إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
سوسة تاريخ وأحداث وذكريات ...
+2
STAR
زهرة اللوتس
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
سوسة تاريخ وأحداث وذكريات ...
سوسة..تاريخ وأحداث وذكريات
الكاتب:د. إدريس فضيل
سوسة قرية قديمة تجلس في حضن الجبل وتغسل قدميها في شاطئ البحر ، وآثارها اليونانية واضحة مثل حمام كيليوباترا ، ومعالم أخرى ، ويزعمون أن الزيت كان يعصر في شحات ويصب في ساقية يجري فيها حتى سوسة، حيث يصدٌر إلى الخارج ، فإن صحت الرواية فإنها تعني المكانة الاقتصادية الكبيرة للقرية ، ومن آثارها دار أحضر إليها عمر المختار حيث قضى فيها ليلة رحٌل بعدها إلى بنغازي بحراً ، وفيها سوق قديم دكاكينه عتيقة
في عهد الطليان كانت عاصمة الإقليم لمؤهلاتها البحرية والتجارية والإدارية ، فهي قريبة من البحر وميناؤها صالح للاستيراد وموقعها متوسط في الجبل ، كانت عاصمة الطليان قبل صعودهم إلى شحات فأنشأوا بها مدرسة وميناء ومطارا ومتصرفية وقيادة ، وأخذ الناس يهاجرون إليها التماساً للرزق لنشاطها التجاري ، وتبدو في ذلك العهد أكثر ازدحاما وتجارة منها اليوم ، ولكن ظروف الحرب اقتضت تقدم الحكومة إلى الأمام ، وصعودها إلى شحات للتحكم في الجبل وإدارة الحرب بيسر .
من مميزاتها مجموعة القريت، وهم قوم لهم حياتهم الاقتصادية والاجتماعية ، ولهم لهجتهم إلى جوار العربية ، يتعلمون ولكنهم لا يهتمون بالوظائف الحكومية ، ويفضلون الأعمال الحرة وحين أكمل إسماعيل جملي تعليمه في الجامعة واشتغل بالدولة كان أمراً غير معتاد .
في عهد الطليان كانت عمتي قد رحلت مع زوجها من البيضاء لتسكن سوسة ، فسكنت حقفة في الفلترو ، ومات الجميع قبل أن يدلونا عليها ، كان زوجها بناء واشتغلت هي بالخياطة وغسل الملابس ، وكان معها أخواها الكبير يعمل والصغير يدرس ، وكان عمي كثيراً ما يقص سيرة دراسته هناك مع طلاب منهم حسين مازق .
كان أبي هابطا إلى سوسة في سيارة نقل ، قد حملت فوق عبوتها من العمال القادمين من القيقب للعيد مع أهلهم ، فانقلبت السيارة في منحدرات العقبة ، ووقع العمال كلهم فوق أبي فصار في حالة حرجة ، حيث سقطت أربعة أضلاع من قفصه الصدري إلى الداخل ، فكان إذا تنفس ارتفع جلد صدره أمامه ، فحمل إلى القرية مغمىً عليه ، فلما وقفت عليه ابنة عمه صرخت صرخة واحدة خرجت معها روحها ،أمٌا هو فقد عولج في مستشفى سوسة ، حيث وقضى تسعين يوماً ملقىً على ظهره ، بينما على صدره دائماً أكياس من الثلج ، خرج بعدها معافى ، ونتمنى أن نعثر على آثار ذلك المستشفى .
أفراد وحكايات في القديم :
كانت عمتي تقص علينا حكايات عن أفراد منهم : ابريمة الأسود المشقوق الشفتين، كان يأكل بلوز الكرموس فتنتفخ شفتاه الغليظتان فلا تجتمعان ، وكان يبيع الكرموس ويبرح عليه فيقول : كرموس نزٌط نارا نارا ، كوموس موش نزط نارتين نارتين.
وتزعم الرواية أن بريمة هذا كان صالحا حتى إن جماعة سافروا للحج فقابلوه على عرفات مع أنه لم يغادر سوسة .
ومنها شخصية الشيخ بالقاسم الغرياني الإمام والقاضي ، وتذكر أنه كان مرحا وصالحا وتروي قصته مع موسى الغماري وسيدي بلقاسم الحمري وكيف كان يزورهم ويشغل نفسه دائما بالقرآن وأساء الله الحسنى ليحفظها ، وكيف أنه مرٌض أمه المريضة بالطاعون سراً ودفنها سراً ، خوفاً من أن يحرقها الطليان تفادياً لانتشار العدوى .
ومن أروعها قصة السيدة المتصوفة، التي كانت تصوم ثلاثة أشهر متتابعات وهي السيدة رابعة ، وكانت مفرطة السمنة منهومة بحب الطعام ، فحين يحل الفطر كل يوم تعد لها مائدة ضخمة ، عليها مالا يحصى من ألوان الأطعمة والفواكه والحلويٌات ، فتظل تأكل كلٌ ساعات الليل حتى تأتي عليها كلها مع أذان الفجر .
وحول سوسة جرت أحداث معركة بطومة المشهورة في تارخ الجهاد، حين هاجم المحافظية القرية ، فتصدٌى لهم الطليان بقوات كبيرة فقتل في المعركة كثيرون .
وحادثة أخرى طريفة، حيث عثر رجل يدعى بوجارالله ـ وكان حارساً للشاطئ ـ على خزنة من العملة الذهبية ، كانت قد سقطت بها طائرة على الشاطئ في الحرب الثانية ، وقد أثارت الحادثة فضول كثير من الناس وتساؤلاتهم ، وفي القصة جوانب مجهولة حتى الآن .
في عهد الاستقلال أنشئت بها مدرسة ثانوية داخلية، تقاطرت عليها وفود الطلاب من جهات برقة ، فلعبت دوراً في خدمة الثقافة والتعليم وتخريج قياديين للدولة ، وكان ذلك بفضل الله واهتمام الدولة ، ثم بفضل طائفة من الرجال الأكفاء الذين نجحوا في إدارة المدرسة ومنهم سالم سلطان ومحمد الهنيد ومحمد بوفروة المشرف الشهير، ومجموعة من المعلمين القديرين ، ومنهم واحد خلٌد سوسة بقصيدة شهيرة أولها :
أرأيت سوسة والأصيل يلفٌها في حلة نسجت من الأضواء ؟
أمٌا أنا فلقد أخذت بسحرها لمٌا وقفت هناك ذات مساء
البحر يبدو من أمامي موغلاً في الأفق والجبل الأشم ورائي
كل تلك الأحداث والمعلومات ، جعلت لسوسة في نفسي مكانة وقداسة قبل أن أراها ، ولكن السفر إلى سوسة لم يكن يخلو من مشقاتً لقلة المواصلات ، ولذلك لم أرها إلا متأخرا ، حين قدمت إليها مع طلاب المعهد الديني ، لمباراة تقام هناك مع طلاب المدرسة ، ثم أقمت فيها شهرين حين كلفنا بإنشاء معسكر العمل التطوعي والإشراف عليه ، وكانت لنا ذكريات وأحداث ، وكانت سوسة تتكون من شارع واحد ومبانيها قديمة ، وفيها مسجد واحد صغير عتيق .
معسكر العمل التطوعي 1968م
رشحت مجموعة من الشباب للتدريب على قيادة معسكرات العمل التطوعي ، منهم عبد العاطي خنفر وبشير امبارك وادريس فضيل وفتحي بو غزيل وفتحي كلاي ، وعاشور الشويهدي وادريس الشاظوف ، وألحق بهم إبراهيم الأشيكع وعبد الله بو سلوم ـ من قادة الكشافة ـ فسافر الأولون لحضور معسكر إعداد في غابة جود دايم بطرابلس ، ثم رجعوا ليتولوا قيادة معسكر البيضاء الذي تقرر إقامته في قرية سوسة ، بقيادة الأشيكع ، والتحق بالمعسكر شباب كثيرون من القرى المجاورة كالفائدية وشحات ومسة وغيرها .
وكان من حوادث المعسكر : أن بشير امبارك أخذ يطارد ثعباناً أسود ، حتى يقبض عليه فيعضه حتى يسيل دمه ، ولكن بشير يحبسه ثم يحنطه في علبة زجاج فازٌو ، ويتخذه للعرض
وفي تلك الفترة جاءنا الأستاذ سليمان البيرة ، وكان حينذاك موظفاً بمكتب شيخ الجامعة، ولكنه كان يوطد مركزه ، ويبحث لنفسه عن اسم وشهرة ، فكان يركب كل موجة يتوسم فيها أن تحمله إلى مقصده ، جاءنا محاضراً باسم شيخ الجامعة هكذا قال ، ولم يكن شيخ الجامعة مكلفاً بالمحاضرة لنا ، ولكن الأستاذ رأى اهتمام الدولة بهذا الاتجاه فأحب ألاٌ تفوته الموجة ، فطاف على المعسكرات في مرتوبة وسوسة وبنغازي يعرٌف بنفسه ويحاضر فيها .
وحدث أن زارت المعسكر طائفة من فتيات معسكر طرابلس ، فاستقبلن في سوسة بالحفاوة والترحاب ، وكلٌفت بالتحدٌث إليهن ، فثارت مجموعة من شباب الفائدية يحتجون على كلامي ، غيرة من موقفي ، ويطالبون بعزلي ، وربما كانوا على حق ، فكانت مشكلة صعبت معالجتها في حينها .
وكان إدريس الشاظوف يتولى قيادة التموين ، فكان يغادر كل صباح إلى البيضاء لإحضار المواد الغذائية طوال مدة المعسكر . وكان فتحي بو غزيل سريره يلاصق سريري فكان يحكي كل الوقت . فكان المعسكر فرصة وطدت العلاقة بيننا .
ذات ليلة فجأة زارنا رئيس الوزارة عبد الحميد البكوش ، فأقمنا له حفلة غنائية وتمثيلية ، وأظننا كنا موفقين فيها رغم عنصر المفاجأة .
وكان الذي خطط لنا الملاعب ، وأشرف على بعض الأنشطة الرياضية في المعسكر هو الأستاذ إبراهيم سليمان احتيرة ، وهو من رجال التعليم فاضل دمث الأخلاق .
وحضر إلينا في المعسكر مدرب رفع الأثقال في البيضاء ـ وأظن أنه من عيت الجهاني من بنغازي ـ بصحبة مجموعة من الرباعين الذين يدربهم ، فأقاموا لنا حفلة لرفع الأثقال ، شاركت فيها مجموعة من الهواة والمتدربين ، فكانت ناجحة ، ورفع المدرب نفسه أكثر من قنطار وربع . وأذكر أنه في تلك الليلة عند المغرب وبينما كنا نجهز للحفل جاءني عمي عبد السلام طاهر رحمه الله ، وكانت بيني وبينه مودة ، وأصر على أن يصطحبني لأتعشى معه عند بعض معارفه في سوسة ، فاعتذرت ولكنه أبى إلا أن أذهب معه ، فذهبت وأنا حزين لترك الحفل .
وتركز نشاطنا في القرية على تنظيفها ، وطلاء مبانيها وصيانة بعضها ، وإثارة حركة ثقافية واجتماعية في سكانها ، وقد تحقق شيء من تلك الأهداف في حدود ما أتيح للمعسكر من إمكانيات ، وأهم من ذلك أننا بنينا جسراً من المودة بيننا وبين الأفاضل من السكان .
وهناك حادثة حزينة لم تبرح خيالي منذ لحظة وقوعها ، فقد حدث أن أحد شباب القريت ويدعى زفير كان في رحلة إلى مصر فوقع له حادث فى عقبة السلوم توفي على أثره ، وسرت موجة من الحزن والألم في القرية عقب وصول النبإ ، وأذكر أن المعسكر بكامله خرج لتشييع جنازة الشاب ، وجئنا نحمل النعش ، وفي مدخل المقبرة وجدنا رجلاً عجوزاً واقفاً ، فتقدٌم ووضع يده على النعش وهوينوح بصوت يقطع نياط القلوب ، و يردد كلمات بلغتهم غير مفهومة، وينهيها بصياح : يا زفيري يا زفيري .
وفي الثمانينيات كلفت مفتشاً للتعليم وكانت سوسة ضمن خطتي ، فتعرفت على مجموعة من رجال التعليم الأفاضل ، وكان لقائي بهم مصدر سعادة لي ، ومنهم الأساتذة فضل الله عبد الصالح وفرج بو امدللة وعيسى النيهوم .
وقيل إن جامعة بنغازي كان مخططاً لها أصلاً أن يكون مقرها قرية سوسة ، كما أن العهد الجديد خطط سوسة لتكون مدينة علمية عالمية متكاملة ، ولكن المشروع تعطل وربما يعاد تجديده . وسوسة ما تزال تتسم بمؤهلات تجعل منها مدينة علمية واقتصادية ، منها موقعها وتوسطها للجبل وطيب هوائها ، ويقال إن عمارها واستعادتها لمكانتها ، مرهون بإتمام الطريق الساحلي الذي يربطها ببنغازي ودرنة . ومن أهم معالمها اليوم الفندق الجديد والمصيف العائلي ومحطة التحلية
الكاتب:د. إدريس فضيل
سوسة قرية قديمة تجلس في حضن الجبل وتغسل قدميها في شاطئ البحر ، وآثارها اليونانية واضحة مثل حمام كيليوباترا ، ومعالم أخرى ، ويزعمون أن الزيت كان يعصر في شحات ويصب في ساقية يجري فيها حتى سوسة، حيث يصدٌر إلى الخارج ، فإن صحت الرواية فإنها تعني المكانة الاقتصادية الكبيرة للقرية ، ومن آثارها دار أحضر إليها عمر المختار حيث قضى فيها ليلة رحٌل بعدها إلى بنغازي بحراً ، وفيها سوق قديم دكاكينه عتيقة
في عهد الطليان كانت عاصمة الإقليم لمؤهلاتها البحرية والتجارية والإدارية ، فهي قريبة من البحر وميناؤها صالح للاستيراد وموقعها متوسط في الجبل ، كانت عاصمة الطليان قبل صعودهم إلى شحات فأنشأوا بها مدرسة وميناء ومطارا ومتصرفية وقيادة ، وأخذ الناس يهاجرون إليها التماساً للرزق لنشاطها التجاري ، وتبدو في ذلك العهد أكثر ازدحاما وتجارة منها اليوم ، ولكن ظروف الحرب اقتضت تقدم الحكومة إلى الأمام ، وصعودها إلى شحات للتحكم في الجبل وإدارة الحرب بيسر .
من مميزاتها مجموعة القريت، وهم قوم لهم حياتهم الاقتصادية والاجتماعية ، ولهم لهجتهم إلى جوار العربية ، يتعلمون ولكنهم لا يهتمون بالوظائف الحكومية ، ويفضلون الأعمال الحرة وحين أكمل إسماعيل جملي تعليمه في الجامعة واشتغل بالدولة كان أمراً غير معتاد .
في عهد الطليان كانت عمتي قد رحلت مع زوجها من البيضاء لتسكن سوسة ، فسكنت حقفة في الفلترو ، ومات الجميع قبل أن يدلونا عليها ، كان زوجها بناء واشتغلت هي بالخياطة وغسل الملابس ، وكان معها أخواها الكبير يعمل والصغير يدرس ، وكان عمي كثيراً ما يقص سيرة دراسته هناك مع طلاب منهم حسين مازق .
كان أبي هابطا إلى سوسة في سيارة نقل ، قد حملت فوق عبوتها من العمال القادمين من القيقب للعيد مع أهلهم ، فانقلبت السيارة في منحدرات العقبة ، ووقع العمال كلهم فوق أبي فصار في حالة حرجة ، حيث سقطت أربعة أضلاع من قفصه الصدري إلى الداخل ، فكان إذا تنفس ارتفع جلد صدره أمامه ، فحمل إلى القرية مغمىً عليه ، فلما وقفت عليه ابنة عمه صرخت صرخة واحدة خرجت معها روحها ،أمٌا هو فقد عولج في مستشفى سوسة ، حيث وقضى تسعين يوماً ملقىً على ظهره ، بينما على صدره دائماً أكياس من الثلج ، خرج بعدها معافى ، ونتمنى أن نعثر على آثار ذلك المستشفى .
