هل نحن فاشلون ؟؟؟؟؟

يستوقفني دوما سؤال مرير؛ لماذا ينجح الغرب ونفشل نحن؟ هذا السؤال الذي دائما ما يطن في أذني وأسمع لدبيبه وقعا في ردهات عقلي يحتاج إلى مراجعة لكي نجيب عنه، ويحتاج إلى بضعة أسئلة مساندة للسؤال المرير، وبالطبع ستكون الأسئلة المساندة على نفس الدرجة من المرارة فاعذروني. لماذا يعتبرنا الغرب عنوانا للفشل؟ هل نحن فاشلون بالسليقة أم أن فشلنا هو صفة مكتسبة؟ هل نحن فاشلون حقا؟ لماذا أصبحت كلمة "إن شاء الله" رمزا للتسويف عند المسلمين؟ لماذا لا نخطط للنجاح؟ لماذا لماذا لماذا؟؟؟؟



هل نحن فاشلون حقا؟

إن الناظر إلى حال العرب والمسلمين في الوقت الحالي لن يجد خيرا بالطبع، فقد أصبحنا أساتذة في الكسل وسرقة الجهد العلمي والبحثي، وأيضا لا أنكر أننا أصبحنا أمة مستهلكة تقتات على ما تصنعه لنا الصين ويخططه لنا الغرب. إنهم يخططون لنا، يكتبون لنا، يصنعون لنا، يفرشون لنا، يطعموننا، ونحن لا هم لنا إلا الاستهلاك والاستهلاك فقط. حتى علبة الثقاب أصبحت تأتي إلينا من الصين وفي أحيان أخرى من باكستان وهذا جيد لأن باكستان دولة مسلمة. فهل نحن فشلة بالسليقة؟



كانت دولة الإسلام منذ فجر النبوة العطرة وحتى قرون خلت، دولة عظيمة تحكم أمة عظيمة. في الدولة الإسلامية عرفنا العلماء والأدباء. تفجرت قريحة العرب والمسلمين للتأليف والتصنيف وحيازة الدنيا بالعلوم الدينية والدنيوية. فخرج من بيننا ابن الهيثم، وابن كثير، وابن سينا، والقرطبي، وابن تيمية، والخوارزمي، وابن القيم وابن خلدون وغيرهم الآلاف. أناروا لنا الدنيا وأوصلونا إلى مصاف الأمم المتقدمة، لكننا لم نصن الأمانة. تخلينا عن الدين فتخلت عنا الدنيا! لم نحفظ لهم علمهم الذي أفنوا حيواتهم فيه بجهلنا الحالي وتخلفنا عن ركب الحضارة. وقام الغرب باستلام الراية وحملها صوب العلم والعمل، وإن الغرب لم يحمل لواء الدين بالطبع.



إذن نحن لسنا فشلة بالسليقة. بل نحن الذين أفشلنا أنفسنا بأنفسنا. وأصبحت دولنا العربية والإسلامية رمزا للجهل والتخلف والقمع والأنظمة الشمولية بسبب تركنا لبيضة الدين وانصراف الحكام إلى تثبيت حكمهم بالقهر والاستبداد بدلا من تثبيت الدولة بالعدل والعلم. جاء الإسلام ليخرج الناس من جور الأديان إلى عدل الإسلام ويصرفهم عن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد فنجح حماة الراية الأولى في ذلك وأقاموا دولة العدل والعلم، فماذا فعلنا نحن الآن؟ أجبرنا الناس على عبادة الحكام دون رب العباد، وطمسنا العلم ليصبح مجرد منهاج مدرسي أو جامعي عقيم، وذبحنا الحريات على مذبح الشمولية والدكتاتورية، وصار لدينا الكرسي أهم من الدولة.



نحن لسنا فشلة بالسليقة، بل فشلة مع وقف التنفيذ.

إننا نحتاج إلى وقفة جادة من علماء الأمة وأدبائها. نحتاج أن نوحد جهودنا نحو العلم والعمل من خلال التعرف على مفاهيم الدين السمحة وسعة صدر الإسلام. نحتاج أن نبتعد عن التطرف الفكري الذي يقود الأمة جنبا إلى جنب مع الحكام إلى الدمار. نحتاج إلى مظلة توحدنا نعمل من خلالها على تطوير مناهجنا لتواكب العصر ونحتاج إلى نهضة شاملة عمادها الإنسان والإنسان فقط.



نحتاج أن تكون قيادة الأمة بأيد أمينة تضع الخطط الناجحة لقيادة الأمة نحو النجاح. نحتاج إلى مؤسسات حكومية تطور المناهج الدراسية، تحث على طلب العلم ولو في الصين، تهتم بالعلماء وتحارب الجهل والأمية. نحتاج إلى مؤسسات حكومية تطور نظام الرعاية الصحية للمواطن ليكون مواطنا سليم الجسد والعقل. نحتاج إلى مؤسسات حكومية تغرس مفاهيم العدالة والمواطنة والثقافة والأمل والطموح والانفتاح بين المواطنين. نحتاج إلى خطط تطور من الاقتصاد الحر وخلف فرص عمل جديدة للعاطلين عن العمل.



نحتاج إلى مؤسسات مجتمع مدني مخلصة هادفة تقف إلى جانب الدولة في صناعة مجتمع مدني حر يقوم على العدالة الاجتماعية اللازمة للنهضة. نحتاج إلى مؤسسات مدنية وأهلية أسمى غايتها هو تطوير الفرد بما يضمن بناء الدولة. نحتاج إلى مؤسسات تتبنى برامج التطوير والتثقيف والتوعية للمواطن الذي أرهقته صنوف الحياة. نحتاج إلى مؤسسات تنفذ مشاريع خرجت من رحم معاناة المجتمع وتلبية لاحتياجاته الكثيرة. نحتاج إلى مؤسسات ترعى الشباب وتوجه طاقاتهم المتفجرة صوب بوصلة سليمة خالية من الشوائب.


نحن نعلم علم اليقين أن هذا يحتاج إلى وقت ومال وجهد. لكن الأمانة التي عرضت على السموات والأرض ثقيلة حقا ونحن من حملها ويجب أن نكون على قدر المسئولية ونحاول ونحاول لكي نعذر أنفسنا أمام رب العباد يوم الحساب. لا ينقصنا المال فنحن دول مليئة بالثروات، ولا تنقصنا العزيمة ولا الهمة لان لدينا الملايين من الشباب والمثقفين ومحبي التعلم. لكن ما ينقصنا هو من يدفع بهذه العزيمة إلى الإيجابية والإبداع.