إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
مقالات مختارة : هيثم الدغري ....... حديقة الشهداء
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مقالات مختارة : هيثم الدغري ....... حديقة الشهداء
حديقة الشهداء
هيثم الدغري:
تزدان مدينة طرابلس، وأحسب أن كل المدن الليبية الأخرى كذلك، بصور شهداء الوطن الذين قدموا أرواحهم رخيصة مهراً لحرية الوطن وقرباناً لتحرر الشعب، وتمتلئ جل حوائط المدينة بأسمائهم وتواريخ استشهادهم، ولكن هل بهذه الطريقة فقط نفي هؤلاء الشهداء حقهم ونقدر لهم صنيعهم؟!
ولا أذيع سرا بالقول إن شعورا بالخجل يعتريني كل مرة وأظن أن الكثيرين كذلك عند رؤية صور شباب وشيوخ وحتى أطفال استشهدوا من أجل أن نعيش نحن، وبالتالي علينا أن نعيش حياتنا وحياتهم؛ فأرواحهم التي فقدوها ليست أرخص من أرواحنا ولا هم عند أهاليهم أقل منزلة منا عند أهالينا، ومع ذلك لم يبخلوا ولم يتوانوا في أن تزف أرواحهم لأعلى العليين ونحسبهم عند الله أحياء يرزقون، وهنا مربط الفرس وحيث إنهم أحياء بنص القرآن الكريم فغالب الظن أنهم يرون ويسمعون ما يحدث الآن في مختلف ربوع الوطن؛ فيا ترى ما يقولون؟ وبمَ يشعرون؟! وخصوصاً بعد أن تأسفنا جداً لسماع أكثر من أم شهيد تندم على دفعها لابنها إلى ساحة الوغى، حيث نقلت القناة المرئية الرسمية أكثر من شهادة لأسر شهداء يعبرون فيها عن استيائهم من الواقع المرير الذي يشهده بلدنا الحبيب هذه الفترة وأسفهم عن أرواح أبنائهم، وهذا ليس مرده ندمهم على مشاركة أبنائهم في إسقاط النظام السابق، فذاك كان واجبا على الجميع شرٌف به من شرف وفات نيله من فات لكن أسفهم ذاك خوفا من أن تذهب تضحياتهم سُدى وأن تكون أرواح أبنائهم ضاعت هباء.
وهنا يعتريني فضول للتساؤل حول عدم شعور البعض بالخجل وهم يتاجرون بدم الشهداء ويضعون العصي في العجلة ويعيقون أي محاولة للتقدم ولو خطوة إلى الأمام بعد أن سقطت الأقنعة وتكشفت النوايا وسال اللعاب على المال واستشرى النهم على السلطة وحب الجاه والسعي وراء النفوذ، فلم تستطع الدولة أن تتقدم ولو قيد أنملة في أي من المسارات التي تستوجب ضرورات المرحلة السير فيها قدما، إلا أن أولئك الذين لا يفتأون يفتعلون المشاكل هنا وهناك ويعيثون في الأرض فسادا، من سلب ونهب وتبديد للمال العام.. ألا يخجلون من دم الثوار ونحيب الأمهات وعويل الأرامل وبكاء الأطفال؟ ألا ينتابهم شعور بالخزي حين تقع عيونهم على صور الشهداء؟
ولا يكون في الحديث مبالغة بالقول إننا بتنا نشعر بأن عيون الشهداء تكلمنا وألسنتهم تخاطبنا لتسمعنا أصواتهم تصيح بنا "اتقوا الله يا بشر".
إن هؤلاء الشهداء الذين ارتوت بدمائهم الطاهرة أرض الوطن وملأت أنفاسهم الزكية ربوعه جعلوا في أعناقنا أمانة إكمال المسيرة وإتمام المشوار، ويكون واجبا علينا أن نكرمهم بصورة تجلهم وتحقق تواصلا دائما بيننا وبينهم وبين الأرض التي سالت عليها دماؤهم وبطريقة تعود بفائدة معنوية ومادية على الوطن وعلى أسرهم، ولكن يبقى السؤال كيف؟
وفي محاولة البحث عن أفضل طريقة وأحسن أسلوب استحضرت ذاكرتي مجموعة من المشاهد لمواقع وأماكن سبق أن زرتها في فترات سابقة حيث أذكر أنه استوقفني أثناء التنزه بحديقة Stratferd بكندا وجود لوحة معدنية على كل كراسي الاستراحة المنتشرة بالحديقة حيث تضم كل لوحة معلومات مختصرة عن شخص، وحقيقة لم يتسنّ لي معرفة هوية هؤلاء الأشخاص أو الهدف من وراء وضع أسمائهم، غير أنى أعتقد أن الأمر فيه نوع من التكريم لهؤلاء الأشخاص..
وتجدر الإشارة هنا إلى الراحة النفسية والشعور بالارتياح الذي تولدها تلك المسطحات الخضراء والطبيعة الخلابة، وعلها تكفى للإجابة عن التساؤل حول سر الابتسامة الدائمة المرسومة دوما على شفاه الناس هناك وخاصة لو قُورنت بعبوسنا المؤبد في وجه بعضنا البعض وقد يكون ذلك سببه الأرض الجرداء والطبيعة القاحلة التي نصبح عليها ونمسي؛ ولعل ذلك يدفع القائمين على الأمر اليوم للاهتمام بمثل هذه النقاط، كما تراءى أمامي مكان آخر زرته منذ مدة طويلة ورغم ذلك مازلت استحضر الشعور الذي انتابني حينها ألا وهو مقام الشهيد بالجزائر العاصمة وهو نصب تذكاري ضخم على جانبه مجمع تجاري ومقاهي؛ أيضا استحضرت جولتي بمجمع السيتي ستار بالقاهرة وما أدراك ما السيتي ستار، وأيضا القلعة بالقاهرة وهي عبارة عن متحف يجسد تاريخ مصر.
وهنا يمكن أن نصل إلى قناعة بعدم الحاجة لاختراع العجلة مجدداً فالعالم مفتوح والتجارب أمامنا فلا بأس من الاستفادة منها، وكنوع من التفكير بصوت مكتوب فالجميع يعلم أن الشهداء يوم خرجوا لدك أساس النظام السابق كان هدفهم جمعياً مقر باب العزيزية، منهم من كتبت له الشهادة وهو في الطريق، ومنهم من لقي وجه ربه على أبوابه، ومنهم من قدر له أن يدخله منتصراً واستشهد بعد ذلك في موقع آخر.. وبهذا نرى أن كل أرواحهم كانت تتوق لذلك المقر كونه يعتبر الحصن المنيع للنظام ورمز النظام، وسقوطه يعني سقوط النظام أي أنه لا يوجد ما هو أكثر إجلالا واستحقاقا من اسم "الشهداء" ليصير الاسم الجديد لهذا المكان، وحيث إن دماءهم سالت على تراب الوطن وأجسادهم سكنته وما دام هناك من يكرم الناس بوضع أسمائهم على كراسي صماء فلن نجد أفضل مما ذكر في القرآن لنكرمهم به ألا وهو النخيل، بحيث نكرم كل شهيد بان نزرع نخيلا بالحديقة وتسمى كل نخلة باسم شهيد ويوضع لوح أمام كل نخلة باسم الشهيد وصورته..
وحيث إنه طالما شكل سور باب العزيزية صورة قاتمة للوضع القائم حينها وكان الجدار الاسمنتي يخنق الليبيين ويضيق على صدورهم ويزرع اليأس في قلوبهم فلن نجد أفضل من أن تحاط الحديقة بالنخيل ليرسم الصورة الزاهية عن الغد المأمول ويمدنا بالهواء النقي والمنظر الآسر الذي يزرع في النفوس الأمل وتحويل الجزء المتبقي من السور الذي لم يهدم إلى أكبر جدارية مفتوحة للتعبير عن الرأي والرسم الحر المفتوح لكل من يريد بحيث يكون السور مساحة مفتوحة أمام كل من يريد في العالم أن يعبر عن رأيه أو يطلق العنان لإبداع ريشته.
وحيث إن شهداء الوطن ليسوا فقط شهداء حرب التحرير يتم العمل لتكون حديقة ترمز لكل شهداء الوطن فيتم تنسيقها بحيث تضم مجموعة من الحدائق الصغيرة أو ما يعرف بالجنائن بحيث يكون هناك جنان نوار وورد يرمز لضحايا أطفال الإيدز ببنغازي وجنان آخر لشهداء أبو سليم وجنان لضحايا مشانق السابع من ابريل وجنان خاص بالشهداء من العسكريين وأيضا مساحة تزرع بشجر الزيتون المبارك ترمز إلى شهداء ليبيا إبان الاحتلال الإيطالي وهكذا بحيث تكون الحديقة معلما حضاريا يعرفه العالم أجمع ليشهد على تضحيات الشعب الليبي يعبر من خلالها عن امتنانه وتقديره لكافة التضحيات التي بدلت عبر تاريخ الوطن.
وغالب الظن أنه ليس صعبا تحويل ذلك المكان إلى حديقة كبيرة تسمى بحديقة الشهداء تصمم وتنفذ على أحدث المواصفات العالمية بحيث تصبح علامة فارقة ليس على المستوى الإقليمي فحسب بل على المستوى العالمي حيث يتم الاستفادة من تلك المساحة الشاسعة التي تقع فى مكان مميز بالعاصمة طرابلس لتحويلها إلى معلم حضاري يضم مجمعا تجاريا ضخما وفندقا وملاعب صغيرة لممارسة مختلف أنواع الرياضة أو مسرحا، وكذلك يقام متحف يروي رحلة كفاح الشعب الليبي بحيث تعرض فيه مجموعة من المقتنيات والصور التي توثق حرب التحرير وكون الموقع بالقرب من الميناء يمكن ان يكون معلماً سياحيا يمكن ان يستغل ليكون مصدرا للدخل بحيث يخصص جزء من هذا الاستثمار لأسر الشهداء والمفقودين ويفتح مجالات كبيرة للاستثمار إضافة إلى فرص العمل العديدة والمتنوعة التي يمكن ان يوفرها مثل هذا المشروع.
حقيقة قد يكون الحديث عن مشاريع استثمارية والبحث عن ما قد يعتبره البعض من الكماليات والبعض الآخر قد يراه خروجا عن النص أو تغريداً خارج السرب وسط الفوضى العارمة التي نتخبط فيها وحالة انعدام التوازن التي نعيشها لكن لا أجد ردا على هؤلاء أو أولئك سوى القول انه الأمل فى الغد الأفضل والمستقبل المشرق ان كان هذا مقنعا لهم فبها وإلا فليعتبروها شطحة من شطحات من اعتقد ذات يوم أنه لا يوجد مستحيل وأن الشمس وان طال غيابها فإنها ستشرق من جديد.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
dude333- مشرف المنتدى السياسي
-
عدد المشاركات : 5593
العمر : 55
رقم العضوية : 9508
قوة التقييم : 36
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
رد: مقالات مختارة : هيثم الدغري ....... حديقة الشهداء
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
amol- مستشار
-
عدد المشاركات : 36762
العمر : 43
رقم العضوية : 2742
قوة التقييم : 9
تاريخ التسجيل : 14/08/2010
مواضيع مماثلة
» مقالات مختارة : هل يجرؤن؟
» مقالات مختارة : السبعطاشات فبرايريات
» مقالات مختارة : كلام من ذهب
» مقالات مختارة : أمّ في جحيم القذافي
» مقالات مختارة : ديمقراطية الإخوان...!!!
» مقالات مختارة : السبعطاشات فبرايريات
» مقالات مختارة : كلام من ذهب
» مقالات مختارة : أمّ في جحيم القذافي
» مقالات مختارة : ديمقراطية الإخوان...!!!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
اليوم في 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
اليوم في 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
اليوم في 8:36 am من طرف STAR
» الصلاة علي رسول الله+الاستغفار+ذكر الشهادة+كفارة المجلس
اليوم في 8:34 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
أمس في 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR
» صلى عليك الله
2024-10-30, 12:39 pm من طرف dude333
» 5 جزر خالية من السيارات
2024-10-26, 9:02 am من طرف STAR