إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
ابن بطوطة
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ابن بطوطة
ابن بطوطة
( 1304 - 1369 )
1/ نبذة عن حيانه :
يعتبر ماركو بولو أشهر رحالة العالم في العصور الوسطى . فقد كان رجلاً استثنائياً خرج في مغامراته إلى أراض بعيدة مجهولة و استكشف أرجاء مثيرة من العالم في أسفاره ليسرد لنا قصة رائعة عن تجاربه مع شعوب و ثقافات غريبة . لكن كم منا يا ترى يعرف أن رجلاً آخر عاش في الفترة ذاتها تقريباً التي عاش فيها ماركو بولو غير أنه سافر أكثر منه ؟ إنه ابن بطوطة , الرحالة العربي الذي فاق كل رحالة عصره و قطع حوالي 75 ألف ميل تقريباً في أسفاره . كما أنه أيضاً الرحالة الوحيد في العصور الوسطى الذي رأى بلاد كل حاكم مسلم من حكام عصره .
في رحلته التي أراد منها أن يحج إلى مكة , زار ابن بطوطة خلالها شمال أفريقيا و سورية ؛ ثم خرج يستكشف باقي الشرق الأوسط و فارس و بلاد الرافدين و آسيا الصغرى . و وصل إلى شبه القارة الهندية و أمضى هناك قرابة عقد في بلاط سلطان دلهي الذي أرسله سفيراً له إلى الصين .
بعد 30 عاماً من الترحال والاستكشاف , قرابة عام 1350 م , بدأ ابن بطوطة طريق عودته إلى وطنه . و أخيراً عاد إلى مدينة فاس في المغرب . و هناك , في بلاط السلطان ابن عنان , قرأ أوصاف ما رآه في أسفاره على ابن الجوزي . الذي خط منها كتاباً . و هذا الكتاب موجود بين أيدينا اليوم و يعرف بعنوان " رحلات ابن بطوطة " .
يتحدث كتاب الرحلات عن المغامرات التي عاشها ابن بطوطة في أسفاره .
فخلالها تعرض للهجوم مرات كثيرة , و في إحداها كاد يغرق مع السفينة التي يستقلها ؛ و في أخرى أصبح على وشك أن يلاقي مصيره إعداماً على يد أحد الزعماء الطغاة . كما تزوج عدداً من المرات و عرف أكثر من عشيقة , الأمر الذي جعل منه أباً للعديد من الأبناء أثناء سفره .
2 / من طنجة للعالم في 30 عاما :ً
ولد ابن بطوطة في طنجة بالمغرب عام 1304 لعائلة عرف عنها عملها في القضاء . و في فتوته درس الشريعة و قرر عام 1325 , و هو ابن 21 عاماً , أن يخرج حاجاً . كما أمل من سفره أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة في أنحاء بلاد العرب .
في أول رحلة له مر ابن بطوطة في الجزائر و تونس و مصر و فلسطين و سوريا و منها إلى مكة . و فيما يلي مقطع مما سجله عن هذه الرحلة :
" كان خروجي من طنجة مسقط رأسي ... معتمداً حج بيت الله الحرام و زيارة قبر الرسول عليه الصلاة و السلام , منفرداً عن رفيق آنس بصحبته , و ركب أكون في جملته , لباعث على النفس شديد العزائم , و شوق إلى تلك المعاهد الشريفة... فجزمت نفسي على هجر الأحباب من الإناث و الذكور , و فارقت وطني مفارقة الطيور للوكور, و كان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وصبا ً, و لقيت كما لقيا نصباً . "
في تلك الأيام الخوالي , كان السفر عبر هذه المسافات الشاسعة و المغامرة بدخول أراض غريبة مجازفة . غير أن ابن بطوطة كانت لديه الجرأة , أو على الأقل العزم , بما يكفي للشروع في رحلته وحيداً على حمار. و في الطريق , التحق بقافلة من التجار , ربما بدافع السلامة , و كانت القافلة تتكاثر مع الطريق بانضمام المزيد إليها . و مع وصولهم القاهرة كان تعداد القافلة قد بلغ عدة آلاف من الرجال و لم يتوقف بعد عن الازدياد. و لابد أن ابن بطوطة قد أحس بإثارة بالغة لتقدم رحلته . فقد كانت أول تجاربه المباشرة في تعلم المزيد عن أكثر ما يهواه , و هو دار الإسلام . فقد قابل علماء المسلمين و اكتسب مزيداً من المعارف الدينية و الشرعية .
الجزائر وليبيا
حين وصولهم إلى الجزائر, أمضت القافلة بعض الوقت خارج أسوار المدينة لينضم إليها مزيد من الحجيج . وعند مدينة بجاية , تدهورت صحة ابن بطوطة . غير أنه بقي عازماً على مواصلة المسير و عدم التخلف عن الركب بسبب صحته . و مشيراً إلى هذا الحادث يقول : " إذا ما قضى الله أجلي , فسيكون موتي على الطريق , ميمماً وجهي شطر مكة . "
و أثناء مسيرة القافلة في أراضي ليبيا , وجد ابن بطوطة أن من المناسب له أن يتزوج ابنة تاجر تونسي مسافر معهم في القافلة إلى الحج . و قد تزوجها ابن بطوطة في مدينة طرابلس , غير أن الزواج لم يعمر طويلاً بسبب خصومته مع أبيها . لكن على ما يبدو لم يزعج هذا ابن بطوطة كثيراً فسرعان ما خطب فتاة أخرى هي ابنة حاج من فاس .
و في هذه المرة كان حفل الزفاف يوماً كاملاً من الاحتفالات .
مصر و سوريا
بدأت القافلة تقترب من مصر . و قد أذهلت القاهرة ابن بطوطة , إذ كانت كما هي اليوم , أكثر المدن العربية صخباً و نشاطاً و لهذا قرر أن يمضي فيها بضعة شهور . إذ لا يزال على موعد الحج على أية حال ثمانية شهور . كانت القاهرة كما وصفها ابن بطوطة " أم المدن , سيدة الأرياف العريضة و الأراضي المثمرة , لا حدود لمبانيها الكثيرة , لا نظير لجمالها و بهائها , ملتقى الرائح و الغادي , سوق الضعيف و القوي... تمتد كموج البحر بما فيها من خلق بالكاد تسعهم.. ."
بقي ابن بطوطة في القاهرة قرابة شهر . و حين رحيله عنها قرر أن يسلك طريقاً غير مباشر إلى مكة مادامت شهور عديدة تفصله عن موعد الحج ؛ ومضى إلى دمشق , التي كانت حينها العاصمة الثانية للدولة المملوكية في مصر . لم يكن هذا الجزء من رحلة ابن بطوطة مليئاً بالأحداث , ربما لاستتباب الأمن فيه نسبياً في عهد المماليك. لكن دمشق سحرت ابن بطوطة بجو التسامح والتعاضد الذي يسود فيها. وعنها يقول : " تنوع و نفقات الأوقاف الدينية في دمشق تتجاوز كل حساب. هناك أوقاف للعاجزين عن الحج إلى مكة , و منها تدفع نفقات من يخرجون للحج نيابة عنهم . و هناك أوقاف أخرى توفر أثواب الزفاف للعرائس اللائي تعجز ُأسرهن عن شرائها , و أوقاف أخرى لعتق رقاب السجناء. وهناك أوقاف لعابري السبيل تدفع من ريعها أثمان طعامهم و كسائهم و نفقات سفرهم لبلدانهم . كما أن هناك أوقافاً لتحسين و رصف الدروب , لأن كل الدروب في دمشق لها أرصفة على جانبيها يمشي عليها الراجلون, أما الراكبون فيمضون في وسط الدرب . "
أخيراً مضى ابن بطوطة للحج . و بعد قضائه مناسك الحج , أدرك أن نفسه تواقة أكثر من أي وقت مضي لمواصلة الترحال . و لم يكن لديه بلاد بعينها يريد أن يقصدها , بل كان هدفه الوحيد هو زيارة قدر ما يستطيع من البلدان , لكنه توخى أن يعبر دروباً مختلفة . و هكذا تنقل في الشرق الأوسط بأكمله , من إثيوبيا جنوباً إلى فارس شمالاً . " ثم سافرنا إلى بغداد , دار السلام و عاصمة الإسلام . فيها شاهدت جسرين كالذي في الحلة , يعبرهما الناس صباح مساء , رجالاً و نساء . الدروب إلى بغداد كثيرة و معمرة بإتقان , معظمها مطلي بالزفت من نبع بين الكوفة و البصرة يفيض منه بلا انقطاع . و يتجمع على جوانب النبع كالطين فيجرف من هناك و يؤتى به إلى بغداد . في كل معهد ببغداد عدد من الحمامات الخاصة به , و في كل منها جرن اغتسال عند أحد أركانها يتدفق الماء فوقه من صنبورين أحدهما للماء الساخن و الآخر للبارد . و يعطى كل مغتسل ثلاث مناشف , واحدة ليلفها حول خصره حينما يدخل و الأخرى ليلفها حول خصره حينما يخرج و الثالثة ليجفف بها جسده . "
ثم توجه ابن بطوطة شمالاً ليستطلع بحر قزوين و البحر الأسود و جنوب روسيا . لكن أسفاره اللاحقة الأكثر متعة كانت إلى الشرق في آسيا . فقد قصد الهند حيث نال هناك إعجاب الإمبراطور المغولي لمعارفه و قصصه . و عرض الإمبراطور على ابن بطوطة منصباً في بلاطه فقبله . و هذا ما أتاح له الفرصة ليجوب كل أنحاء الهند . و بعد اكتسابه معرفة وفيرة ببلاد الهند لكثرة أسفاره فيها , أرسله الإمبراطور سفيراً للهند إلى الصين . و كان مقدراً لهذه الرحلة أن تكون الأخيرة قبل عودته ابن بطوطة لوطنه . فرغم بعد المسافة قرر أن يقصد المغرب . و قد وصل شمال غرب إفريقيا عام 1351 . و قبل عودته أخيراً إلى فاس في المغرب عام 1353 خرج في رحلة صغيرة إلى إسبانيا ثم في سفرة جنوبية إلى الصحراء الكبرى .
3 / الوطن و كتاب الرحلات :
في فاس , أعجب سلطان المغرب ابن عنان (1348- 1358 تقريباً) جداً بأوصاف البلاد التي قصها عليه ابن بطوطة و أمره بأن يلزم فاس و يضع هذه القصص في كتاب . و فعلاً , بمساعدة كاتب طموح هو ابن الجوزي الكلبي (1321 - 1356 تقريباً ) , ألف ابن بطوطة كتابه الشهير " الرحلات " في أربعة أجزاء منفصلة.
و ربما كان ابن الجوزي قد أضاف للكتاب قليلاً من العنصر القصصي بين الحين و الآخر بهدف التشويق و سهولة التواصل مع القراء , لكن يعتقد عموماً أنه التزم تماماً بما سرده ابن بطوطة عليه . غير أن الغريب هو أن كتاب " الرحلات " لم يكتسب شعبية في الغرب إلا مؤخراً نسبيا ً, في القرن التاسع عشر , حينما ازداد التواصل مع أوروبا و قدم الكتاب هناك ليترجم إلى الإنجليزية و الفرنسية و اللغات الأوروبية الأخرى. و يقدر الباحثون الأوروبيون كتاب الرحلات عالياً باعتباره وثيقة تاريخية مهمة .
بعد انتهائه من كتاب الرحلات. لم يخرج ابن بطوطة , الذي تقدم في السن , بأي رحلة مطولة لا إلى الصحاري و لا غيرها . بل أخذ يعمل في القضاء و يواصل نشر ما اكتسبه من حكمة خلال أسفاره. و رغم عدم توفر معلومات وافية عن السنوات الأخيرة من عمره , إلا أننا نعرف أنه توفي عن عمر 65 عاماً. وبعد سنين طويلة من وفاته ظل ابن بطوطة صاحب أطول أسفار في العالم .
و اليوم حصل ابن بطوطة على التقدير الذي يستحقه بجدارة في عالم الاستكشاف. فلتخليد انجازاته الفريدة في الأسفار, أطلق علماء العصر اسم ابن بطوطة على إحدى الفوهات البركانية على سطح القمر .
( 1304 - 1369 )
1/ نبذة عن حيانه :
يعتبر ماركو بولو أشهر رحالة العالم في العصور الوسطى . فقد كان رجلاً استثنائياً خرج في مغامراته إلى أراض بعيدة مجهولة و استكشف أرجاء مثيرة من العالم في أسفاره ليسرد لنا قصة رائعة عن تجاربه مع شعوب و ثقافات غريبة . لكن كم منا يا ترى يعرف أن رجلاً آخر عاش في الفترة ذاتها تقريباً التي عاش فيها ماركو بولو غير أنه سافر أكثر منه ؟ إنه ابن بطوطة , الرحالة العربي الذي فاق كل رحالة عصره و قطع حوالي 75 ألف ميل تقريباً في أسفاره . كما أنه أيضاً الرحالة الوحيد في العصور الوسطى الذي رأى بلاد كل حاكم مسلم من حكام عصره .
في رحلته التي أراد منها أن يحج إلى مكة , زار ابن بطوطة خلالها شمال أفريقيا و سورية ؛ ثم خرج يستكشف باقي الشرق الأوسط و فارس و بلاد الرافدين و آسيا الصغرى . و وصل إلى شبه القارة الهندية و أمضى هناك قرابة عقد في بلاط سلطان دلهي الذي أرسله سفيراً له إلى الصين .
بعد 30 عاماً من الترحال والاستكشاف , قرابة عام 1350 م , بدأ ابن بطوطة طريق عودته إلى وطنه . و أخيراً عاد إلى مدينة فاس في المغرب . و هناك , في بلاط السلطان ابن عنان , قرأ أوصاف ما رآه في أسفاره على ابن الجوزي . الذي خط منها كتاباً . و هذا الكتاب موجود بين أيدينا اليوم و يعرف بعنوان " رحلات ابن بطوطة " .
يتحدث كتاب الرحلات عن المغامرات التي عاشها ابن بطوطة في أسفاره .
فخلالها تعرض للهجوم مرات كثيرة , و في إحداها كاد يغرق مع السفينة التي يستقلها ؛ و في أخرى أصبح على وشك أن يلاقي مصيره إعداماً على يد أحد الزعماء الطغاة . كما تزوج عدداً من المرات و عرف أكثر من عشيقة , الأمر الذي جعل منه أباً للعديد من الأبناء أثناء سفره .
2 / من طنجة للعالم في 30 عاما :ً
ولد ابن بطوطة في طنجة بالمغرب عام 1304 لعائلة عرف عنها عملها في القضاء . و في فتوته درس الشريعة و قرر عام 1325 , و هو ابن 21 عاماً , أن يخرج حاجاً . كما أمل من سفره أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة في أنحاء بلاد العرب .
في أول رحلة له مر ابن بطوطة في الجزائر و تونس و مصر و فلسطين و سوريا و منها إلى مكة . و فيما يلي مقطع مما سجله عن هذه الرحلة :
" كان خروجي من طنجة مسقط رأسي ... معتمداً حج بيت الله الحرام و زيارة قبر الرسول عليه الصلاة و السلام , منفرداً عن رفيق آنس بصحبته , و ركب أكون في جملته , لباعث على النفس شديد العزائم , و شوق إلى تلك المعاهد الشريفة... فجزمت نفسي على هجر الأحباب من الإناث و الذكور , و فارقت وطني مفارقة الطيور للوكور, و كان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وصبا ً, و لقيت كما لقيا نصباً . "
في تلك الأيام الخوالي , كان السفر عبر هذه المسافات الشاسعة و المغامرة بدخول أراض غريبة مجازفة . غير أن ابن بطوطة كانت لديه الجرأة , أو على الأقل العزم , بما يكفي للشروع في رحلته وحيداً على حمار. و في الطريق , التحق بقافلة من التجار , ربما بدافع السلامة , و كانت القافلة تتكاثر مع الطريق بانضمام المزيد إليها . و مع وصولهم القاهرة كان تعداد القافلة قد بلغ عدة آلاف من الرجال و لم يتوقف بعد عن الازدياد. و لابد أن ابن بطوطة قد أحس بإثارة بالغة لتقدم رحلته . فقد كانت أول تجاربه المباشرة في تعلم المزيد عن أكثر ما يهواه , و هو دار الإسلام . فقد قابل علماء المسلمين و اكتسب مزيداً من المعارف الدينية و الشرعية .
الجزائر وليبيا
حين وصولهم إلى الجزائر, أمضت القافلة بعض الوقت خارج أسوار المدينة لينضم إليها مزيد من الحجيج . وعند مدينة بجاية , تدهورت صحة ابن بطوطة . غير أنه بقي عازماً على مواصلة المسير و عدم التخلف عن الركب بسبب صحته . و مشيراً إلى هذا الحادث يقول : " إذا ما قضى الله أجلي , فسيكون موتي على الطريق , ميمماً وجهي شطر مكة . "
و أثناء مسيرة القافلة في أراضي ليبيا , وجد ابن بطوطة أن من المناسب له أن يتزوج ابنة تاجر تونسي مسافر معهم في القافلة إلى الحج . و قد تزوجها ابن بطوطة في مدينة طرابلس , غير أن الزواج لم يعمر طويلاً بسبب خصومته مع أبيها . لكن على ما يبدو لم يزعج هذا ابن بطوطة كثيراً فسرعان ما خطب فتاة أخرى هي ابنة حاج من فاس .
و في هذه المرة كان حفل الزفاف يوماً كاملاً من الاحتفالات .
مصر و سوريا
بدأت القافلة تقترب من مصر . و قد أذهلت القاهرة ابن بطوطة , إذ كانت كما هي اليوم , أكثر المدن العربية صخباً و نشاطاً و لهذا قرر أن يمضي فيها بضعة شهور . إذ لا يزال على موعد الحج على أية حال ثمانية شهور . كانت القاهرة كما وصفها ابن بطوطة " أم المدن , سيدة الأرياف العريضة و الأراضي المثمرة , لا حدود لمبانيها الكثيرة , لا نظير لجمالها و بهائها , ملتقى الرائح و الغادي , سوق الضعيف و القوي... تمتد كموج البحر بما فيها من خلق بالكاد تسعهم.. ."
بقي ابن بطوطة في القاهرة قرابة شهر . و حين رحيله عنها قرر أن يسلك طريقاً غير مباشر إلى مكة مادامت شهور عديدة تفصله عن موعد الحج ؛ ومضى إلى دمشق , التي كانت حينها العاصمة الثانية للدولة المملوكية في مصر . لم يكن هذا الجزء من رحلة ابن بطوطة مليئاً بالأحداث , ربما لاستتباب الأمن فيه نسبياً في عهد المماليك. لكن دمشق سحرت ابن بطوطة بجو التسامح والتعاضد الذي يسود فيها. وعنها يقول : " تنوع و نفقات الأوقاف الدينية في دمشق تتجاوز كل حساب. هناك أوقاف للعاجزين عن الحج إلى مكة , و منها تدفع نفقات من يخرجون للحج نيابة عنهم . و هناك أوقاف أخرى توفر أثواب الزفاف للعرائس اللائي تعجز ُأسرهن عن شرائها , و أوقاف أخرى لعتق رقاب السجناء. وهناك أوقاف لعابري السبيل تدفع من ريعها أثمان طعامهم و كسائهم و نفقات سفرهم لبلدانهم . كما أن هناك أوقافاً لتحسين و رصف الدروب , لأن كل الدروب في دمشق لها أرصفة على جانبيها يمشي عليها الراجلون, أما الراكبون فيمضون في وسط الدرب . "
أخيراً مضى ابن بطوطة للحج . و بعد قضائه مناسك الحج , أدرك أن نفسه تواقة أكثر من أي وقت مضي لمواصلة الترحال . و لم يكن لديه بلاد بعينها يريد أن يقصدها , بل كان هدفه الوحيد هو زيارة قدر ما يستطيع من البلدان , لكنه توخى أن يعبر دروباً مختلفة . و هكذا تنقل في الشرق الأوسط بأكمله , من إثيوبيا جنوباً إلى فارس شمالاً . " ثم سافرنا إلى بغداد , دار السلام و عاصمة الإسلام . فيها شاهدت جسرين كالذي في الحلة , يعبرهما الناس صباح مساء , رجالاً و نساء . الدروب إلى بغداد كثيرة و معمرة بإتقان , معظمها مطلي بالزفت من نبع بين الكوفة و البصرة يفيض منه بلا انقطاع . و يتجمع على جوانب النبع كالطين فيجرف من هناك و يؤتى به إلى بغداد . في كل معهد ببغداد عدد من الحمامات الخاصة به , و في كل منها جرن اغتسال عند أحد أركانها يتدفق الماء فوقه من صنبورين أحدهما للماء الساخن و الآخر للبارد . و يعطى كل مغتسل ثلاث مناشف , واحدة ليلفها حول خصره حينما يدخل و الأخرى ليلفها حول خصره حينما يخرج و الثالثة ليجفف بها جسده . "
ثم توجه ابن بطوطة شمالاً ليستطلع بحر قزوين و البحر الأسود و جنوب روسيا . لكن أسفاره اللاحقة الأكثر متعة كانت إلى الشرق في آسيا . فقد قصد الهند حيث نال هناك إعجاب الإمبراطور المغولي لمعارفه و قصصه . و عرض الإمبراطور على ابن بطوطة منصباً في بلاطه فقبله . و هذا ما أتاح له الفرصة ليجوب كل أنحاء الهند . و بعد اكتسابه معرفة وفيرة ببلاد الهند لكثرة أسفاره فيها , أرسله الإمبراطور سفيراً للهند إلى الصين . و كان مقدراً لهذه الرحلة أن تكون الأخيرة قبل عودته ابن بطوطة لوطنه . فرغم بعد المسافة قرر أن يقصد المغرب . و قد وصل شمال غرب إفريقيا عام 1351 . و قبل عودته أخيراً إلى فاس في المغرب عام 1353 خرج في رحلة صغيرة إلى إسبانيا ثم في سفرة جنوبية إلى الصحراء الكبرى .
3 / الوطن و كتاب الرحلات :
في فاس , أعجب سلطان المغرب ابن عنان (1348- 1358 تقريباً) جداً بأوصاف البلاد التي قصها عليه ابن بطوطة و أمره بأن يلزم فاس و يضع هذه القصص في كتاب . و فعلاً , بمساعدة كاتب طموح هو ابن الجوزي الكلبي (1321 - 1356 تقريباً ) , ألف ابن بطوطة كتابه الشهير " الرحلات " في أربعة أجزاء منفصلة.
و ربما كان ابن الجوزي قد أضاف للكتاب قليلاً من العنصر القصصي بين الحين و الآخر بهدف التشويق و سهولة التواصل مع القراء , لكن يعتقد عموماً أنه التزم تماماً بما سرده ابن بطوطة عليه . غير أن الغريب هو أن كتاب " الرحلات " لم يكتسب شعبية في الغرب إلا مؤخراً نسبيا ً, في القرن التاسع عشر , حينما ازداد التواصل مع أوروبا و قدم الكتاب هناك ليترجم إلى الإنجليزية و الفرنسية و اللغات الأوروبية الأخرى. و يقدر الباحثون الأوروبيون كتاب الرحلات عالياً باعتباره وثيقة تاريخية مهمة .
بعد انتهائه من كتاب الرحلات. لم يخرج ابن بطوطة , الذي تقدم في السن , بأي رحلة مطولة لا إلى الصحاري و لا غيرها . بل أخذ يعمل في القضاء و يواصل نشر ما اكتسبه من حكمة خلال أسفاره. و رغم عدم توفر معلومات وافية عن السنوات الأخيرة من عمره , إلا أننا نعرف أنه توفي عن عمر 65 عاماً. وبعد سنين طويلة من وفاته ظل ابن بطوطة صاحب أطول أسفار في العالم .
و اليوم حصل ابن بطوطة على التقدير الذي يستحقه بجدارة في عالم الاستكشاف. فلتخليد انجازاته الفريدة في الأسفار, أطلق علماء العصر اسم ابن بطوطة على إحدى الفوهات البركانية على سطح القمر .
القديسة- عميد
-
عدد المشاركات : 1221
العمر : 51
رقم العضوية : 1219
قوة التقييم : 10
تاريخ التسجيل : 19/02/2010
رد: ابن بطوطة
ولا اروع من ذللك ..موصوله بالشكر والعرفان
التمساح- فريق
- عدد المشاركات : 3271
العمر : 66
رقم العضوية : 12
قوة التقييم : 18
تاريخ التسجيل : 01/02/2009
رد: ابن بطوطة
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
مواضيع مماثلة
» ابن بطوطة من هو
» تعرف علي : ابن بطوطة
» بعد قرون من وفاته.. أين يوجد قبر ابن بطوطة بالمغرب؟
» ليس مصرياً كما يظن البعض، قصة طبق الكشري الذي تحدث عنه ابن بطوطة في مذكراته!
» تعرف علي : ابن بطوطة
» بعد قرون من وفاته.. أين يوجد قبر ابن بطوطة بالمغرب؟
» ليس مصرياً كما يظن البعض، قصة طبق الكشري الذي تحدث عنه ابن بطوطة في مذكراته!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» الإكوادور وجهة مثالية لقضاء العطلات وسط المناظر الطبيعية
اليوم في 8:06 am من طرف STAR
» سر ارتفاع دواسة الفرامل عن دواسة البنزين في السيارة
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» ما ميزات شبكات "Wi-Fi 8" المنتظرة؟
اليوم في 8:05 am من طرف STAR
» رد فعل صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
اليوم في 8:04 am من طرف STAR
» هل تعاني من الأرق؟ طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الكبة المشوية على الطريقة الأصلية
اليوم في 8:03 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:00 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR