الهمة طريق إلى القمة

الهمة طريق إلى القمة

بسم الله

.. الهمة مكانها قلب الإنسان لأن القلب هو سلطان الجسم وهي عمل خاص به أي عمل قلبي ، وهي: الباعث على كل ما يقوم به الإنسان ، وتوصف بالعلو والارتفاع والانحطاط والدنو ، فمن الناس من تكون همته عالية إلى السماء، ومنهم من تكون قاصرة سافلة دنيئة تهبط به إلى أسوأ الدرجات..

ولذلك يقولون : إن عالي الهمة يعلم أنه إذا لم يزد شيئا في الدنيا فسوف يكون زائدا عليها ، ولذلك فهو لا يرضى بأن يحتل هامش الحياة ، بل لابد أن يكون في صلبها عضوا مؤثرا ...

و الهمة تدفع صاحبها ليجود بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايته، وتحقيق بغيته، لأنه يعلم أن المكارم منوطة بالمكاره، وأن المصالح والخيرات لا يُعبر إليها إلا على جسر من التعب ، فتراه منطلقاً بثقة وإقدام نحو هدفه الذي حدده على بصيرة وعلم، فيقتحم الأهوال مستهينا بالصعاب كما في قول الشاعر :
فقل لِمُرَجِّي معالي الأمور *** بغير اجتهاد: رجوتَ المحالا
وتراه يحدث نفسه فيقول لها :
تريدين إدراك المعالي رخيصة *** ولا بُدَّ دون الشَّهْدِ من إبر النحْلِ

ويقول ابن القيم رحمه الله:- "لا بد للسالك من همة تسيره وترقيه، وعلم يبصره ويهديه". وقد قيل: "كن رجلاً رجله في الثرى وهمته في الثريا، ما افترقت الناس إلا في الهمم، من علت همته علت رتبته، ولا يكون أحد إلا فيما رضيت له همته".
وقال آخر: "همتك فاحفظها، فإن الهمة مقدمة الأشياء، فمن صلحت له همته وصدق فيها صلح له ما وراء ذلك من الأعمال".

يقول الامام ابن الجوزي رحمه الله تعالى :
" اعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم لا نرى فيهم ذا همة عالية فيقتدي بها المبتدئ ، ولا صاحب ورع فيستفيد منه المتزهد فالله الله ، وعليكم بملاحظة سير القوم اصحاب الهمم العالية، ومطالعة تصانيفهم واخبارهم ، فالاستكثار من سير مطالعة كتبهم رؤية لهم .
ومصاحبة اصحاب الهمم العالية فكل قرين بالمقارن يقتدي والتفكير فى احوال المسلمين فمن لم يهتم بامر المسلمين فليس منهم والحكمة ضالة المؤمن فحيثما وجدها فهو أحق بها ."

وقال أحدهم: "الهمة طريق إلى القمة".
ولكن حذار من التمني فالتمني قاتل للهمة والتطور
وما نيــــل المطالــــب بالتمنـــي ....... ولكــن تؤخذ الدنيـــا غلابـــــــــاً

فاذا رايت إنسانا يقرن القول بالفعل اعلم انه من اصحاب الهمم العالية.. أما إن كان يحسن القول.. ولا يحسن العمل.. ويعلو صوته في المحافل.. ولا تجده في ميدان الجد، فاعلم أنه غير صادق فيما يقول ، وهذه علامة اصحاب الهمم الساقطه ...
وقد قيل : ما بلغ الحسن البصري ما بلغ الا لكونه اذا امر الناس بشئ يكون اسبقهم اليه واذا نهاهم عن شئ يكون ابعدهم عنه.

وعالي الهمة يكون انسانا تنفيذيا .. اذا اقتنع بأمر حولته على الفور إلى واقع .. أما أن تبقى الفكرة مضغة فى الفم نتحدث عنها كلما وجدنا محفلا للكلام .. فهذا امر لا يليق باصحاب الهمم العالية .

وعالي الهمة يعرف قدر نفسه ، في غير كبر، و لا عجب ، ولا غرور ، فلا يحملها ما لا تطيق ليصونها عن الرذائل ، ويرعاها من ان تهان ، حتى يكون محل ثقة لدى الجميع صادق في قوله مجد في عمله يسعى إلى الخير محب للجميع يرفع قدر أمته ويجاهد من أجل رفعة بلده ...

كلمات نجدد بها العهد علي الجد في رفع قدر أمتنا ونشحذ بها الهمم وما احوجنا في هذه الفترة إلى الهمم العالية والاندفاع بعلم وبصيرة لنسابق الزمن في إقامة دولتنا ورفع راية بلدنا بعد أن تخلصنا من الطاغية وأتباعه .. فشمروا عن سواعدكم يا شباب ليبيا واثبتوا جدارتكم بتولي أمور بلادكم بعيدا عن المكاسب الوهمية والمشادات الكلامية فالكلام لا يبني دولة ولا يقيم حضارة ...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته