إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
قصص الأنبياء موسى وهارون عليهما السلام (4)
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قصص الأنبياء موسى وهارون عليهما السلام (4)
فرعون يعلن انه من المسلمين
قال الله تعالى:
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) {سورة يونس}
يخبر الله تعالى عن كيفية غرق فرعون فإنه لما ضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر ارتطم بأمواجه الهائلة على فرعون وجنوده، وجعلت الأمواج الهائجة تخفض فرعون تارة وترفعة تارة أخرى، وبنو إسرائيل ينظرون إليه وإلى جنوده بين الأمواج العاتية وهم يغرقون، وكان هذا البأس الشديد والخطب الجسيم الذي نزل بفرعون وأتباعه أقر أعين بني إسرائيل، وأشفى لنفوسهم لما عانوا من ظلم وبطش فرعون وجنوده الذين اتبعوه على كفره وضلاله.
واما فرعون الطاغية فإنه كان بين الأمواج الهائمة المدمرة وأصبح على وشك الغرق وقد عاين ما احيط به من أسباب الهلاك أعلن وقال:(( ءامنت انه لا إله إلا الذي ءامنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين))، ولم ينفعه إيمانه وإسلامه في تلك اللحظات التي أدرك وعاين فيها الغرق، وهذه هي حالة اليأس من الحياة التي لا يقبل الله تعالى التوبة فيها.
يقول المولى عزوجل إخبارًا عن فرعون مصر الطاغية حين ادركه الغرق:
حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) {سورة يونس}
فسبحان الله إن أخذه أليم شديد.
فائدة:في قصة تابوت يوسف
كان نبي الله موسى عليه السلام قد أمره الله تعالى أن يحمل معه تابوت يوسف بن يعقوب عليهما السلام كما ذكرنا ليدفنه بالأرض المقدسة، فسأل موسى عليه السلام عنه فلم يعرفه إلا امرأة عجوز فقالت لموسى عليه السلام: أرأيت إن دللتك على قبره أتعطيني كل ما سألتك؟ فأبى عليها وقال: حتى أسأل ربي؟ فأمره الله تعالى عن طريق الوحي أن يعطيها فأتاها فأعطاها، فسألته الجنة قال:نعم.
فدنت من النيل وقالت لموسى عليه السلام: إنه في جوف الماء فادع الله تعالى أن يحسر عنه الماء، فدعا الله تعالى فحسر الماء عن القبر، فقالت له: احفره ففعل موسى عليه السلام واستخرجه صندوقًا من مرمر فاحتمله عليه السلام معه في خروجه من مصر.
البحر يلفظ جثة فرعون ليكون ءاية وعبرة
لما أنجى الله تبارك وتعالى موسى عليه السلام ومن معه من الذين ءامنوا من بني إسرائيل من كيد فرعون وجنوده، واغرق فرعون وجنوده في البحر ليكون ذلك ءاية عظيمة على عظيم قدرته تعالى وعلى صدق نبيه موسى عليه السلام وعبرة لمن اعتبر، شك بعض بني إسرائيل في موت فرعون وقالوا: إنا نخاف أن يكون فرعون ما غرق، فدعا موسى الكليم ربه، فأمر الله تبارك وتعالى البحر بإخراجه فرمى به البحر بقدرة الله تعالى على ساحل البحر على مكان مرتفع حتى رءاه بنو إسرائيل وأيقنوا وتحققوا من غرقه وموته وعرفوه بدرع له من لؤلؤ كان فرعون يلبيها ولم يكن لأحد مثلها، وبذلك تحققوا هلاكه غرقًا مع الهالكين، ولهذا قال الله تبارك وتعالى:
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92){سورة يونس}
أي ننجيك بجسدك مصاحبًا درعك بان أخرجه البحر وعليه درعه المعروف به، ولتكون أنت أي فرعون ءاية لمن خلفك من بني إسرائيل ودليلا على عظيم قدرة الله تعالى الذي أهلكك مع الهالكين نتيجة كفرك وتكذيبك موسى عليه السلام.
