منتديات عيت ارفاد التميمي
أهلاً وسهلاً بك عزيزي الزائر في منتديات عيت أرفاد التميمي .. تفضل بالدخول ان كنت عضواً وبالتسجيل ان لم يكن لديك حساب وذلك للحصول علي كامل المزايا ولمشاهدة المنتديات المخفية عن الزوار..

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عيت ارفاد التميمي
أهلاً وسهلاً بك عزيزي الزائر في منتديات عيت أرفاد التميمي .. تفضل بالدخول ان كنت عضواً وبالتسجيل ان لم يكن لديك حساب وذلك للحصول علي كامل المزايا ولمشاهدة المنتديات المخفية عن الزوار..
منتديات عيت ارفاد التميمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
إعلانات المنتدي

الأخوة الزوار

سجل فوراً في منتديات عيت أرفاد التميمي لتنال احقية مشاهدة اخبار المنطقة ومتابعة كل صغيرة وكبيرة في التميمي - اخبار المنطقة محجوبة عن الزوار

الأعضاء الكرام

الكلمة الطيبة صدقة والاحترام المتبادل تاج علي رؤوسكم وتذكروا قول الله عز وجل !! ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد
المواضيع الأخيرة
» إبراهيم دياز يرفض عرضا ضخما من السعودية
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime1اليوم في 8:54 am من طرف STAR

» فوائده كثيرة في الطقس الحار.. لهذا عليكم تناول البطيخ في فصل الصيف
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime1اليوم في 8:54 am من طرف STAR

» معلومة مثيرة.. حتى النمل يبتر أطرافه للحفاظ على حياته
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime1اليوم في 8:53 am من طرف STAR

» المجدرة
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime1اليوم في 8:51 am من طرف STAR

» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime1اليوم في 8:47 am من طرف STAR

» باريس سان جيرمان يقدم ربع مليار يورو لضم نجم برشلونة
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime12024-06-30, 9:36 am من طرف STAR

» ألقوا طفلاً من الطابق الخامس أثناء سرقتهم مسكنا
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime12024-06-30, 9:35 am من طرف STAR

» بماذا ينذر الشخير العالي؟ دراسة تجيب
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime12024-06-30, 9:33 am من طرف STAR

»  جراد البحر الياباني ...
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime12024-06-30, 9:32 am من طرف STAR

» مباريات اليوم السبت 29/6/2024 والقنوات الناقلة
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime12024-06-29, 10:02 am من طرف STAR

» رحلة إلى القاهرة.. كورنيش النيل وجهة سياحية لا تفوت
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime12024-06-29, 9:38 am من طرف STAR

» تطورات مفاجأة في مشاركة محمد صلاح في الأولمبياد
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime12024-06-29, 9:38 am من طرف STAR

» هل تتأثر الشهية بحرارة الصيف؟ اليكم آخر الدراسات
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime12024-06-29, 9:37 am من طرف STAR

» الكنافة بالجبنة العكاوي والموزاريلا
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime12024-06-29, 9:36 am من طرف STAR

» أفضل الهواتف الذكية الداعمة لتقنية الشحن السريع
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Icon_minitime12024-06-27, 9:50 am من طرف STAR

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم


بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15)

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Empty بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15)

مُساهمة من طرف المعبدي 2011-10-29, 8:10 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

الجمهورية السودانية
جامعة وادي النيل
كلية الدراسات العليا
قسم الاقتصاد



منهج الاقتصاد الإسلامي في تحقيق التكافل الاقتصادي والاجتماعي

لنيل درجة الماجستير في الاقتصاد

إعداد
... المعبدي

إشراف فضيلة

أ . د . سيف النصر عبد الله الباقر
أستاذ الاقتصاد الإسلامي
عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية

2003 - 2004 ف

يتناول البحث دراسة موضوع (( منهج الاقتصاد الإسلام في تحقيق التكافل الاقتصادي والاجتماعي )) وذلك في ثلاث أبواب:

الباب الأول : وهو معالم الاقتصاد الإسلامي والفرق بينه وبين الاقتصاد الوضعي ويحتوي على فصلين .

الفصل الأول :- عن معالم الاقتصاد الإسلامي , وفيه ثلاث مباحث :

 المبحث الأول : عن ملامح الفكر الاقتصادي الإسلامي .
 المبحث الثاني : التطبيقات العملية للاقتصاد الإسلامي في العصور الأولى .
 المبحث الثالث : بعض تطبيقات الاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث .

الفصل الثاني : وهو عن الفرق بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الوضعي وفيه ثلاث مباحث .

 المبحث الاول : ملامح الاقتصاد الوضعي الرأسمالي .
 المبحث الثاني : ملامح الاقتصاد الوضعي الاشتراكي .
 المبحث الثالث : الفرق بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الوضعي الرأسمالي.

أما الباب الثاني : فهو عن منهج الإسلام في تحقيق التكافل الاقتصادي ويحتوي على فصلين :

الفصل الأول : يتحدث عن تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وبه ثلاث مباحث :

 المبحث الأول : التدخل التنظيمي في النشاط الاقتصادي .
 المبحث الثاني : التدخل الرقابي في النشاط الاقتصادي .
 المبحث الثالث : التدخل المالي في النشاط الاقتصادي .


الفصل الثاني : يتحدث عن الأدوات الإسلامية التي تساهم في تحقيق التكافل الاقتصادي وفيه مبحثان :

 المبحث الأول : كيفية توزيع الدخل في الاقتصاد الإسلامي .
 المبحث الثاني : الأدوات التي يتحقق بها التكافل الاقتصادي .

أما الباب الثالث : فهو عن منهج الإسلام في تحقيق التكافل الاجتماعي ويحتوي على فصلين :
الفصل الأول : يتحدث عن التكافل الاجتماعي في نطاق المجتمع والدولة وفيه مبحثان .

 المبحث الأول : التكافل العام بين أفراد المجتمع .
 المبحث الثاني : حق المجتمع في الموارد العامة للدولة .

الفصل الثاني : يتحدث عن الأدوات الإسلامية التي تساهم في تحقيق التكافل الاجتماعي وفيه مبحثان :

 المبحث الأول : كيفية إعادة توزيع الدخل في الاقتصاد الإسلامي .
 المبحث الثاني : الأدوات التي يتحقق بها التكافل الاجتماعي .
 الاستنتاجات .
 التوصيات .
 الخاتمة .
 المراجع .








المبحث الأول : ملامح الفكر الاقتصادي الاسلامى :
إن الاسلام متين البناء متكامل الأجزاء متوازن العناصر يضمن لمن التزم أوامره وانتهى بنواهيه سعادة الدارين الدنيا والآخرة . ولأن الاسلام هو خاتم الرسالات السماوية ولأنه أيضاً دين الفطرة فقد جاء لينسخ كل ما قبله من الرسالات ، ولينظم للناس أمور دينهم ودنياهم وهو في ذلك يقيم توازناً دقيقاً بين أمور الدنيا والآخرة كما في قوله تعالى :} وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك{ ويقيم توازناً بين حاجات الإنسان المادية والروحية وبين حقوق وواجبات الأفراد تجاه بعضهم بعضاً وبين مصالح الأفراد ومصلحة الجماعة ووضع الضوابط والقواعد التي تحول دون جور إحدى هذه المصالح على الأخرى.
(( ويبدو كل ذلك بكل جلاء ووضوح في تنظيم الإسلام للنشاط الإقتصادى ))
أن أهم ما يميز الاقتصاد الاسلامى ارتباطه التام بدين الاسلام عقيدة وشريعة فالاقتصاد الإسلامي رباني لأن منطلقاته من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وغاياته الى الله ووسائله لا تحيد عن شرع الله ولا عن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالنظام الاقتصادي الاسلامى هو جزء من كل وفرع من أصل وهو محكوم بالمبادئ والقيم التي يتضمنها الإسلام . وهو بهذا البمادئ والقيم يقدم الحل الأمثل والعلاج الأوفى والأشمل لما تعارف علماء الاقتصاد على تسميته بالمشكلة الاقتصادية وما يرتبط بها من تنظيم للإنتاج والتوزيع وما يدخل في إطار هذا التوزيع من نظم فرعية وسياسات وتطبيقات .
إن الاقتصاد الاسلامة قديم قدم الاسلام نفسه سواء كونه مذهباً أم من حيث كونه نظاماً . أما المذهب فهو المبادئ والقواعد والأسس والأصول العامة التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والآثار المنقولة عن الصحابة رضى الله عنهم وهى قليلة وعامة وتتعلق بالحاجات الأساسية لكل مجتمع ولذلك فهي صالحة لكل زمان ومكان وهى ثابتة غير قابلة للتغير أو التعديل ، فقد جاءت هذه المبادئ والقواعد والأصول ليلتزم بها المسلمون في كل زمان ومكان بغض النظر عن درجة التطور الاقتصادي للمجتمع أو أشكال الانتاج السائدة فيه .
وأما النظام الاقتصادي فهو مجموعة الإجراءات العملية أو التنظيمية أو التنفيذية المتبعة وهذه تختلف أو هي تقبل (( التغيير والتبديل باختلاف الأزمنة والأمكنة ))
أى أنها قابلة للتطوير في حدود الثوابت الإسلامية ، فالمبادئ التي جاء بها الإسلام ،في الاقتصاد الإسلامي ثابت ولكن أساليب التطبيق تتغير وتتطور تماشياً مع الواقع الجديد في حدود الثوابت والمبادئ الإسلامية.
وهذه التطور الذي هو من عمل المجتهدين في الاقتصاد الإسلامي لا يوصف بأنه إسلامي إلا إذا توافر فيه شرطان أساسيان :
أولهما :
إلتزامه بالأصول الاقتصادية الإسلامية أى المذهب الاقتصادي الاسلامى حسبما كشفت عنه نصوص القرآن والسنة .
ثانيهما :
أن يتوصل إليه بالطرق الشرعية المقررة والمعروفة عند أهل العلم من قياس واستصحاب واستحسان واستصلاح ...الخ.
فالاقتصاد الإسلامي بعبارة مبسطة " هو الذي يوجه النشاط الإقتصادى وينظمه وفقا لأصول الإسلام ومبادئه الاقتصادية وبهذا يتضح أن الاقتصاد الإسلامي ذو شقين :
الشق الأول : وهو الشق الثابت ويتعلق بالمبادئ والأصول الاقتصادية الاسلامية التي جاء بها الإسلام منذ أربعة عشر قرناً .
الشق الثاني : هو الشق المتغير ويتعلق بالتطبيقات أى كيفية إعمال الأصول الاقتصادية الإسلامية في مواجهة مشكلات المجتمع المتغيرة , ونوضح ذلك فيما يلي :
أولا :- الشق الثابت :
وهو خاص بالمبادئ أو الأصول الاقتصادية التي جاء بها الإسلام حسبما وردت في القرآن والسنة وذلك ليلتزم بها المسلمون في كل زمان ومكان بغض النظر عن درجة التطور الإقتصادى للمجتمع أو أشكال الانتاج السائدة فيه ، ومن أمثلة ذلك :
1- أصل المال مال الله والبشر مستخلفون فيه :
لقد أهتم الاسلام بالمال إهتماماً بالغاً وعنى به عناية فائقة فذكر في القرآن الكريم ستا وسبعين مرة على إختلاف أحوال لفظه وذلك لأن المال يلعب دوراً هاماً في حياة المجتمع فهو بالنسبة الى الفرد وسيلة لإشباع الحاجات وهو بالنسبة إلى المجتمع وسيلة التنمية وتحقيق التكافل ومصدر القوة وبه قوام الحياة ومصدر حركتها في الأنشطة الاقتصادية .
يقول تعالى :}ولله ما في السماوات والأرض { .
ويقول تعالى:} وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه{ .
وقوله تعالى: }المال والبنون زينة الحياة الدنيا{ .
لقد جاءت نظرة الإسلام الى المال نظرة ذات طابع خاص ، فهي تهدف الى التوازن التام بين رعاية المصلحة العامة والمصلحة الخاصة .
2- أصل ضمان حد الكفاية لكل فرد في المجتمع الإسلامي :
يقول تعالى: } أرأيت الذي يكذب البدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين{ وقوله تعالى :} والذين في أمولهم حق معلوم للسائل والمحروم {
وقوله صلى الله عليه وسلم : (( من ترك كلا فليأتني فأنا مولاه )) أى من ترك ذرية ضعيفة فأنا مسئول عنه كفيل به ، بأعتبار أنه ولى الأمر في الدولة الإسلامية وقوله عليه الصلاة و السلام : (( من ترك ديناً أو ضياعا فإلى وعلى ))
3- أصل تحقيق العدالة الاجتماعية وحفظ التوازن الاقتصادي بين أفراد
المجتمع الاسلامى :
كما في قوله تعالى:} كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم{ أى أنه لا يجوز أن يكون المال متداولاً بين الأغنياء من أفراد المجتمع أو أن يستأثر بخيرات المجتمع فئة دون أخرى وقوله صلى الله عليه وسلم :(( تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ))
4- أصل احترام الملكية الخاصة :
وذلك يتضح في قوله جل وعلا : } للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن { وقوله تعالى : } والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله { وقوله صلى الله عليه وسلم :(( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه )) ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(( من قتل دون ماله فهو شهيد )) .

5- أصل الحرية الاقتصادية المقيدة :
وذلك بتحريم أوجه النشاط الاقتصادي التي تتضمن استغلال أو ربا أو احتكار لقوله تعالى:} يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل { .
وقوله تعالى :} واحل الله البيع وحرما الربا { وقولـه صلى الله عليه وسلم : ((من احتكر حكرة يريد أن يغلى بها على المسلمين فهو خاطئ )) .

6- اصل التنمية الاقتصادية الشاملة :
وذلك لقوله تعالى :}هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها{ أى كلفكم بعمارتها وقوله تعالى :}هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فمشـــوا في مناكبهـا وكلوا من رزقه واليه النشور{ وجعل سبحانه وتعالى الإنسان خليفة الله في أرضه يقول تعالى :}إني جاعل في الأرض خليفة {
وقوله تعالى :} فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله { وقوله صلى الله عليه وسلم في بيان حرص الاسلام على التعمير والتنمية الاقتصادية في الدنيا : )) إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر )) .
7-أصل ترشيد الاستهلاك والأنفاق :
وذلك بتحريم التبذير في قوله تعالى :}إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين { والحجر على السفهاء الذين يصرفون أموالهم على غير مقتضى العقل، لقوله تعالى :} ولا تِؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما { .

وكذلك النهى عن الترف والبذخ بل يجب على الإنسان القصد والوسط وابتغاء الدار الآخرة فيما آتاه الله من مال وملك ويقول تعالى :}واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين { ويقول تعالى :} ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم { .
فالأصول الاقتصادية التي وردت بنصوص القرآن والسنة هي أصول ثابتة لا يجوز الخروج والحيد عنها وإلاّ كان ذلك خروج عن الاسلام وحكم بغير ما أنزل الله وهى أصول اقتصادية خالدة بخلود القرآن والسنة بحيث يخضع لها المسلمون في كل عصر بغض النظر عن درجة التطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي وبغض النظر عن أشكال الانتاج السائدة في المجتمع .
ويلاحظ أن الأصول والمبادئ الاقتصادية الاسلامية أنها قليلة للغاية وهى في نفس الوقت تتعلق بالحاجات الأساسية لكل مجتمع لهذا كانت كل الأصول والمبادئ الوارد في الكتاب والسنة صالحة لكل زمان ومكان وغير قابلة للتغير أو التعديل ((وهى تعتبر سر عظمة الاقتصاد الاسلامى ورسوخه )) .

ثانيا : الشق المتغير :-
هذا الشق يعتني بالتطبيق أى أعمال الأصول والمبادئ الاقتصادية الاسلامية في مواجهة مشكلات وحاجات المجتمع المتطورة والمتغيرة . فهي عبارة عن الأساليب والخطط العملية والحلول الاقتصادية التي تتبنا السلطة الحاكمة في كل مجتمع إسلامي لإحالة أصول الاسلام ومبادئه الاقتصادية إلى واقع مادي وعملي ملموس يعيش المجتمع في إطاره ومن قبيل ذلك :

1- بيان مقدار حد الكفاية أى المستوى اللائقة للمعيشة ، مما يختلف باختلاف الزمان والمكان والذي تستلزم الدولة الاسلامية بتوفيره لكل مواطن متى عجز أن يوفره لنفسه لسبب خارج عن أرادته بسبب مرض أو عجز أو شيخوخة وحدوث كارثة أو نازلة .
2- الإجراءات التي بها تتحقق العدالة التوزيعية وبها يحفظ التوازن الاقتصادي بين أفراد المجتمع وتتقارب الفوارق بينهم .

3- إجراءات تحقيق كفاية الانتاج ،والتخطيط الاقتصادي ومتابعة تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية .

4- بيان العمليات التي توصف بأنها ربا وصور الفائدة المحرمة.

5- بيان نطاق الملكية العامة ومدى تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية .

الى آخر ذلك مما يتسع في مجال الاجتهاد وتتعدد فيه صور التطبيق بحسب حال وفروق كل مجتمع .
ويعبر عنه على المستوى النظري أو الفكري باصطلاح النظرية أو النظريات الاقتصادية الاسلامية " وعلى المستوى العملي أو التطبيق باصطلاح "النظام أو النظم الاقتصادية الاسلامية .
وهذه النظريات أو التطبيقات هي من عمل واجتهاد علماء المسلمين في الاقتصاد الاسلامى وهذا ما قد يختلفون فيه تبعاً لتغير ظروف الزمـان والمكــان والحال، وقد يكون الاختلاف اختلاف إفهام أى اختلف في فهم الأدلة من الكتاب والسنة وهم على كل حال مأجورين كما قال صلى الله عليه وسلم :(( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران , و إذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد )) .
وهذا الاجتهاد لكي يكون صاحبه مأجوراً عليه يجب أن يلتزم فيه بالأصول الاسلامية وأن يتوصل للحكم في المسألة التي يجتهد فيها بالطرق الشرعية المقررة مثل القياس والاستصحاب والاستحسان ...الخ .
ونلخص من ذلك أن الاقتصاد الاسلامى " مذهباً ونظاماً "
مذهب من حيث الأصول والمبادئ الثابتة ونظاماً من حيث النظريات والتطبيقات وانه ليس في الاسلام سوى مذهباً اقتصاديا واحداً وهو تلك الأصول الاقتصادية التي جاءت بها نصوص القرآن والسنة وإنما في الاسلام تطبيقات أي أنظمة اقتصادية إسلامية مختلفة كما أن فيه اجتهادات أى نظريات اقتصادية إسلامية متعددة إذ تختلف هذه التطبيقات أو الاجتهادات باختلاف الأزمنة والأمكنة وتختلف أيضا بحسب اختلاف الإفهام أى فهم الأدلة من الكتاب والسنة وهذا الاختلاف هو ((خلاف تنوع لا خلاف تضاد )) .
وبناء على النصوص الاسلامية القليلة التي وردت في الكتاب والسنة والمتعلقة بالمجال الاقتصادي أقام الخلفاء الراشدين البنيان الاقتصادي للدولة الاسلامية وأدلى العلماء والفقهاء القدامة بفتاويهم واجتهادا تهم المالية والاقتصادية العديدة بحسب مشكلات مجتمعاتهم .

ومع اتساع النشاط الاقتصادي وتعدد مجالات كثرة المؤلفات واتسعت دائرة البحث الاقتصادي فظهرت كتب الفقه المليئة بالإحكام التفصيلية والأفكار الاقتصادية المختلفة وإن كانت هذه الأفكار قد ظلت متناثرة بين أبواب كتب الفقه والتفسير والحديث وغيرها من الكتب التي تبحث في الأحكام .
ونذكر هنا بعض تلك المصنفات الفقهية ، نذكرها هنا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.