أفراد وحكايات في القديم :
كانت عمتي تقص علينا حكايات عن أفراد منهم : ابريمة الأسود المشقوق الشفتين، كان يأكل بلوز الكرموس فتنتفخ شفتاه الغليظتان فلا تجتمعان ، وكان يبيع الكرموس ويبرح عليه فيقول : كرموس نزٌط نارا نارا ، كوموس موش نزط نارتين نارتين.
وتزعم الرواية أن بريمة هذا كان صالحا حتى إن جماعة سافروا للحج فقابلوه على عرفات مع أنه لم يغادر سوسة .
ومنها شخصية الشيخ بالقاسم الغرياني الإمام والقاضي ، وتذكر أنه كان مرحا وصالحا وتروي قصته مع موسى الغماري وسيدي بلقاسم الحمري وكيف كان يزورهم ويشغل نفسه دائما بالقرآن وأساء الله الحسنى ليحفظها ، وكيف أنه مرٌض أمه المريضة بالطاعون سراً ودفنها سراً ، خوفاً من أن يحرقها الطليان تفادياً لانتشار العدوى .
ومن أروعها قصة السيدة المتصوفة، التي كانت تصوم ثلاثة أشهر متتابعات وهي السيدة رابعة ، وكانت مفرطة السمنة منهومة بحب الطعام ، فحين يحل الفطر كل يوم تعد لها مائدة ضخمة ، عليها مالا يحصى من ألوان الأطعمة والفواكه والحلويٌات ، فتظل تأكل كلٌ ساعات الليل حتى تأتي عليها كلها مع أذان الفجر .
وحول سوسة جرت أحداث معركة بطومة المشهورة في تارخ الجهاد، حين هاجم المحافظية القرية ، فتصدٌى لهم الطليان بقوات كبيرة فقتل في المعركة كثيرون .
وحادثة أخرى طريفة، حيث عثر رجل يدعى بوجارالله ـ وكان حارساً للشاطئ ـ على خزنة من العملة الذهبية ، كانت قد سقطت بها طائرة على الشاطئ في الحرب الثانية ، وقد أثارت الحادثة فضول كثير من الناس وتساؤلاتهم ، وفي القصة جوانب مجهولة حتى الآن .
في عهد الاستقلال أنشئت بها مدرسة ثانوية داخلية، تقاطرت عليها وفود الطلاب من جهات برقة ، فلعبت دوراً في خدمة الثقافة والتعليم وتخريج قياديين للدولة ، وكان ذلك بفضل الله واهتمام الدولة ، ثم بفضل طائفة من الرجال الأكفاء الذين نجحوا في إدارة المدرسة ومنهم سالم سلطان ومحمد الهنيد ومحمد بوفروة المشرف الشهير، ومجموعة من المعلمين القديرين ، ومنهم واحد خلٌد سوسة بقصيدة شهيرة أولها :
أرأيت سوسة والأصيل يلفٌها في حلة نسجت من الأضواء ؟
أمٌا أنا فلقد أخذت بسحرها لمٌا وقفت هناك ذات مساء
البحر يبدو من أمامي موغلاً في الأفق والجبل الأشم ورائي
كل تلك الأحداث والمعلومات ، جعلت لسوسة في نفسي مكانة وقداسة قبل أن أراها ، ولكن السفر إلى سوسة لم يكن يخلو من مشقاتً لقلة المواصلات ، ولذلك لم أرها إلا متأخرا ، حين قدمت إليها مع طلاب المعهد الديني ، لمباراة تقام هناك مع طلاب المدرسة ، ثم أقمت فيها شهرين حين كلفنا بإنشاء معسكر العمل التطوعي والإشراف عليه ، وكانت لنا ذكريات وأحداث ، وكانت سوسة تتكون من شارع واحد ومبانيها قديمة ، وفيها مسجد واحد صغير عتيق .
معسكر العمل التطوعي 1968م
رشحت مجموعة من الشباب للتدريب على قيادة معسكرات العمل التطوعي ، منهم عبد العاطي خنفر وبشير امبارك وادريس فضيل وفتحي بو غزيل وفتحي كلاي ، وعاشور الشويهدي وادريس الشاظوف ، وألحق بهم إبراهيم الأشيكع وعبد الله بو سلوم ـ من قادة الكشافة ـ فسافر الأولون لحضور معسكر إعداد في غابة جود دايم بطرابلس ، ثم رجعوا ليتولوا قيادة معسكر البيضاء الذي تقرر إقامته في قرية سوسة ، بقيادة الأشيكع ، والتحق بالمعسكر شباب كثيرون من القرى المجاورة كالفائدية وشحات ومسة وغيرها .
وكان من حوادث المعسكر : أن بشير امبارك أخذ يطارد ثعباناً أسود ، حتى يقبض عليه فيعضه حتى يسيل دمه ، ولكن بشير يحبسه ثم يحنطه في علبة زجاج فازٌو ، ويتخذه للعرض
وفي تلك الفترة جاءنا الأستاذ سليمان البيرة ، وكان حينذاك موظفاً بمكتب شيخ الجامعة، ولكنه كان يوطد مركزه ، ويبحث لنفسه عن اسم وشهرة ، فكان يركب كل موجة يتوسم فيها أن تحمله إلى مقصده ، جاءنا محاضراً باسم شيخ الجامعة هكذا قال ، ولم يكن شيخ الجامعة مكلفاً بالمحاضرة لنا ، ولكن الأستاذ رأى اهتمام الدولة بهذا الاتجاه فأحب ألاٌ تفوته الموجة ، فطاف على المعسكرات في مرتوبة وسوسة وبنغازي يعرٌف بنفسه ويحاضر فيها .
وحدث أن زارت المعسكر طائفة من فتيات معسكر طرابلس ، فاستقبلن في سوسة بالحفاوة والترحاب ، وكلٌفت بالتحدٌث إليهن ، فثارت مجموعة من شباب الفائدية يحتجون على كلامي ، غيرة من موقفي ، ويطالبون بعزلي ، وربما كانوا على حق ، فكانت مشكلة صعبت معالجتها في حينها .
وكان إدريس الشاظوف يتولى قيادة التموين ، فكان يغادر كل صباح إلى البيضاء لإحضار المواد الغذائية طوال مدة المعسكر . وكان فتحي بو غزيل سريره يلاصق سريري فكان يحكي كل الوقت . فكان المعسكر فرصة وطدت العلاقة بيننا .
ذات ليلة فجأة زارنا رئيس الوزارة عبد الحميد البكوش ، فأقمنا له حفلة غنائية وتمثيلية ، وأظننا كنا موفقين فيها رغم عنصر المفاجأة .
وكان الذي خطط لنا الملاعب ، وأشرف على بعض الأنشطة الرياضية في المعسكر هو الأستاذ إبراهيم سليمان احتيرة ، وهو من رجال التعليم فاضل دمث الأخلاق .
وحضر إلينا في المعسكر مدرب رفع الأثقال في البيضاء ـ وأظن أنه من عيت الجهاني من بنغازي ـ بصحبة مجموعة من الرباعين الذين يدربهم ، فأقاموا لنا حفلة لرفع الأثقال ، شاركت فيها مجموعة من الهواة والمتدربين ، فكانت ناجحة ، ورفع المدرب نفسه أكثر من قنطار وربع . وأذكر أنه في تلك الليلة عند المغرب وبينما كنا نجهز للحفل جاءني عمي عبد السلام طاهر رحمه الله ، وكانت بيني وبينه مودة ، وأصر على أن يصطحبني لأتعشى معه عند بعض معارفه في سوسة ، فاعتذرت ولكنه أبى إلا أن أذهب معه ، فذهبت وأنا حزين لترك الحفل .
وتركز نشاطنا في القرية على تنظيفها ، وطلاء مبانيها وصيانة بعضها ، وإثارة حركة ثقافية واجتماعية في سكانها ، وقد تحقق شيء من تلك الأهداف في حدود ما أتيح للمعسكر من إمكانيات ، وأهم من ذلك أننا بنينا جسراً من المودة بيننا وبين الأفاضل من السكان .
وهناك حادثة حزينة لم تبرح خيالي منذ لحظة وقوعها ، فقد حدث أن أحد شباب القريت ويدعى زفير كان في رحلة إلى مصر فوقع له حادث فى عقبة السلوم توفي على أثره ، وسرت موجة من الحزن والألم في القرية عقب وصول النبإ ، وأذكر أن المعسكر بكامله خرج لتشييع جنازة الشاب ، وجئنا نحمل النعش ، وفي مدخل المقبرة وجدنا رجلاً عجوزاً واقفاً ، فتقدٌم ووضع يده على النعش وهوينوح بصوت يقطع نياط القلوب ، و يردد كلمات بلغتهم غير مفهومة، وينهيها بصياح : يا زفيري يا زفيري .
وفي الثمانينيات كلفت مفتشاً للتعليم وكانت سوسة ضمن خطتي ، فتعرفت على مجموعة من رجال التعليم الأفاضل ، وكان لقائي بهم مصدر سعادة لي ، ومنهم الأساتذة فضل الله عبد الصالح وفرج بو امدللة وعيسى النيهوم .
وقيل إن جامعة بنغازي كان مخططاً لها أصلاً أن يكون مقرها قرية سوسة ، كما أن العهد الجديد خطط سوسة لتكون مدينة علمية عالمية متكاملة ، ولكن المشروع تعطل وربما يعاد تجديده . وسوسة ما تزال تتسم بمؤهلات تجعل منها مدينة علمية واقتصادية ، منها موقعها وتوسطها للجبل وطيب هوائها ، ويقال إن عمارها واستعادتها لمكانتها ، مرهون بإتمام الطريق الساحلي الذي يربطها ببنغازي ودرنة . ومن أهم معالمها اليوم الفندق الجديد والمصيف العائلي ومحطة التحلية
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
رد: سوسة تاريخ وأحداث وذكريات ...
شكراً وبارك الله فيك
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
رد: سوسة تاريخ وأحداث وذكريات ...
كل الشكرعلى هذه المشاركه
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
رد: سوسة تاريخ وأحداث وذكريات ...
شكرا لمروركم الكريم.وفقكم الله
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
رد: سوسة تاريخ وأحداث وذكريات ...
سوسه ما تغبى عن والى قريه تسوى كل مدينه ودك غير اتجيها جالى ماتنظر فيها تغبينه وطن سعادى وطن ارجالى عز الهايف والمسكينى
كوكه- عريف
-
عدد المشاركات : 84
العمر : 55
رقم العضوية : 3619
قوة التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 17/10/2010
رد: سوسة تاريخ وأحداث وذكريات ...
مشكورررررررة اختى بارك الله فيك
............
............
homeland- مشير
-
عدد المشاركات : 6396
العمر : 46
رقم العضوية : 6733
قوة التقييم : 37
تاريخ التسجيل : 22/09/2011
المرتجع حنتوش- مشرف قسم المنتدي العام
-
عدد المشاركات : 21264
العمر : 32
رقم العضوية : 121
قوة التقييم : 41
تاريخ التسجيل : 10/04/2009
مواضيع مماثلة
» مباراة على قمة العالم ايطالية برازيلية بلمسات وذكريات ميلانية
» نتيجة وأحداث مواجهة لقب الديفاز في الرسلمينيا 32
» نتيجة وأحداث مواجهة السلالم على لقب القارّات في الريسلمانيا 32
» نتيجة وأحداث مواجهة قفص الجحيم أندرتيكر ضد شي مكمان الرسلمينيا 32
» مدينة سوسة 1930
» نتيجة وأحداث مواجهة لقب الديفاز في الرسلمينيا 32
» نتيجة وأحداث مواجهة السلالم على لقب القارّات في الريسلمانيا 32
» نتيجة وأحداث مواجهة قفص الجحيم أندرتيكر ضد شي مكمان الرسلمينيا 32
» مدينة سوسة 1930
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» الإكوادور وجهة مثالية لقضاء العطلات وسط المناظر الطبيعية
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» سر ارتفاع دواسة الفرامل عن دواسة البنزين في السيارة
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» ما ميزات شبكات "Wi-Fi 8" المنتظرة؟
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» رد فعل صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
اليوم في 8:04 am من طرف STAR
» هل تعاني من الأرق؟ طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الكبة المشوية على الطريقة الأصلية
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:00 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR