إستبداد

أن ترفض الاستبداد فليس معناه أن رفضك هو موقف إيجابي حتما، فقد يكون منطلق الرفض غير مبدئي، فيصبح الرفض سلبيا لا لذاته بل للأثر المترتب عليه(والمتمثل بتلبيس الحقيقة على الناس وخداعهم)، البعض منا ينتقد أشياء سلبية لدى الآخرين، ظاهر الأمر يقول بإيجابية هذا النقد، لكن يبدو أن ثمة غرض للنقد لا يتعلق بحقيقة سلبية الشيء المعرض للنقد، وذلك عندما تنهض العملية النقدية على أساس (أنا وهو)، فالناقد في مثل هذه الحالة يتناول الآخرين بالنقد لذواتهم لأنهم (هم) أو (هو)، لا لسلوكهم (وقد يكون سلوكهم يحتاج إلى نقد حقا)، ولأنه حضرة الناقد (أنا)، فهو يتخذ من ذاته(الأنا الخاصة به) وفهمة ومنطقه الشخصي أساسا يرى وجوب انطلاق العملية النقدية منه، وفي مثل هذه الحالة بالإمكان نقد أيا كان بالمطلق، على اعتبار أن هناك ثمة ثغرة ما تبقى مكشوفة لدى الآخر مهما كانت درجة نجاحه من جهة، وتسويغ أي فعل يصدر عن الناقد مهما كان مستهجنا من جهة أخرى لأن معركة التفاعل تقتضي الدفع عن الذات هنا، لذلك يكون الاستبداد واضحا في سلوك هذا الصنف من الناس وهم يدعون محاربته، ويمارسون الديكتاتورية دون حياء أو وجل، فيما هم يصمون آذاننا بالصراخ شتما لها.