إلى الأخ مصطفى عبد الجليل:الساكت عن الحق شيطان أخرس

رياض بلعيد :إلى الأخ مصطفى عبد الجليل: أذكركم بالقول (الساكت عن الحق شيطان أخرس)

بعد التحية والسلام/

بداية, أقول بأني أثمن وبكل صدق كل الجهود التي قمت ببذلها والتحديات الصعبة التي أخذتها علي عاتقك لتحقيق جميع المطالب والأهداف التي قامت من أجلها ثورتنا المجيدة. أدعوا الله العظيم أن يجعله في ميزان
حسناتك يوم ترفع الأقلام وتجف الصحف
ففي بداية الثورة قمنا بدعمك ومساندتك بكل مانملك وألبسناك ثوب الشرعية ووليناك علي الدفة في الوقت التي كانت فيه الأمواج جد عالية … ومع ذلك كنا واثقين كل الثقة بالله عز وجل أولا وبشخصك ثانيا علي قيادة
سفينة الثورة والوصول بها إلي بر الأمان..
ولكن وللأسف الشديد شتان بين الشيخ مصطفي عبد الجليل الذي عرفناه بموقفه الشجاع عندما تخلي عن منصبه كوزير للعدل في عهد الطاغية نظرا لعجزه عن تحقيق العدل بين الناس وكذلك الذي عرفناه في بداية انطلاق ثورتنا المجيدة وبين مصطفي عبد الجليل اليوم..!!!

اعتقد بأنك علي علم بان أغلب الليبيين والعبد لله من ضمنهم متفقون علي أنك إنسان ذو خلق حسن, طيب القلب, تمتلك الحكمة وانك شخص متدين..وهنا أطلب منك أن تسمح لي بان أمازحك قائلا بان سمة التدين هي الأبرز وان للقبعة التي تضعها علي راسك دور كبير في تعزيز هذه السمة… فالعديد منا لايجرؤ علي انتقادك نظرا لصفة المشيخة التي اكتسبتها كما أن البعض ذهب بعيدا باعتبار شخصك خط احمر لايجوز تناوله بين الألسنة…لذلك ولتفعيل جسر التواصل والحوار بيننا وبينك, ارجوا منك عدم الظهور علينا في وسائل الإعلام بهذه الطاقية كما نسميها في ليبيا لأنها تكبل السنة معضمنا وكما أنها لا تمكننا من القيام بالحكم علي سياستك الحالية, فنحن الليبيين بطبيعتنا وتربيتنا لانجرؤ علي أن ننتقد مشايخنا..

علي العموم اسمح لي أن ادخل في صلب رسالتي وان أعرج علي بعض النقاط والي ماألت إليه الأمور من فساد وتخبط وإحباط شديد عند الناس مصحوب بخيبة الظن في شخصك نظرا لأنك ولي الرعية وأنت المسؤل الأول أمام الله عز وجل عن كل صغيرة وكبيرة وذلك كونك تتربع حاليا علي راس السلطة وموجود علي راس الهرم.

1-الشفافية

الواقع علي الأرض يثبت عدم إتباعك لمنهج الشفافية وكأن هده الكلمة غير موجودة في قاموسك اللغوي (الكاف المذكورة في كلمة ” إتباعك” تشير إلي شخصك والمجلس الذي ترأسه والحكومة التي تنطوي تحت جناح المجلس, هؤلاء اختزلهم كلهم في شخصك لأنك تملك إمكانية تقويم نفسك وكل هؤلاء إن أردت).

كم من القرارات التي اتخذتها أنت وأعضائك والتي قمنا بمعرفتها إما عن طريق القنوات الإخبارية الغير ليبية أو عن طريق مواقع غير ليبية للأخبار علي الانترنت أو من خلال تصريحات لمسؤلين أجانب..!!! لماذا تتبنون هذه السياسة ياسيادة المستشار وكأنكم تتعالون علينا..أتراكم نسيتم أن هذا الشعب الأبي المجاهد هو من مكنكم من اعتلاء هذا المنصب. هذا الشعب الذي تركتموه يتخبط في الظلمات لا يعلم بما تقومون به وما قررتموه وما تنوون مناقشته وإقراره…تركتمونا كما يقال (زى الأطرش في الزفة).

لماذا لم تعد تطل علينا كما في بداية الثورة لتعلمنا بمستجدات الأمور وما اتخذته من قرارات..اعلم ياسيادة المستشار بأنك لست بأفضل من الرئيس الأمريكي اوباما الذي يرأس دولة عدد سكانها يفوق عن 300,000,000 , فالرئيس الأمريكي يخرج علي شعبه بشكل أسبوعي ليعلمهم بجميع مستجدات الأمور وليجيب علي استفساراتهم حتي انه يتواصل معهم عبر اليوتيوب أحيانا…

إن عدم إتباعكم لمبدء الشفافية لسوف يضعف وبشكل كبير جسر الثقة بينك وبين شعبك ولن يعودوا ينظروا اليك كما كانوا ينظرون اليك بالأمس

2- مسودة القانون

أظن بأنه لا يخفي عليك بان الغالبية العظمي من الشعب الليبي قد احتجوا بقوة علي مسودة القانون وطالبوا اللجنة التي قامت بصياغته بتعديل العديد من بنوده… ولكن وللأسف الشديد لم تكترث هذه اللجنة لرأي الشعب وضربته عرض الحائط…فأين أنت من قوله تعالي (وشاورهم في الأمر) أم تراك تناسيته.
لماذا ياسيادة المستشار لم تطلب من المجلس نشر قائمة الإخوة التي قاموا بصياغة هذه المسودة…لماذا لم تأمرهم بالظهور علي وسائل الإعلام ومحاورة الشعب والاستماع له والاستجابة لمطالبه

3-الجرحي

هنا لن أقوم بتذكيرك بمن يكونوا هؤلاء الجرحي ولا عن الدور الذي قاموا به من اجل اجتثاث شرذمة الظلم والفساد ولكن وللأسف الشديد يبدوا أنكم قررتم تحويل موضوع جرحانا إلي مسلسل طويل علي غرار المسلسلات المكسيكية… فعلي الرغم من توفر السيولة والحمد لله نسمع بالعديد من رسائل التهديد بالطرد لجرحانا من قبل من إدارات العديد من المستشفيات نظرا لعدم دفع المبالغ المستحقة عليهم… ألم تشاهد علي الانترنت تصريحات لهولاء الثوار والي نداءاتهم التي والله لتدمع لها العيون فور مشاهدتها.
لعل العديد من إخوتي الليبيون يلقون باللوم علي وزيرة الصحة ويتهمونها بالتقصير والتقاعس في أداء واجبها والتشكيك في مدي نزاهتها بعد أن كان أول قرار تتخذه فور استلامها لوزارة الصحة تعيين أختها وهذا دليل واضح وصريح علي عدم نزاهتها وهو يثبت أن ما يسمي بالوساطة والمحسوبية هو متغلغل فيها. اعلم بأنها تراجعت لاحقا علي قرارها هذا ولكن ذلك لن يكفر عنها ولن يغير وجهة نظري اتجاهها…والبعض الأخر يلوم الأشخاص المسؤليين في السفارات ويتهمونهم بالسرقة والتقاعس في أداء عملهم.

ألا تعلم بان المخلصون الوطنيون مازالوا يقومون إلي وقتنا هذا بجمع التبرعات للمساهمة في علاج الجرحى الذين تقاعست عن حل مشاكلهم وكان الدولة مفلسة ليس لديها أية سيولة لتغطيت هذه المصاريف.
لماذا لاتتعاملون مع المستشفيات من بلدنا مباشرة وذلك بتحويل الأموال من بلدنا إلي الحسابات الخاصة بالمستشفيات وذلك تفاديا لوصول الأموال بين الأيدي التي لانئتمنها…اعلم بأنك والله المسئول الأول عن معاناة إخوتي الجرحي ولسوف تحاسب عن تقصير كل من قصر بأداء واجبه اتجاه جرحانا لأنك سمعت وشاهدت وعلمت بجميع أسباب هذه المشاكل ولكنك لم تحرك ساكنا…

4- السفراء

لماذا أبقيت علي سفراء الطاغية في أماكنهم, هل تناسيت أهداف الثورة؟ ألا تعلم من هؤلاء وما الذي قاموا به أيام الطاغية حتي يتم مكافأتهم وتنصيبهم علي سفاراتنا… ألا تعلم بأنهم كانوا أبواق الطاغية في الخارج…لماذا تركتهم في أماكنهم ياسيادة المستشار؟ هل لخبرتهم وللعلم الذي يحملونه..إن كانت إجابتك نعم فاني اعترض علي رأيك وبقوة ولتعلم أنهم ليسوا من ذوي العلم وليس لديهم أية خبرة في السلك الدبلوماسي وهم غير وطنيون..كل مالديهم أنهم علي درجة عالية من ناحية الحس الأمني وهم عبيد لسيدهم…

نراهم الآن لايكترثون لجرحانا في المستشفيات ويتقاعسون عن القيام بدورهم وهذا شئء لايفاجئني كيف لا وهم في قرارة أنفسهم مازال لديهم الولاء لسيدهم الطاغية

اقسم بالله لو انك قمت باختيار 200 ثائر من الثوار الحقيقيون وقمت بإرسال اثنين من الثوار لكل سفارة لتجنبنا والله كل هذه المشاكل والشكاوي ضد المسؤلين من أعوان الطاغية القائمين حاليا علي تسيير شؤون السفارات.

فالثائر الحقيقي لا يمد يده إلي مال حرام ولن يقوم بسرقة وطنه…والسبب أنهم يتذكرون حديث المصطفي (اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك).

5- العدل

كما ذكرت سابقا, الكل يثمن موقفك عندما قمت بتقديم استقالتك كوزير للعدل لأنك قلت بأنك عجزت عن تطبيق العدل وكنت مكبلا من قبل الطاغية الذي لم يمكنك من اداء مهمتك.
وهنا أسالك, هل من العدل علي سبيل الذكر أن لا تأمر هيئة القضاء أو النائب العام من القبض علي ابن وزير الدفاع المتهم بجريمة قتل والتحقيق معه.. فان كانت هيئة القضاء أو النائب العام لايملكون القدرة علي القبض عليه فانه فمن واجبك كمسؤل عن الرعية أن تأمرهم بذلك..أم تراك لم تسمع بهذه القضية إلي وقتنا هذا ؟؟
لماذا لاتأمر بالشروع بمحاكمة ابن الطاغية وكل أزلام الطاغية المحتجزين..هل من العدل أن يتم احتجازهم إلي اجل غير معلوم أم انه رضوخا لبعض الأصوات التي تتخوف أن يتم كشفها…هل من العدل أن يترك المتهمون بقتل اللواء عبد الفتاح يونس يصولون ويجولون بدل أن يتم القبض عليهم حتي استكمال التحقيقات.

6-علاقة ليبيا مع العالم الخارج

في البداية أعيد واكرر بأنك لا تملك الحق في إبرام أية عقود أو اتفاقيات إستراتيجية مع دول العالم الخارجي . فهذا الموضوع هو من اختصاص الحكومة المستقبلية المنتخبة ديمقراطيا, فهي وحدها دون غيرها المخولة بإبرام مثل هذه الاتفاقيات والمعاهدات
ياسيادة المستشار إن مصلحة بلادنا تكمن في الاستفادة من خبرات ومنتجات شركات العالم الأول وليس مع شركات دول العالم الثالث… فعلي سبيل المثال الشركات الهولندية كان لها دور رئيسي في اعمار مدينة دبي
فوالله لطالما أزعجنا قولك بان شركات دول العالم الثالث سيكون لهم دور مهم في برنامج إعادة اعمار ليبيا..اتقي الله ياسيادة المستشار في هذا البلد وهذا الشعب.
إن التطوير والنهوض ببلادنا يجب أن يتم عن طريق الاستفادة من الخبرات الأوربية اوالامريكية اوالكندية..فهذه حقيقة لايجب انكارها, فهي تتفوق علي الشركات الأسيوية وبالتأكيد علي شركات دول العالم الثالث أيضا..ولا تنسي ياسيادة المستشار بان أبناءنا سيستفيدوا أيضا وعقولهم سوف تتنور من دون ادني شك.

7- المتسلقين وأزلام القذافي

إن استبعاد هؤلاء من الحياة السياسية لهو مطلب أساسي وهو احد المطالب التي طالب بها الليبيون الأحرار. فقط وفقط عندما يتم استبعاد هؤلاء من جميع المراكز الحساسة بالدولة نستطيع أن نقول بكل فخر إن ثورتنا
قد نجحت مئة بالمئة.
والي كل من تاب من هؤلاء وساند ثورتنا بصدق نقول لهم إننا نثمن وبصدق أعمالهم هذه والتي تدخل ضمن إطار الواجب اتجاه الوطن ولكن نرجو منهم التنحي جانبا وفتح المجال للوجوه الشابة الجديدة التي لم تقم قط في يوم من الأيام بتبجيل الطاغية ولم تطبل له وهم كثر مع أن البعض وللأسف يحاول أن يشكك في ذلك.

8- الحكومة الحالية

أرجو منك ومن جميع الأعضاء بالمجلس عدم التدخل في أعمال حكومة الكيب. ففي الوقت الحالي لاأبالغ ان قمت بوصف المجلس بأنه كالطوق يكبل يدي حكومة الكيب. فالأخ الكيب وعلي الرغم من عدم امتلاكه للحنكة السياسية لكنه يلقي استحسانا من قبل الجميع فهو إنسان متواضع, غير غامض كما انه يتسم بالوضوح وطريقته سلسة في الحوار وطيب يحب البلاد والليبيين كافة. ألا إن تتدخل المجلس وبطريقة شبه دائمة وكأنكم تحاولون تهميش دور الحكومة لسوف يؤدي إلي أعمال سلبية لايحمد عقباها ولا نتمناها.

9- حالة الأسر الليبية بعد الثورة

الجميع وعلي وجه الخصوص إخواننا الليبيون ممن يعانون من الفقر المدقع توقعوا بان تتغير أحوالهم بعد قيام الثورة وهزيمة الطاغية وعودة معظم الاموال المجمدة إلينا, هؤلاء ياسيادة المستشار شاهدناهم في اليوتيوب وعلي صفحات الانترنت يشتكون من قلة الحاجة فبعضهم والله لا يجد مال يكفيه لإطعام عائلته والبعض يعيش في براريك من الزينقو ولا حول ولا قوة إلا بالله..

اعلم ياسيادة المستشار انك ستحاسب أمام الله عن هؤلاء فمن أتته المنية أو مرض منهم نتيجة سوء تغذية أو نتيجة لبرد الشتاء القارص فهو في رقبتك يوم الحساب وستسئل عنه أمام رب العماد. وهنا لايفوتني في هذه الرسالة أن أقوم بتذكيرك بقصة سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه والأطفال الجياع.

قال اسلم مولى عمر بن الخطاب خرجتُ ليلة مع عمر إلى حرة ( وهو المكان الممتلئ بالصخور والذي يصعب المشي عليه ) وأقمنا حتى إذا كنا بصرار فإذا بنار فقال يا اسلم ها هنا ركب قد قصر بهم الليل انطلق بنا إليهم فأتيناهم فإذا امرأة معها صبيان لها و قدر منصوبة على النار وصبيانها يبكون فقال عمر السلام عليكم يا أصحاب الضوء ( وهذا من أدبه رضي الله عنه فلم يحب إن يقول لهم السلام عليكم يا أهل النار ) قالت وعليك السلام قال اادنو قالت ادن أو دع فدنا فقال ما بالكم قالت قصر بنا الليل والبرد قال فما بال هؤلاء الصبية يبكون قالت من الجوع فقال وأي شيء على النار قالت ماء أعللهم به حتى يناموا فقالت الله بيننا وبين عمر فبكى عمر ورجع يهرول إلى دار الدقيق فاخرج عدلا من دقيق وجراب شحم وقال يا اسلم احمله على ظهري فقلت إنا احمله عنك يا أمير المؤمنين فقال أأنت تحمل وزري عني يوم القيامة فحمله على ظهره وانطلقنا إلى المرأة فألقى عن ظهره ووضع من الدقيق في القدر وألقى عليه من الشحم وجعل ينفخ تحت القدر والدخان يتخلل لحيته ساعة ثم انزلها عن النار وقال ااتني بصحفه ( وهو ما يوضع فيه الأكل ) فأتى بها فغرفها ثم تركها بين يدي الصبيان وقال كلوا فأكلوا حتى شبعوا والمرأة تدعوا له وهى لا تعرفه و تقول انت اولى من عمر بالخلافة , فلم يزل عندهم حتى نام الصغار ثم أوصى لهم بنفقة وانصرف ثم اقبل علي فقال يا اسلم الجوع الذي أسهرهم وأبكاهم

أخيرا

ياسيادة المستشار ارجوا أن يتسع صدرك لما قرئت فوالله إني احترمك كثيرا لشخصك ولتواضعك وللأخلاق الحميدة التي تتحلي بها فنحن إخوة أولا وأخيرا

واختم بان ادعوا الله العلي القدير أن يريك الحق حقا ويرزقك إتباعه وان يريك الباطل باطلا ويرزقك اجتنابه.

وفقنا الله وهدانا لما فيه خير بلادنا وعاشت ليبيا حرة أبيه يسودها الآَمن والرخاء

والسلام خير ختام

م. رياض بلعيد