د . يونس فنوش - رئيس المؤتمر الوطني .. وخيارات الشعب الليبي

رئيس المؤتمر الوطني .. وخيارات الشعب الليبي

نقلت بعض وسائل الإعلام قولاً نسب إلى الدكتور محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطني العام، يقول فيه: "إن نظام الحكم في ليبيا سيكون برلمانياً وأن الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء ستكون مطلقة، بينما ستكون صلاحيات الرئيس شرفية وسيادية". وقد تحدثت بكثير من التحفظ، فقلت (قولا نسب) إلى الدكتور المقريف، لاحتمال أن يكون القول أو الخبر غير دقيق، أو غير صحيح أصلاً.. وهذا ما سوف يحدده موقف الدكتور نفسه من الخبر، فإذا لم يصدر عن الدكتور ما يكذبه أو ينفيه، فسوف نفترض أنه صحيح، وأن القول قد صدر عنه بالفعل.
وفي جميع الأحوال، وسواء أكان القول قد صدر فعلاً عن الدكتور المقريف أم لم يصدر، فإن الخبر يتيح لنا فرصة مناسبة للحديث عن مسألة بالغة الأهمية والخطورة، هي مسألة الخيارات السياسية التي تتعلق بشكل الدولة ونظام الحكم، وهي خيارات لا يحق لأحد، فرداً كان أو جماعة سياسية، أن يحددها أو يفتي فيها بحكم قاطع. فالحكم القاطع فيها سوف ينبع من إرادة الشعب كله، المعبر عنها من خلال استفتاء عام، يدلي فيه المواطنون برأيهم بالموافقة أو عدم الموافقة على الدستور الذي سوف تؤسس عليه الدولة الجديدة، وهو الذي سيتم فيه تحديد شكل الدولة ونظام الحكم، ومختلف القواعد والمبادئ التي يريد الشعب أن يقيم عليها دولته.
في هذه المرحلة التي نستعد فيها لتشكيل الجمعية أو اللجنة التي سوف يكلفها المؤتمر الوطني بإعداد الدستور الدائم للبلاد، لا يملك أي منا إلا أن يعبر عن رأي ووجهة نظر، فيقول إنه يؤيد أن تكون الدولة بسيطة أو مركبة، موحدة أو اتحادية، وأنه يؤيد أن يكون نظام الحكم ملكياً أو جمهورياً، برلمانياً أو رئاسياً، ولكن ليس لأي منا الحق في أن يصوغ ذلك في شكل حكم قاطع ومؤكد، فيقول "إن شكل الحكم في ليبيا سيكون كذا أو كذا".
وإني أرى أن هذا الحكم ينطبق على كل من يتصدى للحديث عن شكل الدولة ونظام الحكم في ليبيا الجديدة، سواء أكان كاتباً أم نشطاً سياسياً أم غير ذلك، ولكني أراه ينطبق بكل قوة وحدة وصرامة على أعضاء المؤتمر الوطني العام، وهو ينطبق قبل ذلك على رئيس المؤتمر العام ونائبيه... فليس من حق أحد من هؤلاء جميعاً، وفي مقدمتهم رئيس المؤتمر، أن يحدد ما ستكون عليه خيارات الشعب الليبي، فقبل صياغة الدستور وإقراره من قبل الأغلبية التي سوف يتفق عليها من الشعب، لن يستطيع أحد أن يقرر أو يحدد شيئاً بخصوص شكل الدولة ونظام الحكم، لأن أحداً لا يدري أي الخيارات سوف تميل إليه أغلبية المواطنين، وسوف يؤيدونه من خلال الاستفتاء العام.
وإذا سمح لي الدكتور المقريف أن أوجه إليه كلمة بهذه المناسبة فهي أني أنبهه إلى أن موقعه في رئاسة المؤتمر الوطني العام لا يمنحه صلاحيات الحديث أو التصرف وكأنه رئيس الدولة الليبية، فكل ما يتيحه له هذا الموقع هو إدارة أعمال المؤتمر وفق ما ينص عليه الإعلان الدستوري، وفي إطار المهام المحددة للمؤتمر فيما تبقى من المرحلة الانتقالية، وهي بالتحديد: اختيار اللجنة التي سوف تكلف بصياغة الدستور، إصدار التشريعات الضرورية اللازمة لإنجاز الاستفتاء على الدستور ومن بعد ذلك الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وليس لأحد في المؤتمر الوطني، بما في ذلك هيئة رئاسته، أن يتجاوز هذه الحدود، فقبل انتخاب المؤسسات الشرعية التي سوف ينص عليها الدستور الدائم للبلاد، لا يحق لأحد أن يتحدث عما ستكون عليه خيارات الشعب الليبي، فهذه الخيارات هي حق لكل أبناء الشعب، وستحددها أصوات الناخبين في الاستفتاء الذي سوف ينظم لإقرار الدستور.
وأرجو أن ينتبه هؤلاء جميعاً إلى طبيعة التصريحات التي يدلون بها إلى وسائل الإعلام، وألا يتورطوا في الحديث باسم الشعب الليبي. فالشعب الليبي له كلمته التي سوف يقولها عبر الاستفتاء والانتخابات، وهو وحده من سوف يحدد أي شكل للدولة، وأي نظام للحكم يختار.

الدكتور يونس فنوش