الفقهي المالكي :
1- المدونة الكبر للإمام مالك بن انس (رواية الإمام سحنون) .
2- بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابو الوليد بن رشد .
3- الجامع لأحكام القرآن للإمام عبد الله القرطبي .
4- الشرح الكبير لأحمد الدردير المتوفى عام 1201هـ .
الفقه الحنفي :
1- أحكام القرآن لابو بكر الرازي الجصاص المتوفى 370هـ .
2- المبسوط لشمس الدين السرخس المتوفى 483هـ.
3- تحفة الفقهاء لعلاء الدين السمرقندى المتوفى 540هـ .
4- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكسائى المتوفى 587هـ .
الفقه الشافعي :
1- الأم للإمام الشافعي .
2- الأحكام السلطانية للقاضي أبى الحسن المواردى المتوفى عام 450هـ .
3- المجموع للإمام النووي المتوفى 911هـ .
الفقه الحنبلي :
1- الأحكام السلطانية للقاضي أبى يعلى الحنبلي المتوفى عام 458 هـ .
2- المغنى لابن قدامة المتوفى عام 620 هـ.
3- الفتاوى الكبرى للإمام تقي الدين ابن تيمية المتوفى عام 728 هـ .
4- إعلام الموقعين من رب العالمين للإمام شمس الدين بن القيم المتوفى 751هـ .
مؤلفات فقهية أخرى :
1- المحلى للإمام ابن حزم المتوفى 456 هـ.
2- الروض النضير للإمام الصنعانى المتوفى 1221هـ .
3- نيل الأوطار للإمام الشوكانى المتوفى 1250هـ.
وهناك الى جانب هذه المصنفات الفقهية العامة التي توجد فيها أحكام المسائل الاقتصادية متناثرة مؤلفات اقتصادية هامة منها :
1- كتاب الخراج لأبى يوسف المتوفى 182هـ.
2- كتاب الحسبة لأبن تيمية .
3- كتاب الأموال لأبى عبيد المتوفى 224هـ.
4- السياسة الشرعية لإصلاح الراعي والرعية لأبن تيمية .
5- كتاب الاكتساب في الرزق للشيبانى المتوفى 234هـ .
فهذه الكتب والمؤلفات وغيرها مليئة بالأحكام التفصيلية في تنظيم أوجه النشاط الاقتصادي وغنية بالأفكار الاقتصادية المختلفة لا سيما ما تتعلق منها بتحريم الربا أو الاحتكار أو تحديد الأسعار أو عدم إجراء ذلك ، وحكم شركات الأموال والمضاربات وما الى ذلك من المسائل الاقتصادية التي عرضت للمسلمين وقتئذ وحاول فقهاؤهم بحثها على ضوء تعاليم الاسلام متمثلة في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية .
ولكن ظلت هذه الأفكار والتطبيقات الاقتصادية متناثرة بين فصول كتب الفقه وغيرها من الكتب التي تبحث في الأحكام دون أن تدرس كموضوع مستقل قوامه "الاقتصاد الاسلامى " .
وفى عصرنا الحديث بدأ المسلمون يدركون جيداً أن عوامل تخلفهم وتأخرهم هي في الأساس نتيجة عن بعدهم عن تعاليم الاسلام وأحكامه الصحيحة والسمحة في كل نواحي الحياة فبدأ الاهتمام بالعودة الى رحاب الاسلام .
وتمثل هذا الاهتمام من ناحية في دراسة تعاليم الاسلام وتطبيقها في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فعقدت المؤتمرات والندوات وحلقات البحث وأنشئت المراكز والمعاهد التي تعنى عناية خاصة بتدريس الاقتصــاد الاسلامى وبحوثه ومنح الدرجات العلمية فيه.
وهنالك جهود كبيرة وواضحة لعدد من الباحثين المعاصرين من علماء المسلمين الذين اعتنوا بدراسة وتدريس الاقتصاد الاسلامى والكتابة فيه وثمة عدد من الكتب التي تبحث في الاقتصاد الاسلامى بصفة عامة يطول حصرهما وتعدادهما والتي تبحث المشكلات الاقتصادية والبناء الإقتصادى في الدولة الاسلامية ، والتي تبحث أيضا في النظام المالي والاقتصادي الاسلامى والتكافل الاقتصادي أو تبحث أيضا في مفهوم ومنهج الاقتصاد الاسلامى في ضوء الكتاب والسنة.
وبالإضافة الى هذه المؤلفات العامة الاقتصاد الاسلامى يوجد أيضا كتب أخرى مؤلفة في فروع الاقتصاد والمالية والإسلام مثل الملكية ، الأموال،الزكاة،الادخار،الاستثمار،التأمين ،الربا... الخ وهى أيضا كتب ومؤلفات كثيرة تهدف هي وسابقتهما الى الكشف عن الأصول والمبادئ الاقتصادية بلغة العصر وربط وإعمال هذه الأصول بما هو واقع بعالمنا الإقتصادى الحالي .

المبحث الثاني : التطبيقات العملية للاقتصاد الاسلامى في العصور الأولى
((عصر النبي صلى الله عليه وسلم وعصر الشيخان أبو بكر الصديق وعمر رضى الله عنهم)) .
إن من أهداف الاسلام الكبيرة في ميدان الاقتصاد والاجتماع هو إقامة توازن اقتصادي واجتماعي عادل يكون فيه الناس متساوون ومقتضى هذا أن يشترك الناس جميعاً في الخيرات والمنافع التي أودعها سبحانه وتعالى في الأرض ولا يقتصر الاستمتاع والانتفاع بخيراتها وتداولها على فئة الأغنياء وحدهم ويحرم الآخرون .

قال تعالى : }هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا { أى : خلق لكم براً بكم ورحمة جميع ما على الأرض للانتفاع والاستمتاع والاعتبار.

ويقول جل وعلا :} هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور{ أى : هو الذي سخر لكم الأرض وذللها ،لتدركوا منها كل ما تعلقت به حاجتكم ، من غرس وبناء وحرث ، وطرق يتوصل بها الى الأقطار النائية والبلدان الشاسعة : }:فامشوا في مناكبها { أى : لطلب الرزق والمكاسب.

والناظر في سيرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسيرة أصحابه من بعده رضوان الله عليهم أجمعين ومن بعدهم من سلفنا الصالح يرى بوضوح وجلاء إيماناً كاملاً يسانده تنظيما اقتصاديا عادلاً ونظامنا اجتماعيا شاملا جعل من المجتمع الاسلامى قوة لا تقهر حتى أصبح في تلك العهود الرجل من المسلمين يعدل في رضا نفسه وفى ثقته بغده وفى إصراره على هدفه وفى فدائه – أصبح يعدل – الميآت من رجال المجتمعات الأخرى التي سميت بحضارات الروم والفرس .

وسنتناول فيما يلي بعض التطبيقات الاقتصادية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفى عهد صاحباه الشيخان الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضى الله عنه والخليفة الثانية عمر بن الخطاب رضى الله عنه والتي هي بمثابة نماذج لتوضيح المبادئ والأصول والقواعد التي جاء بها الاسلام " ليلتزم بها المسلمون في كل زمان ومكان" .

أولا :- عهد النبي صلى الله عليه وسلم :
النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى لأن كلامه من عند الله سبحانه وتعالى :} وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى { ومن المقرر عند أهل العلم أن دين الاسلام جاء بقواعد وأصول عامة صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان ، وان كان القرآن ينص على المبادئ العامة دون تفصيل فقد جاءت السنة مبينة لذلك كما قال تعالى :}وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم { وقول النبي صلى الله عليه وسلم )):ألا أنى أوتيت القرآن ومثله معه )) .فالسنة تبين المجمل وتوضح المبهم وتقيد المطلق ،فكل ما يصدر عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه هو تشريع لا يجوز مخالفته مثل بيان أن أمرا حلالا أو حراما ،صحيح شرعاً أو فاسد واجب أو غير واجب...الخ.
ومع قلة النصوص الواردة في شأن النشاط الاقتصادي الاسلامى الا أنها صالحة لكل زمان ومكان وغير قابلة للتغير أو التعديل وهى تعتبر سر عظمة الاقتصاد الاسلامى ورسوخه وأنه نظام اقتصادي يكفل السلام بين الطبقات والشعوب والعدالة بين الأفراد والرفاهية للمجتمع .
وإذا كان الاقتصاد في اللغة الإنجليزية معناه (( تدبير شئون البيت )) كما يعنى توفير المال وهو معنى ينطلق من منطلق مادي خالص ،فإن الاقتصاد في الاسلام لغة يعنى التوســـــط والاعـــــتدال ، كما قال صــــلى الله عليه وســــلم في الحــــــــديث : (( الهدى الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزاءاً من النبوة)) ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم : (( التؤدة , والاقتصاد , والسمت الحسن جزء من أربعة وعشرين جزءاً من النبوة )) رواه الترمذي رحمه الله .
ويقال : اقتصد في امره أى توسط فلم يفرط ولم يفرط ، واقتصد في النفقة أى لم يسرف ولم يسرف ولم يقتر (أو يقتر).
أما في الاصطلاح فيعني نظام يقوم على العمل والإنتاج والتوزيع وفقاً لأصول الاسلام ومبادئه الاقتصادية لتحقيق العدالة الاجتماعية بين طبقات المجتمع .
وبكل حال يبدأ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم حين بلغ الأربعين من عمره ويمتد حتى وفاته صلى الله عليه وسلم فقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضى الله عنه قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين ومات وهو ابن ثلاث وستين " وينقسم هذا العهد الى فترتين مختلفتين ،الفترة الأولى قبل الهجرة والفترة الثانية هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة .
أولا :- الفترة الأولى فبل الهجرة :
وهى فترة مكوثه في مكة وتبلغ نحو ثلاث عشرة سنة ،والتي كان يتسم التشريع فيها في غالبه بطابع الدعوة الى الله سبحانه وتعالى وتوحيده والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ،ونبذ ما كان عليه الناس قبل الاسلام من الشرك والعبادات الباطلة ،فلم تكن الدولة الاسلامية قد تكونت بعد بمعناها المعروف .
ثانيا: الفترة الثانية بعد الهجرة :
وهى فترة وجوده صلى الله عليه وسلم في المدينة وتبدأ منذ هجرته صلى الله عليه وسلم الى وفاته في السنة العاشرة للهجرة ،وفى هذه الفترة أخذ شكل الدولة الاسلامية يظهر بوضوح وجلاء ، وهى فترة التطبيق العملي بعد العلاج الروحي ، ونزلت الآيات التي أوجبت على المسلمين الزكاة في أموالهم ،فكان تشريع الزكاة هو النظام الذي عن طريقه يتحقق التعاون بين أفراد المجتمع وبه يكون التكافل الاجتماعي الذي يثبت للفقير الحق في مال الغنى ،وحدد سبحانه وتعالى مصارف الزكاة والذي اتسع لقضاء حاجة الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمدينين ومن انقطعت بهم سبل الحياة، قال تعالى : }إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم{ وتولت السنة النبوية بيان الأموال التي يجب توافرها في المزكى وفى المال نفسه ، فكانت الزكاة هي المورد الأول من موارد الدولة الإسلامية .ثم يأتي المورد الثاني من الموارد المالية التي تساهم في النشاط الاقتصادي للدولة الاسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو (الغنائم) لقوله تعالى : }واعلموا إنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير { ففي هذه الآية الكريمة دلاله على توزيع الغنائم بين المسلمين لقول تعالى : } واعلموا إنما غنمتم من شئ { أى أخذتم من مال الكفار قهراً بحق قليلا كان أو كثيرا }فأن لله خمســـــه{ أى : وباقيه لكم أيها الغانمون ،لأنه أضاف الغنيمة إليهم واخرج منها خمسها ، فدل على أن الباقي لهم يقسم على ما قسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للراجل سهم وللفارس سهمان لفرسه ،وسهم له .
• وأما هذا الخمس فيقسم خمسة أسهم ،سهم لله ولرسوله ،يصرف في مصالح المسلمين العامة ، من غير تعيين لمصلحة ،لأن الله جعله له ولرسوله ، والله ورسوله غنيان عنه فعلم انه لعباد الله ،فإذا لم يعين الله له مصرفاً ،دل على أن مصرفه للمصالح العامة .
• والخمس الثاني : لذي القربى وهم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم من بنى هاشم وبنى المطلب وإضافة الله الى القرابة دليلاً على أن العلة فيه مجرد القرابة ، فيستوي فيه غنيهم وفقيرهم ،ذكرهم وأنثاهم.
• والخمس الثالث : لليتامى ،وهم الذين فقدت أباؤهم وهم صغار ،جعل الله لهم خمس الخمس رحمة بهم ،حيث كانوا عاجزين عن القيام بمصالحهم ،وقد فقد من يقوم بمصالحهم .
• والخمس الرابع للمساكين أى : المحتاجين الفقراء من صغار وكبار ذكور وإناث
• والخمس الخامس لابن السبيل ، وهو الغريب المنقطع به في غير بلده وبعض المفسرين يقول إن خمس القيمة لا يخرج من هذه الأصناف ولا يلزم أن يكونوا فيه على السواء بل ذلك تبع للمصلحة وهذا هو الأولى، وجعل الله أداء الخمس على وجه شرطاً للإيمان ، فقال :}إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان{ وهو يوم }بدر{الذي فرق الله به بين الحق والباطل وأظهر الحق وأبطل الباطل .
وفى هذا التشريع تحقيق للتكافل الاجتماعي ، والذي ليس له مثيلاً عند الأمم الأخرى في القديم والحديث لقوله صلى الله عليه وسلم (( لم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا)) وقال أيضا (( أن الله فضلني على الأنبياء أو قال فضل امتى على الأمم وأحل لنا الغنائم )) .
ثم يأتي المورد الثالث وهو "الفيء" وهو غنيمة لا تلحق فيها مشقة، فالفيء هو كل ما أخذ من الكفار من غير قتال ولا إيجاف خيـل ولا ركاب كما قال تعالى : } وما أفاء الله على رسوله منهم { فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب " أى من أهل هذه القرية وهم بنو النضير وأنكم يا معشر المسلمين }ما أوجفتم{ أى :جلبتم وأسرعتم وحشدتم، }عليهم من خيل ولاركاب{ أى : لم تتعبوا بتحصيلها لا بأنفسكم ولا بمواشيكم ،بل قذف الله في قلوبهم الرعب فأتتكم صفواً عفواً " ولكن الله يسلط رسله على من شاء والله على كل شئ قدير ومن تمام قدرته " انه لا يمتنع منه ممتنع ولا يتعزز من دونه قوى وتعريف الفيء في إصطلاح الفقهاء : هو ما أخذ من مال الكفار بحق ، من غير قتال ، كهذا المال الذي فروا وتركوه خوفاً من المسلمين وسمي فيئاً ،لأنه رجع من الكفار الذين هم غير مستحقين له ، الى المسلمين الذي لهم الحق الأوفر فيه وحكمــــــه العام كما ذكره الله في قـــــوله : }ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى{ عموما سواء أفاء الله في وقت رسوله أو بعده ، لمن يتولى من بعده أمته :} فلله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل { وهذه الآية نظير الآية التي في سورة الأنفال ، وهى قوله }واعلموا إنما غنمتم من شئ فأن لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل { فهذا الفيء يقسم خمسة أقسام : خمس لله ولرسوله يصرف في مصالح المسلمين (العامة) وخمس لذوى القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب ، وخمس لفقراء اليتامى وهم من لا أب له ولم يبلغ ، وخمس للمساكين وسهم لأبناء السبيل وهم الغرباء المنقطع بهم في غير أوطانهم ، وإنما قدر الله هذا التقدير ،وحصر الفيء في هؤلاء المعينين }كي لا يكون دولة{ أى : مداولة واختصاصاً } بين الأغنياء منكم { فإنه لو لم يقدره لتداولته الأغنياء، ولما حصل لغيرهم من العاجزين منه شئ ، وفى ذلك من الفساد ما لا يعمله إلا الله ،كما أن في اتباع أمر الله وشرعه من المصالح مالا يدخل تحت حصر ولذلك أمر الله بالقاعدة الكلية والأصل العام ، فقال ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب )) .
ثم يرد المورد الرابع من الموارد التي تساهم في النشاط الإقتصادى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهى الجزية التي فرضت على غير المسلمين ، يقول تعالى : }قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون { فتأخذ هذه الجزية من الكفار من اليهود والنصارى وهو عبارة عن مال جزاء لترك المسلمين قتالهم ، وإقامتهم امنين على أنفسهم وأموالهم بين أظهر المسلمين ، يؤخذ منهم كل عام ، كل على حسب حاله ، من غنى وفقير ومتوسط ،كما فعل ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وغيره من أمراء المؤمنين.
وقد استدل بهذه الآية الجمهور الذين يقولون : لا تؤخذ الجزية الا عن أهل الكتاب ، لأن الله لم يذكر أخذ الجزية الا منهم ، وأما غيرهم فلم يذكر الا قتالهم حتى يسلموا ، وألحق بأهل الكتاب في أخذ الجزية وإقرارهم في ديارا لمسلمين ،المجوس فإني النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر ، ثم أخذها أمير المؤمنين عمر من فرس المجوس .
وقيل : إن الجزية تؤخذ من سائر الكفار من أهل الكتاب ، وغيرهم لأن هذه الآية نزلت بعد الفراغ من قتال العرب المشركين والشروع في قتال أهل الكتاب ونحوهم ،فيكون هذا القيد إخباراً بالواقع لا مفهوم له .
يدل على هذا أن المجوس أخذت منهم الجزية وليسوا أهل كتاب ، ولأنه قد تواتر عن المسلمين من الصحابة ومن بعدهم أنهم يدعون من يقاتلونهم الى إحدى ثلاث : أما الاسلام أو أداء الجزية أو السيف ، ومن غير فرق بين كتابي وغيره.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إذا لقيت عدوك فادعهم الى الاسلام فإن أجابوك فاقبل منهم فإن أبوا فسلهم الجزية فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم)).


والجزية على ضربين:
1- جزية توضع بالتراضي والصلح فتقدم على حسب ما يتم الاتفاق عليه ،كما صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران .
2- جزية توضع على الكفار من قبل الإمام ،إذا غلب الكفار ، ويكون تقدير مقدار هذه الجزية للإمام.
وتسقط الجزية بالإسلام أو بالموت لقول النبي صلى الله عليه وسلم (( وليس على مسلم جزية )) وقد عين الرسول صلى الله عليه وسلم عمالا لجمع هذه الأموال ولم يكن هناك بيت مال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لكي تودع فيه هذه الأموال إذ كانت الأموال تجمع وتصرف في الحـال على مستحقيها فلم يكن هناك داع لإنشاء بيت المال.
ثم تأتى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تبين حرس الاسلام على أن يعيش كل فرد من أبنائه في كفاية من العيش وكيف يكون الفرد في ماله ومعاملاته مع الآخرين ،ومدى حرمة مال المسلم ، وحثه على العمل النافع من اجل أن ينفع نفسه وغيره الى غير ذلك من المجالات التي سنبين بعضها فيما يلي :-
ففي مجال حرمة مال المسلم وصيانة: يقول صلى الله عليه وسلم ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة ، قال رجل : وإن كان شيئا يسيراً يا رسول الله ؟ قال : وإن كان قضيباً من )).
وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال " قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : (( ومن حلف على يمين صبر وهو فاجر يقطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان)) واليمين الصبر : هي يمين الكذب ويقول صلى الله عليه وسلم (( كل المسلم على المسلم حرام :دمه وماله ،وعرضه )) .
ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: (( من اخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن اخذ يريد إتلافها أتلفه الله)) .
فهذه الأحاديث وغيرها تبين بوضوح وجلاء حرمت مال المسلم وإن الاستلاء على أموال الناس بغير حق سواء كان ذلك من جهات خاصة أو كان ذلك من جهات عامة ظلم وحرام وليست من الاسلام .
وهذا الأسلوب الذي جاء به الاسلام في الإصلاح الحياة الاقتصادية والذي يكفل حماية أموال الناس وأمنهم عليها يحقق الرواج والانتعاش في النواحي الاقتصادية حيث يسود الأمن والعدل والذي يوفر الجو المناسب لكي تزداد الأنشطة التجارية والاقتصادية ،فتزداد الرفاهية مما ينعكس على المجتمع كله بعد ذلك .

