هل تنزعجون من قطرات الشاي التي تقطر من فوهة الإبريق

هل تنزعجون من قطرات الشاي التي تقطر من فوهة الإبريق وتلوث صحن الفنجان؟ إليكم السبب.....
=====================================
لماذا تقطر أباريق الشاي؟
قم بزيارة أي مقهى في هونغ كونغ وسترى الناس ينقرون على الطاولة بثلاث أصابع. تقول القصة أن إمبراطورا صينيا أراد أن يعرف كيف يعيش الناس العاديون فقام بارتداء ثياب عادية وذهب إلى المقهى. عندما شاهد الامبراطور الناس يصبون الشاي لبعضهم البعض بخفة ودون إراقة قطرة واحدة قرر أن يصب الشاي بنفسه لخدمه. وفي سعيهم لعدم كشف هوية الامبراطور الحقيقية بالانحناء شكرا له، قام الخدم بالانحناء له خفية بأصابعهم ، و من دون قصد أصبح ذلك بداية طقوس تستمر إلى يومنا هذا.
لسوء الحظ فإن القصة لاتخبر فيما إذا استطاع الامبراطور أن يصب لخدمه الشاي دون إراقة شيء ولكن لماذا تقطر أباريق الشاي هي مشكلة لازال العلماء يحاولون معرفتها منذ زمن طويل.

في المختبر .....
اعتقد العلماء في البداية أن "أثر إبريق الشاي" لابد أن يكون بسبب توتر السطح. ولكن في العام 1956 قام ماركس رينير بتجربة بينت أن ذلك لم يكن صحيحا. حيث وضع قارورة مخروطية رأسا على عقب في الماء وصب فوقها ماءا مالحا. والماء المالح يغوص في المياه العادية لأنه أكثر كثافة. وبما أن توتر السطح ليس له تأثير تحت الماء فإن مجرى المياه المالحة كان ينبغي أن يسقط مباشرة إلى الأسفل من الحافة السفلى للقارورة ولكن رينير وجد أن الماء قد اتبع اعوجاج القارورة لبرهة قصيرة. وقد برهن أيضا أن معدل التدفق كان مهما. كلما كان الانصباب أبطاء كلما كان احتمال أن يقطر ابريق الشاي أكبر. وبالانصباب السريع فإن للشاي فرصة أقل أن يبطىء ويغير مساره ومن ثم أن يقطر من الفوهة.
الشخص الثاني الذي حاول معرفة لماذا تقطر أباريق الشاي كان جوزف كيلر أستاذ الرياضيات والهندسة الميكانيكية في جامعة ستانفورد والحائز على جائزتي أي جي نوبل. لقد علل بأنه لابد أن يكون مجموع كل من مبدأ بيرنولي ( ينص المبدأ على أن ضغط السائل يرتفع كلما انخفضت سرعته ، و العكس بالعكس ) وضغط الهواء يضغطان على الماء مما سبب سيلانه على الجانب السفلي من الفوهة.
وحديثا في 2009 اكتشف العلماء الفرنسيون جزءا آخر من الأحجية وهو أثر قابلية البلل The effect of wettability.
قابلية البلل هو مقياس لمقدار حب السائل للاتصال مع سطح ما. على أحد جانبي مقياس قابلية البلل توجد مواد مثل الزجاج النظيف حيث يميل الماء إلى الانتشار. وفي الجانب الآخر توجد المواد فائقة –الرهاب- للماء superhydrophobic materials . توجد هذه المواد بشكل طبيعي مثل ورقة اللوتس أو بالإمكان إضافتها كرذاذ بفضل الاختراعات الحديثة جاعلة أي مادة غير قابلة للنفاذ للسوائل أو الأوساخ.
بحث العلماء الفرنسيون عن تأثير قابلية البلل على أباريق الشاي التي تقطر. يقول ليدريك بوكيه أحد العلماء الذين قاموا بالتجربة "في تجربتنا قمنا بشكل منهجي بتنويع قابلية البلل لنوع من الفوهات وكذلك شكلها الهندسي وخاصة نصف قطر انحناء الفوهة. ما وجدناه هو أنه لتفادي التنقيط ولزيادة قذف الماء إلى حده الأعظم فمن الأفضل استخدام غلاف hydrophobic أي غير نافذ للماء".
إن قابلية البلل لسطح ما تحدد سلوك السائل. السوائل تميل إلى الالتصاق قليلا بالمواد الصلبة، قلب الصفحة بإصبع مبتل على سبيل المثال ، وهذا مايسبب إنتشار السائل على سطح ما. يؤخذ بعين الاعتبار أن الجزيئات في السوائل تنجذب إلى بعضها البعض أيضا مما ينتج عن ذلك ظاهرة توتر السطح وهذا هو السبب في تشكيل السائل لقطيرات صغير على سطح ما.
إن للمواد فائقة الرهاب للماء superhydrophobic materials سطحا فائق الإحكام على مقاييس صغيرة جدا (نطاق النانو) مما يجعل من الصعب على السؤال الالتصاق بالسطح والانتشار. فتسيطر القوى الجاذبة الداخلية مسببة تكور السائل في قطرات.
إذا فإن فوهة إبريق الشاي فائقة الرهاب للماء superhydrophobic تمنع التنقيط بكسر مجرى الشاي إلى قطيرات صغيرة منفصلة والتي تسقط في فنجانك بدل ان تلتصق بالجانب النازل للأسفل من الفوهة.
قام بوكيه وزملاؤه أيضا بالنظر في الكيفية التي يؤثر بها انحناء الفوهة على التنقيط. لقد وجدوا أنه إذا كانت الفوهة رقيقة وذات نصف قطر صغير فإنها أقل احتمالا أن تنقط لأنه يكون أصعب على التدفق أن يقوم بانحناء حاد على الجانب السفلي للفوهة.
ولكن بعد كل ماقام به علماء الأبحاث تكون مسألة تنقيط إبريق الشاي أحيانا في يدي صانعه .

صانع إبريق الشاي .....
" إن تعلم صنع أباريق الشاي هي الذروة في تعلم كيفية رمي الفخار على العجلة" يقول جس جوسلن، وهو صانع فخار. "هنالك الكثير من المراحل المختلفة المتعلقة بهذا: الجسم ، الفوهة، الغطاء والمقبض. عليك بعمل هذه القطع بشكل منفرد ثم تجميعها على فترة يومين. قد يستغرق الموضوع على الأقل عشرة أيام أو شهرا إذا كنت تصنع دفعة كاملة. وبعد ذلك ربما قد تقطر"
لذا فإن أباريق الشاي التي تقطر هي حقيقة من حقائق الحياة بالنسبة للغالبية ولكن ليس بالنسبة لربات البيوت في العشرينيات من القرن الماضي واللاتي علمن كيفية تغيير قابلية التبلل للسطوح وتخلصن من التنقيطات وذلك بفرك الزبدة على الجانب السفلي للفوهة.