إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
الخليجيون وسوريا مقال بحثى يستحق القراءة
صفحة 1 من اصل 1
الخليجيون وسوريا مقال بحثى يستحق القراءة
الخليج وسوريا، حافظ ورفعت، بشار وماهر؛ سيناريوهات مكررة
بشار يفقد السيطرة على الوضع الأمني، وماهر يستعد للانقضاض على الملف السياسي، والخليج يراقب، والحل في يد الشعب السوري.
لا يلبث الزمن أن يعود مرة أخرى؛ يرحل الآباء بصراعاتهم ويعود الأبناء ليكرروها مرة أخرى.
في الثمانينات من القرن الماضي صارع حافظ أخاه رفعت على السلطة، ودفعت سوريا الثمن حتى تدخلت دول خليجية لإيقاف كارثة كانت ستمحو دمشق من الوجود كما قال العماد مصطفى طلاس في مذكراته.
وها هي الايام تعيد السيناريوهات نفسها وسط صراع بدأ يكبر ويتعاظم بين بشار وأخيه ماهر على من يملك القرار ومن يحدد نجاعة الحل الأمني من عدمه
وها هي دول الخليج في طريقها للتدخل مرة أخرى ولو بإسداء النصائح حتى هذا الوقت.
الباحث عبدالعزيز الخميس يلقي الضوء على مخطط البيت الداخلي للنظام السوري وعلاقته بمحيطه الشعبي وجواره الخليجي واللبناني، والقشة التي يحاول التشبث بها على أمل الخروج من أزمته والتي يخشى أن تكون هي نفسها السبب في قصم ظهره.
لا يلبث الزمن أن يعود مرة أخرى؛ يرحل الآباء بصراعاتهم ويعود الأبناء ليكرروها مرة أخرى.
في الثمانينات من القرن الماضي صارع حافظ أخاه رفعت على السلطة، ودفعت سوريا الثمن حتى تدخلت دول خليجية لإيقاف كارثة كانت ستمحو دمشق من الوجود كما قال العماد مصطفى طلاس في مذكراته.
وها هي الايام تعيد السيناريوهات نفسها وسط صراع بدأ يكبر ويتعاظم بين بشار وأخيه ماهر على من يملك القرار ومن يحدد نجاعة الحل الأمني من عدمه
وها هي دول الخليج في طريقها للتدخل مرة أخرى ولو بإسداء النصائح حتى هذا الوقت.
الباحث عبدالعزيز الخميس يلقي الضوء على مخطط البيت الداخلي للنظام السوري وعلاقته بمحيطه الشعبي وجواره الخليجي واللبناني، والقشة التي يحاول التشبث بها على أمل الخروج من أزمته والتي يخشى أن تكون هي نفسها السبب في قصم ظهره.
* * *
وسط ضجيج المسافرين في مطار دبي الحديث أزاحت سيدة وقورة نظارتها السوداء وهي تقف أمام حاملة الصحف والمجلات في إحدى زوايا المطار الكبير. نقلت بصرها بين عناوين الصحف وبين وجه زوجها الذي بدا هادئاً حزيناً ليسيرا بعدها في صمت متجهين الى بوابة الصعود الى الطائرة.
لم تكن هناك كلمات كثيرة بين الزوجين الذي سطرت في دمشق قصة حبهما الخالدة ومواجهتهما التحديات غير المرتبطة بعلاقاتهما الزوجية فحسب بل بعلاقتهما مع ما يحصل في بلادهما اليوم او بالأمس كذلك.
كانت بشرى الأسد تعرف أن رحلتها مع زوجها آصف شوكت ليست هذه المرة مثل غيرها للسلام على والدتها او زيارة أقارب بعد ان تركا دمشق بحثاً عن الهدوء.
هذه الرحلة أملتها دعوة من رئيس سوريا الأخ العزيز على قلب بشرى للم شمل العائلة وللوقوف أمام التحديات التي جللت الصفحات الأولى للصحف العالمية.
يتميز آصف شوكت بالقدرة على الحوار والتفاوض ويفهم جيداً ظروف سوريا نتيجة لعدة عوامل اهمها انه من عائلة رفيعة القدر في جبل العلويين. ترك سوريا بعد خلافات حادة مع بعض أطراف الحكم هناك قيل انها مع القطب الأمني القوي وأخ الرئيس ماهر.
ارتأى آصف وزوجته الابتعاد الى دبي لإخماد ما يمكنه ان يطور الخلافات داخل العائلة، وهو حينما يعود الى دمشق وبدعوة من صديقه الحميم بشار الأسد لن يعود للوقوف في الظل بل ليرمم ما تسبب فيه ماهر الابن المندفع من تصدعات.
هذا ما تتحدث عنه صالونات دمشق المتذمرة والتي تعلق آمالاً كبيرة على أن يقنع آصف الأخوين بحلول افضل واقل كلفة.
لم تكن دبي لآصف منفىً اختيارياً بل كانت خياراً مناسباً أراد عبره ان يبقى وعائلته في محيط عربي وان يكون على بعد مناسب من ما يحدث في العالم العربي.
لم يذهب الى موسكو ثم باريس ثم ماريبا واخيراً الى لندن أسوة بعم العائلة رفعت الأسد حين أبتعد جداً عن سوريا.
كانت دبي مرحلة مهمة تنسجم مع قناعات آصف بأن هناك تجارب ناجحة في عالمنا العربي حيث العلاقة بين الفرد والحاكم يجب ان تكون علاقة تقليدية فيها الكثير من التسامح والتقاليد العربية القديمة والتي تعطي للحاكم حقوقه لكن تلزمه بواجبات مهمة وهي ان يراعي مصالح مواطنيه ويحرص عليها ويحميها.
وعلاقة سياسي سوري مع منطقة ما في الجزيرة العرب هي علاقة قديمة منذ ان كان الغساسنة يلجأون للجزيرة العربية عند ادلهام الخطوب مروراً بالفتح العربي للشام بكامله.
كانت سوريا شريكاً مهماً ضمن مراحل تاريخية تطورت فيها علاقة الجزيرة العربية بسوريا التي أصبحت إستراتيجيا خط الدفاع الأول للجزيرة العربية التي كانت المزود الرئيس لبلاد الشام سكانياً.
وتطورت العلاقة مع قدوم الملك الحجازي فيصل الأول الى دمشق ليجلس على عرش سوريا بل كانت الشام هي العمق الشمالي للجزيرة وعشائر الشام تبحث في الجزيرة عن عزوتها عند اشتداد المحن.
لذا فحين تنطلق الاصوات الشامية متسائلة اين هم أهلها في الجزيرة العربية لا يستغرب العربي ذلك بل يرى ان واجبه نحو اهله في الشام حتمي وان تم تأجيله من قبل الأنظمة بسبب الظروف السياسية التي لا يفهمها اهل الجزيرة.
لم تكن هناك كلمات كثيرة بين الزوجين الذي سطرت في دمشق قصة حبهما الخالدة ومواجهتهما التحديات غير المرتبطة بعلاقاتهما الزوجية فحسب بل بعلاقتهما مع ما يحصل في بلادهما اليوم او بالأمس كذلك.
كانت بشرى الأسد تعرف أن رحلتها مع زوجها آصف شوكت ليست هذه المرة مثل غيرها للسلام على والدتها او زيارة أقارب بعد ان تركا دمشق بحثاً عن الهدوء.
هذه الرحلة أملتها دعوة من رئيس سوريا الأخ العزيز على قلب بشرى للم شمل العائلة وللوقوف أمام التحديات التي جللت الصفحات الأولى للصحف العالمية.
يتميز آصف شوكت بالقدرة على الحوار والتفاوض ويفهم جيداً ظروف سوريا نتيجة لعدة عوامل اهمها انه من عائلة رفيعة القدر في جبل العلويين. ترك سوريا بعد خلافات حادة مع بعض أطراف الحكم هناك قيل انها مع القطب الأمني القوي وأخ الرئيس ماهر.
ارتأى آصف وزوجته الابتعاد الى دبي لإخماد ما يمكنه ان يطور الخلافات داخل العائلة، وهو حينما يعود الى دمشق وبدعوة من صديقه الحميم بشار الأسد لن يعود للوقوف في الظل بل ليرمم ما تسبب فيه ماهر الابن المندفع من تصدعات.
هذا ما تتحدث عنه صالونات دمشق المتذمرة والتي تعلق آمالاً كبيرة على أن يقنع آصف الأخوين بحلول افضل واقل كلفة.
لم تكن دبي لآصف منفىً اختيارياً بل كانت خياراً مناسباً أراد عبره ان يبقى وعائلته في محيط عربي وان يكون على بعد مناسب من ما يحدث في العالم العربي.
لم يذهب الى موسكو ثم باريس ثم ماريبا واخيراً الى لندن أسوة بعم العائلة رفعت الأسد حين أبتعد جداً عن سوريا.
كانت دبي مرحلة مهمة تنسجم مع قناعات آصف بأن هناك تجارب ناجحة في عالمنا العربي حيث العلاقة بين الفرد والحاكم يجب ان تكون علاقة تقليدية فيها الكثير من التسامح والتقاليد العربية القديمة والتي تعطي للحاكم حقوقه لكن تلزمه بواجبات مهمة وهي ان يراعي مصالح مواطنيه ويحرص عليها ويحميها.
وعلاقة سياسي سوري مع منطقة ما في الجزيرة العرب هي علاقة قديمة منذ ان كان الغساسنة يلجأون للجزيرة العربية عند ادلهام الخطوب مروراً بالفتح العربي للشام بكامله.
كانت سوريا شريكاً مهماً ضمن مراحل تاريخية تطورت فيها علاقة الجزيرة العربية بسوريا التي أصبحت إستراتيجيا خط الدفاع الأول للجزيرة العربية التي كانت المزود الرئيس لبلاد الشام سكانياً.
وتطورت العلاقة مع قدوم الملك الحجازي فيصل الأول الى دمشق ليجلس على عرش سوريا بل كانت الشام هي العمق الشمالي للجزيرة وعشائر الشام تبحث في الجزيرة عن عزوتها عند اشتداد المحن.
لذا فحين تنطلق الاصوات الشامية متسائلة اين هم أهلها في الجزيرة العربية لا يستغرب العربي ذلك بل يرى ان واجبه نحو اهله في الشام حتمي وان تم تأجيله من قبل الأنظمة بسبب الظروف السياسية التي لا يفهمها اهل الجزيرة.
حافظ ورفعت
في مثال على الدور الخليجي في شؤون سوريا وبالذات في شؤون القصر هناك ذلك الدور حينما وقعت دمشق وسوريا بأكملها تحت وقع أصوات الدبابات تتحرك لتحيط بدمشق والمجنزرات تتمركز في المواقع المهمة استعداداً لمعركة شرسة بين الاخوين حافظ ورفعت.
لم يكن اهتمام الغرب ولا حتى الدول العربية الاخرى يماثل ما كان لدى دول الخليج العربي.
يروي وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس قصة تحرك حافظ ضد أخيه رفعت الذي سبقه بالاستعداد:
فجر 25/2/1984 هتف الرئيس إلى العماد طلاس في منزله: "ارتد لباسك العسكري وتوجه مباشرة إلى مكتبك في القيادة العامة واستنفر التشكيلات الضاربة القريبة من دمشق وارفع درجة استعدادها القتالي إلى الكامل، لأن العميد رفعت الأسد استنفر سرايا الدفاع بالكامل وهو يعد العدة للسيطرة على دمشق (...) وليكن في علمك أن رفعت جاد هذه المرة (...) ويجب أن تضع في اعتبارك أن المواجهة قائمة لا محالة ولذلك ليس أمامك سوى إشعاره بأن المواجهة مع الجيش ستكون عملية انتحارية له ولأتباعه".
في ذلك الوقت كان السعوديون ومعهم الخليجيون يراقبون الوضع جيداً وكانت السعودية تمول رفعت الاسد بمبلغ خمسة ملايين دولار شهرياً كما يدعي طلاس. بينما قطر عبر اميرها آنذاك والشيخ سحيم آل ثاني يقومان بسد رغبات متتابعة للأموال في ظل صراع أخوي بارز.
وحالما تبين للجميع ان الصراع بين الاخوين سيكون لصالح حافظ الأسد تدخل السعوديون لإقناع رفعت بالخروج من البلاد والرحيل الى موسكو اولا ثم اوروبا وتم الاتفاق بين الاخوين لإنهاء الصراع بعد ان تمت تسوية الجانب المالي للصراع بمبالغ مالية كبيرة تم توفيرها عبر ليبيا والسعودية وقطر ودول خليجية اخرى.
كانت العلاقة الشخصية بين ولي العهد السعودي آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز ورئيس الامارات العربية المتحدة الراحل زايد بن سلطان آل نهيان من جانب وحافظ وأخيه رفعت من جانب آخر تلعب دوراً مهماً في رأب الصدع بين الأخوين خاصة وأن الصراع استمر يرتفع تارة ثم ينخفض ولم يكن هناك حل سوى ألا يبقى في سوريا سوى أسد واحد فبقي حافظ.
في وقت الصراع كانت الخزينة السورية خاوية على عروشها نتيجة لسياسات عبد الرؤوف الكسم رئيس الوزراء الاقتصادية السيئة وصراع الأخوين وكانت دول الخليج وليبيا كالعادة تقدم العون اللازم في الوقت المناسب حين يحتاج الشعب السوري الى حاجيات أساسية.
بعد رحيل رفعت استقرت الامور لصالح حافظ فاصبح مطلق اليد لإنجاز مهمته في جعل سوريا في قلب الاحداث لا مجرد لاعب تابع للاجندة التي تحدد في القاهرة او الرياض.
وبدأ حافظ يلعب بكل إتقان بين مواقف مختلفة لكنه أجاد في جعل بلاده سنداً قوياً لدول الخليج ووضح ذلك في موقفه خلال حرب الخليج الثانية، حين وقفت سوريا الى جوار الكويت، وقد فسر البعض ذلك الموقف على انه موقف ليس مبدئياً بل شخصي وانتقامي ضد البعث العراقي وخاصة صدام حسين.
كانت أكثر ملاحظات المراقبين للسياسة السورية تشير الى كيفية إجادة صانع القرار السوري الوقوف في منتصف الطريق بين ايران ودول الخليج.
لكنهم أيضاً يشيرون الى ان سوريا دائماً ما وقفت مع عروبة الخليج ويبدو ان ذلك لسبب مهم وهو ان مصالحها ومنهجها البعثي، لا بد وان يلتزم بقومية العربية ومنها عروبة الخليج، دون ذلك سيقدم النظام على تدمير مصداقيته القومية.
هذا الوقوف مع دول الخليج وعروبة الخليج وليس تبعيته لإيران ليس لعيون او اموال الخليجيين فقط بل لأن النظام البعثي قومي للنخاع كما يدعي في الداخل ولو وقف مع ايران في ادعاءاتها بفارسية الخليج والبحرين على الأخص لفقد صبغة النظام العربية ولجعله في موقف صعب داخلياً وخارجياً.
في الفترة من تحرير الكويت الى سقوط بغداد كانت العلاقات بين الدول الخليجية وسوريا ترتبط بالموقف داخل لبنان؛ فكان هناك تعاون مثمر ادى الى اتفاق الطائف وايضاً الى تهدئة الاجواء بين واشنطن ودمشق عبر وساطات سعودية متكررة.
توفي حافظ الأسد عام 2000 ليفاجأ الخليجيون مثلهم مثل غيرهم بوجود ابن في السلطة لا خبرة لديه.
سببت الوفاة قلقاً في منطقة الشرق الأوسط حول سوريا وكانت هناك رغبة للوقوف مع الرئيس الجديد خشية من انفلات الوضع ليس في سوريا بل في داخل العائلة حيث تحرك العم رفعت الأسد مشككا بقدرة ابن اخيه على قيادة سوريا.
وعلى الرغم من العلاقة القوية بين العم رفعت والملك عبد الله إلا ان السعودية فضلت الوقوف الى جوار بشار لمعرفتها جيداً أن رفعت شخص غير مرغوب به في سوريا ليس من قبل الشعب بل من قبل دائرة العلويين الضيقة.
وفي حوار أجرته جريدة الجزيرة السعودية قبل سنوات مع بشار الأسد، قال إن خادم الحرمين دعمه كثيراً في بدايات حكمه، وأنه كلما تعامل معه شعر بأنه يتعامل مع شخص ينظر له كابن.
لم تستمر قصة الأب والابن، عبد الله وبشار طويلاً حيث تدخل السيد ليفسدها فأصبح حسن نصر الله ولي الولي الفقيه في لبنان وزعيم حزب الله أقرب لقلب وعقل بشار الأسد.
وبدلاً من ان يعمل حسن نصر الله لدى بشار كما كان يعمل عند والده اصبح بشار هو الذي يعمل عند الاثنين الولي الفقيه ووليه في لبنان.
بعد سقوط بغداد تحرك النظام السوري عاجلاً لحماية نفسه فبدأ في التحرك على ملفات كثيرة، أولها تحصين نفسه بالهجوم وليس الدفاع ففتح حدوده للمجاهدين ومعظمهم خليجيون واستضاف قيادات مقاومة عراقية وسهل مرور التمويل الذي يأتي معظمه من الخليج للمقاومة العراقية.
كان الهدف السوري هو اشغال الولايات المتحدة في العراق حتى لا تتفرغ لسوريا. وكان الخوف من مخطط اميركي معد للاطاحة بحكم الأسد في سوريا شغل بشار الشاغل.
وذكر اكثر من مسؤول خليجي في صالوناتهم كيف ان الأسد كان يرسل الشرع أو المعلم للسعوديين والقطريين للاستفسار عن المخططات الاميركية تجاهه.
نجح السوريون مع الايرانيين والمقاومة السنية في جعل اميركا تغرق في مستنقع آسن، وكان النجاح بمعظمه يصب في القدرة على جعل سوريا معبراً لا مقراً للمقاومة.
في نهاية عام 2008 قامت الطائرات الامريكية بضرب منطقة البو كمال في سوريا وكانت هذه الضربة رسالة قوية للسوريين لإيقاف دعم المقاومة.
هرع بشار الأسد بعد الضربة الى قطر طالباً التوسط لايقاف مثل هذه الضربات.
ولم تكن تلك الضربة الأولى واقعياً؛ فقد قامت القوات الاميركية بعمليات داخل الاراضي السورية مرات عدة دون اعتراض سوري علني ولم تستعمل اميركا هذه العمليات اعلامياً بل ابقتها دون اعلان.
وعبر وساطة قطرية تم الاتفاق بين الاميركيين والسوريين على التعاون في مجال الارهاب، وافتتحت وكالة المخابرات الاميركية مكتباً خاصاً بذلك ولكن داخل السفارة الامريكية.
وضحى بشار بالمقاومة السنية وترك الباب موارباً في وجهها حسب ظروف علاقته مع أميركا.
بدأ التعاون وتوقع الخليجيون وخاصة السعوديين ان تقدم الحكومة السورية خدماتها للجميع في مجال الارهاب لكن كانت هناك خيبة أمل سعودية وخليجية عامة بسبب استعمال السوريين المجاهدين الخليجيين في عمليات قذرة منها قيام ضباط داخل المخابرات والأمن السوري بما يمكننا تسميته بتجارة الرقيق الإرهابي.
قام الأمن السوري بتسليم شباب خليجيين الى المخابرات الاميركية عبر إخطار الجانب الأميركي بعد ان يعبر المجاهدون الحدود الى العراق وبعد ان يدفع هؤلاء الشباب مبالغ مالية من أجل ان يسمح لهم بالعبور الى العراق من أجل الجهاد.
أمر آخر أثبت للخليجيين وجهة نظرهم الثابتة بأن النظام السوري لا يعد سوى شلة من العصابات المتحكمة برقاب شعب نبيل هو ان الأمن السوري كان يراقب عملية مرور المجاهدين الخليجيين من مطار دمشق ومن منفذ درعا ويسمح لهم بالمرور ويتم الايقاف والتفتيش وفرض الاتاوات على الطرق ثم ما ان يصلوا الى المنافذ الحدودية السورية حتى يتم القاء القبض عليهم واعادتهم الى دمشق حيث لا يتم الاتصال بالسفارات الخليجية لاستردادهم بل يقومون بالاتصال بأهلهم وتهديدهم بإساءة معاملة أبنائهم وطلب الحضور واستلام اقاربهم المجاهدين بعد دفع فدى مالية كبيرة وصلت الى مئات الالوف من الدولارات.
تكوم أمام قادة الخليج ملف كامل مشين عن تعامل الأمن السوري مع الخليجيين وابتزازهم لهم، فتحركوا للاحتجاج وبالطبع دون ضجة إعلامية، وأصدر الرئيس السوري بشار الاسد أمرا بالافراج عن جميع المعتقلين واعادة المتسللين لبلدانهم لكن القرار بقي دون تنفيذ كامل حيث استفادت شبكة تابعة لشقيق الرئيس ماهر الأسد من الأمر وتدخلت لايقاف اعادة بعض الحالات إلى ان يتم الدفع لها مباشرة.
لم يكن اهتمام الغرب ولا حتى الدول العربية الاخرى يماثل ما كان لدى دول الخليج العربي.
يروي وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس قصة تحرك حافظ ضد أخيه رفعت الذي سبقه بالاستعداد:
فجر 25/2/1984 هتف الرئيس إلى العماد طلاس في منزله: "ارتد لباسك العسكري وتوجه مباشرة إلى مكتبك في القيادة العامة واستنفر التشكيلات الضاربة القريبة من دمشق وارفع درجة استعدادها القتالي إلى الكامل، لأن العميد رفعت الأسد استنفر سرايا الدفاع بالكامل وهو يعد العدة للسيطرة على دمشق (...) وليكن في علمك أن رفعت جاد هذه المرة (...) ويجب أن تضع في اعتبارك أن المواجهة قائمة لا محالة ولذلك ليس أمامك سوى إشعاره بأن المواجهة مع الجيش ستكون عملية انتحارية له ولأتباعه".
في ذلك الوقت كان السعوديون ومعهم الخليجيون يراقبون الوضع جيداً وكانت السعودية تمول رفعت الاسد بمبلغ خمسة ملايين دولار شهرياً كما يدعي طلاس. بينما قطر عبر اميرها آنذاك والشيخ سحيم آل ثاني يقومان بسد رغبات متتابعة للأموال في ظل صراع أخوي بارز.
وحالما تبين للجميع ان الصراع بين الاخوين سيكون لصالح حافظ الأسد تدخل السعوديون لإقناع رفعت بالخروج من البلاد والرحيل الى موسكو اولا ثم اوروبا وتم الاتفاق بين الاخوين لإنهاء الصراع بعد ان تمت تسوية الجانب المالي للصراع بمبالغ مالية كبيرة تم توفيرها عبر ليبيا والسعودية وقطر ودول خليجية اخرى.
كانت العلاقة الشخصية بين ولي العهد السعودي آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز ورئيس الامارات العربية المتحدة الراحل زايد بن سلطان آل نهيان من جانب وحافظ وأخيه رفعت من جانب آخر تلعب دوراً مهماً في رأب الصدع بين الأخوين خاصة وأن الصراع استمر يرتفع تارة ثم ينخفض ولم يكن هناك حل سوى ألا يبقى في سوريا سوى أسد واحد فبقي حافظ.
في وقت الصراع كانت الخزينة السورية خاوية على عروشها نتيجة لسياسات عبد الرؤوف الكسم رئيس الوزراء الاقتصادية السيئة وصراع الأخوين وكانت دول الخليج وليبيا كالعادة تقدم العون اللازم في الوقت المناسب حين يحتاج الشعب السوري الى حاجيات أساسية.
بعد رحيل رفعت استقرت الامور لصالح حافظ فاصبح مطلق اليد لإنجاز مهمته في جعل سوريا في قلب الاحداث لا مجرد لاعب تابع للاجندة التي تحدد في القاهرة او الرياض.
وبدأ حافظ يلعب بكل إتقان بين مواقف مختلفة لكنه أجاد في جعل بلاده سنداً قوياً لدول الخليج ووضح ذلك في موقفه خلال حرب الخليج الثانية، حين وقفت سوريا الى جوار الكويت، وقد فسر البعض ذلك الموقف على انه موقف ليس مبدئياً بل شخصي وانتقامي ضد البعث العراقي وخاصة صدام حسين.
كانت أكثر ملاحظات المراقبين للسياسة السورية تشير الى كيفية إجادة صانع القرار السوري الوقوف في منتصف الطريق بين ايران ودول الخليج.
لكنهم أيضاً يشيرون الى ان سوريا دائماً ما وقفت مع عروبة الخليج ويبدو ان ذلك لسبب مهم وهو ان مصالحها ومنهجها البعثي، لا بد وان يلتزم بقومية العربية ومنها عروبة الخليج، دون ذلك سيقدم النظام على تدمير مصداقيته القومية.
هذا الوقوف مع دول الخليج وعروبة الخليج وليس تبعيته لإيران ليس لعيون او اموال الخليجيين فقط بل لأن النظام البعثي قومي للنخاع كما يدعي في الداخل ولو وقف مع ايران في ادعاءاتها بفارسية الخليج والبحرين على الأخص لفقد صبغة النظام العربية ولجعله في موقف صعب داخلياً وخارجياً.
في الفترة من تحرير الكويت الى سقوط بغداد كانت العلاقات بين الدول الخليجية وسوريا ترتبط بالموقف داخل لبنان؛ فكان هناك تعاون مثمر ادى الى اتفاق الطائف وايضاً الى تهدئة الاجواء بين واشنطن ودمشق عبر وساطات سعودية متكررة.
توفي حافظ الأسد عام 2000 ليفاجأ الخليجيون مثلهم مثل غيرهم بوجود ابن في السلطة لا خبرة لديه.
سببت الوفاة قلقاً في منطقة الشرق الأوسط حول سوريا وكانت هناك رغبة للوقوف مع الرئيس الجديد خشية من انفلات الوضع ليس في سوريا بل في داخل العائلة حيث تحرك العم رفعت الأسد مشككا بقدرة ابن اخيه على قيادة سوريا.
وعلى الرغم من العلاقة القوية بين العم رفعت والملك عبد الله إلا ان السعودية فضلت الوقوف الى جوار بشار لمعرفتها جيداً أن رفعت شخص غير مرغوب به في سوريا ليس من قبل الشعب بل من قبل دائرة العلويين الضيقة.
وفي حوار أجرته جريدة الجزيرة السعودية قبل سنوات مع بشار الأسد، قال إن خادم الحرمين دعمه كثيراً في بدايات حكمه، وأنه كلما تعامل معه شعر بأنه يتعامل مع شخص ينظر له كابن.
لم تستمر قصة الأب والابن، عبد الله وبشار طويلاً حيث تدخل السيد ليفسدها فأصبح حسن نصر الله ولي الولي الفقيه في لبنان وزعيم حزب الله أقرب لقلب وعقل بشار الأسد.
وبدلاً من ان يعمل حسن نصر الله لدى بشار كما كان يعمل عند والده اصبح بشار هو الذي يعمل عند الاثنين الولي الفقيه ووليه في لبنان.
بعد سقوط بغداد تحرك النظام السوري عاجلاً لحماية نفسه فبدأ في التحرك على ملفات كثيرة، أولها تحصين نفسه بالهجوم وليس الدفاع ففتح حدوده للمجاهدين ومعظمهم خليجيون واستضاف قيادات مقاومة عراقية وسهل مرور التمويل الذي يأتي معظمه من الخليج للمقاومة العراقية.
كان الهدف السوري هو اشغال الولايات المتحدة في العراق حتى لا تتفرغ لسوريا. وكان الخوف من مخطط اميركي معد للاطاحة بحكم الأسد في سوريا شغل بشار الشاغل.
وذكر اكثر من مسؤول خليجي في صالوناتهم كيف ان الأسد كان يرسل الشرع أو المعلم للسعوديين والقطريين للاستفسار عن المخططات الاميركية تجاهه.
نجح السوريون مع الايرانيين والمقاومة السنية في جعل اميركا تغرق في مستنقع آسن، وكان النجاح بمعظمه يصب في القدرة على جعل سوريا معبراً لا مقراً للمقاومة.
في نهاية عام 2008 قامت الطائرات الامريكية بضرب منطقة البو كمال في سوريا وكانت هذه الضربة رسالة قوية للسوريين لإيقاف دعم المقاومة.
هرع بشار الأسد بعد الضربة الى قطر طالباً التوسط لايقاف مثل هذه الضربات.
ولم تكن تلك الضربة الأولى واقعياً؛ فقد قامت القوات الاميركية بعمليات داخل الاراضي السورية مرات عدة دون اعتراض سوري علني ولم تستعمل اميركا هذه العمليات اعلامياً بل ابقتها دون اعلان.
وعبر وساطة قطرية تم الاتفاق بين الاميركيين والسوريين على التعاون في مجال الارهاب، وافتتحت وكالة المخابرات الاميركية مكتباً خاصاً بذلك ولكن داخل السفارة الامريكية.
وضحى بشار بالمقاومة السنية وترك الباب موارباً في وجهها حسب ظروف علاقته مع أميركا.
بدأ التعاون وتوقع الخليجيون وخاصة السعوديين ان تقدم الحكومة السورية خدماتها للجميع في مجال الارهاب لكن كانت هناك خيبة أمل سعودية وخليجية عامة بسبب استعمال السوريين المجاهدين الخليجيين في عمليات قذرة منها قيام ضباط داخل المخابرات والأمن السوري بما يمكننا تسميته بتجارة الرقيق الإرهابي.
قام الأمن السوري بتسليم شباب خليجيين الى المخابرات الاميركية عبر إخطار الجانب الأميركي بعد ان يعبر المجاهدون الحدود الى العراق وبعد ان يدفع هؤلاء الشباب مبالغ مالية من أجل ان يسمح لهم بالعبور الى العراق من أجل الجهاد.
أمر آخر أثبت للخليجيين وجهة نظرهم الثابتة بأن النظام السوري لا يعد سوى شلة من العصابات المتحكمة برقاب شعب نبيل هو ان الأمن السوري كان يراقب عملية مرور المجاهدين الخليجيين من مطار دمشق ومن منفذ درعا ويسمح لهم بالمرور ويتم الايقاف والتفتيش وفرض الاتاوات على الطرق ثم ما ان يصلوا الى المنافذ الحدودية السورية حتى يتم القاء القبض عليهم واعادتهم الى دمشق حيث لا يتم الاتصال بالسفارات الخليجية لاستردادهم بل يقومون بالاتصال بأهلهم وتهديدهم بإساءة معاملة أبنائهم وطلب الحضور واستلام اقاربهم المجاهدين بعد دفع فدى مالية كبيرة وصلت الى مئات الالوف من الدولارات.
تكوم أمام قادة الخليج ملف كامل مشين عن تعامل الأمن السوري مع الخليجيين وابتزازهم لهم، فتحركوا للاحتجاج وبالطبع دون ضجة إعلامية، وأصدر الرئيس السوري بشار الاسد أمرا بالافراج عن جميع المعتقلين واعادة المتسللين لبلدانهم لكن القرار بقي دون تنفيذ كامل حيث استفادت شبكة تابعة لشقيق الرئيس ماهر الأسد من الأمر وتدخلت لايقاف اعادة بعض الحالات إلى ان يتم الدفع لها مباشرة.
بشار وماهر
في تلك الفترة كانت تصرفات المسؤولين السوريين في لبنان ايضاً لا تعدو كونها تصرفات خارجة عن العرف حيث تم ابتزاز رجال اعمال خليجيين ناهيك عن اللبنانيين، وعرف عنهم ترديدهم حين بدأ مشاريعهم هناك عن ما هي حصة ماهر الأسد وكم هذه المرة سيطلب لتمرير المشاريع.
بدأت فعاليات لبنانية مدعومة من فرنسا بالتحرك لإصدار قرار دولي يطلب من الجيش السوري الانسحاب، وتطور الأمر الى ان يتدخل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في تسريع اصدار هذا القرار بمساعدة من جاك شيراك حيث صدر في الثاني من ايلول/سبتمبر عام 2004.
ردت سوريا بالضغط على اللبنانيين ودون مشاورة مع السعودية كما اعتاد الأب حافظ وقامت بالإشراف على عملية تمديد ولاية الرئيس إميل لحود وبصورة إرغامية.
لم تمض شهور قليلة حتى تم اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط/فبراير 2005 مما زاد من توتر العلاقات بين السعودية وسوريا خاصة وان الحريري صديق شخصي للملك عبد الله بل ان الملك عبد الله هو من عرف الحريري على اخيه الملك فهد، وكان اول عمل معماري قام به الحريري هو قصر الملك عبد الله المبني على الطراز الاندلسي.
منذ عام 1990 والضابط السوري غازي كنعان يدير حواراً غير رسمي مع السعوديين عبر رفيق الحريري كان جله حول لبنان.
وكان دور كنعان يتجاوز الشق الأمني في العلاقة الى دور اقتصادي وسياسي وترسخت العلاقة الى ان تم قتل الرئيس الحريري عن طريق مجموعة يتهم بعض السعوديين ماهر الأسد انه وراءها رغم الاتهام الدولي لمجموعة من حزب الله يرأسها مصطفى بدر الدين، إلا ان السعوديين يشيرون بأصابعهم الى ماهر الأسد ولا أحد غيره.
كان مقتل غازي كنعان ثم أخيه مؤشراً قوياً على بدأ الصراع السوري - السوري، بشار - ماهر. خاصة ان كنعان اعلن في اجتماع مع بشار عن انه غير مسؤول عن تصرفات ماهر في لبنان.
اتهم السعوديون مباشرة سوريا وان كانوا لم يبرزوا هذا الاتهام في خطاباتهم الرسمية.
وكانت الفترة التي تلت الاغتيال متوترة حيث قامت الجهات الموالية لسوريا بتحدٍ سافر لأنصار الحريري بمظاهرات كبيرة في الثامن من آذار لكن الرد الشعبي كان جارفاً في الرابع عشر من آذار وبمظاهرات ضخمة مطالبة بخروج الجيش السوري.
برزت القوة المطالبة بانسحاب الجيش السوري من لبنان بضغوط دولية غربية.
لكن الضغط القوي الذي أجبر السوريين على الانسحاب كان الموقف الخليجي الصلب في هذا الشأن وخاصة من السعوديين حيث زار بشار الاسد الرياض محاولا تهدئة اسباب التوتر.
لكن الملك عبد الله آنذاك وضع أمامه لافتة واحدة تقول "انسحب حالاً" مما اثار حنق بشار الاسد وخشية من توتر الوضع قام بسحب قواته في 25 نيسان/ابريل.
ما لم يقبله بشار الأسد من السعوديين هو صيغ الإملاءات؛ فالسعوديون كما يشير الخبير السوري د.محمد عجالين يتعاملون مع بشار بطلبات كافعل هذا او اترك ذاك.
هذه الصيغة لم يقبلها بشار الذي يريد ان يختط له خطاً بعيداً عن نظرة كبار الاسرة المالكة السعودية اليه كشاب لا يعرف جيداً دهاليز السياسة في العالم العربي.
كان الملك عبد الله يرى في بشار الاسد ابن صديقاً له لا يملك الكثير من القدرة السياسية مما يجعله مستحقاً للنصيحة دائماً لكن بشار الأسد كان يرى أمراً آخر وهو ان ما حدث كان مذلاً له ولحكومته.
بالطبع كان تحالف بشار مع حزب الله مدعاة لتفريغ شحنات الغضب وخاصة لدى أخ الرئيس ماهر الأسد والذي عرف عنه تطرفه في افعاله.
كانت العلاقة بين الأب حافظ والسعودية علاقة تشاور وتنسيق وفي عهد الأبن بشار أصبحت العلاقة إما إملاء أو عداء.
كان رفيق الحريري والوليد بن طلال يلعبان دوراً مهماً في تنسيق العلاقات بشقيها الاقتصادي والسياسي، لكن الحريري غيبته أيدٍ تتهم بأنها سورية، والوليد حتى وإن ملك فندقاً فخماً فهو لا يضحي بعائلته مقابل الابقاء على عائلة الأسد.
ولا يزال بشار الأسد لم يهضم بعد الأمر السعودي له بالانسحاب من لبنان تحت طائلة رفع الغطاء عن دعمه أمام الضغوط الأمريكية والتي ازدادت في الوقت الراهن وتم تتويجها بإعلان اوباما ووزيرة الخارجية الأمريكية عن رفع الغطاء عن بشار الأسد وعدم الاعتراف بشرعيته وانه غير مهم في المنطقة.
وفي ظل الظروف الراهنة وعدم قدرة بشار السيطرة على الوضع الأمني واجتياح اخيه ماهر لكل ما يتعلق بملف التعامل مع الاحتجاجات الأمنية تبقى امام بشار خيارات عديدة يدرسها وهو في حيرة منها:
- يعرف بشار ان التعامل الأمني ليس بيده بل بيد أخيه وان ما بيده هو التعامل السياسي لذا فهو في حاجة لاسترداد بعض القوى الأمنية والعسكرية وآصف شوكت قد يساعده في ذلك.
- بشار في حاجة لإيقاف الدعم المعنوي والسياسي الخليجي للثورة عبر إيقاف قنوات سياسية ودينية خليجية لعبت دوراً مهماً في دعم الاحتجاجات والثورة. ومن يستطيع ذلك هي السعودية وقطر. والتحول القطري من دعم بشار الى دعم الثورة يدل على قراءة متشائمة لوضع نظام بشار.
- لن يسعف بشار في إقناع الغرب بأن صلاحية نظامه مستمرة سوى الدول الخليجية عبر علاقاتها القوية مع الغرب الذي لم يعد مقتنعاً بنظامه.
- خروج سعد الحريري من لبنان يدل على ان السعوديين يرون ان المعركة ستتطور قريباً وستتجاوز سوريا إلى لبنان، ولا يخفي مقربون منه أن ثمة خطراً على حياته لأن حزب الله الذي صار متهماً رسمياً بقتل والده لن يتوانى عن فعل أي شي.
- في رسائل متعددة ابلغ بشار الخليجيين وخاصة القطريين انه يريد دعماً خليجياً قوياً لاصلاحاته واولها واهمها دعمه ضد أخيه ماهر عبر تشجيع إصلاحاته السياسية وتم نقل رسالته عبر وزير خارجية قطر للسعوديين مؤخراً. لكن يبدو أن هناك اتفاقاً بترك بشار وحده امام أخيه والشعب.
بدأت فعاليات لبنانية مدعومة من فرنسا بالتحرك لإصدار قرار دولي يطلب من الجيش السوري الانسحاب، وتطور الأمر الى ان يتدخل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في تسريع اصدار هذا القرار بمساعدة من جاك شيراك حيث صدر في الثاني من ايلول/سبتمبر عام 2004.
ردت سوريا بالضغط على اللبنانيين ودون مشاورة مع السعودية كما اعتاد الأب حافظ وقامت بالإشراف على عملية تمديد ولاية الرئيس إميل لحود وبصورة إرغامية.
لم تمض شهور قليلة حتى تم اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط/فبراير 2005 مما زاد من توتر العلاقات بين السعودية وسوريا خاصة وان الحريري صديق شخصي للملك عبد الله بل ان الملك عبد الله هو من عرف الحريري على اخيه الملك فهد، وكان اول عمل معماري قام به الحريري هو قصر الملك عبد الله المبني على الطراز الاندلسي.
منذ عام 1990 والضابط السوري غازي كنعان يدير حواراً غير رسمي مع السعوديين عبر رفيق الحريري كان جله حول لبنان.
وكان دور كنعان يتجاوز الشق الأمني في العلاقة الى دور اقتصادي وسياسي وترسخت العلاقة الى ان تم قتل الرئيس الحريري عن طريق مجموعة يتهم بعض السعوديين ماهر الأسد انه وراءها رغم الاتهام الدولي لمجموعة من حزب الله يرأسها مصطفى بدر الدين، إلا ان السعوديين يشيرون بأصابعهم الى ماهر الأسد ولا أحد غيره.
كان مقتل غازي كنعان ثم أخيه مؤشراً قوياً على بدأ الصراع السوري - السوري، بشار - ماهر. خاصة ان كنعان اعلن في اجتماع مع بشار عن انه غير مسؤول عن تصرفات ماهر في لبنان.
اتهم السعوديون مباشرة سوريا وان كانوا لم يبرزوا هذا الاتهام في خطاباتهم الرسمية.
وكانت الفترة التي تلت الاغتيال متوترة حيث قامت الجهات الموالية لسوريا بتحدٍ سافر لأنصار الحريري بمظاهرات كبيرة في الثامن من آذار لكن الرد الشعبي كان جارفاً في الرابع عشر من آذار وبمظاهرات ضخمة مطالبة بخروج الجيش السوري.
برزت القوة المطالبة بانسحاب الجيش السوري من لبنان بضغوط دولية غربية.
لكن الضغط القوي الذي أجبر السوريين على الانسحاب كان الموقف الخليجي الصلب في هذا الشأن وخاصة من السعوديين حيث زار بشار الاسد الرياض محاولا تهدئة اسباب التوتر.
لكن الملك عبد الله آنذاك وضع أمامه لافتة واحدة تقول "انسحب حالاً" مما اثار حنق بشار الاسد وخشية من توتر الوضع قام بسحب قواته في 25 نيسان/ابريل.
ما لم يقبله بشار الأسد من السعوديين هو صيغ الإملاءات؛ فالسعوديون كما يشير الخبير السوري د.محمد عجالين يتعاملون مع بشار بطلبات كافعل هذا او اترك ذاك.
هذه الصيغة لم يقبلها بشار الذي يريد ان يختط له خطاً بعيداً عن نظرة كبار الاسرة المالكة السعودية اليه كشاب لا يعرف جيداً دهاليز السياسة في العالم العربي.
كان الملك عبد الله يرى في بشار الاسد ابن صديقاً له لا يملك الكثير من القدرة السياسية مما يجعله مستحقاً للنصيحة دائماً لكن بشار الأسد كان يرى أمراً آخر وهو ان ما حدث كان مذلاً له ولحكومته.
بالطبع كان تحالف بشار مع حزب الله مدعاة لتفريغ شحنات الغضب وخاصة لدى أخ الرئيس ماهر الأسد والذي عرف عنه تطرفه في افعاله.
كانت العلاقة بين الأب حافظ والسعودية علاقة تشاور وتنسيق وفي عهد الأبن بشار أصبحت العلاقة إما إملاء أو عداء.
كان رفيق الحريري والوليد بن طلال يلعبان دوراً مهماً في تنسيق العلاقات بشقيها الاقتصادي والسياسي، لكن الحريري غيبته أيدٍ تتهم بأنها سورية، والوليد حتى وإن ملك فندقاً فخماً فهو لا يضحي بعائلته مقابل الابقاء على عائلة الأسد.
ولا يزال بشار الأسد لم يهضم بعد الأمر السعودي له بالانسحاب من لبنان تحت طائلة رفع الغطاء عن دعمه أمام الضغوط الأمريكية والتي ازدادت في الوقت الراهن وتم تتويجها بإعلان اوباما ووزيرة الخارجية الأمريكية عن رفع الغطاء عن بشار الأسد وعدم الاعتراف بشرعيته وانه غير مهم في المنطقة.
وفي ظل الظروف الراهنة وعدم قدرة بشار السيطرة على الوضع الأمني واجتياح اخيه ماهر لكل ما يتعلق بملف التعامل مع الاحتجاجات الأمنية تبقى امام بشار خيارات عديدة يدرسها وهو في حيرة منها:
- يعرف بشار ان التعامل الأمني ليس بيده بل بيد أخيه وان ما بيده هو التعامل السياسي لذا فهو في حاجة لاسترداد بعض القوى الأمنية والعسكرية وآصف شوكت قد يساعده في ذلك.
- بشار في حاجة لإيقاف الدعم المعنوي والسياسي الخليجي للثورة عبر إيقاف قنوات سياسية ودينية خليجية لعبت دوراً مهماً في دعم الاحتجاجات والثورة. ومن يستطيع ذلك هي السعودية وقطر. والتحول القطري من دعم بشار الى دعم الثورة يدل على قراءة متشائمة لوضع نظام بشار.
- لن يسعف بشار في إقناع الغرب بأن صلاحية نظامه مستمرة سوى الدول الخليجية عبر علاقاتها القوية مع الغرب الذي لم يعد مقتنعاً بنظامه.
- خروج سعد الحريري من لبنان يدل على ان السعوديين يرون ان المعركة ستتطور قريباً وستتجاوز سوريا إلى لبنان، ولا يخفي مقربون منه أن ثمة خطراً على حياته لأن حزب الله الذي صار متهماً رسمياً بقتل والده لن يتوانى عن فعل أي شي.
- في رسائل متعددة ابلغ بشار الخليجيين وخاصة القطريين انه يريد دعماً خليجياً قوياً لاصلاحاته واولها واهمها دعمه ضد أخيه ماهر عبر تشجيع إصلاحاته السياسية وتم نقل رسالته عبر وزير خارجية قطر للسعوديين مؤخراً. لكن يبدو أن هناك اتفاقاً بترك بشار وحده امام أخيه والشعب.
الخلاصة
ما أشبه الليلة بالبارحة؛ فبعد ان كان الخليجيون يسهمون في دفع الضرر عن سوريا من تداعيات صراع الأخوين حافظ ورفعت ها هم يجدون أنفسهم في الوضع نفسه.
فهل يسهمون فعلياً في الوقوف ضد ماهر بعد كل اخفاقاته الأمنية وهل يصدقون ان بشاراً بعيد عن المشاركة في كل هذه المجازر ويمكنه إبقاء نظامه مقبولاً من السوريين والعالم؟
وهل يمكن للخليجيين إقناع القوى الدولية بأنه لا يزال هناك أمل في إصلاح نظام بشار؟
تبدو المهمة صعبة جداً، والحل هو ليس في يد أهل الخليج بل هو اقرب إلى يد الشعب السوري هذه المرة.
عبد العزيز الخميس
فهل يسهمون فعلياً في الوقوف ضد ماهر بعد كل اخفاقاته الأمنية وهل يصدقون ان بشاراً بعيد عن المشاركة في كل هذه المجازر ويمكنه إبقاء نظامه مقبولاً من السوريين والعالم؟
وهل يمكن للخليجيين إقناع القوى الدولية بأنه لا يزال هناك أمل في إصلاح نظام بشار؟
تبدو المهمة صعبة جداً، والحل هو ليس في يد أهل الخليج بل هو اقرب إلى يد الشعب السوري هذه المرة.
عبد العزيز الخميس
عدل سابقا من قبل dude333 في 2012-12-11, 11:33 am عدل 1 مرات (السبب : تنسيق النص)
سميرة2- عميد
- عدد المشاركات : 1165
رقم العضوية : 7355
قوة التقييم : 12
تاريخ التسجيل : 14/10/2011
مواضيع مماثلة
» موضوع .. يستحق القراءة
» مايحدث في مجتمعنا يستحق القراءة
» كيف تهتمين بالمولود ( موضوع يستحق القراءة )
» القذافي ورحلة النهاية (1 الاوهام ) - ممتع يستحق القراءة
» مقال يستحق القراءةالمفارقة بين من يقرأ ليفهم ومن يقرأ لبعلم
» مايحدث في مجتمعنا يستحق القراءة
» كيف تهتمين بالمولود ( موضوع يستحق القراءة )
» القذافي ورحلة النهاية (1 الاوهام ) - ممتع يستحق القراءة
» مقال يستحق القراءةالمفارقة بين من يقرأ ليفهم ومن يقرأ لبعلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
اليوم في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
اليوم في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
اليوم في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
أمس في 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR