آلام الظهر.. الأسباب، والوقاية والعلاج

يعاني عدد كبير أوجاعاً مختلفة في الظهر، بعضها أسبابها معروفة وأخرى غير محددة. دانا دياب حلبي، اختصاصية العلاج الطبيعي وحائزة "ماجستير" في العلاج الطبيعي للإصابات الرياضية، تجيب عن أسئلتنا حول آلام الظهر عند النساء وطرق علاجها وكيفية الوقاية منها.

تشير دانا إلى أن 41 % من النساء يعانين آلام الظهر سنوياً نتيجة مجموعة من العوامل منها: القيام بالأعمال المنزلية المرهقة، زيادة الوزن، الكعب العالي، وضعية الجلوس الخاطئة، الوقوف لفترة طويلة، قيادة السيارة، إضافة إلى رفع الأشياء الثقيلة بطريقة خاطئة، وعدم ممارسة الرياضة، علاوة على النوم في وضعية غير سليمة، والحمل، وثقل الثديين الكبيرين، والتشوهات الخِلقية في العمود الفقري، والتدخين، وبعض أنواع الالتهابات. يضاف إلى ذلك، الضغط النفسي، مثل الاكتئاب والتوتر الذي يجهد عضلات الظهر ويحدث تقلصات شديدة تؤدي إلى ظهور الألم، الذي لا يستجيب للعلاج التقليدي المستخدم في علاج آلام أسفل الظهر.

وزن الجسم

توضح اختصاصية العلاج الطبيعي أن الوزن الزائد «يؤدي إلى بروز منطقة الحوض إلى الأمام، ما يسبب ضغطاً على العضلات والأربطة الموجودة في منطقة أسفل الظهر». تتابع شارحة، بأنه عند زيادة الوزن «يتغير مركز الثقل في الجسم فيزداد التقوس الطبيعي للظهر إلى الداخل، ما يضغط على فقراته ويسبب أوجاعاً، ناهيك عن أن عدم ممارسة الرياضة يؤدي إلى ضعف العضلات وارتخائها فتفقد قدرتها على حماية الظهر، إضافة إلى أن عدم الحركة يعمل على فقدان أقراص العمود الفقري ليونتها، ما يؤدي إلى تلفها في فترة لاحقة».

41% نسبة النساء اللواتي يعانين أوجاع الظهر نتيجة الأعمال المنزلية والحمل والتوتر وغيرهاوتلفت حلبي إلى أن العمود الفقري مصمَّم بطبيعته بشكل يتحمل معه ثقل وزن جسم الإنسان، كما أن توازن الجسم يعتمد على فقرات العمود الفقري، إلا أن الجهد الأكبر يقع على منطقة أسفل الظهر، حيث توجد خمس فقرات تفصل بينها أقراص فقرية مكونة بدورها من الألياف القوية ومادة جيلاتينية، تكون بمثابة وسائد تمنح العمود الفقري ليونته وتدعمها في هذه المهمة الأربطة والعضلات. وتؤكد الاختصاصية أن أي حركة غير متوازنة للجسم أو أي حركة مفاجئة أو خاطئة، تؤدي إلى شد العضلات وتمزق الأربطة والضغط على المفاصل، بالتالي تسبب آلام ظهر مبرحة.

• كيف يمكن للكعب العالي أن يسبب أوجاعاً في الظهر؟

- يجب الحفاظ على التقوس الطبيعي للعمود الفقري الذي يشبه حرف الـ S باللغة الإنجليزية، كي لا تشعر المرأة بوجع الظهر. إذ إن أي تغير فيه يؤدي إلى الإحساس بالألم. والكعب العالي الذي يزيد طوله على 4 سم يسهم في زيادة تقوس العمود الفقري إلى الداخل، في حين أن الكعب المسطح يؤدي إلى نتيجة عكسية، أي أنه يسبب تحدب العمود الفقري، وهذا أيضاً يسبب آلاماً في الظهر. من هنا فإن الارتفاع المثالي للكعب يجب أن يتراوح بين 2 و3 سم.

السبب والعلاج

تؤكد دانا حلبي أن علاج آلام الظهر يعتمد على تحديد السبب والإسراع في تصحيح الخلل، لاسيما إذا كان الأمر له علاقة بوضعية الجسم الخاطئة في حالات الجلوس والنوم والوقوف. وتشدد على ضرورة تليين عضلات الظهر والأربطة عن طريق التدليك والوخز بالإبر، وشد عضلات المعدة عن طريق ممارسة الرياضة. إلا أنها تنبه إلى مغبة الإفراط في ممارسة الرياضة لأنها قد تسبب بدورها أوجاعاً في الظهر.

وترى اختصاصية العلاج الطبيعي أنه في حال كان الألم حاداً يُنصح بتناول مسكنات الألم أو أخذ مضادات التهاب. أما إذا استمر لأكثر من 3 أشهر ولم يشعر المصاب بأي تحسن، على الرغم من تناوله الأدوية واتّباعه الخطوات العلاجية، يجب عندها البحث عن السبب الحقيقي لآلام ظهره. فقد يكون الألم هنا سببه أحد الأمراض مثل الالتهاب السحائي أو الالتهاب البكتيري للقرص الغضروفي، أو أمراض الجهاز البولي التناسلي، أو المغص الكلوي، أو تقلصات الرحم، أو التهاب المبيضين، أو قرحة الاثني عشر، أو التهاب الحوصلة المرارية، أو البنكرياس أو القولون العصبي.

• ما الخطوات الوقائية لمنع الإصابة بآلام الظهر غير المرضية؟

- يجب الحفاظ على التقوس الطبيعي للظهر حتى أثناء الجلوس، وذلك من خلال وضع وسادة وراء منطقة أسفل الظهر بهدف تعبئة الفراغ الطبيعي. بعض الكراسي الحديثة مجهزة بشكل يحافظ على هذا التقوس الطبيعي. فقد أشارت الدراسات الأخيرة إلى أنه أثناء الجلوس يجب أن تبلغ الزاوية بين أعلى الركبتين والوركين 110 أو 120 درجة بدلاً من 90 درجة. كما أن الجلوس لفترة طويلة وعدم الحركة، كما يحصل أثناء القيادة لمسافات طويلة، من شأنهما أن يؤديا إلى جفاف أقراص العمود الفقري وتشنج العضلات، والأمر ذاته ينطبق على عملية الوقوف بشكل خاطئ. لذا ننصح دوماً بالتحرك وتغيير وضعية الجسم كل نصف ساعة، وحتى القيام ببعض تمارين الليونة من أجل تحريك العضلات ومنع إصابتها بالتصلب.

ثقل الثديين والتدخين

تلفت حلبي إلى أن أوجاع الظهر، الناتجة عن ثقل الثديين الكبيرين، تحدث نتيجة قيامهما بالضغط إلى الأمام ما يؤدي إلى تحدب العمود الفقري. تتابع شارحة أنه «على الرغم من عدم احتواء الثديين على عضلات، فإن تأثير حجمهما الكبير في العمود الفقري عادة ما يكون سلبياً». لذا تنصح صاحبات الثديين الكبيرين بممارسة السباحة والقيام ببعض التمارين الرياضية لتقوية عضلات الظهر، ما يمنع تقوس العمود الفقري. أما في حال كان الألم مبرحاً وكانت المرأة تشكو من ظهور حدبة في ظهرها، ومن آلام في رقبتها ومن صعوبة التنفس، عندها تنصح بالخضوع لجراحة تصغير الثديين.

• كيف يمكن للتدخين أن يسبب آلاماً في الظهر؟ سؤال طرحناه على دانا، فأجابت:

- يسهم التدخين في إدخال النيكوتين وأول أوكسيد الكربون مجرى الدم ومن ثم أنسجة الجسم. هذه السموم تؤثر بشكل كبير في أقراص العمود الفقري وتؤدي إلى تلفها من خلال قطع التغذية عنها، فالنيكوتين يحرم خلايا الأقراص من المغذيات الرئيسية، في حين أن أول أوكسيد الكربون يشل قدرة الأقراص على الحصول على غذائها من مجرى الدم لتكون النتيجة: جفاف الأقراص وتصلبها وتلفها قبل الأوان، من هنا ضرورة الإقلاع عن التدخين في أسرع وقت ممكن.

وتحرص اختصاصية العلاج الطبيعي على تنبيه الجميع إلى ضرورة الحفاظ على حركة الجسم. إذ تُعتبر منطقة الظهر أهم جزء في الجسم لأنها صُممت لتأدية الأعمال الجسدية، ولهذا السبب تشدد على ضرورة القيام بأي نشاط جسدي لأنه مفيد للظهر. من التمارين البسيطة التي تساعد على تليين العضلات والمفاصل، التي تدعم الظهر وتُبقي الجسم في وضع متوازن، المشي لمدة نصف ساعة يومياً أو لثلاث مرات على الأقل في الأسبوع أو ممارسة السباحة.

الوضعية السليمة

تؤكد حلبي كذلك أهمية الانتباه إلى وضعية الجسم. إذ تسهم الوضعية السليمة للجسم في حث العضلات والأربطة والمفاصل على العمل بشكل طبيعي، كما تضمن بقاء الأعضاء الحيوية في مكانها الصحيح لتأدية وظائفها على أكمل وجه.

في هذا الخصوص، يتعين على المرأة أن تتجنب النوم على فرشة إسفنجية أو سطح ناشف جداً مثل الأرض والتعرض لتيار هواء مباشر أثناء النوم. ومن أجل الحفاظ على التقوس الطبيعي للعمود الفقري أثناء النوم، تشير دانا إلى ضرورة وضع وسادة طبية بين الركبتين إذا كان النائم على جنبه، وتحت ركبتيه إذا كان مستلقياً على ظهره. ويمكن وضع منشفة بعد لفها تحت الرقبة من أجل المساعدة على النوم بشكل سليم. كذلك، يجب الوقوف دائماً بشكل مستقيم، حيث يكون الصدر إلى الأعلى والبطن إلى الداخل. وفي حال رغبت المرأة في رفع شيء ما عن الأرض، عليها، وفق دانا، أن تثني ركبتيها مع الحفاظ على استقامة ظهرها.

مشكورين على المتابعة

مشـــــاركة رائعــــــه ومفيـــــدة.بــــــــــــــــــــــــــــــــارك الله فيك...