الا انت يا امي

]في كل صباح اقطف من حديقة منزلنا زهرة..
]احملها لاهديها لشخص ما...
اقلب الوجوه ... فلا ارى من يستحقها.
الا انت يا امي./

...وعندمايقترن الحب بالتضحيات.
ويسمو فوق كل الاعتبارات..

اعرف ان الحبيب هو امي
الشوق إليها اتعبني

(( وقبلتُ أصابعها واحداً .. واحداً ، وفكرت للحظة ان المشهد كابوس سينتهى ،
فرفعت بالإبهام جفن عينها اليسرى لأحثها على الاستيقاظ ، لكن الجفن عاد ،
والعين نامت من جديد . ))

لم أكن مستعدة بعد لموت امى .. لكن الموت كان على أهبة الاستعداد .
تلمستُ جبينها .. تحسستُ الجلد الرخو على ذراعيها ، كانت رؤوس الحقن قد
أثخنته بالثقوب ، رأيت نفسى أعود كما كنت ، طفلاً مدللاً لا يرضى بغير
ذراعيها شرفةً يطل منهما على الدنيا ، وبكل فجيعتى قبلتهما وبكيت ، وبكل
فجيعتى اعتذرت للجلد المترهل ضعفاً وعجزاً وبكيت .
كانت مغمضة العينين كأي ميت .. وكنتُ خجولةاً من موتها الى حدٍ لا يصدقه أحد .
قبلتُ جبينها من جديد .. قبلتُ أطراف اصابعها ألف مرة .. كان على أن اصدق
انى اصبحتُ الآن بلاصدرٍ اتكئ علي حنانه الجارف .. وبلا نصيحةٍ تقودنى من
يدى الى بر الأمان .. وبلا وجهٍ يتأملنى بلا صوتٍ ويبتسم .. وبلا غضبٍ
يعيدنى الى الصواب .

كنتُ قد اصبحتُ تلك اللحظة بلا ام .. اقسم انى لم اكن مستعدة بعد لموتها
.. غير انى اقسم الآن من جديد انى لستُ مستعدة لتقبل فكرة انها ماتت حتى
هذه اللحظة !