عمود البيت

من طرف الهيلع 2009-11-16, 1:22 am

انتبه أجدادنا لأهمية عمود البيت وخاصة أثناء العواصف والأمطار فجعلوا للبيت عمودين وأسموهما ( بالجبَّر ) وهما عبارة عن عمودين طويلين في منتصف البيت بينهما مسافة صغيرة , والسؤال هنا هو لماذا هما عمودان وليس عموداً واحداً , فهل سبب ذلك هو التناسق والمنظر الجميل ؟ أم لأن المنطقة المحصورة بين العمودين ( والتي تُستغل في تخزين كل ما يُخشى عليه من "القاطر" ) لا تنزل منها الأمطار إلا إذا "بادت" , قد يكون كل ذلك وغيره صحيح ولكن الأهم من ذلك هو إدراكهم من واقع خبراتهم المُتوارثة أن الحمل سيتوزع على العمودين وإذا انكسر أو سقط أحدهما فيبقى البيت منصوباً على الآخر , ولكن للأسف هذا النظام غير متبع في الكثير من إدارات مؤسساتنا ( إلا ما رحم ربي ) فلا تكاد تجد رجلاً ثانياً يحل محل الرجل الأول أو يُخوله في بعض صلاحياته بل على العكس من ذلك في كثير من الأحيان تجد المسئول يسحب الصلاحيات من موظفيه وتبقى المسئولية في أعناقهم فتجد من له صلاحيات بلا مسئولية ومن ليس له صلاحيات وعليه مسئوليه لينطبق عليه قول الشاعر " مازلت نا هو نا.. لا أنحل لا نربط لا عليَّ أععبا... ولا ننتشد... " وذلك على الرغم من أن أبجديات الإدارة توجب تخويل المسئول جزء من صلاحياته لبعض موظفيه حتى يمكنهم تسيير العمل بالشكل المطلوب منهم وحتى يتمكنوا من التصرف بسرعة إذا لزم الأمر ولتعليمهم الاعتماد على النفس وتحمل المسئولية , ( وهو ما يُعرف بالتفويض الإداري والذي هو جزء من عملية التنظيم الإداري وهذا الأخير هو أحد الركائز الأربعة لأي إدارة وهي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة ) هذا بالإضافة إلى مميزات أخرى تعود بشكل مباشر أو غير مباشر على سير العمل بارتفاع إنتاجيته , ولا ينتقص التفويض من قدر الرئيس شيئاً بدليل أن رب العزة جل جلاله قد فوض الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( رغم اتصاله الدائم به عن طريق الوحي ) في الشؤون المختلفة لإدارة الحياة ولتبليغ الدعوة ومن ذلك مثلاً قوله تعالى في الآية ( 62 ) من سورة النور حيث قال " فأذن لمن شئت منهم " , وعلى الرغم من ذلك فنجد عزوف الرؤساء والمرؤوسين عن التفويض بشكل كبير ربما لأزمة ثقة بينهم أو قد يكون ذلك ناتجاً عن تربية خاطئة لا ينظر فيها المُربي على المدى البعيد بحيث يُعود أبنائه على تحمل المسئولية فيُفوضهم ويُعطيهم بعض الصلاحيات ويُشاورهم في كثير من الأمور بل على العكس من ذلك لا يُتيح لهم التصرف والاختيار حتى فيما يخصهم هم , وإذا تصرف أحدهم وأخطاء ولو خطاءً بسيطاً كان ذلك ذنباً جليلاً وخطيئة لا تُغتفر بدلاً من تعليمهم كيفية الاستفادة من هذا الخطأ وتعويدهم أن يسألوا أنفسهم دائماً عن كل شيء يُقدموا عليه لماذا يُقدمون ؟ وعن كل حدثٍ حدث لماذا حدث؟