عبرة عندما كان يجادله بعض رجاله الأفذاذ في أن فلانًا خائنًا ، وأن هذا عميل وذاك مشبوه كان يقول لهم بلهجتنا المحلية السلسة ( يا أولادي يا من اللِّي معانا وهو امعاهم ويا من اللِّي مْعاهم وهو مْعانا)وبهذا يعطي رفاقه فرصة التفكير والتأكد والمتابعة حتى لا يقعوا في الخطأ ، والحكم المسبق لكي لا يظلم أحد بمجرَّد الإحساس أو الأخذ بالشبهات ، لقد كان هذا الشيخ مؤمناً بالله ، ومحبًّا لرسوله وصاحب قلب كبير امتلأ بالإيمان ، وليس فيه ذرة حقد ولا كراهية لأحد من أبناء وطنه سوى كُرهه للعدو الغاصب لأرضه ...
كهف الشهداء
بسم الله الرحمن الرحيم
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً )
صدق الله العظيم
الساحة التي أعدم فيها شهداء وادي بالضحاك
هذه الملحمة التي أسردها عليكم ليست من صنع الخيال ، بل هي حقيقة وقعت أحداثها في سنة 1927 م وكنت قد كتبت عنها مقالة تحت عنوان (مذبحة وادي بالضحَّاك وشهداء الوطن هنا وهناك) هذه المذبحة تعرَّض لها (نجح الحمر) في وادي بالضحَّاك جنوب شرق مدينة درنة ، الأمر الذي جعلني أكتب عنها مرة أخرى ، هي الوثيقة التي كتبها الأخ امساعد إبريك الحمري ، أحد أبناء قبيلة (الحمري) بالمنطقة الشرقية حيث جاء فيها:
بتاريخ اليوم 17/3/2000 م وعلى تمام الساعة التاسعة مساءً بينما كنت بمنزلي الكائن بحي الناظورة بمدينة طبرق حضر إليّ كل من :
الزبير محمد محمود خالد ويرافقه محمود السنوسى خالد وعبدالله محمد عبدالغني وكنا على موعد سابق لاستكمال المعلومات عن عائلة الحمر وعن الجهاد والمجاهدين وعن قصة المجاهد الكبير المتطوِّع في سبيل الله للجهاد ضد الغازي الإيطالي في مطلع العام 1911 م وهو المجاهد (حسن السيد أبوعجوة ) ذلك المجاهد العربي القومي الذي لقب بالطبجي إشارة إلى عمله المدفعي أثناء الجهاد واستكمال قصيدة شهداء وادي بالضحاك وما سمعته من شهود عيان عن تلك القصيدة وعن قصة ما دار من حوار حول مفاوضات الصلح بين المجاهدين الليبيين والضباط الإيطاليين وما تم تسميته (بصلح الدقيق) وغيرها من المعلومات التي سمعتها عن كبار السن حيث سألني الأخ / الزبير محمد محمود قائلاً :ماذا تعرف عن قصة استشهاد حمزة حمد الحمري ورفاقه بوادي بالضحاك .
أجبته بالآتي : هذه القصيدة سمعتها من شهود عيان مرتين :المرة الأولى عندما كنت أبحث عن عمل في عام 1962م بمدينة البيضاء وكنت مقيمًا بها وأسكن بمنزل ابن عمي أحمد باسل الحمري حيث تقدَّمت بطلب الحصول على عمل في وزارة العدل آنذاك ، وقد استلم الطلب مني موظف وقدَّمه إلى وكيل الوزارة أو مساعد وكيل الوزارة على ما أعتقد كان يسمَّى / عبدالجوَّاد الفريطيس من عائلة الفريطيس بدرنة .
وعندما وجد اسم مقدِّم الطلب مكتوب بلقب الحمري طلبني مباشرة وسألني بأنني حمري الأصل أو اللقب فقط ، فأجبته إني من قبيلة الحمر فقال لي : ماذا تعرف عن حمزة الحمري ؟ وما هي ذرَّيته ؟ فقلت له الشيخ حمزة شهيد ضمن 16 شهيدا بوادي بالضحَّاك جنوب درنة وخلفته أبناؤه موسى وسليمان متوفى وترك ولدين (عبدالحميد وإبراهيم) وباقي خلفته بنات .. فردَّ على عبدالجوَّاد الفريطيس بقوله: صدقت يا حمري ، الشهادة من الدين بأني ساعة إعدام الشهداء بوادي بالضحَّاك كنت حاضراً وقتها شاباً صغيراً وأتكلم الإيطالية بطلاقة فأحضرونى مترجماً لمشكلة نجع الحمر والعلالقة الذين تتهمهم الحكومة الإيطالية بتزويد المجاهدين بالمؤونة والملابس والأسلحة والذخائر.
فقلت له كيف ذلك ؟؟
فقال : في ذلك الوقت صدر أمر من الحكومة الإيطالية لتجميع الأهالي بأماكن معروفة ، لتسهيل مهمة مراقبتهم وتحضيرهم أو تجهيزهم تقريباً لتجميع كافة الأهالي (بالبريقة والعقيلة) فيما بعد .. (وهي معتقلات الإبادة الجماعية .. الكاتب ) وبالفعل صدر أمر لنجع الحمر والعلالقة بالانتقال من المقر والطنجي (وادي بالضحَّاك) إلى بقية النواجع (المريتيبة) التى تقع جنوب درنة ولكن نجع الحمر والعلالقة لم ينتقلوا لعدم حضور رعاة الإبل ، فقد كان الإيطاليون والجواسيس وأتباعهم ومخبروهم يقومون بجولات مراقبة على النواجع فأبلغوا عن وجود مجاهدين بنجع الحمر والعلالقة ، فخرجت من درنة دورية بعدد 10 سيارات محملة بالجنود والعتاد لتباغت النواجع فى منتصف النهار وكنت أنا بتلك القافلة مترجماً ، وحوصرت مخيمات نجع الحمر والعلالقة ما عدا نجع الشيخ حمزة حمد الحمري الذي كان يبعد مسافة من النجع وأخرج الرجال أمام النجعين أما النساء والأطفال إلى عقر سيدي غريب وقام الجنود بحرق النجعين بالنيران بما فيها من فرش ومؤن وحيوانات .. في تلك الأثناء حضر الشيخ حمزة مدافعاً عن النجعين لعل الحاكم الإيطالي يتركهم فقال لي الإيطالي : قل له أنت لست مقصوداً فاذهب إلى نجعك ، فردَّ عليه قائلاً : لن أذهب إلا بهؤلاء أو أموت معهم ، فقال له الإيطالي: هؤلاء محكومون بالإعدام لتعاونهم مع المجاهدين الذين قاموا هذا الصباح في وادي بالضحَّاك وقتلوا منا جندياً إيطالياً ووجدنا أحدهم بنجع العلالقة والموجود أمامك وهو جاب الله بوكليزة هذا ، وأشار بيده على جاب الله بوكليزة ، فجادله الشيخ حمزة مجادلة حادة وأقسم أن لا يخرج من وسط الحلقة إما بهم جميعاً أو يموت معهم ، وهنا أشار الإيطالي قائلاً لجنوده استعدوا وبالفعل تجهز الجنود وضع الاستعداد لإطلاق النار على الجميع وفى لحظة هرب من بينهم الشهيد ( عبد العالي التاعب ) وآخر كذلك.. فأطلق الجنود النار فأردوا التاعب قتيلاً والعوكلي أصيب في رجله ونزل الوادي.. وفي هذه الأثناء أمر الإيطالي باستمرار إطلاق النار على الجميع فسقطوا جميعاً جثثًا هامدةً ومن بينهم الشيخ حمزة ، وعند ذلك انسحب الجنود وذهبنا إلى درنة وعلمنا أن الذين استشهدوا عددهم (16) شهيداً وهذا يا ابني ما حدث أمامي في تلك الحين وهذا ما حدثني به المدعو ( عبد الجوَّاد الفريطيس ) بالتفصيل ويعتبر أول رواية عن شهداء بالضحَّاك من شاهد عيان.
أما الرواية الثانية سمعتها من الحاج عبدالله جاب الله بوكليزه فى حياته قبل مماته عام 1972 م بمنزل عبدالقادر سميع الكيلاني أثناء مأدبة غداء قد أعدها صاحب المنزل وتقابلت مع الحاج عبدالله جاب الله وحدثني عن قصة شهداء وادي بالضحاك كالآتي :
قال عبدالله جاب الله بوكليزه العليقى ، عندما كنت صغير السن يتراوح عمري بين 12 أو 13 سنة تقريباً ووالدي المرحوم جاب الله بوكليزه مجاهداً مع المجاهدين حضر لنا والدي عندما كنا نقيم بنواجعنا بوادي بالضحاك ومعه المجاهد حمد بوربيدة الحمرى والمجاهد مفتاح بوشاح البرعصي ومجيد بوكسوله الحاسي وآخرون لا أذكر أسماءهم وقمنا بالواجب تحت خوفنا من مخبري السلطة الإيطالية وبعد العشاء ذهب المجاهدون إلى الوادي وبقى منهم والدي بالبيت وحصانه مربوط داخل البيت وكان ذلك عام 1927م تقريباً وإذا بمخبري السلطة يقومون بإبلاغ الإيطاليين بأن نجع الحمر والعلالقة لم يمتثلوا للأوامر بالرحيل إلى غوط المريتيبة جنوب مرتوبه كغيرهم من النواجع وأنهم يقومون بمساعدتهم وتعاونهم مع المجاهدين بتوفير المؤن والسلاح والذخيرة والملابس مما أدَّى بالحكومة الإيطالية بشن حملة عسكرية مجهزة على نجع الحمر والعلالقة في ذلك اليوم وحاصروا النجعين بالسيارات والجنود المسلحين وفتشوا عن البطاقات أي (البرميسو) في ذلك الوقت فلم يجدوا لوالدي جاب الله (برميسو) لأنه مجاهد وبالفعل تعرفوا عليه من خلال مخبريهم وعرفوا أن النجعين متعاونان مع المجاهدين فأمر القائد الإيطالي بإخراج النساء والأطفال إلى عقر سيدي غريب جوار النجعين بالوادي ووضع حراسة عليهم وأخرج الرجال أمام النجعين وأمر بإحراق النجعين بالكامل بالنار بما فيهن من مواد وأغطية ومواشي مربوطة داخل البيوت وأطلق النار على جملين كانا أمام النجع ولم يطلق النار على الجمل الثالث وفي هذه الأثناء والنقاش مستمر مع الإيطاليين حضر الشيخ حمزة حمد الحمري مدافعاً عن الرجال متهجماً على فعل الإيطاليين وهو معروف بإقدامه وفطنته وشجاعته فقال له الإيطالي عن طريق المترجم أنت لست مقصوداً ونجعك لم نحاصره وليس لك دخل فى هذا الأمر فقال الشيخ حمزة هؤلاء أهلي وأسرتي لن أتخلى عنهم إما تتركوهم معي أو أموت معهم ،.
قبر المرحوم / عبدالله جاب ألله بوكليزه الذي أوصى بدفنه مع كوكبة الشهداء
وفى هذه الأثناء كان هناك شابان من عمري يستعدان للفرار من بين السيارات فجهزت نفسي للفرار معهم ولكن فطن لي والدي وقال ماذا أنت فاعل فقلت له أريد أن أهرب مع هؤلاء فمسكني بيده اليمنى وقال إذا كان عمرك طويلا فلا يحدث لك شيء إلا ما يريد الله ، وما هي إلا لحظات هرب المدعو / عبدالعالى التاعب وآخر من قبيلة العواكله فأطلق عليهم الإيطاليون النار فقتل التاعب وأصيب العوكلى فى رجله وهرب داخل الوادي ، حين ذلك أمر القائد الإيطالي باستمرار إطلاق النار على الجميع فأخفاني والدي وشدني إليه وغطاني بطرف الجرد فلم أر شيئاً سوى سماع إطلاق النار وبدأ الإيطالي يتفقد من ما زال حياً ويطلق عليه النار فلم أتحرك إطلاقاً وبعد ذلك سمعت حركة انسحاب السيارات حتى أني انسحبت من تحت جثة والدي وأخي الذي كنت واقفاُ بينهما فوجدتهم جثثا هامدة وارتبكت في أول الأمر لحظة فلمحت أحد الناس في الجهة الشرقية يتحرك فأسرعت إليه وأمسكت بيده فقام واقفاُ وإذا به سليم عدا جرح بسيط في كتفه يدعى / محمد بوحميد العدلى وكان يرتجف من هول الواقعة والتفت خلفي فوجدت الشيخ حمزة يتألم مما أصيب به من رشاش الإيطاليين فوقفت عليه فقال لي من أنت وكانت الإصابة فيه من الجهة اليمنى فقلت له أنا عبدالله ولد جاب الله بوكليزه فقال (هالكلاب ) أثناء كلامي أتى فارسان من المجاهدين وكان واحد منهم المجاهد / حمد بوربيده الحمرى والآخر / المجاهد مفتاح بوشاح البرعصى ونزل بوربيده وسألني من هذا فقلت له سيدي حمزة فذكر عليه الشهادة وقال له الشيخ حمزة من أنت ؟ فقال أنا حمد بوربيده فقال له يا ابن عمى قبلني واسقني فأحضر مطارة ماء من على حصانه وسقاه فتوفي على الحال وغطاه وركب حصانه مع رفيقه وذهبا دون أن يخاطبوني بشيء ، وفى هذه الأثناء حضرت النسوة والأطفال من الوادي وكان النواح والبكاء وكانت هناك امرأة كبيرة السن لا أذكر من هي من نساء الحمر فهزتني بشده حتى فطنت وقالت اركب على هذا الجمل واذهب إلى نواجع المريتيبة لإغاثتنا مما نحن فيه وهناك ركبت الجمل ورأيت بعض النسوة والأطفال قد رحلوا مشياً على الأقدام نحو المريتيبة وذهبت راكباً الجمل إلى المريتيبة ووصلت هناك عند غروب الشمس وكانت أول من استقبلني أختي زوجة حمد بوربيده وسألتني ماذا حدث ؟ فأخبرتها بكل شيء وكانت ليلة مُظلمة وقد تجمّع أعيان النواجع بالمريتيبة من عدة قبائل وقالوا (من اللي مات فى تلك الواقعة) فقلت لهم والدي جاب ألله بوكليزه وأخي عبد ربه جاب الله (طالب فى الجغبوب) وإبن عبدالله راف الله العليقى وإبن عمي الحسين راف الله كذلك مات من الحمر كل من الشيخ حمزة الحمرى وعطيه قطيش الحمرى والمبروك على الحمرى وإبراهيم بالعيد الحمرى وعبدالقادر علي الحمرى وكذلك من القبائل الأخرى ، محمد العبس المريمى وعلي عبدالعزيز الغمارى البرعصى وامبارك غريب السنينى وعبدالعزيز الغمارى البرعصى والكاسح العدلى .
يكون بذلك عدد الشهداء (16) شهيداً .. وهنا اتفق أعيان النواجع بأن يقوموا بدفنهم ليلة قدومي للنجع ولكن أثناء النقاش اعترض على هذا الإجراء ابن عمنا إزقيم العليقى وقال لا تقوموا بأي إجراء قبل أن نلتقوا غداً صباحاً بمدير منطقة مرتوبة المدعو بن سعود الذي كان مديراً تحت السلطة الإيطالية وبالفعل أمست الناس والنساء تنوح وتبكي حتى الصباح وعند طلوع النهار ذهب إزقيم ومعه بعض الرجال وطلبوا من مدير مرتوبة أن يأذن لهم بدفن الشهداء فرفض على الفور وقال من يقترب منهم يكون مخربا وخارجا عن القانون الإيطالي فرجع الحاج إزقيم بخفي حنين واتفق الجميع على أن يقوموا في الليلة القادمة بدفنهم على أن يذهب لهم من كل قبيلة رجلان لكل شهيد مجهزين بأدوات الحفر والجمال وفعلاً ذهبنا ليلاً وبدأنا الحفر بمكان الواقعة فوجدنا الأرض صخرية فأشار على الجميع المجاهد / عبدالله بو عبدالرازق الحمرى الملقب بالبسطة بأنه يعرف كهف قريب من المكان يمكن دفن الشهداء به وفعلاً اتفق الجميع على الدفن بالكهف وقمنا بفرش أرضية الكهف ببقية الحصران والأغطية ووضع الشهداء داخل الكهف وتم غطاؤهم بالأغطية وقفل الكهف بالشجر التي قطعت منه وأسقطت الحجارة والتراب حتى أنه أقفل الكهف تماماً وأصبح إلى يومنا هذا يسمى بكهف الشهداء بأرض عائلة منصور العبيدات وهذه الرواية كما جاءت من قبل المرحوم / عبدالله جاب ألله الذي وافاه الأجل فى النسما وتم دفنه مع شهداء الكهف المذكورين يوم 2/12/1985 م.
هذه الشجرة هى الشاهد الوحيد حالياً على تلك المذبحة البشعة
من المعروف أن السيد/ امساعد إبريك الحمرى من الذين هبوا لنداء الواجب القومي في حرب فلسطين سنة 1948م ، كيف لا وهو ينتمي إلى عائلة من الأشراف المجاهدين في سبيل الله ، وهنا أود القول إن الشهداء لا شك أنهم في عليين وأن العملاء والخونة في مزبلة التاريخ يلعنهم الأحياء في الدنيا وفى الآخرة لهم عذاب شديد .
رحم الله شهداء الكهف الذي وقفت أنا شخصياً أمام كهفهم وقرأت عليهم الفاتحة وتجولت في تلك الساحة التي استشهد فيها أولئك الأبطال وقمت بترديد تلك الأبيات الشعرية التي نظمها الشاعر الحمرى عن تلك المذبحة البشعة وكم من مذابح قام بها الإيطاليون في حق أهلنا في كل مدينة وقرية ونجع من نجوعنا الطاهرة الحبيبة في ربوع الوطن الغالي .
يقول الشاعر/ جاب الله حمد الحمرى الملقب بوالعقورية إشارة إلى أم أبيه فاطمة العقورية وهى المرأة التي قامت بالزغاريد أثناء إعدام شيخ الشهداء عمر المختار وكان ذلك واضحاً في (فيلم عمر المختار) ويقول الشاعر في مطلع قصيدته الشهيرة قصيدة وادي بالضحاك التي اخترت منها هذه الأبيات الخالدة :
إحكى يا وادى بالضحاك .. إحنا سلنّاك .. علينا حاجه تجحد راك
إحكيلى يا وادى بالحق على حمزه وأبطال إمعاه
نهاراً فيه الداوى نقّ نهاراً مقلول المنجاه
نهاراً فيه النجع إحرقّ نهاراً ما ننسوا ذكراه
إحكيلى حمزه ويش نطقّ بعد مصباه دون إقرباه
الله دايم راعى لزرقّ إللى عالجار طويل عناه
إللى لا خان ولا فارقّ على ما ليطالى مناه
إستشهد والموت إنها حقّ
غير نشدناك .. بعد جيناك .. على ماضى ساير يالاك .
وحفاظاً على الأمانة التاريخية في نقل المعلومات وسردها كما جاءت ومن خلال ما تم ذكره ونشره في منشورات مركز دراسات جهاد الليبيين (القيادة والإمداد في حركة الجهاد الليبي) صفحة 324 /325/326/327/328 رأيت من واجبي الولوج على ما جاء حول هذه المذبحة في تلك المنشورات كالآتي ::
كانت منطقة بالضحاك وما جاورها في سنة 27 19م عامرة بخيام الأهالي حيث توجد نجوع قبائل العلالقة والحمر والمنيف والعواكلة ومريم وغيرهم وكان دورهم كشأن بقية الأهالي في العديد من المناطق الليبية هو مساعدة المجاهدين وإمدادهم بالذخيرة والمؤن ولما كانت منطقة بالضحاك مشهورة بوفرة المياه مثل عين الطنجى وغيرها فقد كان وجود المجاهدين أمراً حتمته الحاجة إلى المياه إلى جانب تنفيذ المهام الجهادية والقيام بالعمليات الخاطفة ضد العدو الإيطالي عبر منطقة مأمونة يساهم أهلها في كل معركة حال وقوعها ثم ينسحبون إلى نجوعهم بعد انتهائها وقد حرص المجاهدون من جهتهم حرصاً شديداً على الحفاظ على سرية العلاقة بينهم وبين الأهالي وجعلوا اتصالاتهم محددة بواسطة رجال تميزوا بالحذر والدهاء والشجاعة تم اختيارهم من الطرفين ولكن السلطات الإيطالية الاستعمارية بواسطة شبكة من جواسيسها وأعوانها وبما تملكه من آلة متطورة كانت تعلم بالدور الرئيسي الفعال الذي يلعبه الأهالي في مساعدة المجاهدين وتحكم الرقابة المشددة عليهم وذات يوم رصدت عيون إيطاليا مجموعة من المجاهدين هم ::
1 ــ المجاهد / حويل بوفراج
2 ــ المجاهد / مجيد أبوكسوله الحاسى
3 ــ المجاهد / محمد برقيه الفاخرى
وكان المجاهدون يملكون القدرة في ذلك اليوم من حيث الموقع والاستعداد لإلحاق الهزيمة بالأعداء القادمين ولكنهم يحرصون على سلامة الأهالي فأثروا الانسحاب السريع والفوري حتى لا تنكل إيطاليا كعادتها بالمسالمين في النجوع التي تحدث المعارك قربها ، كانت الفرقة الإيطالية تصحب معها بعض الموظفين والأعيان مخفورين بجنود مرتزقة مصوع هؤلاء الموظفون المشائخ هم :
1 ــ المدعو البنانى وهو يشغل منصب مدير
2 ــ الشيخ / أبوعزاق
3 ــ الشيخ / أبوجازية
وكان يقود الفرقة الضابط (روبيلا) الذي قام بجمع الرجال وطلب من المدير البنانى قراءة رسالة المتصرف (دوداشى) عليهم وكانت موجهة إلى الشيخ المجاهد / جاب الله العليقى ونصها كالآتى :
إن العمل الذي تقوم به تحت راية إيطاليا ليس عملاً مرضياً نرجوا منكم الانضمام إلى مشائخ العبيدات في درنة أو تتجه إلى عمر المختار الذي تُعد أنت من أبرز أعوانه وتكلم الضابط (روبيلا) وكان ملماً باللغة العربية وقال (الكلمات التي قيلت لكم محددة وواضحة وواجبة التنفيذ فوراً والمطلوب منذ هذه اللحظة هو الرحيل إلى المكان الذي حدد لكم فهذه المنطقة أصبحت أرضاً حراماً يقتل فوراً كل من يوجد بها بعد اليوم .
نفذت بعض العائلات الأمر عند سماعه فرحلت تتجه إلى منطقة المريتيبة قرب مرتوبة وهى المنطقة التي أمرت بالرحيل إليها (راجع المصدر الشهيد العدد العاشر 1989 ص 232 ) وبقي في المنطقة متخلفاً عن القوافل المُرحلة بعض الأفراد منهم الحاج / الشيخ جاب الله جادالله بوكليزه الذى كان لا يقابل الإيطاليين لأنه رفض حمل بطاقتهم المسماة البرميسو .
وكذلك بقى الحاج الشيخ محمد العبس المريمى الذي بقى ليركب فرس الأول عند رحيلهم المقرر في اليوم الثاني .
كما بقيت بعض العائلات والأفراد المجاورون للنجع الذي تم ترحيله وكان الأمر الصادر هو إخلاء المنطقة بكاملها ، وقد أرادت السلطات الإيطالية الفاشستية إثبات سياستها في التنكيل والبطش والإرهاب عملياً في عين المكان فانتهزت فرصة خروج المجاهدين من بيت الحاج الشيخ جاب الله بوكليزه وكذلك واقعة سماع الفرقة لإطلاق رصاصة واحدة ناحية نجع الشيخ بالعيد الحمرى ونظراً لصدور الأوامر بتحريم المنطقة الواقعة في وادي بالضحاك وضواحيها فقد نفذت السلطة الإيطالية حكم الإعدام في الشهداء الذين ذكروا سابقاً (والقائمة مطابقة بين ما جاء على لسان إمساعد إبريك الحمرة وما جاء في منشورات مركز دراسات المجاهدين الليبيين).
عند وصول الخبر إلى أقارب الشهداء بمعتقل المريتيبة الجماعي عم الحزن وأشتد الكرب على الجميع وخاصة عندما وصلهم مجندان إيطاليان يحملان أمراً صارماً من الضابط الفاشستى (روبيلا) بعدم دفن الشهداء أو الاقتراب من منطقتهم ليكونوا عبرة لغيرهم على حد قوله ورغم ذلك غامر المشائخ ::
1 ــ على حميد الجازوى بوشنزق
2 ــ إزقيم جادالله العليقى
3 ــ الشيخ / رافع بوغيطاس
غامروا بالتوجه إلى المدير المكلف بدرنة المدعو بن سعود مطالبين بالإذن بدفن الشهداء فأكد لهم وهو في أشد حالات التأثر من حصول الواقعة أن الأمر صريح وشديد من قبل الحاكم الإيطالي غير أن الشيخ / على حميد قال إن حصلت عملية دفنهم من غيرنا فلستا مسؤولين عن ذلك ففهم المدير ماذا يعني ورد : لقد أمرتكم بعدم دفنهم ولن أحاسبكم إن دفنوا من قبل آخرين ولما رجعوا أرسلوا المدعو ميكائيل مازق الفاسى ليستطلع فركب جملاً هجيناً في وقت قصير وأخبرهم بوجود سيارة مصفحة قرب الشهداء وفى اليوم الثاني قررت مجموعة من أقارب الشهداء التوجه لدفنهم وكان منهم ::
1 ــ السكورى عبدالقادر
2 ــ حميد عبدالقادر
3 ــ موسى النعاس
4 ــ على التواتى أبوفضيل
5 ــ مجاور مرعى
6 ــ حويل بوفراج
7 ــ سليمان النعاس
8 ــ شعيب عزاق الغيثى
9 ــ عبدالله جاب الله وغيرهم من أقارب الشهداء .
خرجت هذه المجموعة ليلاً في اليوم السابع عشر من شهر عاشوراء وكانت الأرض التي وقع بها الشهداء صخرية فاقترح الشيخ شعيب دفنهم قرب النجع واقترح آخر بدفنهم في مقبرة الهيشة ولكن الشيخ إدريس جادالله الفاسى اقترح دفنهم في كهف بمنطقة استشهادهم حيث دفن كل من الشهداء جاب الله بوكليزه وحمزه الحمرى وعبدالعزيز الغمارى وعلي عبدالعزيز فوق الطبقة الوسطى من الكهف بينما دفن بقية الشهداء في الطبقة الأرضية بجانبهم وقد أوصى رفيقهم عبدالله جاب الله بأن يدفن معهم فدفنه أولاده بجانبهم عندما توفي رحمهم الله جميعاً ورحم شهداء الوطن .
وهكذا كان المجاهدون أكرمهم الله بالجهاد فأكرموا موتاهم بالدفن. .
وأخيراً أود التنويه أنه لا يمكن إخفاء الأسماء سواءَ للمجاهدين الأبطال أو المشايخ والأعيان الذين عملوا مع إيطاليا أو أي تابع آنذاك ولا نقصد من ذلك الإساءة لأحد ولكن التاريخ أمانة يحاسب عليها الإنسان أمام خالقه ولا ننسى العبارة التي ذكرتها لسيدي عمر المختار فربما هذه العبارة تشفع للعديد من الذين نعنيهم ، المهم أن الشهداء أكرمهم الله تعالى بالشهادة وبالصيت الطيب والذكرى العطرة بينما حُرم منها أولئك الذين عملوا مع إيطاليا أو جاملوها من الثواب في الدنيا والله أعلم بحالهم لأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور.
وفى الختام أتوجه وبشدة إلى كل من درنة والقبة وإلى الرابطة العامة للمجاهدين وإلى أمانة مدينة درنة وإلى كل الضمائر الحية في المجتمع المدني أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه هؤلاء الشهداء الأبطال .. فهل يجوز أيها المسؤولون أن يتحول كهف الشهداء إلى مقر (لتربية ومبيت الأغنام وتخزين السماد الحيواني) أمام سمع وبصر الجهات المسؤولة ، فإذا لم تكونوا ممن ضحى أجدادكم من أجل الوطن وجاءت بكم الأقدار لتركبوا الكراسي بدلاً من الخيل التي ركبها أولئك الأجداد ، فلا نطلب منكم سوى احترام من استشهدوا في سبيل حماية الأرض ولا أكثر من ذلك ، وانهبوا كما شئتم فتاريخكم حافل بنهب خيرات الوطن أنتم وأجدادكم ومن نتحدث عنهم تاريخهم حافل بالأمجاد ولا تقدير ولا احترام لدولة لا تحترم شهداءها..
الشباب الليبي
كهف الشهداء .. وملحمة خالدة من البطولة والفداء
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
رد: كهف الشهداء .. وملحمة خالدة من البطولة والفداء
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
عبدالله النيهوم- مشرف منتدي ألبوم الصور
-
عدد المشاركات : 5352
العمر : 44
رقم العضوية : 9184
قوة التقييم : 27
تاريخ التسجيل : 30/12/2011
رد: كهف الشهداء .. وملحمة خالدة من البطولة والفداء
شكرا لمتابعتكم الرائعة..وفقكم الله
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
مواضيع مماثلة
» أمهات الشهداء وأطفال الشهداء تحتفل بأول عيد لثورة الحرية
» مكتب الشهداء والمفقودين بطبرق يودع منح شهور فبراير ومارس وأبريل في حسابات أسر الشهداء
» رفض دعوى خالدة ضياء ضد طردها من منزلها
» في الذكرى الـ 86 لاستشهاده.. عمر المختار "أيقونة" نضال خالدة
» أرشافين يسجل رباعية خالدة ويوقف ليفربول عند حده
» مكتب الشهداء والمفقودين بطبرق يودع منح شهور فبراير ومارس وأبريل في حسابات أسر الشهداء
» رفض دعوى خالدة ضياء ضد طردها من منزلها
» في الذكرى الـ 86 لاستشهاده.. عمر المختار "أيقونة" نضال خالدة
» أرشافين يسجل رباعية خالدة ويوقف ليفربول عند حده
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» الإكوادور وجهة مثالية لقضاء العطلات وسط المناظر الطبيعية
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» سر ارتفاع دواسة الفرامل عن دواسة البنزين في السيارة
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» ما ميزات شبكات "Wi-Fi 8" المنتظرة؟
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» رد فعل صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
اليوم في 8:04 am من طرف STAR
» هل تعاني من الأرق؟ طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الكبة المشوية على الطريقة الأصلية
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:00 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR