اللاذقية ملاذ الأسد الأخير

توارى الرئيس السوري بشار الأسد عن الأنظار، ولم ينشر أي بيان أو تصريحات باسمه منذ الهجوم على مبني الأمن القومي في دمشق، الذي أودى بحياة ثلاثة من الدائرة المقربة منه. تزمن هذا كله مع تواتر أنباء عن وجوده في اللاذقية، الحصن العلوي، بعيدا عن المعارك التي طالت العاصمة منذ أيام.

ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن معارض سوري ودبلوماسي غربي أن الأسد متواجد حاليا في اللاذقية، لكنها أشارت إلى أنه لم يعرف إذا ما كان قد توجه إلى المدينة الساحلية قبل الانفجار أم بعده.

لكن المعارض السوري وحيد صقر أكد لـ"سكاي نيوز عربية" أن هناك "أنباء أن بشار الأسد قد أصيب في الانفجار، حيث كان حاضرا خلال اجتماع خلية الأزمة، وأنه يعالج حاليا في دمشق".

وأكد أن بشرى، شقيقة الرئيس وأرملة نائب وزير الدفاع آصف شوكت، الذي قتل في الانفجار، قد منعتها عائلتها من العودة إلى دمشق خشية عليها من ردود الأفعال داخل العائلة إثر مقتل زوجها، الذي كان على خلاف دائم مع شقيقها ماهر، قائد الكتيبة الرابعة، التي تعد بمثابة الحرس الجمهوري.

"إذا كان بشار الأسد قد ذهب فعلا إلى اللاذقية، فهذا يعني أنه قد يكون بدأ فعلا التفكير جديا في تقسيم سوريا"، برأي صقر.

"قام بشار الأسد منذ فترة قريبة بإعادة تجهيز قصر له هناك في منطقة أم الطيور باللاذقية، وتم إعداده بحيث يكون حصنا منيعا يصعب اختراقه"، حسب صقر.

"كما نقل الكثير من الأسلحة الثقيلة إلي اللاذقية وإحدى الترسانات إلى منطقة البودي باللاذقية" طبقا للمعارض الذي يؤكد أن "الصور المأخوذة بالأقمار الصناعية للمنطقة تظهر مخازن للسلاح في هذه المنطقة".

"اللاذقية هي إذن الملاذ الأخير لبشار الأسد حال تأكد سيطرة الثوار على دمشق وبقية أنحاء البلاد، حينئذ تكون لديه في اللاذقية كل مقومات إقامة دويلة له"، كما يؤكد صقر.

وبالرغم من استبعاده خروج الرئيس السوري من العاصمة، إلا أن الخبير الاستراتيجي اللبناني، العميد الركن هشام جابر يوافق على نظرية أن لجوء الرئيس السوري إلى اللاذقية يعني تنفيذ سيناريو تقسيم سوريا.

"إذا ما دخلت سوريا في حرب أهلية وتزلزلت الأرض تحت أقدام النظام عندها حتما يكون خيار الرئيس هو اللجوء إلى اللاذقية"، كما يقول جابر الذي يرأس مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث.

"اللاذقية في شمال سوريا، وهي بلاد العلويين التي ينتمي إليها بشار الأسد، ولقد أسس والده حافظ هناك بنية تحتية مهمة، فبعد أن كانت منطقة مهمشة أصبح بها شبكة طرق ومطار دولي ومبان حكومية وفروع لأغلب مؤسسات الدولة".

"اللاذقية عند الحاجة يمكن أن تكون دويلة يستقل بها بشار الأسد، وذلك في حال ما إذا قسمت سوريا"، كما يري الخبير الاستراتيجي.

ويشرح جابر أن "وقوع اللاذقية علي الساحل، وتمتعها بمنفذ بحري، يجعل الرئيس السوري يرى أنه من الممكن أن يستقل بها، بالإضافة إلى أنها تحدها الجبال أيضا، مما يوفر لها حماية".

"لكن ذلك لن يحدث إلا في حال دخول سوريا في حرب أهلية، وأنا ما زلت أؤكد أنها لم تدخل بعد في هذه المرحلة، حيث إن الحرب الأهلية تعني أن الدولة انتهت وأن السلطة انهارت، وأن الجيش لم يعد له وجود، وهذا ليس الحال الآن"، حسب جابر.

ويشير إلى أن الأنباء عن وصول الطائرة الرئاسية إلى مطار اللاذقية "لا يعني وجود الرئيس بشار على متنها".

وأكدت مصادر سورية أن الطائرة الرئاسية كانت تقل والدة الرئيس بشار الأسد، أنيسة مخلوف، وزوجته أسماء وأولاده الثلاثة.

"خبر لجوء الرئيس بشار إلى اللاذقية هو نسج من خيال، فالرئيس موجود في دمشق ويمارس مهامه ويقود العمليات ضد التمرد"، أكد الخبير الاستراتيجي اللبناني أمين حطيط.

ويرى حطيط أن "دمشق أكثر أمناً للرئيس السوري من اللاذقية" فهي في رأيه، "معرضة لهجوم بحري وجوي، بينما العاصمة بها القيادة والمراكز القيادية التي تحصنها ضد هذا النوع من الهجوم".

ويتساءل الخبير "هل يعقل أن يترك أحد الحصن المنيع ليلجأ إلي الصحراء المكشوفة؟". ويرد حطيط على نفسه مؤكدا أن "شائعة هروب الرئيس بشار الأسد إلى اللاذقية ما هي إلا وهم وحرب نفسية".