«أوبك»: تاريخ.. بلا حاضر أو مستقبل!

من طرف **عبدالحفيظ عوض ربيع** 2010-10-25, 3:32 pm

«أوبك»: تاريخ.. بلا حاضر أو مستقبل!
وكلات - الدمام
أوبك تحتاج إلى تغيير استراتيجي جوهري
قال تقرير الشال لم نعلق على مرور 50 سنة على تأسيس «أوبك» ، ليس لأنها منظمة لا تستحق توثيق تاريخها ، ولكن ، لأن التاريخ وحده هو ما تبقى لها ، أما حاضرها ، فهو لا شيء، تقريباً ، ومستقبلها ليس أفضل من ذلك ، فالتاريخ يذكر أن قرار تأسيسها جاء بعد عقد الخمسينات من القرن الماضي ، حين كانت الزيادة في الإنتاج تأتي فقط لتعويض فاقد الإيرادات الناتج من هبوط الأسعار يومها ، تنادي خمسة مسؤولين نفطيين مخلصين «وزراء نفط» للاجتماع في بغداد ، لتأسيس «أوبك» للدفاع عن مصالح الدول المنتجة.
ذلك التعاون أدى إلى وقف هبوط أسعار النفط ، ثم أدى إلى إعادة صياغة الاتفاقات مع شركات النفط - تنفيق العائدات مثلاً- ، ثم تعويض الانخفاض الحقيقي في الأسعار بعد هبوط الدولار الأميركي ، بخروجه عن قاعدة الذهب ، في عام 1971م، ثم اتفاقات المشاركة والتأميم اللاحق، وانتهى التاريخ الجميل عند ذلك الحد ، وبدأت حروب «أوبك» الداخلية ، وبدأ الكذب حول حجم الاحتياطيات النفطية ، للحصول على حصص إنتاج أعلى ، وانفرطت هذه المنظمة في ديسمبر من عام 1985م ، وقام الرئيس بوش الأب في ربيع عام 1986م ، عندما كان نائباً لرئيس الولايات المتحدة الأميركية ، بترميم كسورها ( دفاع الخصم عن خصمه ) ، وحتى عندما انتقل سوق النفط من تفوق عامل الطلب على عامل العرض ، بدءًا من عام 2003 بسبب نهوض عمالقة آسيا ، اكتمل ضياع هوية المنظمة، وزاد مقدار الهوى السياسي الذي يحكم تصرفاتها ، رغم وفرة الإيرادات ، وزاد معه أثر النفط كنقمة لا كنعمة ، فكل دول النفط في أوبك تعاني ، بدرجات مرضية خطرة -وإن متفاوتة- مما يسمى «المرض الهولندي» أو ضعف تنافسية اقتصاداتها.
واجتمعت «أوبك» ، الأسبوع الماضي وقررت رضاها عن مستوى الأسعار الحالي 70 إلى 80 دولاراً أميركياً للبرميل - وأبقت سقوف الإنتاج على حالها ، وما تعرفه «أوبك» هو أن سقوف الإنتاج مُلتزم بها بنحو 61 في المائة ، فقط طبقاً لتصريح رئيسها، وربما بنحو أقل في الواقع ، وأن حصص الإنتاج فرضها الأمر الواقع قبل بضعة سنوات وليست مقررة وهي عملياً، مكافأة لمن خرق سقوف الإنتاج. وسواء في اجتماعها الفائت أو ما سبقه من اجتماعات ، لم تكن هناك معايير محترمة تنظم عملية اتخاذ أي من قراراتها، كما ليس هناك ما يمنع خرق أي من أعضائها أياً من قراراتها التي سبق الاتفاق عليه.
ونعتقد أن السوق في المستقبل سيعمل على خفض أهمية هذه المنظمة ولكن رغم عدم التزامها الحالي ومع وجود طاقة إنتاج فائضة لديها ، ظلت الأسعار على تماسكها ، ولكن تغير الظروف أيضاً ، وخروقات الأمر الواقع يفترض أن يفضي إلى تغيير في استراتيجية «أوبك» وأهدافها ، وربما مكونات عضويتها.
فالتاريخ الجميل قد تم استهلاكه ، والإصرار على بقاء الكيان يعتبر إنجازاً رغم تغير الظروف وتفكك المرجعيات، يضعف الالتزام وهو المعطى الذي يحتاج إلى تغيير استراتيجي جوهري، ما قد يؤدي إلى استعادة بعض الصدقية التي لا شيء يستحق الاحتفال من دونها.