الفاتيكان يذكّر الموارنة بمسؤولياتهم التاريخية

فيما تجري الاستعدادات لانتخاب بطريرك جديد للموارنة خلفاً لنصر الله صفير، ينشط بعض المطارنة لتأجيل الموعد لحسابات انتخابية، لكن الفاتيكان يصر على الموعد، 8 آذار المقبل. وقد كشف عن تحضير الكرسي الرسولي لإرشاد رسولي جديد لا يوضع كسابقه في الجارور

غسان سعود



علمت «الأخبار» من مصدر موثوق في وزارة الخارجية أن عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري سيزور لبنان في 4 آذار المقبل. وبحسب المعلومات القليلة المتوافرة عن هذه الزيارة، التي تأتي بعد الاحتفالات الفاتيكانية باختتام اليوبيل 1600 لوفاة القديس مار مارون، فإنها ستستمر أياماً عدة، وهدفها الإشراف المباشر على انتخاب مجلس المطارنة للبطريرك الجديد في 8 آذار المقبل. وهو الموعد الذي حدّده الكرسي الرسولي لانتخاب البطريرك الجديد، بعد قبوله استقالة البطريرك نصر الله صفير. ويبدو أن الفاتيكان يتمسّك بهذا الموعد رغم إصرار بعض المطارنة على تأجيل انتخاب البطريرك الجديد ريثما يستكملون استعداداتهم الانتخابية، مع العلم بأن الفاتيكان حريص جداً على أن يُنهي البطريرك نصر الله صفير عهده مكرّماً ومعزّزاً، وبالتالي سيعلن الكرسي الرسولي قبوله الاستقالة في ظل طقوس تكريمية للبطريرك الذاهب إلى التقاعد، مع العلم بأن الكاردينال ساندري كان قد شارك على هامش سينودس أساقفة الشرق في الاجتماع الشهير في 20 تشرين الأول الماضي، حين أبلغ ساندري وأمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال برتوني البطريرك بضرورة الاستقالة.

وفي انتظار تسليم صفير «مجد لبنان» لخلفه، ترأس ساندري يوم الأربعاء الماضي القداس الاحتفالي في رعية مار مارون في روما، ورسم في عظته خريطة طريق يمكن التوقف عند أربع نقاط أساسية وردت فيها:

أولاً، الإشارة إلى «الرعشة العاطفية» التي شعر بها خلال صلاته بين آثار المعابد التاريخية وأمام الذكرى التاريخية لشهادة القديس مارون في منطقة براد الحلبية، متذكراً صَلاته هناك من أجل الكنيسة المارونية وأبيها ورأسها الكاردينال صفير «الذي أتوجّه إليه بتحية من القلب»، مع الأخذ في الاعتبار أن صفير يتجنّب التطرّق إلى أهمية براد بالنسبة إلى الكنيسة المارونية. وقد حاولت بعض المصادر الكنسية المقرّبة من البطريرك التشكيك في حقيقة الآثار المارونية الموجودة في براد.

ثانياً، الكشف عن إعداد الكرسي الرسولي لإرشاد رسوليّ جديد يعطي فيه البابا التوجيهات للبنانيين، مع العلم بأن ساندري كان شريكاً أساسياً في إعداد الإرشاد الرسولي السابق، الذي يحمّل بعض المسؤولين في الفاتيكان القيادة الكنسية الحالية المسؤولية عن وضعه في الجارور، وبالتالي ذهاب جهد إعداده، الذي توّج بزيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى لبنان، سدى.

ثالثاً، تذكيره الموارنة بضرورة أن يكونوا «قلباً واحداً وروحاً واحدة»، واعتباره أن «الوحدة بين الرعاة، ومن ثم بين الرعاة والمؤمنين، ضرورية لدعم «اتساق السلوك الأخلاقي وانتعاش وطن الأرز النبيل روحياً». ورأى ساندري أن المطلوب من الموارنة السهر «لحماية كرامة الشخص البشري وحريته وضميره، وحرية دينه». وفي إشارة غريبة، رأى ساندري أن جميع الموارنة الذين سيشاركون في وضع تمثال القديس مارون خارج البازيليك الفاتيكانية في 23 شباط، سيشعرون ـــــ ومن دون أيّ تمييز ـــــ أنهم مع الأب الأقدس في قلب الكنيسة الكاثوليكية. وبحسب ساندري، سيوصي البابا الموارنة بأن يكونوا أبناء «الوحدة والتضامن والسلام في لبنان». وتشير بعض المعلومات إلى استياء فاتيكاني كبير من التقارير التي تصله من مطارنة «يُفسّدون» لديه بعضهم على بعض بهدف إطاحة بعضهم جهود بعض. وبحسب أحد المطّلعين، فإن الكرسي الرسولي ينظر بسلبية كبيرة إلى كل من يعدّ تقارير كهذه، علماً بأن الخشية الفاتيكانية من تفجّر الصراع بين المطارنة الطامحين إلى رئاسة الكنيسة المارونية دفعت الكرسي الرسولي إلى تأجيل قبول استقالة صفير، وتحديد موعد لانتخاب البطريرك الجديد، حتى اللحظة الأخيرة.

رابعاً، لفت الموارنة إلى «مسؤوليتهم التاريخية في الحفاظ على المسيحية في الشرق»، ما يوجب عليهم أن «يكونوا بذرة خصبة من التعاون بين الأديان والثقافات، ضمن احترام حقوق الجميع وواجباتهم، ومن دون أيّ تمييز»، وأن يكونوا دائماً «وسطاء سلام وحضارة»، في ظل معلومات عن انهماك فاتيكاني كبير بهذه النقطة التي يفترض أن تكون عنوان المرحلة المقبلة بالنسبة إلى البطريرك الجديد

مشكور.. للتغطية الرائعة..