هل نحتفل ب17 فبراير أم نعمل لها بصمت ؟

ليبيا اليوم - كلمة المحرر

مع اقتراب يوم 17 فبراير شهدنا العديد من مظاهر الاستعداد للاحتفال بذكراها ، وهو أمر مفهوم غير أنه مثير للتساؤل ؟! إذ أن مسيرتنا لم تنته بعد وثورتنا لم تحقق كل أهدافها ، كما أن حياتنا لم تتغير تغيرا يتناسب مع حجم التضحيات التي بذلناها ، والأدهى والأمر أننا لا نزال أسرى ثقافة العهد المظلم الذي سيطر على حياتنا لعقود طويلة .

عندما ننجز كل ما نصبوا إليه ، وعندما تتغير حياتنا تغيرا ظاهرا من التخلف إلى الرقي والتقدم ، وعندما تتغير ثقافتنا نحو الحوار والتعايش مع المخالفين ، ونبذ الفساد والانتهازية ، وإسقاط الخصوم بالباطل ، و نصبح أكثر ودا وتواضعا وأحسن خلقا ، عندها سيكون للاحتفال معناه الحقيقي ومبرره المنطقي .

وإنني اليوم أشارك الذين يحذرون من أن الاحتفال سيفتح علينا أبواب الفساد وإهدار الأموال من محترفي إعداد وإدارة احتفالات الفاتح والسلطة الشعبية سيئة الذكر ، واحتفالات السابع من أبريل يوم مذبحة الحرية في الجامعة ، لقد كان هناك العديد من الأشخاص المتنفذين الذين يديرون شبكات من التشاركيات والمقاولين المزعومين والتابعين لهم ، يتكسبون من الاحتفالات التي تفتح فيها الخزائن وتضخ فيها الأموال بلا رقيب ولا حسيب ، وقد انتفخت كروش من هذه القروش ، وتكونت ولاءات وترسخت ثقافة فاسدة لدى هؤلاء الطفيليين ، فلا يصح أن نفتح لهم الباب من جديد ليهدروا الأموال وينشروا الفساد في البلاد .

كذلك لا نود التغافل عن خروج الساعدي القذافي وحديثه على قناة العربية ، وتهديده لليبيين الثائرين على نظام أبيه ، بأنه سيرجع وأن عديد المؤيدين لهم سوف ينتفضون في ذكرى الثورة لإعادة نظامهم ، وإسقاط المجلس الانتقالي ، كما يظن هذا اللاعب الشيخ المفكر !! فعلى الرغم من تهافت هذا الكلام وصاحبه ، إلا أننا نستفيد من ذلك عدة فوائد من أهمها : ضرورة أخذ الأمور بجدية مثل متابعة هؤلاء الفارين وملاحقة المطلوبين منهم لإعادتهم إلى ليبيا ليواجهوا العدالة ، وهو هدف مشروع لابد من الحرص على تحقيقه ، ولا يكفي أن تضع النيجر هذا الآبق تحت "الإقامة الجبرية" وتصادر ما عنده من أجهزة .

كما أن الثورة والثوار ليسوا معصومين من الأخطاء ، فلا بد من تفعيل آليات النقد والتصحيح دون تجريح ولا تسفيه ولا تقديس ، حتى لا يتسع الخرق على الراقع .

وفي الختام ... ثورتنا كانت فريدة ، وعلينا أن نواصل مسيرتنا لتحقيق أهدافها ، ولا ننشغل بالقشور عن الجوهر : فنحتفل في وقت الفعل ، وننشغل بالجدل عن العمل ، ونضيع الأوقات فيما لا طائل من ورائه ، وننشغل بالمعارك الجانبية عن المعارك الحقيقية للبناء و الإعمار .