إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
خطبة الجمعة الماضية من مسجد اسامة بن زيد /التميمى
+2
STAR
ابو الزبير
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
خطبة الجمعة الماضية من مسجد اسامة بن زيد /التميمى
أصول منهج السلف الصالح
الخطبة الأولى
الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله كتب على نفسه الرحمة، وأفاضَ على
الخلائق سوابِغَ النِّعمة، دعا إلى الإسلام فخصَّ من شاءَ بالهداية والتوفيق
منَّةً منه وفضلاً، وأقامَ الحُجَّةَ على من خالَفَ حكمةً منه وعدلاً، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ عبده وابنِ عبده وابنِ أمَته ومن لا غِنى له
طرفةَ عينٍ عن فضلِه ورحمتِه، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه،
وصفيُّه وخليلُه، رحمةُ الله للعالمين، وقدوةُ العامِلين، ومحجَّةُ السالِكين،
صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله السادة الطاهرين، وعلى أصحابه الغُرِّ
الميامين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله
- رحمكم الله -، واعلَموا أن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -
صلى الله عليه وآله وسلم -، وشرَّ الأمور مُحدثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ
بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار، وما قلَّ وكفَى خيرٌ مما كثُرَ وألهَى، وإن
ما تُوعَدون لآتٍ وما أنتم بمُعجِزين، وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ حَلِيمٌ [البقرة: 235].
أيها المسلمون:
إن من العقلِ والحكمة: إدراكَ أن أعداءَ الإسلام
والمُتربِّصين به يقِفُون موقفًا صارِمًا من كل دعوةٍ تدعُو إلى الحق، وإلى الرجوع
إلى أصول الإسلام وثوابتِه ومبادئِه وحقائقِه التي تبعثُ روحَ العِزَّة في الأمة،
وتقودُ إلى المجدِ والمَنَعة، حتى قال قائلٌ منهم: "إننا لا نُحارِبُ
الإرهاب، ولكنَّنا نُحارِبُ من أجل أن نُقرِّرُ الإسلام الذي نُريد".
وفي عالَمنا تجتاحُه موجاتٌ من التغيير، وطُوفاناتٌ من
التحديات؛ يبرُزُ منهجُ الاتباع عند وجود الأضداد المُتخالِفة والمُتنافِرة؛ من
التكفير والتنفير، وتعظيم الأشخاص، وتصنيف الأحزاب والانتماءات.
السَّلفُ الصالحُ هم الصدرُ الأول، الراسِخون في العلمِ،
المُهتَدون بهديِ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، الحافِظون لسُنَّته،
مُقدَّمُهم صحابةُ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ورضي عنهم أجمعين -،
اختارَهم الله لصُحبة نبيِّهم، وانتخبَهم لإقامة دينِه، ورضِيَهم أئمةً للأمة.
يقول - عزَّ شأنُه -: وَالسَّابِقُونَ
الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 100].
يقول السفَّارينيُّ - رحمه الله -: "المرادُ بمذهبِ
السَّلَف: ما كان عليه الصحابةُ الكرامُ، وأعيانُ التابعين بإحسانٍ، وأتباعُهم من
أئمةِ الإسلام العُدُول، ممن شُهِد لهم بالإمامة، وعُرِف عظيمُ شأنِهم في الدين،
وتلقَّى الناسُ كلامَهم خلفًا عن سلَف، دون رميٍ ببدعةٍ، أو شهرٍ بلَقَبٍ غير
مرضِيٍّ".
ويقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "إنكم
قد أصبَحتم اليوم على الفِطرة، وإنكم ستُحدِثون ويُحدَثُ لكم، فإذا رأيتُم مُحدثةً
فعليكم بالعهد الأول".
ويقول أيضًا - رضي الله عنه -: "من كان مُستنًّا
فليستنَّ بمن قد ماتَ؛ فإن الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفتنة، أولئك أصحابُ محمدٍ -
صلى الله عليه وسلم -، كانُوا أبرَّ هذه الأمة قلوبًا، وأعمقَهم علمًا، وأقلَّهم
تكلُّفًا".
ويقول الإمامُ الذهبي: "فالذي يحتاجُ إليه الحافظُ:
أن يكون تقيًّا ذكيًّا نحويًّا لُغويًّا حيِيًّا سلفيًّا".
السَّلَفُ ليس لهم لقبٌ يُعرَفُون به، ولا نسَبٌ
ينتسِبُون إليه، كما قال بعضُ الأئمة - وقد سُئِل عن السُّنَّة - فقال:
"السُّنَّةُ ما لا اسمَ له سِوى السُّنَّة، أما غيرُهم فينتسِبُون إلى
المقالةِ أو إلى القائِل".
يُوضِّحُ ذلك الإمامُ مالكٌ - رحمه الله -، وقد جاءَه
رجلٌ فقال: يا أبا عبد الله! أسألُك عن مسألةٍ أجعلُك حُجَّةً فيما بيني وبين الله
- عز وجل -. قال مالكٌ: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله؛ سَلْ". قال: من
أهلُ السُّنَّة؟ قال: "أهلُ السُّنَّة الذين ليس لهم لقبٌ يُعرَفون به، لا
جهميٌّ ولا قدَريٌّ".
قال أهلُ العلم: "إنما برَزَ الانتِسابُ إلى
السَّلَف الصالحِ حينما ظهرَت الفِرقُ في الأمة التي قال فيها رسولُ الله - صلى
الله عليه وسلم -: «وستفترِقُ هذه الأمة على
ثلاثٍ وسبعين فِرقة»،
ثم بيَّن - عليه الصلاة والسلام - النهجَ الحقَّ في قوله: «ما
أنا عليه وأصحابي»".
الصحابةُ وتابِعُوهم بإحسانٍ هم خيرُ هذه الأمة، وأزكاها
دينًا، وأعلاها مقامًا، وأعلمُها بما كان عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وآله
وسلم -.
معاشر المسلمين:
منهجُ السَّلَف الصالح ليس حِقبةً تاريخيَّةً محدودة،
ولا جماعةً مذهبيَّةً محصورة؛ بل هو منهجٌ مُستمرٌّ لا يتقيَّدُ بزمَانٍ، ولا
ينحصِرُ بمكانٍ. وعليه؛ فإن هذا المنهجَ ليس حِزبًا، ولا تيَّارًا، ولا حركةً،
وليس تكتُّلاً سياسيًّا، هو منهجٌ لا جماعة.
يُوضِّحُ ذلك: أن المُنضوِين تحت هذا المنهَج قطاعٌ
عريضٌ من المُسلمين شُعوبًا وديارًا؛ بل هم الأصلُ في عُموم المُسلمين؛ فالمُسلمُ
يتَّبِعُ الدليلَ ويسيرُ خلفَه، ويُعظِّمُ السَّلفَ الصالحَ، ويُحبُّهم ويقتدِي
بهم، وكلُّ إمامٍ من أئمةِ المُسلمين يقول: "إذا صحَّ الحديثُ فهو
مذهبي".
يقولُ الشيخُ الإمامُ عبدُ العزيز بن باز - رحمه الله -:
"السَّلَفُ الصالحُ هم الصحابةُ - رضي الله عنه -، ومن سلكَ سبيلَهم من
التابِعين وأتباعِ التابِعين من الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة،
والحنابِلَة، وغيرهم ممن سارَ على الحقِّ، وتمسَّك بالكتابِ العزيزِ والسُّنَّة
المُطهَّرة في بابِ التوحيد وبابِ الأسماء والصفات، وفي جميع أمورِ الدين".
ومن القُصور في النظر والفهمِ: حصرُ منهج السَّلَف
الصالح في قضايا مُعيَّنة، أو علمٍ مُعيَّن، أو بلدٍ مُعيَّن، أو فئةٍ مُعيَّنة.
السَّلَفُ الصالحُ ليس يدَّعِي تمثيلَهم أحدٌ، ولا
ينطِقُ باسمِهم عالِمٌ، فليس ثمَّة جماعةٍ محصورةٍ تُمثِّلُ هذا المنهجَ، وإنما
يوجدُ أفرادٌ وجماعاتٌ ينتَمون إلى هذا المنهَجِ، وينتسِبُون إليه، ويسعَون
لتحقيقِ مذهبِ السَّلَف الصالحِ.
وهذا المنهجُ ليس مسؤولاً عن أخطاء بعضِ المُنتسِبِين
إليه، وإنما تُنسَبُ الأقوالُ والأفعالُ والتصرُّفات إلى أصحابِها وجماعاتِها لا
إلى المنهَج.
معاشر المُسلمين:
منهجُ السَّلَف الصالح يعتمِدُ النصَّ الشرعيَّ، وفهمَ
السَّلَف الصالح، وطُرُقَ استِدلالِهم، ومصدرَ التلقِّي عندهم، وليس ذلك محصورًا
في فهمِ عالِمٍ بعينِه.
أُصولُ منهج السَّلَف الصالحِ ومبادئُه لم يُولِّدها
فكرٌ بشريٌّ، ولا ظرفٌ تأريخيٌّ، ولا اجتِهادُ مُجتهِدٍ؛ بل عِمادُها الكتابُ
والسُّنَّةُ.
ومن معالِمِ هذا المنهجِ: لُزومُ اتباعِ الكتابِ العزيزِ
والسُّنَّة الصحيحة الثابتة، والحَذَرُ من اتباع الهَوَى والبِدَع، على حدِّ قولِه
- صلى الله عليه وسلم -: «فإنه من يعِش منكم فسيرَى
اختِلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخُلفاء الراشِدين المهديِّين من
بعدِي، عضُّوا عليها بالنواجِذ، وإياكم ومُحدثات الأمور؛ فإن كلَّ بدعةٍ ضلالة»؛ أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وغيرُهم من حديث
العِرباضِ بن سَارِيَة - رضي الله عنه -، وقال الترمذي: "حديثٌ حسنٌ
صحيحٌ".
ومن معالِمِ هذا المنهَج: العنايةُ بلُزومِ الجماعة،
والسَّمع والطاعةِ بالمعروف في المنشَطِ والمكرَه، على حدِّ قولِه - عزَّ شأنُه -:
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59].
وحديثِ عُبادة بن الصَّامِت - رضي الله عنه - قال: دعانا
النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فبايَعناه، فقال فيما أخذَ علينا: "أن
بايَعَنا على السَّمع والطاعة في منشَطِنا ومكرَهنا، وعُسرِنا ويُسرِنا، وأثَرَةٍ
علينا، وألا نُنازِعَ الأمرَ أهلَه، إلا أن ترَوا كُفرًا بواحًا عندكم من الله فيه
بُرهانٌ"؛ أخرجه البخاري في "صحيحه".
وهو بيانٌ جلِيٌّ في عظيمِ أثَر السَّمع والطاعة،
وضرورةِ تقديمِها مهما احلَولَكَت الظروف، وأظْلَمَت الدُّرُوب،
ومن معالِمِ هذا المنهَج: النصيحةُ المدلولُ عليها
بقولِه - عليه الصلاة والسلام -: «الدينُ
النَّصيحة، الدينُ النَّصيحة، الدينُ النَّصيحة». قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله،
ولكتابِه، ولرسولِه، ولأئمة المُسلمين وعامَّتِهم»؛ أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث تميمٍ
الدارِيِّ - رضي الله عنه -.
نصيحةٌ في إخلاصٍ وصدقٍ ودِيانةٍ، وحفظِ الحقِّ
والمكانةِ، والبُعد عن التَّشنيعِ والتَّشهير، أو سُلُوك مسالِكَ تُؤدِّي إلى
التفرُّق والشَّحناء.
ومن معالِمِ هذا المنهَج: الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن
المُنكَر، كما قال - عزَّ شأنُه -: كُنْتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: 110]، وقولُه - عزَّ
شأنُه -: وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 71]،
وقولُه - جل وعلا -: الَّذِينَ
إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج: 41].
ومن معالِمِ هذا المنهَج: مصدرُ التلقِّي هو الوحيُ،
ويعرِضُون عقولَهم وفهُومَهم وآراءَهم على الكتاب والسُّنَّة؛ فما وافقَها
قبِلُوه، وما خالَفَها أعرَضُوا عنه، ونصُّ الشارِعِ هو الأصلُ، تنقادُ إليه
النفوسُ، وتعتمِدُ عليه، تتبَعُه ولا يتبَعُها، «لا
يُؤمنُ أحدُكم حتى يكون هواهُ تبَعًا لما جِئتُ به»؛ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، أخرجه الأئمة في مسانيدِهم من حديث
عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.
.
يقول الشاطبيُّ - رحمه الله -: "والعقلُ إذا لم يكن
مُتَّبِعًا للشرع لم يبقَ إلا الهوى والشهوة".
معاشر المُسلمين:
ومن معالِمِ هذا المنهَج: أنه لا تعصُّب إلا للحقِّ وما
جاء في كتاب الله وكلامِ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، وعدمُ التعصُّب يقترِنُ
بعدمِ ادِّعاءِ العِصمةِ لأحدٍ كائِنًا من كان من عُلماء الدين وأئمَّتِه من
الصحابةِ ومن بعدَهم، فضلاً عن غيرِهم. فلا عِصمةَ إلا لرسولِ الله - صلى الله
عليه وسلم - فيما يُبلِّغُ عن ربِّه - عز وجل -.
ومن معالِمِ هذا المنهَج: التفريقُ الظاهِرُ بين الحُكم
على الأوصافِ والحُكم على الأعيان؛ فالحُكمُ على الأعيان فيه من الضَّبط والتورُّع
والاحتِياط ما هو معلومٌ في هذا المنهَج المُبارَك.
وبعدُ، عباد الله:
فإن سَعَة هذا المنهَج وثراءَ موروثِه لا تعنِي
ذوَبَانَه أو عدمَ وُضوح معالِمِه، غيرَ أن مساحَة الاجتِهاد في مُحيطِه واسِعة،
وكلَّما وفَّق اللهُ العبدَ واقتربَ من السُّنَّة ولُزومِها كان أكثرَ مُتابعةً
ومُوافقةً واقتِداءً، وكلَّما زادَ صلاحُ العبد والتِزامُه بالسُّنَّة كان أعمقَ
علمًا، وأقلَّ تكلُّفًا، وأكملَ بصيرةً، مع الحِرصِ على أُصول العلوم وقواعِدِها
ومعاقِدِها، وقد جعل الله لكل شيءٍ قدرًا، وفي ذلك كلِّه يكونُ المرجِعُ أهلَ
الذِّكرِ من حمَلَة الكتابِ وحُفَّاظِ السُّنَّة، ليعلَمَه الذين يستنبِطُونه منهم
المدلولُ عليه بقولِه - جل وعلا -: وَلَوْ
رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ
الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 83].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ - صلى
الله عليه وسلم -، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل
ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على آلائِه، والشكرُ له على نعمائِه، وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له جلَّ في عليائِه، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا
محمدًا عبدُ الله ورسولُه خيرتُه من خلقِه وصفيُّه من أوليائِه، صلَّى الله وسلَّم
وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه وأصفِيائِه، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ ما
تنزَّلَ أمرُه بين أرضِه وسمائِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا مزيدًا إلى يوم لقائِه.
أما بعد، أيها المسلمون:
فإن منهجَ السَّلَف هو الدينُ بجميعِ شرائِعِه في
التوحيد والإيمان، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحجِّ، والجهاد، والأمر بالمعروف،
والنهي عن المُنكَر، في العلاقات والحقوق، والمُعاملات، والسياسة في حقائقِها
وحُدودِها وشرائِطِها، في وحدةٍ لا تفرُّق فيها.
يقول عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - في كلمةٍ جامعةٍ:
"سَنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وُولاةُ الأمر من بعدِه سُنَنًا؛
الأخذُ بها اتِّباعٌ لكتابِ الله - عز وجل -، واستِكمالٌ لطاعة الله، وقوةٌ على
دين الله، ليس لأحدٍ من الخلقِ تغييرُها ولا تبديلُها، ولا النظرُ في شيءٍ
خالَفَها. من اهتدَى بها فهو مُهتدٍ، ومن استنصَرَ بها فهو منصورٌ، ومن تركَها
اتَّبَع غيرَ سبيلِ المُؤمنين وولاَّه الله ما تولَّى وأصلاهُ جهنَّم وساءَت
مصيرًا".
أئمةُ أهل العلم مُجدِّدون لا مُؤسِّسُون،
فأيُّ دعوةٍ تُعظِّمُ النصَّ الشرعيَّ وتصُونُ دلالَتَه وتقِفُ دون تحريفِ
الغالِين، وتأويلات الجاهِلين، وانتِحالات المُبطِلين فهي دعوةُ حقٍّ.
ولا يُوصَفُ سُلوكُ المرء بالاعتِدال والوسَط
والسَّمَاحة إلا إذا سلِمَ من نوعَي التطرُّف: التشدُّد والتنطُّع، والمُيُوعَة
والذَّوَبان، وإدخالُ نِزاعات النفس والقَناعات الشخصية في الأحكام فهذا سُلُوكٌ لا يمُتُّ للعلمِ بصِلَةٍ، ولا
لحُرِّيَة الفِكرِ بنَسَبٍ.
ألا فاتقوا الله - رحمكم الله -، والزَموا الجادَّة،
وخُذوا بالسُّنَّة، واستمسِكوا بالهديِ الأولِ.
ثم صلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهداة، والنعمة
المُسداة: نبيِّكم محمدٍ رسول الله؛ فقد أمركم بذلك ربُّكم في محكم تنزيله، فقال -
وهو الصادقُ في قِيلِه - قولاً كريمًا: إِنَّ
اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
القاها العبد الفقير الى الله /مفتاح على اجليل /بتاريخ 10 جمادى الاولى 1434هـ/الموافق 22/3/2013فـ
ابو الزبير- عميد
-
عدد المشاركات : 1404
العمر : 33
رقم العضوية : 139
قوة التقييم : 16
تاريخ التسجيل : 18/04/2009
رد: خطبة الجمعة الماضية من مسجد اسامة بن زيد /التميمى
بارك الله فيك
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
رد: خطبة الجمعة الماضية من مسجد اسامة بن زيد /التميمى
جزاك الله خيرآ
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
رد: خطبة الجمعة الماضية من مسجد اسامة بن زيد /التميمى
يعطيك الله العافيه يجعلها من ميزان حسناتك
kokbob- جندي اول
-
عدد المشاركات : 27
العمر : 27
قوة التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 09/03/2013
رد: خطبة الجمعة الماضية من مسجد اسامة بن زيد /التميمى
اللهم امين وبارك الله فيكم
ابو الزبير- عميد
-
عدد المشاركات : 1404
العمر : 33
رقم العضوية : 139
قوة التقييم : 16
تاريخ التسجيل : 18/04/2009
رد: خطبة الجمعة الماضية من مسجد اسامة بن زيد /التميمى
بارك الله فيك
فرج احميد- مستشار
-
عدد المشاركات : 17243
العمر : 62
رقم العضوية : 118
قوة التقييم : 348
تاريخ التسجيل : 10/04/2009
رد: خطبة الجمعة الماضية من مسجد اسامة بن زيد /التميمى
وفيك بارك الله اخى فرج احميد
ابو الزبير- عميد
-
عدد المشاركات : 1404
العمر : 33
رقم العضوية : 139
قوة التقييم : 16
تاريخ التسجيل : 18/04/2009
رد: خطبة الجمعة الماضية من مسجد اسامة بن زيد /التميمى
ثبتك الله على الحق والسنة
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
جمال المروج- مراقب
-
عدد المشاركات : 18736
رقم العضوية : 7459
قوة التقييم : 164
تاريخ التسجيل : 18/10/2011
رد: خطبة الجمعة الماضية من مسجد اسامة بن زيد /التميمى
اللهم امين بارك الله فيك اخى جمال على المرور الطيب
ابو الزبير- عميد
-
عدد المشاركات : 1404
العمر : 33
رقم العضوية : 139
قوة التقييم : 16
تاريخ التسجيل : 18/04/2009
مواضيع مماثلة
» خطبة الجمعة الماضية (مسجد اسامة بن زيد )التميمي
» خطبة الجمعة من مسجد اسامة بن زيد/ التميمى /14/2/2014فـ
» خطبة الجمعة 8/3/2013فـ مسجد اسامة التميمى عن المخدارات
» خطبة الجمعة 20/5/1435هـ من مسجد اسامة بن زيد /التميمي
» خطبة الجمعة 7/2/2014فـ مسجد اسامة بن زيد /التميمي
» خطبة الجمعة من مسجد اسامة بن زيد/ التميمى /14/2/2014فـ
» خطبة الجمعة 8/3/2013فـ مسجد اسامة التميمى عن المخدارات
» خطبة الجمعة 20/5/1435هـ من مسجد اسامة بن زيد /التميمي
» خطبة الجمعة 7/2/2014فـ مسجد اسامة بن زيد /التميمي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
اليوم في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
اليوم في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
اليوم في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
أمس في 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR