إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
أهازيج الرحى
صفحة 1 من اصل 1
أهازيج الرحى
أهازيج الرحى
-------------
كان للرحى أهمية بالغةٌ لدى أجدادنا إذ كانت تمثل لهم ركناً مهمًّا من أركان الحياة ؛ لاعتمادهم عليها بشكل يومي في أعداد الدقيق ، كذلك في أعداد وجبة ( الدشيشة ) وهي إحدى الوجبات الشعبيَّة الشهيرة ، ولعل المثل الشعبي الذي يقول( نرجوه وهو في سبله يا بال في الرحى ) أي ننتظر الطعام وهو لايزال في سنابله ؛ لأن المراحل التي تلي ذلك سهلةً حيث يتم حصد المحصول ثم فرك السنابل واستخراج البذور ، ويتم طحنها ومن ثمَّ تصبح وجبة جاهزة .
والرحى نوعان من حيث الصنع ، هناك رحى يطلق عليها رحى طوري وهي تمتاز بلونها الأزرق ، رقيقة الدفَّات ، خفيفة الوزن ، يمتاز دقيقها بالجودة . وهناك رحى تصنع من الحجر وهي ثقيلة وأقل جودة في طحن الحبوب.
والرحى تتكوَّن من دفتين سفلية وعلوية لا يوجد بينهما حاجز ، ويثبَّت في وسط الدفة السفلى مسمار من الحديد يدخل في فتحة دائرية بقطر خمسة سنتمترات تقريباً بالدفة العلوية التي تثبت بها قطعتين من الخشب على جانبي المسمار تسمَّى ( الفرش ) ويسمَّى هذا المسمار
( قلب الرحى ) ، وفي طرف الدفة العلويَّة يثبت قضيب من الخشب بطول قبضة اليد يسمَّى ( الشظّ ) يُمسك به أثناء ( الرحي ) الطحن .
وأثناء طحن الغلال تردد النساء بعض الأهازيج التي من شأنها أن تخفِّف عنهن عناء العمل ، وعادةً ما تحمل هذه الأهازيج إشاراتٍ معينةً نحو موضوع ما ، وتختلف الأهازيج من أداء فردي من قبل امرأة واحدة ، إلى أداء جماعي تشترك فيه عدة نساء ، كما تختلف أنوع الأهازيج ؛ فمنها ما يشبه غنَّاوة العلم ، ومنها ما هو قصيدة من عدة أبيات ، وتسمَّى هذه الأهازيج في تراثنا الشعبي بـ ( المهاجاه ) أي المحاكة بين المرأة والرحى ، ومثال على ذلك مهاجة بين بنت وأمَّها حيث في حواريَّة حزينة مدهشة ، تقول البنت :\
حمامات لبراج تعالن **عطنَّي نباكن
خوي اللِّي مضحكه عاج** قالن برم من حذاكن
حنِّي تشيِّع نظرها** وعيونها شابَّاتي
تهايالها زول خويا** وان المغيرب ياتي
..........
فتردُّ الأمُّ على ما قالته ابنتها قائلةً:
يا بنت جوك خطَّار **عرب شرق ما تعرفيهم
حطِّي حطب واكبري النار** كنِّيب راه خوك فيهم
فتعود البنت للقول مجدَّداً :
خلَّيت عيني تشارف** وحطَّيت نفسي رقيبه
على ضيّ عيني الغالي** أيَّن مسارب تجيبه
----------
ومن أغاني الرحى أو المهاجاة الثنائية:
نا يا رحى وين نطريك **يخطر الغايب علينا
ينهال الدمع ويجيك** يبقى دقيقك عجينه
----------
نا العَيْن وانْتُو نظَرْها** ونا لِيْد وانْتُو لصابِـعْ
ونا لَرْض وانْتُو مطَرْها** بلاكَم اتْصِيْف الْمرابِعْ
----------
اِن كان رَبِّي عَطَـاك** يعِيْنَك عَلَى الدَّهر دِيْمه
ترْمِي عَصَاتَك من اِيْدَك** عَوْجا توَلِّي سقِيْمـة
----------
مصْبِي عَلَيْ واسِع الجال** ويقُول زِيْدي بلُولـه
يَشْبَع اللِّي كان جَيْعان** وان غاب جارْهم يرسلُوا له
----------
اللِّي طلَب يطْلِب الله** ويقُول يا كرِيْم المعاطي
إلاَّ العَبْد خَلِّيك منَّــه** لا يرفعَك لا يواطـي
----------
زِيْن النَّخَل فِي العَرَاجِيْن** وزِيْن الْمْرَا فِي السَّوالِف
وزِيْن الذَّهَب في الموازِيْن** إِن كان طاح في ايْدَيْن عارِف
----------
رَبَّيتها نَيْن كبْـرَت** ونحْسابْها مِن حَلالِي
ادَّنَّى جمَلْها وركْبَت** وخَلَّت دْمُوعي اطْوَالِي
----------
يا رَيتْنا ما ضنَيْنا** وَقتاً نوَيوا ع الفْراقِـــي
واللِّي ضنَىَ ما تهَنَّى** واللِّي ما ضنَى بات شاقي
----------
ناري عَلَى اللِّي غَرِيْب** في بلاد ما هي بلاده
الفَم يَضْحَك ويَلْعَب** والقَلْب صابِغ سوَاده
----------
يا طالْعاً فَوْق في الجَوّ** ابْنِي عَلَى الصِّحّ ساسَـك
ويا حارِث الشَّوك مِن تَوّ** اتْشُوف العَجَب في دْرَاسَك
----------
فاعل الْخَيْر هَنِّيْه** وبالفَرْح تَزْهَىَ أيَّامه
وفاعل الشَّرّ عَزِّيْه** تعاوِد عَلَيْه النَّدامة
----------
يا رَيتنِي طَيْر ونْطِيْر** وجناحي عَلَيْ لَرْض هافِي
انْجي لغَوْشكَم يا غَوالِي** نْمَيْعِد ونَقْلَع ارْيافِـي
----------
القَلْب صَنْدوق للدَّسّ** وعِلَّة البنادِم لسانه
والوذْن تَسْمَع الْحِسّ** والعَيْن تنْظِر بيَانه
----------
اَجْعَل كلّ مَمْدود مَرْدود **و اجْعَل كلّ عَوجَه سقِيْمة
واَجْعَل اخْطُوْرهم أَوْلافِي** معَا هَبّ لَرْياح دِيْمـه
----------
ما كَيْف خَيلهم خَيل** دِيْما عَلَفِّن بْزايد
أَصايل اسْمَاح الصَّهِيل** ايْجَلَّن عَلَيك الغَدَايد
----------
حاذي المساعِيْد تَسْعَد** حَتَّى بْمَشْيَك معاهم
وإن كان حاذَيْت لَنْذال** ايْغَبَى صوابَك احْذاهم
----------
وهناك المهاجاة التي تتكوَّن من بيت واحدٍ مثل:
القمح كان لك مقسوم** جديد تلعبي في حورته.
عليش عابيه يا ليد** أصبح شعير وأنتِ راقده ..!؟
----------
ومن أغاني الرحى ما يشبه القصيدة مثل :
نا هلي ركَّابة الخيل** عزّ المرا والغديدة
إن صار المعيَّط معَ اللِّيل** جو حصد فوق الغريده
يوم الثناء ما يهابوه** كيف الولد كيف سيده
بزناد مدهون بالزيت** جوهر وعمله جديده
----------
يا ريت خوتي ثلاثين** وضنا عمَّي بزايد
لا ياكلوا لقمة الدين** ولا يلبسوا جرد بايد
----------
يا عوينكن يا نجيمات** اللِّي تلحظن في جباهم
يا ريت في جنحان ** نطير طير نقبا معاهم
----------
قولوا يا وليد راني مريضه** ولا لي دواء غير زولك
البعد جاء جوبه بعيده** ونا كايده في وصولك
----------
ما يوجعك غير من مات** ودَنَّوا عليه اللحايد
إلاَّ بعيد البلادات** يجي معا طول المدايد
----------
خَلُّوَا كحيله تْقبِّل** عجاج الكراهب عماها
دار البحر ما لها دار** راه ترمي ضناها
----------
يا خالق الطير والحوت** لا ميكول لا رضاعه
ينجيِّكم الله يا غوالي** يا حدّ راس البضاعه
----------
يا عون من شال في ليل** وخلاَّ ها البرغوث حايس
وحطّ في شطيباً معطَّر** بعد السيل ما جاه دايس
----------
نا يا رحى كيفك انجضّ** مقلول كيفك هنايا
مطَّاول معايا مرض** دايرات بيَّا سوايا
----------
ومن قصص الجهاد اللِّيبي وذلك بعد زجِّ اللِّيبيين
بالمعتقلات ، فأصبح المجاهدون في وضع صعب للغاية بعد أن انقطعت عنهم الإمدادات بجميع أنواعها ، وذات يوم كانت مجموعة منهم تبحث عن الطعام فوجدوا بعض الحبوب في أحد الكهوف ، ووجدوا الرحى ، وبدأ بعضٌ منهم في إشعال النار فيما تولَّى أحدهم تنقية الحبوب ، بينما أخذ الآخر على عاتقه طحن الحبوب ، فجهَّز الرحى وأخذ أوَّل دفعة لطحنها ، وعندما دارت الرحى بدأ يهاجي قائلاً :
مغير ظلم مِ الطليان** هزيز لحيتي فوق الرحى
فردَّ عليه أحد أصحابه قائلاً :
تجيه ساعته ويزول** سعد الياس مو ديما قوي.
وبالفعل أتت ساعتهم ورحل الطليان ، وجاء جيل الوفاء الذي أخذ بثأرهم ، وأصبحت تضحياتهم مبعث فخرٍ واعتزازٍ لنا نحن أجيال اليوم والأجيال الآتية بعدنا.
ومن مهاجاة الرحى نختار الآتي:
الصدر والكتوف وليد** ثلاث م الرحى واجعاتني
----------
شديد شِدّ حيل القِلب** قادر معاناة الرحى.
----------
الله يعينهم لولاف** أخطروا عاونوني ع الرحى.
----------
يا سعدي نا ويَّاك** إن كان يا رحى مارس عمر.
----------
لَيْش يا شعِيْر اتْدِيْر** سمار وانْت عابِي عَ الرَّحَى.
----------
لَيْش يا شعِيْر اتْدِيْر** سمار وانْت قدّامَك رحَى.
----------
اطْرِي بعِيْد ياك ايْحِيْد** النَّوْم يا رحَى دَوْرَد عَلَيْ.
----------
ما يرِيْد غَيْر القَمْح** حَنِيْن لَولبِك عارْفِيْنَّه.
----------
يرِيْد أَجْر نال اذْنُوْب** شَرَّاي الرَّحَى لا تْسامْحه.
----------
ماحَن نْجُوم اللِّيل** واحْنا عَلَيك سْمّار يا عَلَم.
----------
شعِيْر ما زرَق مازال** تهايا ذبَل حال الرّحَى.
----------
شعِيْر ما زرَق مازال** تهايا ذبَل حال الرّحَى.
----------
اكْلي شعِيْر نَيْن يْجِيك** القَمْح يا رحَى في وطْنَّا.
----------
اللِّي يرِيْد ياكِل عَيْش** يدِيْر عَزْم ويْجي للرَّحَى.
----------
اخْذِي اللِّيل بالساعات** اسْمُوْر نَيْن يا لِيْد تَطْحَنِي
----------
ديما عليك نميد** ملَّيت يا رحى يا نا اللِّي.
----------
أشَّاظى من ايدي عظم** مداواته علي سيد الرحى.
----------
سفيت لاورا لكمام** بغيض وين ما جيت للرحى.
----------
ما تريد غير القمح** يا رحىة بوي الخايبه.
----------
اربيتي خزين الكاف** بلا بوق درتيه يا رحى.
----------
حتَّى في الطحين يزيد** شعير يا رحى روس العرب
----------
ليدين لولا العزم** عليك يا رحى ما كمَّضن
----------
يدّاعَن يرِيْدَن قَمْح** فرايش الرَّحَى كايْداتْنِي
----------
اشِْظيظ الرحى الرقيق** ادْبره دار في ليد شوبره
----------
الزَّرْع في معالِي لَرْض** والاّ بلاش يا سِيْد الرَّحَىْ
----------
اصحا م الدبر يا عود** بعد عليك ليدين سنَّدن.
----------
سِيْدِك يْمَنِّي فيك** بقَمْح مَو غَلِيثة يا رحَى.
----------
لو حسبت شظّ العود** يبقى عذاب ليدي ما نجر.
----------
وفي رواية أخرى
لُو احْسبِت شَظّ العُوْد** يَبقَى عَذاب فِيْدي ما برَمْ.
----------
ربِّي كريم جاد عليك** بعد المير أو جاك الرخاءْ.
----------
فِيْدي طلَق نِيْران** ذراع الرّحَى وَيْنما برَمْ
----------
مكتوب الشقاء ع اليد** الراحه لها ناس يا رحى.
----------
تحْسابَي اللِّيل طوِيل** الفَجْر جاك بَوقَة يا رحَى.
----------
مكاتيب كيف العمر** علينا منابك يا رحى
----------
حِنِّي حَنِيْن نَيْن يطِيْر** النَّوْم يا رحَى دَوْرَد عَلَيْ
----------
خزينك اللِّي في الكاف** جاء عليك موحه يا رحى.
----------
هذه الهجَّاوة قيلت أثناء زجَّ اللِّيبيينَ في المعتقلاتِ الجماعيَّةِ من قبل الاستعمار الإيطالي البغيض حيث تركت المؤن في مخازنها ، وهي الكهوف ؛ وبذلك أصبحت قائلتها بعيدة عن الرحى الموجودة بالمعتقل مع صاحبتها :
----------
الناس يحسبوا ليدين** ولايل علي ضيم الرحى
----------
القمح واسكه بابور** تباكى شغل بال الرحى.
----------
وفي هذه المهاجاة إشارة إلى المجاهدين اللِّيبيِّين الذين نفتهم إيطاليا إلى الجزر الإيطاليَّة النائية
----------
يا نويرتي علي ليدين** شقاهن علي طول عمرهن
----------
اِن جاك الشَّعِيْر ارْحِيْه** حِنِّي عَلَيْه مَيْ ساعة عَدَد.
----------
فيك ما دفع بارات **سحبك وين ما طاح القمر.
----------
ومعنى هذه البيت أن الرحى التي تطحن عليها مسروقة أثناء اللِّيل من قبل من أحضرها إليها .
يا ليد نا ويَّاك** يعطينا تقاوي للرحى
----------
خذَّنا مراكب مير** القمح يا رحى كان يوجعك
----------
الصدر وين هزِّيتيه** تقاوى جضيضه يا رحى
----------
الرايس اللِّي جابك** لو كان وين ما هوفف اغرق
----------
كلاهن صوابع ليد** اشْظيظ الرحى رايح اقند
----------
اشْظيظ الرحى ملعون** طلب شعير جاء دونه بحر
----------
رحىه ثقلها إمعلوم** يا ليد جيتي عندها
----------
عَرَقْنَا اللِّي قطَّار** مو حلال يا واكلينَّه
----------
تحايا دبر ليدين** اللِّي قبل بريان يا رحى
----------
بلاه ما يسير طحين** القلب راه ريسوم الرحى
----------
ومن القصص التي ترتبط بالرحى قصَّةٌ تقول :
كانت هناك امرأة متزوِّجة رجلاً من غير قبيلتها ، وقد دارت الأيام وتحاربت قبيلتها مع قبيلة زوجها ، وتقطَّعت الأخبار ، وانقطعتِ السبلُ بينها وبين أهلها ، فظلت متعطِّشةً لمعرفة أخبارهم ، وموقفهم في الحرب الطاحنة الدائرة بين القبيلتين ، فأحضرت الرحى والشعير وأخذت تطحن وهي تقول :
يا هلي يا زينين** يا اللِّي عليكم انفافي
زعمه يوم ضرب المكوغط** أثقال روز وإلاَّ خفافي
----------
وقد سمعها عمُّها ، والد زوجها ، فأراد أن يطمئنها عن حالة أهلها فرد عليها قائلاً:
هَلِكْ يوم ضرب المكوغط ** أثقال روز ماهم اخفافي
----------
وبهذا الردِّ عرفت حالة أهلها في الحرب ، بعد أن أتتِ الشهادةُ من عدوٍّ لهم ؛ لكنَّه قال الحقيقة التي تريدها زوجة ابنه.
كذلك هناك قصة أخرى تقول :
إن هناك امرأةً كانت تهاجي على الرحى اقترب منها مجموعة من المجاهدين الذي كانوا يبحثون عن الطعام وكانت تردّد :
بعد العام تلفى يوم ** البعد يا الغالي هوَّنك
----------
فطلبوا منها تفسير ذلك ، فسردت لهم قصتها ؛ إذ كانت تعشق رجلاً وعدها بالزواج ، لكنه لم يعد منذ فترة طويلة ، وهي تعيش في انتظاره ، وبعد سماع القصة قرَّروا أن يبحثوا لها عنه ، وبالفعل وجدوه وأخبروه بأمر المرأة التي تنتظره ، وبما قالت فقرَّر الرجوع إليها وطلب يدها.
-------------
كان للرحى أهمية بالغةٌ لدى أجدادنا إذ كانت تمثل لهم ركناً مهمًّا من أركان الحياة ؛ لاعتمادهم عليها بشكل يومي في أعداد الدقيق ، كذلك في أعداد وجبة ( الدشيشة ) وهي إحدى الوجبات الشعبيَّة الشهيرة ، ولعل المثل الشعبي الذي يقول( نرجوه وهو في سبله يا بال في الرحى ) أي ننتظر الطعام وهو لايزال في سنابله ؛ لأن المراحل التي تلي ذلك سهلةً حيث يتم حصد المحصول ثم فرك السنابل واستخراج البذور ، ويتم طحنها ومن ثمَّ تصبح وجبة جاهزة .
والرحى نوعان من حيث الصنع ، هناك رحى يطلق عليها رحى طوري وهي تمتاز بلونها الأزرق ، رقيقة الدفَّات ، خفيفة الوزن ، يمتاز دقيقها بالجودة . وهناك رحى تصنع من الحجر وهي ثقيلة وأقل جودة في طحن الحبوب.
والرحى تتكوَّن من دفتين سفلية وعلوية لا يوجد بينهما حاجز ، ويثبَّت في وسط الدفة السفلى مسمار من الحديد يدخل في فتحة دائرية بقطر خمسة سنتمترات تقريباً بالدفة العلوية التي تثبت بها قطعتين من الخشب على جانبي المسمار تسمَّى ( الفرش ) ويسمَّى هذا المسمار
( قلب الرحى ) ، وفي طرف الدفة العلويَّة يثبت قضيب من الخشب بطول قبضة اليد يسمَّى ( الشظّ ) يُمسك به أثناء ( الرحي ) الطحن .
وأثناء طحن الغلال تردد النساء بعض الأهازيج التي من شأنها أن تخفِّف عنهن عناء العمل ، وعادةً ما تحمل هذه الأهازيج إشاراتٍ معينةً نحو موضوع ما ، وتختلف الأهازيج من أداء فردي من قبل امرأة واحدة ، إلى أداء جماعي تشترك فيه عدة نساء ، كما تختلف أنوع الأهازيج ؛ فمنها ما يشبه غنَّاوة العلم ، ومنها ما هو قصيدة من عدة أبيات ، وتسمَّى هذه الأهازيج في تراثنا الشعبي بـ ( المهاجاه ) أي المحاكة بين المرأة والرحى ، ومثال على ذلك مهاجة بين بنت وأمَّها حيث في حواريَّة حزينة مدهشة ، تقول البنت :\
حمامات لبراج تعالن **عطنَّي نباكن
خوي اللِّي مضحكه عاج** قالن برم من حذاكن
حنِّي تشيِّع نظرها** وعيونها شابَّاتي
تهايالها زول خويا** وان المغيرب ياتي
..........
فتردُّ الأمُّ على ما قالته ابنتها قائلةً:
يا بنت جوك خطَّار **عرب شرق ما تعرفيهم
حطِّي حطب واكبري النار** كنِّيب راه خوك فيهم
فتعود البنت للقول مجدَّداً :
خلَّيت عيني تشارف** وحطَّيت نفسي رقيبه
على ضيّ عيني الغالي** أيَّن مسارب تجيبه
----------
ومن أغاني الرحى أو المهاجاة الثنائية:
نا يا رحى وين نطريك **يخطر الغايب علينا
ينهال الدمع ويجيك** يبقى دقيقك عجينه
----------
نا العَيْن وانْتُو نظَرْها** ونا لِيْد وانْتُو لصابِـعْ
ونا لَرْض وانْتُو مطَرْها** بلاكَم اتْصِيْف الْمرابِعْ
----------
اِن كان رَبِّي عَطَـاك** يعِيْنَك عَلَى الدَّهر دِيْمه
ترْمِي عَصَاتَك من اِيْدَك** عَوْجا توَلِّي سقِيْمـة
----------
مصْبِي عَلَيْ واسِع الجال** ويقُول زِيْدي بلُولـه
يَشْبَع اللِّي كان جَيْعان** وان غاب جارْهم يرسلُوا له
----------
اللِّي طلَب يطْلِب الله** ويقُول يا كرِيْم المعاطي
إلاَّ العَبْد خَلِّيك منَّــه** لا يرفعَك لا يواطـي
----------
زِيْن النَّخَل فِي العَرَاجِيْن** وزِيْن الْمْرَا فِي السَّوالِف
وزِيْن الذَّهَب في الموازِيْن** إِن كان طاح في ايْدَيْن عارِف
----------
رَبَّيتها نَيْن كبْـرَت** ونحْسابْها مِن حَلالِي
ادَّنَّى جمَلْها وركْبَت** وخَلَّت دْمُوعي اطْوَالِي
----------
يا رَيتْنا ما ضنَيْنا** وَقتاً نوَيوا ع الفْراقِـــي
واللِّي ضنَىَ ما تهَنَّى** واللِّي ما ضنَى بات شاقي
----------
ناري عَلَى اللِّي غَرِيْب** في بلاد ما هي بلاده
الفَم يَضْحَك ويَلْعَب** والقَلْب صابِغ سوَاده
----------
يا طالْعاً فَوْق في الجَوّ** ابْنِي عَلَى الصِّحّ ساسَـك
ويا حارِث الشَّوك مِن تَوّ** اتْشُوف العَجَب في دْرَاسَك
----------
فاعل الْخَيْر هَنِّيْه** وبالفَرْح تَزْهَىَ أيَّامه
وفاعل الشَّرّ عَزِّيْه** تعاوِد عَلَيْه النَّدامة
----------
يا رَيتنِي طَيْر ونْطِيْر** وجناحي عَلَيْ لَرْض هافِي
انْجي لغَوْشكَم يا غَوالِي** نْمَيْعِد ونَقْلَع ارْيافِـي
----------
القَلْب صَنْدوق للدَّسّ** وعِلَّة البنادِم لسانه
والوذْن تَسْمَع الْحِسّ** والعَيْن تنْظِر بيَانه
----------
اَجْعَل كلّ مَمْدود مَرْدود **و اجْعَل كلّ عَوجَه سقِيْمة
واَجْعَل اخْطُوْرهم أَوْلافِي** معَا هَبّ لَرْياح دِيْمـه
----------
ما كَيْف خَيلهم خَيل** دِيْما عَلَفِّن بْزايد
أَصايل اسْمَاح الصَّهِيل** ايْجَلَّن عَلَيك الغَدَايد
----------
حاذي المساعِيْد تَسْعَد** حَتَّى بْمَشْيَك معاهم
وإن كان حاذَيْت لَنْذال** ايْغَبَى صوابَك احْذاهم
----------
وهناك المهاجاة التي تتكوَّن من بيت واحدٍ مثل:
القمح كان لك مقسوم** جديد تلعبي في حورته.
عليش عابيه يا ليد** أصبح شعير وأنتِ راقده ..!؟
----------
ومن أغاني الرحى ما يشبه القصيدة مثل :
نا هلي ركَّابة الخيل** عزّ المرا والغديدة
إن صار المعيَّط معَ اللِّيل** جو حصد فوق الغريده
يوم الثناء ما يهابوه** كيف الولد كيف سيده
بزناد مدهون بالزيت** جوهر وعمله جديده
----------
يا ريت خوتي ثلاثين** وضنا عمَّي بزايد
لا ياكلوا لقمة الدين** ولا يلبسوا جرد بايد
----------
يا عوينكن يا نجيمات** اللِّي تلحظن في جباهم
يا ريت في جنحان ** نطير طير نقبا معاهم
----------
قولوا يا وليد راني مريضه** ولا لي دواء غير زولك
البعد جاء جوبه بعيده** ونا كايده في وصولك
----------
ما يوجعك غير من مات** ودَنَّوا عليه اللحايد
إلاَّ بعيد البلادات** يجي معا طول المدايد
----------
خَلُّوَا كحيله تْقبِّل** عجاج الكراهب عماها
دار البحر ما لها دار** راه ترمي ضناها
----------
يا خالق الطير والحوت** لا ميكول لا رضاعه
ينجيِّكم الله يا غوالي** يا حدّ راس البضاعه
----------
يا عون من شال في ليل** وخلاَّ ها البرغوث حايس
وحطّ في شطيباً معطَّر** بعد السيل ما جاه دايس
----------
نا يا رحى كيفك انجضّ** مقلول كيفك هنايا
مطَّاول معايا مرض** دايرات بيَّا سوايا
----------
ومن قصص الجهاد اللِّيبي وذلك بعد زجِّ اللِّيبيين
بالمعتقلات ، فأصبح المجاهدون في وضع صعب للغاية بعد أن انقطعت عنهم الإمدادات بجميع أنواعها ، وذات يوم كانت مجموعة منهم تبحث عن الطعام فوجدوا بعض الحبوب في أحد الكهوف ، ووجدوا الرحى ، وبدأ بعضٌ منهم في إشعال النار فيما تولَّى أحدهم تنقية الحبوب ، بينما أخذ الآخر على عاتقه طحن الحبوب ، فجهَّز الرحى وأخذ أوَّل دفعة لطحنها ، وعندما دارت الرحى بدأ يهاجي قائلاً :
مغير ظلم مِ الطليان** هزيز لحيتي فوق الرحى
فردَّ عليه أحد أصحابه قائلاً :
تجيه ساعته ويزول** سعد الياس مو ديما قوي.
وبالفعل أتت ساعتهم ورحل الطليان ، وجاء جيل الوفاء الذي أخذ بثأرهم ، وأصبحت تضحياتهم مبعث فخرٍ واعتزازٍ لنا نحن أجيال اليوم والأجيال الآتية بعدنا.
ومن مهاجاة الرحى نختار الآتي:
الصدر والكتوف وليد** ثلاث م الرحى واجعاتني
----------
شديد شِدّ حيل القِلب** قادر معاناة الرحى.
----------
الله يعينهم لولاف** أخطروا عاونوني ع الرحى.
----------
يا سعدي نا ويَّاك** إن كان يا رحى مارس عمر.
----------
لَيْش يا شعِيْر اتْدِيْر** سمار وانْت عابِي عَ الرَّحَى.
----------
لَيْش يا شعِيْر اتْدِيْر** سمار وانْت قدّامَك رحَى.
----------
اطْرِي بعِيْد ياك ايْحِيْد** النَّوْم يا رحَى دَوْرَد عَلَيْ.
----------
ما يرِيْد غَيْر القَمْح** حَنِيْن لَولبِك عارْفِيْنَّه.
----------
يرِيْد أَجْر نال اذْنُوْب** شَرَّاي الرَّحَى لا تْسامْحه.
----------
ماحَن نْجُوم اللِّيل** واحْنا عَلَيك سْمّار يا عَلَم.
----------
شعِيْر ما زرَق مازال** تهايا ذبَل حال الرّحَى.
----------
شعِيْر ما زرَق مازال** تهايا ذبَل حال الرّحَى.
----------
اكْلي شعِيْر نَيْن يْجِيك** القَمْح يا رحَى في وطْنَّا.
----------
اللِّي يرِيْد ياكِل عَيْش** يدِيْر عَزْم ويْجي للرَّحَى.
----------
اخْذِي اللِّيل بالساعات** اسْمُوْر نَيْن يا لِيْد تَطْحَنِي
----------
ديما عليك نميد** ملَّيت يا رحى يا نا اللِّي.
----------
أشَّاظى من ايدي عظم** مداواته علي سيد الرحى.
----------
سفيت لاورا لكمام** بغيض وين ما جيت للرحى.
----------
ما تريد غير القمح** يا رحىة بوي الخايبه.
----------
اربيتي خزين الكاف** بلا بوق درتيه يا رحى.
----------
حتَّى في الطحين يزيد** شعير يا رحى روس العرب
----------
ليدين لولا العزم** عليك يا رحى ما كمَّضن
----------
يدّاعَن يرِيْدَن قَمْح** فرايش الرَّحَى كايْداتْنِي
----------
اشِْظيظ الرحى الرقيق** ادْبره دار في ليد شوبره
----------
الزَّرْع في معالِي لَرْض** والاّ بلاش يا سِيْد الرَّحَىْ
----------
اصحا م الدبر يا عود** بعد عليك ليدين سنَّدن.
----------
سِيْدِك يْمَنِّي فيك** بقَمْح مَو غَلِيثة يا رحَى.
----------
لو حسبت شظّ العود** يبقى عذاب ليدي ما نجر.
----------
وفي رواية أخرى
لُو احْسبِت شَظّ العُوْد** يَبقَى عَذاب فِيْدي ما برَمْ.
----------
ربِّي كريم جاد عليك** بعد المير أو جاك الرخاءْ.
----------
فِيْدي طلَق نِيْران** ذراع الرّحَى وَيْنما برَمْ
----------
مكتوب الشقاء ع اليد** الراحه لها ناس يا رحى.
----------
تحْسابَي اللِّيل طوِيل** الفَجْر جاك بَوقَة يا رحَى.
----------
مكاتيب كيف العمر** علينا منابك يا رحى
----------
حِنِّي حَنِيْن نَيْن يطِيْر** النَّوْم يا رحَى دَوْرَد عَلَيْ
----------
خزينك اللِّي في الكاف** جاء عليك موحه يا رحى.
----------
هذه الهجَّاوة قيلت أثناء زجَّ اللِّيبيينَ في المعتقلاتِ الجماعيَّةِ من قبل الاستعمار الإيطالي البغيض حيث تركت المؤن في مخازنها ، وهي الكهوف ؛ وبذلك أصبحت قائلتها بعيدة عن الرحى الموجودة بالمعتقل مع صاحبتها :
----------
الناس يحسبوا ليدين** ولايل علي ضيم الرحى
----------
القمح واسكه بابور** تباكى شغل بال الرحى.
----------
وفي هذه المهاجاة إشارة إلى المجاهدين اللِّيبيِّين الذين نفتهم إيطاليا إلى الجزر الإيطاليَّة النائية
----------
يا نويرتي علي ليدين** شقاهن علي طول عمرهن
----------
اِن جاك الشَّعِيْر ارْحِيْه** حِنِّي عَلَيْه مَيْ ساعة عَدَد.
----------
فيك ما دفع بارات **سحبك وين ما طاح القمر.
----------
ومعنى هذه البيت أن الرحى التي تطحن عليها مسروقة أثناء اللِّيل من قبل من أحضرها إليها .
يا ليد نا ويَّاك** يعطينا تقاوي للرحى
----------
خذَّنا مراكب مير** القمح يا رحى كان يوجعك
----------
الصدر وين هزِّيتيه** تقاوى جضيضه يا رحى
----------
الرايس اللِّي جابك** لو كان وين ما هوفف اغرق
----------
كلاهن صوابع ليد** اشْظيظ الرحى رايح اقند
----------
اشْظيظ الرحى ملعون** طلب شعير جاء دونه بحر
----------
رحىه ثقلها إمعلوم** يا ليد جيتي عندها
----------
عَرَقْنَا اللِّي قطَّار** مو حلال يا واكلينَّه
----------
تحايا دبر ليدين** اللِّي قبل بريان يا رحى
----------
بلاه ما يسير طحين** القلب راه ريسوم الرحى
----------
ومن القصص التي ترتبط بالرحى قصَّةٌ تقول :
كانت هناك امرأة متزوِّجة رجلاً من غير قبيلتها ، وقد دارت الأيام وتحاربت قبيلتها مع قبيلة زوجها ، وتقطَّعت الأخبار ، وانقطعتِ السبلُ بينها وبين أهلها ، فظلت متعطِّشةً لمعرفة أخبارهم ، وموقفهم في الحرب الطاحنة الدائرة بين القبيلتين ، فأحضرت الرحى والشعير وأخذت تطحن وهي تقول :
يا هلي يا زينين** يا اللِّي عليكم انفافي
زعمه يوم ضرب المكوغط** أثقال روز وإلاَّ خفافي
----------
وقد سمعها عمُّها ، والد زوجها ، فأراد أن يطمئنها عن حالة أهلها فرد عليها قائلاً:
هَلِكْ يوم ضرب المكوغط ** أثقال روز ماهم اخفافي
----------
وبهذا الردِّ عرفت حالة أهلها في الحرب ، بعد أن أتتِ الشهادةُ من عدوٍّ لهم ؛ لكنَّه قال الحقيقة التي تريدها زوجة ابنه.
كذلك هناك قصة أخرى تقول :
إن هناك امرأةً كانت تهاجي على الرحى اقترب منها مجموعة من المجاهدين الذي كانوا يبحثون عن الطعام وكانت تردّد :
بعد العام تلفى يوم ** البعد يا الغالي هوَّنك
----------
فطلبوا منها تفسير ذلك ، فسردت لهم قصتها ؛ إذ كانت تعشق رجلاً وعدها بالزواج ، لكنه لم يعد منذ فترة طويلة ، وهي تعيش في انتظاره ، وبعد سماع القصة قرَّروا أن يبحثوا لها عنه ، وبالفعل وجدوه وأخبروه بأمر المرأة التي تنتظره ، وبما قالت فقرَّر الرجوع إليها وطلب يدها.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
dude333- مشرف المنتدى السياسي
-
عدد المشاركات : 5593
العمر : 55
رقم العضوية : 9508
قوة التقييم : 36
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» الإكوادور وجهة مثالية لقضاء العطلات وسط المناظر الطبيعية
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» سر ارتفاع دواسة الفرامل عن دواسة البنزين في السيارة
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» ما ميزات شبكات "Wi-Fi 8" المنتظرة؟
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» رد فعل صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
اليوم في 8:04 am من طرف STAR
» هل تعاني من الأرق؟ طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الكبة المشوية على الطريقة الأصلية
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:00 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR