انفراط الاتفاق الأميركي القطري على ليبيا

من طرف عبدالله النيهوم 2012-10-19, 5:44 pm

حسمت الإدارة الأميركية أمرها وقررت محاربة المتشددين الإسلاميين في ليبيا في خطوة اعتبرها مراقبون قطيعة أميركية مع خيار قطري يعمل على دعم المتشددين ماليا وعسكريا ليهيمنوا على ليبيا الجديدة.

وكشف مسؤولون أميركيون أن وزارتي الدفاع "البنتاغون" و الخارجية الأميركيتين بادرتا الى مساعدة الحكومة الليبية على إنشاء قوة كوماندوس لمحاربة المتطرفين الإسلاميين الذين قتلوا السفير الأميركي كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين في ليبيا الشهر الماضي، ومساعدة البلاد على مواجهة الميليشيات فيها.

وقال المسؤولون ان إدارة أوباما حصلت سراً على موافقة الكونغرس على نقل 8 مليون دولار من عمليات البنتاغون وأعمال المساعدة في مكافحة "الإرهاب" المخصصة لباكستان لبدء عملية إنشاء قوة نخبة ليبية خلال العام المقبل يبلغ عدد عناصرها حوالي 500 جندي.

وأشار المسؤولون في تصريحات لنيويورك تايمز إلى ان قوات العمليات الخاصة الأميركية قد تهتم بتدريب قوة الكوماندوس الجديدة كما سبق وفعلت مع قوات مكافحة "الإرهاب" في باكستان واليمن. ولم يُتخذ قرار نهائي بشأن هذه الخطة وتفاصيل كثيرة لم تُحدد بعد مثل مهمة وتركيبة وحدة الكوماندوس، إلا ان مسؤولين حكوميين أميركيين يقولون إن الخطوط الرئيسية نوقشت مع مسؤولين مدنيين وعسكريين ليبيين في إطار حزمة مساعدة أمنية أميركية أوسع لليبيا.

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تعهدت بملاحقة من قتلوا السفير وتقديمهم للعدالة. ويقول مراقبون إن الهجوم على قنصلية بنغازي غيّر المقاربة الأميركية لأسلوب التعاطي مع الإسلاميين ليس فقط في ليبيا بل في دول "الربيع العربي" ككل.

ويضيف المراقبون أن الإدارة الأميركية، التي أخذت نصائح وكلاء لها بالمنطقة بينهم قطر، قد فتحت أبواب الحوار مع إسلاميي مصر وتونس وليبيا قبل سقوط الأنظمة وبعدها، ولم تمانع في أن يتسلموا الحكم شريطة المحافظة على المصالح الأميركية وحمايتها. وتقول أوساط تابعت تفاصيل الحوار بين الإخوان والأميركيين إن الإخوان قبلوا بتقديم ضمانات للأميركيين حول عدة نقاط تخص الالتزام بعدم معاداة إسرائيل، وعدم الانخراط في أي حلف ضد إيران، بالإضافة إلى احتواء السلفيين ومنع أي نشاط للقاعدة في بلدان "الثورات".

والتقت وزيرة الخارجية الأميركية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة كلا من الرئيس المصري محمد مرسي، ووزير خارجية تونس رفيق عبد السلام، وبدت غاضبة في اللقاءين كما أكدت أوساط في واشنطن. وقال محللون في واشنطن إن الإدارة الأميركية تعمل على الرد على نشاط المجموعات المتشددة في البلدان الثلاثة عبر مستووين، الأول أمني من خلال فرقة كوماندوس تلاحق المورطين في اغتيال السفير ببنغازي، وكذلك الضغط على حكومة "النهضة" في تونس لمحاكمة أكثر من 700 شخص قالت واشنطن إنهم مورطون في الهجوم على سفارتها.

وفي المستوى الثاني، يؤكد المحللون أن واشنطن حسمت أمرها بخصوص حكومة "النهضة" بتونس التي بقيت تتفرج على الهجوم على السفارة، فضلا عن رعايتها للسلفيين ووقوفها ضد محاكمتهم في قضايا كثيرة، والأمر نفسه ينطبق على مصر حيث ترى واشنطن أن مرسي لم يحسم أمره بشأن القضايا الأساسية التي تم الاتفاق عليها. ويضيف هؤلاء المحللون أن ليبيا ستكون الاستثناء خاصة مع صعود رئيس وزراء ذي خلفية ليبرالية، وفي ظل تظاهر الليبيين ضد المجموعات المتطرفة وتولي طردها من المدن الكبرى. وقالت مصادر دبلوماسية في واشنطن إن إدارة أوباما غاضبة على الدور القطري بليبيا، وشمال افريقيا ككل، لما سيكون لأحداث السفارات من تأثير على الانتخابات الرئاسية القادمة .

يشار إلى أن المجموعات السلفية، المدعومة من الإخوان، كانت تنتظر أن تهيمن على ليبيا عبر الانتخابات، لكن فشلها دفعها إلى تغيير الاستراتيجية إلى العنف والأرض المحروقة. ويضيف هؤلاء أن المجموعات ذات الأعلام السوداء "كما يشير إليها الليبيون" تتحرك وفق أجندة خارجية، وترتبط بأطراف ساعدت في الإطاحة بنظام القذافي.

ويشير المتابعون، بالخصوص، إلى الدور القطري في دعم هذه المجموعات واتخاذها وسيلة للضغط للحصول على دور ما في القضايا الإقليمية "ليبيا، سوريا"، وإرسال إشارات في الغرض إلى دول كبرى ذات مصالح بالمنطقة. ويقول هؤلاء إن قطر تريد أن تسوق نفسها كبديل عن قوى إقليمية تقليدية في خدمة المصالح الأميركية بالمنطقة، ولهذا استثمرت بشكل كبير في ترويض مجموعات الإسلام السياسي وتحويلها إلى ورقة مناورة بيدها.

وجاءت نتائج الانتخابات، وانتخاب رئيس وزراء ليبرالي، والمظاهرات التي قادها الليبيون ضد المجموعات المتشددة ما دفعها إلى الاختباء، لتؤكد فشل الخيار القطري في ليبيا وانتصار الخيار الوطني.