عبدالرازق المنصوري : قبل أن يختلط عليك الأمر, هل تعرف من أنت

عبدالرازق المنصوري : قبل أن يختلط عليك الأمر, هل تعرف من أنت؟

كل دارس للتاريخ السياسي يعرف أن كل فترة سابقة منه ترتبط دائما بشخصية واحدة سوى كانت رجلا أو امرأة, وعندما نرجع للتاريخ السياسي الليبي منذ الاستقلال وحتى قبل ثورة 17 فبراير, سنجد أنه قد ارتبط بشخصية الملك إدريس السنوسي للفترة الملكية والعقيد معمر القذافي في الفترة الانقلابية, وأن كل الشخصيات السياسية الأخرى خلال الفترتين السابقتين, تظهر دائما بصورة باهتة أو غير واضحة, مهما كان دورها السياسي خلال الفترتين, أما بعد ثورة 17 فبراير والتي لا زالت أحداثها تجري حية حتى يومنا هذا, فلن يكون التاريخ السياسي الليبي شاذا عن قاعدته خلال نظرته لهذه الفترة في المستقبل, وسيربطها فقط وفقط بشخصية المستشار مصطفى عبدالجليل, وكعادته أيضا سيعمل على أن تظهر كل الشخصيات السياسية الأخرى, والتي ساهمت ولازالت تساهم في هذه الفترة بتلك الصورة الباهتة أو الغير واضحة, مهما كانت معرفتنا الآن عن دورها في ما حدث بعد ثورة 17 فبراير.
وكلنا يعرف أن التاريخ دائما ينظر من زاوية واحدة فقط للشخصيات التي صنعتها أحداثه لتكون هي البارزة في كل حقبة منه, وتلك الزاوية تتناسب مع حكم الجماهير التي عاشت خلال تلك الحقبة عن تلك الشخصية التاريخية, ولا تستطيع أعمال التزيين أو التزوير سوى كانت لتحسين أو تشويه الصورة التي رسخت في ذاكرة الجماهير أن تؤثر في تلك الصورة, حتى لو كانت النظرة لتلك الصورة تعتبر خاطئة في نظر البعض.
فبعد أن رسخت تلك الصورة الطاهرة النقية عن الملك إدريس السنوسي, لم تستطيع أعمال التزوير والتشويه التي مورست خلال أربعة عقود من حكم القذافي أن تغير شيئا من تلك الصورة في ذاكرة الجماهير الليبية, كما أن تلك الصورة الملوثة بكل الصفات السيئة والتي رسخت في نفس الذاكرة عن العقيد معمر القذافي, لم تستطيع أعمال التزيين وكل عمليات التحسين لها من أن تجعل الجماهير في ليبيا والعالم كذلك تغير رأيها في تلك الشخصية.
ونعلم دائما كذلك أن الجماهير بعفويتها تعرف أن الشخصية الطاهرة والحقيقية لا تحتاج لطبول تقرع هنا وهناك من أجلها لتحسين صورتها, بل إن حياة وعمل الشخصية الطاهرة الحقيقية يكفي عن كل الطبول الأخرى، وقد رأينا كيف فشلت تلك الطبول وبكل لغات العالم, أن تجعل من الجماهير تغير رأيها في نظرتها لشخصية معمر القذافي, نظرا لأن تلك الجماهير عرفت أولا كيف هي حياته وأعماله.
وبعد أن عرفنا كيف كانت نظرة الجماهير للشخصيتين التي برزت في تاريخنا السياسي الليبي خلال الستة عقود الماضية, كيف تظن أن نظرة الجماهير ستكون في المستقبل للشخصية الثالثة في تاريخ ليبيا السياسي؟ والتي بدأت في البروز بعد ثورة 17 فبراير وهي شخصية المستشار مصطفى عبدالجليل.
هل تظن أن النظرة التاريخية لشخصية المستشار في المستقبل ستبنى على أن تلك الشخصية حقيقية؟ رغم هذا النقد المكال لها من هنا وهناك, أو أنها شخصية مزيفة رغم تلك الطبول التي تقرع لتحسين تلك الشخصية .
ونحن نعرف أنه كلما أرتفع صوت الطبول عن شخصية سياسية ما إنما يدل على مدى محاولة قارعي تلك الطبول تحسين صورتها لدى الجماهير, فما هو رأيك في صوت طبول المستشار مصطفى عبدالجليل هل هو عالي أم منخفض أم معدوم؟