الخضار : أتمنى أن تكون محاكمات أنصار النظام السابق عادلة

آخر مدعٍ عسكري في نظام القذافي: أتمنى أن تكون محاكمات أنصار النظام السابق عادلة
المستشار الخضار لـ«الشرق الأوسط»: وفاة شكري غامضة وأبلغني قبلها بأنه يجمع مذكراته

خالد محمود
قال المستشار محمد بشير الخضار، عضو المحكمة العليا الليبية وآخر «مدعٍ عام عسكري» في نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، إن وفاة شكري غانم، آخر وزير نفط في عهد القذافي، مؤخرا في النمسا ربما تقف وراءها أجهزة. وكانت النمسا أكدت أنه لا توجد شبهة جنائية في حادثة وفاة غانم.
وقال الخضار، وهو صديق شخصي مقرب من غانم، في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» في القاهرة التي يزورها حاليا، إن هناك مصلحة أيضا لأعوان النظام السابق في التخلص من غانم بحكم ما كان يمتلكه من معلومات خطيرة حول اتفاقيات تصدير النفط التي عقدتها البلاد في السنوات الأخيرة. ودعا الخضار إلى تشكيل حكومة وطنية ائتلافية في ليبيا بعد أول انتخابات برلمانية تشهدها منذ نحو ستة عقود، لافتا إلى ضرورة تعميق الديمقراطية وسيادة القانون لتفادي تكرار وجود قذافي آخر على رأس السلطة في البلاد. والى نص الحوار..
* ما تقييمك لنتائج الانتخابات التي أجريت مؤخرا في ليبيا؟
- لقد تابعت الانتخابات وأنا خارج البلاد ولست قريبا منها، ومن خلال اتصالاتي اتضح أنها بالفعل نزيهة ومرت على خير، والأهم أنها ستتيح الفرصة لتكوين حكومة شرعية منتخبة.
* هل كنت تتوقع أن يحقق الإسلاميون في ليبيا ما حققوه في مصر وتونس؟
- ليبيا تختلف بشكل عام عن البلاد العربية التي تجاورها، وفي الوقت نفسه التيارات الإسلامية ليست قوية باعتبار الدولة الليبية دولة معتدلة إسلاميا، وباعتبار مجتمعها محافظا بطبعه.
* هل تتوقع حكومة توافقية؟
- يجب أن تكون الحكومة القادمة توافقية بالمصالحة حتى نبتعد عن المشاكل، وهدفنا هو أن نبني ليبيا القادمة. ويجب أن نبتعد عن الشخصنة ونتجه لبناء ليبيا، وباقي المشاكل تحل بالقانون وبالمحاكمة العادلة وبالمصالحات بعض الأحيان، وهذا ما ينقصنا الآن. فالتعليم دمر، والصحة دمرت، ولا توجد عندنا أي أسس يمكن أن نتواصل من خلالها. الآن الكل يجب أن يبدأ من جديد وأرجوهم أن يلتفتوا للمستقبل.
* هل تشكيل محمود جبريل للحكومة كما هو متوقع سيسهم في تطوير مستقبل ليبيا؟
- بالنسبة للمقاعد المحددة لمحمود جبريل فهو يتمتع بشعبية كاملة، وبالنسبة لباقي الأحزاب فلها 80 صوتا، وبالنسبة للمستقلين فلهم 120 صوتا وهم الذين يشكلون الأهمية ولا يكونون تكتلا وحدهم، وحتى الآن الصورة غير واضحة.
* دعنا نتكلم عن وفاة شكري غانم باعتبارك رجل الملفات الشائكة.. هل انتحر أم نحر؟
- قلت في السابق واليوم إنه كان صديقي، وكنت رفيقا له، ورحمة الله عليه أعرفه جيدا، هو ليس من النوع المغامر، وكان في البرد القارس يلبس ملابس دافئة ويخاف على نفسه كثيرا، وليس شجاعا لكي ينتحر، وليست لديه هذه الشجاعة - إذا كان الانتحار شجاعة - وبالتالي حكاية انتحاره غير واردة إطلاقا. وإما أنه فجأة قد جاءته أزمة قلبية بجانب النهر وحدث ما حدث، وإما كان ذلك بفعل فاعل، علما بأن بيته قريب من النهر ولا يحتاج إلى وقت طويل للذهاب إليه، ويمكن أن نقول إن وفاته تمت بفعل فاعل.
* إذا قلنا إنه لم يمت بشكل طبيعي.. من تعتقد وراء قتله؟
- هو يملك ملفات كبيرة جدا، واتفاقية إيطاليا النفطية واتفاقية بريطانيا النفطية، ولديه ملفات كثيرة جدا حول هذا المجال، وقد تكون إحدى الجهات التي يهمها الأمر أو المخابرات العالمية أرادت اخذ هذه الملفات عبر قتله.
* هل يمكن أن يكون قتله بعض أتباع النظام السابق حتى لا يكشف ما يمتلكه من معلومات؟
- لا يستبعد ذلك أبدا.
* لكن عائلته لم تتحدث عن أمور مريبة لوفاته؟
- عائلته تحدثت بأنها أمور طبيعية، وأنه تدحرج، وقد يكون هذا صحيحا، وقد يكون لدى عائلته الحق في أن تخاف من أن تقول أي شيء يؤثر على حياتها المستقبلية. وعلى العموم رحمة الله عليه كان رجلا شهما شجاعا بكل معنى الكلمة، وكان يحدثني قبل موته بأسبوع أنه سيقوم بعمل سفريات، ويفكر جيدا أن يجمع مذكراته، وكان دائما يسرني بأخباره السرية والعمل، وكان إذا ذهب لمقابلة القذافي يهاتفني فور رجوعه من هناك ويحدثني عما قاله له القذافي وماذا رد عليه وما قاله سيف وما رد عليه، وكنت ملما بكل هذه التفاصيل.
* على سبيل المثال ماذا كان يقول عن سيف الإسلام؟
- كان لا يعجبه سيف الإسلام كرجل دولة، وكان يقول إنه لا يصلح لأن يترأس البلاد، لأنه يغير رأيه من وقت لآخر، ولحظة يكون معك ولحظة ضدك، وينكر أنه فعل أشياء ولا يتحمل الأمر بشجاعة، فلا تجعله مثل هذه المواصفات يعتمد عليه بأن يستطيع أن يحكم بلدا شجاعا وأن يتحمل رأيه.
* ما تقييمك لما قاله مؤخرا نور المسماري رئيس المراسم الخاصة بالقذافي؟
- كنت أفضل لو ظل صامتا، وما قاله مؤخرا وذكرني أنا شخصيا فيه بالاسم مخالف للحقيقة ومجاف لها، حيث قال إن ابنه فيصل رحمة الله عليه حين توفي كلفني معمر القذافي بأن أحقق في القضية، ورفعتها لمعمر وانتهى الموضوع ولم يعرفوا شيئا، وهذا غير صحيح مطلقا، والصحيح أن ابنه انتحر وبعد ذلك حولت القضية للنيابة العامة في زمن الأستاذ محمد المصراتي الذي كلف بالاهتمام بها اهتماما خاصا واهتم بها فعلا وظهرت النتائج بعد التحقيقات أنها انتحار، وطعن المسماري أمام القذافي بأن التحقيقات غير صحيحة، وأن ابنه قتلوه، ومن قتله لم يقل، وهكذا هو يعتقد بذلك، وكلف القذافي موسى كوسة وعبد الله منصور، بعد ذلك طلب من معمر أن أكون أنا ضمن هذه اللجنة.
* ولماذا أنت من ضمن هذه اللجنة تحديدا؟
- لأنه تربطني به صداقة شخصية وتربطني به علاقة سكن، حيث إنه قريب من مسكني منذ زمن طويل قبل أن يتولى المراسم، وأعرفه معرفة جيدة، وساعدته كثيرا في كثير من الأحيان، وكان من الأولى ألا يذكرني إلا بالحقيقة.
* هل تدخل القذافي في هذه القضية؟
- لم يتدخل إطلاقا.
* باعتبارك رجل قانون.. كيف ترى عملية التسليم والتسلم من المؤتمر الانتقالي العام؟
- المجلس الانتقالي هو الذي حدد الانتقال وحدد لنفسه نهاية صلاحياته وتحويلها إلى الحكومة الجديدة، ولكن أنا أتمني أن يبقى المستشار مصطفى عبد الجليل الرئيس الحالي للمجلس الانتقالي في الصورة، لأنه عاشر الثورة من بدايتها وعرف صراعها وبالتالي المفروض أن يستمر، لأن الحكومة الجديدة ليس لديها رابط أو علاقة بما حدث في ليبيا أثناء الثورة، وبالتالي سنعود إلى نقطة الصفر مرة أخرى.
* لكن هذا الرأي سيغضب الكثير من الليبيين الذين يريدون استقالة عبد الجليل؟
- أنا ليست لي علاقة بالرجل، إنني لم أتحدث مع المستشار ولم أقابله، لكني أقول الحقيقة.
* في تقديرك.. هل الأقوال التي نسمعها عن أن من قاتلوا نظام القذافي كانوا بمئات الآلاف صحيحة؟
- الجرحى والشهداء في ليبيا لم يعالجوا بالطريقة العلمية الصحيحة، وحدثت ارتجالية كبيرة في التعامل معهم، وسبب لنا ذلك ضرر كبيرا. في بعض الأحيان الجرحى الحقيقيون يكونون لا يزالون يعالجون وتجد جرحى آخرين من حوادث بعد الثورة هم الذين أخذوا الجزء الأكبر من جهة العلاج، والشهداء الحقيقيون بعض منهم لم يأخذوا حقهم، وتجد المتوفين بعد ذلك «أي بعد أحداث الثورة» في حكم تسميتهم بالشهداء قد نالوا حظا أكثر من ذلك، لذلك الشهداء أو الجرحى لم يعالجوا معالجة جيدة، وحدثت كثير من التجاوزات، وسبب لنا ذلك مشاكل في الدول العربية والأجنبية لأنه لم يكن مدروسا ولم يكن بطريقة علمية ولم تجهز المستشفيات الأجنبية ولم تسدد لها الأموال قبل مجيء هؤلاء الجرحى، وعليه سبب لنا مشاكل في كثير من السفارات، وما إلى ذلك.. ولا أدري هل الجهات التي تولت هذا الأمر لم تكن ناجحة، أو هكذا الأمور صارت.
* هل ما زلت تفكر في ترشيح نفسك رئيسا لليبيا؟
- أنا قلتها زمان، ليس من باب الترشح لكن من باب أن أوضح للقذافي وأزلامه أننا نستطيع أن نصل لرئاسة الجمهورية ولا يحاسبنا أحد ولا يقتلنا ولا يقبض علينا للترشح ضد القذافي، أنا قلتها والحمد لله حتى الآن لم يعاتبني أحد عليها، بل بالعكس يرحبون كثيرا. أنا أردت أن أوضح للعالم آن ليبيا ليست كزمان، وأنها بالعكس تستطيع أن تشرع وأن تقرر، بصراحة أنا قلتها من باب أن أظهر للعالم أننا نستطيع أن نطالب بأي شيء في ليبيا ولا يحسب علينا، وأن نصل للجمهورية ولا يحاسبنا أحد.
لكن من حيث الواقع العملي الفعلي لا أعني ذلك، ولم أفكر في هذا الأمر إطلاقا حتى بعد التصريح، وإن كان هدفي هو الذي قلته. أريد من شباب الثورة أن يقتحموا هم بأنفسهم هذه المجالات من أجل ليبيا الغد أو ليبيا المستقبل، وأريد للذين خدموا في السابق أن يكونوا أقصى شيء مستشارين أو مساعدين يأتون بالكلمة الحسنة والرأي الحسن في الدراسات وما إلى ذلك.
* ما الذي يجب فعله في ليبيا كي لا يتكرر القذافي مجددا؟
- لا بد من تعميق الديمقراطية في الانتخابات والمساءلة الجدية، والمساءلة ليست عيبا، فالعيب أن يأتي شخص يقتل أو يعذب أو غير ذلك، هذه هي الضمانات للدولة والتي لم تتوافر بعد، ولا بد أن تتوفر الضمانات الكاملة عند الدولة من شرعية وتحقيقات حقيقية ومن عدالة في المحاكم إلى غير ذلك، فلا أحد يخاف من المحاسبة إطلاقا، والخوف من العمليات الفردية الغوغائية يجعله يقول لك «يعذبونني ويقتلونني»، وهذا يتبرأ منه المجلس الوطني باستمرار، يقول ليس عن طريقي ولا تحت إشرافي. هذه العمليات تسبب فيها بعض الجهات، ليس من الثوار الحقيقيين وقد يكونون جماعة القذافي وغيروا لونهم بعد الثورة.. فالذين ظهروا في مظاهرات مليونية أين ذهبوا؟!.. فهؤلاء ليسوا بثوار وليست لهم علاقة بالثورة إطلاقا وليست لهم علاقة بليبيا.
* هل تعتقد أن أزلام النظام السابق سيحظون بمحاكمات عادلة؟
- أتمنى ذلك.
* هل لديك تخوف من أن يتم قتل سيف الإسلام أو السنوسي أو المحمودي قبل المحاكمة؟
- لا أعتقد ذلك لسبب واحد، وهو أن هناك ضمانات دولية بالنسبة للبغدادي (المحمودي آخر رئيس حكومة في عهد القذافي)، وهناك ضمانات بالنسبة لعبد الله السنوسي (صهر القذافي ورئيس جهاز المخابرات الليبية السابق)، وأيضا يوجد مراقبون من محكمة العدل الدولية، وبالتالي لا يستطيع أن يقدم أي شخص على قتلهم إلا إذا كانت محاولة فردية ليست لها علاقة بتنظيم ما في ليبيا، وأنا أنصح بمحاكمتهم محاكمة عادلة، وما دامت توجد أدلة مقنعة وحقيقية فلماذا نخاف؟ فالمحاكمة علنية في وجود الصحافة ووكالات الأنباء، وبالتالي فلا يوجد خوف.