إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ
بقلم الأستاذ محمد إسماعيل عتوك
باحث لغوي في الإعجاز البياني
للقرآن الكريم ومدرس للغة العربية
قال الله تعالى:﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ (العنكبوت:41)
هذا مثل ضربه الله تعالى لكل من اتخذ من دون الله وليًا معتمدًا، يلجأ إليه، ويحتمي بحماه، وهو لا يجلب له نفعًا، ولا يدفع عنه ضرًّا، شبَّه فيه حاله هذه بحال العنكبوت اتخذت بيتًا؛ لتحتمي به من الأهوال والأخطار، وتأوي إليه، معتمدة على خيوطها القوية، وهي لا تدري أن هذا البيت لا يقي حرًّا، ولا بردًا، ولا يجير آويًا، ولا يريح ثاويًا.
فهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء، هم وأولياؤهم مثل.. والعنكبوت وبيتها، الذي اتخذته من دون البيوت مثل آخر، وبين المثلين وجه شبه، دلت عليه كاف التشبيه، وهو ضعف المعتمد. والفائدة: التحذير من حمل النفس على التغرير بالعمل، الذي يقوم على غير أساس.
وقد ورد هذا المثل في مطلع النصف الثاني من سورة العنكبوت، وهي سورة مكية، وموضوعها العقيدة في أصولها الكبرى( الوحدانية، الرسالة، البعث والجزاء ). ومحور السورة الكريمة يدور حول الإِيمان، وسنة الابتلاء في هذه الحياة؛ لأن المسلمين في مكة كانوا في أقسى المحنة والشدَّة، ولهذا جاء الحديث عن موضوع الفتنة والابتلاء في هذه السورة مطوَّلاً مفصلاً، وبوجه خاص عند ذكر قصص الأنبياء، وأقوامهم الضالين، الذين بهرتهم قوى المال والجاه والسلطان، فظنوا لجهلهم أنها مانعتهم من عذاب الله تعالى.
وتبتدئ السورة الكريمة بعد المطلع﴿ الم ﴾ بهذا البدء الصريح:﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴾؟ وتمضي السورة تتحدث عن فريق من الناس، يحسبون الإِيمان كلمةً تقال باللسان، فإِذا نزلت بهم المحنة والشدة، انتكسوا إِلى جحيم الضلال، وارتدوا عن الإِسلام تخلصًا من عذاب الدنيا؛ كأن عذاب الآخرة أهون من عذاب الدنيا﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ.. ﴾ الآيات.
ثم تمضي السورة تتحدث عن محنة الأنبياء عليهم السلام، وما لاقوه من شدائد وأهوال في سبيل تبليغ رسالة الله تعالى، بدءًا بمحنة نوح، ثم إِبراهيم، ثم لوط، ثم شعيب- عليهم السلام- وتتحدث عن بعض الأمم الطغاة، والأفراد المتجبرين؛ كعاد، وثمود، وقارون، وهامان.. وغيرهم، ثم تذكر بإجمال ما حلَّ بهم من الهلاك والدمار نتيجة ظلمهم وطغيانهم:
﴿ فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾(العنكبوت:40).
وبعد هذا الاستعراض السريع لمحنة الأنبياء، ومصارع هؤلاء الكفار والمشركين من الطغاة المتجبرين في الأرض, والمفسدين، وما ترك ذلك من آيات وعبر لمن جاء بعدهم، يأتي هذا المثل؛ ليؤكد لكل طاغية متجبر أنه لا سلطان في هذا الوجود لغير الله تعالى, ولا ملجأ، ولا منجى منه إلا إليه سبحانه وتعالى, وأن قوى أهل الشر، مهما تعاظمت وتجبرت، هي هزيلة ضعيفة واهنة, وأن اللجوء إليها، والاحتماء بها، كاحتماء العنكبوت ببيتها الواهن, والذي تصفه الآية الكريمة بأنه أوهن البيوت:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾(العنكبوت:41).
فهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء، يلوذون إليهم، ويحتمون بحماهم، ويرجون نفعهم مَثَلُهُمْ في ذلك؛ كَمَثَلِ العنكبوت اتخذت بيتًا واهنًا، فكانوا كالعنكبوت في ضعفها وصغر شأنها؛ بل هم في يد القدرة القادرة، وإزاء سلطان الله الغالب القاهر أقل من العنكبوت شأنًا، وأضعف منها حيلة وحولاً. أما أولياؤهم، الذين دخلوا في حماهم فهم أوهن من بيت العنكبوت؛ لأن هذا له حقيقة وانتفاعًا في الجملة، وأولئك لا حقيقة لهم، ولا نفع؛ لأنهم لا يدفعون عمَّن والاهم أذى، ولا يردون عنهم شرًا.
ويعَدُّ هذا المثل من أحسن الأمثال، وأدلها على بطلان الشرك، وخسارة صاحبه، وحصوله على ضد مقصوده. وهو كالمرآة، التي يرى الناس عليها- وخاصة أولئك الذين غلظت طباعهم، وتبلدت مشاعرهم- صورة تجسم ضعف أولئك الأولياء من دون الله عامة، ووهن الملجأ الذي يلجأ إليه من والاهم حين يلوذون إليهم، ويحتمون بحماهم، وترسم لذلك كله صورة مزدوجة؛ فهم عناكب ضئيلة واهنة، تأوي من حمى هؤلاء الأولياء إلى بيت؛ كبيت العنكبوت أوهن وأضأل.
فمن لم تحالفه قدرته وأقداره على النظر في الآيات والعبر، التي تركها الله في بيوت الظالمين، لأي سبب كان، فإن حجة الله عز وجل لا تسقط عنه؛ ذلك أنه سبحانه وتعالى قد بثها كاملة غير منقوصة في بيت العنكبوت.
وفي تمثيل الذين اتخذوا من دون الله أولياء بالعنكبوت، وتمثيل أوليائهم ببيت العنكبوت إعجاز من إعجاز القرآن؛ إذ أن العنكبوت إنما تتخذ بيتها من خيوط رفيعة، تفرزه من غدد خاصة بذلك، وتوزعه مغازلها الصغيرة، فإذا لامس الهواء، تماسك وتصلَّب في صورة خيوط برَّاقة. وهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء؛ إنما أقاموا معتقدهم الفاسد، الذي يعتقدونه، ويلتمسون الطمأنينينة والأمن في ظله؛ إنما أقاموه من تلك الأبخرة العفنة، التي تتصاعد من مشاعرهم، فتتشكل منها تلك الأوهام الخادعة، ويقوم عليها ذلك البناء المتداعي.
والمراد بالموصول في قوله تعالى:﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ ﴾ جميع من اتخذ غير الله تعالى متكلاً ومعتمدًا، آلهة كان ذلك، أو غيرها من بني البشر؛ ولهذا عُدِل من{ آلهة }إلى قوله تعالى:﴿ أَوْلِيَاءَ ﴾. وفي ذلك إشارة إلى إبطال الشرك الخفي؛ فإن من عبد الله تعالى رياء لغيره، فقد اتخذ وليًّا غيره، فمثله﴿ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً﴾.
وتنكير﴿ أَوْلِيَاءَ ﴾ للتنويع، فيدل على أن الأولياء أنواع، لا نوع واحد. ومفرده وليٌّ. وأصل الولي جعل الثاني بعد الأول من غير فصل، من قولهم: هذا يلي ذاك. ويجري الوليُّ في الصفة على التابع والمتبوع، والمُعَان، والمُعين. تقول: الله وليُّ المؤمنين. أي: معينهم. والمؤمن وليُّ الله. أي: المُعَان بنصر الله عز وجل. ويقال: الشيطان وليُّ الكافرين والمنافقين، وهم أولياء الشيطان. ويقال: الكافرون بعضهم أولياء بعض. وكذلك: المؤمنون.
قال تعالى:﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾(البقرة:257).
وقال تعالى:﴿الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾(النساء:76).
وقال تعالى:﴿ وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ﴾(الجاثية:19).
وقال تعالى:﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾(النساء:138-139).
وقال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْدُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾(النساء:144).
وقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾(المائدة:51).
ولهذا لا يجوز قصر المراد من لفظ { الأَْْْْوْلِيَاءِ } على الآلهة، التي يعبدها المشركون من دون الله تعالى.
والواو والتاء في﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾زائدتان؛ كما في طاغوت، وطالوت. فأصله على هذا:عنكب، ووزنه: فعلل، ونونه أصلية. وقيل: زائدة، ووزنه: فنعل، فأصله على هذا: عكَب، بمعنى الشدَّة في السير؛ فكأنه لشدة وثبه لصيد الذباب، أو لشدة حركته عند فراره، أطلق عليه اسم: العنكبوت. وقد ذكر سيبويه القولين، والمشهور منهما الأول. والعنكب الذكر، ويجمع على: عناكب، وعناكيب، والأنثى منه عنكبة، وتجمع على: عنكبات. أما العنكبوت فيجمع على: عنكبوتات.
و﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾ حيوان صغير، له ثمانية أرجل، ويغزل خيوطًا تشبه الحرير. وأكثر ما تشتهر به العناكب هو غزلها لخيوط الشراك، التي تستخدمها في صيد الحشرات؛ لتتغذى بها. ولا تسْلم الحشرات حتى الأضخم والأقوى منها من مخاطر شراكها.
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ
ولجميع العناكب أنياب، ولمعظمها غدد سامة؛ حيث تستخدم العناكب كلاً من هذه الأنياب والغدد في صيد الحيوانات؛ لتتغذى بها. ويمكن للدغة العنكبوت أن تقتل الحشرات والحيوانات الصغيرة؛ إلا أن قليلاً منها يلحق ضررًا بالإنسان؛ وذلك لأن العنكبوت عادة لا يلدغ الإنسان، إلا إذا أثاره بشدة.
ويعتقدُ كثيرٌ من الناس أن العناكب حشرات، إلا أن العلماء يصنفونها على أنها من العنكبيات، التي تختلف عن الحشرات في عدة أشياء. فالعناكب مثلاً لها ثمانية أرجل، بينما للنحل والنمل والخنافس والحشرات الأخرى ستة أرجل فقط. وإضافة إلى ذلك تمتلك معظم الحشرات أجنحة، وقرون استشعار، وهذه غير موجودة في العناكب. وتشمل العنكبيات الأخرى: العقارب والحصَّاد والقُمّل، والقراد.
ويطلق لفظ ﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾ على الواحد والجمع, والمذكر والمؤنث. إلا أن الغالب في استعماله التأنيث. جاء في كتاب(حياة الحيوان الكبرى) للدُّمَيْني:” العنكبوت:دويبة تنسج في الهواء، وجمعها عناكب. والذكر عنكب وكنيته أبو خيثمة، وأبو قشعم، والأنثى أم قشعم، ووزنه فعللوت. وهي قصار الأرجل، كبار العيون، للواحد ثمانية أرجل وست عيون. فإذا أراد صيد الذباب، لطأ بالأرض، وسكن أطرافه، وجمع نفسه، ثم وثب على الذباب، فلا يخطئه “.
وهذا النوع من العناكب يسمَّى: ليث عفرين. قال عنه الجاحظ في كتابه الحيوان:”إنه ضرب من العَنَاكب يصيد الذباب صَيْدَ الفُهُود، وهو الذي يسمَّى: الليث، وله ست عيون. فإذا رأى الذباب، لطأ بالأرض، وسكن أطرافه، فمتى وثب، لم يخطىء“.
وجاء في لسان العرب لابن منظور:”العنكبوت: دويبة معروفة، تنسج في الهواء، وعلى رأس البئر نسجًا رقيقًا مهلهلاً، مؤنثة. وربما ذكِّرت في الشعر. قال أبو النجم:
ممَّا يُسَدِّي العنكبوت، إذ خلا
قال أبو حاتم: أظنه: إذ خلا المكان والموضع. ( يعني: أن الضمير في: خلا، لا يعود على العنكبوت، وبالتالي ليس فيه دليل على تذكير اللفظ كما زعم بعضهم ).
وأما قوله:
كأن نسج العنكبوت المُرْمِلِ
فإنما ذكَّره؛ لأنه أراد النسج؛ ولكنه جره على الجوار.( يعني: أنه ذكَّر لفظ: المرمل؛ لأنه صفة للنسج. ولو كان صفة للعنكبوت، لوجب تأنيثه).
وقال الفراء: العنكبوت أنثى، وقد يذكرها بعض العرب، وأنشد قوله:
على هطَّالهم منهم بيوت *** كأن العنكبوت هو ابتناها
قال: والتأنيث في العنكبوت أكثر، والجمع: العنكبوتات، وعناكب، وعناكيب “. وأراد بـ(هطَّالهم): جبالهم.
ومن استعمالها جمعًا قول الطِّرِمَّاح:
ولو أن أمَّ العنكبوت بنت لهم *** مِظَلَّلتها يوم الندى لأكَنَّتِ
ومن استعمالها مؤنَّثة قول الفرزدق يهجو جريرًا:
ضربت عليك العنكبوت بنسجها *** وقضى عليك به الكتاب المُنزَل
أراد: أن بيت جرير في العرب مثل بيت العنكبوت في الوهن. و أراد بقوله: وقضى عليك به الكتاب المنزل: قول الله تبارك وتعالى:﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾.
وقال أبو البركات الأنباري في كتابه( البلغة في الفرق بين المؤنث والمذكر ):”العنكبوت مؤنثة. وقد يجوز فيها التذكير“.
لاحظ قوله:”وقد يجوز فيها التذكير“، ثم قول الفرَّاء من قبله:”وقد يذكرها بعض العرب“، وقول ابن منظور:”وربما ذكِّرت في الشعر“. كل ذلك يدل على أن الغالب في استعمال العنكبوت في لغة العرب التأنيث، وأن تذكيرها قليل، وأنه مختص بالشعر. وإذا كان كذلك، فإنه من النادر الذي لا يقاس عليه.
ومما يدل- أيضًا- على كون لفظ﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾مؤنث قول العوام: عنكبوتة؛ كقولهم: نملة، ونحلة. قال صلاح الدين الصفدي في كتابه( تصحيح التصحيف وتحرير التحريف ):”يقولون: عنكبوتة. والصواب: عنكبوت “. واستشهد على ذلك بالآية السابقة.
فثبت بذلك أن لفظ﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾في قوله تعالى:﴿ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾ مؤنث، وليس فيما ذكرناه من أقوال ما يشير إلى أن المراد به التذكير. ومن الغريب أن بعضهم اعترض على كون المراد به الأنثى بقوله:”ولعله قد غاب عنهم بأن( العنكبوت ) مؤنث مجازي، وحيث أن الفعل قد تأخر عنه، وأصبح الفاعل ضميرًا مستترًا، وجب تأنيث الفعل في اللغة العربية، سواء كان المراد بالعنكبوت: الأنثى، أم الذكر“.
وهذا قول باطل؛ إذ كيف يكون لفظ العنكبوت مؤنثًا مجازيًّا، ثم يراد به الذكر؟ ثم لو كان المراد به الذكر، لوجب أن يقال:{ كمثل العنكبوت اتخذ بيتًا }، بتذكير الفعل؛ كما قال تعالى:﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ ﴾(البقرة:249). فجاء بفعل﴿ قَالَ ﴾ مذكَّرًا؛ لأن فاعله يعود على﴿ طَالُوتُ﴾.
والظاهر من قوله تعالى:﴿ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾أن المراد بالعنكبوت: النوع، الذي ينسج بيته في الهواء، ويصيد به الحشرات. والجملة صفة للعنكبوت، وهذا أحسن من قول من جعلها حالية؛ لأن جعلها حالية لا يتأتى إلا على تقدير( قد ) قبلها. أي: كمثل العنكبوت قد اتخذت بيتًا. وفيه مخالفة لنظم القرآن.
وقال تعالى:﴿ اتَّخَذَ بَيْتاً ﴾، ولم يقل:{ بنت بيتًا. أو نسجت بيتًا }- كما يقتضيه ظاهر اللفظ- وذلك لأن﴿ اتَّخَذَ﴾لا يقال إلا في الشيء المصطفى المحبوب. قال تعالى:﴿ وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ﴾(النساء:125). وقال سبحانه:﴿ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ﴾(الفرقان:27). فالاتخاذ إنما هو اقتناء واجتباء، وهو افتعال من الأخذ. فإذا قلت: اتخذت كذا، فمعناه: اصطفيته لنفسي، واخترته لها.
وأصل﴿ اتَّخَذَ ﴾:{ تخِذ }، وتاؤه أصلية، وليست مبدلة من شيء. وعليه قول تعالى:﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾(الكهف:77).وهو من الاتِّخاذ؛ كـالاتِّباع مصدر{ اتَّبَعَ } من{ تبِعَ }. وقول الجوهري وغيره: إنه{ افتعل } من{ الأخذ } وَهْمٌ، لا دليل عليه. ويبيِّن لك ذلك أن بين الاتخاذ، والأخذ فرق في المعنى والاستعمال؛ وهو: أن الأخذ حَوْزُ الشيء وتحصيله، ويكون ذلك بالتناول تارة، ويكون بالقهر تارة أخرى. ومثالهما قوله تعالى:﴿ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ ﴾(يوسف:79). وقوله تعالى:﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ﴾(البقرة:255).
وجاء الأخذ بمعنى العقاب والعذاب، في نحو قوله تعالى:﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾(هود:10). وأصله في العربية: الجمع.
أما الاتِّخاذ فهو أخذ الشئ لأمر يستمر فيه؛ مثل الدار يتَّخذها صاحبها مسكنًا، والدابة يتَّخذها مركبًا؛ ومنه قوله تعالى:﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾(النحل:68). ويكون الاتِّخاذ بمعنى: التسمية والحكم؛ ومنه قوله تعالى:﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً ﴾(مريم:81). أي: سموهم بذلك، وحكموا لهم به؛ ليكونوا لهم شفعاء عند الله بأن لا يعذبوا.
ويجري﴿ اتَّخَذَ ﴾مجرى الجعل، فيتعدى إلى مفعولين، الثاني منهما الأول في المعنى؛ كقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ﴾(المائدة:51).
وقال تعالى:﴿ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾، وأصل البيت: مأوى الإنسان بالليل؛ لأنه يقال: بات: أقام بالليل. كما يقال: ظل: بالنهار، ثم قد يقال للمسكن: بيت، من غير اعتبار الليل. وجمعه: أبيات، وبيوت؛ لكن البيوت بالمسكن أخصُّ، والأبيات بالشعر أخصُّ. ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر، وبه شُبِّه بيت الشَّعْر. وقد يطلق لفظ البيت، ويراد به: امرأة الرجل وعياله. ويطلق على ما يبنى بناء اسم: البناء، والبنيان. قال تعالى:﴿ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً ﴾(الكهف:21
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ
واستعمل البيت- هنا- فيما تنسجه العنكبوت؛ لتلتقي فيه مع الذكر وقت السفاد؛ ولتصطاد بخيوطه الحشرات، التي تتغذى بها، تشبيهًا له بما يبنيه الإنسان، لما فيه من حسن الصنعة، ودقة النسج. ويقال له: العُكْدُبَة. وعبَّر عن اتخاذها بيتًا بصيغةالندرة﴿ بَيْتاً ﴾؛ لأنهثبت أن العنكبوت نادرًا ما تنسج لها بيتًا؛ وإنما تظل مرتحلة متنقلة.
ويوجد في العالم أكثر من ثلاثين ألف نوع من العناكب. وقد يصل عددها إلى مائة ألف نوع، تتفاوت في أحجامها وأشكالها، ونمط معيشتها. وتعيش في أي مكان يتوافر به غذاؤها. وهناك نوع من العناكب، يمضي معظم حياته تحت الماء، ويعيش نوع آخر منها بالقرب من قمة جبل إيفرست، أعلى جبل في العالم، ويعيش بعضها الآخر داخل المنازل، ومخازن الحبوب، ومختلف المباني.كما تعيش أنواع أخرى على الجدران خارج المباني، وعلى واجهات وأطراف الأبواب والنوافذ.ومنها ما يعيش في جحور تحفرها بنفسها، أو تختبئ في الشقوق الصخرية؛ كالعنكبوت الصيادة البنيَّة، وتصيد الحشرات بنفسها. ويغلب عليها المعيشة الفردية والعدائية لبعضها بعضًا، ولا يوجد منها إلا أنواع قليلة جدٌّا تعيش في جماعات.
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ
بقلم الأستاذ محمد إسماعيل عتوك
باحث لغوي في الإعجاز البياني
للقرآن الكريم ومدرس للغة العربية
قال الله تعالى:﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ (العنكبوت:41)
هذا مثل ضربه الله تعالى لكل من اتخذ من دون الله وليًا معتمدًا، يلجأ إليه، ويحتمي بحماه، وهو لا يجلب له نفعًا، ولا يدفع عنه ضرًّا، شبَّه فيه حاله هذه بحال العنكبوت اتخذت بيتًا؛ لتحتمي به من الأهوال والأخطار، وتأوي إليه، معتمدة على خيوطها القوية، وهي لا تدري أن هذا البيت لا يقي حرًّا، ولا بردًا، ولا يجير آويًا، ولا يريح ثاويًا.
فهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء، هم وأولياؤهم مثل.. والعنكبوت وبيتها، الذي اتخذته من دون البيوت مثل آخر، وبين المثلين وجه شبه، دلت عليه كاف التشبيه، وهو ضعف المعتمد. والفائدة: التحذير من حمل النفس على التغرير بالعمل، الذي يقوم على غير أساس.
وقد ورد هذا المثل في مطلع النصف الثاني من سورة العنكبوت، وهي سورة مكية، وموضوعها العقيدة في أصولها الكبرى( الوحدانية، الرسالة، البعث والجزاء ). ومحور السورة الكريمة يدور حول الإِيمان، وسنة الابتلاء في هذه الحياة؛ لأن المسلمين في مكة كانوا في أقسى المحنة والشدَّة، ولهذا جاء الحديث عن موضوع الفتنة والابتلاء في هذه السورة مطوَّلاً مفصلاً، وبوجه خاص عند ذكر قصص الأنبياء، وأقوامهم الضالين، الذين بهرتهم قوى المال والجاه والسلطان، فظنوا لجهلهم أنها مانعتهم من عذاب الله تعالى.
وتبتدئ السورة الكريمة بعد المطلع﴿ الم ﴾ بهذا البدء الصريح:﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴾؟ وتمضي السورة تتحدث عن فريق من الناس، يحسبون الإِيمان كلمةً تقال باللسان، فإِذا نزلت بهم المحنة والشدة، انتكسوا إِلى جحيم الضلال، وارتدوا عن الإِسلام تخلصًا من عذاب الدنيا؛ كأن عذاب الآخرة أهون من عذاب الدنيا﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ.. ﴾ الآيات.
ثم تمضي السورة تتحدث عن محنة الأنبياء عليهم السلام، وما لاقوه من شدائد وأهوال في سبيل تبليغ رسالة الله تعالى، بدءًا بمحنة نوح، ثم إِبراهيم، ثم لوط، ثم شعيب- عليهم السلام- وتتحدث عن بعض الأمم الطغاة، والأفراد المتجبرين؛ كعاد، وثمود، وقارون، وهامان.. وغيرهم، ثم تذكر بإجمال ما حلَّ بهم من الهلاك والدمار نتيجة ظلمهم وطغيانهم:
﴿ فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾(العنكبوت:40).
وبعد هذا الاستعراض السريع لمحنة الأنبياء، ومصارع هؤلاء الكفار والمشركين من الطغاة المتجبرين في الأرض, والمفسدين، وما ترك ذلك من آيات وعبر لمن جاء بعدهم، يأتي هذا المثل؛ ليؤكد لكل طاغية متجبر أنه لا سلطان في هذا الوجود لغير الله تعالى, ولا ملجأ، ولا منجى منه إلا إليه سبحانه وتعالى, وأن قوى أهل الشر، مهما تعاظمت وتجبرت، هي هزيلة ضعيفة واهنة, وأن اللجوء إليها، والاحتماء بها، كاحتماء العنكبوت ببيتها الواهن, والذي تصفه الآية الكريمة بأنه أوهن البيوت:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾(العنكبوت:41).
فهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء، يلوذون إليهم، ويحتمون بحماهم، ويرجون نفعهم مَثَلُهُمْ في ذلك؛ كَمَثَلِ العنكبوت اتخذت بيتًا واهنًا، فكانوا كالعنكبوت في ضعفها وصغر شأنها؛ بل هم في يد القدرة القادرة، وإزاء سلطان الله الغالب القاهر أقل من العنكبوت شأنًا، وأضعف منها حيلة وحولاً. أما أولياؤهم، الذين دخلوا في حماهم فهم أوهن من بيت العنكبوت؛ لأن هذا له حقيقة وانتفاعًا في الجملة، وأولئك لا حقيقة لهم، ولا نفع؛ لأنهم لا يدفعون عمَّن والاهم أذى، ولا يردون عنهم شرًا.
ويعَدُّ هذا المثل من أحسن الأمثال، وأدلها على بطلان الشرك، وخسارة صاحبه، وحصوله على ضد مقصوده. وهو كالمرآة، التي يرى الناس عليها- وخاصة أولئك الذين غلظت طباعهم، وتبلدت مشاعرهم- صورة تجسم ضعف أولئك الأولياء من دون الله عامة، ووهن الملجأ الذي يلجأ إليه من والاهم حين يلوذون إليهم، ويحتمون بحماهم، وترسم لذلك كله صورة مزدوجة؛ فهم عناكب ضئيلة واهنة، تأوي من حمى هؤلاء الأولياء إلى بيت؛ كبيت العنكبوت أوهن وأضأل.
فمن لم تحالفه قدرته وأقداره على النظر في الآيات والعبر، التي تركها الله في بيوت الظالمين، لأي سبب كان، فإن حجة الله عز وجل لا تسقط عنه؛ ذلك أنه سبحانه وتعالى قد بثها كاملة غير منقوصة في بيت العنكبوت.
وفي تمثيل الذين اتخذوا من دون الله أولياء بالعنكبوت، وتمثيل أوليائهم ببيت العنكبوت إعجاز من إعجاز القرآن؛ إذ أن العنكبوت إنما تتخذ بيتها من خيوط رفيعة، تفرزه من غدد خاصة بذلك، وتوزعه مغازلها الصغيرة، فإذا لامس الهواء، تماسك وتصلَّب في صورة خيوط برَّاقة. وهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء؛ إنما أقاموا معتقدهم الفاسد، الذي يعتقدونه، ويلتمسون الطمأنينينة والأمن في ظله؛ إنما أقاموه من تلك الأبخرة العفنة، التي تتصاعد من مشاعرهم، فتتشكل منها تلك الأوهام الخادعة، ويقوم عليها ذلك البناء المتداعي.
والمراد بالموصول في قوله تعالى:﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ ﴾ جميع من اتخذ غير الله تعالى متكلاً ومعتمدًا، آلهة كان ذلك، أو غيرها من بني البشر؛ ولهذا عُدِل من{ آلهة }إلى قوله تعالى:﴿ أَوْلِيَاءَ ﴾. وفي ذلك إشارة إلى إبطال الشرك الخفي؛ فإن من عبد الله تعالى رياء لغيره، فقد اتخذ وليًّا غيره، فمثله﴿ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً﴾.
وتنكير﴿ أَوْلِيَاءَ ﴾ للتنويع، فيدل على أن الأولياء أنواع، لا نوع واحد. ومفرده وليٌّ. وأصل الولي جعل الثاني بعد الأول من غير فصل، من قولهم: هذا يلي ذاك. ويجري الوليُّ في الصفة على التابع والمتبوع، والمُعَان، والمُعين. تقول: الله وليُّ المؤمنين. أي: معينهم. والمؤمن وليُّ الله. أي: المُعَان بنصر الله عز وجل. ويقال: الشيطان وليُّ الكافرين والمنافقين، وهم أولياء الشيطان. ويقال: الكافرون بعضهم أولياء بعض. وكذلك: المؤمنون.
قال تعالى:﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾(البقرة:257).
وقال تعالى:﴿الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾(النساء:76).
وقال تعالى:﴿ وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ﴾(الجاثية:19).
وقال تعالى:﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾(النساء:138-139).
وقال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْدُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾(النساء:144).
وقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾(المائدة:51).
ولهذا لا يجوز قصر المراد من لفظ { الأَْْْْوْلِيَاءِ } على الآلهة، التي يعبدها المشركون من دون الله تعالى.
والواو والتاء في﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾زائدتان؛ كما في طاغوت، وطالوت. فأصله على هذا:عنكب، ووزنه: فعلل، ونونه أصلية. وقيل: زائدة، ووزنه: فنعل، فأصله على هذا: عكَب، بمعنى الشدَّة في السير؛ فكأنه لشدة وثبه لصيد الذباب، أو لشدة حركته عند فراره، أطلق عليه اسم: العنكبوت. وقد ذكر سيبويه القولين، والمشهور منهما الأول. والعنكب الذكر، ويجمع على: عناكب، وعناكيب، والأنثى منه عنكبة، وتجمع على: عنكبات. أما العنكبوت فيجمع على: عنكبوتات.
و﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾ حيوان صغير، له ثمانية أرجل، ويغزل خيوطًا تشبه الحرير. وأكثر ما تشتهر به العناكب هو غزلها لخيوط الشراك، التي تستخدمها في صيد الحشرات؛ لتتغذى بها. ولا تسْلم الحشرات حتى الأضخم والأقوى منها من مخاطر شراكها.
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ
ولجميع العناكب أنياب، ولمعظمها غدد سامة؛ حيث تستخدم العناكب كلاً من هذه الأنياب والغدد في صيد الحيوانات؛ لتتغذى بها. ويمكن للدغة العنكبوت أن تقتل الحشرات والحيوانات الصغيرة؛ إلا أن قليلاً منها يلحق ضررًا بالإنسان؛ وذلك لأن العنكبوت عادة لا يلدغ الإنسان، إلا إذا أثاره بشدة.
ويعتقدُ كثيرٌ من الناس أن العناكب حشرات، إلا أن العلماء يصنفونها على أنها من العنكبيات، التي تختلف عن الحشرات في عدة أشياء. فالعناكب مثلاً لها ثمانية أرجل، بينما للنحل والنمل والخنافس والحشرات الأخرى ستة أرجل فقط. وإضافة إلى ذلك تمتلك معظم الحشرات أجنحة، وقرون استشعار، وهذه غير موجودة في العناكب. وتشمل العنكبيات الأخرى: العقارب والحصَّاد والقُمّل، والقراد.
ويطلق لفظ ﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾ على الواحد والجمع, والمذكر والمؤنث. إلا أن الغالب في استعماله التأنيث. جاء في كتاب(حياة الحيوان الكبرى) للدُّمَيْني:” العنكبوت:دويبة تنسج في الهواء، وجمعها عناكب. والذكر عنكب وكنيته أبو خيثمة، وأبو قشعم، والأنثى أم قشعم، ووزنه فعللوت. وهي قصار الأرجل، كبار العيون، للواحد ثمانية أرجل وست عيون. فإذا أراد صيد الذباب، لطأ بالأرض، وسكن أطرافه، وجمع نفسه، ثم وثب على الذباب، فلا يخطئه “.
وهذا النوع من العناكب يسمَّى: ليث عفرين. قال عنه الجاحظ في كتابه الحيوان:”إنه ضرب من العَنَاكب يصيد الذباب صَيْدَ الفُهُود، وهو الذي يسمَّى: الليث، وله ست عيون. فإذا رأى الذباب، لطأ بالأرض، وسكن أطرافه، فمتى وثب، لم يخطىء“.
وجاء في لسان العرب لابن منظور:”العنكبوت: دويبة معروفة، تنسج في الهواء، وعلى رأس البئر نسجًا رقيقًا مهلهلاً، مؤنثة. وربما ذكِّرت في الشعر. قال أبو النجم:
ممَّا يُسَدِّي العنكبوت، إذ خلا
قال أبو حاتم: أظنه: إذ خلا المكان والموضع. ( يعني: أن الضمير في: خلا، لا يعود على العنكبوت، وبالتالي ليس فيه دليل على تذكير اللفظ كما زعم بعضهم ).
وأما قوله:
كأن نسج العنكبوت المُرْمِلِ
فإنما ذكَّره؛ لأنه أراد النسج؛ ولكنه جره على الجوار.( يعني: أنه ذكَّر لفظ: المرمل؛ لأنه صفة للنسج. ولو كان صفة للعنكبوت، لوجب تأنيثه).
وقال الفراء: العنكبوت أنثى، وقد يذكرها بعض العرب، وأنشد قوله:
على هطَّالهم منهم بيوت *** كأن العنكبوت هو ابتناها
قال: والتأنيث في العنكبوت أكثر، والجمع: العنكبوتات، وعناكب، وعناكيب “. وأراد بـ(هطَّالهم): جبالهم.
ومن استعمالها جمعًا قول الطِّرِمَّاح:
ولو أن أمَّ العنكبوت بنت لهم *** مِظَلَّلتها يوم الندى لأكَنَّتِ
ومن استعمالها مؤنَّثة قول الفرزدق يهجو جريرًا:
ضربت عليك العنكبوت بنسجها *** وقضى عليك به الكتاب المُنزَل
أراد: أن بيت جرير في العرب مثل بيت العنكبوت في الوهن. و أراد بقوله: وقضى عليك به الكتاب المنزل: قول الله تبارك وتعالى:﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾.
وقال أبو البركات الأنباري في كتابه( البلغة في الفرق بين المؤنث والمذكر ):”العنكبوت مؤنثة. وقد يجوز فيها التذكير“.
لاحظ قوله:”وقد يجوز فيها التذكير“، ثم قول الفرَّاء من قبله:”وقد يذكرها بعض العرب“، وقول ابن منظور:”وربما ذكِّرت في الشعر“. كل ذلك يدل على أن الغالب في استعمال العنكبوت في لغة العرب التأنيث، وأن تذكيرها قليل، وأنه مختص بالشعر. وإذا كان كذلك، فإنه من النادر الذي لا يقاس عليه.
ومما يدل- أيضًا- على كون لفظ﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾مؤنث قول العوام: عنكبوتة؛ كقولهم: نملة، ونحلة. قال صلاح الدين الصفدي في كتابه( تصحيح التصحيف وتحرير التحريف ):”يقولون: عنكبوتة. والصواب: عنكبوت “. واستشهد على ذلك بالآية السابقة.
فثبت بذلك أن لفظ﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾في قوله تعالى:﴿ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾ مؤنث، وليس فيما ذكرناه من أقوال ما يشير إلى أن المراد به التذكير. ومن الغريب أن بعضهم اعترض على كون المراد به الأنثى بقوله:”ولعله قد غاب عنهم بأن( العنكبوت ) مؤنث مجازي، وحيث أن الفعل قد تأخر عنه، وأصبح الفاعل ضميرًا مستترًا، وجب تأنيث الفعل في اللغة العربية، سواء كان المراد بالعنكبوت: الأنثى، أم الذكر“.
وهذا قول باطل؛ إذ كيف يكون لفظ العنكبوت مؤنثًا مجازيًّا، ثم يراد به الذكر؟ ثم لو كان المراد به الذكر، لوجب أن يقال:{ كمثل العنكبوت اتخذ بيتًا }، بتذكير الفعل؛ كما قال تعالى:﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ ﴾(البقرة:249). فجاء بفعل﴿ قَالَ ﴾ مذكَّرًا؛ لأن فاعله يعود على﴿ طَالُوتُ﴾.
والظاهر من قوله تعالى:﴿ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾أن المراد بالعنكبوت: النوع، الذي ينسج بيته في الهواء، ويصيد به الحشرات. والجملة صفة للعنكبوت، وهذا أحسن من قول من جعلها حالية؛ لأن جعلها حالية لا يتأتى إلا على تقدير( قد ) قبلها. أي: كمثل العنكبوت قد اتخذت بيتًا. وفيه مخالفة لنظم القرآن.
وقال تعالى:﴿ اتَّخَذَ بَيْتاً ﴾، ولم يقل:{ بنت بيتًا. أو نسجت بيتًا }- كما يقتضيه ظاهر اللفظ- وذلك لأن﴿ اتَّخَذَ﴾لا يقال إلا في الشيء المصطفى المحبوب. قال تعالى:﴿ وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ﴾(النساء:125). وقال سبحانه:﴿ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ﴾(الفرقان:27). فالاتخاذ إنما هو اقتناء واجتباء، وهو افتعال من الأخذ. فإذا قلت: اتخذت كذا، فمعناه: اصطفيته لنفسي، واخترته لها.
وأصل﴿ اتَّخَذَ ﴾:{ تخِذ }، وتاؤه أصلية، وليست مبدلة من شيء. وعليه قول تعالى:﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾(الكهف:77).وهو من الاتِّخاذ؛ كـالاتِّباع مصدر{ اتَّبَعَ } من{ تبِعَ }. وقول الجوهري وغيره: إنه{ افتعل } من{ الأخذ } وَهْمٌ، لا دليل عليه. ويبيِّن لك ذلك أن بين الاتخاذ، والأخذ فرق في المعنى والاستعمال؛ وهو: أن الأخذ حَوْزُ الشيء وتحصيله، ويكون ذلك بالتناول تارة، ويكون بالقهر تارة أخرى. ومثالهما قوله تعالى:﴿ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ ﴾(يوسف:79). وقوله تعالى:﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ﴾(البقرة:255).
وجاء الأخذ بمعنى العقاب والعذاب، في نحو قوله تعالى:﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾(هود:10). وأصله في العربية: الجمع.
أما الاتِّخاذ فهو أخذ الشئ لأمر يستمر فيه؛ مثل الدار يتَّخذها صاحبها مسكنًا، والدابة يتَّخذها مركبًا؛ ومنه قوله تعالى:﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾(النحل:68). ويكون الاتِّخاذ بمعنى: التسمية والحكم؛ ومنه قوله تعالى:﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً ﴾(مريم:81). أي: سموهم بذلك، وحكموا لهم به؛ ليكونوا لهم شفعاء عند الله بأن لا يعذبوا.
ويجري﴿ اتَّخَذَ ﴾مجرى الجعل، فيتعدى إلى مفعولين، الثاني منهما الأول في المعنى؛ كقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ﴾(المائدة:51).
وقال تعالى:﴿ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾، وأصل البيت: مأوى الإنسان بالليل؛ لأنه يقال: بات: أقام بالليل. كما يقال: ظل: بالنهار، ثم قد يقال للمسكن: بيت، من غير اعتبار الليل. وجمعه: أبيات، وبيوت؛ لكن البيوت بالمسكن أخصُّ، والأبيات بالشعر أخصُّ. ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر، وبه شُبِّه بيت الشَّعْر. وقد يطلق لفظ البيت، ويراد به: امرأة الرجل وعياله. ويطلق على ما يبنى بناء اسم: البناء، والبنيان. قال تعالى:﴿ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً ﴾(الكهف:21
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ
واستعمل البيت- هنا- فيما تنسجه العنكبوت؛ لتلتقي فيه مع الذكر وقت السفاد؛ ولتصطاد بخيوطه الحشرات، التي تتغذى بها، تشبيهًا له بما يبنيه الإنسان، لما فيه من حسن الصنعة، ودقة النسج. ويقال له: العُكْدُبَة. وعبَّر عن اتخاذها بيتًا بصيغةالندرة﴿ بَيْتاً ﴾؛ لأنهثبت أن العنكبوت نادرًا ما تنسج لها بيتًا؛ وإنما تظل مرتحلة متنقلة.
ويوجد في العالم أكثر من ثلاثين ألف نوع من العناكب. وقد يصل عددها إلى مائة ألف نوع، تتفاوت في أحجامها وأشكالها، ونمط معيشتها. وتعيش في أي مكان يتوافر به غذاؤها. وهناك نوع من العناكب، يمضي معظم حياته تحت الماء، ويعيش نوع آخر منها بالقرب من قمة جبل إيفرست، أعلى جبل في العالم، ويعيش بعضها الآخر داخل المنازل، ومخازن الحبوب، ومختلف المباني.كما تعيش أنواع أخرى على الجدران خارج المباني، وعلى واجهات وأطراف الأبواب والنوافذ.ومنها ما يعيش في جحور تحفرها بنفسها، أو تختبئ في الشقوق الصخرية؛ كالعنكبوت الصيادة البنيَّة، وتصيد الحشرات بنفسها. ويغلب عليها المعيشة الفردية والعدائية لبعضها بعضًا، ولا يوجد منها إلا أنواع قليلة جدٌّا تعيش في جماعات.
جلنار- مستشار
-
عدد المشاركات : 19334
العمر : 36
رقم العضوية : 349
قوة التقييم : 28
تاريخ التسجيل : 19/07/2009
رد: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ
مشكورعلى هذا الطرح الرائع جعله الله فى ميزان حسناتك
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
بوفرقه- مراقب
-
عدد المشاركات : 34697
العمر : 58
رقم العضوية : 179
قوة التقييم : 76
تاريخ التسجيل : 30/04/2009
رد: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ
شكراً على هذا الموضوع الرائع ... والله اعلم
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
جلنار- مستشار
-
عدد المشاركات : 19334
العمر : 36
رقم العضوية : 349
قوة التقييم : 28
تاريخ التسجيل : 19/07/2009
مواضيع مماثلة
» بَاب مِنْ الدِّينِ الْفِرَارُ مِنْ الْفِتَنِ
» مثل الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ
» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
» قال تعالى : وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشّ
» حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ
» مثل الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ
» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
» قال تعالى : وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشّ
» حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» الإكوادور وجهة مثالية لقضاء العطلات وسط المناظر الطبيعية
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» سر ارتفاع دواسة الفرامل عن دواسة البنزين في السيارة
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» ما ميزات شبكات "Wi-Fi 8" المنتظرة؟
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» رد فعل صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
اليوم في 8:04 am من طرف STAR
» هل تعاني من الأرق؟ طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الكبة المشوية على الطريقة الأصلية
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:00 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR