مقالات مختارة - العارف عكعك ....... الادارة المحلية

العارف عكعك
الادارة المحلية

يجب أن نعلم جميعا ان قانون الإدارة المحلية هوحجر الزاوية لبناء ليبيا اللامركزية وركيزة استقرارها ولن أبالغ إن قلت ان أهميته ليست بأقل من أهمية الدستور بل يجب ان تُدرج خطوطه العريضة في الدستور الجديد ومن اهمها تحديد الصلاحيات لمستويات الادارة المحلية فإذا حُددت صلاحيات الوحدات الإدارية المحلية بموجب الدستور تكون اللامركزية الادارية قوية، وإذا كان ذلك عن طريق قانون تكون اللامركزية متوسطة، أما إذا كان هذا التحديد قائم على أساس قرار إداري فتكون اللامركزية ضعيفة وموضوع اللامركزية الادارية هوموضوع استراتيجي وبات اليوم مطلب الجميع وضرورة تُسهل توفير حاجات السكان المحليين وتلبي متطلباتهم وتهيئ فرص النجاح لخطط التنمية الوطنية في تحقيق أهدافها بشكل متوازن تضمن توفير حياة ملائمة لجميع السكان في جميع المناطق داخل الدولة، وسوف يسهم هذا إذا نجحنا في التخطيط له بشكل جيد وتمكنا من تطبيقه في تحقيق التوازن الإقليمي وتقليل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية، وهذا يعتمد بالدرجة الأولى على برامج تدريب مكثف لتأهيل قطاع الادارات المحلية فنيا مع حملات التثقيف والتوعية العامة لتتوازى مع توزيع سلطة صنع القرار بين هيئات التنمية والتخطيط المركزية ونظيرتها المحلية لذلك يجب ان لا يُتخد هكذا مشروع من وراء الكواليس وبهذه البساطة والسرعة التي رأيناها في المشروع المسرب على موقع إيراس الالكتروني حسب الرابط المرفق ادناه، فعلى الدولة ان تُخرج مشروع هذا القانون الى العلن لتطرحه في ندوات وورش عمل تناقش مستقبل الادارة المحلية في ليبيا وبشكل تفصيلي وكذلك يجب علينا دراسة تجارب الدول الناجحة في الادارة المحلية مثل فرنسا واليابان وغيرهم كثير بل علينا دعوة وفود من تلك الدول لتشرح لنا طرقها في الادارة المحلية بالاضافة الى طلب العون من متخصصي الادارات المحلية بالامم المتحدة وهذا ما تقوم به مصر على سبيل المثال هذه الايام حيث قامت بدعوة خبراء متخصصين في الادارة المحلية من (انكلترا وفرنسا وبولندا واندونيسيا) ليزوروا مصر ويشرحوا آليات انظمتهم المحلية في ندوات عديدة أقيمت لهذا الغرض وما رأيته من عيوب في هذا المشروع القاصر يستدعي الوقوف ضده بكل حزم حتى لا يعيدنا الى ما يشبه حقبة دكتاتورية أمناء اللجان الشعبية للمؤتمرات والشعبيات فقد تناسى مشروع هذا القانون ركائز الديمقراطية وهي الاحزاب وكيفية تمثيلها في المجالس وإن هذه الأدارات المحلية هي القاعدة التي يجب ان تمارس فيها الديمقرطية بكل صورها والادارات المحلية في حقيقة امرها هي صورة مصغرة لتقاسم السلطات بين من يقرر ومن ينفذ ومن يراقب وكذلك هذا المشروع لم يشترط آليات تطبيق الشفافية والمساءلة والتي يجب ان تبدأ وأن تمارس من هذه القاعدة وبقوة القانون مثل النقل المباشر للجلسات وأحقية حضور مراقبين من عامة الجمهور هذا اذا اردنا التأسيس السليم للدولة المنشودة ، وكذلك فما رأيته في هذا المشروع من صلاحيات سوف تمنح للمناطق هي غير واضحة وغير دقيقة ولا ترتقي الى سقف الصلاحيات المطلوبة في اللامركزية الأدارية ولم تفصل التفصيل المستحق حتى تفهم الفهم الصحيح ثم هذا المشروع أعطى كل الصلاحيات للمجلس الوحيد المنتخب ومن ضمنها انتخاب المحافظ والعميد من بين اعضاءه وهذا المجلس المنتخب الوحيد والذي سيبقى لمدة اربع سنوات هومن سوف يسن بعض القوانين المحلية ومن سيصدر اللوائح المحلية ومن سوف يقترح المشاريع المحلية والمجلس كذلك من سوف يمارس التنفيذ والرقابة المحلية وهذا مما لا شك فيه سيمنح فرصة تغول مطلق لهذا الجسم وخصوصا أن رئيس المجلس جاء من أعضاءه وهم أنفسهم الذين يشكلون اللجان الفنية وهم من يختار مجلس الشورى ولم يتعرض مشروع هذا القرار لكيفية حل المجالس ورفع الثقة عنها وإجراء إنتخابات مبكرة مثلا وثم لم يحدد من له صلاحية عزل العمداء والمحافظين ؟؟ النمودج المقترح هذا ربما يحاكي على إستحياء في بعض نقاطه ما تطبقه القليل من الدول ولكن هذا واحد من أنماط ونمادج كثيرة في دول العالم وفي الغالب تميل الدول المتقدمة الى إعطاء سقف اعلى في الصلاحيات وفصل ما بين السلطات على مستوى الادارات المحلية فتنخب المجالس كهيئات تقرير وتقنين وتقترح احتياجات المنطقة وتراقب التنفيذ المناط بديوان المحافظ والعميد اللذان في بعض الدول تعينهما رئاسة الحكومة اووزارة الحكم المحلي وفي البعض الأخر من الدول يتم انتخاب المحافظين والعمداء بالانتخاب المباشر من الأهالي في انتخابات منفصلة عن أنتخابات المجالس ويكون المحافظين والعمداء في كل الحالات مندوبين الحكومة وتحت رقابتها.
أما بخصوص اللجان الفنية للمجالس وما لها من أهمية قصوى في الأداء العام للأدارات المحلية بصفة عامة والتنمية المكانية المستقبلية للمناطق بصفة خاصة ونحن نعلم كذلك ان عمل اللجان الفنية هوعمل تقني فني بحت يحتاج للكفاءة والتي بدورها يجب أن تُحسب بمعايير ومواصفات حتى لا يكون مصطلح الكفاءة فضفاض عبارة عن شهادات فقط لذلك يجب انشاء جهاز وطني يضع معايير ومقاييس تطبق على جميع من سوف يتولون اللجان الفنية في التخصصات المختلفة فيجب اجراء أختبار تقييم علمي للكوادر الفنية ومن يجتازه فقط يمنح الاحقية في عضوية اللجان الفنية حسب تخصصه وكذلك هذا المركز الوطني يجب أن يقوم بدورات تأهيل وتدريب لطواقم الادارات المحلية لرفع كفاءاتهم ويطلق برامج لتحسين الاداء العام لهذه الأدارات المحلية بتطبيق مباديء الجودة الشاملة وغيرها وعلى العموم هذا الموضوع فيه الكثير من التفاصيل لا يتسع هذا المقال لسردها.
العارف عكعك
* إطلع على مشروع قانون المحليات