جعل الهيدروجين أقل تكلفة من خلال محاكاة الجراثيم؟

جعل الهيدروجين أقل تكلفة من خلال محاكاة الجراثيم؟ اكتشاف كيمياء فريدة من نوعها في حفّازات الهيدروجين.

مازلنا على مرّ العصور نأخذ أعظم الأفكار وأكبر الخبرات من الأحياء الأخرى، هذه المرة البكتيريا تعلّمنا إنتاج وقود هيدروجيني نظيف....
تصنيع الهيدروجين بسهولة وكلفة أقلّ هو الهدف الحلم للطاقة النظيفة والمستدامة، والبكتريا تقوم بهذا بالضبط منذ بلايين السنين. بيّن الكيميائيون في جامعات كاليفورنيا وستانفورد كيف تفعل البكتيريا هذا، وربّما يفتحون الطرق لمحاكاتها، عبر شرح الخطوة الرئيسية في تجميع الحفّاز المولّد للهيدروجين (الحفّاز catalyst: مادة كيميائية تسهّل حدوث تفاعل كيميائي معيّن).
يقول أحد الباحثين: " نريد أن نعرف كيف تبني الطبيعة هذه الحفّازات، من منظور الكيمياء، هذه أشياء غريبة حقاً". يشير الباحث: "تستند الحفّازات البكتيرية على مجموعات منظّمة بدقّة من ذرّات الحديد والكبريت، مع زمر جانبيّة من السيانيد وأحادي أُكسيد الكربون، وهذه الجزيئات شديدة السمّية إن لم يُسيطر عليها"، ويتابع: "يُعرف أنّ مجموعات السيانيد وأحادي أكسيد الكربون تأتي من الحمض الأميني التيروزين (مركّب يدخل في تكوين البروتينات)".
لذا استخدم الباحثون تقنية الرنين الالكتروني المُمَغطَس (متوازي المغناطيسية) (electron paramagnetic resonance) لدراسة الخطوات الوسطيّة في تصنيع هذا الحفاز، فوجدوا سلسلة من التفاعلات الكيميائية تتضمن نوعاً من الأنزيمات عالية الفاعلية تدعى أنزيم الجذر الحر SAM. والذي يقوم بربط التيروزين إلى مجموعة من أربع ذرّات حديد وأربع ذرّات كبريت، ثم يُقطع التيروزين ليترك خلفه مجموعات السيانيد وأحادي أُكسيد الكربون، وبذلك يتشكل أساس الحفّاز.
يقول الباحث: " يعتقد الناس أنّ الجذور الحرة خطيرة (الجذور الحرة هي مجموعات كيميائية ذات موقع ارتباط حر وتكون شديدة الفاعلية)، لكنّ هذا الأنزيم يوجّه كيمياء الجذور الحرة جنباً إلى جنب مع إنتاج مجموعات السيانيد وأحادي أكسيد الكربون السامّة بشكل طبيعي، ولكن وفق مسارات آمنة ومنتِجة".

كما استخدم الباحثون تقنية أخرى تدعى تحويل فورييه للأشعة تحت الحمراء (Fourier Transform Infrared) لدراسة كيفية تشكل معقّد أحادي أكسيد الكربون- السيانيد- الحديد، لمزيد من التوضيح عن إنتاج الحفّاز، وسيُنشر هذا العمل بشكل منفصل.
ويقول الباحث: " تُظهر هذه النتائج معاً كيفية عمل هذا الأنزيم ثنائي المجموعة المثير للاهتمام. هذا شيء فريد وكيمياء جديدة".

المعرفة هي الخطوة الأولى، لكن هل سيستطيع العلماء محاكاة هذا الأنزيم في عمله الخطير مع كلّ من الجذور الحرة والمجموعات السامّة؟... فعلاً إنها كيمياء فريدة!