شركةاليسا جبال الألب حقيقة وواقع أم وهم واحتيال

شركةاليسا جبال الألب حقيقة وواقع أم وهم واحتيال

24/05/2010

درنة- (ليبيا اليوم) القبة - هشام الشلوي

تعاقد جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق مع شركة اليسا جبال الألب السويسرية لعمل مشروع المرافق المتكاملة والبنية التحتية لمدينة القبة ( 50 كم غرب درنة) بقيمة إجمالية حوالي 83 مليون دينار، في مدة 36 شهرا.

استلمت الشركة الموقع في شهر 8/2008م، على أن تبدأ في العمل بعد وضع التصاميم والرسومات الهندسية النهائية، لكنها وحتى إعداد هذا التقرير لم تقم الشركة بوضع هذه التصاميم والرسومات، وذلك حسب ما أفادت به مصادر مطلعة بجهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق بشعبية درنة.

انتقلت عدسة (ليبيا اليوم) إلى موقع الشركة بمدينة القبة، وعاينت على الطبيعة موقع الشركة، حيث يوجد به 42 عاملا من دولة بنجلاديش، لا عمل لهم منذ أكثر من شهر تقريبا، ولاحظت ليبيا اليوم عدم وجود أية آليات بالموقع إلا آلة واحدة عاطلة عن العمل، وعلمت ليبيا اليوم أن الشركة قامت بسحب آلياتها من موقعها إلى مدينة بنغازي، كما أنها لم تنتهِ من إكمال موقع عملها بالقبة، إذ أنها بنت مطعما للعمال لم يكتمل وتوقف عند حد بناء الخراسانات المسلحة.

والتقت (ليبيا اليوم) بعض عمال الشركة الذين تركزت شكواهم في قلة وضعف إمدادات التموين الخاصة بهم وقال أحدهم "لا يوجد لحم"، كما أنهم شكوا تكدسهم بعدد كبير في أماكن إقامتهم.

كما سألت صحيفة (ليبيا اليوم) أحد العمال عن طبيعة عمله، فأجاب بأنه عامل سيراميك، في مشروع بنية تحتية (كهرباء، رصف، مجاري، شبكة هاتف، شبكة طرق) ولا توجد به أية أعمال بناء تستدعي وجود عامل سيراميك.

وصرحت بعض المصادر المطلعة لصحيفة (ليبيا اليوم) عن نية الشركة بيع مكاتبها المتنقلة بموقع عملها، وقالت هذه المصادر إن الشركة بهذه الطريقة لا تنوي البدء في مشروع البنية التحتية لمدينة القبة، كما أن الشركة لديها مهندس واحد فقط وهو المهندس (ماهر) فلسطيني الجنسية، وسيارة واحدة، لمتابعة أعمال الشركة.

وقال المهندس (بوسيف عبد الله الميهوب)، مدير مكتب خدمات مرافق القبة، والتابع لمراقبة المرافق درنة، لصحيفة (ليبيا اليوم)، إن أمانة المرافق دروها ينحصر في الاطلاع على سير عمل المشروع وإعداد تقارير فنية بذلك لإمانة اللجنة الشعبية العامة للمرافق.

وضاف الميهوب، أنه أعد التقرير الأول والذي أحاله إلى الكاتب العام للجنة الشعبية العامة للمرافق، بتاريخ 5/1/2010م والذي افاد فيه أن الشركة تأخرت في وضع التصاميم النهائية للمشروع، وفي تقريره الثاني الذي وجهه الميهوب لإدارته بتاريخ 6/4/2010م، قال فيه إن الشركة غير قادرة على إتمام المشرع لما لاحظه من تقاعس الشركة وعدم جديتها في تنفيذ المشروع.

وقال بوسيف إن الشركة وبعد هذين التقريرين لم تقم باتخاذ أية إجراءات جدية، كما أنها لم تجهز موقعا لعمالها إلا بعد أربعة أشهر من تعاقدها، وأنه قام بزيارة لموقع الشركة ووجد بها عدد جرافتين حجم صغير، وآلتين نقل 16 مترا، وآلة حفر (بوكلين)، وأن هذه الآليات غير قادرة على استيفاء أعمال المشروع، كما أنه لاتوجد إدارة للشركة بمدينة القبة، كما أن قيمة العقد وهي 83 مليون دينار لا تغطي مدينة القبة بالكامل.

وشرح بوسيف أن الشركة لم تقم بالقبة إلا بعملين فقط، فالعمل الأول الذي قامت به الشركة نقل مخلفات البناء، وهذا النقل تركز على بعض أجزاء من القبة الشمالية فقط، وتم هذا العمل بطريقة عشوائية وغير منظمة، ولم تقم الشركة- يقول بوسيف- بفتح المسارات المتفق عليها في العقد، مما سبب مشاكل شكى منها المواطنون واللجنة الشعبية للأمن العام، كما أن أعمال النظافة هذه ليست من ضمن بنود العقد، إذ من المفترض أن تقوم بها شركة النظافة العامة بالقبة. والعمل الثاني الذي قامت به الشركة هو تعشيب مدخل مدينة القبة، الذي توقف به العمل وتلف الجزء المنجز، وهو عمل سابق لأوانه، حيث أنه لم يتم اختيار الموقع المناسب للتعشيب، فالموقع الذي عشبته الشركة مجرى مياه الأمطار، فتم التعشيب في شهر سبتمبر عام 2009م وعند سقوط الأمطار في شهر نوفمبر من نفس العام تلف العشب كله، كما أن الأرض المعشبة لم تقم الشركة بإنشاء حماية لها من الحيوانات.

واستغرب بوسيف من أن يصدر جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق أمرا لشركة اليسا جبال الألب للقيام بهذه الأعمال قبل ان تنتهي من إعداد التصاميم النهائية والرسومات الهندسية للمشروع، كما أنه لا يوجد حتى الآن جدول زمني للشركة لتنفيذ المشروع، ولم نستلم في مكتب مرافق القبة هذا الجدول، على حد تعبير بوسيف.

وعلمت (ليبيا اليوم) من مصادر مطلعة أن الشركة قدمت نظير هذين العملين مستخلصا للجهاز بقيمة 800 ألف دينار ليبي، ولم يؤكد هذا المصدر إن كانت إدارة الجهاز قامت بصرف هذه القيمة أم لا.

وأضاف بوسيف أن الشركة تقدم حججا واهية وغير مقنعة لتأخرها في تنفيذ المشروع، فعلى سبيل المثال تحتج الشركة بعدم قيامها بتنفيذ شبكة الهواتف بالقبة، أنها لم تجد أصلا شبكة هواتف ، وعلق بوسيف على ذلك، بأن ذلك أسهل للشركة في إعداد شبكة هواتف جديدة لا الاحتجاج بأن ذلك يعرقل عملها.

وقد صرح مصدر مطلع أن مدير عام شركة اليسا جبال الألب (نبيل عبد الصمد العرفي) سبق له وأن تعاقد مع مدينة القبة - قبل دمجها في درنة – على توريد مصنع صوف لمنطقة المخيلي ( 80 كم جنوب درنة) ولم يتم توريد هذا المصنع بالكامل، إذ ما وُرد هو آلات قديمة ومستعملة، ولم يعمل هذا المصنع حتى هذه الساعة.

ومن جهته اعترض المهندس (عبد الجواد أبو بكر بوبيضة) مدير مكتب مشروعات الإسكان والمرافق درنة، على تصريح المهندس (وسام بالهوايل) الذي أدلى به لموقع ليبيا اليوم في 15/5/2010م، وذلك بخصوص تسمية بالهوايل لنفسه مساعد مدير المشروع، إذ يقول بوبيضة إن الجهاز قام باقتراح وتسمية مديرين لمشاريع المرافق المتكاملة بمدينة درنة لإدارة الجهاز، إلا أنها وعلى حد تعبير بوبيضة لم تصدر قرارا رسميا بذلك، مما يجعل مديري المشاريع متابعين فقط، أي أن دورهم ينحصر في متابعة المشروع والاتصال بالإدارات المحلية وتسهيل الصعوبات والعوائق أمام الشركة المتعاقد معها.

وأضاف بوبيضة، رغم أن المهندس وسام مكلف بمكتب مشروعات الإسكان والمرافق بشعبية درنة بمشروع فتح المسارات والإشراف عليها ومتابعتها، وكان جيدا في هذا العمل إلى أقصى حد، إلا أنه جانبه الصواب في هذه التسمية.

وقال بوبيضة، كما أن بالهوايل جانبه الصواب في موضوع شبكة الغاز درنة عندما قال "وكان من المفترض أن يشمل العقد إمدادات الغاز، لكن لبعد مصدر الغاز عن المدينة، تم استبعاد موضوع الغاز حاليا.) فهذه الشبكات تكون تحت الأرض، وستنفذ فكرة مد شبكات غاز ضمن مشروع المرافق المتكاملة لشعبية درنة، كما أن اعتقاده أن بعُد المسافة مابين إمدادات الغاز ومدينة درنة سيكون عائقا أمام تنفيذ هذا المشروع غير دقيق وغير صحيح، كما أنه ليس لديه إذن من قبل الجهاز لإعطاء مثل هذه التصريحات.
يذكر أن أقرب مصدر للغاز مدينة طبرق التي تبعد عن درنة 175 كم شرقا.

وعلق بوبيضة على تصريح المهندس (رمضان العوامي) الذي نُشرته صحيفة ليبيا اليوم تحت عنوان "جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق ينظم حفل البدء بمشروع البنية التحتية بدرنة" يوم 15/5/2010م، بالقول، إن المهندس رمضان قدم مذكرة شارحة لي-يقول بوبيضة- قال فيها إن مراسل (ليبيا اليوم) أساء فهم كلامي وفسره على نحو خاطئ في بعض الفقرات، إذا أنني لم أقل إن الشركة غير حقيقية ووهمية، وسيقوم المهندس رمضان بنشر هذا الرد في القريب العاجل بموقعكم، ولا استطيع- يقول بوبيضة- أن أقدم أية معلومات أخرى بهذا الخصوص.

واتصلت ليبيا اليوم بالمهندس (رمضان العوامي) لطلب التعليق منه على تصريح بوبيضة، فقال، إن ما قصدت إليه بالقول في التسجيل الذي لدى (ليبيا اليوم) أن الشركة هذه ( موش شركة) أنها لا تملك أية مقومات شركة حقيقية ولم ينصرف ذهني إلى أنها شركة وهمية لا تملك أية إجراءات، إذ من الطبيعي أن تكون لديها إجراءات قانونية، لكنها لم تقم بأي أعمال تدل على أنها شركة جادة.

وأضاف العوامي في مذكرته الموجهة إلى مدير مكتب تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق بدرنة والتي تحصلت صحيفة (ليبيا اليوم) على نسخة منها، لقد عنيت بتقييم الجهاز للشركة، تقيميها بعد التعاقد ودراسة إمكانياتها وقدرتها في الاستمرار في التنفيذ ومعرفة أسباب تعثرها. وعلمت بأن الشركة لم تدفع مرتبات للعمال من خلال حديثنا مع العمال وموظفي الشركة، ودوٌن ذلك في تقاريرنا وتقارير المكتب الاستشاري.

ووضح العوامي في مذكرته مسألة صرف الشركة 10 مليون دينار بدون خطاب ضمان بالقول "الجهاز صرف للشركة دفعة مقدمة بقيمة 10 مليون دينار وفقا للإجراءات القانونية بما فيها خطاب الضمان، وعندما استفسرنا من بعض المسؤولين بالشركة عن أسباب تأخر العمل وعدم الشروع في التنفيذ، فكان جوابهم أن الشركة ليس لديها تغطية مالية، واستفسرنا منهم عن الدفعة المقدمة (10 مليون دينار) أين صُرفت؟ أبلغونا بأن المصرف صرف لهم 5 مليون دينار فقط واحتفظ بالباقي كضمان".

وعلمت (ليبيا اليوم) من مصدر مسؤول بجهاز الرقابة الإدارية درنة، أن الجهاز باشر في التحقيق وتقصي الحقائق حول شركة اليسا جبال الألب، وانتهى تقرير الجهاز لنفس النتائج التي نشرتها (ليبيا اليوم)، وأن مباشرة الجهاز للتحقيق جاء بعد أن رفعت الدكتورة (هدى بن عامر) القيود التي كانت تكبل فروع جهاز الرقابة في ممارسة اختصاصاته على العقود المركزية.