درنه وأزمة التصعيد

من طرف **بوفرقه** 2010-01-23, 7:44 am

درنة ( خاص) ليبيا اليوم- هشام الشلوي
شهدت درنه كغيرها من المدن الليبية في الأيام الماضية حراكا قبليا وجهويا على مستوى اختيار أمناء المؤتمرات الشعبية الأساسية، واختيار أمين مؤتمر للشعبية (انتخابات المجالس البلدية، أو الانتخابات المحلية).

تتكون شعبية درنه من ثمانية عشر مؤتمرا، إثنان منها لم يتما عملية التصعيد لخلافات قبلية، وهما مؤتمرا الأبرق وبومنصور الذي أصيب أثناء عملية التصعيد به مدير شركة ليبيانا (علاء النويصري) إصابة بالغة.

كان ثمة اعتقاد أن لا أهمية تذكر للتصعيد على مستوى المؤتمرات، بعد تفريغ السلطة الشعبية وآلياتها من معظم مزاياها المالية والسلطوية، إلا أن احداث العنف التي شهدتها بعض المؤتمرات قللت من أهمية الاعتقاد السابق.

أنهت ستة عشر مؤتمرا تصعيدها المحلي من أصل ثماية عشر مؤتمرا، وعليها أن تصعد وتختار أمين مؤتمر الشعبية، وأمين شؤون المؤتمرات، وأمين شؤون اللجان، وأمين شؤون النقابات، وأمين شؤون المرأة.

حضر (مفتاح بوكر) كرئيس لجنة التصعيد لأمين المؤتمر والأعضاء الأربع من مدينة بنغازي لمدينة درنه يوم 19/1/201م.

فشلت الجولة الأولى من التصعيد، إذ أن اللجنة المكلفة بالإشراف أصرت على ترشيد (فوزي المقصبي) أمينا لمؤتمر الشعبية، بينما أصرت التكلات القبلية المتمثلة في قبائل العبيدات والمرابطين وبعض الحضر على أن يكون تصعيدا لا ترشيدا، ولفظة ترشيد يُنظر إليها على أنها توجيهات من العقيد (معمر القذافي) بتنصيب فلان من المرتبطين بالنظام ليتقلد منصبا ما.

شرطت مؤتمرات درنه الستة عشر، - إلا مؤتمر البلاد الذي وافق على ترشيد المقصبي-لتمرير فكرة الترشيد شرطين- متذرعين بأن السلطة الشعبية لا تعرف إلا الاختيار الشعبي، وأنه لا توجد دلائل كتابية من أية جهة معتبرة في هذا الشأن تفيد ذلك.

أول الشروط أن يكتب (مفتاح بوكر) تعهدا يقول فيه إنه مكلف شخصيا من قبل القذافي بترشيد (فوزي المقصبي)، الأمر الذي رفضه بوكر.

والشرط الثاني، أن يدعهم وشأنهم في اختيار من يرونه محققا لمصلحة الشعبية، وأنهم مصرون على عدم اختيار المقصبي كأمين مؤتمر للشعبية.

صرح (الصديق افضيل عبد الجواد الغيثي) أمين شؤون المؤتمرات الشعبية بدرنه – لصحيفة (ليبيا اليوم) أن اللجان المشرفة على التصعيد تقول إنها مكلفة بالترشيد في جميع الشعبيات، ولا يٌعرف مصدر هذا الترشيد، وأنه لا يمكن نسبة الترشيد للقائد، إذ أنه في كل أحاديثه يؤكد على عدم إنساب أي قول إليه أو لأحد أبنائه، وأن السلطة الشعبية تٌمارس وفق الاختيار الشعبي الطبيعي، ولذا يصر اعضاء المؤتمرات الشعبية بدرنه على ممارسة السلطة الشعبية اختيارا لا ترشيدا.

ونفى افضيل أن تكون التكلات الموجودة ذات طبيعة جهوية أو قبلية او مجموعات مصالح تسعى للضغط لتمرير أجندتها الخاصة.

بينما أفاد بعض الحاضرين للتصعيد صحيفة (ليبيا اليوم)، أن سبب عدم رغبتهم في عدم ترشيح المقصبي يكمن في "عدم تقديمه خدمات فترة توليه أمانة المؤتمر لكافة جغرافية الشعبية، إذ انحصرت هذه الخدمات على قلتها في بقعة محدودة من الشعبية، وهي درنه المدينة مع إهماله لباقي مناطق الشعبية، فعلى سبيل المثال لا توجد طريق صالحة تربط بين مؤتمر الأبرق ومؤتمر القيقب، كما أن البنية التحتية لجل مناطق الشعبية تكاد تكون منهارة وبائسة".

بينما علق آخر أن المقصبي لو لم يأت عن طريق الترشيد لأمكن قبوله لولاية ثانية كأمين مؤتمر.

وعلق آخر، "إذا كانت السلطة الشعبية تعني الاختيار الحر، فلماذا إذا يٌقال لنا فلان مرشد به، ثم إنه لم يثبت لدينا فعلا أن القائد رشد سين من الناس لتولي منصب، وإذا ما فعل فنحن سنعتبرها توجيهات منه ويجب الرضوخ إليها وتنفيذها، باعتباره مؤسس السلطة الشعبية، وفي حال عدم ثبوت ترشيد القائد للمقصبي، فإننا لن نرضى إلا بالقاعة كحكم في اختيار من تراه الجماهير مؤهلا لخدمتها".

كانت الجولة الثانية يوم الخميس 21/1/2010م، إذ حضر المصعدون مصرين على موقفهم.

دب الخلاف بين المصعدين أيهم يعتلي منصب الأمين قبل دخول قاعة، مئات المكالمات الهاتفية بينهم وبين آخرين يقبعون في الخفاء للإبلاغ وتلقي التعليمات.

تنهار الاتفاقات تلو الاتفاقات، وتسيطر الخيانة كما يسمونها عرفا بينهم، إلا أن التكهن في مثل هذه الظروف يصبح ضربا من الخيال، إذ وللحظة الأخيرة تنقلب المواقف.

دخلوا قاعة التصعيد مع إصرار (مفتاح بوكر) تمرير فكرة الترشيد لمنصب أمين مؤتمر الشعبية، تاركا لباقي التكلات القبلية الخلاف على اختيار المناصب الأربعة التالية له. وقد نجح، حيث وزع المصعدون باقي المناصب شرائحيا.

بقي إشكال الصراع على السلطة مهما كان قدرها وحدودها محل نزاع، إذ لم تقدم السلطة الشعبية فردوسها الأرضي كما وعدت به أنصارها. غير أن الشئ اللافت للنظر قبل وأثناء وبعد هذا الصراع، هو بقاء الحال كما هو عليه، إن لم تعد الساعة تعود بنا إلى الخلف في الدقيقة الواحدة أعواما عدة!.