جنون قلم

!!-- تحذير --!!

النص التالي مأخود من إحدى مسودّات خطّها قلمٌ أصيب بلوثة الجنون

قراءتك للنص قد تصيبك بنوع من الهلوسات و التخيُلات...

و في حالات نادرة: قد تفضي إلى الجنون!!!

!!-- نهاية التحذير --!!

أمسك القلم و جهز الأوراق، وجد عنده رغبة عارمة للكتابة، كان يستطيع أن يسمع هدير الكلمات المتلاطمة في داخله، يحاول جاهداً أن يضبط تدفقها حتى لا تختلط عليه


أراد أن يبدأ الكتابة، لكنه وقع في حيرة كبيرة: من أين أبدأ؟ من بداية القصة؟ أم من نهايتها؟ أم من انعطافات حياته التي أوصلته إلى ما هو عليه الآن؟


أراد أن يستعين بي، لكني نئت بنفسي عن ذلك: أنت اليوم ملك نفسك ليس لي سلطان عليك، فبح كما شئت و لا تخف.

أثار سؤاله في نفسي لفتة كنت غافلاً عنها: ترى كيف يختار الكاتب السطر الأول في كتاباته؟ منهم من يبدأ من بداية القصة، ومنهم من يبدأ من نهايتها، منهم من يبدأ من لا زمان و لا مكان، ما الذي يحدد السطر الأول؟

لم اتعب نفسي كثيراً في ذلك: ليس مهماً من أين جاء السطر الأول طالما يدعوك لتقرأ السطر الثاني!


اختار أن يبدأ من لحظته التي يملكها: حاضره.
عادت إليه الحيرة! "كيف أترك تلك البداية الخارقة، و النهاية الأسطورية، و جميع اللحظات التي غيرت حياته": يتركها هكذا و يبدأ السطر الأول من حاضره: حاضره العادي جداً، المشابه لكثير من الأوقات الأخرى، ببساطة: الممل جداً.

"لا بد أني فقدت عقلي". لابد أن هذا ما يدور في رأسه الآن. لكنه عنيد، أنا أعرفه أكثر من أي شخص آخر، لا بل أعرفه أكثر من نفسه!!!

"يصحو صباح كل يوم، يغتسل... لا لا، يفتح عينيه صباح كل يوم، يغتسل، و يصحو عندما يتوقف عن تذكر في أي ساعة غفى الليلة الماضية"


"لا بأس به من سطر أول" هذا ما دار في نفسي


"يبدأ يومه بإفطار خفيف، يرتدي ملابسه في نفس الوقت كل يوم، ثم يخرج للعمل. في الطريق يتساءل: هل صحوت أبكر من كل يوم؟ ما إن يصل باب السيارة حتى يطرد هذه الفكرة الغبية من رأسه، هو يوم ككل يوم لا أقل و لا أكثر"


"كان في الصغر يكثر من تلك الأسئلة التي يراها معظم الناس غبية، كان يحتفظ بها لنفسه كي يتجنب الإحراج، لكن ما إن يخلو بنفسه حتى تنطلق كالسيل لا يستطيع أن يوقف جريانها"

"لماذا سمو المربع مربعاً؟ أما كان يمكن أن يسموه مثلثاً و أن يسمو المثلث مربعاً؟ ممم، يا شاطر!!! سمي مربعاً لأن له أربعة أضلع و سمي مثلثاً لأن له ثلاثة أضلع. إذاً، كان يمكن أن يسمو الأربعة ثلاثة و الثلاثة أربعة"


"يعيد صياغة السؤال: لماذا ننتظر دائماً أن تحدث معجزة تغير ما اعتدنا عليه، في حين أن أكبر معجزة في الوجود هي استمرار حدوث الأشياء كما اعتدنا عليها!!!"


"لا بد أنه على حافة الجنون!" لكن ما الرابط بين الأربعة و الثلاثة و الذهاب للعمل في نفس الوقت كل يوم؟؟


"ولدت ولادة طبيعية: بعد تسعة أشهر من الحمل، من حمل طبيعي، من زواج عادي. لحد الآن لا شيء يثير الدهشة، أكثر من أن كل شيء طبيعي!!!"


"أقصد لماذا بعد سلسلة من المقدمات الطبيعية و العادية، ننتظر نتيجة طبيعية و عادية؟؟؟"


"لا بد أن أتدخل، يبدو أن الكلمات تعاكسه، بدأت روايته تتشتت و لا بد من لملمتها"


"عشت في عائلة عادية جداً، فيها من الهموم ما يكفي أهل الأرض جميعاً، و كذا من الفرح"


"ممم، ها قد بدأ يعود إلى النص، سأتركه الآن فما من داع للتدخل"

"نعم!!! العائلة التي ليس فيها من الهموم ما يكفي أهل الأرض جميعاً ليست طبيعية، هذه الحقيقة مطابقة تماماً لحقيقة أن المثلث مثلثاً و المربع مربعاً"

"تعجبني قدرته على استخراج النتائج غير المتوقعة من مقدمات طبيعية"

"و كأي شخص عادي: أخذت أكبر حصة من الهموم، و استغنيت بإرادتي عن حصتي من الفرح. و لأن جميع أفراد العائلة مثلي عاديين، فقد حرصوا على فعل نفس الشيء"



شششششششش



شششششششش




شششششششش




و كانت تلك محاولة أخرى

من المحاولات الفاشلة

لكتابة نص مجنون ...

مجنون للحد الذي يبدو طبيعياً، طبيعياً جداً

لكنها بالتأكيد: ليست المحاولة الأولى

ولن تكون الأخيرة

منور ع المرور

مروركم رائع مشكورين