من يقيّم من؟

من طرف **زهرة اللوتس** 2012-06-14, 10:46 pm

من يقيّم من؟
كيف يتساوى القابع في الظلام مع القائم في ضوء النهار!!؟
ظهرت بعد ثورة السابع عشر من فبراير – التي قامت في ليبيا على أيدي الشباب وعاضدهم جل إن لم يكن كل أبناء الشعب الليبي من نساء وأطفال وشيوخ – كل بوسيلته وعلى قدر جهده.
والشاهد لأحداث الثورة حتى قبل قيامها وأثناء ذلك، أدرك مدى التلاحم واللحمة بين أبناء الشعب الليبي.
وبعد أن انتصرت الثورة بدأنا ـ وإن كان في البدء قليلاً ـ نرى شكلاً من أشكال التبرم ومحاولة إلصاق التهم بالعديد من الشرفاء ، بل وبالعديد ممن شاركوا في قيام الثورة، ومن بينهم من قدم الكثير دون أن يعلن عن هذا الدور لأنه لم يقدمه رياء ولا لمصلحة يصل عليها، بل كان مؤمناً بقيام هذه الثورة لأنه كان مدركاً للخطر الذي تتعرض له الدولة من جراء حكم القذافي، وهم ـ هذه الشريحة التي عملت زمن الثورة ـ دون أن يراها أحد وفي صمت ، كانوا سباقين إلى القيام بالكثير من الأعمال، ولم يكن سعيهم الحصول على دراهم معدودة وهم ليسوا الوحيدين ، بل هناك من الثوار الحقيقيين الذين بعد أن تحررت ليبيا تركوا السلاح وعادوا إلى أعمالهم في سكون، وأعلنوا استعدادهم للدفاع عن الوطن إذا ما طلب منهم ذلك في أي وقت.
وفي هذه الأثناء وبعد أن تحررت ليبيا ظهرت طائفة من الأشخاص عليهم الكثير من علامات الاستفهام بدأوا يطلقون أوصافاً على أشخاص هكذا دون دليل وسند وهم للأسف الشديد أشخاص إما أنهم من بقايا عهد القذافي أو هم من الذين يريدون أن يخلقوا لأنفسهم أدواراً هم في الواقع لم يقوموا بها وصرحوا بأقوال وادعوا القيام بأفعال كذبتها الحقائق التي عاشها المجتمع الليبي والذي كان شاهداً على تلك الأيام، بل وكان للكثير من أفراده شهداء وجرحى وتضررت أموالهم وممتلكاتهم، ومنهم من لم يذكره أحد حتى الآن، ومنهم من ينتظر مفقودا ويأمل عودته أو ورود أخبار بشأنه أيا كانت هذه الأخبار.
وإذا ما كان أمر تقييم الأشياء والأشخاص من الأمور التي نحبذها، إلا أننا لا نريد أن يكون هذا التقييم عشوائياً دون دليل أو تمكين الشخص من الدفاع عن نفسه وأن تبين له المآخذ ومصدرها، وهذه هي العدالة بعينها، أما أن لا يظهر علينا قائل التهم ويظل خلف ستار أحقاد كامنة قد يكون مصدرها غيرة أو أشياء أخرى تتعلق بشخصيته المعقدة ونفسيته الدنيئة، فإن ذلك لن يكون مقبولاً مهما كانت جسامة مقالته وأداة هذه المقالة سواء أكانت مقالات مكتوبة أو عبر الأثير أو بشبكة المعلومات التي خلقت كي تساهم في نشر المعرفة لا أن تكون مكباً لنفايات البعض من الحاقدين للأسف الشديد، هذا من جانب.
ومن جانب آخر فإن الذين في بعض الأوقات نسمع صدى أصواتهم ولا نراهم أو يقومون بالكتابة وينعتون الشرفاء بأوصاف كأزلام القذافي وأتباعه أو الطابور الخامس ولا نعرف أسماءهم أو يقومون ببث الإشاعات وهم قابعون في سلات القمامة، لا يمكن بأي حال أن يكونوا موضع ثقة أو جديرين بأن يقوموا بتقييم الأشخاص وكيف لهم أن يقوموا بذلك وهم جالسون في الظلام وغيرهم في ضوء النهار، وتبقى المسألة دائماً هي كيفية الإجابة عن السؤال الحائر من يقيم من؟
وإذا كنا في ليبيا اليوم نسعى إلى التقدم والذي لا يمكن أن نصل إليه إلا بالتعاضد والتكاثف فإن لغة الإقصاء والإبعاد هي لغة غير مفهومة ولن يكون في الإمكان استيعابها إلا إذا وضعت لها أسس وقواعد يمكن على منوالها أن نرسم خريطة سليمة وصحيحة لليبيا المستقبل، ولن يكون ذلك في الإمكان إلا إذا ترك الأمر لمختصين ومحايدين يتصفون بالموضوعية والنزاهة فعلاً لا قولاً وشكلاً كما أصبحنا نراه اليوم من خلال أسماء هي بعيدة عن النزاهة والحيادية ، لو وضعت في إطار الموازين الحساسة ـ هذا ما يقوله الكثيرون ـ وإن كنت لست معهم، لكن الأمر عندما يكثر اللفظ لابد من تدخل الجهات المعنية لوضع حد لكل قول أو لغط أو حديث قد يفتقر إلى أبسط قواعد الموضوعية وقد لا يسانده إلا غيرة في نفس حاقدة أو جسد يأكل في جنبات صاحبه، وهذا ما لا نريده لليبيا الجديدة.
إذن تبدو المسألة ليست بالصعبة لكنها بدون شك تحتاج إلى نيات صادقة مؤمنة بما تفعل، لا تقوم بأشياء هي بعيدة عن المعايير الموضوعية ومن ذلك صكوك الوساطة والمحسوبية ومحاربة كل نزيه لأن العديد من الأوساط لا تتماشى مع النزاهة وإن شكلت مؤسسات لها قد لا تحمل من المعاني إلا مجرد اسم واه يتداعى لو نبش فقط ما بالك لو ووجه بحقائق قد تكون كامنة لكنها قد تطفو في أي وقت من الأوقات.
سعد العسبلي