إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
السياسة الاستيطانية الإيطالية و فشلها فى تحويل ليبيا لمستعمرة ذات صيغة إيطالية بحتة
صفحة 1 من اصل 1
السياسة الاستيطانية الإيطالية و فشلها فى تحويل ليبيا لمستعمرة ذات صيغة إيطالية بحتة
هذا الموضوع التراثي الذي يضيء على السياسة الاستيطانية الإيطالية في ليبيا التي تعدت تأثيراتها الوضع لتشمل النواحي الاجتماعية والاقتصادية، ورد ضمن رسالة دكتوراه أشرفت عليها وناقشتها في جامعة الجنان للطالب أحمد أمنيسي الزرقاني. ونظراً إلى أهمية المعلومات التي تضمنتها رسالة الطالب، فلقد آثرت أن أضيء على السياسة الاستيطانية الإيطالية في الحقبة التي كانت ليبيا تحت الاحتلال الإيطالي الذي عمل منذ الغزو على نشر ثقافته وسياسته داخل المجتمع الليبي من طريق مجموعة من القنوات والوسائل المختلفة، ومن أهمها المدارس التعليمية والدينية والصحافة والإذاعة من أجل تسخير تلك المؤسسات للتغلغل الثقافي داخل المجتمع الليبي.
وعلى هذا الأساس كانت السلطات الإيطالية تنادي ببعض الشعارات الخادعة التي هدفت من خلالها إلى «طلينة» السكان المحليين، ومنها أنّ الحكومة الإيطالية عملت على نشر الحضارة في مستعمراتها ليس عن طريق القوة والقوانين المفروضة وإنما عن طريق التربية والتعليم.
كان التعليم من الوسائل المهمة التي لجأت إليها الإدارة الإيطالية في ليبيا لخدمة أهدافها الاستعمارية الاستيطانية وتحويل ليبيا إلى مستعمرة ذات صيغة إيطالية بحتة لتصبح بحق جزءاً من المملكة الإيطالية. فالتعليم باعتباره الأساس الأول لتغيير الكثير من أحوال الناس، اهتمت به الحكومة الإيطالية اهتماماً كبيراً وعمدت إلى طلينته.
وفي هذا الصدد يذكر ليونارد أبلتون أنّ الحاجة إلى تخطيط مستقبل المدارس في ليبيا على أساس تنمية الطلينة بين المقيمين الإيطاليين وتعاون الليبيين، «أنّ السياسة التعليمية في ليبيا هدفت منذ البداية إلى فرض مناهج تربوية تخدم توجهات إيطالية وسياستها التعليمية من خلال الإقدام على فرض نظام التعليم الإيطالي في البلاد بما في ذلك تدريس اللغة الإيطالية والاهتمام بتدريس تاريخ وجغرافية إيطاليا مع تأكيد أبجديات الحضارة الغربية وصولاً إلى الهدف النهائي وهو طلينة الجيل الناشئ من الليبيين والقضاء على الروح الوطنية لدى الأجيال المعاصرة للوجود الإيطالي».
ولإنجاح هذه السياسة أصبحت اللغة الإيطالية إلزامية في المدارس الابتدائية، وهي لغة التدريس في جميع المواد باستثناء اللغة العربية والقرآن الكريم والدين.
كان الهدف من إنشاء هذا النظام التعليمي طمس الهوية العربية الليبية لدى التلاميذ الليبيين وإشعارهم منذ الطفولة بأنهم إيطاليون لا تربطهم أي علاقة بالعروبة والإسلام حين فرضت مناهج دراسية تتخللها في مادة التاريخ دروس تتحدث عن أمجاد إيطاليا وحضارتها، وأن هذه الدولة تسعى إلى نقل الشعب الليبي من التخلف إلى التقدم.
وفي هذا الصدد يشير أدريا فيستا، وهو أحد رجال التربية الاستعماريين، إلى أنّ المدارس التي أُنشئت في ليبيا تعتبر أداة سياسية للوصول إلى طلينة أولئك الرعايا وجعلهم موالين لإيطاليا.
وإلى جانب المؤسسات التعليمية الإيطالية، وُجدت المؤسسات الدينية المتمثلة في الزوايا والكتاتيب والمعاهد الدينية التي تحمل الأهالي في البداية المسؤولية الكاملة في إدارتها وتموينها بعد أن عملت السلطات الإيطالية على إهمالها وتهميشها.
شهد التعليم خلال الفترة الاستعمارية الإيطالية مجموعة من التغييرات طبقاً لمراسيم وقوانين هدفت في معظمها إلى العمل على طلينة الليبيين واحتوائهم، كان أهمها إغلاق المدارس الوطنية عام 1911 والإشراف الإيطالي الكامل على التعليم وصدور قانون التعليم العام بطرابلس وبرقة عام 1914 والذي تكونت بموجبه مدارس إيطالية عربية تدرَّس فيها كل المواد باللغة الإيطالية ما عدا اللغة العربية والدين، والقانون رقم 250 لعام 1915 الذي أخضع الكتاتيب والزوايا لإشراف الإدارة الإيطالية المباشر لها بحيث يتولى مفتش إيطالي مهمة التفتيش عليها، لما لهذه المؤسسات من دور كبير في ربط المواطنين بدينهم وعقيدتهم وتقاليدهم.
استمرت الحياة التعليمية على ما هي عليه حتى عام 1919 بعد الاعتراف بالجمهورية الطرابلسية وبالإمارة السنوسية في برقة. وأصدرت السلطات الإيطالية قوانين لكل من طرابلس وبرقة، الأول رقم 931 الخاص بمنطقة طرابلس والثاني رقم 2401 الخاص بمنطقة برقة، وهما أعطيا شيئاً من حرية التعليم الأهلي من دون تدخل مباشر من السلطات التعليمية الإيطالية. وتضمنا بعض المواد التي نصت على حرية التعليم واستخدام اللغة العربية في تدريس العلوم على أن يتم تدريس اللغة الإيطالية كمادة تدريس فقط، وحدّدت بمقتضاه أنواع المدارس التي يدرس فيها الليبيون، وتشمل الكتاتيب والمدارس الابتدائية والمدارس العليا والمدارس الصناعية والزراعية.
ساء وضع التعليم العربي في ليبيا خلال الفترة الأولى من السيطرة الإيطالية، وقد ازداد الحال سوءاً منذ أن سيطر الفاشيون على الحكم عام 1922 إذ رأوا ضرورة إحداث تغيير في السياسة التعليمية بحيث تكون أكثر انسجاماً وتفاهماً مع المصالح الإيطالية الاستعمارية، فعملوا على تطبيق سياسة الطلينة بصورة تدريجية مرنة، أي بمعنى آخر اتباع سياسة جديدة تجعل الليبيين لا يشعرون بأنّ عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم تُمس، وهذا يعني أنّ الفلسفة التعليمية الجديدة تقوم على أساس غرس الأفكار الفاشية وطلينة المجتمع الليبي، مع مراعاة مبدأ التكيف مع العادات والتقاليد، وأنه مع مرور الوقت ستُزال كل المعوقات التي وقفت ضد تغيير أفكار الناس لتكون منسجمة ومتفاهمة مع المبادئ والأفكار الفاشية.
رمت السياسة الإيطالية الفاشية إلى إحداث عملية احتواء وهيمنة شاملة على السكان المحليين، والدليل على ذلك أنّ المناهج الدراسية التي كانت تدرس للطلاب الليبيين كانت تعبّر عن شعارات الفاشية والأمجاد الرومانية مثل «إني أحب إيطاليا جداً»، و «روما كانت تقود العالم في الأزمنة القديمة»، و «يا أطفال ليبيا أحبوا الراية الثلاثية الألوان الإيطالية التي هي رايتكم أيضاً ورحبوا بها وتعهدوا بالخدمة الوطنية لها».
ولأن المدرسة لم تكن الوسيلة الوحيدة لنشر الأفكار، أنشأت السلطات الإيطالية عام 1935 تنظيماً جديداً عرف باسم شبيبة الليتوريو العربية على غرار تنظيم شبيبة الليتوريو الإيطالية التي أنشئت في روما عام 1929. وكان الغرض من إنشاء هذا التنظيم خلق جيل جديد متشبع بالأفكار الفاشية، وكان شعار التنظيم «صدق – أطع – حارب»، كما كان له شعار ثان يقول: «إنّ المدرسة تهتم بالعقل في حين أنّ مؤسسة الليتوريو العربية تهتم بجسمه ليقاتل من أجل الفاشية».
من هنا يمكن القول إنّ السياسة الاستيطانية الإيطالية ارتبطت بالتوجهات المركزية للحكومة الإيطالية وأطماعها الاستعمارية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط والقارة الأفريقية. ويظهر ذلك جلياً من خلال التوجهات والأوامر المباشرة التي كان يصدرها الزعيم الفاشي بنيتو موسوليني نفسه للولاة الإيطاليين والتي تعبر عنها الزيارتان اللتان قام بهما لليبيا.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
مواضيع مماثلة
» الغارديان: ليبيا قد تحول للأمم المتحدة بسبب فشلها بتسليم سيف
» ثوار ليبيا من الحرب إلى السياسة
» صحيفة: قوات إيطالية خاصة "غير قتالية" منتشرة في ليبيا
» شركة إيطالية تبني الطرق في ليبيا
» قوة إيطالية تعترض ناقلة "أنوار ليبيا" قبالة حقل البوري
» ثوار ليبيا من الحرب إلى السياسة
» صحيفة: قوات إيطالية خاصة "غير قتالية" منتشرة في ليبيا
» شركة إيطالية تبني الطرق في ليبيا
» قوة إيطالية تعترض ناقلة "أنوار ليبيا" قبالة حقل البوري
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2024-10-03, 8:31 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
2024-10-02, 8:29 am من طرف STAR
» غموض يكتنف مصير نصر الله..كيف عرفت اسرائيل مكانه؟
2024-09-28, 8:32 am من طرف STAR
» الشمال يتعرض لرشقات صاروخية الأكبر والاعنف منذ بدء الحرب
2024-09-28, 8:31 am من طرف STAR
» تصريحات إيرانية تثير شكوكا متزايدة بشأن "مصير نصر الله"
2024-09-28, 8:30 am من طرف STAR
» إسرائيل تعلن اغتيال قائد الوحدة الصاروخية بحزب الله ونائبه
2024-09-28, 8:30 am من طرف STAR
» مخاوف كبيرة من تطور في سياسة خصوصية تلغرام
2024-09-28, 8:28 am من طرف STAR
» الرجالهك بطلا لكأس السوبر الإفريقي على حساب الأهلي
2024-09-28, 8:27 am من طرف STAR
» "لا تتخلصوا منه"..فوائد عديدة لقشر الموز تعرفوا عليها
2024-09-28, 8:26 am من طرف STAR
» سلطة الرايتا الهندية
2024-09-28, 8:25 am من طرف STAR
» أسباب عدم استجابة السيارة عند الضغط على البنزين
2024-09-25, 7:45 am من طرف STAR
» سانت بطرسبرغ وجهة منوعة تعد الزائرين بقضاء إجازة لا تنسى
2024-09-25, 7:44 am من طرف STAR
» رونالدو مطلوب في الصين.. ما القصة؟
2024-09-25, 7:43 am من طرف STAR
» فوائد ومضار النوم نهارا
2024-09-25, 7:43 am من طرف STAR
» أدمغة الرجال تتقلص من الصباح إلى المساء
2024-09-25, 7:42 am من طرف STAR