إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
أنواع وطرق المؤاتمرات التأسيسة للدستور(مهم للقراءة)
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أنواع وطرق المؤاتمرات التأسيسة للدستور(مهم للقراءة)
أنواع وطرق المؤاتمرات التأسيسة للدستور
تعريفات
يعرف الدستور على أنه مجموعة القواعد التي تنظم تأسيس السلطة وانتقالها وممارستها، أي تلك التي تتعلق بالتنظيم السياسي». أو أنه «وثيقة أساسية أقرتها سلطة خاصة وفق إجراءات خاصة لتحديد وتنظيم شؤون الحكم وعلاقته مع المواطنين.
وهو أيضا القانون الاسمى بالبلاد وهو يحدد نظام الحكم في الدولة واختصاصات سلطاتها الثلاث وتلتزم بة كل القوانين الأدني مرتبة في الهرم التشريعي فالقانون يجب أن يكون متوخيا للقواعد الدستورية وكذلك اللوائح يجب ان تلتزم بالقانون الأعلى منها مرتبة اذا ما كان القانون نفسه متوخيا القواعد الدستورية. وفي عبارة واحدة تكون القوانين واللوائح غير شرعية اذا خالفت قاعدة دستورية واردة في الوثيقة الدستورية.
وكلمة دستور ليست عربية الأصل ولم تذكر القواميس العربية القديمة هذه الكلمة ولهذا فإن البعض يرجح أنها كلمة فارسية الأصل دخلت اللغة العربية عن طريق اللغة التركية، ويقصد بها التأسيس أو التكوين أو النظام.
وفي المبادئ العامة للقانون الدستوري يعرف الدستور على أنه مجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمبينة لحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها، والواضعة للأصول الرئيسية التي تنظم العلاقات بين مختلف سلطاتها العامة، أو هو موجز الإطارات التي تعمل الدولة بمقتضاها في مختلف الأمور المرتبطة بالشئون الداخلية والخارجية.
نشأة الدساتير
تعبّر هذه الأساليب عن انتصار إرادة الشعوب وانتقال السيادة من الحاكم إلى الأمة أو الشعب الذي أصبح وحده صاحب السيادة في الدولة, ولهذا فإن دساتير هذه المرحلة تتميز بطابعها الديمقراطي, نظراً لانفراد الشعب بممارسة السلطة التأسيسية الأصلية, حيث يتولى بمفرده ــ ودون تدخّلٍ أو مشاركةٍ من جانب الحكَّام ــ وضع تنظيمه الدستوري الذي يرتضيه, ويلتزم بقواعده أفراد الجماعة حكَّاماً ومحكومين على السواء .
وقد جرى العمل على إتباع أحد أسلوبين لوضع الدساتير في ضوء احتكار الأمة أو الشعب للسلطة التأسيسية، فإما أن يتم وضع الدستور من قبل هيئة منتخبة من الشعب يطلق عليها اسم الجمعية التأسيسية، وإما أن يتم طرح مشروع الدستور على الشعب في استفتاء عام لأخذ موافقته عليه، وهو ما يطلق عليه اسم الاستفتاء التأسيسي.
أسلوب الجمعية التأسيسية
يعتبر أسلوب الجمعية التأسيسية هو أحد الأساليب الديمقراطية المتبعة في وضع وانشاء الدساتير، من خلال بيان مضمون هذا الأسلوب، والأسس الفكرية التي يستند إليها، وانتشار هذا الأسلوب، وأنواع الجمعيات التأسيسية، وأخيراً تقدير هذا الأسلوب، وذلك وفق الآتي:
مضمون أسلوب الجمعية التأسيسية
تعود أصول فكرة الجمعية التأسيسية L'assemblée constituante إلى مبدأ سيادة الأمة Le principe de la souveraineté nationale، الذي ينكر أن تكون السيادة في الدولة لغير الأمة، وتعتبر هذه الفكرة في جوهرها تطبيقاً حقيقياً لنظام الديمقراطية التمثيلية أو النيابية La démocratie représentative.
ومن مقتضى هذا الأسلوب الديمقراطي في وضع الدساتير أن تقوم الأمة صاحبة السيادة ومصدر كل السلطات, بتفويض ممارسة سيادتها لممثّلين عنها ( وهؤلاء يشكِّلون هيئةً يُطلق عليها اسم المجلس التأسيسي أو الجمعية التأسيسية أو المؤتمر الدستوري ) يتولون باسمها ونيابةً عنها وضع قواعد نظام الحكم في البلاد, بحيث يُعدّ الدستور الذي يصدر عن هذه الهيئة المنتخَبة الممثِّلة للأمة وكأنه صادرٌ عن الأمة بمجملها, وعلى ذلك يكتمل الدستور ويصبح نافذاً بمجرد وضعه وإقراره من قبل هذه الهيئة، ما دامت الأمة قد فوَّضتها بذلك, مما لا يتطلب بعد ذلك عرض وثيقة الدستور على الشعب لاستفتائه فيها أو أخذ موافقته عليها, إذ أنه بمجرد إقرار الهيئة المذكورة للوثيقة الدستورية في صيغتها النهائية, تصبح هذه الوثيقة نافذةً ودون أن يتوقف ذلك على إقرارٍ من أي جهةٍ كانت.
الأسس الفكرية التي يستند إليها أسلوب الجمعية التأسيسية
كان لفلاسفة القانون الطبيعي وكتَّاب القرن الثامن عشر فضل الدعوة إلى هذا الأسلوب الديمقراطي في وضع الدساتير, فقد اعتبروا الدستور بمثابة تحقيقٍ لفكرة العقد الاجتماعي la Contrat social الذي ينشئ الجماعة السياسية ويؤسِّس السلطة العامة فيها, ومن ثم لا يمكن أن يكون الدستور إلا من وضع جميع أفراد الجماعة, أي من صنع الشعب في مجموعه, لا من صنع فئة معينة منه . كما أنهم نادوا بالأخذ بهذا الأسلوب وضرورة جعل الدستور من صنع الشعب بحجة أن الدستور هو مصدر السلطات العامة جميعاً بما فيها السلطة التشريعية . ويترتب على ذلك عدم إمكان إصدار الدستور بواسطة السلطة التشريعية, لأن هذه الأخيرة تستمد سلطتها ووجودها من الدستور, ومن ثم لا يجوز لها أن تضع الدستور أو أن تعدله, فهل يعقل أن تقوم هذه السلطة التي يؤسِّسها الدستور ويهبها الحياة, أن تقوم هي بوضعه ؟! ومن ذلك يخلص هؤلاء الكُتَّاب والفلاسفة إلى ضرورة إتباع وسيلة الجمعية التأسيسية التي تختارها الأمة خصيصاً لوضع الدستور( ).
انتشار أسلوب الجمعية التأسيسية
تُعدّ المستعمرات الأمريكية الشمالية الثائرة ضد الاستعمار الإنجليزي أول من أخذ بهذا الأسلوب في وضع دساتيرها عقب استقلالها عن التاج البريطاني في عام 1776, حيث قامت معظم هذه الولايات بانتخاب جمعية نيابية عُرفت باسم Convention ( أي المؤتمر ) من أجل وضع الدستور الخاص بها, ثم صدر بعد ذلك دستور الاتحاد الفيدرالي عام 1787 بنفس الأسلوب, أي بواسطة جمعية نيابية منتخبة من الشعب الأمريكي اجتمعت في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا وأصدرت الدستور الحالي للولايات المتحدة الذي جاء في مقدمته: ﴿ نحن شعب الولايات المتحدة, رغبةً منا في إنشاء اتحادٍ أكثرَ كمالاً، وفي إقامة العدالة، وضمان الاستقرار الداخلي، وتوفير سبل الدفاع المشترك، وتعزيز الخير العام وتأمين نِعَم الحرية لنا ولأجيالنا القادمة، نرسم ونضع هذا الدستور للولايات المتحدة الأمريكية ﴾, وقد أطلق على الجمعية النيابية التي تولت وضع الدستور الاتحادي اسم ﴿ مؤتمـر فيلادلفيا الدستوري ﴾ Philadelphia Constitutional Convention . وقد انتقل هذا الأسلوب من الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرنسا بعد قيام الثورة الفرنسية في عام 1789, وذلك عند وضع أول دساتير الثورة في عام 1791, ثم أخذت به أيضاً في وضع دستورَيْ سنة 1848 وسنة 1875, غير أن الجمعيات المنتخبة التي كانت تمارس نيابةً عن الشعب الفرنسي صلاحية السلطة التأسيسية ( أي مهمة وضع أو تعديل الدستور) كانت تعرف اصطلاحاً باسم "الجمعية التأسيسية" Assemblée constituante بدلاً من اسم "المؤتمر" Convention الذي كانت تستخدمه الولايات الأمريكية.
كما شاع استخدام أسلوب الجمعية التأسيسية خارج فرنسا, فطبقته بلاد كثيرة عقب الحربين العالميتين الأولى والثانية, فأخذ به دستور فيمار الألماني في سنة 1919, والدستور النمساوي في سنة 1920, والدستور الاسباني في سنة 1931, والدستور الياباني في سنة 1947، والدستور الإيطالي في سنة 1947، والدستور الهندي في سنة 1949 .
ومن دساتير الدول العربية التي صدرت وفقاً لأسلوب الجمعية التأسيسية نذكر على سبيل المثال : دستور الجمهورية السورية الصادر في سنة 1950, وكذلك الدستور الحالي للجمهورية التونسية الصادر في سنة 1959.
أنواع الجمعيات التأسيسية
الجمعيات التأسيسية ليست كلها على نمط واحد, إذ يمكن التمييز ـ من زاوية المهمة الموكلة إليها ـ بين نوعين رئيسيين لهذه الجمعيات:
الجمعيات التأسيسية على النمط الأمريكي
الجمعيات التأسيسية على النمط الأمريكي L'assemblées constituante de type américain ، وهي الجمعيات التي ينحصر عملها في وضع الدستور فقط, دون أن تملك الحق في مباشرة أي صلاحيات أخرى, وبوجه خاص صلاحيات السلطة التشريعية, وبمعنى آخر, فهي ﴿جمعيات تأسيسية مخصَّصة ﴾ Assemblées constituante ad hoc , يتم إنشاؤها لغرض محدّد بالذات ألا وهو وضع الدستور, وينتهي دورها وتزول من الوجود بمجرد انتهاء عملها وإنجاز المهمة الموكلة إليها, ومثالها مؤتمر فيلادلفيا la convention de Philadelphie الذي تولى وضع الدستور الفيدرالي للولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1787.
ولاشك أن هذا النوع من الجمعيات التأسيسية له فوائدٌ تُحْمَد, فمن ناحية أولى يتيح هذا التخصص للجمعية التأسيسية فرصة التركيز في عملها, مما يوفّر لمشروع الدستور الذي تقوم بإعداده ما يستحقه من تأمّلٍ, وما يحتاجه من بحثٍ ودراسة, كما أنَّ اقتصار عمل الجمعية التأسيسية على وضع الدستور يجنبنا مخاطر الاستبداد الذي ينجم عن تركيز السلطات la concentration des pouvoirs بيد أعضاء الجمعية, وتركهم يفعلون ما يشاؤون تحت شعار كونهم نواباً عن الأمة.
الجمعيات التأسيسية على النمط الفرنسي
الجمعيات التأسيسية على النمط الفرنسي L'assemblées constituante de type français، وهي تلك الجمعيات التي لا ينحصر عملها في مجرد وضع الدستور, بل يكون لها وظيفة مضاعفة, حيث تتولى من ناحية أولى مهمة وضع دستور البلاد, وتقوم من ناحية أخرى بمباشرة اختصاصات السلطة التشريعية من سن القوانين ومراقبة عمل الحكومة .
ونقابل مثل هذا النوع من الجمعيات ـ بصورة أساسية ـ في أعقاب قيام الحركات الثورية,حيث يسند للجمعية التأسيسية ـ بسبب التغيير الجذري الشامل الذي تحدثه الثورة في بنية المجتمع ـ ليس فقط وضع الدستور للبلاد, وإنما أيضاً مباشرة اختصاصات السلطتين التشريعية والتنفيذية ريثما يتم تشكيل السلطات المختلفة في الدولة بعد وضع الدستور الجديد, ولذا توصف مثل هذه الجمعيات بأنها ﴿جمعيات تأسيسية عامة ﴾, وهو الأسلوب التقليدي المتبع في فرنسا.
وجدير بالذكر أن هذا النوع من الجمعيات التأسيسية التي تمارس وظيفة مزدوجة, له مضارٌ لا تُحمد عقباه, فمن ناحية أولى, يمكن أن يشتّت الدور الإضافي الذي تنهض به الجمعية التأسيسية جهودها ويؤخّر بالتالي انجازها لعملها الأساسي المتمثل في وضع الدستور وإقراره, ومن ناحية أخرى فإن تركيز السلطات التشريعية والتأسيسية بين أيدي نفس الأشخاص قد يؤدي إلى ديكتاتورية الجمعية la dictature d'une assemblée.
وهذه الحقيقة غير خافيةٍ على أحد, فطبيعة النفس البشرية أثبتت عبر القرون, ومن خلال التجارب المستمرة, أن الاستبداد قرين الاستئثار بالسلطة, فليس أخطر على الحرية, وأقرب إلى الطغيان والاستبداد من جمع السلطات وتركيزها في يدٍ واحدة, ولو كانت هذه اليد هي قبضة الشعب نفسه, أو مجلس منبثق عنه. وقد أثبت التاريخ جديَّة هذه المخاوف, وحسبنا هنا أن نشير إلى تلك الجمعية التأسيسية التي انتخبت في فرنسا في عصر الثورة وعرفت باسم شهير La Convention Nationale, وقد جمعت في قبضة يدها فضلاً عن السلطة التأسيسية ( سلطة وضع الدستور ) السلطتين التشريعية والتنفيذية, وقد اتخذت من الإجراءات الاستبدادية ما لا يُعرف له مثيل في تاريخ الملوك والقياصرة المستبدين, وكذلك كان شأن الجمعية التأسيسية التي انتخبت في فرنسا عام 1848 إذ كانت بيدها أيضاً سلطة دكتاتورية, من أجل ذلك كان بعض أساتذة الفقه الدستوري الفرنسي يحاربون فكرة انتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور الجديد ( وهو دستور الجمهورية الفرنسية الرابعة لعام 1946 ) بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
تقدير أسلوب الجمعية التأسيسية
أن هذا الأسلوب على الرغم من أنه يعدّ تطبيقاً سليماً للديمقراطية النيابية, إلا أنه يؤخذ عليه أنه يؤدي إلى تحجيم دور الشعب وحصره في إطارٍ ضيق يقتصر على المساهمة السلبية التي لا تتجاوز اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية دون أن يتدخل الشعب في تحديد اتجاهات الجمعية أو التأثير بالإيجاب في مضمون الدستور الذي يتحدد مصيره بالكامل من قبل أعضاء الجمعية النيابية المنتخبة .
ولا يقلّل من هذه المخاوف أن انتخاب الشعب لأعضاء الجمعية إنما يتم على أساس اتجاهاتهم المعلنة بالنسبة للمبادئ التي تحكم التنظيم الدستوري, لأن هذه الاتجاهات فضلاً عن كونها التزاماً أدبياً واهياً, فإنها تنصب على العموميات دون النظر إلى التفصيلات؛ وهو ما يؤكّد أن الدستور يتم وضعه بعيداً عن رقابة الشعب الذي يعطي الجمعية تفويضاً على بياض . ومما يزيد الأمر خطورةً, أن انتخاب الجمعية التأسيسية خاصةً في الدول الحزبية سوف تحكمه ذات الأسس التي تسيطر على الانتخابات التشريعية, مما قد يؤدي إلى تحويل الجمعية التأسيسية من هيئة يُفترض فيها الحياد وغَلَبة الطابع الفني إلى جماعةٍ تسيطر عليها النزعات السياسية, ويحكم سير العمل فيها الاتفاقات الحزبية التي تستهدف تحقيق مصالحٍ وأهدافٍ ذات طابعٍ حزبيّ ضيّق.
وتجدر الإشارة إلى أن الفقه الدستوري يتطلب توافر شروط معينة لعدّ الدستور الذي تضعه الجمعية التأسيسية ديمقراطياً, وهذه الشروط تتمثل في الآتي:
1 ــ يجب أن تكون الجمعية التأسيسية منتخبة بواسطة الشعب, لا أن يُعيَّن أعضاؤها من قبل الحكومة أو قادة الانقلاب .
2 ــ يجب أن يكون الانتخاب ديمقراطياً, وبمعنى آخر يجب أن يتم انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية وفقاً لمبادئ الاقتراع العام, الحُرّ, المتساوي, السري, المباشر ( أي على درجة واحدة ), كما يجب أن يتم فرز وإحصاء الأصوات الانتخابية المدلى بها في صناديق الاقتراع تحت إشراف ورقابة القضاء. ولهذا قيل بأن سلامة هذا الأسلوب ( أسلوب الجمعية التأسيسية ) تتوقف على صحة العملية الانتخابية ودقة التمثيل النيابي .
3ـ ولكي يكون الانتخاب حراً بالمعنى الصحيح, فإنه من الضروري أن يكون هنالك خيارات متعددة أمام الناخبين . وهذا ما توفّره الأحزاب السياسية les partis politiques في الدول الديمقراطية. وهو ما يعني إتاحة الفرصة أمام جميع الأحزاب السياسية القائمة ـ دون استثناء ـ للمشاركة في عملية انتخاب الجمعية التأسيسية .
4 ـ يجب أن تكون الحريات العامةles libertés publiques في الدولة مصانة ومكفولة, وإلاَّ فإنَّ اشتراك الأحزاب السياسية المختلفة في الانتخابات سيكون بلا معنى, لأن هذه الانتخابات ستجرى في جوٍ من القمع والكَبْت للحريات .
5ـ وبالإضافة إلى ما سبق, ينبغي على الجمعية التأسيسية ـ التي تتوافر فيها الشروط التي ذكرناها آنفاً ـ أن تمارس عملها بحريّةٍ وحيادٍ تامّين, أي أن تكون بمنأى عن كل الضغوطات السياسية les pressions politiques التي قد تؤثر في عملها .
أسلوب الاستفتاء التأسيسي
إنَّ الديمقراطية في معناها الحرفي تعني "حكم أو سلطة الشعب"؛ ولهذا فقد عرَّفها البعض بأنها « حكم الشعب بالشعب وللشعب », وهو ما يعني أن الشعب في الحكومات الديمقراطية هو صاحب السيادة ومصدر كل السلطات فيها, وهذا يستلزم بطبيعة الحال أن يباشر الشعب بنفسه وبشكلٍ مباشرٍ جميع مظاهر السيادة.
ولمَّا كانت هنالك صعوبات تقنية أو فنية des difficultés techniques تحول دون تطبيق نظام « الديمقراطية المباشرة » في دول عالمنا المعاصر, فكان لا بد من الالتجاء إلى نظام آخر بديل, فكان نظام « الديمقراطية النيابية », الذي من مقتضاه أن يقوم الشعب صاحب السيادة بإلقاء عبء الحكم ومباشرة السلطة على هيئات يختارها, ويترك لها مباشرة تلك السلطة, فالشعب هنا لا يُقرّر بنفسه, وإنما يقتصر دوره على اختيار نوابه الذين سيقرّرون باسمه ونيابةً عنه . وقد كان أسلوب الجمعية التأسيسية ــ السابق دراسته ــ تطبيقاً حقيقياً للنظام النيابي « الديمقراطية النيابية », غير أن هذا النظام الأخير تعرَّض لانتقاداتٍ كثيرةٍ, نظراً لأنه يبتعد كثيراً عن ﴿ المَثَل الأعلى للديمقراطية التي تفترض ممارسة الشعب لسيادته بنفسه ﴾ « l'idée démocratique exige que le peuple exerce lui-même sa souveraineté ».
ولذلك تلجأ بعض الأنظمة الديمقراطية الحديثة إلى إشراك الشعب إشراكاً فعلياً في ممارسة السلطة . وتحقيقاً لهذه الغاية, تقوم هذه الأنظمة أساساً على الأخذ بالنظام النيابي (الديمقراطية النيابية) مع الرجوع إلى الشعب في بعض الأمور المهمة كي يمارسها بنفسه مباشرة, فتُبقي على الهيئات النيابية المنتخبة من الشعب والتي تمارس السلطة باسم الشعب, مع الأخذ ببعض مظاهر (الديمقراطية المباشرة) التي تجعل السلطة في يد الشعب يمارسها بنفسه؛ وهذا هو النظام الوسط الذي يجمع بين الديمقراطية النيابية والديمقراطية المباشرة, ولذلك يسمى بنظام « الديمقراطية شبه المباشرة » .
وحاصل القول, أنه نتيجةَ استحالة تطبيق الديمقراطية المباشرة, وبسبب العيوب التي شابت الديمقراطية النيابية, برزت فكرة « الديمقراطية شبه المباشرة » التي تُشرك الشعب في ممارسة السلطة بجوار الهيئة النيابية المنتخبة, وتجعله رقيباً عليها, وعلى السلطة التنفيذية عن طريق مظاهر معينة.
ومن أهم مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة « الاستفتاء الشعبي », الذي يتنوع من حيث الموضوع المعروض على التصويت الشعبي إلى ثلاثة أنواع هي: ( الاستفتاء الدستوري Constitutional Referendum, والاستفتاء التشريعي Legislative Referendum, والاستفتاء السياسي Political Referendum ).
ويتضح من التعريف السابق أن الاستفتاء الدستوري ينقسم إلى قسمين : « استفتاء تأسيسي » يتعلق بوضع دستور جديد للدولة, و « استفتاء تعديلي » يتصل بتعديل الدستور القائم, سواء بالتغيير في بعض مواده أو بالإضافة أو الحذف . ولمَّا كان النوع الثاني (الاستفتاء التعديلي) يتصل بموضوع تعديل الدساتير, فإننا سنقصر حديثنا هنا على (الاستفتاء التأسيسي), وذلك من خلال بيان مضمون هذا الأسلوب, وانتشاره, وتقديره كواحد من الأساليب الديمقراطية المتبعة في وضع الدساتير .
مضمون أسلوب الاستفتاء التأسيسي
يجمع الفقه الدستوري على أن الاستفتاء التأسيسي Le referendum constituent يُعدّ من أكثــــر الأساليب الديمقراطيــة التي تتبعها الدول المعــاصرة في وضع دساتيرهــا وقواعد نظام الحكم فيها؛ وتعود أصول فكـرة الاستفتاء التــأسيسي إلى « مبدأ السيادة الشعبية » Le principe de la souveraineté populaire .
وتعتبر فكرة الاستفتاء التأسيسي من أهـم مظـاهر أو تطبيقات نظام « الديمقـراطية شبه المباشرة ». وقد ثبت من خلال التجربة أن أسلوب الاستفتاء التأسيسي قد استُخدم بهدف أخذ رأي الشعب إما في مسألة جوهرية يتوقف عليها وضع الدستور, كما حدث في إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية فيها بالنسبة للاستفتاء العام الذي جرى في آذار سنة 1979 بخصوص تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية, أو في إقرار مشروع دستور تضعه جمعية تأسيسية منتخبة (كما حدث بالنسبة لدستور الجمهورية الفرنسية الرابعة لعام 1946)أو لجنة حكومية (كما حدث بالنسبة لدستور الجمهورية الفرنسية الخامسة لعام 1958).
ويمكن تعريف الاستفتاء التأسيسي بأنه ﴿ ذاك الاستفتاء الذي ينصبّ على مشروع دستور معين لحكم الدولة, فيأخذ المشروع صفته القانونية ويصدر إذا وافق عليه الشعب, وإذا رفضه زال ما كان له من اعتبار بصرف النظر عمَّن قام بوضعه ولو تعلَّق الأمر بجمعية تأسيسية منتخبة من الشعب ﴾.
وعلى ذلك, يمكن القول بأن أسلوب الاستفتاء التأسيسي يمرّ بمرحلتين :المرحلة الأولى, هي مرحلة إعداد مشروع الدستور, ويتولى القيام بهذه المهمة إما جمعية تأسيسية ينتخبها الشعب أو لجنة فنية تعيّن الحكومة أعضاءها. ويعدّ ما تضعه هذه الجمعية أو تلك اللجنة من قواعد نظام الحكم في الدولة مجرد مشروع للدستور يفتقر إلى صفَتَيْ النهائية والنفاذ. والمرحلة الثانية, هي مرحلة سريان ونفاذ الدستور , وتبدأ هذه المرحلة بمجرد اقتران مشروع الدستور بموافقة الشعب بعد عرضه عليه في استفتاء عام .
وبذلك يكمن الفرق بين أسلوب الجمعية التأسيسية وأسلوب الاستفتاء الدستوري التأسيسي : فإذا كان الشعب بموجب الأسلوب الأول لا يُقرّر بنفسه دستوره, وإنما يقتصر دوره على اختيار نوابه الذين سيقرّرون باسمه ونيابةً عنه دستور البلاد؛ فإن الشعب بموجب الأسلوب الثاني هو الذي يقرر دستوره بنفسه من خلال الموافقة أو عدم الموافقة على مشروع الدستور المعروض عليه؛ ويترتب على ذلك نتيجة مهمة مفادها أن الدستور ــ الذي يوضع وفقاً لأسلوب الجمعية التأسيسية ــ يستكمل وجوده قانوناً ويصبح نافذاً بمجرد إقراره في صيغته النهائية من قبل الهيئة المنتخبة الممثِّلة للأمة, ودون أن يتوقف ذلك على إقرارٍ من أي جهةٍ كانت, في حين أن الدستور ــ الذي يوضع وفقاً لأسلوب الاستفتاء التأسيسي ــ لا يستكمل وجوده قانوناً ولا يصبح نافذاً إلا إذا أقرَّه الشعب في استفتاءٍ عام .
انتشار أسلوب الاستفتاء التأسيسي
بدأت فكرة الاستفتاء التأسيسي بالظهور مع حركة تدوين الدساتير في بعض المستعمرات الأمريكية الشمالية عقب استقلالها عن بريطانيا العظمى في عام 1776, ولم يكن يُنظر آنذاك إلى الاستفتاء الشعبي على أنه مجرد وسيلة فنية ممكنة لوضع الدساتير, وإنما كتعبير مباشر عن ممارسة فكرة السيادة الشعبية. ففي عام 1778, قام المجلس التشريعي المحلي Provincial Assembly لولاية ماساشوستس State of Massachusetts ــ تحت ضغط المزارعين والبلدات الواقعة غرب الولاية ــ بإعداد دستورٍ عرضه على التصويت الشعبي لإبداء الرأي فيه, فرفضه الشعب, لأن المجلس التشريعي هو من قام بإعداد وثيقة الدستور, وكان من المفترض أن يقوم بهذه المهمة مؤتمر خاص Special Convention يُنتخب خصيصاً لهذا الغرض, وليس المجلس التشريعي, ولهذا سُحِبَ مشروع الدستور, وقام الشعب بانتخاب مؤتمر دستوري Constitutional Convention تولى وضع دستور جديد, وافق عليه الشعب في استفتاء عام جرى في حزيران 1780.
وتأكَّد ظهور الاستفتاء التأسيسي كوسيلة من الوسائل الديمقراطية لوضع الدساتير بصورة واضحة في الإعلان الذي أصدرته الجمعية التأسيسية الفرنسية المعروفة باسم La Convention Nationale في أولى جلساتها بتاريخ 21 أيلول عام 1792, وقرَّرت فيه أن « لا وجود لأي دستور إلا ذلك الذي يقبله الشعب », وتنفيذاً لهذا الإعلان خضع للاستفتاء الشعبي دستور 24 حزيران لسنة 1793, ودستور رقم 5 فريكْتدور للسنة الثالثة لإعلان الجمهورية, ودستور 22 فريمير للسنة الثامنة, ثم تحول الاستفتاء بعد ذلك من حيث الواقع ــ خلال الإمبراطوريتَيْن الأولى والثانية, وفي ظل دستور سنة 1870 ــ إلى استفتاء شخصي أو استرآس Plébiscite يُطلب فيه من الشعب التعبير عن ثقته في شخص رئيس الدولة وفي النظام السياسي الذي يقترحه . ثم عاد الاستفتاء إلى الظهور في صورته الحقيقية في دستورَيْ الجمهوريَّتَيْن الرابعة لعام 1946 والخامسة لعام 1958.
ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 والاستفتاء التأسيسي آخذ في الانتشار في بلاد العالم المتقدِّم والمتخلِّف على السَّواء, خاصة تلك التي نشأت من تفكّك إمبراطوريات ما قبل هذه الحرب, فقد قام على أساسه دستور جمهورية فيمار Weimar Republic الألماني لسنة 1919, ودستور اسبانيا لسنة 1920, ودستور النمسا لسنة 1920, ودستور ايرلندا الحرة لسنة 1937, وكافة الدساتير الجمهوريَّة في مصر وآخرها الدستور الحالي لسنة 1971 الذي نص في المادة رقم/193/ منه على أن : « يُعمل بهذا الدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء ».
ومن الدساتير الحديثة التي صدرت وفقاً لأسلوب الاستفتاء الدستوري, دستور الاتحاد الروسي (روسيا الاتحادية) الذي وافق عليه الشعب في استفتاء عام جرى في كانون الأول سنة 1993, وقد جاء في القِسم الثاني من هذا الدستور ( بعنوان الأحكام الختامية والانتقالية, أن « دستور الاتحاد الروسي سيدخل حيز التنفيذ لحظة نشره بصورة رسمية عقب إعلان نتائج الاستفتاء العام, كما أن اليوم الذي سيجري فيه الاستفتاء في عموم البلاد ـ وهو 12 كانون الأول 1993 ـ سيكون هو تاريخ تبني دستور الاتحاد الروسي ».
وكذلك أيضاً دستور الاتحاد السويسري لسنة 1999 ( وهو الذي حلَّ محل الدستور الاتحادي الصادر في 29/5/1874 ), الذي أقرَّ مسودته البرلمان الاتحادي في 18 كانون الأول عام 1998, ثم وافق عليه الشعب السويسري ( بأغلبية 59% "نعم" مقابل 41% "لا" ) في استفتاء عام جرى بتاريخ 18 نيسان سنة 1999, ودخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني سنة 2000 ( )؛ كما أن دستور جمهورية العراق الدائم لسنة 2005 صدر وفقاً لهذا الأسلوب, حيث نص في المادة /143/ منه على أن « يُعدّ هذا الدستور نافذاً, بعد موافقة الشعب عليه بالاستفتاء العام, ونشره في الجريدة الرسمية, وتشكيل الحكومة بموجبه » .
أما بالنسبة لطريقة وضع دستورنا الحالي الصادر في سنة 1973, فيمكن القول بأنه وضع بطريقةٍ ديمقراطيةٍ, فبناءً على طلبٍ من رئيس الجمهورية الراحل حافظ الأسد " رحمه الله "، شُكِّلت في 26 آذار عام 1972 لجنة برئاسة فهمي اليوسفي رئيس مجلس الشعب مهمتها وضع مشروع دستور دائم للبلاد . وخلصت هذه اللجنة بعد دراسةٍ استغرقت مدة عامٍ كاملٍ تقريباً، إلى وضع مشروع دستور الجمهورية العربية السورية، ثم عرض على مجلس الشعب, فأقرَّه بعد مناقشاتٍ طويلة،في جلسته المنعقدة بتاريخ 30/1/1973 وتاريخ 20/2/1973 .وبتاريخ 3/3/1973 أصدر رئيس الجمهورية المرسوم رقم/199/ المتضمن دعوة المواطنين للاستفتاء على الدستور المذكور بتاريخ 12/3/1973 وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم/8/ تاريخ 1/3/1973 الناظم لأحكام الاستفتاء, وبعد أن اقترن الدستور بتأييد أغلبية ساحقة من هيئة الناخبين ــ وفقاً لنتيجة الاستفتاء المعلنة بقرار وزير الداخلية رقم 166/ ن تاريخ 13/3/1973 ــ أصدر رئيس الجمهورية المرسوم رقم /208/ القاضي بنشر الدستور في الجريدة الرسمية واعتباره نافذاً من تاريخ 13/3/1973
تعريفات
يعرف الدستور على أنه مجموعة القواعد التي تنظم تأسيس السلطة وانتقالها وممارستها، أي تلك التي تتعلق بالتنظيم السياسي». أو أنه «وثيقة أساسية أقرتها سلطة خاصة وفق إجراءات خاصة لتحديد وتنظيم شؤون الحكم وعلاقته مع المواطنين.
وهو أيضا القانون الاسمى بالبلاد وهو يحدد نظام الحكم في الدولة واختصاصات سلطاتها الثلاث وتلتزم بة كل القوانين الأدني مرتبة في الهرم التشريعي فالقانون يجب أن يكون متوخيا للقواعد الدستورية وكذلك اللوائح يجب ان تلتزم بالقانون الأعلى منها مرتبة اذا ما كان القانون نفسه متوخيا القواعد الدستورية. وفي عبارة واحدة تكون القوانين واللوائح غير شرعية اذا خالفت قاعدة دستورية واردة في الوثيقة الدستورية.
وكلمة دستور ليست عربية الأصل ولم تذكر القواميس العربية القديمة هذه الكلمة ولهذا فإن البعض يرجح أنها كلمة فارسية الأصل دخلت اللغة العربية عن طريق اللغة التركية، ويقصد بها التأسيس أو التكوين أو النظام.
وفي المبادئ العامة للقانون الدستوري يعرف الدستور على أنه مجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمبينة لحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها، والواضعة للأصول الرئيسية التي تنظم العلاقات بين مختلف سلطاتها العامة، أو هو موجز الإطارات التي تعمل الدولة بمقتضاها في مختلف الأمور المرتبطة بالشئون الداخلية والخارجية.
نشأة الدساتير
تعبّر هذه الأساليب عن انتصار إرادة الشعوب وانتقال السيادة من الحاكم إلى الأمة أو الشعب الذي أصبح وحده صاحب السيادة في الدولة, ولهذا فإن دساتير هذه المرحلة تتميز بطابعها الديمقراطي, نظراً لانفراد الشعب بممارسة السلطة التأسيسية الأصلية, حيث يتولى بمفرده ــ ودون تدخّلٍ أو مشاركةٍ من جانب الحكَّام ــ وضع تنظيمه الدستوري الذي يرتضيه, ويلتزم بقواعده أفراد الجماعة حكَّاماً ومحكومين على السواء .
وقد جرى العمل على إتباع أحد أسلوبين لوضع الدساتير في ضوء احتكار الأمة أو الشعب للسلطة التأسيسية، فإما أن يتم وضع الدستور من قبل هيئة منتخبة من الشعب يطلق عليها اسم الجمعية التأسيسية، وإما أن يتم طرح مشروع الدستور على الشعب في استفتاء عام لأخذ موافقته عليه، وهو ما يطلق عليه اسم الاستفتاء التأسيسي.
أسلوب الجمعية التأسيسية
يعتبر أسلوب الجمعية التأسيسية هو أحد الأساليب الديمقراطية المتبعة في وضع وانشاء الدساتير، من خلال بيان مضمون هذا الأسلوب، والأسس الفكرية التي يستند إليها، وانتشار هذا الأسلوب، وأنواع الجمعيات التأسيسية، وأخيراً تقدير هذا الأسلوب، وذلك وفق الآتي:
مضمون أسلوب الجمعية التأسيسية
تعود أصول فكرة الجمعية التأسيسية L'assemblée constituante إلى مبدأ سيادة الأمة Le principe de la souveraineté nationale، الذي ينكر أن تكون السيادة في الدولة لغير الأمة، وتعتبر هذه الفكرة في جوهرها تطبيقاً حقيقياً لنظام الديمقراطية التمثيلية أو النيابية La démocratie représentative.
ومن مقتضى هذا الأسلوب الديمقراطي في وضع الدساتير أن تقوم الأمة صاحبة السيادة ومصدر كل السلطات, بتفويض ممارسة سيادتها لممثّلين عنها ( وهؤلاء يشكِّلون هيئةً يُطلق عليها اسم المجلس التأسيسي أو الجمعية التأسيسية أو المؤتمر الدستوري ) يتولون باسمها ونيابةً عنها وضع قواعد نظام الحكم في البلاد, بحيث يُعدّ الدستور الذي يصدر عن هذه الهيئة المنتخَبة الممثِّلة للأمة وكأنه صادرٌ عن الأمة بمجملها, وعلى ذلك يكتمل الدستور ويصبح نافذاً بمجرد وضعه وإقراره من قبل هذه الهيئة، ما دامت الأمة قد فوَّضتها بذلك, مما لا يتطلب بعد ذلك عرض وثيقة الدستور على الشعب لاستفتائه فيها أو أخذ موافقته عليها, إذ أنه بمجرد إقرار الهيئة المذكورة للوثيقة الدستورية في صيغتها النهائية, تصبح هذه الوثيقة نافذةً ودون أن يتوقف ذلك على إقرارٍ من أي جهةٍ كانت.
الأسس الفكرية التي يستند إليها أسلوب الجمعية التأسيسية
كان لفلاسفة القانون الطبيعي وكتَّاب القرن الثامن عشر فضل الدعوة إلى هذا الأسلوب الديمقراطي في وضع الدساتير, فقد اعتبروا الدستور بمثابة تحقيقٍ لفكرة العقد الاجتماعي la Contrat social الذي ينشئ الجماعة السياسية ويؤسِّس السلطة العامة فيها, ومن ثم لا يمكن أن يكون الدستور إلا من وضع جميع أفراد الجماعة, أي من صنع الشعب في مجموعه, لا من صنع فئة معينة منه . كما أنهم نادوا بالأخذ بهذا الأسلوب وضرورة جعل الدستور من صنع الشعب بحجة أن الدستور هو مصدر السلطات العامة جميعاً بما فيها السلطة التشريعية . ويترتب على ذلك عدم إمكان إصدار الدستور بواسطة السلطة التشريعية, لأن هذه الأخيرة تستمد سلطتها ووجودها من الدستور, ومن ثم لا يجوز لها أن تضع الدستور أو أن تعدله, فهل يعقل أن تقوم هذه السلطة التي يؤسِّسها الدستور ويهبها الحياة, أن تقوم هي بوضعه ؟! ومن ذلك يخلص هؤلاء الكُتَّاب والفلاسفة إلى ضرورة إتباع وسيلة الجمعية التأسيسية التي تختارها الأمة خصيصاً لوضع الدستور( ).
انتشار أسلوب الجمعية التأسيسية
تُعدّ المستعمرات الأمريكية الشمالية الثائرة ضد الاستعمار الإنجليزي أول من أخذ بهذا الأسلوب في وضع دساتيرها عقب استقلالها عن التاج البريطاني في عام 1776, حيث قامت معظم هذه الولايات بانتخاب جمعية نيابية عُرفت باسم Convention ( أي المؤتمر ) من أجل وضع الدستور الخاص بها, ثم صدر بعد ذلك دستور الاتحاد الفيدرالي عام 1787 بنفس الأسلوب, أي بواسطة جمعية نيابية منتخبة من الشعب الأمريكي اجتمعت في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا وأصدرت الدستور الحالي للولايات المتحدة الذي جاء في مقدمته: ﴿ نحن شعب الولايات المتحدة, رغبةً منا في إنشاء اتحادٍ أكثرَ كمالاً، وفي إقامة العدالة، وضمان الاستقرار الداخلي، وتوفير سبل الدفاع المشترك، وتعزيز الخير العام وتأمين نِعَم الحرية لنا ولأجيالنا القادمة، نرسم ونضع هذا الدستور للولايات المتحدة الأمريكية ﴾, وقد أطلق على الجمعية النيابية التي تولت وضع الدستور الاتحادي اسم ﴿ مؤتمـر فيلادلفيا الدستوري ﴾ Philadelphia Constitutional Convention . وقد انتقل هذا الأسلوب من الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرنسا بعد قيام الثورة الفرنسية في عام 1789, وذلك عند وضع أول دساتير الثورة في عام 1791, ثم أخذت به أيضاً في وضع دستورَيْ سنة 1848 وسنة 1875, غير أن الجمعيات المنتخبة التي كانت تمارس نيابةً عن الشعب الفرنسي صلاحية السلطة التأسيسية ( أي مهمة وضع أو تعديل الدستور) كانت تعرف اصطلاحاً باسم "الجمعية التأسيسية" Assemblée constituante بدلاً من اسم "المؤتمر" Convention الذي كانت تستخدمه الولايات الأمريكية.
كما شاع استخدام أسلوب الجمعية التأسيسية خارج فرنسا, فطبقته بلاد كثيرة عقب الحربين العالميتين الأولى والثانية, فأخذ به دستور فيمار الألماني في سنة 1919, والدستور النمساوي في سنة 1920, والدستور الاسباني في سنة 1931, والدستور الياباني في سنة 1947، والدستور الإيطالي في سنة 1947، والدستور الهندي في سنة 1949 .
ومن دساتير الدول العربية التي صدرت وفقاً لأسلوب الجمعية التأسيسية نذكر على سبيل المثال : دستور الجمهورية السورية الصادر في سنة 1950, وكذلك الدستور الحالي للجمهورية التونسية الصادر في سنة 1959.
أنواع الجمعيات التأسيسية
الجمعيات التأسيسية ليست كلها على نمط واحد, إذ يمكن التمييز ـ من زاوية المهمة الموكلة إليها ـ بين نوعين رئيسيين لهذه الجمعيات:
الجمعيات التأسيسية على النمط الأمريكي
الجمعيات التأسيسية على النمط الأمريكي L'assemblées constituante de type américain ، وهي الجمعيات التي ينحصر عملها في وضع الدستور فقط, دون أن تملك الحق في مباشرة أي صلاحيات أخرى, وبوجه خاص صلاحيات السلطة التشريعية, وبمعنى آخر, فهي ﴿جمعيات تأسيسية مخصَّصة ﴾ Assemblées constituante ad hoc , يتم إنشاؤها لغرض محدّد بالذات ألا وهو وضع الدستور, وينتهي دورها وتزول من الوجود بمجرد انتهاء عملها وإنجاز المهمة الموكلة إليها, ومثالها مؤتمر فيلادلفيا la convention de Philadelphie الذي تولى وضع الدستور الفيدرالي للولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1787.
ولاشك أن هذا النوع من الجمعيات التأسيسية له فوائدٌ تُحْمَد, فمن ناحية أولى يتيح هذا التخصص للجمعية التأسيسية فرصة التركيز في عملها, مما يوفّر لمشروع الدستور الذي تقوم بإعداده ما يستحقه من تأمّلٍ, وما يحتاجه من بحثٍ ودراسة, كما أنَّ اقتصار عمل الجمعية التأسيسية على وضع الدستور يجنبنا مخاطر الاستبداد الذي ينجم عن تركيز السلطات la concentration des pouvoirs بيد أعضاء الجمعية, وتركهم يفعلون ما يشاؤون تحت شعار كونهم نواباً عن الأمة.
الجمعيات التأسيسية على النمط الفرنسي
الجمعيات التأسيسية على النمط الفرنسي L'assemblées constituante de type français، وهي تلك الجمعيات التي لا ينحصر عملها في مجرد وضع الدستور, بل يكون لها وظيفة مضاعفة, حيث تتولى من ناحية أولى مهمة وضع دستور البلاد, وتقوم من ناحية أخرى بمباشرة اختصاصات السلطة التشريعية من سن القوانين ومراقبة عمل الحكومة .
ونقابل مثل هذا النوع من الجمعيات ـ بصورة أساسية ـ في أعقاب قيام الحركات الثورية,حيث يسند للجمعية التأسيسية ـ بسبب التغيير الجذري الشامل الذي تحدثه الثورة في بنية المجتمع ـ ليس فقط وضع الدستور للبلاد, وإنما أيضاً مباشرة اختصاصات السلطتين التشريعية والتنفيذية ريثما يتم تشكيل السلطات المختلفة في الدولة بعد وضع الدستور الجديد, ولذا توصف مثل هذه الجمعيات بأنها ﴿جمعيات تأسيسية عامة ﴾, وهو الأسلوب التقليدي المتبع في فرنسا.
وجدير بالذكر أن هذا النوع من الجمعيات التأسيسية التي تمارس وظيفة مزدوجة, له مضارٌ لا تُحمد عقباه, فمن ناحية أولى, يمكن أن يشتّت الدور الإضافي الذي تنهض به الجمعية التأسيسية جهودها ويؤخّر بالتالي انجازها لعملها الأساسي المتمثل في وضع الدستور وإقراره, ومن ناحية أخرى فإن تركيز السلطات التشريعية والتأسيسية بين أيدي نفس الأشخاص قد يؤدي إلى ديكتاتورية الجمعية la dictature d'une assemblée.
وهذه الحقيقة غير خافيةٍ على أحد, فطبيعة النفس البشرية أثبتت عبر القرون, ومن خلال التجارب المستمرة, أن الاستبداد قرين الاستئثار بالسلطة, فليس أخطر على الحرية, وأقرب إلى الطغيان والاستبداد من جمع السلطات وتركيزها في يدٍ واحدة, ولو كانت هذه اليد هي قبضة الشعب نفسه, أو مجلس منبثق عنه. وقد أثبت التاريخ جديَّة هذه المخاوف, وحسبنا هنا أن نشير إلى تلك الجمعية التأسيسية التي انتخبت في فرنسا في عصر الثورة وعرفت باسم شهير La Convention Nationale, وقد جمعت في قبضة يدها فضلاً عن السلطة التأسيسية ( سلطة وضع الدستور ) السلطتين التشريعية والتنفيذية, وقد اتخذت من الإجراءات الاستبدادية ما لا يُعرف له مثيل في تاريخ الملوك والقياصرة المستبدين, وكذلك كان شأن الجمعية التأسيسية التي انتخبت في فرنسا عام 1848 إذ كانت بيدها أيضاً سلطة دكتاتورية, من أجل ذلك كان بعض أساتذة الفقه الدستوري الفرنسي يحاربون فكرة انتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور الجديد ( وهو دستور الجمهورية الفرنسية الرابعة لعام 1946 ) بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
تقدير أسلوب الجمعية التأسيسية
أن هذا الأسلوب على الرغم من أنه يعدّ تطبيقاً سليماً للديمقراطية النيابية, إلا أنه يؤخذ عليه أنه يؤدي إلى تحجيم دور الشعب وحصره في إطارٍ ضيق يقتصر على المساهمة السلبية التي لا تتجاوز اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية دون أن يتدخل الشعب في تحديد اتجاهات الجمعية أو التأثير بالإيجاب في مضمون الدستور الذي يتحدد مصيره بالكامل من قبل أعضاء الجمعية النيابية المنتخبة .
ولا يقلّل من هذه المخاوف أن انتخاب الشعب لأعضاء الجمعية إنما يتم على أساس اتجاهاتهم المعلنة بالنسبة للمبادئ التي تحكم التنظيم الدستوري, لأن هذه الاتجاهات فضلاً عن كونها التزاماً أدبياً واهياً, فإنها تنصب على العموميات دون النظر إلى التفصيلات؛ وهو ما يؤكّد أن الدستور يتم وضعه بعيداً عن رقابة الشعب الذي يعطي الجمعية تفويضاً على بياض . ومما يزيد الأمر خطورةً, أن انتخاب الجمعية التأسيسية خاصةً في الدول الحزبية سوف تحكمه ذات الأسس التي تسيطر على الانتخابات التشريعية, مما قد يؤدي إلى تحويل الجمعية التأسيسية من هيئة يُفترض فيها الحياد وغَلَبة الطابع الفني إلى جماعةٍ تسيطر عليها النزعات السياسية, ويحكم سير العمل فيها الاتفاقات الحزبية التي تستهدف تحقيق مصالحٍ وأهدافٍ ذات طابعٍ حزبيّ ضيّق.
وتجدر الإشارة إلى أن الفقه الدستوري يتطلب توافر شروط معينة لعدّ الدستور الذي تضعه الجمعية التأسيسية ديمقراطياً, وهذه الشروط تتمثل في الآتي:
1 ــ يجب أن تكون الجمعية التأسيسية منتخبة بواسطة الشعب, لا أن يُعيَّن أعضاؤها من قبل الحكومة أو قادة الانقلاب .
2 ــ يجب أن يكون الانتخاب ديمقراطياً, وبمعنى آخر يجب أن يتم انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية وفقاً لمبادئ الاقتراع العام, الحُرّ, المتساوي, السري, المباشر ( أي على درجة واحدة ), كما يجب أن يتم فرز وإحصاء الأصوات الانتخابية المدلى بها في صناديق الاقتراع تحت إشراف ورقابة القضاء. ولهذا قيل بأن سلامة هذا الأسلوب ( أسلوب الجمعية التأسيسية ) تتوقف على صحة العملية الانتخابية ودقة التمثيل النيابي .
3ـ ولكي يكون الانتخاب حراً بالمعنى الصحيح, فإنه من الضروري أن يكون هنالك خيارات متعددة أمام الناخبين . وهذا ما توفّره الأحزاب السياسية les partis politiques في الدول الديمقراطية. وهو ما يعني إتاحة الفرصة أمام جميع الأحزاب السياسية القائمة ـ دون استثناء ـ للمشاركة في عملية انتخاب الجمعية التأسيسية .
4 ـ يجب أن تكون الحريات العامةles libertés publiques في الدولة مصانة ومكفولة, وإلاَّ فإنَّ اشتراك الأحزاب السياسية المختلفة في الانتخابات سيكون بلا معنى, لأن هذه الانتخابات ستجرى في جوٍ من القمع والكَبْت للحريات .
5ـ وبالإضافة إلى ما سبق, ينبغي على الجمعية التأسيسية ـ التي تتوافر فيها الشروط التي ذكرناها آنفاً ـ أن تمارس عملها بحريّةٍ وحيادٍ تامّين, أي أن تكون بمنأى عن كل الضغوطات السياسية les pressions politiques التي قد تؤثر في عملها .
أسلوب الاستفتاء التأسيسي
إنَّ الديمقراطية في معناها الحرفي تعني "حكم أو سلطة الشعب"؛ ولهذا فقد عرَّفها البعض بأنها « حكم الشعب بالشعب وللشعب », وهو ما يعني أن الشعب في الحكومات الديمقراطية هو صاحب السيادة ومصدر كل السلطات فيها, وهذا يستلزم بطبيعة الحال أن يباشر الشعب بنفسه وبشكلٍ مباشرٍ جميع مظاهر السيادة.
ولمَّا كانت هنالك صعوبات تقنية أو فنية des difficultés techniques تحول دون تطبيق نظام « الديمقراطية المباشرة » في دول عالمنا المعاصر, فكان لا بد من الالتجاء إلى نظام آخر بديل, فكان نظام « الديمقراطية النيابية », الذي من مقتضاه أن يقوم الشعب صاحب السيادة بإلقاء عبء الحكم ومباشرة السلطة على هيئات يختارها, ويترك لها مباشرة تلك السلطة, فالشعب هنا لا يُقرّر بنفسه, وإنما يقتصر دوره على اختيار نوابه الذين سيقرّرون باسمه ونيابةً عنه . وقد كان أسلوب الجمعية التأسيسية ــ السابق دراسته ــ تطبيقاً حقيقياً للنظام النيابي « الديمقراطية النيابية », غير أن هذا النظام الأخير تعرَّض لانتقاداتٍ كثيرةٍ, نظراً لأنه يبتعد كثيراً عن ﴿ المَثَل الأعلى للديمقراطية التي تفترض ممارسة الشعب لسيادته بنفسه ﴾ « l'idée démocratique exige que le peuple exerce lui-même sa souveraineté ».
ولذلك تلجأ بعض الأنظمة الديمقراطية الحديثة إلى إشراك الشعب إشراكاً فعلياً في ممارسة السلطة . وتحقيقاً لهذه الغاية, تقوم هذه الأنظمة أساساً على الأخذ بالنظام النيابي (الديمقراطية النيابية) مع الرجوع إلى الشعب في بعض الأمور المهمة كي يمارسها بنفسه مباشرة, فتُبقي على الهيئات النيابية المنتخبة من الشعب والتي تمارس السلطة باسم الشعب, مع الأخذ ببعض مظاهر (الديمقراطية المباشرة) التي تجعل السلطة في يد الشعب يمارسها بنفسه؛ وهذا هو النظام الوسط الذي يجمع بين الديمقراطية النيابية والديمقراطية المباشرة, ولذلك يسمى بنظام « الديمقراطية شبه المباشرة » .
وحاصل القول, أنه نتيجةَ استحالة تطبيق الديمقراطية المباشرة, وبسبب العيوب التي شابت الديمقراطية النيابية, برزت فكرة « الديمقراطية شبه المباشرة » التي تُشرك الشعب في ممارسة السلطة بجوار الهيئة النيابية المنتخبة, وتجعله رقيباً عليها, وعلى السلطة التنفيذية عن طريق مظاهر معينة.
ومن أهم مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة « الاستفتاء الشعبي », الذي يتنوع من حيث الموضوع المعروض على التصويت الشعبي إلى ثلاثة أنواع هي: ( الاستفتاء الدستوري Constitutional Referendum, والاستفتاء التشريعي Legislative Referendum, والاستفتاء السياسي Political Referendum ).
ويتضح من التعريف السابق أن الاستفتاء الدستوري ينقسم إلى قسمين : « استفتاء تأسيسي » يتعلق بوضع دستور جديد للدولة, و « استفتاء تعديلي » يتصل بتعديل الدستور القائم, سواء بالتغيير في بعض مواده أو بالإضافة أو الحذف . ولمَّا كان النوع الثاني (الاستفتاء التعديلي) يتصل بموضوع تعديل الدساتير, فإننا سنقصر حديثنا هنا على (الاستفتاء التأسيسي), وذلك من خلال بيان مضمون هذا الأسلوب, وانتشاره, وتقديره كواحد من الأساليب الديمقراطية المتبعة في وضع الدساتير .
مضمون أسلوب الاستفتاء التأسيسي
يجمع الفقه الدستوري على أن الاستفتاء التأسيسي Le referendum constituent يُعدّ من أكثــــر الأساليب الديمقراطيــة التي تتبعها الدول المعــاصرة في وضع دساتيرهــا وقواعد نظام الحكم فيها؛ وتعود أصول فكـرة الاستفتاء التــأسيسي إلى « مبدأ السيادة الشعبية » Le principe de la souveraineté populaire .
وتعتبر فكرة الاستفتاء التأسيسي من أهـم مظـاهر أو تطبيقات نظام « الديمقـراطية شبه المباشرة ». وقد ثبت من خلال التجربة أن أسلوب الاستفتاء التأسيسي قد استُخدم بهدف أخذ رأي الشعب إما في مسألة جوهرية يتوقف عليها وضع الدستور, كما حدث في إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية فيها بالنسبة للاستفتاء العام الذي جرى في آذار سنة 1979 بخصوص تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية, أو في إقرار مشروع دستور تضعه جمعية تأسيسية منتخبة (كما حدث بالنسبة لدستور الجمهورية الفرنسية الرابعة لعام 1946)أو لجنة حكومية (كما حدث بالنسبة لدستور الجمهورية الفرنسية الخامسة لعام 1958).
ويمكن تعريف الاستفتاء التأسيسي بأنه ﴿ ذاك الاستفتاء الذي ينصبّ على مشروع دستور معين لحكم الدولة, فيأخذ المشروع صفته القانونية ويصدر إذا وافق عليه الشعب, وإذا رفضه زال ما كان له من اعتبار بصرف النظر عمَّن قام بوضعه ولو تعلَّق الأمر بجمعية تأسيسية منتخبة من الشعب ﴾.
وعلى ذلك, يمكن القول بأن أسلوب الاستفتاء التأسيسي يمرّ بمرحلتين :المرحلة الأولى, هي مرحلة إعداد مشروع الدستور, ويتولى القيام بهذه المهمة إما جمعية تأسيسية ينتخبها الشعب أو لجنة فنية تعيّن الحكومة أعضاءها. ويعدّ ما تضعه هذه الجمعية أو تلك اللجنة من قواعد نظام الحكم في الدولة مجرد مشروع للدستور يفتقر إلى صفَتَيْ النهائية والنفاذ. والمرحلة الثانية, هي مرحلة سريان ونفاذ الدستور , وتبدأ هذه المرحلة بمجرد اقتران مشروع الدستور بموافقة الشعب بعد عرضه عليه في استفتاء عام .
وبذلك يكمن الفرق بين أسلوب الجمعية التأسيسية وأسلوب الاستفتاء الدستوري التأسيسي : فإذا كان الشعب بموجب الأسلوب الأول لا يُقرّر بنفسه دستوره, وإنما يقتصر دوره على اختيار نوابه الذين سيقرّرون باسمه ونيابةً عنه دستور البلاد؛ فإن الشعب بموجب الأسلوب الثاني هو الذي يقرر دستوره بنفسه من خلال الموافقة أو عدم الموافقة على مشروع الدستور المعروض عليه؛ ويترتب على ذلك نتيجة مهمة مفادها أن الدستور ــ الذي يوضع وفقاً لأسلوب الجمعية التأسيسية ــ يستكمل وجوده قانوناً ويصبح نافذاً بمجرد إقراره في صيغته النهائية من قبل الهيئة المنتخبة الممثِّلة للأمة, ودون أن يتوقف ذلك على إقرارٍ من أي جهةٍ كانت, في حين أن الدستور ــ الذي يوضع وفقاً لأسلوب الاستفتاء التأسيسي ــ لا يستكمل وجوده قانوناً ولا يصبح نافذاً إلا إذا أقرَّه الشعب في استفتاءٍ عام .
انتشار أسلوب الاستفتاء التأسيسي
بدأت فكرة الاستفتاء التأسيسي بالظهور مع حركة تدوين الدساتير في بعض المستعمرات الأمريكية الشمالية عقب استقلالها عن بريطانيا العظمى في عام 1776, ولم يكن يُنظر آنذاك إلى الاستفتاء الشعبي على أنه مجرد وسيلة فنية ممكنة لوضع الدساتير, وإنما كتعبير مباشر عن ممارسة فكرة السيادة الشعبية. ففي عام 1778, قام المجلس التشريعي المحلي Provincial Assembly لولاية ماساشوستس State of Massachusetts ــ تحت ضغط المزارعين والبلدات الواقعة غرب الولاية ــ بإعداد دستورٍ عرضه على التصويت الشعبي لإبداء الرأي فيه, فرفضه الشعب, لأن المجلس التشريعي هو من قام بإعداد وثيقة الدستور, وكان من المفترض أن يقوم بهذه المهمة مؤتمر خاص Special Convention يُنتخب خصيصاً لهذا الغرض, وليس المجلس التشريعي, ولهذا سُحِبَ مشروع الدستور, وقام الشعب بانتخاب مؤتمر دستوري Constitutional Convention تولى وضع دستور جديد, وافق عليه الشعب في استفتاء عام جرى في حزيران 1780.
وتأكَّد ظهور الاستفتاء التأسيسي كوسيلة من الوسائل الديمقراطية لوضع الدساتير بصورة واضحة في الإعلان الذي أصدرته الجمعية التأسيسية الفرنسية المعروفة باسم La Convention Nationale في أولى جلساتها بتاريخ 21 أيلول عام 1792, وقرَّرت فيه أن « لا وجود لأي دستور إلا ذلك الذي يقبله الشعب », وتنفيذاً لهذا الإعلان خضع للاستفتاء الشعبي دستور 24 حزيران لسنة 1793, ودستور رقم 5 فريكْتدور للسنة الثالثة لإعلان الجمهورية, ودستور 22 فريمير للسنة الثامنة, ثم تحول الاستفتاء بعد ذلك من حيث الواقع ــ خلال الإمبراطوريتَيْن الأولى والثانية, وفي ظل دستور سنة 1870 ــ إلى استفتاء شخصي أو استرآس Plébiscite يُطلب فيه من الشعب التعبير عن ثقته في شخص رئيس الدولة وفي النظام السياسي الذي يقترحه . ثم عاد الاستفتاء إلى الظهور في صورته الحقيقية في دستورَيْ الجمهوريَّتَيْن الرابعة لعام 1946 والخامسة لعام 1958.
ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 والاستفتاء التأسيسي آخذ في الانتشار في بلاد العالم المتقدِّم والمتخلِّف على السَّواء, خاصة تلك التي نشأت من تفكّك إمبراطوريات ما قبل هذه الحرب, فقد قام على أساسه دستور جمهورية فيمار Weimar Republic الألماني لسنة 1919, ودستور اسبانيا لسنة 1920, ودستور النمسا لسنة 1920, ودستور ايرلندا الحرة لسنة 1937, وكافة الدساتير الجمهوريَّة في مصر وآخرها الدستور الحالي لسنة 1971 الذي نص في المادة رقم/193/ منه على أن : « يُعمل بهذا الدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء ».
ومن الدساتير الحديثة التي صدرت وفقاً لأسلوب الاستفتاء الدستوري, دستور الاتحاد الروسي (روسيا الاتحادية) الذي وافق عليه الشعب في استفتاء عام جرى في كانون الأول سنة 1993, وقد جاء في القِسم الثاني من هذا الدستور ( بعنوان الأحكام الختامية والانتقالية, أن « دستور الاتحاد الروسي سيدخل حيز التنفيذ لحظة نشره بصورة رسمية عقب إعلان نتائج الاستفتاء العام, كما أن اليوم الذي سيجري فيه الاستفتاء في عموم البلاد ـ وهو 12 كانون الأول 1993 ـ سيكون هو تاريخ تبني دستور الاتحاد الروسي ».
وكذلك أيضاً دستور الاتحاد السويسري لسنة 1999 ( وهو الذي حلَّ محل الدستور الاتحادي الصادر في 29/5/1874 ), الذي أقرَّ مسودته البرلمان الاتحادي في 18 كانون الأول عام 1998, ثم وافق عليه الشعب السويسري ( بأغلبية 59% "نعم" مقابل 41% "لا" ) في استفتاء عام جرى بتاريخ 18 نيسان سنة 1999, ودخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني سنة 2000 ( )؛ كما أن دستور جمهورية العراق الدائم لسنة 2005 صدر وفقاً لهذا الأسلوب, حيث نص في المادة /143/ منه على أن « يُعدّ هذا الدستور نافذاً, بعد موافقة الشعب عليه بالاستفتاء العام, ونشره في الجريدة الرسمية, وتشكيل الحكومة بموجبه » .
أما بالنسبة لطريقة وضع دستورنا الحالي الصادر في سنة 1973, فيمكن القول بأنه وضع بطريقةٍ ديمقراطيةٍ, فبناءً على طلبٍ من رئيس الجمهورية الراحل حافظ الأسد " رحمه الله "، شُكِّلت في 26 آذار عام 1972 لجنة برئاسة فهمي اليوسفي رئيس مجلس الشعب مهمتها وضع مشروع دستور دائم للبلاد . وخلصت هذه اللجنة بعد دراسةٍ استغرقت مدة عامٍ كاملٍ تقريباً، إلى وضع مشروع دستور الجمهورية العربية السورية، ثم عرض على مجلس الشعب, فأقرَّه بعد مناقشاتٍ طويلة،في جلسته المنعقدة بتاريخ 30/1/1973 وتاريخ 20/2/1973 .وبتاريخ 3/3/1973 أصدر رئيس الجمهورية المرسوم رقم/199/ المتضمن دعوة المواطنين للاستفتاء على الدستور المذكور بتاريخ 12/3/1973 وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم/8/ تاريخ 1/3/1973 الناظم لأحكام الاستفتاء, وبعد أن اقترن الدستور بتأييد أغلبية ساحقة من هيئة الناخبين ــ وفقاً لنتيجة الاستفتاء المعلنة بقرار وزير الداخلية رقم 166/ ن تاريخ 13/3/1973 ــ أصدر رئيس الجمهورية المرسوم رقم /208/ القاضي بنشر الدستور في الجريدة الرسمية واعتباره نافذاً من تاريخ 13/3/1973
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
رد: أنواع وطرق المؤاتمرات التأسيسة للدستور(مهم للقراءة)
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
amol- مستشار
-
عدد المشاركات : 36762
العمر : 43
رقم العضوية : 2742
قوة التقييم : 9
تاريخ التسجيل : 14/08/2010
رد: أنواع وطرق المؤاتمرات التأسيسة للدستور(مهم للقراءة)
مشكورين للمرور الرائع.وفقكم الله
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
رد: أنواع وطرق المؤاتمرات التأسيسة للدستور(مهم للقراءة)
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
بوفرقه- مراقب
-
عدد المشاركات : 34697
العمر : 58
رقم العضوية : 179
قوة التقييم : 76
تاريخ التسجيل : 30/04/2009
رد: أنواع وطرق المؤاتمرات التأسيسة للدستور(مهم للقراءة)
شكرا لمروركم الكريم...وفقكم الله
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
مواضيع مماثلة
» مكتبة شاطئية للقراءة العمومية
» مقر الهيئة التأسيسية للدستور في مدينة البيضاء...
» مناقشة تطبيق فكرة إقامة يوم وطني للقراءة في ليبيا
» مشروع مكتبة في كل مقهى يحوّل المقاهي إلى نوادٍ للقراءة
» العلاقي. إعلان مجلس برقة استباق للدستور
» مقر الهيئة التأسيسية للدستور في مدينة البيضاء...
» مناقشة تطبيق فكرة إقامة يوم وطني للقراءة في ليبيا
» مشروع مكتبة في كل مقهى يحوّل المقاهي إلى نوادٍ للقراءة
» العلاقي. إعلان مجلس برقة استباق للدستور
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
اليوم في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
اليوم في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
اليوم في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
أمس في 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR