إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
كيف أصبحت الديمقراطية «حلال»
صفحة 1 من اصل 1
كيف أصبحت الديمقراطية «حلال»
حين تتحدث الدراسات الغربية عن التاريخ الاسلامي في العصور الوسطى فانها تشير الى ان مؤسسة «الاقطاع» - منح الحاكم الأراضي لجنوده- بدت هائلة لأن العلماء انشغلوا في البحث عن الأسباب الكامنة وراء الفشل في تطوير نظام اقطاعي وكذلك العلاقات التعاقدية التي أدت في نهاية المطاف الى شكل الحكومة الدستورية. ولكن البحث عن أوجه التشابه بين الغرب والاسلام لاسيما في قلب الجغرافيا الكلاسيكية الاسلامية من شمال افريقيا الى ايران كان دائما مسعى محزنا سياسيا لأن المنطقة أبدت مقاومة كبرى للأفكار والمؤسسات التي جعلت ظهور حكومة تمثيلية أمرا ممكنا.
قرار الرئيس جورج بوش لبناء الديمقراطية في العراق يبدو محاولة عرجاء للكثيرين في أحسن الأحوال،شكل مثالا آخر على سعي الادارة الأميركية الطوباوية لكي تعيث في الأرض فسادا، بمعنى انها أرادت أن تغرس بالقوة فكرة غربية معقدة في تربة غير مناسبة. لكن الرئيس بوش الذي يعكس ايمانه في الحكم الذاتي جوانب من مؤلف توكفيل بعنوان «الديمقراطية في أميركا» رأى الحقائق الدنيوية التي تغيب عن غير المتدينين، أي تحول فكرة الديمقراطية الى قوة فعالة بين المسلمين بينما أصبح التسلط أداة للتطرف الاسلاموي. وكانت احدى أهم قصص نهاية القرن العشرين هي حكاية الاختراق الهائل للأفكار السياسية الغربية حكاية الديمقراطية والحرية الفردية واستقرارها في الوعي الاسلامي. وبالنسبة للذين يتكلمون الفارسية ويقرأونها، كان من السهل ملاحظة هذا التطور المذهل. فالفكرالثيوقراطي في مقابل الديمقراطية كان هو الموضوع الأهم للجمهورية الاسلامية في ايران منذ قيام الثورة، للتعبير عن الكاريزما الدينية لآية الله الخميني مع تطلعات المثقفين العلمانيين الديمقراطية. وهكذا فقد ترعرع على يد رجال الدين على مدى العقود الثلاثة الماضية، في ايران خطاب فكري متشدد مكثفة فيما يتعلق بواجباتهم أمام الله.
وعندما أخذت الشرعية الدينية بالتكشف في ظل النظام الايراني المتشدد في أواخر الثمانينيات، فان ذلك كان فرصة للأفكار الديمقراطية بما في ذلك التفسيرات الديمقراطية القوية، لتفجر هذه الأفكار. ووقع هذا الانفجار في شوارع طهران بعد الانتخابات الرئاسية «المزورة» في يونيو 2009 ليشكل المظهر الأكثر وضوحا للضغوط الديمقراطية الهائلة التي تراكمت تحت عباءة الاستبداد الجمهوري. وكان معناه ان أخطر اللحظات التي تهدد النظام آتية بلا شك.
أما المجتمعات العربية اليوم فأصبح الفصام ملحوظا على نحو متزايد نظرا لأنها الحراك الفكري فيها أقل حيوية من ايران، لكون أنظمتها أكثر فعالية في حسم النقاشات الداخلي. وقبل فترة طويلة من الاضطرابات في تونس ومصر كان المثقفون العرب الليبراليون والعلمانيون منقسمين. وباستثناء الشجعان منهم ولم يفروا من أوطانهم، فان الليبراليين الذين انضووا تحت جناح السلطة (مثقفي السلاطين) وتخاذلوا في مواجهة الحكام.
وحين علم هؤلاء بمصائر أمثالهم في ايران في الثمانينيات، فانهم رددوا بأمانة الشعارات المناهضة للاسلاميين «من بعدي ليأت الطوفان» كالتي رددها الأوتوقراطيون العرب في واشنطن كلما عبر الأميركيون عن رفضهم للطغيان. وبذلك ظلت الديمقراطية عندهم غاية منشودة مثالية، يمكن بلوغها العزيزة في ذات يوم بعد ان يفقد الاسلاميون جاذبيتهم والطغاة سلطاتهم. اما المثقفون العلمانيون في الغربة فقد احتضنوا بقوة أكبر قضية الديمقراطية في صحفهم وكتبهم ومجلاتهم ومواقعهم على الانترنت، كما تزايد ظهورهم على قناة «الجزيرة» للتحدث عن أوطانهم. فمثقفون مثل كنان مكية، ادوارد سعيد، سعد الدين ابراهيم وبرهان غليون أسهموا بتأليف جيد باغناء خطاب ليبرالي وديموقراطي، عبر المطبوعات الأجنبية والعربية. وبالفعل بعض هؤلاء مزجوا رسالتهم عن الحرية مع أهداف غيرها من الأولويات «العربية: كمعاداة الصهيونية والولايات المتحدة ومناهضة للامبريالية. ولكن دعمهم للديموقراطية بقي واضحا، وأصبح أكثر وضوحا بعد هجمات 9 / 11.
ليس غريبا ان تشدد وزارات الخارجية ووسائل الاعلام في الغرب من الاهتمام بالليبراليين العرب من المنضوين تحت أجنحة نظمهم. وقد ساعد الاشمئزاز من الحرب على العراق والنفور من الرئيس الأميركي بوش ساعد على الهاء المواطنين عن النضال فمن أجل نشر الأفكار الديمقراطية في المنطقة. أجل، ذلك أعماهم أيضا عن حقيقة أن الديمقراطية بين شعوب الشرق الأوسط، وليس الدكتاتورية، أصبحت ينظر اليها الآن كخيار أفضل لتحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
الأهم من ذلك فقد ساعدت رداءة ذوق الرئيس بوش المواطنين في الغرب وأعمتهم عن عدم التقاط فرص الاقدام على زواج تاريخي بين الاسلام والأفكار الديمقراطية ان الاسلام يشدد بصورة استثنائية على فكرة العدل مبدا المثل بالمثل أو الجزاء العادل الذي يتوقعه المؤمنون نتيجة أعمالهم الصالحة.
وقد كان هذا الشعور بالعدالة والذي عبر عنه في العام 2004 بقوة آية الله العظمى علي السيستاني في العراق كسبيل للنضال ضد الاحتلال الأميركي خوفا من ترك العراقيين التصويت، بلصقه على صناديق الاقتراع. لذلك أصبحت الديمقراطية عند المؤمنين وسيلة للمجتمع لتأكيده على القيم الاسلامية التي يحبها أكثر.
وفي الأيام الأخيرة تسبب التمرد الشعب المصري ضد الرئيس المصري حسني مبارك ونظامه ظهور كثيرمن التنبؤات الكارثية لدى الغرب قد تؤدي الى سيطرة لا يمكن وقفها لجماعة الاخوان المسلمين وهم سفينة النجاة للأصولية ويثيرون المخاوف. فقد انخرط كثير من الأعضاء البارزين منهم في التفجيرات الانتحارية ضد النساء والأطفال الاسرائيليين، كما تبنوا معاداة السامية وأكدوا على الحق بقتل أولئك الذين يتعرضون للنبي الكريم محمد.
لكن جماعة الاخوان المسلمين آخذة في التطور. وقد يكون من الخطأ الجسيم الاعتقاد بأنها لم تقاتل بصدق مع التحدي الديموقراطي مع فكرة أن المؤمنين المصريين يحبذون التصويت لقادتهم. في عام 2007، أعلن أعضاء من الاخوان انسحابهم ومن ثم عادوا تشكيل برنامجهم السياسي، بشكل غير رسمي «ولأول مرة كتنظيم» بحيث يمكن لمن هم في خارجه الاطلاع على نضال الاخوان الفلسفي مع فكرة السيادة البرلمانية. والأخوان أنفسهم لا يعرفون الى أي حد يمكن ان يطلقوا العنان لمواطنيهم بما يدل على أنهم، مثل الآخرين غيرهم، يتحركون في آفاق مجهولة. والاخوان يحاولون التصالح مع فكرة الحرية. في الماضي كانت الحرية للمسلم الورع تعني حرية المؤمن في العبادة. ولكن الحرية بالنسبة للقومية العربية فهي صيحة الحرب ضد الامبريالية الاوروبية. وفي مصر اليوم كما في دول أخرى لا يمكن أن تفهم الحرية بمعنى غير حرية الرجال والنساء وحقهم في التصويت. ويبذل الاخوان محاولة لمعرفة كيفية الدمج بين ثقافتين، ما يمكنهم بالتالي من احياء ثقافة خاصة بهم. ومع ان هذا التوجه ليس مستحسنا، لكنه واقع حقيقي.
والاخوان المسلمون ليسوا لغزا للشعب المصري، لأن تنظيمهم موجود منذ عام 1928. وخلافا لرجال الثورة في ايران الذين كتبوا مؤلفات لم يقرأها أحد تقريبا خارج اطار المؤسسة الدينية فقد انتشرت أفكار الاخوان بين الجمهور المصري طوال عقود من الزمن.
ومن المهم أيضا الاشارة الى ان السنة يشكلون أكثرية ساحقة من المسلمين في مصر. وعلى عكس الشيعة في ايران الذين يتحلقون حول قيادات معروفين بشخصيتهم الكاريزمية فان المصريين ليس لديهم شخص مثل آية الله الخميني. فجماعة الاخوان المسلمين تنظيم يضم مواطنين عاديين وكانوا دائما على علاقة متوترة مع الأزهر والمعاهد الدينية السنية الكبرى في القاهرة.
وعلى الرغم من أن حسني مبارك قد بذل قصارى جهده لامتصاص مياه الحياة من المجتمع المصري فان ظلال الأحزاب التي عرفت مجدا كبيرا لها في مصر ذات يوم، كحزب الوفد في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وكذلك القوى الأخرى كالحزب الدستوري الليبرالي، تسعى لاعادة تنظيم نفسها في زمن قصير. ومن هنا ولد حزب الغد الليبرالي بزعامة أيمن نور.
وبعد خروج الرئيس مبارك في الفترة المقبلة وفي حال امتنع أتباعه عن محاولة التمسك بدكتاتورية العسكر فان من المرجح الانتقال السريع الى الديمقراطية التي ستنجب مجموعة كبيرة من الأحزاب يمكن ان تتحالف مع عدد قليل في السلطة لتشكيل ائتلاف حاكم.
ولاشك ان جماعة الاخوان المسلمين ستكون أحد اللاعبين الكبار، ولكنها ستخوض معركة للتنافس على الأصوات. وحسب مايقوله بوضوح المتحدثون باسم الاخوان المسلمين المحبطين الآن، فان منظمتهم ستكون لديها ثمة أشياء تقوم بها أفضل من الهتاف والتغني بأن «ان الاسلام لديه كل الأجوبة» وهو الرد الجاهز والسهل لدى الذين يدركون أنهم لا يملكون القدرة على التنافس على السلطة.
ولعل ما يرجح أن نراه في مصر لن يكون تكرارا لما حصل في ايران حيث استولى الأصوليين على السلطة بلا منازع ولكنه سيكون تكرارا لمثل العراق حيث بدأت الاحزاب الدينية السنية بداية موفقة ولكنها أخذت تتلاشى وتنقسم وتتطور حيث من المعروف عن الأحزاب السنية انها تسمح لغير المتدينين من اي لون بالقفز الى المقدمة. واذا كان من الممكن حشد الاخوان في اطار نظام ديموقراطي، فقد يكون الأثر العام لذلك كبيرا جدا.
وفي مصر لدينا فرصة لنتواجه مع الحظ. فالديمقراطية هناك، مثل الديمقراطية في ايران، يمكنها ان تكون مناهضة للأيديولوجيات،وهناك خشية من أن تدفع ببلدان فقيرة لانفاق ثروات طائلة على انتاج الأسلحة النووية. والولايات المتحدة ليست فاقدة النفوذ. وفي وسعنا الدفع بجد من أجل الوصول سريعا الى مرحلة انتقالية تؤدي الى حكم ديموقراطي. ومن المعروف تاريخيا ان الجيش المصري ليس صديقا للديموقراطية أو للحريات المدنية، ولكنه الآن يعتمد على الأموال الأميركية والأسلحة المتطورة منها. واذا ما استمر الجيش في مساندة الرئيس مبارك,اذا أخذ المصريون يموتون بأعداد كبيرة، فان من واجب واشنطن ألا تتردد في القيام بدور بارز.
كذلك ينبغي ألا تترك الانتخابات تمتد لفترة انتقالية طويلة من الديمقراطية غير المعروفة الملامح، يمكن ان يتاح خلالها للسيد مبارك أو أتباعه اجهاض هذه الديمقراطية. ان مصر في حاجة الى انتخابات عاجلا وليس آجلا. ولدى الرئيس أوباما قدرة أكبر من أي رئيس سبقه على الاقناع للقول: «نحن لسنا خائفين من تصويت المسلمين». وبذلك فانه سيتمكن من وضع حد للعادة الغربية الضارة والمتمثلة في ابداء الاحترام للطغاة المستبدين في الشرق الأوسط بينما يتعاملون مع المواطنين المسلمين وكأنهم من الأطفال.
قرار الرئيس جورج بوش لبناء الديمقراطية في العراق يبدو محاولة عرجاء للكثيرين في أحسن الأحوال،شكل مثالا آخر على سعي الادارة الأميركية الطوباوية لكي تعيث في الأرض فسادا، بمعنى انها أرادت أن تغرس بالقوة فكرة غربية معقدة في تربة غير مناسبة. لكن الرئيس بوش الذي يعكس ايمانه في الحكم الذاتي جوانب من مؤلف توكفيل بعنوان «الديمقراطية في أميركا» رأى الحقائق الدنيوية التي تغيب عن غير المتدينين، أي تحول فكرة الديمقراطية الى قوة فعالة بين المسلمين بينما أصبح التسلط أداة للتطرف الاسلاموي. وكانت احدى أهم قصص نهاية القرن العشرين هي حكاية الاختراق الهائل للأفكار السياسية الغربية حكاية الديمقراطية والحرية الفردية واستقرارها في الوعي الاسلامي. وبالنسبة للذين يتكلمون الفارسية ويقرأونها، كان من السهل ملاحظة هذا التطور المذهل. فالفكرالثيوقراطي في مقابل الديمقراطية كان هو الموضوع الأهم للجمهورية الاسلامية في ايران منذ قيام الثورة، للتعبير عن الكاريزما الدينية لآية الله الخميني مع تطلعات المثقفين العلمانيين الديمقراطية. وهكذا فقد ترعرع على يد رجال الدين على مدى العقود الثلاثة الماضية، في ايران خطاب فكري متشدد مكثفة فيما يتعلق بواجباتهم أمام الله.
وعندما أخذت الشرعية الدينية بالتكشف في ظل النظام الايراني المتشدد في أواخر الثمانينيات، فان ذلك كان فرصة للأفكار الديمقراطية بما في ذلك التفسيرات الديمقراطية القوية، لتفجر هذه الأفكار. ووقع هذا الانفجار في شوارع طهران بعد الانتخابات الرئاسية «المزورة» في يونيو 2009 ليشكل المظهر الأكثر وضوحا للضغوط الديمقراطية الهائلة التي تراكمت تحت عباءة الاستبداد الجمهوري. وكان معناه ان أخطر اللحظات التي تهدد النظام آتية بلا شك.
أما المجتمعات العربية اليوم فأصبح الفصام ملحوظا على نحو متزايد نظرا لأنها الحراك الفكري فيها أقل حيوية من ايران، لكون أنظمتها أكثر فعالية في حسم النقاشات الداخلي. وقبل فترة طويلة من الاضطرابات في تونس ومصر كان المثقفون العرب الليبراليون والعلمانيون منقسمين. وباستثناء الشجعان منهم ولم يفروا من أوطانهم، فان الليبراليين الذين انضووا تحت جناح السلطة (مثقفي السلاطين) وتخاذلوا في مواجهة الحكام.
وحين علم هؤلاء بمصائر أمثالهم في ايران في الثمانينيات، فانهم رددوا بأمانة الشعارات المناهضة للاسلاميين «من بعدي ليأت الطوفان» كالتي رددها الأوتوقراطيون العرب في واشنطن كلما عبر الأميركيون عن رفضهم للطغيان. وبذلك ظلت الديمقراطية عندهم غاية منشودة مثالية، يمكن بلوغها العزيزة في ذات يوم بعد ان يفقد الاسلاميون جاذبيتهم والطغاة سلطاتهم. اما المثقفون العلمانيون في الغربة فقد احتضنوا بقوة أكبر قضية الديمقراطية في صحفهم وكتبهم ومجلاتهم ومواقعهم على الانترنت، كما تزايد ظهورهم على قناة «الجزيرة» للتحدث عن أوطانهم. فمثقفون مثل كنان مكية، ادوارد سعيد، سعد الدين ابراهيم وبرهان غليون أسهموا بتأليف جيد باغناء خطاب ليبرالي وديموقراطي، عبر المطبوعات الأجنبية والعربية. وبالفعل بعض هؤلاء مزجوا رسالتهم عن الحرية مع أهداف غيرها من الأولويات «العربية: كمعاداة الصهيونية والولايات المتحدة ومناهضة للامبريالية. ولكن دعمهم للديموقراطية بقي واضحا، وأصبح أكثر وضوحا بعد هجمات 9 / 11.
ليس غريبا ان تشدد وزارات الخارجية ووسائل الاعلام في الغرب من الاهتمام بالليبراليين العرب من المنضوين تحت أجنحة نظمهم. وقد ساعد الاشمئزاز من الحرب على العراق والنفور من الرئيس الأميركي بوش ساعد على الهاء المواطنين عن النضال فمن أجل نشر الأفكار الديمقراطية في المنطقة. أجل، ذلك أعماهم أيضا عن حقيقة أن الديمقراطية بين شعوب الشرق الأوسط، وليس الدكتاتورية، أصبحت ينظر اليها الآن كخيار أفضل لتحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
الأهم من ذلك فقد ساعدت رداءة ذوق الرئيس بوش المواطنين في الغرب وأعمتهم عن عدم التقاط فرص الاقدام على زواج تاريخي بين الاسلام والأفكار الديمقراطية ان الاسلام يشدد بصورة استثنائية على فكرة العدل مبدا المثل بالمثل أو الجزاء العادل الذي يتوقعه المؤمنون نتيجة أعمالهم الصالحة.
وقد كان هذا الشعور بالعدالة والذي عبر عنه في العام 2004 بقوة آية الله العظمى علي السيستاني في العراق كسبيل للنضال ضد الاحتلال الأميركي خوفا من ترك العراقيين التصويت، بلصقه على صناديق الاقتراع. لذلك أصبحت الديمقراطية عند المؤمنين وسيلة للمجتمع لتأكيده على القيم الاسلامية التي يحبها أكثر.
