لغتنــــا العربيــــــــة إلى أيـــــن؟

من طرف c.ronaldo 2010-03-15, 1:35 am

لطالما شغلت لغتنا العربية ـ لغة البيان والسحر، في أزمان غابرة ـ قلوب العاشقين من شعراء مجيدين وخطباء مفلقين.

حملت القرآن، فأخرجت كلمات عيي أمامها الفصحاء، تلجلجت فيها ألسن البلغاء، أفحمت الحجج، وألجمت الأفواه، وخنس أمامها المنطق.

أتت بالقرآن فأوسعت الدنيا نوراً، وفاضت رياحين الحكمة التي ملأ عبقها جُلَّ الأزمان. رياحين سقيت بياناً فتفتق زهرها حكماً.

حُفظت في الصدور، فضاقت بها ذرعاً، ما بين حيرة فيها وخوف عليها، فنُقشت على الرّقاع.

تناقلتها الألسن رواياتٍ عديدة، يغبط بعضها بعضاً. ألقى بها القدر بين أيدينا، تركنا حفظها لله الذي تكفل بحفظها في كتابه قال تعالى: }إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ{([1]).

قابلناها بابتسامة صفراء، وخاطبناها مخاطبة السفهاء، عايشها الفصحاء بحكمة وشغف، وعايشناها بامتهان أساسه الجهل والعجز. وكأنها عنجهية من يدّعون الحضارة، ترعرعت في نفوسنا أو بُله المغفلين قد عشعش في أذهاننا.

أين صبياننا اليوم من ذلك الصبي الأعرابي الذي لقّنه شيخه }تَبَّتْ يَدَا...{([2])، فقال: (تبت يدان)؛ فقال الشيخ: }تَبَّتْ يَدَا...{، فقال الصبي (تبت يدان)؛ ثم كرر الشيخ: }تَبَّتْ يَدَا...{، فكرر الصبي: (تبت يدان)، فقرأ الشيخ: }تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ{، فقرأ الصبي: }تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ{.

وها نحن اليوم نعلم طلابنا، وقد تجاوزوا مرحلتي التعليم الأساسي والمتوسط ودقوا أبواب الجامعة: [عند الإضافة تحذف النون]، فيكررونها ويرددونها، ويحفظونها؛ ثم يعودون لما فطروا عليه، فيقولون: (خريجون القسم)، و(مقدمون الطلب).

أين هم من طرفة بن العبد و"استنوق الجمل"؛ ذلك الصبي الذي قادته فطرته السليمة، وسليقته الفصيحة، إلى أن يفطن لخطأ النابغة ونسبته الصيعرية للجمل، حين قال:

وقد أتناسى الهمّ عند ادّكاره

بناجٍ عليه الصيعرية مكـدم

يجري القدر بسرعة عجيبة، تُخرج اللغات مصطلحاتها متتالية، ولغتنا العربية تحتضر!! تعد لحظاتها الأخيرة في صراع مع الخوف والحيرة والضعف؛ لتلفظ أنفاسها الأخيرة إلى مصير مجهول يُلقي بها في غيابات الجُب، وعندها لن تجد سيارة ليرسلوا دلوهم، ولم يقطع أحد بنانه إكباراً وإجلالاً لها.

بل وسيمرون عليها مرورالعابثين سعياً وراء لغاتٍ أخرى وثقافات غربية، صنعتها حضارة أهلها، جعلت منها شيئاً ثميناً نتمنى أن لو أتيح لنا أن نتحسسه بأيدينا، أو أن نجسه بأطراف أناملنا... نرى بريقه، فنودّ أنْ نقتبس من نوره ولو قيد أنمُلة، ونقفز فرحاً إذا وقع رذاذه في قبضتنا، فنصدح به بصوتٍ عالٍ يثير تساؤل واستفهام المحيطين، فضلاً عن انبهارهم وإثارة انتباههم....

هل أصبحت لغتنا العربية غريبة عن أهلها حتى أننا لنقف خلف مكبِّر الصوتِ تكاد أرواحنا تزهق لنتم جملة صحيحة من بضع كلماتٍ... تتساقط حبات العرق على الجبين، ويجف ريق اللسان، ويتقبّض الوجه وينبسط عشرات المرات لننطق بعبارات ركيكة نتعتع فيها، ونهذي بأسطرٍ نقرؤها ولا نكادُ نُبِين....

أين امرؤ القيس وعنترة ولبيد؟

أين قس بن ساعدة؟ وأين خطباء العرب؟

أيمكن أن نلمح بين طلابنا أحدهم؟ أم أننا سنتطلع في الأفق حتى نعيا فنحني هاماتنا خجلاً وأسفا.

متى سيصافح أبناؤنا لغتهم ويألفونها؟ وأي ترياق هذا الذي سيغير من حالها وهي طريحة الفراش؟

هل سنبحث عن طريقة نضفي فيها بعضاً من بريق ذلك الشيء المبهر الذي صنعته أيدي قوم جعلوا من أنفسهم حضارة وصنعوا للغتهم تاريخاً؟

هل سنحذف عرف: ما هي... اذكر... تكلم... اكتب مذكرات من أسئلتنا؟

هل سنبتعد عن المطاليب الجاهزة؟

هل سنطلب من طلابنا البحث عن الكلمات في المعاجم بدلاً من تقديمها لهم على طبق من ذهب؟

هل سنخرج من أدوارٍ نؤديها في قاعة الدراسة إلى عفوية علمية واعية تشوق الطلاب وتبعد عنهم الملل والضجر؟

هلاّ سمحنا لطلابنا بالإفصاح عن آرائهم علنا نجد من بينهم علماء الغد؟

هلاّ منحناهم الفرصة ليكتبوا عن شيء ما يدور في أذهانهم علنا نكتشف من ورائها إبداعات لم تر النور؟

هلاّ علمناهم رسم الحرف كيف يكون؟ وأن النبرة حيثما كانت لابد وأن تكون حرفاً إما بنقطة أسفلها فتكون (ب) أو أعلاها فتكون (ن) أو نقطتان أعلاها فتكون (ت) أو أسفلها فتكون (يـ) وأنها لا تقع عبثاً لئلا نراهم يكتبون [محمداً] بالنبرة قبل الحاء؟

هلاّ علمناهم كيف يقرؤون السطر العربيّ ويتحسسون كلماته وينظرون في أعطافه فيتبادر إلى أذهانهم ما يعني، ولا يجدون حرجاً في استيعاب معلومة ما أياً كانت وفي أي تخصص وجدت، بدلاً من أن ندخلهم متاهات الحذف والوجود والجواز والقلب والإعلال والإبدال، وما يعني به أهل الاختصاص؟

هل سننجح يوماً ما في إبعاد شبح الامتحان عن طلابنا، ونجعله مقياساً لا وعاءً يسكبون فيه المعلومات، ثم يخرجون من الامتحان كأن شيئاً لم سكن، ويتخرجون كيوم ولدتهم أمهاتهم "صفر اليدين من الطراز الأول".

وفي نهاية المطاف...

هل ستظل لغتنا حبيسة المصاحف تتطلع نحو الأفق علها تجد من ينجدها و يفك أسرها و يتوجها بتاج العز و الوقار ويعيد إليها مجدها العتيق.

([1]) سورة الحجر، الآية: 9.

([2]) سورة المسد، الآية: 1.

منقـــــــــــcopeــــــــــــول...

من طرف الاسطوره 2010-03-15, 1:53 am

اللغة سمة هامة من سمات الحضارة
فاللغة هي وعاء فكر الأمة
وكذلك النقد
لأن الترجمة سلاح ذو حدين فهي تساهم في تفاعل الأمم و الثقافات لكنها قد تجعل ثقافة ما تذوب و تندثر مقابل ثقافة اخرى
لذلك وجب تبني منهج نقدي يتابع كل فكر وكل ترجمة ليبين الجوانب السلبية و الإيجابية لها

مشكوررررررررررررر