هل نحن سبب خراب ليبيا ؟؟

هل نحن سبب خراب ليبيا ؟؟ بقلم : سعد النعاس

يقول مثل : " كل الناس تريد دخول الجنة ، ولكن كل الناس لا تريد أن تموت " . فهل هذا المثل ينطبق علينا ، بمعنى أننا كلنا نريد ازدهار وعمار ليبيا وخيرها ، إلا أننا لا نريد أن نكون سبباً في ذلك !! نعم ، لو أخذنا بالغالبية لوجدنا أن العيب في شخوصنا نحن لا في الغير . نعم نحن من نتسبب في تأخر ليبيا وفسادها ودمارها ، والتي في ازدهارها ازدهارنا .
نعم ، أنت يا من تقول وتقول وتقول ، هل قمت بإيصال أسلاك الكهرباء إلى العداد ليقوم باحتساب القيمة الفعلية للاستهلاك ، خصوصاً بعد إعفاء سنة 2011 من قيمة الاستهلاك ، وتخفيض الأسعار ، وإلغاء نظام الشرائح ؟ هل قمت بذلك بدل أن تتبجح بان غيرك هو من يتسبب بسرقة ليبيا وخرابها ؟ هل تعلم أن ذلك حكمه السرقة في القانون والدين يا من تسأل عن حكم قص الأظافر خلال العشر الأول من ذي الحجة ؟ يا من تصوم ويم والوقوف بعرفة تطوعاً وتصلي النوافل !!! أنت يا من تضع ( كشاف ضي ) أمام بيتك هل خسرت بضعة دنانير لكي توصله بمفتاح كهربائي لكي تقوم بإطفائه أثناء النهار بدلاً من بقاءه 24 ساعة مضاء . هل تعلم كم ملياراً يسبب هذا الإهدار وكيف يستنزف خزينة ليبيا ؟
أنت يا من تسب وتشتم موظفي المصارف هل إذا ما كنت مكانهم هل ستسمح لأبيك وإخوتك وأقاربك وأصدقائك المقربين بالوقوف في الطابور ؟ وغير ذلك الكثير الكثير من ملفات تبين لك مدى ما وصلت إليه نفوس الناس من خلل ودناءة وضعف ، وكأني بكل واحد منهم يقول نفسي نفسي ولو كان حراما أو غشاً أو فيه ضرر الآخرين ، بل بلده بأسره ، وهو يدري أو لا يدري أن ذلك سيرجع بالدمار عليه هو وعائلته إن حاضراً أو مستقبلاً . ثم تجده ينافح عن مدينته أو قريته أو دولته دفاع الورعين المصلحين ، وهو كان سبباً في فسادها ونهبها ودمارها . فهل هو النفاق أم الجنون أم انفصام الشخصية أم الانقياد وراء الأهواء أم النفوس المريضة الأمارة بالسوء أم نضعها على الشيطان مادمنا اعتدنا تعليق أخطائنا على شماعة الغير .
ابدأ بنفسك ؟ واعلم أن بناء الحق وإرساء العدل أصعب من هدم الباطل والظلم ، لان البناء الصحيح يستوجب الصراحة والصدق مع النفس أولاً . واعلم أن ما جعل الصحابة يرتفعون كالأساطير ليس أنهم كانوا يكثرون الصلاة والصيام ، بل لأنهم كانوا يتحرون الحق والعدل على أنفسهم أولاً ، وكانوا مستعدين للوقوف في وجه من يسرق أو يغش المسلمين أو دولتهم أو مدينتهم ولو كانوا آبائهم أو إخوانهم أو أصدقائهم أو جيرانهم .
وهذا لا يعني أن الدولة في معزل عن أداء دورها ، فهناك من الناس من لا تصلحه وتردعه لا نصيحه ولا وازع ديني أو خلقي . فالدور هنا مشترك ، وان كان الدور على السلطات والحكومة أكثر ، فالإصلاح هنا يأتي من القمة ومن الهرم ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون خير مثال ، فعندما صلحت القيادة وكانت مثالاً يحتذى في الإصلاح دون اعتبار لقرابة أو صداقة أو نسب كقوله صلى الله عليه وسلم : " والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها " . ، نعم صلحت القاعدة ( الصحابة وبقية المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين ) حتى تعجب من عمر بن الخطاب وقت إمارته للمسلمين من أمانة الجنود الذين جلبوا له كنور كسرى من أموال وذهب وجواهر دون أن يمسوا منها شيئاً فأزال علي ابن طالب عجب عمر بقوله : لو ملت لمالوا " .
ومع كل هذا لابد من حزم الدولة بالقانون وشرعيته دون انتهاك لآدمية وحقوق الناس ، فهذا الفساد المستشري في القلوب والصدور قبل الأفعال لهو الخطر الأول على بلدنا . وهناك من الناس من لا يتغير ولو كان على رأس ووزرائها أنبياء الأرض .
وهذا لا يعني أننا نطعن في الليبيين مجتمعين ، فنعلم أنا منهم الصالحين والشرفاء ، إلا أنه يجب أن تعترف أنهم قلة ، فيجب علينا زيادة هذه النسبة ، مع أن تكون رجالات الدولة مثالاً في ذلك ، ومع الحزم بالقانون مع من يحاول غش الليبيين أو نهب أموالهم ، فهذا لعمري لهو عدوهم الأول بغض النظر عن قرابته أو صداقته أو قبيلته أو مدينته أو مذهبه السياسي أو الفكري .