وفي الأيام الأخيرة تسبب التمرد الشعب المصري ضد الرئيس المصري حسني مبارك ونظامه ظهور كثيرمن التنبؤات الكارثية لدى الغرب قد تؤدي الى سيطرة لا يمكن وقفها لجماعة الاخوان المسلمين وهم سفينة النجاة للأصولية ويثيرون المخاوف. فقد انخرط كثير من الأعضاء البارزين منهم في التفجيرات الانتحارية ضد النساء والأطفال الاسرائيليين، كما تبنوا معاداة السامية وأكدوا على الحق بقتل أولئك الذين يتعرضون للنبي الكريم محمد.
لكن جماعة الاخوان المسلمين آخذة في التطور. وقد يكون من الخطأ الجسيم الاعتقاد بأنها لم تقاتل بصدق مع التحدي الديموقراطي مع فكرة أن المؤمنين المصريين يحبذون التصويت لقادتهم. في عام 2007، أعلن أعضاء من الاخوان انسحابهم ومن ثم عادوا تشكيل برنامجهم السياسي، بشكل غير رسمي «ولأول مرة كتنظيم» بحيث يمكن لمن هم في خارجه الاطلاع على نضال الاخوان الفلسفي مع فكرة السيادة البرلمانية. والأخوان أنفسهم لا يعرفون الى أي حد يمكن ان يطلقوا العنان لمواطنيهم بما يدل على أنهم، مثل الآخرين غيرهم، يتحركون في آفاق مجهولة. والاخوان يحاولون التصالح مع فكرة الحرية. في الماضي كانت الحرية للمسلم الورع تعني حرية المؤمن في العبادة. ولكن الحرية بالنسبة للقومية العربية فهي صيحة الحرب ضد الامبريالية الاوروبية. وفي مصر اليوم كما في دول أخرى لا يمكن أن تفهم الحرية بمعنى غير حرية الرجال والنساء وحقهم في التصويت. ويبذل الاخوان محاولة لمعرفة كيفية الدمج بين ثقافتين، ما يمكنهم بالتالي من احياء ثقافة خاصة بهم. ومع ان هذا التوجه ليس مستحسنا، لكنه واقع حقيقي.
والاخوان المسلمون ليسوا لغزا للشعب المصري، لأن تنظيمهم موجود منذ عام 1928. وخلافا لرجال الثورة في ايران الذين كتبوا مؤلفات لم يقرأها أحد تقريبا خارج اطار المؤسسة الدينية فقد انتشرت أفكار الاخوان بين الجمهور المصري طوال عقود من الزمن.
ومن المهم أيضا الاشارة الى ان السنة يشكلون أكثرية ساحقة من المسلمين في مصر. وعلى عكس الشيعة في ايران الذين يتحلقون حول قيادات معروفين بشخصيتهم الكاريزمية فان المصريين ليس لديهم شخص مثل آية الله الخميني. فجماعة الاخوان المسلمين تنظيم يضم مواطنين عاديين وكانوا دائما على علاقة متوترة مع الأزهر والمعاهد الدينية السنية الكبرى في القاهرة.
وعلى الرغم من أن حسني مبارك قد بذل قصارى جهده لامتصاص مياه الحياة من المجتمع المصري فان ظلال الأحزاب التي عرفت مجدا كبيرا لها في مصر ذات يوم، كحزب الوفد في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وكذلك القوى الأخرى كالحزب الدستوري الليبرالي، تسعى لاعادة تنظيم نفسها في زمن قصير. ومن هنا ولد حزب الغد الليبرالي بزعامة أيمن نور.
وبعد خروج الرئيس مبارك في الفترة المقبلة وفي حال امتنع أتباعه عن محاولة التمسك بدكتاتورية العسكر فان من المرجح الانتقال السريع الى الديمقراطية التي ستنجب مجموعة كبيرة من الأحزاب يمكن ان تتحالف مع عدد قليل في السلطة لتشكيل ائتلاف حاكم.
ولاشك ان جماعة الاخوان المسلمين ستكون أحد اللاعبين الكبار، ولكنها ستخوض معركة للتنافس على الأصوات. وحسب مايقوله بوضوح المتحدثون باسم الاخوان المسلمين المحبطين الآن، فان منظمتهم ستكون لديها ثمة أشياء تقوم بها أفضل من الهتاف والتغني بأن «ان الاسلام لديه كل الأجوبة» وهو الرد الجاهز والسهل لدى الذين يدركون أنهم لا يملكون القدرة على التنافس على السلطة.
ولعل ما يرجح أن نراه في مصر لن يكون تكرارا لما حصل في ايران حيث استولى الأصوليين على السلطة بلا منازع ولكنه سيكون تكرارا لمثل العراق حيث بدأت الاحزاب الدينية السنية بداية موفقة ولكنها أخذت تتلاشى وتنقسم وتتطور حيث من المعروف عن الأحزاب السنية انها تسمح لغير المتدينين من اي لون بالقفز الى المقدمة. واذا كان من الممكن حشد الاخوان في اطار نظام ديموقراطي، فقد يكون الأثر العام لذلك كبيرا جدا.
وفي مصر لدينا فرصة لنتواجه مع الحظ. فالديمقراطية هناك، مثل الديمقراطية في ايران، يمكنها ان تكون مناهضة للأيديولوجيات،وهناك خشية من أن تدفع ببلدان فقيرة لانفاق ثروات طائلة على انتاج الأسلحة النووية. والولايات المتحدة ليست فاقدة النفوذ. وفي وسعنا الدفع بجد من أجل الوصول سريعا الى مرحلة انتقالية تؤدي الى حكم ديموقراطي. ومن المعروف تاريخيا ان الجيش المصري ليس صديقا للديموقراطية أو للحريات المدنية، ولكنه الآن يعتمد على الأموال الأميركية والأسلحة المتطورة منها. واذا ما استمر الجيش في مساندة الرئيس مبارك,اذا أخذ المصريون يموتون بأعداد كبيرة، فان من واجب واشنطن ألا تتردد في القيام بدور بارز.
كذلك ينبغي ألا تترك الانتخابات تمتد لفترة انتقالية طويلة من الديمقراطية غير المعروفة الملامح، يمكن ان يتاح خلالها للسيد مبارك أو أتباعه اجهاض هذه الديمقراطية. ان مصر في حاجة الى انتخابات عاجلا وليس آجلا. ولدى الرئيس أوباما قدرة أكبر من أي رئيس سبقه على الاقناع للقول: «نحن لسنا خائفين من تصويت المسلمين». وبذلك فانه سيتمكن من وضع حد للعادة الغربية الضارة والمتمثلة في ابداء الاحترام للطغاة المستبدين في الشرق الأوسط بينما يتعاملون مع المواطنين المسلمين وكأنهم من الأطفال.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
مواضيع مماثلة
» راه كل عقدعندها حلال
» هل يوجد اليوم حلال صاف ؟
» حلال على زوجتك حرام على اختك...........
» هل البناء فوق القبر حلال أو حرام ؟
» "فيسبوك حلال" ينطلق في رمضان المقبل
» هل يوجد اليوم حلال صاف ؟
» حلال على زوجتك حرام على اختك...........
» هل البناء فوق القبر حلال أو حرام ؟
» "فيسبوك حلال" ينطلق في رمضان المقبل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» الإكوادور وجهة مثالية لقضاء العطلات وسط المناظر الطبيعية
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» سر ارتفاع دواسة الفرامل عن دواسة البنزين في السيارة
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» ما ميزات شبكات "Wi-Fi 8" المنتظرة؟
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» رد فعل صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
اليوم في 8:04 am من طرف STAR
» هل تعاني من الأرق؟ طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الكبة المشوية على الطريقة الأصلية
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:00 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR