عنوان الكتاب / الحرب الليبية الثانية - يوميات حرب التحرير 3

من طرف **زهرة اللوتس** 2012-03-13, 10:24 pm

عنوان الكتاب / الحرب الليبية الثانية - يوميات حرب التحرير - * محمد الكيش
*** الأثنين :21/ 3 – صباح الخير ياوطني لقد شغلتني عما سواك , بقية أجزاء الجسد العربي – الوطن – تشتعل كلها , اليمن , سوريا , البحرين , عُمان , المغرب , وأنا مشغول بك ياوطني .
* صباحاً , الأخبار عن – الزنتان – تفيد بتجدد القصف على البلدة من ناحية الجنوب , أفاد المتحدث أن الثوار قد أسروا عدداً من جنود وضباط الكتائب بالأمس , للأسف كل شهود العيان والمتحدثين بأسم الثوار لايجيدون التحدث لوسائل الأعلام , ولاينقلون الصورة واضحة .
* بنغازي : البارحة حدثت داخلها اشتباكات مع بقايا الطاغيه من اللجان الثوريه , وهم موجودون ويثيرون البلبله داخل المدينه , ويتم التعامل معهم.
* تبدو حقيقيه نظرية الفيلسوف – برتراند راسل – أن استمرار التنكيل وتكميم أفواه الناس على مدى – 42 – سنة مكبوسة , قد افقد الليبيين القدرة علي النطق – مأساة واضحة وجليةّ تلمسها لدى شهود العيان والمتحدثين الذين يتصلون بالقنوات الفضائيه .
* مصراته : قوات الطاغيه تدخل للمدينة بالملابس المدنيه .
* القصف على بلدة الزنتان لازال مستعراً .
* سبق الأشارة إلى أن مايحدث في وطني قد شغلني عمّا يحدث (1) في بقية أجزاء الوطن العربي – اليمن - : بعد الأحتجاجات والنزول إلى الشارع والاعتصامات من قبل الجماهير في كل ميادين المدن اليمنيه , والقمع الشديد الذي تعرضت له الجماهير وموت وجرح المئات منهم , يبدو أن الحرية قد نضجت وأستوت واقفة على باب – اليمن السعيد – مهد العرب , هذا اليوم شهد أنضمام قطاعات واسعه من قوات الجيش إلى الثوار , أيام طاغية اليمن اصبحت قليله وقريبه , عسى أن تكون لحظات طاغيتنا أقرب.
* مصراته : لازال الوضع فيها شائكا ومبهما بعد دخول قوات الطاغيه إلى شارع – طرابلس – جموع من العائلات اندفعت إلى داخل المدينه مما زاد من تأزم الوضع الإنساني داخل المدينة .
* من أفكار الطاغية الشيطانيه , وحتى يفك الدائرة التي بدّت تضيق عليه , أن يدفع بجماهير غفيره من كل القبائل , ناحية الشرق في مواجهة قوات الثوار , وذلك حسب قوله لغاية المصالحة , أنه يلعب بالناس كأحجار الشطرنج لاجل أن يبقى في السلطه , ويبقى فقط .
* الأخبار تقول أنه قد تمّ استعادة – أجدابيا – من الحصار الذي تفرضه عليها الكتائب بعد انهزامها أمام بنغازي.
* بعد انتصار الثوار الملحمي في بنغازي في بداية الثورة على قوات الطاغية الغاشم واهمها التشكيل القتالي المُسمى – كتيبة الفضيل بو عمر – وبقية تشكيلاته القتاليه في البيضاء والاُبرق ودرنه وطبرق , بعد هذا الانتصار واندفاعتهم المجيده نحو الغرب لتحرير مدن الوطن من تحث بطش الطاغيه , وزحفهم الرائع وانتصارهم على قوات الطاغيه , وتحريرهم لمنطقة المثلت النفطي حتي وصلوا إلى بلدة – النوفليه - , ومن ثم جمع الطاغية فلول كتائبه المهزومه , وأستفاق من هول الصدمة , وهو غير مصدق أن الشعب الليبي يستطيع أن يرفع رأسه امامه بعد – 42 – سنة من الرضوخ والركوع لجلالته والخوف من رعبه , لم يصدق بعد , وظل يصرخ فينا : ( من أنتم ) ( هذه آخرتها ) وكأنه استعبدنا إلى الأبد , وكانه ظن أن اللّه قد اعطاه مفاتيح هذه البلد بخيراتها , وكأنه قد أنزلته السماء ليعبث بهذه الأرض , أنه اكثر شراً من شيطان – فاوست – (2), وأنه أكثر رعباً من – مالدرور- (3) شيطان (( لوثريامون )) , ذات مرّة حدثني أحد الأصدقاء من الأدباء .كان ذلك في بداية تسعينات القرن الماضي , أنه قد تم استعارة رواية - فاوست – منه , وطلب منه كتابة ملخصا عنها , لأجل ان يقراءها – الشيطان – الأوحد , وبكل أسف هذا الصديق يقف الآن في صف الشيطان , وقد ظهر في تلفزيون الطاغيه يؤيده ويندد بالثوار , وهو من بلدتي بكل أسف , التي ساقها امثاله من المستفيدين إلى موقف الذل والعار .
* * *
هامش : (1) الحمدلله , سقط طاغيتنا , وصار لقبه المقبور بعد أن قتلهُ الشعب الليبي , وطاغية اليمن لم يسقط بعد , لقد كان يكذب ويناور على شعبه , ورغم محاولة أغتياله القاتله , إلا انه لم يمت , مايهم في الأمر أن ثورة اليمن لم تهدأ , ومازالت مشتعله رغم كل القمع من قوات النظام وسيسقط بأذن الله .
(2) (( فأوست )) رواية للكاتب الالماني – جوته - .
(3) ((مالدرور)) رواية شعرية للشاعر الفرنسي – لوثر يامون - .
* * * *

*** الثلاثاء :22/3 – أجدابيا الأخبار تقول أن الثوار يحاصرون – اجدابيا – (1) ومازالو واقفون أمامها , عكس الأخبار التي قالت بالأمس أن الثوار قد أستعادوها .
* الزنتان : المعركة مازالت دائرة , والقصف بالأسلحة الثقيله من الطاغيه مازال مستمراً , والزنتان صامدة .
* مصراته : أخبارها مبهمة , قوات الطاغيه داخل المدينه , بالأمس حدثت مجزرة في المدنيين الأبرياء , أستشهد اكثر من – 40 – ومئات الجرحى , الوضع الإنساني في المدينة صعب , لاماء ولاكهرباء ولاتموين المستشفيات في أوضاع صعبه أيضاً .
* ليلة البارحة قامت طائرات التحالف بقصف قاعدة – أبو سته – البحريه في طرابلس ومطار سبها , وقاعدة القرضابيه بسرت.
* -10 – شهداء نتيجة قصف كتائب الطاغية على – الزنتان - .
*-20- شهيداً بينهم – 5 – أطفال في مصراته , نتيجة القصف بالدبابات والراجمات .
* تقول الأخبار : أنه قد تم قتل – جبران حسين جبران – في معارك أجدابيا , وهو قائد الميليشا التابعه للطاغيه في – ورّفله – وتسمى بجحفل النسور .(( ألا بعُدًا للطاغيه , ولكل أذناب الطاغيه ))
* * *

هامش : (1) كتائب الطاغيه وهي في طريقها لبنغازي لم تستطيع أحتلال أجدابيا ولكنها حاصرتها من جميع الجهات , وأحتلت الطريق الرئيسي المؤدي إلى بنغازي , وبعض الأحياء القريبه منها , وظلت هذه القوات في أشتباك مع الثوار داخل المدينة , وبعد تدمير القوات المتجهه إلى بنغازي كانت أقرب نقطة لفلول الكتائب الهاربة هي أجدابيا , لذلك تجمعت مع القوات الموجودة لحصار أجدابيا , وسيطول تحرير أجدابيا من الكتائب بعد هذا .
* * * *

***الاربعاء : 23/3 – ليلة البارحة رأيت مشهداً رهيبا لم أراه إلأ في الأشرطة الوثائقيه لمعارك الحرب العالمية الثانيه . المشهد المرعب يصور صفا من راجمات الصواريخ – ذات الأربعين صاروخ – وهي ترمي بحمم النار , على من ؟ على مدينة بنغازي , على الأحياء السكنيه الآمنه , هذا المشهد الرهيب لايمكن تخيّله إلا في حربا كبيره بين جيشين , لا في قصف مدينة آمنه , كل ذنبها أمام هذا الطاغيه , أنها قالت له لا , كفى نصف قرناً وأنت تجلس على صدورنا , وتكثم أنفاسنا , وتسرق خيراتنا , هذه الصورة المرعبة , تكررت على المدن الليبيه التى قالت له , لا , تكرر المشهد أمام – مصراته – الزنتان – أجدابيا – الزاوية – هكذا يفعل المجرم الطاغيه بشعبه , ليلة البارحة خرج ينهق علينا مسعوراً – أنا صامد هنا – لم يقل حتى أن المساكين من أبناء الشعب الليبيي الذين يتبعونه , ويقدمون أرواحهم قرابين على مدبح طغيانه لأجل أن يبقى , - صامدون معي – هذا الرجل لايرى سوى نفسه .
*ليلة البارحة شنت – قوات التحالف – غارات على طرابلس ومدن أخرى ولاتعرف المواقع التي قصفت .
* الثوار يقفون عاجزين أمام مداخل – آجدابيا – ناتج قوة النار الرهيبه التي تملكها قوات الطاغيه.
* ما لم يتقدم الثوار من الشرق , نحن في أزمة شديدة .
* با لأمس – 17 – شهيداً في – مصراته - , واليوم سقط -3 – شهداء برصاص القناصّه المتمركزين فوق العمارات , الوضع الإنساني في المدينه لازال خانقا .
* في – الزنتان – بعد القصف العنيف من قبل - كتائب الطاغيه – جرتّ معركة مباشرة , انتصر فيها الثوار , ودحرت القوات الفاشيّه إلى –غريان - , وجرت معركة أخرى في-يفرن - , لعلّ الأمر الأهم في الأحداث , انه قد تم التنسيق بين ثوار – الزنتان – ويفرن – والرجبان – وقد خاضوا بالأمس معركة مشتركه .
* طيران التحالف يقصف كتائب الطاغيه المحاصره لمصراته , هذا الأمر خففّ من قصف الكتائب على – مصراته - .
* أجدابيا: العقبةُ الكاداء أمام تقدم الثوار نحو – سرت – عادت ليدّ الثوار . *لازال الثوار واقفون امامها تمنعهم قوة نار الكتائب , ثم خبر أخر يقول أنها قد أسترجعت , وخبر آخر يقول , لا ؟ .
* كتائب الطاغيه , وقد انقطعت بها السُبل في آجدابيا , مستبسلة في القتال , وتملك قوة نار رهيبه لايملكها الثوار .
* أجدابيا – بوابة الشرق إلى الغرب , وبوابة الغرب إلى الشرق , وبوابه الجنوب إلى الشرق والغرب , ويقف أمامها المثلث الذهبي الذي يشتمل على أربعة موانئ نفطيه رئيسيه , ومن يسيطر على هذا المثلت يضع مفاتيح ليبيا في يده .
* مسيرة الثوار نحو الغرب تعطلت كثيراً من الوقت أمام عقبة اجدابيا .
* مصراته : قوات التحالف تقصف قوات الطاغيه المحاصرة للمدينه , نتيجة هذا القصف هدأت المدينة قليلاً , تلتقط انفاسها , وتعطلت حركة آليات الكتائب , بقى أمر القناصه يشكل خطراً على اهل المدينه .
* مصراته : في المساء بدات كتائب الطاغيه تقصف المدينه , وبالتحديد – مستشفي المدينه - .
* الزنتان : استعاد الطاغيه قواته المندحره من غريان , وبدأت تقصف البلدة بالأسلحة الثقيله.
* أجدابيا : قصفت قوات التحالف كتائب الطاغيه في البوابة الشرقيه والغربيه للمدينة , الأخبار تفيد ان الكتائب تقهقرت لداخل المدينة , وقد جوبهت بالنار من داخل المدينة وخارجها , وتفيد الأخبار أن الثوار قد أستولوا عليها , هذا حسب مراسلة شاهد العيان – عريش سعيد – وهو من الصحفيين الليبيين الذين غطوا الأحداث عن قُرب , بحكم تواجده في المنطقة , فقد عايش وشارك في المعارك التي جرت في المثلث النفطي , وهو متحدث جيد , عكس كل المتحدثين الآخرين , فهو يتحدث بطلاقه , وبلغة معقوله , والأهم أنه يجيد رسم صورة الحدث والقدرة على التوضيح والتفصيل والتوصيل .
* الشيخ – مصطفي عبد الجليل – ريئس المجلس الأنتقالي – لايملك – كاريزما – القياده (1) القويه التي يملكها الطاغيه , ولكنه يملك – كاريزما – أخرى , أسميها – كاريزما – وجاهة الرضى - , عكس كاريزما الطاغية التي تثير الرعب في النفوس , وخاصة حين الاقتراب منه , لاتستطيع التحديق أليه في عينيه مباشرة , ويقال أنه لايحب ذلك , ولي تجربة شخصيه معه في نهاية سبعينات القرن الماضي .
* * *
هامش: سنة 1980 م وبعد هيمنة -اللجان الثورية – على مؤسسات المجتمع المدني المحدوده , صار دمج – اتحاد الأدباء – مع نقابة الفنانين , تحث مسمى – رابطة الأدباء والفنانين – وفي أول لقاء مشترك يجمع الجسمين الغربيين عن بعض , كان الجمع في أنتظار – القذافي – لحضور المهرجان , بالمصادفة صعدت وبرفقتي صديقيّ - يوسف الشركسي – والمبروك خليفه – إلى مكتب أمين الرابطه – الأستاذ – محمد الزوي – رحمة الله عليه , في تلك اللحظه حظر – القذافي – بشكل مفاجئ , وبدل أن يدخل إلى القاعة صعد إلى مكتب أمين الرابطه , وفي حالة الارتباك التي سادت الحضور , اجلسنا – الزوي – بحكم الضرورة لملء الفراغ .
ولأنه ليس بأمكاننا الخروج , وهكذا كان , جلس – القذافي – بجنبنا , التفت الينا وتأمل فينا قليلاً , ثم قال : حتى هولاء الأولاد من الأدباء , وأطلق قهقهته المقيته المفتعله , ها – ها – ها - ,(( في تلك اللحظة أنا من فرّط خيالي وكبر هبالي )) , وقد رأيته ينظر اليّ ظننت أن الرجل قد تذكرني , لأنا سابق معرفة ربطتني به في الستينات , بدأت احدّق فيه , وآلتفت فجأة ناحيتنا , وجاْت العين في العين , أكفهر وجهه , وأزّور وأنكشح عنّا , أحسست أنني قد أرتكبت خطأ , أرتعبتُ منه , دقائق معدودة ونهض وأنفضّ اللقاء .
هذا عن كاريزما القذافي المرعبه , أما الشيخ – مصطفي عبد الجليل – فهذا حديث أخر لم يحن وقته بعد , وأن كنت أظن أنه من طرائف الثورة الليبيه.
............. يتبع