إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
لولاكِ يا " لولا".. ما كانت هناك ثورة!
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
لولاكِ يا " لولا".. ما كانت هناك ثورة!
لولاكِ يا " لولا".. ما كانت هناك ثورة!
ليس سرّاً خافياً على أحد، أنه لولا أن حرق الشاب البوعزيزى نفسه إحتجاجاً على معاناة المحرومين، لما قامت ثورة الشعب التونسي.
ولولا، ثورة تونس لما اشتعلت ونجحت ثورة الشعب المصري.
ولولا قيام هاتين الثورتين العظيمتين، أوّلاً، وقبل ثورتنا.. لما كُتب لثورتنا أن تلقى سنداً خارجياً، وحدودنا الشرقية والغربية يحرسها طغاة وشركاء لملك ملوكهم أجمعين.. وتذكّروا أن طاغية آخر ثالث، فى جنوب غرب بلادنا، فعل كلّ ما بوسعه لإجهاضها، وكاد، لولا عون الله، وعزيمة ثوّار شعبنا.
غير أنّ ثورة الشعب الليبي، كانت نتاج لـ "لولات" عديدة أخرى.. بدأت بمبادرات شعبية عفوية – وبعضها فردية- كردّ فعلٍ على قرارات واستفزازات غبية، قام بها النظام القذافي.. وفى كلّ مرّة، فى التوقيت الخطأ والمكان الخطأ، كما يقولون.
كما كان الواقع فى ليبيا، يختلف إختلافاً جذريا وأمنيّاً ولوجوستيّاً، إذ بدأ النظام الرهيب، استعداداته مبكّراً، تحسّباً لإنتفاضة ذكرى 17 فبراير المُعلن عنها وقبلها بأشهر.. وقام - بفضل روحه الشيطانية مع "ذهاب شيرة قادته" - بإرتكاب جملة من الأخطاء .. كلّها سببت فى رحيله – الدمويّ" والغير متوقع من كائن كان.. بما فيها حكومات أوروبا وأمريكا.
لأننا عندما ننظر إلى أحداث ثورة الشعب الليبي فى شهر فبراير 2011، لن يستطيع أيّ مراقب منّا، تجاهل أو نكران أسباب – ومسبّبات – كان بدونها (إستحالة) أنّ نحتفل هذه الأيام بذكرى نجاح هذه الثورة الشعبية العملاقة.. بل، ولن يستطيع أيّ مراقب أو أيّ مؤرّخ – من وجهة نظرى – أنّ يضع إصبعه على "لولا" واحدة، أو مسبّب أوحد، كان له الفضل فى نجاح هذه الثورة الرائعة.
فمستحيل، وألف مستحيل، أن نقول كان لهذا السبب أو ذاك، هو من تسبب فى إنجاح هذه الثورة ..
فـ لولا، إرادة الله، أوّلاً.. ولولا، تجمّع عدّة مبادرات عفوية أو تصرّفات مباركة – مهما صغرت – من قبل أفراد هنا وهناك.. تزامنت بقدرة القادر مع تجمّع أكثر من (زلّةٌ هوجاء).. إرتكبها أخطر، وأذكى، وأخبث وأعنف دكتاتور، عرفه التاريخ: السفّاح معمّر القذّافى!
سأجرد هنا – ما أعرفه – من لولاتٍ أعتقد، لولاها لما انتقلت إنتفاضة 17 فبراير، من مجرّد احتجاج وتذمّر شعبي ضدّ نظام ظالم، تطالب فيه بالإصلاح والعدل.. إلى ثورة شعبية مسلّحة.. لم يرى العالم لها مثيلاً منذ الثورتين الأمريكية والفرنسية،
لولا اعتقال المحامى فتحى تربل، يوم 15 فبراير تحسّباً لمظاهرات 17 فبراير المتوقعة من قبل النظام والمُعلنة لإحياءاً لذكرى فبراير 2006 الدامية فى بنغازى..لما قام السيد فؤاد بن عمران – وهو كهل فى السبعينات من العمر - بقيادة إعتصام لعدد متواضع من أهالى ضحايا سجن بوسليم عام 1996 ، أمام مديرية الأمن ببنغازى فى عصر ذلك اليوم.. ولما إنضمّ إليه بعفوية وبوطنية، العشرات، بل المئات من شباب بنغازى، مع حلو
لولا ، ذلك التجمّع المُقلق أمام مديرية الأمن، لما أفرج السفّاح عبدالله السنوسي عن المحامى فتحى تربل
ولولا ، ذلك الإفراج – الغير متوقّع – لما اصطحبت تلك الجموع المحامى الشاب وهي تهتف : نوظى نوظى يا بنغازى.. جاكى يوم فيه اتراجى! وبذا كانت هتافات تلك الليلة.. بداية التحدّى وشرارة الثورة الأولي لإسقاط النظام•
ولولا تلك البداية التى لم تكن فى الحسبان، لسحق النظام، بقبعاته الصفراء، وقواته الخاصة التى بدأت فى الوصول تباعاً إلى قاعدة بنغازى الجوية، مظاهرات يوم 17 فبراير حسب المخطط.
ولولا انتشار أخبار تلك الليلة فى أنحاء ليبيا بفضل "الفيس بوك"، لما انطلق الأهالى فى البيضاء وشحات، بهجومهم على معسكرات ومعاقل النظام يوم 16 وسقوط أوّل شهداء للثورة.
ولولا، أخبار البيضاء يوم 16، لما انتشرت شرارة الثورة، كالنار فى الهشيم، فى درنة وطبرق والزنتان والمرج، وتحرّرها تباعاً.
ولولا وصول أخبار سقوط مئات الشهداء من شباب بنغازى وثورة مدن الجبل الأشمّ، لما اندلعت الثورة صبيحة يوم 17 فى اجدابيا والزاوية والبريقة وغيرها.
ولولا إتصال الكاتب إدريس المسمارى الشجاع بالجزيرة، لما لقيّت هذه الثورة فى ساعاتها الأولى، إهتمام الفضائيات العالمية.
ولولا جهاد الشهيد محمد مصطفى نبّوس الأليكترونى، وبثّه المباشر لكافة فضائيات العالم، لما كان لملحمة ثورة ليبيا الحرّة، أنّ يتابعها أحد على الهواء واليو تيوب مباشرة.
ولولا العملية الفدائية – الفردية – التى قام بها الشهيد المهدى زيو.. لما هرب المجرم عبدالله السنوسى من بنغازى فى نفس الساعة، بعد أنّ بلّغ سيف القذافى،: بأنّهم بدؤا فى إستعمال السيّارات المفخخة.
ولولا السلاح، الذى أحضره ثوّار الجبل الأخضر لأشقائهم فى بنغازى، لماقضوا على كتيبة "الفضيل" الدموية.. والذى تزامن بقدرة القادر مع وصول قوات كتيبة الصاعقة المتواضعة وانحيازها للشعب.
ولولا أخبار سقوط المئات فى بنغازى، لما انتفضت طرابلس ومصراته وازوراه: " وبقية جبل انفوسه البطل : بالروح بالدم نفديك يا بنغازى".. مع استمرار كلّ من الزاوية والزنتان فى مقاومتهم الباسلة ضد قوات وأجهزة النظام القمعية.
ولولا لم تقف النساء ( الأمهات والزوجات والأخوات والبنات) جنباً إلى جانب الرجال وأحياناً أمامهم.. لما قرّر رجال ليبيا: أنّ لا رجوع فى هذه الثورة.. فإمّا النصر وإمّا الفناء.
لولا الإنشقاقات الشجاعة والمبكّرة لبعض وزراء وسفراء النظام، لما تواصلت تغطية أخبار الثورة، من قبل الفضائيات من عواصم العالم
ولولا أنّ هدّد سيف القذافى الشعب بإصابعه – المبتورة الآن –لظلّ سيف خياراً بديلاً، ترتضيه أوروبا وأمريكا خلفاً لوالده الأهوج، الذى لا يثقون به رغم إنبطاحه.
ولولا سقوط قناع سيف ذلك المساء، لأستمرت قناعة الكثير من نُخب وتيّارات الليبيين، بأنه رجل إصلاح ويمكن التفاهم معه.
ولولا الموقف الشجاع – والغير متوقّع - لمجلس التعاون الخليجى المحافظ، وإنحيازه لصفّ الشعب الليبي، لما أخذت القضية الليبية إهتماماً دولياً بتلك السرعة.
ولولا شتيمة سيف – التى أتت فى وقتها – لكلّ العرب وللجامعة العربية، لتمكّنت بعض الأنظمة الديكتاتورية الأخرى والحليفة للقذافى من وأد قرار الجامعة الذي أصر أوباما الحصول عليه قبل فرض أي حظر جوّى.
ولولا معرفة الدكتور على زيدان بالفيلسوف برنار ليفى وعلاقة الأخير الوطيدة بساركوزى.. ولولا وجود سوزان رايس بالأمم المتحدة وعلاقتها الوطيدة بأوباما.. لما تحفّز هاذان الرئيسان بهذا الحماس المبكّر لنصرة ثورة الشعب الليبي.
ولولا تأجيل إعلان السيد عبدالرحمن شلقم إنشقاقه، حتى يبقى سفيراً للقذافى فى جلسة مجلس الأمن التاريخية تلك، ويقول ما قاله هذا الرجل الشجاع، للحصول على قرارات مصيرية حاسمة وبتلك السرعة.
ولولا ، لباقة وحنكة الدكتور محمود جبريل وحضوره، كرجل دولة عالى المستوى ممثّلاً للمتمردين في ليبيا، لما استعجل المجتمع الدولى بتأييده المطلق للثورة.
ولولا كاريزمة وقوة شخصية الشهيد اللواء عبدالفتاح يونس، كقائد عسكري محترف، لترددت أمريكا والغرب عن تأييد تمرّد مسلّح، يقول القذّافى عنه، بأنّ من يقودههم هم من أعوان بن لادن بتنظيم القاعدة.
ولولا طيابة المستشار مصطفى عبدالجليل، لما أجمع الشعب على رئاسته للمجلس.
ولولا مجزرة عبدالله السنوسى وكتائب القذافى لأكثر من 1500 متظاهر فى طرابلس العاصمة، فى ليلة 19 فبراير، لهربالقذافى لفنزويلا فى تلك الليلة.
ولولا خيانة المهدى العربى لأهله فى الزاوية، لما استمرّت مقاومة أهل الزاوية بإستماتة حقيقية سببت فى تأجيل القضاء على انتفاضة مصراته والزنتان فى بداياتها.
ولولا أهل شرق البلاد وثوارهم بدعمهم عبر زوارق صيد لأهلهم فى مصراته، لما طال صمودها التاريخي، خصوصاً بعد سقوط الزاوية، وتراجع زحف ثوّار الشرق حتّى اجدابيا لتصمد كبوابة الشرق الحصينة.
ولولا إنضمام قرى ومدن جبل نفوسه الشجعان،عرباً وأمازيغ تباعاً، لما استطاعت الزنتان وحدها الصمود أمام هجمات الكتائب الوحشية.
ولولا فرسان بنغازى فى القوارشة والرحبة والفويهات والطابالينو.. وفراسة قلّة من نسور السلاح الجوي بما يملكون من طائرات عتيقة من عرقلته لساعات.. لتمكّن جيش القذافى الجرّار بقيادة المعتصم وجبران، من مسح بنغازى من الوجود، قبل أن تأتى نجدة فرنسا وأمريكا مساء ذلك اليوم.
ولولا استماتة وصمود مصراته ولعدّة أشهر، فى مواجهات مستحيلة مع جحافل القذافى.. لتقسّمت ليبيا إلى شطرين، ولرضا العالم والغرب بهذا التقسيم.
ولولا تغطيات الجزيرة والعربية المستمرّة، لما رأي وتابع العالم ما يجرى فى ليبيا، وخصوصاً أن للعالم ذاكرة قصيرة ومزدحمة عادة بأحداث عالمية أخرى متلاحقة.
ولولا استمرار بقاء حدودنا مفتوحة من ناحية مصر، لما تدفّقت العشرات من وسائل الإعلام الغربية تتقدّمها الـ سى إن إن، والتى وضعت المسألة الليبية – ليليّلاً – على طاولة عشاء أسر المجتمعات الغربية من أقصاها لأقصاها.
ولولا مداخلات بعض الليبيون الأحرار من خلال الفضائيات العالمية تلك الفترة، لتحطمّت روح المقاومة لدى أهالى المدن المحاصرة وخصوصاً المدن التى تحت أسر كتائب القذافى القمعية.
ولولا تحليلات العميد صفّوت الزيات العسكرية واليومية تلك على قناة الجزيرة، لما جعلت – لربما! - من كلّ رجل أو إمرأة، صبيّا أم عجوزاً كان، خبيراً وقائداً عسكرياً واثقاً بأنّه سينتصر حتماً فى نهاية تلك المعركة المستحيلة.
ولولا إنشقاق الضابط اشكال القذافى، قائد قوات القذافى للدفاع عن العاصمة، وتعاونه مسبقاً مع المجلس الوطنى، لتحرّرتطرابلس فوق بحيرات وأنهار من الدماء.. وما نتيجة تحرير سرت، غير نموذج مصغّر، والعياذ بالله.
وأخيراً لولا "الناتو".. ولولا وقوف شعبيّ تونس ومصر معنا، ونجدة دولٍ شقيقة وصديقة عديدة، لما تحقق لنا هذا النصر، رغم سقوط عشرات وعشرات الألوف من خيرة شبابنا، شهداءاً وجرحى، من أجل التخلّص من هذا النظام الدموي الشرس، والذى ترك جراحاً لا تنسى فى نفوس الملايين من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا.. وتسبّب فى دمار حياة ونزوح عشرات ألوف العائلات الليبية.
وختاماً، وهومسك الختام، لولا رعاية المولى عزّ وعلا شأنه..ولولا بطولة عشرات الألوف من شبابنا الثوار والذين إلى هذه اللحظة، لا يزالون فى خنادقهم، يحمون عرضنا وديارنا.
بركات كثيرة ولولات، وبكلّ تأكيد.. قد نسيت العشرات من تلك اللولات والتى لا علم لى بها.. وربما قد أكون قصّرت فى ذكر دور المرأة: الإبنة والأخت والأم والزوجة.. ولما قدّمنه، من جهاد حقيقى يضاهى ومكمّل لجهاد الشباب والرجال المسلّح فى الجبهات، من أجل نجاح هذه الثورة..
وكذلك أعرف أننى قد قصّرت فى دور الكثير من فئات المجتمع، بداية من دور التجار وجال الأعمال البطولى وغير الإنتهازى، والذى رأيته فى بنغازى ودعمهم للثورة عندما كانت أمراً مشكوكاً فى نجاحه، إن لم يكن مستحيلا.. ومع ذلك ضحوا بكلّ ما لديهم من غالى ورخيص لدعمها.. ولا أنسى دور مؤسسات الكهرباء والمياه والهاتف ومهمّاتهم البطولية.. والتى كانت جهاداً بحق لن ينكره غير جاحد.
وكذلك أدوار منتسبو شركات النفط وتوزيع النفط فى الصحارى وفى أعالى البحار فى تلك الظروف القاسية.
إنّ ما وددت قوله فى ذكرى هذه الثورة.. أنّها كانت ثورة هذا الشعب الليبي بكلّ أطيافه، ولا يتقبّل أحد جميلها على أحد..ثورة باركها ورعاها الله منذ انطلاقتها لحكمة وعدلاً من عنده.. لأنها ثورة كانت ضدّ الظلم وتعطشّاً للحرية.. انتظرها شعبنا المحروم والمظلوم على بكرة أبيه، عقوداً من الكبت والتخويف والإذلال.
فثورة فبراير، من الفاء للراء: هي ثورة كلّ هذا الشعب.. وعودة كرامة كلّ هذا الشعب، وهو نفس الشعب، الذى قلت عنه فى أوّل مقالة لي فى بنغازى ، عندما وصلتها بعد شهر وقليل من قيام الثورة: بأن شعب ليبيا ليس شعب المليون شهيد فقط ، فى حربه ضد الفاشيست.. ولا هو شعب المليون حافظ للقرأن فقط.. بل هو أيضاً، شعب المليون عمرالمختار.
فحذارى، حذارى يا أمراء الحرب .. ويا أمراء التسلّط والتسلّق.. ويا أمراء النظريات والتيّارات المستوردة.. ويا أمراء المال الحرام الوفير والفضائيات.. أن تستهينوا بشعب كلّ صبي وصبيّة فيه، وكلّ شابٍ وشابة، وكلّ إمرأةٌ أو رجل، هو عمر مختار آخر لن يسمح لكم.. بل ولن يترككم تسرقون منه وطنه، مرّة أخرى.
الحرية والعدل والرخاء لشعبنا البطل.. والجنّة والخلود لشهدائنا الأبرار.. اللهم آمين.
عبد النبى بوسيف ياسين
ولولا، ثورة تونس لما اشتعلت ونجحت ثورة الشعب المصري.
ولولا قيام هاتين الثورتين العظيمتين، أوّلاً، وقبل ثورتنا.. لما كُتب لثورتنا أن تلقى سنداً خارجياً، وحدودنا الشرقية والغربية يحرسها طغاة وشركاء لملك ملوكهم أجمعين.. وتذكّروا أن طاغية آخر ثالث، فى جنوب غرب بلادنا، فعل كلّ ما بوسعه لإجهاضها، وكاد، لولا عون الله، وعزيمة ثوّار شعبنا.
غير أنّ ثورة الشعب الليبي، كانت نتاج لـ "لولات" عديدة أخرى.. بدأت بمبادرات شعبية عفوية – وبعضها فردية- كردّ فعلٍ على قرارات واستفزازات غبية، قام بها النظام القذافي.. وفى كلّ مرّة، فى التوقيت الخطأ والمكان الخطأ، كما يقولون.
كما كان الواقع فى ليبيا، يختلف إختلافاً جذريا وأمنيّاً ولوجوستيّاً، إذ بدأ النظام الرهيب، استعداداته مبكّراً، تحسّباً لإنتفاضة ذكرى 17 فبراير المُعلن عنها وقبلها بأشهر.. وقام - بفضل روحه الشيطانية مع "ذهاب شيرة قادته" - بإرتكاب جملة من الأخطاء .. كلّها سببت فى رحيله – الدمويّ" والغير متوقع من كائن كان.. بما فيها حكومات أوروبا وأمريكا.
لأننا عندما ننظر إلى أحداث ثورة الشعب الليبي فى شهر فبراير 2011، لن يستطيع أيّ مراقب منّا، تجاهل أو نكران أسباب – ومسبّبات – كان بدونها (إستحالة) أنّ نحتفل هذه الأيام بذكرى نجاح هذه الثورة الشعبية العملاقة.. بل، ولن يستطيع أيّ مراقب أو أيّ مؤرّخ – من وجهة نظرى – أنّ يضع إصبعه على "لولا" واحدة، أو مسبّب أوحد، كان له الفضل فى نجاح هذه الثورة الرائعة.
فمستحيل، وألف مستحيل، أن نقول كان لهذا السبب أو ذاك، هو من تسبب فى إنجاح هذه الثورة ..
فـ لولا، إرادة الله، أوّلاً.. ولولا، تجمّع عدّة مبادرات عفوية أو تصرّفات مباركة – مهما صغرت – من قبل أفراد هنا وهناك.. تزامنت بقدرة القادر مع تجمّع أكثر من (زلّةٌ هوجاء).. إرتكبها أخطر، وأذكى، وأخبث وأعنف دكتاتور، عرفه التاريخ: السفّاح معمّر القذّافى!
سأجرد هنا – ما أعرفه – من لولاتٍ أعتقد، لولاها لما انتقلت إنتفاضة 17 فبراير، من مجرّد احتجاج وتذمّر شعبي ضدّ نظام ظالم، تطالب فيه بالإصلاح والعدل.. إلى ثورة شعبية مسلّحة.. لم يرى العالم لها مثيلاً منذ الثورتين الأمريكية والفرنسية،
لولا اعتقال المحامى فتحى تربل، يوم 15 فبراير تحسّباً لمظاهرات 17 فبراير المتوقعة من قبل النظام والمُعلنة لإحياءاً لذكرى فبراير 2006 الدامية فى بنغازى..لما قام السيد فؤاد بن عمران – وهو كهل فى السبعينات من العمر - بقيادة إعتصام لعدد متواضع من أهالى ضحايا سجن بوسليم عام 1996 ، أمام مديرية الأمن ببنغازى فى عصر ذلك اليوم.. ولما إنضمّ إليه بعفوية وبوطنية، العشرات، بل المئات من شباب بنغازى، مع حلو
لولا ، ذلك التجمّع المُقلق أمام مديرية الأمن، لما أفرج السفّاح عبدالله السنوسي عن المحامى فتحى تربل
ولولا ، ذلك الإفراج – الغير متوقّع – لما اصطحبت تلك الجموع المحامى الشاب وهي تهتف : نوظى نوظى يا بنغازى.. جاكى يوم فيه اتراجى! وبذا كانت هتافات تلك الليلة.. بداية التحدّى وشرارة الثورة الأولي لإسقاط النظام•
ولولا تلك البداية التى لم تكن فى الحسبان، لسحق النظام، بقبعاته الصفراء، وقواته الخاصة التى بدأت فى الوصول تباعاً إلى قاعدة بنغازى الجوية، مظاهرات يوم 17 فبراير حسب المخطط.
ولولا انتشار أخبار تلك الليلة فى أنحاء ليبيا بفضل "الفيس بوك"، لما انطلق الأهالى فى البيضاء وشحات، بهجومهم على معسكرات ومعاقل النظام يوم 16 وسقوط أوّل شهداء للثورة.
ولولا، أخبار البيضاء يوم 16، لما انتشرت شرارة الثورة، كالنار فى الهشيم، فى درنة وطبرق والزنتان والمرج، وتحرّرها تباعاً.
ولولا وصول أخبار سقوط مئات الشهداء من شباب بنغازى وثورة مدن الجبل الأشمّ، لما اندلعت الثورة صبيحة يوم 17 فى اجدابيا والزاوية والبريقة وغيرها.
ولولا إتصال الكاتب إدريس المسمارى الشجاع بالجزيرة، لما لقيّت هذه الثورة فى ساعاتها الأولى، إهتمام الفضائيات العالمية.
ولولا جهاد الشهيد محمد مصطفى نبّوس الأليكترونى، وبثّه المباشر لكافة فضائيات العالم، لما كان لملحمة ثورة ليبيا الحرّة، أنّ يتابعها أحد على الهواء واليو تيوب مباشرة.
ولولا العملية الفدائية – الفردية – التى قام بها الشهيد المهدى زيو.. لما هرب المجرم عبدالله السنوسى من بنغازى فى نفس الساعة، بعد أنّ بلّغ سيف القذافى،: بأنّهم بدؤا فى إستعمال السيّارات المفخخة.
ولولا السلاح، الذى أحضره ثوّار الجبل الأخضر لأشقائهم فى بنغازى، لماقضوا على كتيبة "الفضيل" الدموية.. والذى تزامن بقدرة القادر مع وصول قوات كتيبة الصاعقة المتواضعة وانحيازها للشعب.
ولولا أخبار سقوط المئات فى بنغازى، لما انتفضت طرابلس ومصراته وازوراه: " وبقية جبل انفوسه البطل : بالروح بالدم نفديك يا بنغازى".. مع استمرار كلّ من الزاوية والزنتان فى مقاومتهم الباسلة ضد قوات وأجهزة النظام القمعية.
ولولا لم تقف النساء ( الأمهات والزوجات والأخوات والبنات) جنباً إلى جانب الرجال وأحياناً أمامهم.. لما قرّر رجال ليبيا: أنّ لا رجوع فى هذه الثورة.. فإمّا النصر وإمّا الفناء.
لولا الإنشقاقات الشجاعة والمبكّرة لبعض وزراء وسفراء النظام، لما تواصلت تغطية أخبار الثورة، من قبل الفضائيات من عواصم العالم
ولولا أنّ هدّد سيف القذافى الشعب بإصابعه – المبتورة الآن –لظلّ سيف خياراً بديلاً، ترتضيه أوروبا وأمريكا خلفاً لوالده الأهوج، الذى لا يثقون به رغم إنبطاحه.
ولولا سقوط قناع سيف ذلك المساء، لأستمرت قناعة الكثير من نُخب وتيّارات الليبيين، بأنه رجل إصلاح ويمكن التفاهم معه.
ولولا الموقف الشجاع – والغير متوقّع - لمجلس التعاون الخليجى المحافظ، وإنحيازه لصفّ الشعب الليبي، لما أخذت القضية الليبية إهتماماً دولياً بتلك السرعة.
ولولا شتيمة سيف – التى أتت فى وقتها – لكلّ العرب وللجامعة العربية، لتمكّنت بعض الأنظمة الديكتاتورية الأخرى والحليفة للقذافى من وأد قرار الجامعة الذي أصر أوباما الحصول عليه قبل فرض أي حظر جوّى.
ولولا معرفة الدكتور على زيدان بالفيلسوف برنار ليفى وعلاقة الأخير الوطيدة بساركوزى.. ولولا وجود سوزان رايس بالأمم المتحدة وعلاقتها الوطيدة بأوباما.. لما تحفّز هاذان الرئيسان بهذا الحماس المبكّر لنصرة ثورة الشعب الليبي.
ولولا تأجيل إعلان السيد عبدالرحمن شلقم إنشقاقه، حتى يبقى سفيراً للقذافى فى جلسة مجلس الأمن التاريخية تلك، ويقول ما قاله هذا الرجل الشجاع، للحصول على قرارات مصيرية حاسمة وبتلك السرعة.
ولولا ، لباقة وحنكة الدكتور محمود جبريل وحضوره، كرجل دولة عالى المستوى ممثّلاً للمتمردين في ليبيا، لما استعجل المجتمع الدولى بتأييده المطلق للثورة.
ولولا كاريزمة وقوة شخصية الشهيد اللواء عبدالفتاح يونس، كقائد عسكري محترف، لترددت أمريكا والغرب عن تأييد تمرّد مسلّح، يقول القذّافى عنه، بأنّ من يقودههم هم من أعوان بن لادن بتنظيم القاعدة.
ولولا طيابة المستشار مصطفى عبدالجليل، لما أجمع الشعب على رئاسته للمجلس.
ولولا مجزرة عبدالله السنوسى وكتائب القذافى لأكثر من 1500 متظاهر فى طرابلس العاصمة، فى ليلة 19 فبراير، لهربالقذافى لفنزويلا فى تلك الليلة.
ولولا خيانة المهدى العربى لأهله فى الزاوية، لما استمرّت مقاومة أهل الزاوية بإستماتة حقيقية سببت فى تأجيل القضاء على انتفاضة مصراته والزنتان فى بداياتها.
ولولا أهل شرق البلاد وثوارهم بدعمهم عبر زوارق صيد لأهلهم فى مصراته، لما طال صمودها التاريخي، خصوصاً بعد سقوط الزاوية، وتراجع زحف ثوّار الشرق حتّى اجدابيا لتصمد كبوابة الشرق الحصينة.
ولولا إنضمام قرى ومدن جبل نفوسه الشجعان،عرباً وأمازيغ تباعاً، لما استطاعت الزنتان وحدها الصمود أمام هجمات الكتائب الوحشية.
ولولا فرسان بنغازى فى القوارشة والرحبة والفويهات والطابالينو.. وفراسة قلّة من نسور السلاح الجوي بما يملكون من طائرات عتيقة من عرقلته لساعات.. لتمكّن جيش القذافى الجرّار بقيادة المعتصم وجبران، من مسح بنغازى من الوجود، قبل أن تأتى نجدة فرنسا وأمريكا مساء ذلك اليوم.
ولولا استماتة وصمود مصراته ولعدّة أشهر، فى مواجهات مستحيلة مع جحافل القذافى.. لتقسّمت ليبيا إلى شطرين، ولرضا العالم والغرب بهذا التقسيم.
ولولا تغطيات الجزيرة والعربية المستمرّة، لما رأي وتابع العالم ما يجرى فى ليبيا، وخصوصاً أن للعالم ذاكرة قصيرة ومزدحمة عادة بأحداث عالمية أخرى متلاحقة.
ولولا استمرار بقاء حدودنا مفتوحة من ناحية مصر، لما تدفّقت العشرات من وسائل الإعلام الغربية تتقدّمها الـ سى إن إن، والتى وضعت المسألة الليبية – ليليّلاً – على طاولة عشاء أسر المجتمعات الغربية من أقصاها لأقصاها.
ولولا مداخلات بعض الليبيون الأحرار من خلال الفضائيات العالمية تلك الفترة، لتحطمّت روح المقاومة لدى أهالى المدن المحاصرة وخصوصاً المدن التى تحت أسر كتائب القذافى القمعية.
ولولا تحليلات العميد صفّوت الزيات العسكرية واليومية تلك على قناة الجزيرة، لما جعلت – لربما! - من كلّ رجل أو إمرأة، صبيّا أم عجوزاً كان، خبيراً وقائداً عسكرياً واثقاً بأنّه سينتصر حتماً فى نهاية تلك المعركة المستحيلة.
ولولا إنشقاق الضابط اشكال القذافى، قائد قوات القذافى للدفاع عن العاصمة، وتعاونه مسبقاً مع المجلس الوطنى، لتحرّرتطرابلس فوق بحيرات وأنهار من الدماء.. وما نتيجة تحرير سرت، غير نموذج مصغّر، والعياذ بالله.
وأخيراً لولا "الناتو".. ولولا وقوف شعبيّ تونس ومصر معنا، ونجدة دولٍ شقيقة وصديقة عديدة، لما تحقق لنا هذا النصر، رغم سقوط عشرات وعشرات الألوف من خيرة شبابنا، شهداءاً وجرحى، من أجل التخلّص من هذا النظام الدموي الشرس، والذى ترك جراحاً لا تنسى فى نفوس الملايين من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا.. وتسبّب فى دمار حياة ونزوح عشرات ألوف العائلات الليبية.
وختاماً، وهومسك الختام، لولا رعاية المولى عزّ وعلا شأنه..ولولا بطولة عشرات الألوف من شبابنا الثوار والذين إلى هذه اللحظة، لا يزالون فى خنادقهم، يحمون عرضنا وديارنا.
بركات كثيرة ولولات، وبكلّ تأكيد.. قد نسيت العشرات من تلك اللولات والتى لا علم لى بها.. وربما قد أكون قصّرت فى ذكر دور المرأة: الإبنة والأخت والأم والزوجة.. ولما قدّمنه، من جهاد حقيقى يضاهى ومكمّل لجهاد الشباب والرجال المسلّح فى الجبهات، من أجل نجاح هذه الثورة..
وكذلك أعرف أننى قد قصّرت فى دور الكثير من فئات المجتمع، بداية من دور التجار وجال الأعمال البطولى وغير الإنتهازى، والذى رأيته فى بنغازى ودعمهم للثورة عندما كانت أمراً مشكوكاً فى نجاحه، إن لم يكن مستحيلا.. ومع ذلك ضحوا بكلّ ما لديهم من غالى ورخيص لدعمها.. ولا أنسى دور مؤسسات الكهرباء والمياه والهاتف ومهمّاتهم البطولية.. والتى كانت جهاداً بحق لن ينكره غير جاحد.
وكذلك أدوار منتسبو شركات النفط وتوزيع النفط فى الصحارى وفى أعالى البحار فى تلك الظروف القاسية.
إنّ ما وددت قوله فى ذكرى هذه الثورة.. أنّها كانت ثورة هذا الشعب الليبي بكلّ أطيافه، ولا يتقبّل أحد جميلها على أحد..ثورة باركها ورعاها الله منذ انطلاقتها لحكمة وعدلاً من عنده.. لأنها ثورة كانت ضدّ الظلم وتعطشّاً للحرية.. انتظرها شعبنا المحروم والمظلوم على بكرة أبيه، عقوداً من الكبت والتخويف والإذلال.
فثورة فبراير، من الفاء للراء: هي ثورة كلّ هذا الشعب.. وعودة كرامة كلّ هذا الشعب، وهو نفس الشعب، الذى قلت عنه فى أوّل مقالة لي فى بنغازى ، عندما وصلتها بعد شهر وقليل من قيام الثورة: بأن شعب ليبيا ليس شعب المليون شهيد فقط ، فى حربه ضد الفاشيست.. ولا هو شعب المليون حافظ للقرأن فقط.. بل هو أيضاً، شعب المليون عمرالمختار.
فحذارى، حذارى يا أمراء الحرب .. ويا أمراء التسلّط والتسلّق.. ويا أمراء النظريات والتيّارات المستوردة.. ويا أمراء المال الحرام الوفير والفضائيات.. أن تستهينوا بشعب كلّ صبي وصبيّة فيه، وكلّ شابٍ وشابة، وكلّ إمرأةٌ أو رجل، هو عمر مختار آخر لن يسمح لكم.. بل ولن يترككم تسرقون منه وطنه، مرّة أخرى.
الحرية والعدل والرخاء لشعبنا البطل.. والجنّة والخلود لشهدائنا الأبرار.. اللهم آمين.
عبد النبى بوسيف ياسين
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
dude333- مشرف المنتدى السياسي
-
عدد المشاركات : 5593
العمر : 55
رقم العضوية : 9508
قوة التقييم : 36
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
رد: لولاكِ يا " لولا".. ما كانت هناك ثورة!
تسجيل لذاكرة الثورة وسطور تحفظ في صفحات التاريخ لكي لا تنسى في زحمة الحياة من اجل حرية بلد وخلاص شعب من اعتى دكتاتور ملك السلاح والمال ...
مشكور اخي علي الجهد الطيب والشكر موصول للكاتب
مشكور اخي علي الجهد الطيب والشكر موصول للكاتب
ولد الجبل- مشير
-
عدد المشاركات : 7030
العمر : 81
رقم العضوية : 2254
قوة التقييم : 133
تاريخ التسجيل : 05/07/2010
مواضيع مماثلة
» قام بالإقتتال عبدة المردوم في بني وليد
» البوري: لولا الدعم القطري ما حققت ثورة 17 فبراير أهدافها
» هناك مؤامرات من النيجر وبعض العملاء على ثورة 17 فبراير
» احلي جمل كانت معبرة و مؤثرة من ثورة السابع عشر من فبراير :-
» نوري العبار:العزم أن تكون الانتخابات في موعدها ولو كانت هناك
» البوري: لولا الدعم القطري ما حققت ثورة 17 فبراير أهدافها
» هناك مؤامرات من النيجر وبعض العملاء على ثورة 17 فبراير
» احلي جمل كانت معبرة و مؤثرة من ثورة السابع عشر من فبراير :-
» نوري العبار:العزم أن تكون الانتخابات في موعدها ولو كانت هناك
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
اليوم في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
اليوم في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
اليوم في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
أمس في 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR