إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
قبائل المرابطين والأشراف بين الحسب والنسب في ليبيا (2)
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قبائل المرابطين والأشراف بين الحسب والنسب في ليبيا (2)
قبائل المرابطين والأشراف
بين الحسب والنسب في ليبيا (2)
بين الحسب والنسب في ليبيا (2)
جاء في كتاب ملتقى الأطراف في انساب ومناقب الأشراف بأن: الشريف في اللغة كريم الأباء والنسب. والمراد التخصيص لهذه العمومية فقد أطلق لقب الشريف على من كان من آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وأنضم إلى الأشراف كل من ذرية علي من نساء أخر علاوة على بني فاطمة، وأنضم إليهم الجعفريون من نسل جعفر بن أبي طالب وكذلك العباسيون، ولكن خصص الشرف في أواخر القرن الرابع هجري (11م) بنسل علي من الزهراء.[64]
فالشرف شرفان: شرف الانتساب إلى بيت النبوية، وهذا الإنسان غير مخير فيه، وشرف العلم والعمل للإسلام عامة وأهل البيت خاصة. ولكن مع مرور السنين اختلط الحابل بالنابل حتى ذابت الفوارق بين من هو شريف النسب وشريف العلم والعمل لهذا النسب. وهذا كان جلياً بين السادة السنوسية فكان يطلق لقب السيد - وهو عادة لقب خاص بمن هم من ذرية الزهراء كما عند الشيعة مثلاً - على كل من ينتمي إلى الطريقة السنوسية سواء كان سنوسياً علوياً النسب أو بربري النسب، من باب التواضع والمساواة عند السنوسية.
وعليه يستمد المرابطين الأشراف في ليبيا نسبهم وجلال مكانتهم من الدوحة النبوية الشريفة[65] عن طريق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بضعته فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنهما التي أنجبت له سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين رضوان الله تعالى عنهما. وأغلب أشراف شمال أفريقيا عامة وليبيا خاصة يرجعوا بنسبهم إلى الحسن السبط عن طريق أحفاده الادارسة.[66]
أشهر وأكثر المرابطين تأثيراً في المغرب الكبير هم الأشراف من أهل البيت الادارسة من سلالة الإمام إدريس الأزهر (الأصغر) ابن الإمام إدريس الأكبر، مؤسس الدولة إلادريسية[67] الذي قدم من الحجاز فاراً من الهلاك الذي لحق بأهل البيت وشيعتهم هناك بعد وقعة الفخ سنة 785م (169هـ)، وهي مكان بين المدينة المنورة ومكة المكرمة. فحصلت الأذية في حق العلويين في الدولة العباسية التي قامت على أنقاض الأمويين بأسم العلويين، حتى قال الشاعر أبو فراس الحمداني - أحد شيعة أهل البيت - في ميميته الشهيرة:
تاللهِ ما فعلت علوجُ أميةٍ مِعشارَ ما فعلت بنو عباسِ
وبنو عباس ثاروا على بني أمية في خراسان وكان شعارهم "الرضا من آل البيت" و"يا لثارات الحسين"، ولكنهم سرعان ما انقلبوا على أبناء عمومتهم، فجاروا في حقهم جوراً عظيماً، وأرادوا محو أثرهم وقطع دابرهم فقتلوا محمد النفس الزكية في 762م (145هـ) ومن معه وحمل رأسه إلى الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور في العراق ليطوف برأسه في الأسواق.[68] ونجا بعد معركة الفخ من الأشراف كل من سليمان وأخوه إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط وهربا باتجاه مصر ومرا ببرقة ثم إلى المغرب. فنظم إدريس حركة ناجحة ضد العباسين انتهت إلى إقامة أول دولة علوية في أفريقيا. وكذلك تعتبر ثاني اخطر حركة انفصالية بعد انفصال واستقلال الأندلس بقيادة عبد الرحمن الداخل الأموي. ففر إدريس وأخوه سليمان إلى المغرب ومولاه رشيد بن مرشد القرشي، ووصل إدريس ومولاه راشد بعد أن ترك أخوه سليمان بتلمسان (شرق الجزائر) إلى زرهوت ثم نزل بمدينة وليلي بالمغرب. حاول الخليفة هارون الرشيد استمالته ولكن دون جدوى.[69] واستطاع إدريس الأكبر بعد دخوله المغرب الأقصى أن يدعو البربر، خاصة قبيلة أوربة، إلى دعوته فأجابوه واتبعوه خفافاً وثقالاً إلى أن بويع له بالسمع والطاعة واتباع الكتاب والسنة بعد ما خلع السلطان عبد المجيد بن مصعب الأوروبي على الإمام إدريس الخلافة وبايعه حاكماً بدلاً منه، ثم تزوج بابنته كنيزة "المرضية" التي أنجبت له إبنه الوحيد وخليفته.[70] فأعلن إدريس الأكبر دولته سنة 788م (172هـ)، فعظم أمره وبلغ خبره هارون الرشيد مما أقلقه، فدبر له عملية اغتيال على يد رجل يدعى الشماخ الذي كان مقرباً من السيد إدريس الأكبر فمات مسموماً سنة 793م (177هـ)،[71] وكانت حينها كنيزة حبلى في الشهر السابع من حملها. وبقيت القبائل وجلهم من البربر متمسكة بالبيعة للإمام إدريس الأكبر إلى أن وضعت له ولداً فسمى على اسم والده إدريس الأزهر (الأصغر)،[72] وبقى راشد مولى الإمام بالنيابة يدير شؤون الدولة إلى أن بلغ السيد إدريس الأصغر من العمر إحدى عشرة سنة،[73] فحفظ الكتاب، فاجتمعت القبائل وبايعت الإمام إدريس بن إدريس على الإمامة سنة 802م (188هـ)، وأسس في نفس العام مدينة فاس حتى توفاه الله تعالى فيها سنة 828م (213هـ)، وخلف من الأولاد أثني عشر، على اصح الأقوال،[74] وتولى من بعده ابنه محمد وقسم البلاد بين إخوانه وكانوا تحت طوعه واستمرت حتى انتهت في عهد السيد يحي الذي قاتله وانتزع منه البيعة لعبد الله الشيعي القائم بأمر أفريقيا أبومصلة المكناسي في سنة 917م (305هـ)،[75] فكان أخر ملوكها أبن كنون ( 959-985م).[76]
وإلى جانب الأشراف الادارسة الحسنيين هنالك بعض الحسينيين نسبة إلى الإمام الحسين، أمثال أولاد موسى،[77] نسبة إلى الإمام موسى الكاظم[78] - ويقال ممن ينتسب إليهم في ليبيا قبيلة القذاذفة "القذافي" - وجدهم الولي سيدي قذاف الدم المدفون بوادي الكور بجهة غريان، ومن بعد نزحوا إلى حوض سرت حيث يرابط معظمهم.[79] ويذكر أنهم سموا قذاذفة لأن جدهم كان يقذف الدم من بطنه؛ أي يتقيؤه، ويعدون هذا بركة منه، ومن كراماته، كما نقل ذلك الشيخ الطاهر الزاوي.[80]
حب المسلمين لآل البيت رضوان الله تعالى عليهم شئ من الثوابت ومتفق عليه،[81] وذلك امتثالاً لأوامر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم[82] عندما قال: إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما،[83] وقال: أحبوني بحب الله، واحبوا آل بيتي بحبي.[84]
كما أمرنا بصلاة عليهم قائلين: اللهم صلي على محمد وآل محمد.[85] وقال سيدنا عمر للإمام علي، رضوان الله تعالى عنهما: بأبي انتم؛ بكم هدانا الله، وبكم أخرجنا من الظلمات إلى النور.[86]
أما بعض من انتسب للتشيع فقال لسان حالهم الصاحب إسماعيل بن عباد في حب آل البيت:
لو فتشوا قلبي رأوا وسطه سطرين قد خطا بلا كاتبِ
العدل والتوحيد في جانب وحب آل البيت في جانبِ[87]
أما الإمام الشافعي عندما اتـُهم بالتشيع لحبه للآل، وقيل له بأنه رافضي ويستحق القتل، فرد عليهم قائلاً:
يا آل بيت رسـولِ الله حُبكمُ فرض من الله في القرآنِ انزلهُ
يكفيكمُ من عظيم الفخرِ أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة لهُ
فالشرف شرفان: شرف الانتساب إلى بيت النبوية، وهذا الإنسان غير مخير فيه، وشرف العلم والعمل للإسلام عامة وأهل البيت خاصة. ولكن مع مرور السنين اختلط الحابل بالنابل حتى ذابت الفوارق بين من هو شريف النسب وشريف العلم والعمل لهذا النسب. وهذا كان جلياً بين السادة السنوسية فكان يطلق لقب السيد - وهو عادة لقب خاص بمن هم من ذرية الزهراء كما عند الشيعة مثلاً - على كل من ينتمي إلى الطريقة السنوسية سواء كان سنوسياً علوياً النسب أو بربري النسب، من باب التواضع والمساواة عند السنوسية.
وعليه يستمد المرابطين الأشراف في ليبيا نسبهم وجلال مكانتهم من الدوحة النبوية الشريفة[65] عن طريق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بضعته فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنهما التي أنجبت له سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين رضوان الله تعالى عنهما. وأغلب أشراف شمال أفريقيا عامة وليبيا خاصة يرجعوا بنسبهم إلى الحسن السبط عن طريق أحفاده الادارسة.[66]
أشهر وأكثر المرابطين تأثيراً في المغرب الكبير هم الأشراف من أهل البيت الادارسة من سلالة الإمام إدريس الأزهر (الأصغر) ابن الإمام إدريس الأكبر، مؤسس الدولة إلادريسية[67] الذي قدم من الحجاز فاراً من الهلاك الذي لحق بأهل البيت وشيعتهم هناك بعد وقعة الفخ سنة 785م (169هـ)، وهي مكان بين المدينة المنورة ومكة المكرمة. فحصلت الأذية في حق العلويين في الدولة العباسية التي قامت على أنقاض الأمويين بأسم العلويين، حتى قال الشاعر أبو فراس الحمداني - أحد شيعة أهل البيت - في ميميته الشهيرة:
تاللهِ ما فعلت علوجُ أميةٍ مِعشارَ ما فعلت بنو عباسِ
وبنو عباس ثاروا على بني أمية في خراسان وكان شعارهم "الرضا من آل البيت" و"يا لثارات الحسين"، ولكنهم سرعان ما انقلبوا على أبناء عمومتهم، فجاروا في حقهم جوراً عظيماً، وأرادوا محو أثرهم وقطع دابرهم فقتلوا محمد النفس الزكية في 762م (145هـ) ومن معه وحمل رأسه إلى الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور في العراق ليطوف برأسه في الأسواق.[68] ونجا بعد معركة الفخ من الأشراف كل من سليمان وأخوه إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط وهربا باتجاه مصر ومرا ببرقة ثم إلى المغرب. فنظم إدريس حركة ناجحة ضد العباسين انتهت إلى إقامة أول دولة علوية في أفريقيا. وكذلك تعتبر ثاني اخطر حركة انفصالية بعد انفصال واستقلال الأندلس بقيادة عبد الرحمن الداخل الأموي. ففر إدريس وأخوه سليمان إلى المغرب ومولاه رشيد بن مرشد القرشي، ووصل إدريس ومولاه راشد بعد أن ترك أخوه سليمان بتلمسان (شرق الجزائر) إلى زرهوت ثم نزل بمدينة وليلي بالمغرب. حاول الخليفة هارون الرشيد استمالته ولكن دون جدوى.[69] واستطاع إدريس الأكبر بعد دخوله المغرب الأقصى أن يدعو البربر، خاصة قبيلة أوربة، إلى دعوته فأجابوه واتبعوه خفافاً وثقالاً إلى أن بويع له بالسمع والطاعة واتباع الكتاب والسنة بعد ما خلع السلطان عبد المجيد بن مصعب الأوروبي على الإمام إدريس الخلافة وبايعه حاكماً بدلاً منه، ثم تزوج بابنته كنيزة "المرضية" التي أنجبت له إبنه الوحيد وخليفته.[70] فأعلن إدريس الأكبر دولته سنة 788م (172هـ)، فعظم أمره وبلغ خبره هارون الرشيد مما أقلقه، فدبر له عملية اغتيال على يد رجل يدعى الشماخ الذي كان مقرباً من السيد إدريس الأكبر فمات مسموماً سنة 793م (177هـ)،[71] وكانت حينها كنيزة حبلى في الشهر السابع من حملها. وبقيت القبائل وجلهم من البربر متمسكة بالبيعة للإمام إدريس الأكبر إلى أن وضعت له ولداً فسمى على اسم والده إدريس الأزهر (الأصغر)،[72] وبقى راشد مولى الإمام بالنيابة يدير شؤون الدولة إلى أن بلغ السيد إدريس الأصغر من العمر إحدى عشرة سنة،[73] فحفظ الكتاب، فاجتمعت القبائل وبايعت الإمام إدريس بن إدريس على الإمامة سنة 802م (188هـ)، وأسس في نفس العام مدينة فاس حتى توفاه الله تعالى فيها سنة 828م (213هـ)، وخلف من الأولاد أثني عشر، على اصح الأقوال،[74] وتولى من بعده ابنه محمد وقسم البلاد بين إخوانه وكانوا تحت طوعه واستمرت حتى انتهت في عهد السيد يحي الذي قاتله وانتزع منه البيعة لعبد الله الشيعي القائم بأمر أفريقيا أبومصلة المكناسي في سنة 917م (305هـ)،[75] فكان أخر ملوكها أبن كنون ( 959-985م).[76]
وإلى جانب الأشراف الادارسة الحسنيين هنالك بعض الحسينيين نسبة إلى الإمام الحسين، أمثال أولاد موسى،[77] نسبة إلى الإمام موسى الكاظم[78] - ويقال ممن ينتسب إليهم في ليبيا قبيلة القذاذفة "القذافي" - وجدهم الولي سيدي قذاف الدم المدفون بوادي الكور بجهة غريان، ومن بعد نزحوا إلى حوض سرت حيث يرابط معظمهم.[79] ويذكر أنهم سموا قذاذفة لأن جدهم كان يقذف الدم من بطنه؛ أي يتقيؤه، ويعدون هذا بركة منه، ومن كراماته، كما نقل ذلك الشيخ الطاهر الزاوي.[80]
حب المسلمين لآل البيت رضوان الله تعالى عليهم شئ من الثوابت ومتفق عليه،[81] وذلك امتثالاً لأوامر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم[82] عندما قال: إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما،[83] وقال: أحبوني بحب الله، واحبوا آل بيتي بحبي.[84]
كما أمرنا بصلاة عليهم قائلين: اللهم صلي على محمد وآل محمد.[85] وقال سيدنا عمر للإمام علي، رضوان الله تعالى عنهما: بأبي انتم؛ بكم هدانا الله، وبكم أخرجنا من الظلمات إلى النور.[86]
أما بعض من انتسب للتشيع فقال لسان حالهم الصاحب إسماعيل بن عباد في حب آل البيت:
لو فتشوا قلبي رأوا وسطه سطرين قد خطا بلا كاتبِ
العدل والتوحيد في جانب وحب آل البيت في جانبِ[87]
أما الإمام الشافعي عندما اتـُهم بالتشيع لحبه للآل، وقيل له بأنه رافضي ويستحق القتل، فرد عليهم قائلاً:
يا آل بيت رسـولِ الله حُبكمُ فرض من الله في القرآنِ انزلهُ
يكفيكمُ من عظيم الفخرِ أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة لهُ
الــــى أن قـــــال.:
أعلمتمُ أن التشيع مذهبـي إني أقول به ولست بناقضِ
إن كان رفضاً حب آلِ محمد فليشهد الثقلان أني رافضي
وعندما أيقن الإمام الشافعي انه لم ينج من تهمة الرفض لأبي بكر وعمر والنصب لعلي رضوان الله تعالى عليهم جميعاً أنشد قائلاً:
إن كان رفضاً حب آلِ محمد فليشهد الثقلان أني رافضي
وعندما أيقن الإمام الشافعي انه لم ينج من تهمة الرفض لأبي بكر وعمر والنصب لعلي رضوان الله تعالى عليهم جميعاً أنشد قائلاً:
إذا نـحـن فضـلنا علياً فإننـا روافضُ بالتفضيلِ عند ذوى الجهلِ
وفضـلُ أبي بكرٍ إذا ما ذكرتـُه رُميتُ بنصبٍ عند ذكري للفضلِ
فلازلتُ ذا رفضٍ ونصبٍ كلاهما بحبيهما حتى أوسـد في الرمـلِ[88]
فتأثير آل البيت بالغ العمق في نفوس المؤمنين، حتى صار في ليبيا اسم محمد وعلي اكثر الأسماء شيوعاً، بل من رُزق بتوأم يسميهما الحسن والحسين. وفي المغرب الأقصى لا يستعمل اسم فاطمة لوحده بل يقرن بالزهراء، حيث ينادى على المسمى فاطمة بـ فاطمة الزهراء. وبالغ المسلمون في حب آل البيت لدرجة انهم زعموا بأن الحسين مدفون في أربع دول في قارتين مختلفتين. ففي القاهرة يربض مرقده الذي بنى عليه مسجده قبالة الأزهر الشريف، ويعرف المسجد والحي بالحسين. وفي دمشق بالجامع الأموي له قبر يزار، ويقال إن رأسه مدفون به، وفي كربلاء بالعراق له مشهد عظيم يزوره الملايين بصورة دائمة.[89] وذهب فريق أخر بالقول بأن الحسين مدفون بجانب أمه وأخيه بالبقيع في المدينة المنورة. وهذا أن دل على شئ فحب المسلمين جميعاً للحسين، وهذا ليس بغريب حيث قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: هذان ابناي، وابنا بنتي، اللهم إنى أحبهما فأحبهما، وأحب من يحبهما.[90] أما الحسين فخصه الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: حسين مني، وأنا من حسين، أحبب اللهم من احب حسين.[91]
وفي صدر الإسلام تفاوت المحبون كذلك في حب الإمام علي، فمنهم من شدة حبهم وإخلاصهم له، وهم ممن ناصره ودخل في لواء شيعته الذين سمو بالخوارج لأنهم خرجوا عليه بعدما أنكروا عليه قبوله للتحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان في صفين.[92] فكفروه، وحاربوه لأنه قبل التحكيم في ولايته حتى قتلوه.[93]
وقد تواتر بين الباحثين في العصور المختلفة بأن الإباضية هي فرقة معتدلة من فرق الخوارج، ولها علاقة "مزعومة" منسوبة إلى أتباع المذهب الإباضي في جبل نفوسة وزوارة بليبيا. علماً بأن الإباضية ينفون أي صلة تصل مذهبهم بالخوارج ولهم حجة في ذلك. وقد فصل ذلك بإفاضة وحجج دامغة شيخ إباضية ليبيا المرحوم العلامة علي يحي معمر[94] في كتابه "الإباضية بين الفرق الإسلامية"،[95] حيث وصل بعد بحث مستفيض إلى كشف جديد خلاصته أنهم لا علاقة لهم بالخوارج، وأصر على أن هذه من الافتراءات التي مازال يقول بها أعدائهم.
وفرق أخرى ذهبت إلى القول إن الإمام علي هو الوحيد الذي يستحق التقدير والإجلال دون سواه من الصحابة، أو الصحابة الكبار على الأقل، وأضفوا عليه العصمة وبنيه وحصروا الإمامة (الخلافة) فقط في بنيه دون سواهم من المسلمين، ولا يرون قابليتهم لارتكاب الخطأ، وهذه الشريحة يمثلها السادة الاثنى عشرية (الجعفرية). والبعض ذهب في غلوه إلى تأليه الإمام علي وجعلوا منه إلهاً يعبد دون الله تعالى، والعياذ بالله، ويسمون بالعلويين أو النصيرية وهم في سوريا وتركيا و"كردستان".[96] إن بعض المتشيعة مثل الصفويين[97] بعد عمراً من التسنن غيروا بلاد فارس السنية في القرن 17م (11هـ) لتصبح قلعة للتشيع في العالم الإسلامي باسم آل البيت،[98] وعلى الرغم من تبني العلويين المذهب السني في المغرب الإسلامي إلا أن الانتماء والحس العلوي بقى قوي فيهم، وهذا واضح في مؤسسي الطرق الصوفية كما سنرى لاحقاً.
وهذا كله ليس بغريب وأنما تجسيد تاريخي عبر الأزمنة وتصديق لما جاء على لسان الإمام علي حينما قال: يهلك في رجلان: مفرط غالٍ، ومبغض قال.[99]
لعب السادة الأشراف دوراً بارزاً في تاريخ المذاهب الإسلامية ومازالوا حتى يومنا هذا. ويتمتعون بتقدير وتفضيل منقطع النظير. وهذا الإجلال لخصته مقولة منسوبة إلى الإمام علي زين العابدين بن الحسين عندما قال خاطباً: أيها الناس أعطينا ستاً وفضّلنا بسبع: أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين وفضّلنا بأن منّا النبيّ المختار ومنّا الصدّيق ومنّا الطيّار ومنّا أسد الله وأسد رسوله ومنّا سيّدة النساء ومنّا سبطا هذه الأمة .أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي أنا ابن مكة ومنى أنا ابن زمزم والصفا أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى أنا ابن من دنى فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى أنا ابن محمد المصطفي أنا ابن علي المرتضى.[100]
وصفات العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين هذه كلها تكاد تنطبق على جل المرابطين والأشراف في ليبيا.
ولذلك ثمة علاقة وطيدة بين التشيع والتصوف،[101] حيث يعتبر الصوفية أنفسهم خلفاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم والممثلين الشخصيين له. وهم يعتقدون انه لولا هذه الخلافة الباطنية لعمت الفوضى وحل الخراب.[102]
والمتتبع لسلاسل مشايخ الطرق الصوفية يجد الرسول عليه الصلاة والسلام في قمتها. لذلك درج كل مؤسس طريقة إلى وضع سلسلة مشايخ له تصل إلى آل البيت، حتى تحل البركة على كافة المريدين، كما يعتقدون. فعلاقة مؤسسي الطرق والجماعات الصوفية بالإمام علي هي علاقة تسلسل أبوي من صلبه، وروحية بفقهه وعلمه، فأقطاب الصوفية في العالم الإسلامي في مجملهم هم سادة علويون، ولكنهم لم يلتزموا بخط التشيع المعروف بظاهره المذهبي وشعاراته السياسية المخالفة لأتباع المذاهب السنية، بل التزموا بمذاهب الأمصار التي عاشوا فيها وابتعدوا، على الأقل، عن التحرش المذهبي.[103]
فكل من الشيخ عبد القادر الجيلاني،[104] صاحب الطريقة القادرية (الجيلانية أو الكيلانية)، وطريقته تعتبر أم الطرق الصوفية العربية، فهو حسني النسب، أي يرجع بنسبه إلى الإمام الحسن السبط بن علي أبي طالب رضي الله تعالى عنهم.[105] والشيخ أحمد الرفاعي،[106] مؤسس الطريقة الرفاعية، يعود نسبه إلى الإمام موسى الكاظم عن طريق الإمام الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهم. هاجر أجداده إلى الأندلس ثم رجعوا إلى العراق.[107] والشيخ أحمد البدوي ينتهي نسبه إلى الإمام الحسين.[108] وكذلك صاحب الطريقة البكتاشية كما أسلفنا في الكلام الانكشارية.[109]
أما الشيخ علي أبو الحسن الشاذلي،[110] صاحب الطريقة الشاذلية، ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن السبط، تتلمذ وأخذ العلم عن الشيخ أبي محمد عبد السلام بن مشيش الحسني[111] الذي تنسب إليه بعض قبائل ليبيا (البراعصة، الحبون، المشاشية ... الخ).[112]
وفضـلُ أبي بكرٍ إذا ما ذكرتـُه رُميتُ بنصبٍ عند ذكري للفضلِ
فلازلتُ ذا رفضٍ ونصبٍ كلاهما بحبيهما حتى أوسـد في الرمـلِ[88]
فتأثير آل البيت بالغ العمق في نفوس المؤمنين، حتى صار في ليبيا اسم محمد وعلي اكثر الأسماء شيوعاً، بل من رُزق بتوأم يسميهما الحسن والحسين. وفي المغرب الأقصى لا يستعمل اسم فاطمة لوحده بل يقرن بالزهراء، حيث ينادى على المسمى فاطمة بـ فاطمة الزهراء. وبالغ المسلمون في حب آل البيت لدرجة انهم زعموا بأن الحسين مدفون في أربع دول في قارتين مختلفتين. ففي القاهرة يربض مرقده الذي بنى عليه مسجده قبالة الأزهر الشريف، ويعرف المسجد والحي بالحسين. وفي دمشق بالجامع الأموي له قبر يزار، ويقال إن رأسه مدفون به، وفي كربلاء بالعراق له مشهد عظيم يزوره الملايين بصورة دائمة.[89] وذهب فريق أخر بالقول بأن الحسين مدفون بجانب أمه وأخيه بالبقيع في المدينة المنورة. وهذا أن دل على شئ فحب المسلمين جميعاً للحسين، وهذا ليس بغريب حيث قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: هذان ابناي، وابنا بنتي، اللهم إنى أحبهما فأحبهما، وأحب من يحبهما.[90] أما الحسين فخصه الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: حسين مني، وأنا من حسين، أحبب اللهم من احب حسين.[91]
وفي صدر الإسلام تفاوت المحبون كذلك في حب الإمام علي، فمنهم من شدة حبهم وإخلاصهم له، وهم ممن ناصره ودخل في لواء شيعته الذين سمو بالخوارج لأنهم خرجوا عليه بعدما أنكروا عليه قبوله للتحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان في صفين.[92] فكفروه، وحاربوه لأنه قبل التحكيم في ولايته حتى قتلوه.[93]
وقد تواتر بين الباحثين في العصور المختلفة بأن الإباضية هي فرقة معتدلة من فرق الخوارج، ولها علاقة "مزعومة" منسوبة إلى أتباع المذهب الإباضي في جبل نفوسة وزوارة بليبيا. علماً بأن الإباضية ينفون أي صلة تصل مذهبهم بالخوارج ولهم حجة في ذلك. وقد فصل ذلك بإفاضة وحجج دامغة شيخ إباضية ليبيا المرحوم العلامة علي يحي معمر[94] في كتابه "الإباضية بين الفرق الإسلامية"،[95] حيث وصل بعد بحث مستفيض إلى كشف جديد خلاصته أنهم لا علاقة لهم بالخوارج، وأصر على أن هذه من الافتراءات التي مازال يقول بها أعدائهم.
وفرق أخرى ذهبت إلى القول إن الإمام علي هو الوحيد الذي يستحق التقدير والإجلال دون سواه من الصحابة، أو الصحابة الكبار على الأقل، وأضفوا عليه العصمة وبنيه وحصروا الإمامة (الخلافة) فقط في بنيه دون سواهم من المسلمين، ولا يرون قابليتهم لارتكاب الخطأ، وهذه الشريحة يمثلها السادة الاثنى عشرية (الجعفرية). والبعض ذهب في غلوه إلى تأليه الإمام علي وجعلوا منه إلهاً يعبد دون الله تعالى، والعياذ بالله، ويسمون بالعلويين أو النصيرية وهم في سوريا وتركيا و"كردستان".[96] إن بعض المتشيعة مثل الصفويين[97] بعد عمراً من التسنن غيروا بلاد فارس السنية في القرن 17م (11هـ) لتصبح قلعة للتشيع في العالم الإسلامي باسم آل البيت،[98] وعلى الرغم من تبني العلويين المذهب السني في المغرب الإسلامي إلا أن الانتماء والحس العلوي بقى قوي فيهم، وهذا واضح في مؤسسي الطرق الصوفية كما سنرى لاحقاً.
وهذا كله ليس بغريب وأنما تجسيد تاريخي عبر الأزمنة وتصديق لما جاء على لسان الإمام علي حينما قال: يهلك في رجلان: مفرط غالٍ، ومبغض قال.[99]
لعب السادة الأشراف دوراً بارزاً في تاريخ المذاهب الإسلامية ومازالوا حتى يومنا هذا. ويتمتعون بتقدير وتفضيل منقطع النظير. وهذا الإجلال لخصته مقولة منسوبة إلى الإمام علي زين العابدين بن الحسين عندما قال خاطباً: أيها الناس أعطينا ستاً وفضّلنا بسبع: أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين وفضّلنا بأن منّا النبيّ المختار ومنّا الصدّيق ومنّا الطيّار ومنّا أسد الله وأسد رسوله ومنّا سيّدة النساء ومنّا سبطا هذه الأمة .أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي أنا ابن مكة ومنى أنا ابن زمزم والصفا أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى أنا ابن من دنى فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى أنا ابن محمد المصطفي أنا ابن علي المرتضى.[100]
وصفات العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين هذه كلها تكاد تنطبق على جل المرابطين والأشراف في ليبيا.
ولذلك ثمة علاقة وطيدة بين التشيع والتصوف،[101] حيث يعتبر الصوفية أنفسهم خلفاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم والممثلين الشخصيين له. وهم يعتقدون انه لولا هذه الخلافة الباطنية لعمت الفوضى وحل الخراب.[102]
والمتتبع لسلاسل مشايخ الطرق الصوفية يجد الرسول عليه الصلاة والسلام في قمتها. لذلك درج كل مؤسس طريقة إلى وضع سلسلة مشايخ له تصل إلى آل البيت، حتى تحل البركة على كافة المريدين، كما يعتقدون. فعلاقة مؤسسي الطرق والجماعات الصوفية بالإمام علي هي علاقة تسلسل أبوي من صلبه، وروحية بفقهه وعلمه، فأقطاب الصوفية في العالم الإسلامي في مجملهم هم سادة علويون، ولكنهم لم يلتزموا بخط التشيع المعروف بظاهره المذهبي وشعاراته السياسية المخالفة لأتباع المذاهب السنية، بل التزموا بمذاهب الأمصار التي عاشوا فيها وابتعدوا، على الأقل، عن التحرش المذهبي.[103]
فكل من الشيخ عبد القادر الجيلاني،[104] صاحب الطريقة القادرية (الجيلانية أو الكيلانية)، وطريقته تعتبر أم الطرق الصوفية العربية، فهو حسني النسب، أي يرجع بنسبه إلى الإمام الحسن السبط بن علي أبي طالب رضي الله تعالى عنهم.[105] والشيخ أحمد الرفاعي،[106] مؤسس الطريقة الرفاعية، يعود نسبه إلى الإمام موسى الكاظم عن طريق الإمام الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهم. هاجر أجداده إلى الأندلس ثم رجعوا إلى العراق.[107] والشيخ أحمد البدوي ينتهي نسبه إلى الإمام الحسين.[108] وكذلك صاحب الطريقة البكتاشية كما أسلفنا في الكلام الانكشارية.[109]
أما الشيخ علي أبو الحسن الشاذلي،[110] صاحب الطريقة الشاذلية، ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن السبط، تتلمذ وأخذ العلم عن الشيخ أبي محمد عبد السلام بن مشيش الحسني[111] الذي تنسب إليه بعض قبائل ليبيا (البراعصة، الحبون، المشاشية ... الخ).[112]
منقـــcopeـــــول...
مواضيع مماثلة
» قبائل المرابطين والأشراف بين الحسب والنسب في ليبيا (1)
» زيارة وفد من قبائل شرق ليبيا إلى ايران
» عضو وفد قبائل التبو :الأراء كانت موحدة في لقاء قبائل برقة وفزان
» قبائل: مقتل العشرات في اشتباكات في جنوب شرق ليبيا
» تعرف علي خطورة تشكيل مجلس قبائل في ليبيا
» زيارة وفد من قبائل شرق ليبيا إلى ايران
» عضو وفد قبائل التبو :الأراء كانت موحدة في لقاء قبائل برقة وفزان
» قبائل: مقتل العشرات في اشتباكات في جنوب شرق ليبيا
» تعرف علي خطورة تشكيل مجلس قبائل في ليبيا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
أمس في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
أمس في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
أمس في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
أمس في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
2024-11-04, 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR