تصيب بالاكتئاب وتُعطِّل شبكات المحمول والإنترنت.. هل شعرتَ بالعاصفة المغناطيسية التي ضربت

عاصفة جيومغناطيسية شمسية ستضرب الأرض، تحذير أطلقته وكالات دولية بشأن موجات بلازما مشحونة أطلقتها الشمس باتجاه الأرض عشوائياً يوم 23 يوليو/تموز الفائت، على أن تستمرَّ لمساء اليوم الخميس.

ووفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، تم تصنيف العاصفة على أنها صغيرة، لذلك لم يعتبر تهديدها مضراً على كوكب الأرض مباشرة، لكن العلماء رصدوا تأثيرها الكبير.

بلغت سرعة الموجات المشحونة 600 كلم في الثانية، وأدت لاضطراب الطبقة المغناطيسية للأرض، ما أثّر على أداء الأقمار الاصطناعية وشبكات اتصال الهواتف المحمولة والإنترنت. لذا لو شعرت بخلل في اليومين الماضيين، يمكنك إلقاء اللوم على الشمس، لا مزودي الخدمات.

مختبر علم الفلك بالأشعة السينية، التابع لمعهد ليبيديف الفيزيائي في الأكاديمية الروسية للعلوم، أعلن عن قدوم العاصفة وصنَّفها من المستوى الأول (ج 1)، سبقها توتر الغلاف المغناطيسي للأرض خلال أيام 15 و20 و22 من الشهر.

وهذه ليست المرة الأولى هذا العام، التي تضرب فيها هذه العواصف الأرض، بل سبقتها عدة عواصف، كانت الأولى منها في 14 يناير/كانون الثاني، تلتها 3 عواصف في فبراير/شباط، ثم وقعت عاصفة أخرى شديدة ليلة 18-19 مارس/آذار الماضي، بالإضافة إلى عاصفة وقعت في 28 يونيو/حزيران، وأخرى في 6 و7 مايو/أيار، بينما وقعت العاصفة الأقوى منذ بداية العام الحالي، في يوم 20 أبريل/نيسان.

يوضح علماء الفلك أن هذا العدد قليلٌ مقارنة بالسنة الماضية، التي شهدت عاصفة كل 6 أيام. وتثير هذه العواصف عدة تساؤلات مثل: ما هي العواصف المغناطيسية؟ هل تضر جسم الإنسان، أو تتسبب في حدوث تغيرات نفسية وسلوكية؟ هذا ما سنحاول البحث عن أجوبته.

بداية لنشرح ماذا يعني عاصفة جيومغناطيسية؟
البداية من الثقوب الإكليلية

يتسبب ظهور ثقب إكليلي كبير في وسط قرص الشمس، يقع مباشرة على الخط الواصل بين الشمس والأرض، في حدوث اضطرابات تؤدي إلى نشأة العواصف المغناطيسية، وتُعد الثقوب الإكليلية مناطق مظلمة تقع على سطح الشمس، ينخفض سطوعها عن المناطق المحيطة بها، ويُمكن رؤيتها بوضوح في الصور التي تُرسلها الأقمار الاصطناعية من الفضاء عن الشمس.

يؤدي انخفاض سطوع الثقوب الإكليلية إلى تدفق البلازما منها إلى الفضاء، وتكون هذه البلازما ذات سرعة عالية، وتُشكل تيارات سريعة قادرة على التسبب في اضطراب المجال المغناطيسي للأرض عند ملامستها لها وإثارة العواصف المغناطيسية.
مستوياتها متعددة لكنَّ أكثرها لا يصل لدرجة إحداث الدمار

وفقاً لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، فإن العواصف المغناطيسية قد تكون طفيفة من المستوى الأول (ج 1) «G-1″، أو معتدلة من المستوى الثاني (ج 2)، «G-2″، وذلك استناداً إلى الكيفية التي تضرب بها جسيمات البلازما المشحونة الأرض.

من جانبهم، يشير علماء الفلك إلى أن العواصف المغناطيسية من المستوى الثاني، يمكنها أن تُسبب اضطرابات في نُظم الطاقة، كما أنها قد تؤثر في أنظمة التحكم في الأجهزة الفضائية، ويمكن خلالها مشاهدة الشفق القطبي عند خطوط العرض 60 درجة وأعلى.

وذكرت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأميركية، أن الجسيمات التي جاءت من الشمس بعد الانفجار الذي حدث في فبراير/شباط الماضي، تسببت في خلل أصاب شبكات الكهرباء الضعيفة، وأدت إلى تأثير طفيف على عمل الأقمار الاصطناعية.

قد يكون تلف الأقمار الصناعية وشبكات الكهرباء مُكلفاً للغاية، ومُزعزعاً لاستقرار شبكات الاتصالات، وأنظمة التحكم بالأجهزة الفضائية، لكن لحسن الحظ فإن العواصف المغناطيسية لا تتسبب في إحداث هذا النوع من الضرر كثيراً؛ لكون غالبية العواصف التي تضرب الأرض ضعيفة.
ولكن.. هل تؤثر على صحة الإنسان؟

يعتقد بعض العلماء أن الاضطرابات التي تُحدثها العواصف المغناطيسية في المجال المغناطيسي للأرض، يمكن أيضاً أن تؤثر على البشر وتعبث بعقولهم وأجسادهم. ومن أبرز تلك التأثيرات:

احتمال الإصابة بالاكتئاب.
تغيّرات في معدل ضربات القلب.
انخفاض ضغط الدم.

أما تفسيرهم، فهو أن المجال المغناطيسي الأرضي يعمل بالتزامن مع إيقاعاتِنا اليومية، من خلال تأثيره على إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم عملية النوم، وبالتالي عندما تُحدث تلك العواصف اضطرابات في المجال المغناطيسي للأرض، فإنها تُحدث اضطراباً في وظائف جسم الإنسان أيضاً.

قد تبدو تلك التفسيرات مقبولة نظرياً، لكنها لا تتعدى كونها أفكاراً ونظريات على الورق، وتفتقر بدرجة كبيرة إلى الأدلة العلمية والتجارب الفعلية التي تُثبت صحتها؛ إذ تندر الأبحاث التي تدرس تأثير العواصف المغناطيسية على جسم الإنسان، بطريقة منهجية تعتمد على التحقق التجريبي المباشر في الوقت الراهن.

كما أن وكالة ناسا تؤكد أن العواصف المغناطيسية لا تُثير أي قلق من المنظور الصحي؛ إذ لا يُمكن للإشعاع الضار الناتج عن تلك العواصف المرور عبر الغلاف الجوي للأرض؛ وبالتالي لا يُمكنه التأثير جسدياً على البشر. ولكن عندما تكون مكثفة بما فيه الكفاية، فإنها يمكن أن تزعج طبقة الغلاف الجوي، حيث تنتقل إشارات GPS والاتصالات.
الأجهزة الكهربائية المتضرر الأساسي من العاصفة

يمكن للجسيمات عالية الطاقة التي تحملها العواصف المغناطيسية إصابة البشر وغيرهم من الثدييات بالتسمم الإشعاعي، في حال كانوا خارج الأرض من دون حماية؛ على سبيل المثال: رواد الفضاء الذين يسافرون لأداء المهمات، يجب عليهم ارتداء بذلات الفضاء الخاصة؛ للحماية من التعرض لجرعات كبيرة من الإشعاع التي من الممكن أن تكون قاتلة.

أما بالنسبة لنا على الأرض، فإن أكبر تهديد يمكن أن تُحدثه العواصف المغناطيسية يتمثل في الإضرار بشبكات الكهرباء والاتصالات، التي قد يستغرق إصلاحها بعض الوقت.

ولتفادي ذلك يمكن الاستعداد لمواجهة أية أعطال أو انقطاع في شبكات الكهرباء من خلال شراء مولد كهربائي، أو تركيب مصدر طاقة احتياطي مثل الألواح الشمسية وغيرها.

كما يمكن تجهيز نسخ احتياطية لبطاريات أجهزة الكمبيوتر، تمد أجهزة الكمبيوتر بالتيار المستمر، وتحميها من الارتفاع المفاجئ في شدة التيار الكهربائي، وبذلك تحافظ على تشغيل الأجهزة بسلاسة.

مشكور جدا