وفى مجال العمل والكسب والحث عليه : فقد حث عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة على أن يكسب الرجل من عمل يده حتى ينفع نفسه ومجتمعه لقوله عليه الصلاة والسلام : ((...فليعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق )) .
وعن المقدام رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ما أكل احد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده )).
وفى الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم : ((لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه )) .


عدل سابقا من قبل المعبدي في 2011-10-29, 8:18 pm عدل 1 مرات (السبب : اضافة سطر)
المعبدي
المعبدي
عريف
عريف

ذكر
عدد المشاركات : 96
العمر : 49
قوة التقييم : 2
تاريخ التسجيل : 08/10/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Empty رد: بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15)

مُساهمة من طرف amol 2011-12-12, 6:18 am

بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) 902760650

-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) 61ec3b8409

بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) 8fd0c959ae

بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Fdeb4e89c1
amol
amol
مستشار
مستشار

انثى
عدد المشاركات : 36762
العمر : 42
رقم العضوية : 2742
قوة التقييم : 9
تاريخ التسجيل : 14/08/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15) Empty رد: بحث ماجستير في الاقتصاد(1_15)

مُساهمة من طرف حمزة على الليبى 2012-02-09, 6:54 am

المعبدي كتب:بسم الله الرحمن الرحيم

الجمهورية السودانية
جامعة وادي النيل
كلية الدراسات العليا
قسم الاقتصاد



منهج الاقتصاد الإسلامي في تحقيق التكافل الاقتصادي والاجتماعي

لنيل درجة الماجستير في الاقتصاد

إعداد
... المعبدي

إشراف فضيلة

أ . د . سيف النصر عبد الله الباقر
أستاذ الاقتصاد الإسلامي
عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية

2003 - 2004 ف

يتناول البحث دراسة موضوع (( منهج الاقتصاد الإسلام في تحقيق التكافل الاقتصادي والاجتماعي )) وذلك في ثلاث أبواب:

الباب الأول : وهو معالم الاقتصاد الإسلامي والفرق بينه وبين الاقتصاد الوضعي ويحتوي على فصلين .

الفصل الأول :- عن معالم الاقتصاد الإسلامي , وفيه ثلاث مباحث :

 المبحث الأول : عن ملامح الفكر الاقتصادي الإسلامي .
 المبحث الثاني : التطبيقات العملية للاقتصاد الإسلامي في العصور الأولى .
 المبحث الثالث : بعض تطبيقات الاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث .

الفصل الثاني : وهو عن الفرق بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الوضعي وفيه ثلاث مباحث .

 المبحث الاول : ملامح الاقتصاد الوضعي الرأسمالي .
 المبحث الثاني : ملامح الاقتصاد الوضعي الاشتراكي .
 المبحث الثالث : الفرق بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الوضعي الرأسمالي.

أما الباب الثاني : فهو عن منهج الإسلام في تحقيق التكافل الاقتصادي ويحتوي على فصلين :

الفصل الأول : يتحدث عن تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وبه ثلاث مباحث :

 المبحث الأول : التدخل التنظيمي في النشاط الاقتصادي .
 المبحث الثاني : التدخل الرقابي في النشاط الاقتصادي .
 المبحث الثالث : التدخل المالي في النشاط الاقتصادي .


الفصل الثاني : يتحدث عن الأدوات الإسلامية التي تساهم في تحقيق التكافل الاقتصادي وفيه مبحثان :

 المبحث الأول : كيفية توزيع الدخل في الاقتصاد الإسلامي .
 المبحث الثاني : الأدوات التي يتحقق بها التكافل الاقتصادي .

أما الباب الثالث : فهو عن منهج الإسلام في تحقيق التكافل الاجتماعي ويحتوي على فصلين :
الفصل الأول : يتحدث عن التكافل الاجتماعي في نطاق المجتمع والدولة وفيه مبحثان .

 المبحث الأول : التكافل العام بين أفراد المجتمع .
 المبحث الثاني : حق المجتمع في الموارد العامة للدولة .

الفصل الثاني : يتحدث عن الأدوات الإسلامية التي تساهم في تحقيق التكافل الاجتماعي وفيه مبحثان :

 المبحث الأول : كيفية إعادة توزيع الدخل في الاقتصاد الإسلامي .
 المبحث الثاني : الأدوات التي يتحقق بها التكافل الاجتماعي .
 الاستنتاجات .
 التوصيات .
 الخاتمة .
 المراجع .








المبحث الأول : ملامح الفكر الاقتصادي الاسلامى :
إن الاسلام متين البناء متكامل الأجزاء متوازن العناصر يضمن لمن التزم أوامره وانتهى بنواهيه سعادة الدارين الدنيا والآخرة . ولأن الاسلام هو خاتم الرسالات السماوية ولأنه أيضاً دين الفطرة فقد جاء لينسخ كل ما قبله من الرسالات ، ولينظم للناس أمور دينهم ودنياهم وهو في ذلك يقيم توازناً دقيقاً بين أمور الدنيا والآخرة كما في قوله تعالى :} وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك{ ويقيم توازناً بين حاجات الإنسان المادية والروحية وبين حقوق وواجبات الأفراد تجاه بعضهم بعضاً وبين مصالح الأفراد ومصلحة الجماعة ووضع الضوابط والقواعد التي تحول دون جور إحدى هذه المصالح على الأخرى.
(( ويبدو كل ذلك بكل جلاء ووضوح في تنظيم الإسلام للنشاط الإقتصادى ))
أن أهم ما يميز الاقتصاد الاسلامى ارتباطه التام بدين الاسلام عقيدة وشريعة فالاقتصاد الإسلامي رباني لأن منطلقاته من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وغاياته الى الله ووسائله لا تحيد عن شرع الله ولا عن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالنظام الاقتصادي الاسلامى هو جزء من كل وفرع من أصل وهو محكوم بالمبادئ والقيم التي يتضمنها الإسلام . وهو بهذا البمادئ والقيم يقدم الحل الأمثل والعلاج الأوفى والأشمل لما تعارف علماء الاقتصاد على تسميته بالمشكلة الاقتصادية وما يرتبط بها من تنظيم للإنتاج والتوزيع وما يدخل في إطار هذا التوزيع من نظم فرعية وسياسات وتطبيقات .
إن الاقتصاد الاسلامة قديم قدم الاسلام نفسه سواء كونه مذهباً أم من حيث كونه نظاماً . أما المذهب فهو المبادئ والقواعد والأسس والأصول العامة التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والآثار المنقولة عن الصحابة رضى الله عنهم وهى قليلة وعامة وتتعلق بالحاجات الأساسية لكل مجتمع ولذلك فهي صالحة لكل زمان ومكان وهى ثابتة غير قابلة للتغير أو التعديل ، فقد جاءت هذه المبادئ والقواعد والأصول ليلتزم بها المسلمون في كل زمان ومكان بغض النظر عن درجة التطور الاقتصادي للمجتمع أو أشكال الانتاج السائدة فيه .
وأما النظام الاقتصادي فهو مجموعة الإجراءات العملية أو التنظيمية أو التنفيذية المتبعة وهذه تختلف أو هي تقبل (( التغيير والتبديل باختلاف الأزمنة والأمكنة ))
أى أنها قابلة للتطوير في حدود الثوابت الإسلامية ، فالمبادئ التي جاء بها الإسلام ،في الاقتصاد الإسلامي ثابت ولكن أساليب التطبيق تتغير وتتطور تماشياً مع الواقع الجديد في حدود الثوابت والمبادئ الإسلامية.
وهذه التطور الذي هو من عمل المجتهدين في الاقتصاد الإسلامي لا يوصف بأنه إسلامي إلا إذا توافر فيه شرطان أساسيان :
أولهما :
إلتزامه بالأصول الاقتصادية الإسلامية أى المذهب الاقتصادي الاسلامى حسبما كشفت عنه نصوص القرآن والسنة .
ثانيهما :
أن يتوصل إليه بالطرق الشرعية المقررة والمعروفة عند أهل العلم من قياس واستصحاب واستحسان واستصلاح ...الخ.
فالاقتصاد الإسلامي بعبارة مبسطة " هو الذي يوجه النشاط الإقتصادى وينظمه وفقا لأصول الإسلام ومبادئه الاقتصادية وبهذا يتضح أن الاقتصاد الإسلامي ذو شقين :
الشق الأول : وهو الشق الثابت ويتعلق بالمبادئ والأصول الاقتصادية الاسلامية التي جاء بها الإسلام منذ أربعة عشر قرناً .
الشق الثاني : هو الشق المتغير ويتعلق بالتطبيقات أى كيفية إعمال الأصول الاقتصادية الإسلامية في مواجهة مشكلات المجتمع المتغيرة , ونوضح ذلك فيما يلي :
أولا :- الشق الثابت :
وهو خاص بالمبادئ أو الأصول الاقتصادية التي جاء بها الإسلام حسبما وردت في القرآن والسنة وذلك ليلتزم بها المسلمون في كل زمان ومكان بغض النظر عن درجة التطور الإقتصادى للمجتمع أو أشكال الانتاج السائدة فيه ، ومن أمثلة ذلك :
1- أصل المال مال الله والبشر مستخلفون فيه :
لقد أهتم الاسلام بالمال إهتماماً بالغاً وعنى به عناية فائقة فذكر في القرآن الكريم ستا وسبعين مرة على إختلاف أحوال لفظه وذلك لأن المال يلعب دوراً هاماً في حياة المجتمع فهو بالنسبة الى الفرد وسيلة لإشباع الحاجات وهو بالنسبة إلى المجتمع وسيلة التنمية وتحقيق التكافل ومصدر القوة وبه قوام الحياة ومصدر حركتها في الأنشطة الاقتصادية .
يقول تعالى :}ولله ما في السماوات والأرض { .
ويقول تعالى:} وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه{ .
وقوله تعالى: }المال والبنون زينة الحياة الدنيا{ .
لقد جاءت نظرة الإسلام الى المال نظرة ذات طابع خاص ، فهي تهدف الى التوازن التام بين رعاية المصلحة العامة والمصلحة الخاصة .
2- أصل ضمان حد الكفاية لكل فرد في المجتمع الإسلامي :
يقول تعالى: } أرأيت الذي يكذب البدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين{ وقوله تعالى :} والذين في أمولهم حق معلوم للسائل والمحروم {
وقوله صلى الله عليه وسلم : (( من ترك كلا فليأتني فأنا مولاه )) أى من ترك ذرية ضعيفة فأنا مسئول عنه كفيل به ، بأعتبار أنه ولى الأمر في الدولة الإسلامية وقوله عليه الصلاة و السلام : (( من ترك ديناً أو ضياعا فإلى وعلى ))
3- أصل تحقيق العدالة الاجتماعية وحفظ التوازن الاقتصادي بين أفراد
المجتمع الاسلامى :
كما في قوله تعالى:} كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم{ أى أنه لا يجوز أن يكون المال متداولاً بين الأغنياء من أفراد المجتمع أو أن يستأثر بخيرات المجتمع فئة دون أخرى وقوله صلى الله عليه وسلم :(( تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ))
4- أصل احترام الملكية الخاصة :
وذلك يتضح في قوله جل وعلا : } للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن { وقوله تعالى : } والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله { وقوله صلى الله عليه وسلم :(( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه )) ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(( من قتل دون ماله فهو شهيد )) .

5- أصل الحرية الاقتصادية المقيدة :
وذلك بتحريم أوجه النشاط الاقتصادي التي تتضمن استغلال أو ربا أو احتكار لقوله تعالى:} يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل { .
وقوله تعالى :} واحل الله البيع وحرما الربا { وقولـه صلى الله عليه وسلم : ((من احتكر حكرة يريد أن يغلى بها على المسلمين فهو خاطئ )) .

6- اصل التنمية الاقتصادية الشاملة :
وذلك لقوله تعالى :}هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها{ أى كلفكم بعمارتها وقوله تعالى :}هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فمشـــوا في مناكبهـا وكلوا من رزقه واليه النشور{ وجعل سبحانه وتعالى الإنسان خليفة الله في أرضه يقول تعالى :}إني جاعل في الأرض خليفة {
وقوله تعالى :} فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله { وقوله صلى الله عليه وسلم في بيان حرص الاسلام على التعمير والتنمية الاقتصادية في الدنيا : )) إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر )) .
7-أصل ترشيد الاستهلاك والأنفاق :
وذلك بتحريم التبذير في قوله تعالى :}إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين { والحجر على السفهاء الذين يصرفون أموالهم على غير مقتضى العقل، لقوله تعالى :} ولا تِؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما { .

وكذلك النهى عن الترف والبذخ بل يجب على الإنسان القصد والوسط وابتغاء الدار الآخرة فيما آتاه الله من مال وملك ويقول تعالى :}واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين { ويقول تعالى :} ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم { .
فالأصول الاقتصادية التي وردت بنصوص القرآن والسنة هي أصول ثابتة لا يجوز الخروج والحيد عنها وإلاّ كان ذلك خروج عن الاسلام وحكم بغير ما أنزل الله وهى أصول اقتصادية خالدة بخلود القرآن والسنة بحيث يخضع لها المسلمون في كل عصر بغض النظر عن درجة التطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي وبغض النظر عن أشكال الانتاج السائدة في المجتمع .
ويلاحظ أن الأصول والمبادئ الاقتصادية الاسلامية أنها قليلة للغاية وهى في نفس الوقت تتعلق بالحاجات الأساسية لكل مجتمع لهذا كانت كل الأصول والمبادئ الوارد في الكتاب والسنة صالحة لكل زمان ومكان وغير قابلة للتغير أو التعديل ((وهى تعتبر سر عظمة الاقتصاد الاسلامى ورسوخه )) .

ثانيا : الشق المتغير :-
هذا الشق يعتني بالتطبيق أى أعمال الأصول والمبادئ الاقتصادية الاسلامية في مواجهة مشكلات وحاجات المجتمع المتطورة والمتغيرة . فهي عبارة عن الأساليب والخطط العملية والحلول الاقتصادية التي تتبنا السلطة الحاكمة في كل مجتمع إسلامي لإحالة أصول الاسلام ومبادئه الاقتصادية إلى واقع مادي وعملي ملموس يعيش المجتمع في إطاره ومن قبيل ذلك :

1- بيان مقدار حد الكفاية أى المستوى اللائقة للمعيشة ، مما يختلف باختلاف الزمان والمكان والذي تستلزم الدولة الاسلامية بتوفيره لكل مواطن متى عجز أن يوفره لنفسه لسبب خارج عن أرادته بسبب مرض أو عجز أو شيخوخة وحدوث كارثة أو نازلة .
2- الإجراءات التي بها تتحقق العدالة التوزيعية وبها يحفظ التوازن الاقتصادي بين أفراد المجتمع وتتقارب الفوارق بينهم .

3- إجراءات تحقيق كفاية الانتاج ،والتخطيط الاقتصادي ومتابعة تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية .

4- بيان العمليات التي توصف بأنها ربا وصور الفائدة المحرمة.

5- بيان نطاق الملكية العامة ومدى تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية .

الى آخر ذلك مما يتسع في مجال الاجتهاد وتتعدد فيه صور التطبيق بحسب حال وفروق كل مجتمع .
ويعبر عنه على المستوى النظري أو الفكري باصطلاح النظرية أو النظريات الاقتصادية الاسلامية " وعلى المستوى العملي أو التطبيق باصطلاح "النظام أو النظم الاقتصادية الاسلامية .
وهذه النظريات أو التطبيقات هي من عمل واجتهاد علماء المسلمين في الاقتصاد الاسلامى وهذا ما قد يختلفون فيه تبعاً لتغير ظروف الزمـان والمكــان والحال، وقد يكون الاختلاف اختلاف إفهام أى اختلف في فهم الأدلة من الكتاب والسنة وهم على كل حال مأجورين كما قال صلى الله عليه وسلم :(( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران , و إذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد )) .
وهذا الاجتهاد لكي يكون صاحبه مأجوراً عليه يجب أن يلتزم فيه بالأصول الاسلامية وأن يتوصل للحكم في المسألة التي يجتهد فيها بالطرق الشرعية المقررة مثل القياس والاستصحاب والاستحسان ...الخ .
ونلخص من ذلك أن الاقتصاد الاسلامى " مذهباً ونظاماً "
مذهب من حيث الأصول والمبادئ الثابتة ونظاماً من حيث النظريات والتطبيقات وانه ليس في الاسلام سوى مذهباً اقتصاديا واحداً وهو تلك الأصول الاقتصادية التي جاءت بها نصوص القرآن والسنة وإنما في الاسلام تطبيقات أي أنظمة اقتصادية إسلامية مختلفة كما أن فيه اجتهادات أى نظريات اقتصادية إسلامية متعددة إذ تختلف هذه التطبيقات أو الاجتهادات باختلاف الأزمنة والأمكنة وتختلف أيضا بحسب اختلاف الإفهام أى فهم الأدلة من الكتاب والسنة وهذا الاختلاف هو ((خلاف تنوع لا خلاف تضاد )) .
وبناء على النصوص الاسلامية القليلة التي وردت في الكتاب والسنة والمتعلقة بالمجال الاقتصادي أقام الخلفاء الراشدين البنيان الاقتصادي للدولة الاسلامية وأدلى العلماء والفقهاء القدامة بفتاويهم واجتهادا تهم المالية والاقتصادية العديدة بحسب مشكلات مجتمعاتهم .

ومع اتساع النشاط الاقتصادي وتعدد مجالات كثرة المؤلفات واتسعت دائرة البحث الاقتصادي فظهرت كتب الفقه المليئة بالإحكام التفصيلية والأفكار الاقتصادية المختلفة وإن كانت هذه الأفكار قد ظلت متناثرة بين أبواب كتب الفقه والتفسير والحديث وغيرها من الكتب التي تبحث في الأحكام .
ونذكر هنا بعض تلك المصنفات الفقهية ، نذكرها هنا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.

الفقهي المالكي :
1- المدونة الكبر للإمام مالك بن انس (رواية الإمام سحنون) .
2- بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابو الوليد بن رشد .
3- الجامع لأحكام القرآن للإمام عبد الله القرطبي .
4- الشرح الكبير لأحمد الدردير المتوفى عام 1201هـ .
الفقه الحنفي :
1- أحكام القرآن لابو بكر الرازي الجصاص المتوفى 370هـ .
2- المبسوط لشمس الدين السرخس المتوفى 483هـ.
3- تحفة الفقهاء لعلاء الدين السمرقندى المتوفى 540هـ .
4- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكسائى المتوفى 587هـ .
الفقه الشافعي :
1- الأم للإمام الشافعي .
2- الأحكام السلطانية للقاضي أبى الحسن المواردى المتوفى عام 450هـ .
3- المجموع للإمام النووي المتوفى 911هـ .
الفقه الحنبلي :
1- الأحكام السلطانية للقاضي أبى يعلى الحنبلي المتوفى عام 458 هـ .
2- المغنى لابن قدامة المتوفى عام 620 هـ.
3- الفتاوى الكبرى للإمام تقي الدين ابن تيمية المتوفى عام 728 هـ .
4- إعلام الموقعين من رب العالمين للإمام شمس الدين بن القيم المتوفى 751هـ .
مؤلفات فقهية أخرى :
1- المحلى للإمام ابن حزم المتوفى 456 هـ.
2- الروض النضير للإمام الصنعانى المتوفى 1221هـ .
3- نيل الأوطار للإمام الشوكانى المتوفى 1250هـ.
وهناك الى جانب هذه المصنفات الفقهية العامة التي توجد فيها أحكام المسائل الاقتصادية متناثرة مؤلفات اقتصادية هامة منها :
1- كتاب الخراج لأبى يوسف المتوفى 182هـ.
2- كتاب الحسبة لأبن تيمية .
3- كتاب الأموال لأبى عبيد المتوفى 224هـ.
4- السياسة الشرعية لإصلاح الراعي والرعية لأبن تيمية .
5- كتاب الاكتساب في الرزق للشيبانى المتوفى 234هـ .
فهذه الكتب والمؤلفات وغيرها مليئة بالأحكام التفصيلية في تنظيم أوجه النشاط الاقتصادي وغنية بالأفكار الاقتصادية المختلفة لا سيما ما تتعلق منها بتحريم الربا أو الاحتكار أو تحديد الأسعار أو عدم إجراء ذلك ، وحكم شركات الأموال والمضاربات وما الى ذلك من المسائل الاقتصادية التي عرضت للمسلمين وقتئذ وحاول فقهاؤهم بحثها على ضوء تعاليم الاسلام متمثلة في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية .
ولكن ظلت هذه الأفكار والتطبيقات الاقتصادية متناثرة بين فصول كتب الفقه وغيرها من الكتب التي تبحث في الأحكام دون أن تدرس كموضوع مستقل قوامه "الاقتصاد الاسلامى " .
وفى عصرنا الحديث بدأ المسلمون يدركون جيداً أن عوامل تخلفهم وتأخرهم هي في الأساس نتيجة عن بعدهم عن تعاليم الاسلام وأحكامه الصحيحة والسمحة في كل نواحي الحياة فبدأ الاهتمام بالعودة الى رحاب الاسلام .
وتمثل هذا الاهتمام من ناحية في دراسة تعاليم الاسلام وتطبيقها في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فعقدت المؤتمرات والندوات وحلقات البحث وأنشئت المراكز والمعاهد التي تعنى عناية خاصة بتدريس الاقتصــاد الاسلامى وبحوثه ومنح الدرجات العلمية فيه.
وهنالك جهود كبيرة وواضحة لعدد من الباحثين المعاصرين من علماء المسلمين الذين اعتنوا بدراسة وتدريس الاقتصاد الاسلامى والكتابة فيه وثمة عدد من الكتب التي تبحث في الاقتصاد الاسلامى بصفة عامة يطول حصرهما وتعدادهما والتي تبحث المشكلات الاقتصادية والبناء الإقتصادى في الدولة الاسلامية ، والتي تبحث أيضا في النظام المالي والاقتصادي الاسلامى والتكافل الاقتصادي أو تبحث أيضا في مفهوم ومنهج الاقتصاد الاسلامى في ضوء الكتاب والسنة.
وبالإضافة الى هذه المؤلفات العامة الاقتصاد الاسلامى يوجد أيضا كتب أخرى مؤلفة في فروع الاقتصاد والمالية والإسلام مثل الملكية ، الأموال،الزكاة،الادخار،الاستثمار،التأمين ،الربا... الخ وهى أيضا كتب ومؤلفات كثيرة تهدف هي وسابقتهما الى الكشف عن الأصول والمبادئ الاقتصادية بلغة العصر وربط وإعمال هذه الأصول بما هو واقع بعالمنا الإقتصادى الحالي .

المبحث الثاني : التطبيقات العملية للاقتصاد الاسلامى في العصور الأولى
((عصر النبي صلى الله عليه وسلم وعصر الشيخان أبو بكر الصديق وعمر رضى الله عنهم)) .
إن من أهداف الاسلام الكبيرة في ميدان الاقتصاد والاجتماع هو إقامة توازن اقتصادي واجتماعي عادل يكون فيه الناس متساوون ومقتضى هذا أن يشترك الناس جميعاً في الخيرات والمنافع التي أودعها سبحانه وتعالى في الأرض ولا يقتصر الاستمتاع والانتفاع بخيراتها وتداولها على فئة الأغنياء وحدهم ويحرم الآخرون .

قال تعالى : }هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا { أى : خلق لكم براً بكم ورحمة جميع ما على الأرض للانتفاع والاستمتاع والاعتبار.

ويقول جل وعلا :} هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور{ أى : هو الذي سخر لكم الأرض وذللها ،لتدركوا منها كل ما تعلقت به حاجتكم ، من غرس وبناء وحرث ، وطرق يتوصل بها الى الأقطار النائية والبلدان الشاسعة : }:فامشوا في مناكبها { أى : لطلب الرزق والمكاسب.

والناظر في سيرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسيرة أصحابه من بعده رضوان الله عليهم أجمعين ومن بعدهم من سلفنا الصالح يرى بوضوح وجلاء إيماناً كاملاً يسانده تنظيما اقتصاديا عادلاً ونظامنا اجتماعيا شاملا جعل من المجتمع الاسلامى قوة لا تقهر حتى أصبح في تلك العهود الرجل من المسلمين يعدل في رضا نفسه وفى ثقته بغده وفى إصراره على هدفه وفى فدائه – أصبح يعدل – الميآت من رجال المجتمعات الأخرى التي سميت بحضارات الروم والفرس .

وسنتناول فيما يلي بعض التطبيقات الاقتصادية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفى عهد صاحباه الشيخان الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضى الله عنه والخليفة الثانية عمر بن الخطاب رضى الله عنه والتي هي بمثابة نماذج لتوضيح المبادئ والأصول والقواعد التي جاء بها الاسلام " ليلتزم بها المسلمون في كل زمان ومكان" .

أولا :- عهد النبي صلى الله عليه وسلم :
النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى لأن كلامه من عند الله سبحانه وتعالى :} وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى { ومن المقرر عند أهل العلم أن دين الاسلام جاء بقواعد وأصول عامة صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان ، وان كان القرآن ينص على المبادئ العامة دون تفصيل فقد جاءت السنة مبينة لذلك كما قال تعالى :}وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم { وقول النبي صلى الله عليه وسلم )):ألا أنى أوتيت القرآن ومثله معه )) .فالسنة تبين المجمل وتوضح المبهم وتقيد المطلق ،فكل ما يصدر عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه هو تشريع لا يجوز مخالفته مثل بيان أن أمرا حلالا أو حراما ،صحيح شرعاً أو فاسد واجب أو غير واجب...الخ.
ومع قلة النصوص الواردة في شأن النشاط الاقتصادي الاسلامى الا أنها صالحة لكل زمان ومكان وغير قابلة للتغير أو التعديل وهى تعتبر سر عظمة الاقتصاد الاسلامى ورسوخه وأنه نظام اقتصادي يكفل السلام بين الطبقات والشعوب والعدالة بين الأفراد والرفاهية للمجتمع .
وإذا كان الاقتصاد في اللغة الإنجليزية معناه (( تدبير شئون البيت )) كما يعنى توفير المال وهو معنى ينطلق من منطلق مادي خالص ،فإن الاقتصاد في الاسلام لغة يعنى التوســـــط والاعـــــتدال ، كما قال صــــلى الله عليه وســــلم في الحــــــــديث : (( الهدى الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزاءاً من النبوة)) ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم : (( التؤدة , والاقتصاد , والسمت الحسن جزء من أربعة وعشرين جزءاً من النبوة )) رواه الترمذي رحمه الله .
ويقال : اقتصد في امره أى توسط فلم يفرط ولم يفرط ، واقتصد في النفقة أى لم يسرف ولم يسرف ولم يقتر (أو يقتر).
أما في الاصطلاح فيعني نظام يقوم على العمل والإنتاج والتوزيع وفقاً لأصول الاسلام ومبادئه الاقتصادية لتحقيق العدالة الاجتماعية بين طبقات المجتمع .
وبكل حال يبدأ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم حين بلغ الأربعين من عمره ويمتد حتى وفاته صلى الله عليه وسلم فقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضى الله عنه قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين ومات وهو ابن ثلاث وستين " وينقسم هذا العهد الى فترتين مختلفتين ،الفترة الأولى قبل الهجرة والفترة الثانية هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة .
أولا :- الفترة الأولى فبل الهجرة :
وهى فترة مكوثه في مكة وتبلغ نحو ثلاث عشرة سنة ،والتي كان يتسم التشريع فيها في غالبه بطابع الدعوة الى الله سبحانه وتعالى وتوحيده والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ،ونبذ ما كان عليه الناس قبل الاسلام من الشرك والعبادات الباطلة ،فلم تكن الدولة الاسلامية قد تكونت بعد بمعناها المعروف .
ثانيا: الفترة الثانية بعد الهجرة :
وهى فترة وجوده صلى الله عليه وسلم في المدينة وتبدأ منذ هجرته صلى الله عليه وسلم الى وفاته في السنة العاشرة للهجرة ،وفى هذه الفترة أخذ شكل الدولة الاسلامية يظهر بوضوح وجلاء ، وهى فترة التطبيق العملي بعد العلاج الروحي ، ونزلت الآيات التي أوجبت على المسلمين الزكاة في أموالهم ،فكان تشريع الزكاة هو النظام الذي عن طريقه يتحقق التعاون بين أفراد المجتمع وبه يكون التكافل الاجتماعي الذي يثبت للفقير الحق في مال الغنى ،وحدد سبحانه وتعالى مصارف الزكاة والذي اتسع لقضاء حاجة الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمدينين ومن انقطعت بهم سبل الحياة، قال تعالى : }إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم{ وتولت السنة النبوية بيان الأموال التي يجب توافرها في المزكى وفى المال نفسه ، فكانت الزكاة هي المورد الأول من موارد الدولة الإسلامية .ثم يأتي المورد الثاني من الموارد المالية التي تساهم في النشاط الاقتصادي للدولة الاسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو (الغنائم) لقوله تعالى : }واعلموا إنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير { ففي هذه الآية الكريمة دلاله على توزيع الغنائم بين المسلمين لقول تعالى : } واعلموا إنما غنمتم من شئ { أى أخذتم من مال الكفار قهراً بحق قليلا كان أو كثيرا }فأن لله خمســـــه{ أى : وباقيه لكم أيها الغانمون ،لأنه أضاف الغنيمة إليهم واخرج منها خمسها ، فدل على أن الباقي لهم يقسم على ما قسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للراجل سهم وللفارس سهمان لفرسه ،وسهم له .
• وأما هذا الخمس فيقسم خمسة أسهم ،سهم لله ولرسوله ،يصرف في مصالح المسلمين العامة ، من غير تعيين لمصلحة ،لأن الله جعله له ولرسوله ، والله ورسوله غنيان عنه فعلم انه لعباد الله ،فإذا لم يعين الله له مصرفاً ،دل على أن مصرفه للمصالح العامة .
• والخمس الثاني : لذي القربى وهم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم من بنى هاشم وبنى المطلب وإضافة الله الى القرابة دليلاً على أن العلة فيه مجرد القرابة ، فيستوي فيه غنيهم وفقيرهم ،ذكرهم وأنثاهم.
• والخمس الثالث : لليتامى ،وهم الذين فقدت أباؤهم وهم صغار ،جعل الله لهم خمس الخمس رحمة بهم ،حيث كانوا عاجزين عن القيام بمصالحهم ،وقد فقد من يقوم بمصالحهم .
• والخمس الرابع للمساكين أى : المحتاجين الفقراء من صغار وكبار ذكور وإناث
• والخمس الخامس لابن السبيل ، وهو الغريب المنقطع به في غير بلده وبعض المفسرين يقول إن خمس القيمة لا يخرج من هذه الأصناف ولا يلزم أن يكونوا فيه على السواء بل ذلك تبع للمصلحة وهذا هو الأولى، وجعل الله أداء الخمس على وجه شرطاً للإيمان ، فقال :}إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان{ وهو يوم }بدر{الذي فرق الله به بين الحق والباطل وأظهر الحق وأبطل الباطل .
وفى هذا التشريع تحقيق للتكافل الاجتماعي ، والذي ليس له مثيلاً عند الأمم الأخرى في القديم والحديث لقوله صلى الله عليه وسلم (( لم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا)) وقال أيضا (( أن الله فضلني على الأنبياء أو قال فضل امتى على الأمم وأحل لنا الغنائم )) .
ثم يأتي المورد الثالث وهو "الفيء" وهو غنيمة لا تلحق فيها مشقة، فالفيء هو كل ما أخذ من الكفار من غير قتال ولا إيجاف خيـل ولا ركاب كما قال تعالى : } وما أفاء الله على رسوله منهم { فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب " أى من أهل هذه القرية وهم بنو النضير وأنكم يا معشر المسلمين }ما أوجفتم{ أى :جلبتم وأسرعتم وحشدتم، }عليهم من خيل ولاركاب{ أى : لم تتعبوا بتحصيلها لا بأنفسكم ولا بمواشيكم ،بل قذف الله في قلوبهم الرعب فأتتكم صفواً عفواً " ولكن الله يسلط رسله على من شاء والله على كل شئ قدير ومن تمام قدرته " انه لا يمتنع منه ممتنع ولا يتعزز من دونه قوى وتعريف الفيء في إصطلاح الفقهاء : هو ما أخذ من مال الكفار بحق ، من غير قتال ، كهذا المال الذي فروا وتركوه خوفاً من المسلمين وسمي فيئاً ،لأنه رجع من الكفار الذين هم غير مستحقين له ، الى المسلمين الذي لهم الحق الأوفر فيه وحكمــــــه العام كما ذكره الله في قـــــوله : }ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى{ عموما سواء أفاء الله في وقت رسوله أو بعده ، لمن يتولى من بعده أمته :} فلله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل { وهذه الآية نظير الآية التي في سورة الأنفال ، وهى قوله }واعلموا إنما غنمتم من شئ فأن لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل { فهذا الفيء يقسم خمسة أقسام : خمس لله ولرسوله يصرف في مصالح المسلمين (العامة) وخمس لذوى القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب ، وخمس لفقراء اليتامى وهم من لا أب له ولم يبلغ ، وخمس للمساكين وسهم لأبناء السبيل وهم الغرباء المنقطع بهم في غير أوطانهم ، وإنما قدر الله هذا التقدير ،وحصر الفيء في هؤلاء المعينين }كي لا يكون دولة{ أى : مداولة واختصاصاً } بين الأغنياء منكم { فإنه لو لم يقدره لتداولته الأغنياء، ولما حصل لغيرهم من العاجزين منه شئ ، وفى ذلك من الفساد ما لا يعمله إلا الله ،كما أن في اتباع أمر الله وشرعه من المصالح مالا يدخل تحت حصر ولذلك أمر الله بالقاعدة الكلية والأصل العام ، فقال ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب )) .
ثم يرد المورد الرابع من الموارد التي تساهم في النشاط الإقتصادى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهى الجزية التي فرضت على غير المسلمين ، يقول تعالى : }قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون { فتأخذ هذه الجزية من الكفار من اليهود والنصارى وهو عبارة عن مال جزاء لترك المسلمين قتالهم ، وإقامتهم امنين على أنفسهم وأموالهم بين أظهر المسلمين ، يؤخذ منهم كل عام ، كل على حسب حاله ، من غنى وفقير ومتوسط ،كما فعل ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وغيره من أمراء المؤمنين.
وقد استدل بهذه الآية الجمهور الذين يقولون : لا تؤخذ الجزية الا عن أهل الكتاب ، لأن الله لم يذكر أخذ الجزية الا منهم ، وأما غيرهم فلم يذكر الا قتالهم حتى يسلموا ، وألحق بأهل الكتاب في أخذ الجزية وإقرارهم في ديارا لمسلمين ،المجوس فإني النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر ، ثم أخذها أمير المؤمنين عمر من فرس المجوس .
وقيل : إن الجزية تؤخذ من سائر الكفار من أهل الكتاب ، وغيرهم لأن هذه الآية نزلت بعد الفراغ من قتال العرب المشركين والشروع في قتال أهل الكتاب ونحوهم ،فيكون هذا القيد إخباراً بالواقع لا مفهوم له .
يدل على هذا أن المجوس أخذت منهم الجزية وليسوا أهل كتاب ، ولأنه قد تواتر عن المسلمين من الصحابة ومن بعدهم أنهم يدعون من يقاتلونهم الى إحدى ثلاث : أما الاسلام أو أداء الجزية أو السيف ، ومن غير فرق بين كتابي وغيره.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إذا لقيت عدوك فادعهم الى الاسلام فإن أجابوك فاقبل منهم فإن أبوا فسلهم الجزية فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم)).


والجزية على ضربين:
1- جزية توضع بالتراضي والصلح فتقدم على حسب ما يتم الاتفاق عليه ،كما صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران .
2- جزية توضع على الكفار من قبل الإمام ،إذا غلب الكفار ، ويكون تقدير مقدار هذه الجزية للإمام.
وتسقط الجزية بالإسلام أو بالموت لقول النبي صلى الله عليه وسلم (( وليس على مسلم جزية )) وقد عين الرسول صلى الله عليه وسلم عمالا لجمع هذه الأموال ولم يكن هناك بيت مال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لكي تودع فيه هذه الأموال إذ كانت الأموال تجمع وتصرف في الحـال على مستحقيها فلم يكن هناك داع لإنشاء بيت المال.
ثم تأتى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تبين حرس الاسلام على أن يعيش كل فرد من أبنائه في كفاية من العيش وكيف يكون الفرد في ماله ومعاملاته مع الآخرين ،ومدى حرمة مال المسلم ، وحثه على العمل النافع من اجل أن ينفع نفسه وغيره الى غير ذلك من المجالات التي سنبين بعضها فيما يلي :-
ففي مجال حرمة مال المسلم وصيانة: يقول صلى الله عليه وسلم ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة ، قال رجل : وإن كان شيئا يسيراً يا رسول الله ؟ قال : وإن كان قضيباً من )).
وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال " قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : (( ومن حلف على يمين صبر وهو فاجر يقطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان)) واليمين الصبر : هي يمين الكذب ويقول صلى الله عليه وسلم (( كل المسلم على المسلم حرام :دمه وماله ،وعرضه )) .
ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: (( من اخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن اخذ يريد إتلافها أتلفه الله)) .
فهذه الأحاديث وغيرها تبين بوضوح وجلاء حرمت مال المسلم وإن الاستلاء على أموال الناس بغير حق سواء كان ذلك من جهات خاصة أو كان ذلك من جهات عامة ظلم وحرام وليست من الاسلام .
وهذا الأسلوب الذي جاء به الاسلام في الإصلاح الحياة الاقتصادية والذي يكفل حماية أموال الناس وأمنهم عليها يحقق الرواج والانتعاش في النواحي الاقتصادية حيث يسود الأمن والعدل والذي يوفر الجو المناسب لكي تزداد الأنشطة التجارية والاقتصادية ،فتزداد الرفاهية مما ينعكس على المجتمع كله بعد ذلك .

وفى مجال العمل والكسب والحث عليه : فقد حث عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة على أن يكسب الرجل من عمل يده حتى ينفع نفسه ومجتمعه لقوله عليه الصلاة والسلام : ((...فليعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق )) .
وعن المقدام رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ما أكل احد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده )).
وفى الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم : ((لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه )) .
حمزة على الليبى
حمزة على الليبى
عضو جديد

ذكر
عدد المشاركات : 1
العمر : 44
قوة التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 09/02/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى