إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
هندسة الفكر وعلوم المعرفة
+2
c.ronaldo
samisaba
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
هندسة الفكر وعلوم المعرفة
هل الورطة التي تحياها الأمة حالياً, ورطة معرفة أم ورطة فكر؟! وهل الورطة بحاجة إلى مزيد من العرَّافين أم إلى مزيد من المفكِّرين؟! تكمن الأهمية القصوى للإجابة عن هذه الأسئلة في أنها على تماس واضح مع مصير المشروع الحضاري التجديدي الشامل للأمة المتعثرة.
المعرفة اصطلاحاً هي العلم بالشيء على حقيقته، وتكون في الغالب مسبوقة بنسيان حاصل بعد العلم .وللعلماء عبارات مختلفة في بيان معنى المعرفة قريبة من تعريفهم للعلم, إلا أن العلم يسبق بالجهل, والمعرفة تسبق غالباً بنسيان أو غياب, وقال ابن قيم الجوزية في كتابه مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: "المعرفة تتعلق بذات الشيء والعلم يتعلق بأحواله وتكون في الغالب لما غاب عن القلب بعد إدراكه فإذا أدركه قيل عرفه".
أما الفكر اصطلاحاً هو: ترتيب أمور معلومة للوصول إلى المجهول, أو هو: تردد القلب بالنظر والتدبُّر بطلب المعاني, ومقتضاه انتقال العقل انتقالتين للوصول إلى المطلوب، فينتقــل [الذهن] – وهو القوة الحافظة من العقل – من مخزونه إلى إظهار المراد ليكون مقدِّمة لما يليه. ثم يُدرك العقل – بالقوة المُدركة - ذلك فينتقل إلى النتيجة, وهي المقصود، وتسمى [ فكراً ]، وقد يُطلق على ذات الانتقال لا نتيجته.
والمتأمل في التعريفين السابقين للمعرفة والفكر يستطيع أن يستمع إلى موسيقى الحركة الواضحة التي يعزفها مفهوم الفكر, ليصل إلى القيمة الحركية التجديدية للفكر, وهو ما يميزه بجلاء عن المعرفة ذات الدلالة الساكنة, والطبيعة المصمتة.
فإن كانت المعرفة هي علم الماضي والحاضر, فإن الفكر جامع العلمين, ومستخلص العلم الثالث, وهو علم المستقبل بكل ما فيه من حدس وفراسة وبعد نظر.
إن كانت المعرفة هي العلم بالشيء, فإن الفكر هو إبداع المعرفة بالشيء, وتأصيل هذا القول في قول حجة الإسلام, الأمام أبو حامد الغزالي:"اعلم أن معنى الفكر هو إحضار معرفتين في القلب ليُستثمر منهما معرفة ثالثة".
الأمة لا تعاني في الأصل من أزمة معرفة, بل تعاني أشد المعاناة من أزمة الفكر والذي في دلالته الاصطلاحية واللغوية والواقعية يؤشر على أزمة التجديد والاستنباط والاجتهاد وجسر الهوة بين النظرية والواقع.
وعطفاً على النتيجة السابقة, نعيد التساؤل: إلى أيهما تحتاج الأمة في هذا الزمن الصعب الذي تعيشه هل إلى مفكرين أم إلى عرّافين؟! بالتأكيد إن الأمة بحاجة للاثنين, إلا أنها ليست بحاجة إلى مزيد من العرّافين, إنما بحاجة إلى مزيد من المفكرين.
المادة الثقافية والمعرفية ثرية تنوء بها أرْفُف المكتبات, وما أكثر أولئك القادرين على استحضارها من الأراشيف والذاكرات إلى حيز الآذان, ولكن مَن للتجديد وتركيب الأمصال للسموم السابحة في شرايين الأمة؟! إنهم المفكِّرون
فكما أن الأمة ليست بحاجة إلى مزيد من حفاظ وقرَّاء كتاب الله يرددونه كلما أقتضت الحاجة وإنما إلى مزيد من المفسرين والمستنبطين والمسقطين لآي القرآن بما يعالج الواقع المتأزم, فإنها أيضا ليست بحاجة إلى كثير العرّافين الذين يستحضرون المعلومات في أي وقت, إنما إلى مفكِّرين يعيدون صياغة المواد المعرفية والثقافية وتطويعها لحل الأزمات وتقديم الدواء المداوي للأمراض.
ولتقريب المقصد إلى الأذهان, فإن المعرفة في الأمة هي النهر الجاري عبر القارات الذي جرَّ معه النافع والضار من الأرض ومما في أيد الناس, والعارف هو الناقل لمياه هذا النهر إلى الأحواض ليشربها الناس, وهي مياه مختلطة تحتاج لتنقية ومعالجة تنتج لنا مياهاً تتناسب وصحة الإنسان, وهو الدور الذي يقوم به المفكر, فهو لا يأتي بفكره من عدم, إنما يعالج ويحلل وينقي القائم ليأتي منه بجديد نافع.
إننا لا ننكر قيمة العارف فهو حامل المعرفة وناقلها, إنما نرفع المفكر عليه درجة, لأن المفكر هو مهندس المعرفة ومحركها, ولقد عرف التاريخ الحديث من مهندسي الفكر الذين أبدعوا في المعرفة والعلوم, فغيروا واقعهم وخدموا جيلهم ومن لحقهم إلى يومنا هذا, ومن أمثالهم جمال الدين الافغاني, ومحمد عبدو, ومحمد رشيد رضا, وعبد الرزاق السنهوري باشا, وميشيل عفلق, وسبقهم من المهندسين أمثال أبي حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي، ومالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر، وأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل بن هلال بن أسد .. ولقد رزق الله كلَّ قرن مَنْ يجدد للأمة فيه دينها, ويقف على رأسهم سيدُ المجددين المهندس الأعظم محمد صلوات ربي وسلامه عليه, القائل فيما نقله عنه أبو هريرة: { إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس ( كل ) مائة سنة مَنْ يجدد لها دينها }. إنهم المفكرون مهندسو المعرفة.
المعرفة اصطلاحاً هي العلم بالشيء على حقيقته، وتكون في الغالب مسبوقة بنسيان حاصل بعد العلم .وللعلماء عبارات مختلفة في بيان معنى المعرفة قريبة من تعريفهم للعلم, إلا أن العلم يسبق بالجهل, والمعرفة تسبق غالباً بنسيان أو غياب, وقال ابن قيم الجوزية في كتابه مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: "المعرفة تتعلق بذات الشيء والعلم يتعلق بأحواله وتكون في الغالب لما غاب عن القلب بعد إدراكه فإذا أدركه قيل عرفه".
أما الفكر اصطلاحاً هو: ترتيب أمور معلومة للوصول إلى المجهول, أو هو: تردد القلب بالنظر والتدبُّر بطلب المعاني, ومقتضاه انتقال العقل انتقالتين للوصول إلى المطلوب، فينتقــل [الذهن] – وهو القوة الحافظة من العقل – من مخزونه إلى إظهار المراد ليكون مقدِّمة لما يليه. ثم يُدرك العقل – بالقوة المُدركة - ذلك فينتقل إلى النتيجة, وهي المقصود، وتسمى [ فكراً ]، وقد يُطلق على ذات الانتقال لا نتيجته.
والمتأمل في التعريفين السابقين للمعرفة والفكر يستطيع أن يستمع إلى موسيقى الحركة الواضحة التي يعزفها مفهوم الفكر, ليصل إلى القيمة الحركية التجديدية للفكر, وهو ما يميزه بجلاء عن المعرفة ذات الدلالة الساكنة, والطبيعة المصمتة.
فإن كانت المعرفة هي علم الماضي والحاضر, فإن الفكر جامع العلمين, ومستخلص العلم الثالث, وهو علم المستقبل بكل ما فيه من حدس وفراسة وبعد نظر.
إن كانت المعرفة هي العلم بالشيء, فإن الفكر هو إبداع المعرفة بالشيء, وتأصيل هذا القول في قول حجة الإسلام, الأمام أبو حامد الغزالي:"اعلم أن معنى الفكر هو إحضار معرفتين في القلب ليُستثمر منهما معرفة ثالثة".
الأمة لا تعاني في الأصل من أزمة معرفة, بل تعاني أشد المعاناة من أزمة الفكر والذي في دلالته الاصطلاحية واللغوية والواقعية يؤشر على أزمة التجديد والاستنباط والاجتهاد وجسر الهوة بين النظرية والواقع.
وعطفاً على النتيجة السابقة, نعيد التساؤل: إلى أيهما تحتاج الأمة في هذا الزمن الصعب الذي تعيشه هل إلى مفكرين أم إلى عرّافين؟! بالتأكيد إن الأمة بحاجة للاثنين, إلا أنها ليست بحاجة إلى مزيد من العرّافين, إنما بحاجة إلى مزيد من المفكرين.
المادة الثقافية والمعرفية ثرية تنوء بها أرْفُف المكتبات, وما أكثر أولئك القادرين على استحضارها من الأراشيف والذاكرات إلى حيز الآذان, ولكن مَن للتجديد وتركيب الأمصال للسموم السابحة في شرايين الأمة؟! إنهم المفكِّرون
فكما أن الأمة ليست بحاجة إلى مزيد من حفاظ وقرَّاء كتاب الله يرددونه كلما أقتضت الحاجة وإنما إلى مزيد من المفسرين والمستنبطين والمسقطين لآي القرآن بما يعالج الواقع المتأزم, فإنها أيضا ليست بحاجة إلى كثير العرّافين الذين يستحضرون المعلومات في أي وقت, إنما إلى مفكِّرين يعيدون صياغة المواد المعرفية والثقافية وتطويعها لحل الأزمات وتقديم الدواء المداوي للأمراض.
ولتقريب المقصد إلى الأذهان, فإن المعرفة في الأمة هي النهر الجاري عبر القارات الذي جرَّ معه النافع والضار من الأرض ومما في أيد الناس, والعارف هو الناقل لمياه هذا النهر إلى الأحواض ليشربها الناس, وهي مياه مختلطة تحتاج لتنقية ومعالجة تنتج لنا مياهاً تتناسب وصحة الإنسان, وهو الدور الذي يقوم به المفكر, فهو لا يأتي بفكره من عدم, إنما يعالج ويحلل وينقي القائم ليأتي منه بجديد نافع.
إننا لا ننكر قيمة العارف فهو حامل المعرفة وناقلها, إنما نرفع المفكر عليه درجة, لأن المفكر هو مهندس المعرفة ومحركها, ولقد عرف التاريخ الحديث من مهندسي الفكر الذين أبدعوا في المعرفة والعلوم, فغيروا واقعهم وخدموا جيلهم ومن لحقهم إلى يومنا هذا, ومن أمثالهم جمال الدين الافغاني, ومحمد عبدو, ومحمد رشيد رضا, وعبد الرزاق السنهوري باشا, وميشيل عفلق, وسبقهم من المهندسين أمثال أبي حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي، ومالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر، وأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل بن هلال بن أسد .. ولقد رزق الله كلَّ قرن مَنْ يجدد للأمة فيه دينها, ويقف على رأسهم سيدُ المجددين المهندس الأعظم محمد صلوات ربي وسلامه عليه, القائل فيما نقله عنه أبو هريرة: { إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس ( كل ) مائة سنة مَنْ يجدد لها دينها }. إنهم المفكرون مهندسو المعرفة.
samisaba- لواء
-
عدد المشاركات : 1754
العمر : 51
رقم العضوية : 358
قوة التقييم : 30
تاريخ التسجيل : 21/07/2009
رد: هندسة الفكر وعلوم المعرفة
موضــــــــــوع جميل بـــــــــــــارك الله فيك اخى الكريم..شكــــــــــــــــــــ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآ ـــــــــــــر...
رد: هندسة الفكر وعلوم المعرفة
مشكور على هذا الموضوع الرائع
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله
رد: هندسة الفكر وعلوم المعرفة
مشكور اخى العزيزي على المشاركه القيمه بارك الله فيك تقبل مرورى وتحياتى
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
بوفرقه- مراقب
-
عدد المشاركات : 34697
العمر : 58
رقم العضوية : 179
قوة التقييم : 76
تاريخ التسجيل : 30/04/2009
رد: هندسة الفكر وعلوم المعرفة
اعزائي :
أشكركم جميعا لمروركم الجميل و تفاعلكم الرائع.
تقبلوا فائق احترامي
أشكركم جميعا لمروركم الجميل و تفاعلكم الرائع.
تقبلوا فائق احترامي
samisaba- لواء
-
عدد المشاركات : 1754
العمر : 51
رقم العضوية : 358
قوة التقييم : 30
تاريخ التسجيل : 21/07/2009
رد: هندسة الفكر وعلوم المعرفة
مشكور ..بارك الله فيك على ماقدمت ...
المرتجع حنتوش- مشرف قسم المنتدي العام
-
عدد المشاركات : 21264
العمر : 32
رقم العضوية : 121
قوة التقييم : 41
تاريخ التسجيل : 10/04/2009
رد: هندسة الفكر وعلوم المعرفة
عزيزي king
أشكرك لمرورك الجميل و تفاعلك الرائع ، بارك الله فيك
تقبل فائق احترامي
أشكرك لمرورك الجميل و تفاعلك الرائع ، بارك الله فيك
تقبل فائق احترامي
samisaba- لواء
-
عدد المشاركات : 1754
العمر : 51
رقم العضوية : 358
قوة التقييم : 30
تاريخ التسجيل : 21/07/2009
مواضيع مماثلة
» المركز الليبي للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء يسجل
» المركز الليبي للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء يحتفل بمناسبة ال
» فتنة الفكر
» هندسة الحدائق...علم وفن
» **هندسة الشبكات**
» المركز الليبي للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء يحتفل بمناسبة ال
» فتنة الفكر
» هندسة الحدائق...علم وفن
» **هندسة الشبكات**
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 8:36 am من طرف STAR
» ارخص غسالات ملابس
2024-11-18, 10:29 am من طرف محمدوعبدو
» "لسنا عيادة طبية".. رئيسة بالميراس البرازيلي تعلق بشأن التعاقد مع نيمار
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» لا تستخدم مياه "الحنفية" لتبريد محرك سيارتك.. إليك السبب
2024-11-18, 7:49 am من طرف STAR
» هل يطرد النوم "السموم من الدماغ"؟.. دراسة تكشف السر
2024-11-18, 7:48 am من طرف STAR
» لمستخدمي "ميتا" في أوروبا.. إليكم هذه الميزة الجديدة!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» احرصوا على تهوية المنزل حتى في الطقس البارد!
2024-11-18, 7:47 am من طرف STAR
» العناية بالبشرة في فصل الخريف.. نصائح مهمة لذلك
2024-11-18, 7:46 am من طرف STAR
» الأرز الإسباني
2024-11-18, 7:45 am من طرف STAR
» عن مشاركة نيمار في مونديال الاندية.. هذا موقف الهلال
2024-11-16, 8:14 am من طرف STAR
» لضمان نوم هادئ ومريح.. تجنب 5 عادات
2024-11-16, 8:13 am من طرف STAR
» ترتيب المنتخبات العربية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026
2024-11-16, 8:12 am من طرف STAR
» الخضار الأعلى كثافة بالمغذيات
2024-11-16, 8:11 am من طرف STAR
» رونالدو يثير التفاعل بتصرف رائع خلال مباراة البرتغال
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR
» غرامة بمليار دولار تُهدد "ميتا" بالتفكك وسط ضغوط تنظيمية دولية
2024-11-16, 8:09 am من طرف STAR