ثقـــــــافة الستــــــــــــــر.!..!!!!

من طرف c.ronaldo 2010-04-11, 1:03 am

الستــــــــــــــر...

ستر المؤمن من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل، ولا يخلو إنسان من الوقوع في الذنب والزلل

والمسلم الحق إذا رأى زلة أو خطيئة، ألمّ بها مسلم، أو أتت بها مسلمة بادر بالستر، وحاول قدر استطاعته تقديم النصيحة، ومد يد العون والمساندة، لانتشال أهل المعصية، ومن وقعوا في الذنب، حاله كحال الطبيب مع مريضه، يعالج بعد تشخيص المرض، ثم يصف الدواء، هذه صفات النبلاء الكرام، أما إذاعة عيوب الناس، والكلام في زلاتهم، والتلذذ بذكر أخطائهم، ونشرها بين الناس، فهي أخلاق من أظلمت قلوبهم، واسودت عقولهم، وضاقت صدورهم.

ويتأكد جانب الستر على ذوي الأخطاء الذين لم يُعرف عنهم المجاهرة بالمعاصي والسيئات، وكانوا من ذوي الوجاهة، أو من القدوات، لكي لا تهتز مكانتهم لدى المجتمع، وإذا كان ذلك ابتغاء وجه الله فإن المولى سيستر على صاحبه في دنياه وآخرته.

والناس صنفان في تعاملهم مع بعضهم.

صنف كالنحل لا يقع إلا على الأزهار، ومن بعدها يخرج لنا عسلاً مصفى، وهذه حالة من طهرت قلوبهم، فلا ينظرون إلا إلى الجوانب الحسنة في إخوانهم ولا يتحدثون إلا بما هو طيب، وأعاذنا المولى جميعاً من الصنف الآخر الذي يشبه الذباب فلا يقع إلا على النجاسات والقاذورات، ليخرج ما تستقذره العين والنفس، وهؤلاء هم الذين ينظرون إلى هفوات البشر وزلاتهم، ويذيعونها بين العالمين.

وإياك أخي الحبيب، واحذري أختي الكريمة، أن تكونا من هواة الاصطياد لأخطاء القوم، فإن هذه صفات النفوس اليائسة المفلسة، وهواية تبدأ مع صاحبها رويداً رويداً تحت ذرائع وهمية، ووساوس شيطانية، فتخدع القلوب، ومع مرور الزمن تتحول هذه العادة الذميمة داءً عضالاً، ومرضاً مزمناً يُستعصي علاجه.

فتتبع عورات الناس، وتصيد أخطائهم، والترصد لهفواتهم مذموم شرعاً، مستقبح عقلاً، ومستهجن عرفاً، فللأعراض عند الله حرمتها، وللنفوس عند خالقها كرامتها، مهما فعلت في حق الله، وتعدّت حدوده.

ورحم الله ابن القيم الذي قال : (.. ومن الناس من طباعه طبع الخنزير يمر بالطيبات فلا يقف عليها... وهكذا كثير من الناس يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف المساوئ فلا يحفظها ولا ينقلها، ولا تناسبه، فإذا رأي سقطة أو كلمة عوراء، وجد بغيته وجعلها فاكهته ونقله).

لا تكن كالــذباب يترك ما طاب *** ويلوي على الأذى والقروح

وتنزه كنحلة الروض فوق الزهر *** تبغي الرحيق فوق السفوح

ما اضطرني إلى كتابة ما كتبت هو ظاهرة سيئة تنتشر شيئاً فشيئاً في بلادنا الإسلامية، ألا وهي 'نشر أخطاء الناس في صور الهواتف المحمولة'، فهتكوا أستار الحشمة والحياء، ولم يرضوا بستر ربهم لمخازيهم وفواحشهم، بل ذهبوا إلى نشرها بالصوت والصورة، ليراها الرجال والنساء، والصغار والكبار على حدٍ سواء، فهدموا بيوتاً كانت آمنة مطمئنة، وأشعلوا فتيل البغضاء والفتن والمشاحنات بين عائلات، وقبائل، ابتغاء الفتنة والفساد.

فالخطأ وارد ـ والذنب محتمل ـ والإنسان ميال إلى الضعف في بعض أحيانه 'فكل بني آدم خطاء فهم الخطائين التوابون'.

ولكن الداهية الدهياء، أن نسعى إلى كشف العورات، والتسابق إلى نشر ما ستره الله بين الناس.

فلماذا أخي الحبيب تكشف ستر ربك عليك ؟

وتبارز من ألبسك بثوب الستر، وتنزع عنك ثوب الحياء، وتأبى العافية، وتسعى بإرادتك إلى إشاعة الفاحشة بين الناس، فتؤذي نفسك، وأسرتك، وعائلتك، وبني مجتمعك، وتحرض الغافل على الجرأة في ارتكاب المعصية، بل ربما تسببت في الضرب المبرح، أو حتى القتل لفريستك التي أجبرتها على الخضوع إلى شهوتك، بعد وعودك الكاذبة، وأمانيك الخادعة، بالزواج والصيانة، ثم ترميها وحسرتها، لتعيش في ظلام حالك، ودمعة لا تتوقف، وهمّ لن يزول، لأنك جعلتها فرجة للملأ، وعلكة في أفواه الجميع، فنكسّت رأس ذويها بين الناس وكلك فرح برجولتك الكاذبة، وفحولتك الوهمية، ونفسك الموبوءة، لماذا ؟

ولماذا يا أحبابي، نتعمد الحصول على هذه المقاطع البشعة، ونبذل الجهد للحصول عليها ورؤيتها، والحديث بنوايا سيئة عن أصاحبها، ورمي السهام المسمومة صوبهم ؟

ونبينا الكريم عليه صلوات ربي وسلامه يقول : (لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك) !!!

قبيح من الإنسان ينسى عيوبه *** ويذكر عيباً في أخيه قد اختفى

فلو كان ذا عقل ما عاب غيره *** وفيه عيوب لو رآها قد اكتفى

والفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها.

فلماذا يا أخي الحبيب ؟

وعلام يا أختي الكريمة ؟

ننشر عورات المسلمين، وزلاتهم، ونشيع تقصيرهم، ونتحدث عن مستور حالهم؟

فكم من عاصٍ ؟

وكم من مذنبة ؟

تابوا إلى ربهم فأصلح حالهم، وكانوا مضرب المثل في الاستقامة والصدق.

إن القلب لينفطر، وإن العقل ليحار، عندما نسمع عن تسابق عدد غير قليل من شبابنا المسلم، بل وأطفالنا الأبرياء، حتى مّمن لم يتجاوزا الإعدادية، وقد حوت أجهزة محمولهم صوراً بشعة، ومقاطع مخزية لما يدور في الخفاء، ومنهم الذين يتبادلون تلكم المناظر المخزية، حتى داخل أروقة الدراسة، وقد حدثني معلم فاضل ثقة بان طالباً في المرحلة الإعدادية، ضُبط ومعه جهازه في قاعته الدراسية، وقد جمع فيه ما يزيد عن (70) مشهداً فاضحاً، واعترف الطالب بتعمده توزيع تلك المناظر على كثير من زملائه داخل المؤسسة التعليمية وخارجها !!!

إخوتي الأحبة :

ربنا اسمه (الستير) أي كثير الستر على عباده ونبينا أوصى كثيراً بالقول وبالفعل على خلق الستر فقال (إن الله ستيّر يحب الستر).

وقال أيضاً :

(كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عليه).

وترتفع نبرة التحذير عند النبي الكريم عليه الصلاة والسلام فيقول : (لا تؤذوا المؤمنين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته) !!!

وعلى هذا الخلق تربى الصحابة الكرام، ونفذوا بالقول وبالفعل ما أمرهم به عليه الصلاة والسلام.

فهذا صديق الأمة رضي الله عنه يقول :

(لو لم أجد للسارق وللزاني ولشارب الخمر إلا ثوبي لأحببت أن أستره عليه).

ويأتي من بعده فاروق الأمة عمر رضي الله عنه قائلاً :

(من جاء يريد أن يطلعنا على عورة قد سترها الله عليه، فليستتر بستر الله وليقبل عافيته).

وهذا عوف الأحمسي يتربى على هدى الصحابة ليقول :

(من سمع بفاحشة فأفشاها كان فيها كالذي بدأها)

واسمع واعتبر بما قاله عابد زاهد تقي :

(من لم يستر على إخوانه ما يراه منهم من الهفوات، فقد فتح على نفسه باب كشف عورته بقدر ما أظهر من هفواتهم).

فعين الرضا عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا

ولعلي أختم ما أردته من دروس الستر، بقصة حدثت لنبي الأمة ومعلمها، ففيها العبرة والعظة، ممن عرف للأعراض قدرها ومقدارها.

فقد جاء سيدنا هزّال بن يزيد الأسلمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورفع له شأن (ماعز) قائلاً :

يا رسول الله : رأيت ماعزاً يزني !!

ترى ماذا أجابه عليه الصلاة والسلام ؟

هل أمر أصحابه بالتقاط الحجارة وهو يعلم بأن (ماعزاً) كان محصناً، ومن ثم طلب منهم رجمه ؟

لا لم يكن الأمر كذلك.

بل عاتب سيدنا هزّال بقوله :

والله يا هّزال لو كنت سترته بثوبك كان خيراً مما صنعته به !

هلاّ سترته بثوبك ؟

لماذا لم تستر أمره، فربما كان ذلك خيراً لك وله ؟

لماذا لم تنصحه ومن معه بالعودة إلى ربهم، والإقلاع عن ذنبهم ؟

ثم ماذا حصل ؟

فلقد أصبح (ماعزاً) مداناً أمام الصحابة جميعاً !!!

وهنا دعاه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وحاول أن يعطيه مساحة لتبرئة نفسه، فالتمس له العذر وقال :

لعلك قبلّت أو غمزت !!

ويأتي ماعز من الجهة الأخرى ويقول : لا يا نبي الله لقد زنيت فعلاً.

وبعد إثبات الواقعة.

أمر عليه الصلاة والسلام برجمه.

وعندما لامست الحجارة ماعزاً هرب من شدتها !

ليدركه عددُ من الصحابة الكرام، ويقيموا عليه حد الله.

ترى ماذا كان تعليقُه عليه الصلاة والسلام لمطاردتهم له ؟

قال معاتباً : هلاّ تركتموه ؟

لعله يتوب.. فيتوب الله عليه ؟

هذه الرحمة في أسمى معانيها.

وهذا النبل، والشعور بالآخرين في أقصى درجاته.

لنتعلم الستر على العباد..

فمن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة.

أخي الحبيب

أختي الكريمة

يا ليتنا ندفع السيئة بالحسنة، ونستعيض عن التلذذ بإشاعة هفوات العباد، والإسراع في إذاعة مستورهم، والفرح بالحديث عن أخطائهم، أقول ليتنا نستبدل ذلك كله بنصحهم..

بتذكيرهم..

بالأخذ بأيديهم..

بمعالجة الأسباب والمسببات...

منقــــــcopeــــــــول...

من طرف رؤوف عوض الجبالي 2010-04-11, 2:57 am

بارك الله فيك ومواضيعك مفيدة دائماْ

منك المفيد وننتظر المزيد

من طرف c.ronaldo 2010-04-11, 11:12 pm

شكــآآآآآآآآآآآـــر لحســن المــــــرور اخــى :رؤوف بـــــــــــــــــــــارك الله فيك...

ثقـــــــافة الستــــــــــــــر.!..!!!!

ثقـــــــافة الستــــــــــــــر.!..!!!!

رد: ثقـــــــافة الستــــــــــــــر.!..!!!!

رد: ثقـــــــافة الستــــــــــــــر.!..!!!!