إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
مقالات مختارة : لمياء راضي : أنتخبُ وأنتحب
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مقالات مختارة : لمياء راضي : أنتخبُ وأنتحب
لمياء راضي : أنتخبُ وأنتحب
نقلا عن: سكاي نيوز عربية
17 مايو 2012
الطابور ليس طويلا ولكن الشمس حارقة، خمسة عشر شخصا وأصل إلى ظل الشجرة، ثم خمسة أخرون وأصل إلى الباب الحديدي الدوار المطلي بالأحمر والأبيض والأسود، وبعده ثلاثة رجال وسيدة، وأمر أمام المروحة الكهربائية فينقذني هواؤها وأتمنى أن أظل أمامها، لكن من أمامي يتقدمون مرة أخرى إلى الشمس لنصل أخيرا إلي الغرفة المكيفة.
أقدم بطاقة هويتي ليتأكدوا منها، وأهم بإلقاء المظروف في الصندوق الزجاجي عندما يستوقفني موظف القنصلية “لا إنتي مسجلة في السفارة في العاصمة ما ينفعش هنا”. أحاول أن أجادل أنه بلد واحد ولكن “النظام هو النظام”.
“مش مشكلة، سوف أذهب غدا”.
في الخارج امتد الطابور والشمس تشتد حرارة. عائلات جاءت بأكملها، أم تسحب ابنتها في عربة أطفال بينما زوجها يلقفها مولودا احمر وجهه والتصق شعره الأسود علي جبينه من العرق.
“خدي إنتي رشا وميدو واستنوا في الظل وأنا حقف في الطابور أحجز دورنا”، تبتسم السيدة مضحية بزوجها لأشعة الشمس وتقف بجوار أم أخرى تطعم ابنها من علبة أخرجتها من ثلاجة مخصصة للرحلات، بينما يقدم شاب علب عصير بارد أحضرها معه ليوزعها على مواطنيه في مشهد يذكر بروح التضامن التي سادت تظاهرات ميدان التحرير أثناء ثورة يناير 2011.
هنا امرأة تلبس حجابا من ثلاث طبقات كل منها بلون، وضعته بدقة شديدة وكأنه رسم بمسطرة، ليكون في النهاية علم مصر بألوانه الثلاثة التي تلون بها باب المدخل. وهناك سيارة بداخلها أربعة شبان تمر ببطء بجانب المنتخبين، يرفع أحد ركابها صورة صغيرة لمرشح كتب عليها “رئيسا لمصر” في خلسة من ضابط الشرطة المحلي.
الكل يخرج هاتفه المحمول لالتقاط صورة تذكارية مع الطابور قبل أن يمنعه الضابط ويأمره بمحوها “لأسباب أمنية”.
الحدث تاريخي ويستدعي أن يسجل على الأقل بصورة، فالأغلبية العظمي تدلي بصوتها لأول مرة.
إلا أنا…فمنذ بلغت السن القانونية، وكان ذلك في شهر ديسمبر، شهر التسجيل في كشوف الناخبين، استخرجت بطاقتي الانتخابية. لم أتغيب منذ ذلك الحين عن استفتاء.
كنت أذهب مع أبي إلى المقر الانتخابي، حتى تفرقنا الحجرات المخصصة للرجال أو النساء. نضع البطاقة في الصندوق، ونلتقي في الخارج. ينظر إلي ونبتسم ابتسامة العالم بما يدور في ذهن الأخر، نعلم أننا دون سابق اتفاق قد قلنا “لا”.
ونعود لنحلم باليوم الذي سنقول فيه “نعم” لمرشح نختاره من بين سرب من طالبي رضا مصر.
تذكرت أبي وأنا أضع بطاقتي في الصندوق في اليوم التالي لمحاولتي الأولى الفاشلة. رحل قبل أسابيع قليلة من أول انتخابات غير محسومة النتائج مسبقا.
وضعت المظروف المغلق، ودعاني الموظف إلى تناول البسبوسة والبقلاوة المهداة من السفارة والموضوعة علي طاولة في وسط الصالة التي رصت علي جوانبها صناديق الاقتراع المقسمة حسب الحروف الأبجدية لأسماء لناخبين.
الحدث حتما سعيد، وفي الأفراح توزع الحلوى.
لكنني انتخبت ثم انتحبت.
انتحبت لأنني انتخبت فقط من أراه الأقل ضررا، فأنا لم أقتنع اقتناعا كاملا بمرشح واحد. لم أجد من يجسد حلم أكثر من ثلاثة عقود من بطاقات “لا” التي ألقيت بها في الصناديق، ومن 18 يوما في ميدان التحرير.
يمد يده بطبق البقلاوة مصرا، فأبتسم بانكسار وأقول “خليها للمرة اللي جاية إن شاء الله”.
لمياء راضي
نقلا عن: سكاي نيوز عربية
17 مايو 2012
الطابور ليس طويلا ولكن الشمس حارقة، خمسة عشر شخصا وأصل إلى ظل الشجرة، ثم خمسة أخرون وأصل إلى الباب الحديدي الدوار المطلي بالأحمر والأبيض والأسود، وبعده ثلاثة رجال وسيدة، وأمر أمام المروحة الكهربائية فينقذني هواؤها وأتمنى أن أظل أمامها، لكن من أمامي يتقدمون مرة أخرى إلى الشمس لنصل أخيرا إلي الغرفة المكيفة.
أقدم بطاقة هويتي ليتأكدوا منها، وأهم بإلقاء المظروف في الصندوق الزجاجي عندما يستوقفني موظف القنصلية “لا إنتي مسجلة في السفارة في العاصمة ما ينفعش هنا”. أحاول أن أجادل أنه بلد واحد ولكن “النظام هو النظام”.
“مش مشكلة، سوف أذهب غدا”.
في الخارج امتد الطابور والشمس تشتد حرارة. عائلات جاءت بأكملها، أم تسحب ابنتها في عربة أطفال بينما زوجها يلقفها مولودا احمر وجهه والتصق شعره الأسود علي جبينه من العرق.
“خدي إنتي رشا وميدو واستنوا في الظل وأنا حقف في الطابور أحجز دورنا”، تبتسم السيدة مضحية بزوجها لأشعة الشمس وتقف بجوار أم أخرى تطعم ابنها من علبة أخرجتها من ثلاجة مخصصة للرحلات، بينما يقدم شاب علب عصير بارد أحضرها معه ليوزعها على مواطنيه في مشهد يذكر بروح التضامن التي سادت تظاهرات ميدان التحرير أثناء ثورة يناير 2011.
هنا امرأة تلبس حجابا من ثلاث طبقات كل منها بلون، وضعته بدقة شديدة وكأنه رسم بمسطرة، ليكون في النهاية علم مصر بألوانه الثلاثة التي تلون بها باب المدخل. وهناك سيارة بداخلها أربعة شبان تمر ببطء بجانب المنتخبين، يرفع أحد ركابها صورة صغيرة لمرشح كتب عليها “رئيسا لمصر” في خلسة من ضابط الشرطة المحلي.
الكل يخرج هاتفه المحمول لالتقاط صورة تذكارية مع الطابور قبل أن يمنعه الضابط ويأمره بمحوها “لأسباب أمنية”.
الحدث تاريخي ويستدعي أن يسجل على الأقل بصورة، فالأغلبية العظمي تدلي بصوتها لأول مرة.
إلا أنا…فمنذ بلغت السن القانونية، وكان ذلك في شهر ديسمبر، شهر التسجيل في كشوف الناخبين، استخرجت بطاقتي الانتخابية. لم أتغيب منذ ذلك الحين عن استفتاء.
كنت أذهب مع أبي إلى المقر الانتخابي، حتى تفرقنا الحجرات المخصصة للرجال أو النساء. نضع البطاقة في الصندوق، ونلتقي في الخارج. ينظر إلي ونبتسم ابتسامة العالم بما يدور في ذهن الأخر، نعلم أننا دون سابق اتفاق قد قلنا “لا”.
ونعود لنحلم باليوم الذي سنقول فيه “نعم” لمرشح نختاره من بين سرب من طالبي رضا مصر.
تذكرت أبي وأنا أضع بطاقتي في الصندوق في اليوم التالي لمحاولتي الأولى الفاشلة. رحل قبل أسابيع قليلة من أول انتخابات غير محسومة النتائج مسبقا.
وضعت المظروف المغلق، ودعاني الموظف إلى تناول البسبوسة والبقلاوة المهداة من السفارة والموضوعة علي طاولة في وسط الصالة التي رصت علي جوانبها صناديق الاقتراع المقسمة حسب الحروف الأبجدية لأسماء لناخبين.
الحدث حتما سعيد، وفي الأفراح توزع الحلوى.
لكنني انتخبت ثم انتحبت.
انتحبت لأنني انتخبت فقط من أراه الأقل ضررا، فأنا لم أقتنع اقتناعا كاملا بمرشح واحد. لم أجد من يجسد حلم أكثر من ثلاثة عقود من بطاقات “لا” التي ألقيت بها في الصناديق، ومن 18 يوما في ميدان التحرير.
يمد يده بطبق البقلاوة مصرا، فأبتسم بانكسار وأقول “خليها للمرة اللي جاية إن شاء الله”.
لمياء راضي
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
dude333- مشرف المنتدى السياسي
-
عدد المشاركات : 5593
العمر : 55
رقم العضوية : 9508
قوة التقييم : 36
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
أم عمر- لواء
-
عدد المشاركات : 2247
العمر : 52
رقم العضوية : 9265
قوة التقييم : 10
تاريخ التسجيل : 31/12/2011
مواضيع مماثلة
» مقالات مختارة : كلام من ذهب
» مقالات مختارة : السبعطاشات فبرايريات
» مقالات مختارة : مراد شبين : ألف باء ..
» مقالات مختارة : حرق السفارات, هدف من؟
» مقالات مختارة : أمّ في جحيم القذافي
» مقالات مختارة : السبعطاشات فبرايريات
» مقالات مختارة : مراد شبين : ألف باء ..
» مقالات مختارة : حرق السفارات, هدف من؟
» مقالات مختارة : أمّ في جحيم القذافي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
أمس في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
أمس في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
أمس في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
أمس في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
2024-11-04, 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR