lمقالات مختارة : تهميش بنغازي محمود شمام

تهميش بنغازي
محمود شمام

بنغازي تحتاج بنغازي..وليس غيرها..تحتاج لوقفة صريحة مع النفس..تتوقف عن لعن نفسها والآخرين وتفكر في مستقبلها..مشكلة بنغازي اولا في نخبتها التي تركتها تطحن نفسها وتأكل بعضها..ومثالي الواضح ابناؤها الذين كانوا على مرمى حجر ولم يأتوا اليها في الوقت الحرج حتى ولو ساعة واحدة لطمأنة اهلها.. وفرز الوقائع وعدم حرق الاوراق..كلهم كانوا في طرابلس: المقريف، جبريل، البرعصي، ونوابها التسعة، ونواب التحالف، ونواب الجبهة ورئيس الاركان.. هل لم يكن بالامكان تأجيل طبخة الحكومة 24 ساعة .. كانوا اعتبروها "بني وليد".
وتخلت عنها نخبتها الاقتصادية حين استشعروا البزنس في طرابلس.. وعلى سبيل المثال قناة بنغازي الذي توجع شبابها من المماطلة من اجل قناة يتيمة حتى اصابهم الاكتئاب بينما تفرخ القنوات الفضائية في العاصمة.. اي حكومة تمنع عن عاصمة الثورة 10 مليون دينار من ميزانية قدرها 68 مليار دولار..اي نخبة وأي حكومة تستطيع ان تنظر الى مطار بنغازي..ولا تتصبب خجلا.
لا يقنعني احد ان هذا التهميش ليس متعمدا..وتجهبل ابنائها ليس متعمدا ونشر المخدرات ليس متعمدا..كان ذلك خلال عقود ويستمر الآن باضافة فوضى السلاح وجر ابنائها الى التطرف..ماذا يفعل الشاب الذي ثار منذ اول يوم وهو يحمل رأسه وحلمه فوق يديه عندما لم يجد وظيفة ولا سكن ولا زوجة ولا بعثة ولا شارع نظيف؟ هل يجرؤ احد ان يحاسبه على تطرفه؟ اين فقهاء بنغازي المالكيين في مواجهة التفسيرات التي لا تتلائم واعتدال مجتمعنا؟ من يتصدى لهذه الدعوات القادمة من خارج الحدود؟ اين علماء النفس والاجتماع؟ اين الجامعة؟ اين النوادي؟
عندما جئت بنغازي في ابريل كانت مدينة تموج بالفرح والبهجة والحلم والنشاط المدني تشارك فيه بفعالية زهرات ليبيا.. من دفن الحلم؟ ومن احبط هذا الجيل الرائع؟ لماذا ارى بنغازي محبطة قلقة غاضبة تنبذ شبابها ورجالها؟ بعض غضبها مبرر وبعضه الآخر لا مبرر له..انتم نعرفون الاجابة وانا اعرفها ايضا.
انه تحالف شيطاني يتكون من اولئك الذين هزمتهم بنغازي قبل الثورة وفي اثناء الثورة وبعد ان بدأ بيع الثورة في سوق النخاسة.
ليست طرابلس غريمتنا كما يحاول البعض ان يسوق لنا. المركزية ليس اهلنا البسطاء في فشلوم وسوق الجمعة وتاجوراء وبالخير والمدينة القديمة.. المركزية هي حالة سياسية ثقافية اقتصادية اجتماعية مركبة.. واشد المركزيون شدة هم بعض من ابناء برقة.
المركزي هو المسؤول الذي ارتبطت مصالحه السياسية والاقتصادية مع العاصمة، ولا يطيق فراقها.. وهو المسؤول الذي لا يطيق زيارة المناطق الغاضبة والمهمشة.
المركزي هو رجل الاعمال المرتشي والذي يرشو والذي ارتبطت صفقاته مع العاصمة بالرشوة.
المركزي هو وكيل الوزارة والمدير العام ومدراء الادارات الذين لا يستطيعوا مغادرة العاصمة..و"مدامتهم" لا يستطيعون العيش بعيد عن "ترابلس" ويقولون لسيدهم " فكك منهم يا بي هرجتهم هلبة ".
المركزيون هم من يرفضون تفكيك الاعلام المركزي ونقله الى المحليات..وهم من وصفونا بالحهوية عند ما حاولنا فعل ذلك
المركزي هو من يصف خصوم مشروعه بانهم دعاة انقسام وتفرقة وجهويون.
زرت منطقتي " القبلية" مرة واحدة منذ الثورة..وتناقشت مع جمع يقارب الثلاثمائة في راس لانوف حول الفيدرالية: قلت لهم: "ما تحناجه المنطقة من سلطان الى النوفيلية هي شركة مثل ارامكو ترسل البعثات وتقيم الدورات وتفتح المدارس والمستشفيات وتضخ المليارات الى السوق المحلية.. الفيدرالية نظام اداري قد نقبله او نرفضه.. اما التنمية المكانية فهي حصة الناس في ثرواتها".
ولهذا انا اطالب اهل بنغازي سياسييها من كافة الاطراف، ورحال اعمالها مثقفيها واعلامييها نسائها الناشطات..وثوارها الذين خرجوا على النطام السابق..من حملتم الأكل والشرب لهم والسلاح لهم في الأيام الصعبة..وقادة الرأي فيها، ان يشكلوا لوبي بنغازي..هدفه انتزاع حقوق المدينة السياسية والاقتصادية والثقافية وحقها في الثروة بشكل سلمي منظم..وان يكون هذا اللوبي جمعية مدنية تعمل لتحقيق اهدافها من خلال النسيج الوطني الذي لا نسمح بتمزيقه..وان يعمل هذا اللوبي واضعا في اعتباره الجغرافية السياسية لبنغازي التي هي قلب برقة وتتواصل خيوطها في الغرب من خلال مصراتة ومناطق اخرى..واطالب فعاليات بنغازي ليس التي علاها الصدأ في طرابلس او المراوحة مثلي بين الداخل والخارج بل اولئك الذن فجروا الثورة واستماتوا عليها يوم 19/3 واحتصنوها في خوف وهلع يوم 11/9 ان يشكلوا لجنة نحضيرية للمباشرة في هذا العمل الكبير والتاريخي..وبعدها لن تحتاج بنغازي الى "وهابيون جدد" اومن يهتف "بحبحها يا بوشاقور"..وسوف ترون حقا كيف يرتعش المركزيون ويهوون كاوراق الخريف.