إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
مقالات مختارة : هل يجرؤن؟
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مقالات مختارة : هل يجرؤن؟
التاريخ : 2012-10-17
وفاء البوعيسي: هل يجرؤن؟
تابع الجميع بالطبع, ردود فعل المسلمين, شجباً ورفضا للفيلم, الذي أفصح من أول خمس ثوان, أنه بذيء, عنصري وشديد الضحالة, ويعكس حقداً وغضباً مسعورين, على الإسلام والمسلمين, أكثر مما يعكس موضوعية ما, وسرعان ما استدعى "المخيال الإسلامي", صور اضطهاده, والكيد لدينه, ونبيه, وقرآنه بالغرب الكافر, سيما أميركا التي خرج منها الفيلم, وسرعان ما اسُتدعيت صور المسلمات المقتولات, بسبب ارتدائهن الحجاب, وبرامج التلفزيون, والمقالات, و"الكاريكاتيرات" المسيئة للإسلام وللنبي الكريم, ومحاباة الغرب لليهود, من خلال العقاب على مجرد التشكيك, في مجازر النازية ضدهم, وللمسيحيين أيضاً, بقيام فرنسا تحديداً بنفس الشيء, حيال مجازر تركيا ضد الأرمن, بأوائل القرن الماضي, وطبعاً ارتفع الصراخ بأن الغرب يحقد على المسلمين, ولا يتورع عن اضطهادهم, والتلذذ بالإساءة لمشاعرهم, والتهب الشارع العربي والإسلامي, وانفجرت موجات عنف, ضد الأشخاص والمباني والممتلكات, ولم ينسَ ذلك التيار, التذكير بتسامح الإسلام, واحترامه لباقي الديانات ورموزها, وأنه لا ينزلق أبداً للإساءة لأيٍ منها, لأن ذلك يدخل ضمن إطار إيمانه هو بها, وأخيراً برز صوت هاديء ملتزم, رصين, يطلب العمل على رص الصفوف, للمطالبة دولياً بتجريم الإساءة للأديان, ورموزها, وكتبها, وأنبيائها, وإخراج نقد الأديان عموماً, من منظومة حرية التعبير, وحراستها بتجريم كل من يتعرّض لها بالسخرية, أو النقد, وتقديم طلب رسمي بذلك للأمم المتحدة .
والحقيقة أنني أرغب بتناول الموضوع من ناحيتين, الأولى: مدى صحة القول بتعرض المسلمين للاضطهاد, والعداء دوناً عن غيرهم, والثانية: مترتبات المطالبة بتجريم الإساءة للأديان عالمياً.
الناحية الأولى: مدى صحة القول بتعرض المسلمين للإضطهاد والعداء دوناً عن غيرهم.
أولاً, التهويل بالرمي بالعداء للإسلام :
لطالما اعتُبرت أميركا على رأس الدول, التي تعتبر معاديةً للإسلام, بسبب تصدّرها لما تسميّه الحرب على الإرهاب, وتدخلها في بلدان مسلمة, كأفغانستان والعراق, تحت هذه الذرائع بالبداية, وما تمخض عن تدخلها من نتائج.
لكن واقع سجلات مكتب التحقيقات الفيدرالي ( FBI ), يذهب لتقديم مفاجأة لنا جميعاً, حين يرصد نسبة ضحايا جرائم الكراهية الدينية, ليسجل رقما ملوساً, رُصد ضد اليهود, وليس ضد المسلمين, حتى بعد الحادي عشر من سبتمبر, فقد بلغت نسبة الجرائم ضدهم سنة 2010, لكونهم يهوداً بالذات 67 % , من إجمالي جرائم الكراهية الدينية, ضد كل الطوائف وحتى الملحدين, في حين بلغت نسبة الجرائم, التي رُصدت ضد المسلمين, لكونهم مسلمين بالذات 12.7 % فقط, من إجمالي تلك الجرائم, أما مُجمل جرائم الكراهية كلها, عن سنة 2010, فكانت 1552 جريمة لا غير, وللتثبت أنقر هنا, http://www.fbi.gov/about-us/cjis/ucr/hate-crime/2010/narratives/hate-crime-2010-victims
وإذا عرفنا أن تعداد الأمة الأميركية, يبلغ حوالي 300.000.000 نسمة, فيمكن إذاً إجراء "حسبة" صغيرة, بين تعداد السكان الإجمالي, وبين الرقم المسجل كجرائم كراهية عموماً, وهي فقط 1552 جريمة, ليتبين أنه رقم مهمل, ويأتي دون الصفر بالمئة, عند إعداد إحصائية مئوية لإجمالي عدد السكان, ورقم قليل بالنسبة لعدد الجرائم بشكل عام, ليعكس أنه من قبيل التهويل جداً, اتهام أميركا أو الشعب الأميركي, بتنامي عدائه للإسلام والمسلمين وحدهم, ويمكن تتبع نسب جرائم الكراهية عبر عدة سنوات نزولاً, بالبحث بالموقع ليظهر أن اليهود دائماً, ظفروا بالنسبة الأعلى.
والحقيقة أنه إن كان لأحد, أن يتحدث عن تاريخ طويل, من العداء الديني بأميركا, فهم اليهود بالدرجة الأولى, وهذا ليس اعتمادا على النسب الواردة بالموقع, بل على حقاق لعل بعضنا يعرفها, فمثلاً وحتى منتصف القرن المنصرم, حدّدت الجامعات الأميركية العلمية, وعلى رأسها جامعة كولومبيا, حصة اليهود في الإنخراط بتلك الجامعات, بمقدار ضئيل جداً, ما دفع مئات الآلاف منهم للحضور لأوربا للدراسة, ولعل البعض قد سمع بالأب كولينج الكاثوليكي الطائفة, الذي كان يؤجج الحشود ـ حتى منتصف القرن المنصرم فقط ـ أكثر مما كان يفعل مجايله فرانكلين روزفلت, فكان يحرك العوام من المسيحيين المتطرفين, والشارع الأميركي ضد اليهود هناك, ويمتدح علانيةً, النازية الألمانية في قتلهم وطردهم, وحتى الخمسينيات ربما, كان ثمة خطة هادئة وحازمة, لإستبعاد اليهود من تولي أية وظائف, تنفيدية أو إدارية أو قيادية بالدولة, بما يستهدف إبعادهم من التيار الأميركي العام, لكن المسلمين لحسن الحظ, لم يُقابلوا داخل أميركا, بما قوبل به اليهود, من تحديد لحصصهم بالجامعات, ولا عزلهم عن المشاركة في التيار العام, وإن كان يمكن الحديث عن خروقات أميركية لاحقة بفلسطين, من تجاهل لحق الشعب الفلسطيني, وحقه بالحياة على أرضه, والانحياز لإسرائيل ويهودها, وهو أمر قالت أطرف أميركية, غير محسوبة على الرأي الرسمي, إن الهدف منه أصلاً, هو إبعاد اليهود عن أميركا, وتوطينهم هناك بأرض الميعاد, لتتخلص من وجودهم على أراضيها.
وأياً ما كان الأمر, فإن عداء أميركا للمسلمين, جاء متأخرا جداً, حين وقعت أحداث 11 سبتمبر 2001, وأن إحصاءات ضحايا الكراهية الدينية داخل أميركا, هي قليلة بالمجمل, وأن أكثر ضحاياها ليسوا من المسلمين, بما يعكس وجود أجواء متسامحة إزاء الإسلام, وإزاء سائر الطوائف والديانات هناك.
ثانياً, الموقف الفرنسي الأميركي بتجريم الحديث عن مجاز اليهود أو الأرمن:
إن موقف فرنسا وأميركا من مجازر اليهود, يشكل انتكاسة حقيقية بنظري, لقيم الديموقراطية واحترام حقوق الانسان, فهما حين تفعلان ذلك, إنما تمنعان الآخر المقابل من مناقشة التاريخ, ومن التدليل على صدقيته من عدمها, بل إنهما تفترضان اتهامه من دون بيّنة, ولا تمنحانه حتى حق الدفاع عن نفسه, ولعل الجميع يعرف أن فرنسا, قد غرّمت مواطنها الفرنسي المسلم روجيه غارودي, بدفع غرامة طائلة, لتجر ّ ؤه على التشكيك بعدد ضحايا النازية من اليهود, وها هي من عدة أشهر فقط, تتّبع نفس الأسلوب غير الديموقراطي, بمنع أياً كان, من التشكيك في مذابح المسيحيين الأرمن, التي تدعي أن تركيا العثمانية, قد اقترفتها ضدهم, بسبب الاختلاف في الدين, وتصر على تقديم رقم مهول جداً للضحايا, والحقيقة أن ثمة الكثير, مما يقال بشأن الأرمن, من حيث عدد ضحاياهم, ومن حيث الباعث على تهجيرهم, ما يبطل الموقف الفرنسي برمته من تركيا, غير أن المقام لا يتسع لتناوله هنا, لكنني إنما تحدثت عن كل هذا, لأسأل المسلمين الذين يعارضون فرنسا وأميركا موقفهما, من تجريم الخوض في التاريخ, إن كانوا هم بالذات يسمحون بمناقشة تاريخهم, أو يسمحون بالخوض فيه بالمراجعة والنقد, كالحديث عن أول حرب أهلية, وقعت ببلاد المسلمين, بُعيد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام, بين علي ومعاوية رضي الله عنهما, وهل يسمحون لنا, بالذهاب لغاية تلك الأقاصي, لنقد تصرفات أتاها خالد بن الوليد, اعتُبرت من قبيل الكبائر, وتجاوز عنها أبو بكر الصديق في حينها, هل يمكن أن يتحدث أي أحد من المسلمين أو غيرهم, عن أخطاء بعض أمهات المؤمنين , ومنهم السيدة عائشة, أو الصحابة الأوائل, وبعض العشرة المبشرين بالجنة وعثراتهم, أم سينتهي الأمر بالحكم بتكفير وحز عنق من يفعل ذلك, عوض حتى عن تكبيله, بغرامة طائلة كما حدث مع غارودي؟ !
الناحية الثانية: مترتبات المطالبة بتجريم الإساءة للأديان عالمياً.
بمناسبة المساعي, لتقديم طلب للأمم المتحدة, بضرورة احترام الأديان, وإخراجها من دائرة حرية التعبير, وتجريم مختلف أشكال الإساءة إليها, فلابد من أن يبرز سؤالين, لا مناص من طرحهما بحال من الأحوال وهما: هل سيطلب المسلمين إحترام الأديان السماوية وحدها, باعتبارها تحظى باحترامهم واعترافهم, أم سسيشمل ذلك كافة الأديان بلا تفريق بين وضعي أو سماوي, وإذا ما صدر قانون كهذا, هل يستطيع المسلمون حقاً , تحمل تكلفة إصداره, وتطبيقه على أنفسهم قبل غيرهم؟
بوضع هذين السؤالين موضع الاعتبار, سيكون من المنطقي جداً, طرح أسئلة من نوع:
هل سيمتنع مشائخ الإسلام من أقصى الأرض إلى أقصاها, عن رمي المسيحية واليهودية بالتزوير والانتحال؟ هل سيمتنعون عن الدعاء كل جمعة, على اليهود الغاصبين لبيت المقدس, هل سيتوقفون عن القول, إنهم حفدة القردة والخنازير, وأنهم أفعاعٍ وشذاذ آفاق؟ ثم هل سيتم السماح لهم, بإقامة شعائرهم التعبدية ببلدانهم؟ هل يمكن أن نرى كنيسة مسيحية, أو كنيس يهودي بمكة المكرمة؟ وهل يُتصور قبولهم بالدوروز, الذ ي ن يقتربون من الإسلام في التوحيد, ويبتعدون عنه في الإيمان بمحمد ابن عبد الله حصراً وقصراً؟ هل سيتقبل المسلمون بشجاعة وسعة صدر, وجود معابد للصابئة, والبوذيين, والهندوس, والمجوس, والأزيديين, وعبدة الشيطان, والمعمدانيين, وعبدة الشمس, والفئران, وفرج المرأة, هل يجرؤون فعلاً, على تحمل تكلفة تجريم المساس بالأديان الأخرى, وطوائفها, ورموزها, وكتبها, ومعتقداتها, وتكلفة وجود معابدها بالخليج والسعودية وإيران وشمال أفريقيا, والتسامح حيالهم وحيال معتقداتهم بنفس القدر, الذي يطالبون الآخرين به حيالهم؟
والأهم من هذا وذاك, هل ستسمح التيارات الإسلامية, بعضها لبعض, بممارسة شعائرها وطقوسها بتسامح, كأن تسمح التيارات السنُية, بمعظم البلدان العربية, بإقامة مجالس حُسينية ولطميات للشيعة, فتسمح لهم بآداء شعائر النواح, وطقوس الفجيعة في عاشوراء, هل ستسمح لهم بتطبيق مذهبهم في زواج المتعة, هل ستسمح لهم بإقامة ضريح رمزي, لأبي لؤلؤة المجوسي, قاتل عمر بن الخطاب, ليحجوا إليه كل عام, ليدعون هناك بالويل والثبور, على الصدّيق والفاروق وذي النورين, من دون تضييق وتكفير, وتقبل بتخريجاتهم ومعتقدهم بشأن المهدي المنتظر, وبأن المرجع الأعلى للمذهب, هو نائب المهدي حتى يعود من غيبته؟ وهل يمكن أن نرى, حضوراً ملحوظاً لمساجد وخلوات سنُية بإيران؟ وهل ستسمح التيارات الشيعية البارزة بالعراق مثلاً, بإنشاء مدارس وخلاوات فقهية, لتدريس المذهب السنُي, والتصريح بأنهم لا يؤمنون بالأئمة الإثنا عشرية, وتقبل بالتيار الذي يعتقد بوجوب هدم القبور والقِباب, وازدراء الآثار والفن التشكيلي؟ هل سيسمح الطرفان معاً, بتقبل فكر ومرجعيات الخوارج, من تكفيرهم للصحابة, والقول بتكفير وقتل العاصي مرتكب الكبيرة, وهل سيقبل ثلاثتهم بالطائفة الإسماعيلية, وطائفة الحشاشين ..... الخ, هل سيجرؤ المسلمون فعلاً وقولاً, على تحمل تكلفة ما يترتب على احترام الأديان من نتائج؟!
وفاء البوعيسي
والحقيقة أنني أرغب بتناول الموضوع من ناحيتين, الأولى: مدى صحة القول بتعرض المسلمين للاضطهاد, والعداء دوناً عن غيرهم, والثانية: مترتبات المطالبة بتجريم الإساءة للأديان عالمياً.
الناحية الأولى: مدى صحة القول بتعرض المسلمين للإضطهاد والعداء دوناً عن غيرهم.
أولاً, التهويل بالرمي بالعداء للإسلام :
لطالما اعتُبرت أميركا على رأس الدول, التي تعتبر معاديةً للإسلام, بسبب تصدّرها لما تسميّه الحرب على الإرهاب, وتدخلها في بلدان مسلمة, كأفغانستان والعراق, تحت هذه الذرائع بالبداية, وما تمخض عن تدخلها من نتائج.
لكن واقع سجلات مكتب التحقيقات الفيدرالي ( FBI ), يذهب لتقديم مفاجأة لنا جميعاً, حين يرصد نسبة ضحايا جرائم الكراهية الدينية, ليسجل رقما ملوساً, رُصد ضد اليهود, وليس ضد المسلمين, حتى بعد الحادي عشر من سبتمبر, فقد بلغت نسبة الجرائم ضدهم سنة 2010, لكونهم يهوداً بالذات 67 % , من إجمالي جرائم الكراهية الدينية, ضد كل الطوائف وحتى الملحدين, في حين بلغت نسبة الجرائم, التي رُصدت ضد المسلمين, لكونهم مسلمين بالذات 12.7 % فقط, من إجمالي تلك الجرائم, أما مُجمل جرائم الكراهية كلها, عن سنة 2010, فكانت 1552 جريمة لا غير, وللتثبت أنقر هنا, http://www.fbi.gov/about-us/cjis/ucr/hate-crime/2010/narratives/hate-crime-2010-victims
وإذا عرفنا أن تعداد الأمة الأميركية, يبلغ حوالي 300.000.000 نسمة, فيمكن إذاً إجراء "حسبة" صغيرة, بين تعداد السكان الإجمالي, وبين الرقم المسجل كجرائم كراهية عموماً, وهي فقط 1552 جريمة, ليتبين أنه رقم مهمل, ويأتي دون الصفر بالمئة, عند إعداد إحصائية مئوية لإجمالي عدد السكان, ورقم قليل بالنسبة لعدد الجرائم بشكل عام, ليعكس أنه من قبيل التهويل جداً, اتهام أميركا أو الشعب الأميركي, بتنامي عدائه للإسلام والمسلمين وحدهم, ويمكن تتبع نسب جرائم الكراهية عبر عدة سنوات نزولاً, بالبحث بالموقع ليظهر أن اليهود دائماً, ظفروا بالنسبة الأعلى.
والحقيقة أنه إن كان لأحد, أن يتحدث عن تاريخ طويل, من العداء الديني بأميركا, فهم اليهود بالدرجة الأولى, وهذا ليس اعتمادا على النسب الواردة بالموقع, بل على حقاق لعل بعضنا يعرفها, فمثلاً وحتى منتصف القرن المنصرم, حدّدت الجامعات الأميركية العلمية, وعلى رأسها جامعة كولومبيا, حصة اليهود في الإنخراط بتلك الجامعات, بمقدار ضئيل جداً, ما دفع مئات الآلاف منهم للحضور لأوربا للدراسة, ولعل البعض قد سمع بالأب كولينج الكاثوليكي الطائفة, الذي كان يؤجج الحشود ـ حتى منتصف القرن المنصرم فقط ـ أكثر مما كان يفعل مجايله فرانكلين روزفلت, فكان يحرك العوام من المسيحيين المتطرفين, والشارع الأميركي ضد اليهود هناك, ويمتدح علانيةً, النازية الألمانية في قتلهم وطردهم, وحتى الخمسينيات ربما, كان ثمة خطة هادئة وحازمة, لإستبعاد اليهود من تولي أية وظائف, تنفيدية أو إدارية أو قيادية بالدولة, بما يستهدف إبعادهم من التيار الأميركي العام, لكن المسلمين لحسن الحظ, لم يُقابلوا داخل أميركا, بما قوبل به اليهود, من تحديد لحصصهم بالجامعات, ولا عزلهم عن المشاركة في التيار العام, وإن كان يمكن الحديث عن خروقات أميركية لاحقة بفلسطين, من تجاهل لحق الشعب الفلسطيني, وحقه بالحياة على أرضه, والانحياز لإسرائيل ويهودها, وهو أمر قالت أطرف أميركية, غير محسوبة على الرأي الرسمي, إن الهدف منه أصلاً, هو إبعاد اليهود عن أميركا, وتوطينهم هناك بأرض الميعاد, لتتخلص من وجودهم على أراضيها.
وأياً ما كان الأمر, فإن عداء أميركا للمسلمين, جاء متأخرا جداً, حين وقعت أحداث 11 سبتمبر 2001, وأن إحصاءات ضحايا الكراهية الدينية داخل أميركا, هي قليلة بالمجمل, وأن أكثر ضحاياها ليسوا من المسلمين, بما يعكس وجود أجواء متسامحة إزاء الإسلام, وإزاء سائر الطوائف والديانات هناك.
ثانياً, الموقف الفرنسي الأميركي بتجريم الحديث عن مجاز اليهود أو الأرمن:
إن موقف فرنسا وأميركا من مجازر اليهود, يشكل انتكاسة حقيقية بنظري, لقيم الديموقراطية واحترام حقوق الانسان, فهما حين تفعلان ذلك, إنما تمنعان الآخر المقابل من مناقشة التاريخ, ومن التدليل على صدقيته من عدمها, بل إنهما تفترضان اتهامه من دون بيّنة, ولا تمنحانه حتى حق الدفاع عن نفسه, ولعل الجميع يعرف أن فرنسا, قد غرّمت مواطنها الفرنسي المسلم روجيه غارودي, بدفع غرامة طائلة, لتجر ّ ؤه على التشكيك بعدد ضحايا النازية من اليهود, وها هي من عدة أشهر فقط, تتّبع نفس الأسلوب غير الديموقراطي, بمنع أياً كان, من التشكيك في مذابح المسيحيين الأرمن, التي تدعي أن تركيا العثمانية, قد اقترفتها ضدهم, بسبب الاختلاف في الدين, وتصر على تقديم رقم مهول جداً للضحايا, والحقيقة أن ثمة الكثير, مما يقال بشأن الأرمن, من حيث عدد ضحاياهم, ومن حيث الباعث على تهجيرهم, ما يبطل الموقف الفرنسي برمته من تركيا, غير أن المقام لا يتسع لتناوله هنا, لكنني إنما تحدثت عن كل هذا, لأسأل المسلمين الذين يعارضون فرنسا وأميركا موقفهما, من تجريم الخوض في التاريخ, إن كانوا هم بالذات يسمحون بمناقشة تاريخهم, أو يسمحون بالخوض فيه بالمراجعة والنقد, كالحديث عن أول حرب أهلية, وقعت ببلاد المسلمين, بُعيد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام, بين علي ومعاوية رضي الله عنهما, وهل يسمحون لنا, بالذهاب لغاية تلك الأقاصي, لنقد تصرفات أتاها خالد بن الوليد, اعتُبرت من قبيل الكبائر, وتجاوز عنها أبو بكر الصديق في حينها, هل يمكن أن يتحدث أي أحد من المسلمين أو غيرهم, عن أخطاء بعض أمهات المؤمنين , ومنهم السيدة عائشة, أو الصحابة الأوائل, وبعض العشرة المبشرين بالجنة وعثراتهم, أم سينتهي الأمر بالحكم بتكفير وحز عنق من يفعل ذلك, عوض حتى عن تكبيله, بغرامة طائلة كما حدث مع غارودي؟ !
الناحية الثانية: مترتبات المطالبة بتجريم الإساءة للأديان عالمياً.
بمناسبة المساعي, لتقديم طلب للأمم المتحدة, بضرورة احترام الأديان, وإخراجها من دائرة حرية التعبير, وتجريم مختلف أشكال الإساءة إليها, فلابد من أن يبرز سؤالين, لا مناص من طرحهما بحال من الأحوال وهما: هل سيطلب المسلمين إحترام الأديان السماوية وحدها, باعتبارها تحظى باحترامهم واعترافهم, أم سسيشمل ذلك كافة الأديان بلا تفريق بين وضعي أو سماوي, وإذا ما صدر قانون كهذا, هل يستطيع المسلمون حقاً , تحمل تكلفة إصداره, وتطبيقه على أنفسهم قبل غيرهم؟
بوضع هذين السؤالين موضع الاعتبار, سيكون من المنطقي جداً, طرح أسئلة من نوع:
هل سيمتنع مشائخ الإسلام من أقصى الأرض إلى أقصاها, عن رمي المسيحية واليهودية بالتزوير والانتحال؟ هل سيمتنعون عن الدعاء كل جمعة, على اليهود الغاصبين لبيت المقدس, هل سيتوقفون عن القول, إنهم حفدة القردة والخنازير, وأنهم أفعاعٍ وشذاذ آفاق؟ ثم هل سيتم السماح لهم, بإقامة شعائرهم التعبدية ببلدانهم؟ هل يمكن أن نرى كنيسة مسيحية, أو كنيس يهودي بمكة المكرمة؟ وهل يُتصور قبولهم بالدوروز, الذ ي ن يقتربون من الإسلام في التوحيد, ويبتعدون عنه في الإيمان بمحمد ابن عبد الله حصراً وقصراً؟ هل سيتقبل المسلمون بشجاعة وسعة صدر, وجود معابد للصابئة, والبوذيين, والهندوس, والمجوس, والأزيديين, وعبدة الشيطان, والمعمدانيين, وعبدة الشمس, والفئران, وفرج المرأة, هل يجرؤون فعلاً, على تحمل تكلفة تجريم المساس بالأديان الأخرى, وطوائفها, ورموزها, وكتبها, ومعتقداتها, وتكلفة وجود معابدها بالخليج والسعودية وإيران وشمال أفريقيا, والتسامح حيالهم وحيال معتقداتهم بنفس القدر, الذي يطالبون الآخرين به حيالهم؟
والأهم من هذا وذاك, هل ستسمح التيارات الإسلامية, بعضها لبعض, بممارسة شعائرها وطقوسها بتسامح, كأن تسمح التيارات السنُية, بمعظم البلدان العربية, بإقامة مجالس حُسينية ولطميات للشيعة, فتسمح لهم بآداء شعائر النواح, وطقوس الفجيعة في عاشوراء, هل ستسمح لهم بتطبيق مذهبهم في زواج المتعة, هل ستسمح لهم بإقامة ضريح رمزي, لأبي لؤلؤة المجوسي, قاتل عمر بن الخطاب, ليحجوا إليه كل عام, ليدعون هناك بالويل والثبور, على الصدّيق والفاروق وذي النورين, من دون تضييق وتكفير, وتقبل بتخريجاتهم ومعتقدهم بشأن المهدي المنتظر, وبأن المرجع الأعلى للمذهب, هو نائب المهدي حتى يعود من غيبته؟ وهل يمكن أن نرى, حضوراً ملحوظاً لمساجد وخلوات سنُية بإيران؟ وهل ستسمح التيارات الشيعية البارزة بالعراق مثلاً, بإنشاء مدارس وخلاوات فقهية, لتدريس المذهب السنُي, والتصريح بأنهم لا يؤمنون بالأئمة الإثنا عشرية, وتقبل بالتيار الذي يعتقد بوجوب هدم القبور والقِباب, وازدراء الآثار والفن التشكيلي؟ هل سيسمح الطرفان معاً, بتقبل فكر ومرجعيات الخوارج, من تكفيرهم للصحابة, والقول بتكفير وقتل العاصي مرتكب الكبيرة, وهل سيقبل ثلاثتهم بالطائفة الإسماعيلية, وطائفة الحشاشين ..... الخ, هل سيجرؤ المسلمون فعلاً وقولاً, على تحمل تكلفة ما يترتب على احترام الأديان من نتائج؟!
وفاء البوعيسي
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
dude333- مشرف المنتدى السياسي
-
عدد المشاركات : 5593
العمر : 55
رقم العضوية : 9508
قوة التقييم : 36
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
عبدالله النيهوم- مشرف منتدي ألبوم الصور
-
عدد المشاركات : 5352
العمر : 44
رقم العضوية : 9184
قوة التقييم : 27
تاريخ التسجيل : 30/12/2011
مواضيع مماثلة
» مقالات مختارة ::: انا الرئيس
» مقالات مختارة : حرق السفارات, هدف من؟
» مقالات مختارة : كلام من ذهب
» مقالات مختارؤ : الجهل وايادي خفية وراء الهجوم علي القنصلية ا
» مقالات مختارة : ديمقراطية الإخوان...!!!
» مقالات مختارة : حرق السفارات, هدف من؟
» مقالات مختارة : كلام من ذهب
» مقالات مختارؤ : الجهل وايادي خفية وراء الهجوم علي القنصلية ا
» مقالات مختارة : ديمقراطية الإخوان...!!!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR