من تاريخ إذاعة بنغازي المسموعة 1957

بدأ البث الإذاعي بمدينة بنغازي في عهد الإدارة العسكرية البريطانية .. وتحديدا من معسكر الجيش البريطاني في منطقة البركة والذي كان يسمى معسكر الريمي (Reme) وكان موقعه في المكان الذي توجد به حاليا الجامعة المفتوحة. وخلال تلك السنوات كان اقتناء جهاز الراديو مقصورا على عدد محدد من عائلات المدينة. بسبب الظروف الإقتصادية التي مرت بها البلاد نتيجة الحرب والإحتلال .. ولذلك كان المترددون على المقاهي المنتشرة في المدينة يستمعون إلى الأخبار والأغاني من خلال راديوات المقاهي ومن أشهر الماركات المنتشرة منها كانت ماركة فيليبس وبوش، وكان المواطنون يستمعون إلى إذاعات القاهرة ولندن والشرق الأدنى وغيرها.

* إذاعة الجيش المحلية :
في معسكر الريمي (Reme) وهو معسكر ورش الجيش البريطاني كانت توجد إذاعة محلية تابعة للجيش تبث الأخبار السياسية والبرامج باللغة الإنجليزية. وفي نهاية عام 1948 اتفق المستر ريد مدير مكتب الإستعلامات البريطاني مع مسؤل إذاعة الجيش المحلية على تخصيص فترة من البرنامج اليومي للبث باللغة العربية وتم تحديدها بنصف ساعة مساء كل يوم. وبدا البث في حجرة صغيرة بها لوحة مفاتيح وناقل صوت. وكان النداء الرسمي للإذاعة هو (إذاعة بنغازي اللاسلكية).

كان مكتب الإستعلامات البريطاني يشرف على بث البرامج طوال أربعة أيام من الأسبوع، ثم بدأ المعهد الثقافي الأمريكي بالإشراف على البث خلال الثلاثة أيام الأخرى من الأسبوع وذلك بالإتفاق مع الجانب البريطاني.
كان البث باللغة العربية يبدأ مساء من الساعة 5.45 ويستمر حتى الساعة 5.55 ويشمل القرآن الكريم ونشرة الأخبار وبعض البرامج والأغاني. وقد نشرت صحيفة برقة الجديدة في عددها الصادر بتاريخ 2/11/1949 إعلانا صغيرا يبين فقرات البرنامج الإذاعي كالتالي:

برنامج الإذاعة :
الإربعاء 2/11/1949
الساعة 5.45 قرآن كريم
الساعة 5.50 نشرة الخبار
الساعة 5.55 ما يطلبه المستمعون
الساعة 6.15 ختام

الخميس 3/11/1949
الساعة 5.45 نشرة الأخبار
الساعة 5.54 أغنية لأم كلثوم
الساعة 6.00 تعليم الإنجليزية بالراديو (إعادة الدرس الخامس)
الساعة 6.15 ختام

واستمر البرنامج المسائي لمدة نصف ساعة مع تغيير موعده قليلا فصار يبدأ من الساعة 5.30 ويستمر حتى الساعة 6.00. ونورد هنا الإعلان الذي نشرته صحيفة برقة الجديدة في عددها الصادر بتاريخ 24/4/1950:

الإثنين 24/4/1950
الساعة 5.30 نشرة الأخبار
الساعة 5.38 برنامج الأمم المتحدة لمكافحة المرض بالراديو
الساعة 5.52 حبيب العمر
الساعة 6.00 ختام

الثلاثاء 25/4/1950
الساعة 5.50 نشرة الأخبار
الساعة 5.38 موسيقى عبد الوهاب
الساعة 5.45 تعليم الإنجليزية بالراديو
الساعة 6.00 ختام

وباستمرار البرنامج المسائي زادت مدة البث حتى بلغت ثلاث ساعات إلاربع في اليوم وذلك على موجة متوسطة طولها 211 مترا ويبدأ من الساعة الرابعة مساء ويستمر حتى الساعة السادسة والدقيقة 45. وإضافة للبرنامج المسائي شرعت الإذاعة المحلية اعتبارا من 1/2/1954 في بث برنامج قصيرلفترة الظهيرة يستغرق ربع ساعة ويبدأ من الساعة 12.00 ويستمر حتى الساعة 12.15 على موجة قصيرة طولها 41 مترا، ويتضمن آيات من الذكر الحكيم ونشرة الأخبار الصباحية. وكان الغرض من هذا البرنامج نشر الأخبار لتصل إلى المناطق النائية عن بنغازي. وقد تمكن سكان المنطقة الشرقية من برقة من سماع هذا البرنامج كما سمعه سكان الجغبوب وغيرها من مناطق الجنوب.

وبتاريخ 30/7/1956 تغير موعد برنامج الظهيرة الخاص بالمناطق النائية وبدأت الإذاعة في بثه من الساعة الثالثة بعد الظهر ليستمر حتى الساعة الرابعة على نفس الموجة القصيرة 41 مترا يتواصل بعدها مباشرة البرنامج المسائي العادي على موجته المتوسطة 211 مترا.

وفي شهر رمضان وإضافة إلى برنامج البث المسائي المعتاد كانت الإذاعة المحلية تبث برنامجا ليليا يبدأ من الساعة الحادية عشرة والعشر دقائق مساء ويستمر حتى الساعة الواحدة والنصف صباحا بتوقيت مدينة بنغازي على موجة قصيرة طولها 60 مترا ومتوسطة طولها 211 مترا.

أما في أيام السبت من كل أسبوع فيكون البث الليلي خلال شهر رمضان من الساعة الثانية عشرة والنصف وحتى الساعة الواحدة والنصف صباحا على الموجتين القصيرة والمتوسطة.

كما كانت الإذاعة المحلية في شهر رمضان تذيع تسجيلا لإفادة الشهود أمام قضاة المحكمة الشرعية بخصوص رؤية هلال شهر رمضان.

* النواة الأولى للإذاعيين في بنغازي :

كانت البدايات الأولى للإذاعيين في مدينة بنغازي من خلال الإذاعة المحلية في معسكر الريمي، حيث التحقت مجموعة من الأفراد للعمل بالمجال الإذاعي، فشكلت النواة الأولى للإذاعيين في المدينة ونذكر من أوائل الملتحقين بالعمل الإذاعي:
محمود مخلوف الذي كان أول من التحق كمذيع لنشرة الأخبار، ثم محمد بن صويد الذي كان هو الآخر يقرأ نشرة الأخبار، والتحقت بعد ذلك مجموعة أخرى من الإذاعيين وهم:
ابراهيم اطوير - حميدة بن عامر - عبدالله عبدالمولى اطوير - مفتاح السيد الشريف - عيسى بالخير - عبداللطيف عيد الكالح - خديجة الجهمي - فرج الشريف - سعد اسماعيل - خالد محمود العبيدي - محمد المطماطي - بلقاسم بن دادو - رجب الشيخي - المبروك الورفلي - فاطمة العلاقي - أمينة الوداني.
وإلتحقت مجموعة من المتعاونين مع الإذاعة وهم: أحمد البيرة - فرج الشويهدي - محمد الزائدي.
في تلك الفترة قدمت الإذاعية حميدة بن عامر برنامج (ركن المرأة) الذي كان الأول من نوعه وكانت أول صوت نسائي ينطلق عبرالأثير، وقدم أحمد البيرة برنامج (ركن القصة)، كما قدمت الإذاعية خديجة الجهمي برنامج (اسهر معنا)، وبرنامج (صور من الماضي)، وأعدت برنامج (ركن الأطفال) الذي أذيع لأول مرة، وكانت أول مذيعة ليبية تقرأ نشرة الأخبار.
وقدم رجب الشيخي برنامج (ما يطلبه المستمعون)، وكان ابراهيم اطوير وبلقاسم بن دادو وخديجة الجهمي يسجلون الأخبار من المحطات الأخرى وينقلونها إلى الإذاعة المحلية لبثها. وقدم مفتاح السيد الشريف مجموعة برامج وتمثيليات من تأليفه وأدائه. كما قدم محمد الزائدي برنامج (روضة الأدب)، وقدم فرج الشويهدي برنامج (ركن الطلبة). وكان الإذاعي سعد اسماعيل يكتب التمثيليات الإجتماعية ويخرجها ومن ضمنها تمثيلية بعنوان (عالحديدة). كما كتب وأخرج بعض التمثيليات التي تناولت فترة جهاد الليبيين ومنها تمثيلية بعنوان (الصقر). وكان سعد اسماعيل يؤدي التمثيليات بصوته ومعه عبدالله عبد المولى وبلقاسم بن دادو يعاونهم بعض الطلاب من معهد التجارة.
وكان أول مقرئ للقرآن من خلال الإذاعة المحلية الشيخ محمود دهيميش. وأثناء فترة الراحة بين الفقرات كان الفنان علي الشعالية يعزف مقطوعات على القانون، وفي بعض الأحيان يؤدي الفنان علي الشعالية وصلات غنائية على الهواء مباشرة برفقة الفنان سليمان بن زبلح الذي كان عازفا للناي، وضابط الإيقاع الفنان رجب بوزنوكة، وكان مهندس الصوت في الإذاعة المحلية محمد علي التاجوري يقوم بأعمال التسجيل.
* افتتاح الإذاعة الليبية المسموعة :
في عام 1957 تكونت اللجنة العليا للإذاعة التابعة لوزارة المواصلات والتي كان الغرض منها تكوين إذاعة مسموعة ليبية، وأنشئ استوديو صغير في شارع الزاوية بطرابلس للإرسال والتسجيل، كما أنشئ مبنى صغير للبث في منطقة راس عبيدة بمدينة بنغازي.

وفي مساء يوم 28/7/1957 انطلق عبر الأثير صوت يعلن (هنا دار الإذاعة الليبية)، وبدأ البث بقوة إرسال 5 كيلو واط في طرابلس و10 كيلو واط في بنغازي. واستمر البث لمدة ثلاث ساعات متواصلة، وكانت برامج اليوم الأول كالتالي:
من الساعة الثامنة مساء إلى الساعة الثامنة والربع:
موسيقى النشيد الليبي
تلاوة آيات من الذكر الحكيم
كلمة وزير المواصلات

من الساعة الثامنة والربع إلى الساعة التاسعة إلاربع:
موسيقى من فرقة البوليس ومدرسة الفنون والصنائع

من الساعة التاسعة إلاربع إلى الساعة التاسعة:
حديث الأستاذ فؤاد الكعبازي رئيس اللجنة العليا للإذاعة

من الساعة التاسعة إلى الساعة التاسعة والنصف:
حديث عن الهجرة النبوية الشريفة للأستاذ عبدالقادر بوهروس
أغنية للسيدة أم كلثوم

من الساعة التاسعة والنصف إلى الساعة العاشرة:
تمثيلية عن الهجرة النبوية الشريفة من تأليف وإخراج الأستاذ عمر علي

من الساعة العاشرة إلى العاشرة والنصف:
ألحان معبرة .. برنامج غنائي للفنان كاظم نديم بن موسى

من الساعة العاشرة والنصف إلى الساعة الحادية عشر:
أناشيد ومدائح نبوية
تلاوة آيات من القرآن الكريم

* الفرقة الموسيقية في إذاعة بنغازي المسموعة :

قامت على دعائمه الفرقة الموسيقية في الإذاعة بمدينة بنغازي، ونذكر من أوائل أولئك الفنانين كل من:

- علي الشعالية - مطرب وملحن
- السيد بومدين - مطرب وملحن
- علي اقدورة - عازف وملحن
- سليمان بن زبلح - عازف وملحن
- رجب بوزنوكة - ضابط إيقاع
- سالم الواداوي - عازف
- فرج خميس - ضارب طار
- حسن عريبي - مطرب وملحن
- صبري الشريف - عازف وملحن
- طاهر عمر - مطرب وملحن
- محمد مختار - مطرب
- مصطفى المستيري - عازف
- سالم زايد - مطرب
- ابراهيم سواني - مطرب
- خيرية المبروك - مطربة
- سالم الرشداوي - مجموعة صوتية
- محمد جمعة الترهوني - مجموعة صوتية

وإلتحقت بعد ذلك مجموعة أخرى من الفنانين المبدعين الذين أثروا الفرقة بعطائهم مع زملائهم الذين سبقوهم، لتواصل الفرقة الموسيقية مسيرتها التي ناهزت نصف قرن من الزمن.