الإعلام الليبي 2009... عام حافل بالأحداث

من طرف **بوفرقه** 2010-01-05, 7:45 am

يأتي هذا التقرير كمحاولة فردية يفترض أن تقوم بها مؤسسات تعنى بالمشهد الإعلامي في ليبيا، حيث يقوم هذا التقرير بتسجيل أهم الأحداث الحاصلة بمجال الإعلام والصحافة، والتي تمس كل من وسائل الإعلام والرسالة الإعلامية والمجتمع الإعلامي والقائم بالاتصال، والمؤسسة الإعلامية.
بداية نارية لعام ساخن بالأحداث، حيث قام العديد من الكتّاب والصحفيين بإصدار بيان طالبوا فيه بإلغاء بعض المؤسسات الرقابية وإعادة هيكلتها (رابطة الصفحيين والإعلاميين – رابطة الأدباء والكتّاب – نيابة الصحافة)، بعدما تم استدعاء عدد منهم للتحقيق جراء كتاباتهم، الأمر الذي أثار موجة من التساؤلات حول جدوى وجود مثل تلك المؤسسات، وتناقلته وسائل إعلام عربية ودولية وسط تجاهل الإعلام المحلي الرسمي بما فيها صحافة الغد، ومحاولة بعض المثقفين في بنغازي إقامة ندوة للتعريف بحرية التعبير وإلغائها من قبل الهيأة العامة للثقافة.
فالأنشطة المعلوماتية وهي المؤتمرات والندوات المتخصصة بمفهوم الصحافة والإعلام، كانت بالرغم من إنشاء كل من الهيأة العامة للثقافة والهيأة العامة للصحافة بعد إلغاء كل من المؤسسة العامة للصحافة واللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام؛ اتصفت بالمحدودية رغم حجم الميزانية المرصودة لانجازها؛ حيث لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة كان آخرها ندوة حرية الصحافة التي أقيمت في مدينة طرابلس، مع تحجيم دور مجلس الثقافة العام، الذي توقفت إصداراته من كتب ومجلات، وانعدام دوره في الإضافة للمشهد الثقافي والإعلامي في ليبيا.
ويغلب الطابع التأبيني على معظم الأنشطة الثقافية، كان أبرزها ندوة الأديب الراحل صادق النيهوم؛ والتي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية؛ انتهت بحادثة المطعم الشهيرة التي جاءت على لسان السيد أمين الهيأة العامة للصحافة الأستاذ محمد ابعيو.
ولاتزال الصحف الورقية تعاني من عدة مشاكل تقنية أهمها سوء التوزيع ورداءة الطباعة رغم التقدم الملحوظ في الاهتمام بالشكل الخارجي، مع تدني مستوى المضمون من حيث التحرير.
ولعل أهم التطورات التي واكبت الصحافة الورقية هي التفاعل مع القضايا التي تطرح على صفحات المواقع الالكترونية على اختلاف تياراتها، وإن كانت تشوبها في الكثير من الأحيان صفة التدليس والتزييف، لعل أبرزها فيما يخص قضية دار الرعاية الاجتماعية في بنغازي ومظاهرات أسر ضحايا حادثة سجن أبو سليم وغيرها من القضايا الساخنة.
ولازالت عدة مطبوعات متوقفة عن الصدور أهمها مجلة الثقافة العربية ومجلة الجليس، واستئناف صدور مجلة الفصول الأربعة بعد انقطاع دام لعدة سنوات والتي يرأس تحريرها القاص سالم العبار، وتولي الدكتورة سكينة بن عامر رئاسة تحرير مجلة البيت بعد نقل مقر صدورها من مدينة طرابلس إلى مدينة بنغازي.
كما أن المواقع المهاجرة نالت نصيبها من التعتيم؛ حيث تم السطو على العديد منها أهمها جيل ليبيا وليبيا المستقبل وأخبار ليبيا الأمر الذي اضطر القائمون عليها إلى تغيير امتدادتها بشكل جذري، ولازالت تعاني المواقع الداخلية والتي يطلق عليها بالمواقع الإصلاحية والتابعة لشركة الغد من حيث التمويل والمتابعة، الأمر الذي اضطر مديرة تحرير موقع بوابة ليبيا الإعلامية هالة المصراتي إلى نزع الصفة الحكومية عن الموقع، وتحويله إلى موقع خاص تتولى تمويله ذاتياً.
كما برزت على السطح انتقادات حادة من قبل المعارضة الليبية تجاه موقع ليبيا اليوم التي يرأس تحريرها السيد فايز السويري حول الأداء المهني، فيما احتفظ موقع المنارة بوتيرته المعهودة رغم بعض التحفظات من قبل بعض المهتمين بمجال الإعلام.
وظهرت باقة جديدة من المواقع الإعلامية أهمها موقع بانوراما ليبيا والمشهد الثقافي الليبي؛ وذلك لإثراء المشهد الإعلامي التي احتكرت المواقع المهاجرة بالخارج صياغتها.
كما سجل موقع سوق الأوراق المالية الليبي الالكتروني رقماً قياسياً من حيث قيمة الإعداد والتنفيذ والذي تجاوز عدة مئات الألوف من العملة الصعبة حسب مصادر مطلعة.
أما فيما يخص الإذاعة المسموعة نالت إذاعة بنغازي المحلية وبالأخص برنامج مساء الخير بنغازي؛ العديد من التحفظات ومحاولات الإيقاف وصلت إلى حد استدعاء القائمين بالبرنامج إلى مكاتب النيابة العامة، وامتعاض أغلب مسؤولي المدينة حول أسلوب إدارة الحوار وحدة انتقادات رجل الشارع لهم.
كما لا تزال العديد من الإذاعات المسموعة ببقية المدن تعاني من سوء التجهيزات وانعدام الكفاءات المسيرة لهذا القطاع، رغم الميزانيات التي تمنح لها في سبيل تطويرها.
أبرز الأحداث التي واجهت قطاع الإذاعة المرئية، هو ضم القناة الفضائية الليبية إلى هيأة إذاعات الجماهيرية العظمى وإلغاء تبعيتها لشركة الغد، بعد زيارة مفاجئة للعقيد معمر القذافي؛ وسط استنتاجات بأن ما حصل جاء نتيجة لبث برنامج قلم رصاص للإعلامي حمدي قنديل، والذي وجه عبره انتقادات لاذعة للحكومة المصرية، بالإضافة لاستضافة أحد أبرز أركان اللجان الثورية مصطفى الزائدي والذي أدلى فيه بتصريحات اعتبرها الكثيرين أنها تدين هذه الحركة في الكثير من تجاوزاتها؛ تبعها إنشاء قناة المتوسط والتي يفترض تسييرها من قبل نفس الطاقم السابق للقناة الفضائية الليبية، ولازال الغموض يكتنف مصير هذه القناة؛ بعد احتجاجات واسعة للإعلاميين السابقين الذين تم الاستغناء عن خدماتهم من قبل الشركة المالكة (شركة الغد).
بالنسبة لدور الخيالة لازال الوضع كما هو عليه، حيث توقفت معظم أعمال الصيانة بدور الخيالة، وتتناقل بعض المواقع الالكترونية مقتطفات بسيطة حول التصريحات المنقولة عن المسؤولين عن إعداد فيلم سنوات الظلم؛ حول سير انتاجه.
أما المسرح فقد توقفت معظم أعمال المهرجان الوطني للمسرح هذا العام واقتصرت على استقدام خبراء في المسرح المصري لتقييم الأعمال المسرحية الليبية.
بعد إحالة العديد من الكوادر الإعلامية إلى قطاع القوى العاملة أو بما يعرف بالمركز الوطني للقوى العاملة، توقفت الكثير من الإصدارات والأنشطة الإعلامية بالقطاعات الخدمية والإنتاجية، واقتصر دور العلاقات العامة بها على إنهاء الإجراءات التسييرية للقائمين بها.
تركزت أهم القضايا التي تناولتها الكثير من وسائل الإعلام حول تغطية مظاهرة فتيات دار الرعاية الاجتماعية بمدينة بنغازي؛ والتي هوجم فيها الصحفيين الذين قاموا بالتغطية للمرة الأولى؛ وتولى الإعلام الرسمي وصحافة الغد تكذيب الموضوع برمته رغم حيازتهم لتسجيلات مسموعة، وساهم ناشطون حقوقيون وإعلاميون في الدفاع عن هؤلاء الصحفيين انتهت لتدخل منظمة هيومن رايتس ووتش وبالتالي تدخل كل من جمعية واعتصموا للأعمال الخيرية وجمعية القذافي للتنمية، انتهت بالتحفظ على القضية.
كما أن لغة البيانات الإعلامية قد تصاعدت لهجتها وتعددت مصادرها حيث تم رصد أكثر من 6 بيانات إعلامية وجهتها عدة جهات اعتبارية للمناشدة والمطالبة بضرورة تحسين الأوضاع وإلغاء القيود المفروضة على مزاولة الأنشطة التي يزاولها أصحاب تلك البيانات.
كما تم توجيه العديد من الانتقادات الحادة وجهتها المعارضة الليبية لقناة الجزيرة وأصدرت بيانا وضحت فيه القصور الواضح من خلال تغطيتها للشأن العام الليبي واستبعادها للمعارضة الليبية في المشاركة بالقضايا التي تطرحها على شاشتها، الأمر الذي انتهى بإحالة معد احد البرامج الحوارية بقناة الجزيرة الفضائية للتحقيق نتيجة لذلك البيان.
ومن أكثر القضايا الإعلامية سخونة هو التعتيم الإعلامي من قبل صحافة الغد والصحافة الرسمية تجاه المظاهرات التي يقيمها أسر ضحايا حادثة سجن أبو سليم 1996م، وتسليط الضوء على المظاهرات المضادة لها التي قام بها أسر أفراد الأجهزة المنية الذين سقطوا خلال المواجهات المسلحة مع الجماعات الإسلامية المقاتلة أواخر التسعينيات من القرن الماضي.
القضية الأخيرة كانت في تسليط الضوء عبر صفحات صحافة الغد لما يعرف بتاريخ ليبيا السياسي قبل حقبة التغيير السياسي عام 1969م، حيث ولأول مرة تم تسليط الضوء على قضية استقلال ليبيا عام 1951م وتقديم التعازي للعائلة السنوسية في وفاة الملكة فاطمة الشريف زوجة الملك الراحل إدريس السنوسي.
إلا أن مراقبون أوضحوا بأن هذه التغطيات شابها الكثير من السلبيات أبرزها تزييف الحقائق والاستعانة بشخصيات موتورة تجاه النظام الملكي السابق.
حاولنا في هذا التقرير رصد أهم الأحداث التي واكبت الحركة الإعلامية والصحفية، والتي وصفها الكاتب عيسى عبد القيوم بأنها تتعرض لعدة مرات للتجاهل والإقصاء، وعبرت منظمة هيومن رايتس ووتش عن التجاوزات الحاصلة بحقها في تقريرها المعلن في مدينة طرابلس بأن ما يعطى من حريات اليوم يتم سلبها غداً.
على أمل أن يلقى هذا القطاع اهتماماً في سبيل تحسينه والعمل على ترسيخ حق حرية التعبير التي نصت عليها التشريعات القانونية النافذة.