ذكر ما حدث من بني إسرائيل بعد هلاك فرعون
نجى الله تعالى موسى عليه السلام ومن معه من بني إسرائيل الذين ءامنوا بما جاء به واتبعوه من كيد فرعون وجنوده وأورث الله تعالى جميع أموال فرعون وحاشيته وأملاكهم بني إسرائيل الذين كانوا يُستضعفون ويظلمون من قبل فرعون وجنوده وامرائه وجعل العاقبة الحسنى لموسى عليه السلام وللمؤمنين الذين اتبعوه وصدقوه، يقول الله تبارك وتعالى:
فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) {سورة الأعراف}
طلب بعض الجهلة من موسى أن يجعل لهم إلها
بعد أن جاوز نبي الله موسى عليه السلام البحر ومن معه من بني إسرائيل، اتوا على قوم كافرين يعكفون على اصنام لهم قيل: كانت على صور البقر يعبدونها من دون الله عزوجل، فأراد بعض الجهلة الذين ركبهم الجهل والضلال وأضلهم الشيطان أن يتشبهوا بهؤلاء المشركين الذين مروا بهم مع أصنامهم فقالوا لنبيهم موسى عليه السلام: يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم ءالهة، فغضب موسى عليه السلام غضبًا شديدًا من كلام هؤلاء الذي يدل على عظيم جهلهم، مع ما قد كانوا عاينوا قبل ذلك من ءايات الله تعالى ما يدل على عظيم قدرته وعلى صدق ما جاءهم به نبيهم موسى عليه السلام، ورد عليهم نبيهم مستنكرا لمقولتهم هذه وبين لهم أن هؤلاء المشركين يعبدون هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع في هلاك ودمار لا يعقلون ولا يهتدون وعملهم هذا باطل لا يوافق العقل السليم، يقول الله تبارك وتعالى إخبارًا عن هؤلاء الجاهلين وما رد به عليهم موسى عليه السلام:
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) {سورة الأعراف}
رفض بني إسرائيل الجهاد
أمر الله تعالى نبيه موسى عليه السلام أن يتوجه بالمؤمنين من بني إسرائيل إلى بيت المقدس في فلسطين، فخرج بهم موسى عليه السلام حتى إذا كانوا في الطريق عطشوا عطشًا شديدًا، فشكوا ذلك إلى نبيهم موسى مُتذمرين وطلبوا منه الماء والسقيا، فأمره الله سبحانه وتعالىأن يضرب الحجر الذي كان معه بعصاه فلما ضربه بعصاه تفجرت منه بقدرة الله تعالى اثنتا عشر عينًا لكل سبط من أسباطهم عين تجري بالماء العذب الزلال يشربون منها، وأرسل الله سبحانه وتعالى من السماء المن والسلوى رزقًا منه تعالى وفضلا وكرمًا يحصلون عليه من دون جهد أو تعب.
ثم إن كثيرًا منهم ضجر وتبرم وسألوا موسى أن يستبدلوا منها ببدلها مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها فوبخهم موسى ونصحهم، قال تعالى:
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) {سورة البقرة}
ثم أكمل موسى عليه السلام سيره ببني إسرائيل إلى بيت المقدس التي كان الله سبحانه وتعالى قد وعدهم بها وكتبها لهم، وأخذ موسى يذكرهم نعمة الله تعالى عليهم وإحسانه إليهم إذ جعل فيهم أنبياء، وءتاهم من النعم ما لم يؤت أحدًا في زمان نبيهم موسى عليه السلام، ولما انفصل موسى بمن معه من بني إسرائيل وواجه بلاد بيت المقدس في فلسطين وجد عليه السلام فيه قومًا من الجبارين الظالمين المعروفين بكفرهم وجبروتهم وكانوا من الكنعانين ومن بقايا الحيثانيين وغيرهم، فامرهم عند ذلك موسى عليه السلام بالدخول على هؤلاء الجبارين ومقاتلتهم وإجلائهم عن بيت المقدس التي كتبها الله تعالى لهم ووعدهم بها، ولكنهم أبوا ورفضوا الجهاد وجبنوا عن مقاتلة هؤلاء الأعداء الكافرين الذين كانوا ذوي قوة وبأس، وقالوا لنبيهم موسى: يا موسى إن فيها قومًا جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن خرجوا منها فإنا داخلون، وأمام هذا الموقف المخزي من جانب هؤلاء تقدم رجلان من الذين يخافون الله تعالى وقد أنهم الله تعالى عليهما بالإسلام والإيمان والطاعة والشجاعة والثبات وأشارا عليهم بالجهاد، وأن يدخلوا على هؤلاء الجبارين من باب القرية ليمتلئوا منهم خوفًا ورعبًا، وطلبا منهم أن يتوكلوا على الله تعالى حق توكله وان يستعينوا به ويلتجئوا إليه لينصرهم علىهؤلاء الطغاة الجبارين ويظفرهم بهم.
وأمام هذا الموقف المشرف الذي وقفه هذان الرجلان المؤمنان اللذان يخافان الله تعالى، وقع امر عظيم كبير من جانب بني إسرائيل إذ صمم أكثرهم على رفض الجهاد والتقاعس عنه وقالوا لنبيهم موسى عليه السلام: يا موسى إنا لن ندخلها ابدًا ما داموا فيها. فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، فعاقبهم الله بسبب مخالفتهم نبيهم موسى وعصيانهم أمره بالتيهان في الأرض يسيرون إلى غير مقصد ليلا ونهارًا وصباحًا ومساءً، يحلون ويرتحلون ويذهبون ثم يرجعون إلى مكانهم الذي ذهبوا منه طيلة أربعين سنة، ختى مات هؤلاء كلهم في مدة أرعين سنة ولم يبق إلا أولادهم وذراريهم سوى هذين الرجلين اللذان يخافان الله تعالى وقيل هما: يُوشع بن نون وكالب بن يوفنان وكانا رجلين صالحين.
يقول الله سبحانه وتعالى إخبارًا عن موسى عليه السلام مع هؤلاء القوم من بني إسرائيل:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) {سورة المائدة}
ذهاب موسى لميقات الله تعالى
كان نبي الله موسى عليه السلام قد وعد بني إسرائي الذين ءامنوا به واتبعوه أن ياتيهم بكتاب فيه تبيان معالم الشريعة وما يأتون وما يتركون، فلما أهلك الله تبارك وتعالى فرعون مصر ومن اتبعه من جنوده في البحر وأنجى بني إسرائيل، قالوا لنبيهم موسى عليه السلام: ائتنا بالكتاب الذي وعدتنا، فسأل موسى عليه السلام ربه ذلك، فاعده الله تعالى ثلاثين ليلة وأمره تعالى بالصيام فيها ثم يتبعها بعشر ليال اخرى يصوم فيها موسى أيضًا ليسمعه كلامه ويعطيه التوراة وفيها الأحكام وتفاصيل الشريعة المطهرة.
ذهب موسى عليه السلام في الميقات الذي وعده الله تعالى، فلما عزم الذهاب استخلف في غيابه أخاه هارون عليه السلام على بني إسرائيل فوصاه وأمره أن يخلفه في بني إسرائيل في غيابه مع ان هارون كان معه نبيا ورسولا في ذلك الوقت، ولما جاء موسى عليه السلام لميقات الله تعالى ، رفع الله تعالى الحجاب المعنوي عن سمعه فكلمه الله تعالى من وراء حجاب، أي من غير أن يرى الله تعالى.
وقد سمع موسى عليه السلام كلام الله الذاتي الازلي الذي لا يشبه كلام البشر.
ولما أعطي نبي الله موسى عليه السلام هذه المنزلة العالية وهي سماعة كلام الله تعالى الأزلي، طلب عليه السلام من ربه عزوجل أن يراه فقال ارني انظر اليك فقال له تعالى لن تراني وعلق الله تعالى رؤية موسى له بثبات الجبل عند رؤيته تعالى، والله عالم في الازل أن الجبل لن يثبت ولهذا قال الله تعالى لكليمه موسى أنك لن تراني ولكن انظر الىالجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، أي أن الله تعالى تجلى للجبل بعد أن خلق فيه الإدراك والرؤية فاندك الجبل دكًا وموسى عليه السلام ينظر إليه حتى خر عليه السلام مغشيًا عليه من هول ما رأى من اندكاك الجبل، فلما أفاق من غشيته قال سبحانك تبت إليك وأنا اول المؤمنين، قال الله تعالى حكاية عن ذلك:
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) {سورة الأعراف}
أي وأنا أول المؤمنين بانك لا ُترى بالعين في الدنيا وذلك لان الله تعالى لم يوح إلى موسى وإلى من قبله من الأنبياء أنه لا يُرى بالعين في الدنيا، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا تخيروني من بين الأنبياء فأن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق لفإذا أنا بموسى ءاخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور)).
أنزل الله تعالى على نبيه موسى التوراة وكانت مكتوبة على الواح، قيل : كانت من زبرجد وجوهر نفيس، وقيل: كانت من خشب والله أعلم، وكانت فيها تشريعات ومواعظ وتفصيل لكل مل يحتاج إليه بنو إسرائيل من أمور الحلال والحرام، وقد أمره الله تعالى أن ياخذ إليه بنو إسرائيل من امور الحلال والحرام، وقد امره الله تعالى أن ياخذ ألواح التوراة بعزم ونية صادقة قوية، ويامر قومه بني إسرائيل بالعمل بها على الوجه الأكمل محذرًا غياهم من مخالفة أوامر الله سبحانه وتعالى، قال الله تبارك وتعالى:
) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145) {سورة الأعراف}
قال الله تعالى:
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) {سورة يونس}
يخبر الله تعالى عن كيفية غرق فرعون فإنه لما ضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر ارتطم بأمواجه الهائلة على فرعون وجنوده، وجعلت الأمواج الهائجة تخفض فرعون تارة وترفعة تارة أخرى، وبنو إسرائيل ينظرون إليه وإلى جنوده بين الأمواج العاتية وهم يغرقون، وكان هذا البأس الشديد والخطب الجسيم الذي نزل بفرعون وأتباعه أقر أعين بني إسرائيل، وأشفى لنفوسهم لما عانوا من ظلم وبطش فرعون وجنوده الذين اتبعوه على كفره وضلاله.
واما فرعون الطاغية فإنه كان بين الأمواج الهائمة المدمرة وأصبح على وشك الغرق وقد عاين ما احيط به من أسباب الهلاك أعلن وقال:(( ءامنت انه لا إله إلا الذي ءامنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين))، ولم ينفعه إيمانه وإسلامه في تلك اللحظات التي أدرك وعاين فيها الغرق، وهذه هي حالة اليأس من الحياة التي لا يقبل الله تعالى التوبة فيها.
يقول المولى عزوجل إخبارًا عن فرعون مصر الطاغية حين ادركه الغرق:
حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) {سورة يونس}
فسبحان الله إن أخذه أليم شديد.
فائدة:في قصة تابوت يوسف
كان نبي الله موسى عليه السلام قد أمره الله تعالى أن يحمل معه تابوت يوسف بن يعقوب عليهما السلام كما ذكرنا ليدفنه بالأرض المقدسة، فسأل موسى عليه السلام عنه فلم يعرفه إلا امرأة عجوز فقالت لموسى عليه السلام: أرأيت إن دللتك على قبره أتعطيني كل ما سألتك؟ فأبى عليها وقال: حتى أسأل ربي؟ فأمره الله تعالى عن طريق الوحي أن يعطيها فأتاها فأعطاها، فسألته الجنة قال:نعم.
فدنت من النيل وقالت لموسى عليه السلام: إنه في جوف الماء فادع الله تعالى أن يحسر عنه الماء، فدعا الله تعالى فحسر الماء عن القبر، فقالت له: احفره ففعل موسى عليه السلام واستخرجه صندوقًا من مرمر فاحتمله عليه السلام معه في خروجه من مصر.
البحر يلفظ جثة فرعون ليكون ءاية وعبرة
لما أنجى الله تبارك وتعالى موسى عليه السلام ومن معه من الذين ءامنوا من بني إسرائيل من كيد فرعون وجنوده، واغرق فرعون وجنوده في البحر ليكون ذلك ءاية عظيمة على عظيم قدرته تعالى وعلى صدق نبيه موسى عليه السلام وعبرة لمن اعتبر، شك بعض بني إسرائيل في موت فرعون وقالوا: إنا نخاف أن يكون فرعون ما غرق، فدعا موسى الكليم ربه، فأمر الله تبارك وتعالى البحر بإخراجه فرمى به البحر بقدرة الله تعالى على ساحل البحر على مكان مرتفع حتى رءاه بنو إسرائيل وأيقنوا وتحققوا من غرقه وموته وعرفوه بدرع له من لؤلؤ كان فرعون يلبيها ولم يكن لأحد مثلها، وبذلك تحققوا هلاكه غرقًا مع الهالكين، ولهذا قال الله تبارك وتعالى:
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92){سورة يونس}
أي ننجيك بجسدك مصاحبًا درعك بان أخرجه البحر وعليه درعه المعروف به، ولتكون أنت أي فرعون ءاية لمن خلفك من بني إسرائيل ودليلا على عظيم قدرة الله تعالى الذي أهلكك مع الهالكين نتيجة كفرك وتكذيبك موسى عليه السلام.
ذكر ما حدث من بني إسرائيل بعد هلاك فرعون
نجى الله تعالى موسى عليه السلام ومن معه من بني إسرائيل الذين ءامنوا بما جاء به واتبعوه من كيد فرعون وجنوده وأورث الله تعالى جميع أموال فرعون وحاشيته وأملاكهم بني إسرائيل الذين كانوا يُستضعفون ويظلمون من قبل فرعون وجنوده وامرائه وجعل العاقبة الحسنى لموسى عليه السلام وللمؤمنين الذين اتبعوه وصدقوه، يقول الله تبارك وتعالى:
فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) {سورة الأعراف}
طلب بعض الجهلة من موسى أن يجعل لهم إلها
بعد أن جاوز نبي الله موسى عليه السلام البحر ومن معه من بني إسرائيل، اتوا على قوم كافرين يعكفون على اصنام لهم قيل: كانت على صور البقر يعبدونها من دون الله عزوجل، فأراد بعض الجهلة الذين ركبهم الجهل والضلال وأضلهم الشيطان أن يتشبهوا بهؤلاء المشركين الذين مروا بهم مع أصنامهم فقالوا لنبيهم موسى عليه السلام: يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم ءالهة، فغضب موسى عليه السلام غضبًا شديدًا من كلام هؤلاء الذي يدل على عظيم جهلهم، مع ما قد كانوا عاينوا قبل ذلك من ءايات الله تعالى ما يدل على عظيم قدرته وعلى صدق ما جاءهم به نبيهم موسى عليه السلام، ورد عليهم نبيهم مستنكرا لمقولتهم هذه وبين لهم أن هؤلاء المشركين يعبدون هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع في هلاك ودمار لا يعقلون ولا يهتدون وعملهم هذا باطل لا يوافق العقل السليم، يقول الله تبارك وتعالى إخبارًا عن هؤلاء الجاهلين وما رد به عليهم موسى عليه السلام:
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) {سورة الأعراف}
رفض بني إسرائيل الجهاد
أمر الله تعالى نبيه موسى عليه السلام أن يتوجه بالمؤمنين من بني إسرائيل إلى بيت المقدس في فلسطين، فخرج بهم موسى عليه السلام حتى إذا كانوا في الطريق عطشوا عطشًا شديدًا، فشكوا ذلك إلى نبيهم موسى مُتذمرين وطلبوا منه الماء والسقيا، فأمره الله سبحانه وتعالىأن يضرب الحجر الذي كان معه بعصاه فلما ضربه بعصاه تفجرت منه بقدرة الله تعالى اثنتا عشر عينًا لكل سبط من أسباطهم عين تجري بالماء العذب الزلال يشربون منها، وأرسل الله سبحانه وتعالى من السماء المن والسلوى رزقًا منه تعالى وفضلا وكرمًا يحصلون عليه من دون جهد أو تعب.
ثم إن كثيرًا منهم ضجر وتبرم وسألوا موسى أن يستبدلوا منها ببدلها مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها فوبخهم موسى ونصحهم، قال تعالى:
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) {سورة البقرة}
ثم أكمل موسى عليه السلام سيره ببني إسرائيل إلى بيت المقدس التي كان الله سبحانه وتعالى قد وعدهم بها وكتبها لهم، وأخذ موسى يذكرهم نعمة الله تعالى عليهم وإحسانه إليهم إذ جعل فيهم أنبياء، وءتاهم من النعم ما لم يؤت أحدًا في زمان نبيهم موسى عليه السلام، ولما انفصل موسى بمن معه من بني إسرائيل وواجه بلاد بيت المقدس في فلسطين وجد عليه السلام فيه قومًا من الجبارين الظالمين المعروفين بكفرهم وجبروتهم وكانوا من الكنعانين ومن بقايا الحيثانيين وغيرهم، فامرهم عند ذلك موسى عليه السلام بالدخول على هؤلاء الجبارين ومقاتلتهم وإجلائهم عن بيت المقدس التي كتبها الله تعالى لهم ووعدهم بها، ولكنهم أبوا ورفضوا الجهاد وجبنوا عن مقاتلة هؤلاء الأعداء الكافرين الذين كانوا ذوي قوة وبأس، وقالوا لنبيهم موسى: يا موسى إن فيها قومًا جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن خرجوا منها فإنا داخلون، وأمام هذا الموقف المخزي من جانب هؤلاء تقدم رجلان من الذين يخافون الله تعالى وقد أنهم الله تعالى عليهما بالإسلام والإيمان والطاعة والشجاعة والثبات وأشارا عليهم بالجهاد، وأن يدخلوا على هؤلاء الجبارين من باب القرية ليمتلئوا منهم خوفًا ورعبًا، وطلبا منهم أن يتوكلوا على الله تعالى حق توكله وان يستعينوا به ويلتجئوا إليه لينصرهم علىهؤلاء الطغاة الجبارين ويظفرهم بهم.
وأمام هذا الموقف المشرف الذي وقفه هذان الرجلان المؤمنان اللذان يخافان الله تعالى، وقع امر عظيم كبير من جانب بني إسرائيل إذ صمم أكثرهم على رفض الجهاد والتقاعس عنه وقالوا لنبيهم موسى عليه السلام: يا موسى إنا لن ندخلها ابدًا ما داموا فيها. فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، فعاقبهم الله بسبب مخالفتهم نبيهم موسى وعصيانهم أمره بالتيهان في الأرض يسيرون إلى غير مقصد ليلا ونهارًا وصباحًا ومساءً، يحلون ويرتحلون ويذهبون ثم يرجعون إلى مكانهم الذي ذهبوا منه طيلة أربعين سنة، ختى مات هؤلاء كلهم في مدة أرعين سنة ولم يبق إلا أولادهم وذراريهم سوى هذين الرجلين اللذان يخافان الله تعالى وقيل هما: يُوشع بن نون وكالب بن يوفنان وكانا رجلين صالحين.
يقول الله سبحانه وتعالى إخبارًا عن موسى عليه السلام مع هؤلاء القوم من بني إسرائيل:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) {سورة المائدة}
ذهاب موسى لميقات الله تعالى
كان نبي الله موسى عليه السلام قد وعد بني إسرائي الذين ءامنوا به واتبعوه أن ياتيهم بكتاب فيه تبيان معالم الشريعة وما يأتون وما يتركون، فلما أهلك الله تبارك وتعالى فرعون مصر ومن اتبعه من جنوده في البحر وأنجى بني إسرائيل، قالوا لنبيهم موسى عليه السلام: ائتنا بالكتاب الذي وعدتنا، فسأل موسى عليه السلام ربه ذلك، فاعده الله تعالى ثلاثين ليلة وأمره تعالى بالصيام فيها ثم يتبعها بعشر ليال اخرى يصوم فيها موسى أيضًا ليسمعه كلامه ويعطيه التوراة وفيها الأحكام وتفاصيل الشريعة المطهرة.
ذهب موسى عليه السلام في الميقات الذي وعده الله تعالى، فلما عزم الذهاب استخلف في غيابه أخاه هارون عليه السلام على بني إسرائيل فوصاه وأمره أن يخلفه في بني إسرائيل في غيابه مع ان هارون كان معه نبيا ورسولا في ذلك الوقت، ولما جاء موسى عليه السلام لميقات الله تعالى ، رفع الله تعالى الحجاب المعنوي عن سمعه فكلمه الله تعالى من وراء حجاب، أي من غير أن يرى الله تعالى.
وقد سمع موسى عليه السلام كلام الله الذاتي الازلي الذي لا يشبه كلام البشر.
ولما أعطي نبي الله موسى عليه السلام هذه المنزلة العالية وهي سماعة كلام الله تعالى الأزلي، طلب عليه السلام من ربه عزوجل أن يراه فقال ارني انظر اليك فقال له تعالى لن تراني وعلق الله تعالى رؤية موسى له بثبات الجبل عند رؤيته تعالى، والله عالم في الازل أن الجبل لن يثبت ولهذا قال الله تعالى لكليمه موسى أنك لن تراني ولكن انظر الىالجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، أي أن الله تعالى تجلى للجبل بعد أن خلق فيه الإدراك والرؤية فاندك الجبل دكًا وموسى عليه السلام ينظر إليه حتى خر عليه السلام مغشيًا عليه من هول ما رأى من اندكاك الجبل، فلما أفاق من غشيته قال سبحانك تبت إليك وأنا اول المؤمنين، قال الله تعالى حكاية عن ذلك:
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) {سورة الأعراف}
أي وأنا أول المؤمنين بانك لا ُترى بالعين في الدنيا وذلك لان الله تعالى لم يوح إلى موسى وإلى من قبله من الأنبياء أنه لا يُرى بالعين في الدنيا، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا تخيروني من بين الأنبياء فأن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق لفإذا أنا بموسى ءاخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور)).
أنزل الله تعالى على نبيه موسى التوراة وكانت مكتوبة على الواح، قيل : كانت من زبرجد وجوهر نفيس، وقيل: كانت من خشب والله أعلم، وكانت فيها تشريعات ومواعظ وتفصيل لكل مل يحتاج إليه بنو إسرائيل من أمور الحلال والحرام، وقد أمره الله تعالى أن ياخذ إليه بنو إسرائيل من امور الحلال والحرام، وقد امره الله تعالى أن ياخذ ألواح التوراة بعزم ونية صادقة قوية، ويامر قومه بني إسرائيل بالعمل بها على الوجه الأكمل محذرًا غياهم من مخالفة أوامر الله سبحانه وتعالى، قال الله تبارك وتعالى:
) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145) {سورة الأعراف}
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
جلنار- مستشار
-
عدد المشاركات : 19334
العمر : 36
رقم العضوية : 349
قوة التقييم : 28
تاريخ التسجيل : 19/07/2009
رد: قصص الأنبياء موسى وهارون عليهما السلام (4)
كل الشكرعلى المرور
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
المرتجع حنتوش- مشرف قسم المنتدي العام
-
عدد المشاركات : 21264
العمر : 32
رقم العضوية : 121
قوة التقييم : 41
تاريخ التسجيل : 10/04/2009
رد: قصص الأنبياء موسى وهارون عليهما السلام (4)
كل الشكر على المرور
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
رد: قصص الأنبياء موسى وهارون عليهما السلام (4)
بارك الله فيك وجزاك كل خير
فرج احميد- مستشار
-
عدد المشاركات : 17243
العمر : 62
رقم العضوية : 118
قوة التقييم : 348
تاريخ التسجيل : 10/04/2009
مواضيع مماثلة
» قصص الأنبياء - موسى وهارون عليهما السلام (1)
» قصص الأنبياء-موسى وهارون عليهما السلام (2)
» قصص الأنبياء >> موسى وهارون عليهما السلام (3)
» قصص الأنبياء موسى وهارون عليهما السلام (5)
» الإعجاز القرآني : موسى وهارون عليهما السلام
» قصص الأنبياء-موسى وهارون عليهما السلام (2)
» قصص الأنبياء >> موسى وهارون عليهما السلام (3)
» قصص الأنبياء موسى وهارون عليهما السلام (5)
» الإعجاز القرآني : موسى وهارون عليهما السلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» الإكوادور وجهة مثالية لقضاء العطلات وسط المناظر الطبيعية
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» سر ارتفاع دواسة الفرامل عن دواسة البنزين في السيارة
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» ما ميزات شبكات "Wi-Fi 8" المنتظرة؟
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» رد فعل صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
اليوم في 8:04 am من طرف STAR
» هل تعاني من الأرق؟ طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الكبة المشوية على الطريقة الأصلية
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:00 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR